معين الطنانيشهدت العاصمة المصرية القاهرة في نوفمبر 2002، حركة حوارية نشطة، بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وحركة المقاومة الاسلامية "حماس". ولم يكن حوار القاهرة، هو الأول من نوعه بين حركتي "فتح" و"حماس"، بل كان هناك العديد من الحوارات المستمرة بينهما داخل الوطن، إلا أنها المرة الأولى منذ العام 1995، التي يجري فيه حوار بهذا المستوى خارج الوطن. ولعل ما هيأ الأجواء لمثل هذا الحوار، تلك اللقاءات التي عقدت بين حركة "حماس" والاتحاد الأوروبي في العاصمة اللبنانية بيروت في أواخر شهر أيلول 2002، حيث ترأس جانب حماس في اللقاء ممثل الحركة في بيروت أسامة حمدان، فيما مثل الجانب الأوروبي خافيير سولانا. وقد جرى الطلب في ذلك اللقاء من حركة حماس، وقف استهداف المدنيين الاسرائيليين في داخل إسرائيل، وبشكل خاص وقف العمليات الانتحارية، في حين طالبت حماس بدور أكبر وفاعل للاتحاد الأوروبي في عملية السلام يوازي الدور الأمريكي. ويقال، أن هناك لقاء آخر سبق لقاء بيروت عقد في جنيف، إلا أنه لم يحدد تاريخه ولم يوضح فحواه. وبدا حوار القاهرة أكثر علانية وأكثر تحديداً، حينما أعلن وزير الداخلية الفلسطينية هاني الحسن في 3/11/2002، "أن السلطة الفلسطينية ستجري محادثات مع حركة حماس في القاهرة"(1). جولة الحوار الأولى في 10/11/2002، بدأت رسمياً جلسات الجولة الأولى من حوار القاهرة، بين وفدي حركتي فتح وحماس، تحت رعاية مصرية، على أن يكون المسؤول الأمني الأوروبي أليستركو، قريباً من هذه الاجتماعات دون المشاركة فيها. وترأس وفد حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" إلى الحوار د. زكريا الآغا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وعضوية كل من محمد رشيد المستشار الاقتصادي للرئيس عرفات، وعبد الرحمن حمد وزير الطاقة، والقيادي في الحركة صخر بسيسو، فيما ترأس وفد حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، نائب مدير المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، وعضوية كل من عضو المكتب محمد نزال، وعماد العلمي، ومندوب حماس في لبنان أسامة حمدان. وقد عقد الوفدان جلسات عدة على مدى أربعة أيام، في محاولة لتعزيز الوحدة الوطنية والتوصل إلى استراتيجية سياسية مشتركة. وكان من النقاط الموضوعة على جدول الأعمال، نقاط سياسية بحتة منها، تعزيز الوحدة الوطنية، والتوصل إلى استراتيجية متفق عليها بالنسبة للمستقبل السياسي في المنطقة، وإمكانية إنضمام حركة حماس إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وفرص مشاركتها في الانتخابات الفلسطينية، إضافة إلى مطالبة حركة حماس بوقف العمليات الانتحارية داخل اسرائيل، واحترام السلطة الفلسطينية وقراراتها كسلطة واحدة في الأراضي الفلسطينية(2). وحول البرنامج السياسي، كان هناك رأيان مركزيان: الأول تتبناه السلطة وقيادة المنظمة وحركة فتح، يرى أن برنامج م.ت.ف، القاضي بإقامة الدولة الفلسطينية والحرة والمستقلة وعاصمتها القدس، وحل مشكلة اللاجئين حلاً عادلاً وفقاً للقرار 194 هو البرنامج الواقعي. والرأي الثاني تتبناه حركتا حماس والجهاد الاسلامي والمجموعات القومية والاسلامية، ويرى أن فلسطين كل فلسطين للفلسطينيين، ولا بديل عن تحريرها كاملة من النهر إلى البحر. كان يبدو أن هناك امكانية للاتفاق حول البرنامج السياسي، عبر بلورة صيغة تتحدث عن الأهداف الوطنية الفلسطينية الاستراتيجية الراهنة، وعن إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة العام 1967. ولكن الخلاف الأكبر كان حول الصيغة التي تعالج الموقف من قضية اللاجئين. فحركة حماس ترى أن إيراد عبارة حق العودة وفقاً لقرار 194 ينطوي على إعتراف بإسرائيل، لأن هذا القرار يستند إلى قرار التقسيم رقم 181، الذي منح شرعية الوجود والاعتراف بإسرائيل. وقد طرح على طاولة الحوار الصيغة التي توصلت إليها لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في غزة، والتي نشرتها مجلة البيادر السياسي في 14/8/2002، والتي تضمنت أهدافاً استراتيجية، كإنهاء الاحتلال الإسرائيلي العسكري والاستيطاني للأراضي المحتلة في 5 حزيران 1967. وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وحماية حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ووسائل تحقيق تلك الأهداف من خلال الانتفاضة والمقاومة والنضال السياسي كوسائل كفاحية لتحقيق الأهداف الوطنية وتشكيل قيادة وطنية موحدة لمتابعة تحقيق تلك الأهداف. وإجراء عملية إصلاح شامل للوضع الداخلي الفلسطيني. والدعوة لحوار وطني شامل وبلورة برنامج وطني بما يتناسب مع المرحلة الراهنة(3). وحول أشكال النضال المناسبة لتحقيق البرنامج السياسي، دار خلاف بين من يريد أن يعتمد عملية السلام والمفاوضات والمقاومة السلمية، كحد أقصى كأسلوب وحيد للصراع والنضال، وبين من يعتمد المقاومة المسلحة، وتحديداً نمط العمليات الاستشهادية أسلوباً وحيداً للصراع والنضال، مستبعداً كلياً التحرك السياسي والمفاوضات. وهنا دار نقاش داخل الساحة الفلسطينية، وأثناء جلسات الحوار وفي الكواليس، هل وقف أو تعليق العمليات الاستشهادية من شأنه أن يخدم أو يضر رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في انتخابات رئاسة الوزراء القادمة في يناير 2003. وفي ذلك ثلاثة آراء: الأول، أن وقف المقاومة المسلحة بكل أشكالها ومواقعها يخدم دون شك شارون، أما وقفها داخل إسرائيل واستمرارها في الأراضي المحتلة العام 1967 فيضر شارون، لأن الوقف جزئياً يتم بمبادرة فلسطينية ويهدف إلى تعزيز فرص منافسة متسناع وحزب العمل والأحزاب الوسيطة واليسارية وقوى السلام في إسرائيل في الانتخابات الإسرائيلية. والثاني يرى، أن المقاومة المسلحة بكافة أشكالها ومواقعها يضر بشارون إذا تم بيع الأمر لمنافسه متسناع رئيس حزب العمل. أما وقفها في أراضي 1948، واستمرارها في أراضي 1967، فلن يوقف العدوان العسكري، وما دام العدوان العسكري قائماً ستنتقل المقاومة من أراضي 1967 إلى أراضي 1948 بكل بساطة وسهولة. والثالث يرى، أن المقاومة المسلحة تحديداً والعمليات الاستشهادية داخل إسرائيل بصورة خاصة، هي السلاح الاستراتيجي الذي يملكه الفلسطينيون، ويمكن أن يحقق التوازن مع الآلية العسكرية الإسرائيلية المتفوقة، ويمكن أن يلحق الهزيمة بإسرائيل ويجبرها على الانسحاب من الأراضي المحتلة العام 1967، على غرار ما فعلت في جنوب لبنان. وفي النقطة الثالثة المدرجة على طاولة الحوار، التي تتعلق بالكيفية التي يتم فيها الاتفاق على إدارة الصراع، وهل من خلال الانخراط في م.ت.ف والسلطة أو تشكيل قيادة وطنية موحدة. ذكرت مصادر مطلعة، أن حماس اشترطت حتى تدخل في إطار م.ت.ف فضلاً عن الاتفاق على البرنامج السياسي، إعادة الاعتبار للميثاق الوطني الذي تم تعديله حسب الطلبات الاسرائيلية، وإلغاء اتفاق أوسلو وأن تأخذ حصة لا تقل عن 40% من مقاعد المجلس الوطني، وأن حماس ترفض الانخراط بالسلطة لأنها امتداد أوسلو، غير أنه لم يتم الاتفاق على هذه النقطة(4). وانتهت جلسات الحوار بين الوفدين، بعد أن دامت أربعة أيام في القاهرة في 13/11/2002، وصدر عنها بيان ختامي اتفقت فيه الحركتان على ما يلي: التأكيد على استمرار الحوار الثنائي بين الحركتين عبر لجنة ثنائية دائمة الحوار. تشكيل لجنة مشتركة من الحركتين في الداخل للتنسيق الثنائي لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني وحماية انجازاته. العمل على تعزيز وتكريس الوحدة الوطنية. والتأكيد على أن المقاومة والنضال السياسي لإنهاء الاحتلال حق طبيعي ومشروع للشعب الفلسطيني(5). على ضوء نتائج الجولة الأولى لحوار القاهرة تلقى الرئيس ياسر عرفات، بارتياح نتائج الجولة الأولى من حوار القاهرة بين حركتي فتح وحماس، برعاية مصرية، بانتظار انعقاد الجولة الثانية من هذا الحوار، حيث أعطى تعليماته باستمرار هذا الحوار. كما أعلنت كتائب "شهداء الأقصى" الذراع العسكري لحركة فتح في بيان لها في 15/11/2002، دعمها الكامل للحوار بين القوى الوطنية والاسلامية، وخصوصاً الحوار الذي استضافته العاصمة المصرية القاهرة بين ممثلي الحركتين. وقررت وقف العمليات داخل الخط الأخضر، كهدنة مؤقتة من جانب واحد، وفقط وقفها في الداخل من أجل إعطاء فرصة للاحتلال والأمريكيين والأوروبيين والعالم أجمع من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. وقد أبدت عدة أطراف إقليمية، إضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ارتياحها للنتائج التي خلصت إليها الجولة الأولى من الحوار. ولكن مصادر فلسطينية وعربية أكدت على أن الكرة هي الآن في الملعب الإسرائيلي، الذي عليه التعاون مع المستجدات. وأيضاً على الولايات المتحدة التي عليها الضغط على اسرائيل، للتجاوب ووقف استهداف المدنيين الفلسطينيين ووقف الاغتيالات. وفي 14/11/2002، وصل مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان، والذي تابع عن كثب الجولة الأولى من حوار القاهرة، لإطلاع القيادتين الفلسطينية والاسرائيلية على التقييم المصري لهذا الحوار، حيث اجتمع مع الرئيس ياسر عرفات في رام الله، حاملاً رسالة من الرئيس المصري حسني مبارك، يشير فيها إلى أنه يتضح من الحوار الأخير في القاهرة بين حركتي فتح وحماس، أن هناك استعداداً للتهدئة ولوقف العمليات ضد المدنيين، إلا أن ذلك يتطلب ضمانات من الحكومة الإسرائيلية بوقف الاغتيالات والعدوان واستهداف المدنيين الفلسطينيين. ووصف الرئيس عرفات لقاءه مع اللواء سليمان بأنه "مهم جداً جداً". والتقى اللواء سليمان، عقب ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، ورئيس الدولة موشيه قصاب، حاملاً نفس الرسالة التي وجهت من الرئيس حسني مبارك للرئيس عرفات. لكن الردود الإسرائيلية على الرسالة كانت متفاوتة ومشككة(6). وعلى الرغم من الأجواء الايجابية التي سادت جولة الحوار الأولى، فإن التشكك ما زال سيد الموقف في العلاقة بين حركتي فتح وحماس. وتمهيداً لاجراء جولة ثانية من الحوار بين حركتي فتح وحماس، عقد لقاء بين وزير الداخلية الفلسطيني هاني الحسن، وقياديين من حركة حماس، وذلك في منزل الزعيم الروحي لحركة حماس الشيخ أحمد ياسين في غزة، ووصفت الأجواء التي سادت اللقاء بأنها كانت إيجابية وبناءة. في حين عقدت لجنة التنسيق بين الحركتين، التي شكلت بناء على قرارات جلسة الحوار الأولى التي عقدت في القاهرة، اجتماعاً في غزة لوضع برنامج للعمل والحوار بينهما(7). ثم غادر بعد ذلك وزير الداخلية هاني الحسن في 31/11/2002، إلى العاصمة المصرية، للاجتماع مع مدير المخابرات المصري اللواء عمر سليمان، وذلك لبحث التطورات الجارية على الأرض وتحضيراً لجولة الحوار المقبلة بين الحركتين التي تجري برعاية مصرية(8). وقد عبر أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) في حديث لـ "الأهرام" المصرية، عن قناعته بأن الحوار الذي استضافته القاهرة بين حركتي حماس وفتح كان ناجحاً، لكنه رأى أنه من الضروري أن تكون هناك جولات أخرى بمشاركة الجهاد الإسلامي وفصائل أخرى(9). وأكد أبو مازن أن اتصالات تجري حالياً بين الفصائل الفلسطينية للتوصل إلى اتفاق والإعلان عن هدنة لمدة عام قبل التوجه إلى القاهرة في الرابع والعشرين من ديسمبر 2002. وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، أن أرضية اجتماعات القاهرة يجب أن تكون الاتفاق وليس الحوار والتفاوض(10). ومن الواضح أن مصر تبنت وأيدت رأي أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية أبو مازن، حول مشاركة الفصائل الفلسطينية الأخرى في الحوار الدائر بين حركتي فتح وحماس، حيث أعلن نبيل شعث وزير التخطيط والتعاون الدولي، في 28/2/2002، أن القاهرة تخطط لعقد اجتماع شامل لجميع الفصائل والحركات الفلسطينية في الأسبوع الأول من العام 2003. وقد دعت مصر بالفعل إلى هذا الحوار كلاً من حركتي فتح وحماس، إضافة إلى الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية، وحزبي الشعب (الشيوعي سابقاً) وفداً، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وجبهة التحرير الفلسطينية. وفي 1/1/2003، والأيام التالية، أجرى اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية، حواراً مع عدد من هذه الفصائل بشأن رؤية سياسية تتضمن الوسائل والأهداف الفلسطينية، تكون مقبولة من جميع الفصائل وتنزع حجج رئيس الحكومة الإسرائيلية شارون، التي يستخدمها للتصعيد العسكري ضد الشعب الفلسطيني(11). وعلى ضوء المداولات بين مصر والفصائل الفلسطينية المشاركة في الحوار، تتضمن الورقة المصرية الاعلان عن هدنة تشمل وقف العمليات ضد المدنيين الاسرائيليين، مع التأكيد على أن النضال الفلسطيني يهدف إلى إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس والتأكيد على وحدانية السلطة الفلسطينية، تمهيداً لإقرارها في اللقاءات الموسعة من الجولة الثانية للحوار الفلسطيني في القاهرة. حيث عُرض ذلك المقترح المصري، على الرئيس ياسر عرفات، وقبله مثمناً الجهود التي تقوم بها مصر(12). وقال الرئيس المصري حسني مبارك، أن تقدماً حصل باتجاه وقف العمليات الفلسطينية لبعض الوقت. لكنه أكد أن الفصائل الفلسطينية لم تصل بعد إلى اتفاق نهائي في هذا المجال. وقال، نحن نعمل من أجل التوفيق والتنسيق بين الفصائل الفلسطينية في اجتماعات مستمرة في القاهرة(13). كان من المفترض أن ترد الفصائل الفلسطينية على المقترح المصري أثناء جلسات حوار الجولة الثانية من الحوار، إلا أن عبد العزيز الرنتيسي القيادي البارز في حماس قال، لقد أبلغت حماس ردها النهائي حول ما طرح، ويتمثل هذا بعدم قبول وقف المقاومة أو الهدنة. كما أعربت حركة الجهاد الإسلامي على لسان نافذ عزام أحد قياديي الحركة، عن موقف مماثل لموقف حماس. ومن جانبه انتقد زكريا الآغا عضو اللجنة لحركة فتح، والذي ترأس وفد الحركة في الجولة الأولى من حوار القاهرة، إعلان حماس موقفها قبل الاجتماع. وقال أنه ليس من المفروض أن يحدد كل فريق موقفه قبل الذهاب إلى جلسات الحوار(14). وقال محمود عباس (أبو مازن) أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن اللجنة المركزية لحركة فتح ناقشت الورقة المصرية ووافقت عليها. وأن الموقف الفلسطيني الموجود لدينا هو التهدئة، وقال أنه إذا ما وافقت جميع الفصائل على الورقة المصرية وبدأ تنفيذها على الأرض، عندها تنتقل الكرة إلى الملعب الإسرائيلي أيضاً، هناك مطالب يجب على الجانب الإسرائيلي تنفيذها، المطلوب إيقاف الاغتيالات والملاحقات، واقتحام المدن والقرى الفلسطينية، وإخلاء سبيل آلاف السجناء الفلسطينيين، كل هذا مطلوب من الجانب الإسرائيلي ويكون هذا تمهيداً لعملية السلام(15). ورغم موقف حماس السابق في الداخل، حول الورقة المصرية، إلا أن قياديي الحركة في الخارج الذين سيشاركون في جلسات الحوار القادمة في القاهرة، لم يعلنوا عن موقفهم تجاه الورقة المصرية بعد. وقد تضمنت الورقة المصرية "البرنامج الوطني" الذي قدمته مصر إلى الفصائل الفلسطينية المتحاورة، كبرنامج عمل مشترك للفصائل يتم الاتفاق عليه في نهاية الحوار ما يلي(16): 1- الأهداف الاستراتيجية: على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بما فيها القدس. وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وصيانة حماية حق العودة، بناء على قرار الجمعية العامة رقم 194 وقرار مجلس الأمن رقم 242. 2- الوسائل: وتتضمن التأكيد على شرعية مقاومة العدوان والاحتلال. والتأكيد على البعد العربي والاسلامي للقضية الفلسطينية كعمق استراتيجي مهم. وانتهاج جميع الوسائل الكفاحية، بما يخدم تحقيق الأهداف الوطنية. والتمسك بروح النضال والمقاومة. 3- قضايا العمل الداخلي: عن طريق التزام كافة الفصائل والقوى الفلسطينية بوحدة الصف الفلسطيني، والتمسك بالقيادة الفلسطينية الشرعية المنتخبة، وعلى رأسها الرئيس ياسر عرفات. وإجراء انتخابات ديمقراطية لاختيار قيادات وممثلي الشعب الفلسطيني. ومشاركة كافة التنظيمات والقوى الفلسطينية في إطار التعددية السياسية في صياغة السياسة الفلسطينية. واستمرار تفعيل سياسة الاصلاحات الداخلية في كافة المجالات. وبلورة رؤية اقتصادية متكاملة للاقتصاد الفلسطيني. 4- المتطلبات القادمة: الالتزام بتنفيذ هذا البرنامج الوطني، عن طريق تشكيل لجنة من الفصائل الفلسطينية الموقعة على البرنامج، بهدف استمرار الحوار ومتابعة المستجدات. وقال حنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف عن حزب الشعب الفلسطيني، أن هناك اقتراحاً بدمج ورقة غزة، التي تم التوصل إليها ما بين الفصائل الفلسطينية في أيار الماضي، التي حددت أهداف وأشكال النضال، وحق المقاومة الفلسطينية ما دام الاحتلال مستمراً، مشترطة وقف العمليات الاستشهادية، بوقف الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، بالورقة المصرية، بحيث تصدر في صيغة إعلان رسمي عن الفصائل الفلسطينية، بهدف بحث كيفية الخروج من الوضع الراهن والاتفاق على كيفية إدارة الصراع. وذكر عميرة، أن ثمة ثلاث صيغ مطروحة حالياً بشأن العمليات العسكرية هي، صيغة الهدنة الشاملة لمدة سنة، وصيغة إخراج المدنيين من العمليات العسكرية، وصيغة وقف العمليات داخل إسرائيل. وفي 21/1/2003، عقد لقاء في القاهرة بين محمود عباس، أمين سر اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، رئيس وفد حركة فتح إلى حوار القاهرة، واللواء عمر سليمان مدير المخبرات العامة المصرية، جرى فيه بحث المستجدات والتطورات وبرنامج الحوار الموسع بمشاركة ممثلي غالبية الفصائل الفلسطينية، والنتائج المتوخاة من هذا الحوار والخطوات المرتقبة بعد الحوار(17). وفي 22/1/2003، عقد ممثلو ثمانية فصائل فلسطينية يوجدون في القاهرة، سلسلة مشاورات استطلاعية فيما بينهم، انتظاراً لوصول ممثلي الفصائل الفلسطينية الأربعة الباقية من دمشق، وهي حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية – القيادة العامة-، والصاعقة، وذلك لبدء الحوار رسمياً بين الفصائل الإثني عشر التي تمت دعوتها رسمياً إلى الحوار. وقد بين أسامة حمدان، ممثل حركة حماس في لبنان وعضو وفد الحركة إلى حوار القاهرة، أن الحوار أمام ثلاث مهام رئيسية: المهمة الأولى هي التركيز على تعزيز وتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية. والثانية، السعي لبناء رؤية سياسية مشتركة للتعامل مع الواقع والأمن المستقبلي في ظل انجازات حققتها الانتفاضة، وتحولات نشأت في الواقع الفلسطيني أو واقع الاحتلال، وأيضاً في ظل تغيرات إقليمية تشهدها المنطقة، وبالتالي فإنه مطلوب بناء هذه الرؤية السياسية بالاتفاق بين جميع القوى والفصائل الفلسطينية. والثالثة، هو كيفية إدارة هذه الرؤية وإدارة الصراع مع الاحتلال، من أجل تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية، دون التخلي عن الثوابت الوطنية بأي حال من الأحوال واستناداً إلى خيار المقاومة الذي لا يمكن التنازل عنه(18). جولة الحوار الثانية في 24/1/2003، افتتحت في القاهرة أولى جلسات الحوار من الجولة الثانية بين عدة فصائل فلسطينية متعددة الاتجاهات برعاية مصرية بهدف التوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار لمدة عام. وقد تأجلت هذه المحادثات لمدة يومين بسبب تأخر وصول بعض الوفود المشاركة، وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها أطراف عديدة من مختلف التيارات الفلسطينية في محادثات مباشرة فيما بينها منذ عشرين عاماً، عندما عقد المجلس الوطني الفلسطيني بتونس عام 1983. وقد ترأس وفد حركة فتح، محمود عباس "أبو مازن" أمين سر اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، ورئيس وفد حركة حماس خالد مشعل، ورئيس وفد حركة الجهاد الاسلامي، نائب الأمين العام للحركة زياد النخال، ورئيس وفد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الأمين العام للجبهة نايف حواتمة، ورئيس وفد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر الطاهر، ورئيس وفد جبهة النضال الشعبي الفلسطيني د. سمير غوشة أمين عام الجبهة، ورئيس وفد حزب الشعب الفلسطيني د. حنا عميرة، ورئيس وفد الحزب الديمقراطي الفلسطيني صالح رأفت. وغاب عن الحوار الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية "أبو العباس"، على أن تمثل الجبهة من خلال قادة آخرين. ومنعت إسرائيل ثلاثة من القياديين من حضور الاجتماعات، وهم: د. سمير غوشة أمين عام جبهة النضال الشعبي، وصالح رأفت الأمين العام لحزب "فدا"، وجمال زقوت عضو المكتب السياسي لحزب "فدا". وناقشت الفصائل الفلسطينية في اجتماعاتها ورقة العمل المصرية لوقف إطلاق النار مع الفلسطينيين، لكن الفصائل اشترطت تقديم إسرائيل ضمانات لوقف العنف بغية التوصل لاتفاق. كما ناقشت مسودة مشروع اتفاق يركز على الوحدة الوطنية الفلسطينية وتوحيد القرار الفلسطيني، اعتماداً على أربعة بنود رئيسية أساسية سبق أن اتفق قادة الوفود على أن تجري النقاش حولها. وقالت مصادر فلسطينية إن ممثلي الفصائل الفلسطينية مجتمعون من أجل صياغة هذا المشروع المفترض أن يركز على وجود رؤية سياسية موحدة للفصائل فيما يتعلق بمواجهة العدوان الإسرائيلي واساليب النضال ضده، إضافة إلى سبل صيانة الوحدة الفلسطينية وتشكيل لجنة دائمة للحوار تتابع حوارات الفصائل المختلفة. كما أن هناك ثلاثة محاور في البيان الختامي المرتقب عن الحوار الفلسطيني، وهي الرؤية السياسية الفلسطينية، والتي تحدد تقدير الموقف السياسي العام والرؤية المستقبلية في ظل التحديات القادمة، وما تواجهه القضية الفلسطينية، وبخاصة مع احتمالات اتساع العدوان الإسرائيلي بعد الانتخابات العامة. والثاني، أدوات وآليات المواجهة والصراع مع العدو. وفي هذا المحور، هناك توجه عام عند كل الفصائل للتأكيد على مشروعية الحق في المقاومة واستمرارها، وبخاصة في ظل الظروف الحالية، مع التأكيد بالإجماع على ضرورة تفعيل الانتفاضة الشعبية والفعل الجماهيري الفلسطيني وتطوير فاعلية الانتفاضة، لتصبح أكثر أداءاً وتتجاوز بعض سلبياتها. أما المحور الثالث، فهو المرجعية الفلسطينية السياسية وفيها آراء متباينة(19). وقالت مصادر فلسطينية مشاركة في ملتقى الحوار الفلسطيني الشامل بالقاهرة، إن الملتقى المتوقع أن يختتم أعماله اليوم 27/1/2003، سوف يصدر بياناً عاماً حول القضايا المتفق عليها، مثل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وتشكيل لجان متابعة دائمة من الفصائل الـ 12 المشاركة في الحوار، وقيادة موحدة للفصائل، دون التطرق للقضايا الخاصة بالمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بعدما لم تتفق الفصائل المختلفة على فكرة الهدنة التي اقترحتها مصر. أي أن اللقاء نجح في تحقيق بعض الأشياء ولم ينته من أخرى، بسبب وجود تباين بين الفصائل الفلسطينية حول أساليب المقاومة، حيث ترى فصائل مثل حركة المقاومة الاسلامية "حماس" وحركة الجهاد الاسلامي، أن كل أنواع المقاومة مباحة ضد العدو في كل أرض فلسطين، في حين يرى فريق آخر أن ذلك يضعف الموقف الفلسطيني دولياً، وكذلك عمليات استهداف المدنيين الاسرائيليين، فيما اشترطت فصائل اخرى وقف سياسة الاغتيالات الإسرائيلية والانسحاب قبل القبول بأي بند يتحدث عن وقف العمليات أو ترشيدها. وقد حاولت القاهرة حتى اللحظة الأخيرة اقناع الفصائل الرافضة لتحديد أو ترشيد وسائل المقاومة، عبر السعي لاقناعها بإعطاء نوع من التعهد أو التفاهم الفلسطيني الجماعي حول الهدنة ووقف استهداف المدنيين على الجانبين، يكون (وديعة) لدى مصر، لا تلتزم بها الفصائل إلا في حال إعلان إسرائيل الالتزام بها ووقف عدوانها على الفلسطينيين(20). وأعرب اللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصرية، الذي حضر الجلسة الختامية للحوار في 27/1/2003، عن أمله في التعاون الجاد لكافة القوى الفلسطينية، والتغلب على المصاعب القائمة بروح إيجابية تسمح لأن تتمخض عن ذلك مبادرة سياسية واضحة يمكن أن تحشد موقفاً عربياً ودولياً يكون ضاغطاً على إسرائيل للمحافظة على المشروع الوطني. وأكد سليمان أن أي دور مصري مرتبط بما يقدمه الفلسطينيون، آملاً أن تتقدم الفصائل الفلسطينية في الاجتماع المزمع عقده في 4/2/2003، بمبادرة فلسطينية ترقى إلى مستوى المسؤولية التاريخية. من جهة ثانية، حملت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على لسان عضو المكتب السياسي لها محمد نزال، أطرافاً فلسطينية المسؤولية عن عدم توصل الفصائل الفلسطينية إلى بيان يعبر عن القواسم المشتركة، وذلك من خلال تعنتها وإصرارها على فرض رؤيتها على كل الفصائل "على حد قوله". حيث واجهت حماس إصراراً على تضمين البيان الختامي للحوار مواقف تخالف استراتيجيتها، حول الاعتراف بالشرعية الدولية، التي تعني الاعتراف بإسرائيل، أو بالاعلان عن وقف المقاومة، في حين أن حماس تعلن أن المقاومة هي الخيار الاستراتيجي لها، وأنها لن تخضع للمفاوضات(21). وبعد اجتماعات مطولة من الحوار بين الفصائل الفلسطينية الذي اختتم في 27/1/2003، في القاهرة، وبعد التفاؤل وأجواء الاتفاق المتوقع التي بدأت بها الاجتماعات، انتهت تلك الاجتماعات إلى لا شيء عملياً، أي الفشل، ولم يتم التوصل إلى أية نتيجة محددة. حيث لم يتوصل المجتمعون إلى الإعلان عن بيان ختامي في نهاية الحوار، يتضمن ما تم الاتفاق عليه بينهم. وإنما فقط تم الإعلان عن تأجيل الاجتماع لبضعة أيام، تعود بعدها الفصائل إلى الاجتماع مجدداً في الرابع من شهر شباط 2003، بعد أن تكون قد عادت إلى مرجعياتها، لتأتي بالإجابة على العرض الذي تقدمت به الدولة المضيفة بإعلان الهدنة من جانب واحد لفترة محددة –سنة أو أقل- أو الاتفاق على ايقاف العمليات التفجيرية وغيرها التي تستهدف المدنيين مباشرة. ورغم تحديد الرابع من شباط 2003، للقاء الفصائل الفلسطينية المشاركة في حوارات القاهرة، إلا أنه تم تأجيله إلى الرابع والعشرين من الشهر نفسه، ولم يتم عقده كذلك، حيث لم توجه الدعوات للفصائل المشاركة في الحوار ورغم عدم توقف الاتصالات بين الفصائل في الداخل، وبخاصة أن الاتصالات لم تتناول تواريخ ومواعيد محددة. لقد كان هناك الكثير من المتغيرات التي جرت في المنطقة بعد توقف جلسات الحوار، حيث أعيد انتخاب أرئيل شارون رئيساً للوزراء في إسرائيل في 28 يناير 2003 وجرت الحرب الأمريكية-البريطانية على العراق في 19/4/2003، فضلاً عن استحداث منصب رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية في 11/3/2003، ونشر خارطة الطريق من قبل الرباعية الدولية في 1/5/2003، أضافة إلى زيارة وزير الخارجية الأمريكي كولن باول إلى سوريا في 3/5/2003 والتي حمل خلالها مطالب إلى دمشق تتعلق بالفصائل الفلسطينية. كل ذلك ربما سيؤثر على مجريات جلسات الحوار المقبلة. ورغم ما سبق، أجرى مسؤولون مصريون اتصالات مع ممثلي عدد من الفصائل الفلسطينية لاستكشاف فرص استئناف الحوار في القاهرة. وذكرت مصادر مصرية في 6/5/2003 أن السلطات المصرية ستوجه دعوات رسمية للفصائل الفلسطينية لبدء الجولة الثالثة من الحوار(22). إلا أن اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية العامة، المشرف على جلسات حوار القاهرة أبلغ نبيل شعث وزير الشؤون الخارجية الفلسطينية في 18/5/2003، بأنه لن تتم دعوة الفصائل الفلسطينية إلى أية جلسة حوار في القاهرة، قبل موافقة إسرائيل الرسمية على خارطة الطريق، وأن تقوم بوقف كافة أشكال العدوان ضد الشعب الفلسطيني، والتعهد بعدم الملاحقة والقتل والاغتيال للفلسطينيين، إضافة إلى استمرار أعمال الاجتياح والهدم والتدمير. الأمر الذي يحول دون عقد لقاء الفصائل الفلسطينية في القاهرة(23). جولة الحوار الثالثة والموافقة على الهدنة واستمراراً للجهود المصرية، واستكمالاً لمباحثات القاهرة حول ايجاد أفضل السبل لوقف العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وصل وفد مصري للقاء الفصائل الفلسطينية في 15/6/2003، برئاسة اللواء محسن النعماني وكيل جهاز المخابرات المصرية، برفقة اللواء مصطفى البحيري واللواء أحمد ابراهيم من قادة المخابرات المصرية، وأحمد عبد الخالق مستشار الممثلية المصرية لدى السلطة الوطنية في غزة. والتقى الوفد مع قادة الأجهزة الأمنية في غزة، ومع قادة حركة فتح برئاسة د. زكريا الآغا، وعضوية كل من العقيد رشيد أبو شباك وسمير المشهراوي وعبد العزيز شاهين "أبو علي" وصخر بسيسو. وتم تبادل وجهات النظر حول الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني، وضرورة وقف العدوان حتى يتم التمكن من تهيئة الظروف لبدء عملية السلام واي جهود دولية في هذا المجال. كما تم مناقشة كيفية تطبيق "خريطة الطريق" والصيغة الملائمة للبدء في تنفيذها. كما عقد الوفد المصري اجتماعاً مع قياديين من حماس وهم، الشيخ أحمد ياسين، د. محمود الزهار، المهندس اسماعيل أبو شنب، واسماعيل هنية، وذلك في منزل الشيخ ياسين(24). وأكدت الحركة على لسان أحد قادتها اسماعيل هنية، في أعقاب الاجتماع تمسكها بخيار المقاومة حتى استعادة كامل الحقوق الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه أمام الغطرسة الإسرائيلية وسياسة القتل الجماعي(25). وفي 16/6/2003، اختتم وفد الوساطة المصري جولة من اللقاءات خلال اليومين عقدها مع الفصائل الفلسطينية. وقالت مصادر فلسطينية تمثل الفصائل جميعها، أنه لم يتم الاتفاق حول مقترحات معينة لوقف التصعيد والتدهور الأمني في المنطقة، كما أن الجانب المصري لم يتطرق خلال محادثاته إلى موضوع الهدنة. إلا أن كافة الفصائل أجمعت على مواصلة الحوار الفلسطيني-الفلسطيني، وامكانية تجنب المدنيين العمليات العسكرية إذا أوقفت إسرائيل الاجتياحات والاعتداءات والاغتيالات بحق المدنيين الفلسطينيين، وانسحبت من المناطق الفلسطينية وأفرجت عن المعتقلين. وتعتبر لقاءات الوفد المصري مع الفصائل الفلسطينية خلال هذين اليومين، لقاءات تمهيدية لاستطلاع الآراء قبيل اجتماع موسع لاحق في القاهرة، سيتم دعوة جميع الفصائل الفلسطينية له، من أجل وقف تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والاتفاق على برنامج موحد يقود إلى الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف(26). ودعماً للحوار المستمر بين الفصائل الفلسطينية، وافق الرئيس ياسر عرفات، في 17/6/2003، على تشكيل قيادة وطنية موحدة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. واجتمع محمود عباس "أبو مازن" رئيس الوزراء مع لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية في مقر لجنة الانتخابات المركزية التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، حضره د. حيدر عبد الشافي، روحي فتوح أمين سر المجلس التشريعي، د. زياد أبو عمرو وزير الثقافة، د. محمد الهندي ممثل حركة الجهاد الإسلامي، الشيخ اسماعيل أبو شنب ممثل حركة حماس، وكايد الغول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وتم في اللقاء استعراض موقف الحكومة من خريطة الطريق، ولقاءات أبو مازن في شرم الشيخ والعقبة، وموضوع الهدنة، وموضوع الوحدة الوطنية، وتشكيل قيادة وطنية موحدة(27). وفي 18/6/2003، اجتمع محمود عباس رئيس الوزراء الفلسطيني، مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي كل على حدة، وذلك في إطار اجتماعه مع الفصائل الفلسطينية الأخرى. ودعا أبو مازن الحركتين إلى ضرورة المشاركة السياسية الكاملة والاتفاق الوطني الشامل والقيادة الوطنية الموحدة، وفي الانتخابات المقبلة. وقال د. زياد أبو عمرو وزير الثقافة، المكلف بمهمة حلقة وصل مع المنظمات الاسلامية أن أبو مازن تطرق إلى موضوع الهدنة والتأكيد عليها، ولكن في إطار وقف إسرائيل لكافة عمليات الاغتيال والاجتياح والتوغل في المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية وإطلاق سراح الأسرى(28). وفي 19/6/2003، أنهى محمود عباس رئيس الوزراء الفلسطيني، سلسلة اجتماعاته ومشاوراته مع الفصائل الفلسطينية، والتي تركزت على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية والموقف من "خريطة الطريق" والهدنة المقترحة مع الجانب الإسرائيلي. وكان آخر اللقاءات مع الجبهتين الشعبية والديمقراطية كل على حدة. وأكدت الجبهتان على تمسكهما بالمقاومة كحق مشروع للشعب الفلسطيني، ورفضتا وصف المقاومة بالإرهاب، واعتبرتا اللقاء مع أبو مازن بناءاً وايجابياً. في حين أعلنت حركتا المقاومة الإسلامية "حماس" والجهاد الإسلامي، أنهما تواصلان النقاشات بشأن الهدنة المطروحة. وأكدتا الاستعداد للالتزام بهدنة في حال التزمت إسرائيل بوقف عدوانها بكافة أشكاله، وأنهما ستدرسان كافة المواقف المطروحة وسيتم الرد عليها لاحقاً(29). وقد اتفقت القوى والفصائل الفلسطينية الإثني عشر المنضوية تحت لواء لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية، على تشكيل قيادة وطنية موحدة مؤقتة، تكون مهمتها الأساسية إصلاح هياكل منظمة التحرير الفلسطينية والتحضير لانتخابات عامة. وأعلن سكرتير لجنة المتابعة النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي ابراهيم أبو النجا، في أعقاب الاجتماع الذي عقد في المجلس التشريعي بغزة في 19/6/2003، أنه تم تشكيل لجنة صياغة مصغرة تضم ابراهيم أبو النجا عضو المجلس التشريعي، مروان كنفاني عضو المجلس التشريعي، جميل المجدلاوي عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عبد العزيز شاهين وزير التموين السابق، عبد الله حوراني عضو لجنة المتابعة، صالح زيدان عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، الشيخ اسماعيل أبو شنب أحد قياديي حماس، د. محمد الهندي أحد قياديي حركة الجهاد الإسلامي، وجمال زقوت عن حزب فدا(30). على الرغم من أجواء التشاؤم التي أشاعها اغتيال أحد قادة كتائب عز الدين القسام في الخليل في 21/6/2003، ظلت احتمالات التوصل إلى اتفاق هدنة فلسطينية-إسرائيلية واردة. حيث قال الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس في 24/6/2003، أن الحركة ما زالت تدرس عرضاً بإطلاق النار، ولكنه اتهم إسرائيل بوضع العراقيل أمام الوصول إلى قرار مناسب(31). وقالت مصادر فلسطينية مطلعة، إن ممثلي الفصائل الفلسطينية الثلاثة "فتح" و"حماس" و"الجهاد الاسلامي"، قد أوشكوا على الانتهاء من صياغة مبادرة هدنة من المتوقع أن يتم تسليمها إلى جمهورية مصر العربية في غضون الساعات الأربع والعشرين المقبلة، والتي تمت صياغتها من خلال اتصالات مكثفة خلال الأسابيع الماضية، كانت السلطة الفلسطينية والحكومة المصرية على متابعة مستمرة لها بين النائب المعتقل في السجون الإسرائيلية مروان البرغوثي أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وعبد الله رمضان شلح الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي، تلتزم بموجبها الفصائل الفلسطينية الرئيسة بوقف العمليات العسكرية للمدن لمدة ثلاثة أشهر، على أن توقف إسرائيل عمليات الاغتيال والاجتياحات العسكرية للمدن الفلسطينية واطلاق سراح المعتقلين، مع التأكيد على الحق بمقاومة الاحتلال(32). وبالفعل قد تم عرض مشروع الاتفاق مع الحركات الفلسطينية حول الهدنة، في اجتماع عقد بين مسؤولين في حماس أسامة حمدان وعماد العلمي، مع عدد من المسؤولين المصريين في 27/6/2003. ووافقت عليه السلطة الوطنية الفلسطينية في جلسة الحكومة الأسبوعية برئاسة رئيس الوزراء محمود عباس في 28/6/2003(33). كما أجمعت عليه الفصائل الفلسطينية الرئيسة بدءاً من 29/6/2003، وذلك حرصاً على وحدة الصف الفلسطيني والمصلحة العليا للشعب، وتم الإعلان عن مواقف هذه الفصائل عبر بيانات أصدرتها في 29/6/2003، أكدت فيها تمسكها بالثوابت والحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة(34). وكان من المفترض أن تعلن الفصائل الفلسطينية الثلاثة فتح وحماس والجهاد الإسلامي في 29/6/2003، بياناً مشتركاً للهدنة، لكن المحادثات التي جرت خلال اليومين الماضيين، بين قياديي الحركتين حماس والجهاد الاسلامي مع حركة فتح قد أخفقت في التوصل إلى بيان مشترك، وذلك لخلاف ظهر حول صياغة المقدمة وليس بالمضمون، وبالأخص فيما له مدلولات سياسية. مما أدى إلى اصدار بيانين منفصلين لاعلان الهدنة. أحدهما يتحدث عن هدنة لمدة ستة أشهر من قبل حركة فتح، والآخر عن قبول هدنة لمدة ثلاثة أشهر من قبل حركتي حماس والجهاد الإسلامي*. وقد باركت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مبادرة الفصائل الفلسطينية لوقف كافة الأعمال العسكرية اعتباراً من تاريخه، وفقاً للمبادرة المصرية(35). المراجع: * لمزيد من المعلومات، راجع البيانات في باب الوثائق في هذا العدد من مجلة مركز التخطيط الفلسطيني. (1) صحيفة الأيام، 4/11/2002. (2) صحيفة الأيام، 10/11/2002. (3) مجلة البيادر السياسي،العدد 811، 14/8/2002. (4) صحيفة الأيام، 31/12/2002. (5) صحيفة الأيام، 14/11/2002. (6) صحيفة الأيام، 16/11/2002. (7) صحيفة الأيام، 29/11/2002. (8) صحيفة الأيام، 1/12/2002. (9) صحيفة الأيام، 2/12/2002. (10) صحيفة الأيام، 23/12/2002. (11) صحيفة الأيام، 16/1/2003. (12) صحيفة الأيام، 14/1/2003. (13) صحيفة الأيام، 16/1/2003. (14) صحيفة الأيام، 18/1/2003. (15) صحيفة الأيام، 20/1/2003. (16) صحيفة الأيام، 21/1/2003. (17) صحيفة الأيام، 22/1/2003. (18) صحيفة الأيام، 23/1/2003. (19) صحيفة الأيام، 27/1/2003. (20) صحيفة الأيام، 28/1/2003. (21) صحيفة الأيام، 29/1/2003. (22) صحيفة القدس، 7/5/2003. (23) صحيفة الأيام، 21/5/2003. (24) صحيفة القدس، 16/6/2003. (25) صحيفة الأيام، 16/6/2003. (26) صحيفة القدس، 17/6/2003. (27) صحيفة الأيام، 18/6/2003. (28) صحيفة الأيام، 19/6/2003. (29) صحيفة القدس، 20/6/2003. (30) صحيفة الأيام، 20/6/2003. (31) صحيفة القدس، 23/6/2003. (32) صحيفة الأيام، 24/6/2003. (33) صحيفة القدس، 29/6/2003. (34) صحيفة القدس، 30/6/2003. (35) صحيفة الأيام، 30/6/2003. |
|