خارطة الطريق بين الرؤية الأمريكية والتحفظات الإسرائيلية

(*)

جمال البابا

محتويات الخطة والتزامات الأطراف

تضمنت خارطة الطريق، التي حملت عنواناً رئيساً "خارطة الطريق إلى حل الدولتين الدائم للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني ترتكز على الأداء"، ثلاث مراحل رئيسة، إضافة إلى مقدمة أعطت توصيفاً عاماً للمبادئ التي تقوم عليها الخطة، حيث ركزت المقدمة على المبادئ التالية:

- الأداء هو ركيزة أساسية من ركائز تنفيذ الخطة واستمراريتها.

- تحقيق التقدم يستند إلى خطوات تبادلية من قبل الطرفين في كافة المجالات.

- الهدف النهائي للخطة هو الوصول إلى تسوية نهائية وشاملة للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني بحلول العام 2005، من خلال إنهاء الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

- أساس التسوية قائم على عملية التفاوض المقترنة بضرورة إنهاء العنف والإرهاب.

- الهدف النهائي للخطة هو تسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.

- المرجعية التي تستند إليها الخطة هي أسس مؤتمر مدريد، مبدأ الأرض مقابل السلام، قرارات الأمم المتحدة 242، 338، 1397، الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً بين الطرفين، مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله التي تبنتها قمة الجامعة العربية في بيروت.

- اللجنة الرباعية هي وحدها المخولة بتقييم أداء الطرفين فيما يتعلق بتطبيق الخطة، مع التأكيد على أن التزامات الطرفين يجب أن تنفذ بشكل متواز.

أما محتوى الخطة فيشتمل على ثلاث مراحل رئيسية تبدأ من "الآن" وتنتهي في عام 2005، حيث تدور المرحلة الأولى التي تبدأ من "الآن" وتستمر لمدة نصف عام تقريباً، حول وقف العنف و"الإرهاب" وإجراء اصلاحات سياسية وتحسين الوضع الإنساني وتجميد النشاطات الاستيطانية. وتتمحور المرحلة الثانية التي تنتهي بنهاية عام 2003 حول إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات حدود مؤقتة، إضافة إلى الاستمرار في تنفيذ التزامات المرحلة السابقة. وتستمر المرحلة الثالثة حتى عام 2005 وتتعلق بمفاوضات الحل الدائم وإنهاء النزاع.

تحتوي هذه المراحل الثلاثة على مجموعة من الالتزامات يجب أن تقوم بها الأطراف المعنية (الفلسطينيون، الاسرائيليون، اللجنة الرباعية، الدول العربية) بطريقة متوازية أحياناً وبطريقة متتابعة أحياناً أخرى، ونوجز هذه الالتزامات على النحو التالي:

1- التزامات الجانب الفلسطيني

- إصدار بيان تؤكد فيه القيادة الفلسطينية حق إسرائيل في الوجود بأمن وسلام ووقف إطلاق النار وإنهاء التحريض.

- إعادة بناء الأجهزة الأمنية واستئناف التعاون الأمني والعمل بجدية ضد العنف والإرهاب.

- إجراء إصلاحات سياسية من خلال البدء في عملية وضع مسودة دستور، للدولة الفلسطينية بحيث يتم اقراره في المرحلة الثانية من الخطة، تعيين رئيس وزراء أو حكومة انتقالية تتمتع بالسلطات، يتم إجراء انتخابات حرة ومفتوحة، تتوج بتشكيل حكومة إصلاح يكون على رأسها رئيس وزراء.

- يلتزم الأداء الفلسطيني بالمعايير القانونية والإدارية والاقتصادية التي وضعها فريق العمل الدولي الخاص بالإصلاح.

- التوصل إلى اتفاق الوضع الدائم والشامل وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في العام 2005، من خلال تسوية متفق عليها بين الأطراف.

2- الالتزامات الإسرائيلية

- إصدار بيان تؤكد فيه القيادة الإسرائيلية التزامها برؤية الدولتين والمتضمنة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقادرة على البقاء، ووقف العنف ضد الفلسطينيين وإنهاء التحريض.

- لا تتخذ الحكومة الإسرائيلية أية اجراءات تقوض الثقة، مثل الإبعاد والهجمات ضد المدنيين وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتدمير المؤسسات والبنية التحتية.

- يقوم الجيش الإسرائيلي بالانسحاب تدريجياً من المناطق المحتلة منذ 28 أيلول 2000.

- تسهل الحكومة الإسرائيلية مهمة السلطة الفلسطينية في إجراء الإصلاحات من خلال عدم تقييد الحركة والانتقال واتخاذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية.

- تحويل الأموال الخاصة بالسلطة الفلسطينية وفق آلية يتم الاتفاق عليها.

- تفكك إسرائيل على الفور المواقع الاستيطانية التي أقيمت منذ شهر مارس 2001.

- تجمد الحكومة الإسرائيلية جميع النشاطات الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات.

- تطبيق الاتفاقات السابقة لتعزيز أقصى حد من التواصل الجغرافي، بما في ذلك اجراءات إضافية بشأن المستوطنات، تتزامن مع إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة.

- التوصل إلى اتفاق الوضع الدائم والشامل وإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في العام 2005 من خلال تسوية متفق عليها بين الأطراف.

3- الالتزامات الدولية / اللجنة الرباعية

- دعم "الرباعية" لجهود تحقيق وقف إطلاق نار دائم وشامل والبدء بمراقبة غير رسمية تتطور لمراقبة رسمية.

- مراجعة الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية وإمكانيات النمو الإقتصادي وتقديم دعم مستمر من المانحين، بما في ذلك زيادة التمويل من خلال المنظمات غير الحكومية.

- عقد مؤتمر دولي أول لإطلاق عملية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات حدود مؤقتة، مع الاستمرار في عملية الدعم والمراقبة.

- عقد مؤتمر دولي ثاني لتثبيت الدولة المستقلة ذات الحدود المؤقتة، ويُعلن من خلاله الإطلاق الرسمي لعملية تفاوضية، تؤدي إلى حل دائم لقضايا الوضع النهائي في العام 2005.

4- الالتزامات العربية

- تقطع الدول العربية التمويل الحكومي والخاص وكل أنواع الدعم عن الجماعات التي تدعم العنف والإرهاب وتقوم بهما.

- تعيد الدول العربية العلاقات التي كانت قائمة مع إسرائيل قبل الانتفاضة.

- إعادة إحياء المفاوضات متعددة الأطراف.

- قبول الدول العربية إقامة علاقات طبيعية كاملة مع إسرائيل وضمان الأمن لجميع دول المنطقة في إطار سلام عربي-إسرائيلي شامل.

لقد جاءت التزامات الأطراف الواردة في الصيغة النهائية لخارطة الطريق بعد مشاورات واسعة أجرتها الرباعية فيما بينها وبين الأطراف المعنية، وبخاصة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وذلك بعد الإعلان عن المسودة الأولى للخطة في 15/10/2002، حيث سلم الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي ملاحظاتهما على المسودة الأولى، وقد ركزت الملاحظات الفلسطينية على عدة نقاط جاءت في بيان للقيادة الفلسطينية في 10/11/2002 والتي يمكن ايجازها بالآتي:

- ضرورة أن تبدأ خارطة الطريق بحضور مراقبين دوليين للإشراف على جميع الترتيبات الأمنية بين الجانبين.

- لابد من الترابط الملزم والمتزامن للجدول الأمني والسياسي، وذلك للانتقال من مرحلة إلى أخرى، وضرورة استبعاد مبدأ الاشتراطية واعتماد آلية فاعلة تشرف عليها وتنفذها اللجنة الرباعية الدولية.

- التأكيد على ضرورة وقف جميع أشكال النشاطات الاستيطانية والاجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس في المرحلة الأولى من الخطة.

- أن يكون الهدف النهائي للمفاوضات واضحاً وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على أرض فلسطين المحتلة عام 1967(1).

أما الملاحظات الإسرائيلية، فقد تركزت حول النواحي الأمنية، وضرورة أن تكون الالتزامات الأمنية الفلسطينية أكثر صرامة والالتزام الواضح بوقف اطلاق النار المطلق ومكافحة الإرهاب قبل أي تقدم سياسي، إضافة إلى الملاحظة التي أبدتها إسرائيل ضد المكانة المتزايدة للجنة الرباعية، واعتراضها على الجدول الزمني وتحديد الأولويات.

وبعد أن تلقت اللجنة الرباعية ملاحظات الأطراف المعنية أدخلت تعديلات هامة على الخطة ظهرت في مسودتها الأخيرة التي سلمت رسمياً إلى السلطة الفلسطينية وإسرائيل في 1/5/2003، وجاءت أهم التعديلات على النحو التالي:

- توسعت المسودة الثالثة في تفصيل الالتزامات الأمنية المطلوبة من الجانب الفلسطيني، لتشمل وقفاً فورياً وغير مشروط لإطلاق النار، وجمع السلاح غير المرخص، والقيام باعتقالات، ومواجهة مطلقي النار والجماعات التي تخطط للقيام بإطلاق النار، وتدمير البنية التحتية للفصائل الفلسطينية "الارهابية".

- طالبت المسودة الثالثة إسرائيل بوقف العنف ضد الفلسطينيين، وهو ما لم تطالب به المسودة الأولى.

- أشارت المسودة الأولى إلى ضرورة أن تكون الانتخابات الفلسطينية تشريعية فقط، أما المسودة الثالثة فقد أشارت إلى الانتخابات دون تحديدها.

- أكدت المسودة الثالثة أن قيام الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة مرتبط بأن يكون للشعب الفلسطيني قيادة تعمل ضد الإرهاب، وتكون لديها الرغبة والقدرة لبناء ديمقراطية، وهو نص لم تتضمنه المسودة الأولى.

- أشارت المسودة الثالثة إلى أن تطبيق اتفاقات سابقة يشمل خطوات أخرى تتعلق بالإستيطان وهو ما لم يكن موجوداً في المسودة الأولى.

- أشارت المسودة الثالثة إلى أن على القيادة الإسرائيلية إصدار بيان لا يقبل التأويل، تؤكد التزامها برؤيا الدولتين وبدولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة ذات سيادة.

- أضافت المسودة الثالثة أساساً جديداً لحل مشكلة اللاجئين، حيث أشارت إلى وجوب كونه واقعياً وعادلاً ومتفقاً عليه.

- أكدت المسودة الثالثة أن الالتزام الإسرائيلي بتجميد الاستيطان يأتي في المرحلة الأولى بدلاً من المرحلة الثانية حسب المسودة الأولى.

- بالنسبة لدور اللجنة الرباعية، أكدت المسودة الثالثة على ضرورة القيام بإنشاء آلية مراقبة على التنفيذ في المرحلة الأولى وليس في المرحلة الثانية كما كان الحال في المسودة الأولى.

- أدخلت المسودة الثالثة تعديلاً على قرار الحكم على أداء الأطراف، حيث أكدت أنه سيكون "بإجماع" أعضاء اللجنة الرباعية، وهو ما لم يكن مذكوراً في المسودة الأولى.

- أضافت المسودة الثالثة دوراً جديداً لبعض أعضاء الرباعية، وهو الدعوة لاعتراف دولي بالدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة.

- لقد جاءت الخطة بصيغتها النهائية ذات نصوص وتفصيلات أحياناً، وجاءت بنصوص تحتاج مزيداً من التفصيل ويكتنفها الغموض أحياناً أخرى، وللوقوف على أهم مميزات وعيوب الخطة نورد ما يلي:

أهم المميزات

- بالإضافة للدور الرئيسي الذي لعبته اللجنة الرباعية في بلورة خارطة الطريق، فإن الدور الذي تلعبه هذه اللجنة في تنفيذ الخطة، والذي جاء ضمن نصوص واضحة فيها، يعتبر مؤشراً مهماً وإيجابياً على دور دولي أكثر فاعلية في حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

- أقرت الخطة مبدأ التوازي في التنفيذ، مما يعني أن على كل طرف أن ينفذ التزاماته خلال نفس الفترة بغض النظر عن التزامات الطرف الآخر.

- أكدت الخطة على وجوب أن تقوم إسرائيل بتفكيك المواقع الاستيطانية الجديدة منذ مارس 2001، كما تقوم بتجميد كافة النشاطات الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات.

- طالبت الخطة إسرائيل بإعادة فتح الغرفة التجارية الفلسطينية ومؤسسات فلسطينية أخرى في مدينة القدس.

- أكدت الخطة على مبدأ أن اتفاق الوضع الدائم سيضمن إقامة دولة فلسطينية ديموقراطية وقابلة للحياة مستقلة وذات سيادة.

- أكدت الخطة على ضرورة إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967.

أهم المآخذ على الخطة

- لم تكتف الخطة بوضع نصوص صارمة على الجانب الفلسطيني بخصوص وقف العنف و"الإرهاب" والاجراءات الواجب اتخاذها ضد التنظيمات الفلسطينية، وكذلك الإجراءات المتعلقة بالإجراءات السياسية والإدارية والاقتصادية، ولكنها ذهبت أبعد من ذلك، إذ ربطت قيام دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة وذلك ضمن المرحلة الثانية للخطة بأن "يكون للشعب الفلسطيني قيادة تعمل بحزم ضد الإرهاب وتكون لديها الرغبة والقدرة لبناء ديموقراطية" بدلاً من أن تنص على أنها ستتعامل مع قيادة فلسطينية ينتخبها الشعب الفلسطيني.

- إن النصوص الخاصة بالإصلاحات السياسية والإدارية المطلوبة من الجانب الفلسطيني لا تقل صرامة عن الالتزامات الأمنية. ولكن ما يلفت النظر أن لجنة الإصلاح الدولية لها الحق في وضع البنود المحددة للإصلاح، وعلى الجانب الفلسطيني فقط التنفيذ دون الحاجة إلى موافقته، ومما يجعل الأمور أكثر تعقيداً اشترطت الخطة أن يكون الانتقال من مرحلة إلى أخرى بموافقة كافة أعضاء اللجنة الرباعية بعد التأكد من أن الجانب الفلسطيني أوفى بكافة تعهداته، وهو ما يجعل الولايات المتحدة من الناحية الفعلية هي الحكم الرئيسي على الأداء الفلسطيني.

- لم تشر الخطة بصورة واضحة لالتزامات الطرفين السابقة، وإنما  أشارت إليها بصورة عابرة في الفقرة الخاصة بإقامة الدولة الفلسطينية المؤقتة، حيث ورد "كجزء من هذه العملية، تطبيق الاتفاقات السابقة، لتعزيز أقصى حد من التواصل الجغرافي، بما في ذلك إجراءات إضافية بشأن المستوطنات تتزامن مع إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة"، يفهم من هذه الفقرة دعوة إسرائيل إلى اجراء عملية اعادة انتشار أخرى متفق عليها سابقاً، إلا إذا كان لاسرائيل تفسير آخر لهذه الفقرة كالاقتصار على تقديم تسهيلات مرورية وخلافه.

- الفقرة التي تشير إلى تفكيك البؤر الاستيطانية تتحدث عن "تفكيك إسرائيل على الفور المواقع الاستيطانية التي أقيمت منذ شهر آذار 2001، ولم تشر الفقرة إلى مصير المواقع الاستيطانية التي أقيمت في فترتي باراك ونتنياهو والتي يصل عددها إلى 27 موقعاً، كذلك فإن هناك حاجة لتوضيح المقصود "بخطوات إضافية تتعلق بالمستوطنات" فهي فقرة تتسم بالغموض وتعطي الطرف الإسرائيلي الحق في تفسيرها كيفما يشاء.

- إن ربط ولادة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة بمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من حيث حدودها والتواصل الإقليمي الذي يجب أن يتوفر لها ونوعية السيادة التي يجب أن تتمتع بها، وذلك من خلال تنفيذ اتفاقات سابقة وخطوات أخرى تتعلق بالاستيطان، هذا الربط يعطي لاسرائيل الدور الرئيسي إن لم يكن الوحيد في رسم حدود هذه الدولة والسمات السيادية التي يجب أن تتمتع بها، ويعطيها الفرصة لمحاولة فرض تفسيراتها ورؤيتها الخاصة لطبيعة التواصل الإقليمي المطلوب والخطوات الأخرى المتعلقة بالاستيطان. وهذا يؤكد أن هذه النصوص تخدم بالدرجة الأولى الجانب الإسرائيلي، وهي نصوص كانت بحاجة إلى مزيد من الايضاح وينقصها الإلزام للطرف الإسرائيلي.

- رغم أن الأسس التي تستند إليها الخطة في إنهاء النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي وقيام دولة فلسطينية مستقلة وتنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 أسس إيجابية، وخاصة أنها تضم بالإضافة إلى مرجعية مؤتمر مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الأمم المتحدة 242 و338 و1397 والاتفاقات السابقة بين الطرفين، ومبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبد الله التي تدعو إلى انسحاب إسرائيل إلى حدود 4 يونيو 1967، رغم ذلك إلا أنه من المتوقع أن تقدم إسرائيل تفسيرها الخاص للنص الذي يدعو إلى "إنهاء الاحتلال الذي بدأ في عام 1967" على أنه لا يعني بالضرورة الانسحاب إلى تلك الحدود، وبخاصة إذا ربطت ذلك بالدعوة إلى حل مشكلة الاستيطان، والرؤيا التي قدمها الرئيس بوش في 24/6/2002 والتي أشار فيها لعودة إسرائيل إلى حدود قابلة للدفاع عنها.

- لم تقدم الخطة تصوراً حول طبيعة الحل الذي يجب أن يتم لقضايا الحل النهائي، قد جاءت النصوص على شكل عموميات باستثناء بعض المصطلحات الخاصة بقضيتي اللاجئين والقدس، حيث أشارت إلى أن حل مشكلة اللاجئين سيشمل حلاً "واقعياً"، وأن تسوية وضع القدس ستأخذ في الاعتبار "المصالح الدينية والسياسية للطرفين" وهي مصطلحات تخدم في جوهرها الموقف التفاوضي الإسرائيلي على حساب الموقف الفلسطيني.

- لم تشر الخطة من قريب أو بعيد لقضية الأسرى والمعتقلين، إلا إذا كانت تدخل ضمن اجراءات بناء الثقة التي يتوجب على الجانب الإسرائيلي اتخاذها، وحتى ان كانت كذلك فهي غير كافية لقضية تمثل حساسية خاصة لدى الجمهور الفلسطيني.

ونحن نتحدث عن مثالب الخطة يجب الاشارة إلى الموقف الإسرائيلي من خارطة الطريق والآلية التي اتبعها في قبوله للخطة، فالجانب الفلسطيني قد أعلن قبوله بالخطة عندما تسلمها من الجانب الأمريكي في 22/12/2002. رغم ذلك ظلت الحكومة الإسرائيلية تماطل في قبولها للخطة بحجة الانتخابات الإسرائيلية أحياناً وبحجة أن الخطة تحتاج إلى مزيد من التعديلات أحياناً أخرى. وظل الموقف الإسرائيلي على هذا النحو حتى تم تسليم نسخة نهائية رسمياً إلى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مؤرخة في 1/5/2003، وكان الرد الإسرائيلي عليها من خلال قرار أصدرته الحكومة الإسرائيلية يوم 25/5/2003 يستند على اعلان الإدارة الأمريكية يوم 23/5/2003 بالتعهد بأخذ الملاحظات الإسرائيلية على خارطة الطريق بجدية وبشكل كامل خلال تطبيق الخطة، وقررت الحكومة الإسرائيلية أن يتم إلحاق نص ملاحظاتها على الخطة كملحق لهذا القرار، وجاءت الملاحظات الإسرائيلية على النحو التالي:

1- أن يعمل الفلسطينيون على منع الإرهاب وإحباط العمليات وحل البنية التحتية للإرهاب وفقاً لخطتي تينت وزيني، ولا تفرض قيوداً على نشاطات الجيش الإسرائيلي ضد الإرهاب.

2- التقدم في تطبيق الخطة لن يكون إلا وفقاً لأداء الطرفين، وليس وفقاً لجداول زمنية.

3- الرقابة على تطبيق الخطة ستكون بيد الولايات المتحدة وليس بيد الرباعية الدولية.

4- الدولة الفلسطينية ستقوم في حدود مؤقتة فقط باتفاق مع إسرائيل وفقط بعد الوقف المطلق للإرهاب وتغيير القيادة الفلسطينية. الدولة ستكون مجردة تماماً من السلاح.

5- يعلن الفلسطينيون بأن إسرائيل هي دولة يهودية وهكذا يتنازلون عن (حق العودة)، أو أن تلغى التصريحات الابتدائية للطرفين.

6- إنهاء المسيرة باتفاق دائم يؤدي إلى إنهاء النزاع ووضع حد للمطالب المتبادلة.

7- كل تسوية تتحقق في مفاوضات مباشرة بين الطرفين.

8- لن يكون تدخل خارجي في مسائل الاتفاق الدائم.

9- الخطة ستقوم على أساس قراري مجلس الأمن رقم 242 و338 فقط، وليس على (المبادرة السعودية) التي تدعو إلى انسحاب إسرائيلي من كل المناطق.

10- السلطة الفلسطينية تجتاز إصلاحاً شاملاً.

11- الجيش الإسرائيلي ينتشر خارج مناطق السلطة وفقاً للظروف الأمنية.

12- الدول العربية تساعد المسيرة وتعمل ضد الإرهاب.

في ظل الغموض الذي يعتري الكثير من المصطلحات الواردة في الخطة، فإن حكومة يمين متطرفة في إسرائيل ستعمل على وضع تفسيرات لهذه المصطلحات تتلاءم مع تفسيراتها الخاصة وظروفها السياسية، التي هي في الأصل غير مستعدة لكثير مما ورد في خارطة الطريق، وبخاصة فيما يتعلق بالاستيطان والدولة الفلسطينية المستقلة والعديد من قضايا الحل النهائي.

 المراجع:


(*) تم اعتماد النص الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في 30 أبريل 2003.


(1) الأيام 11/11/2002.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م