خلفيات وتطورات خارطــــة الطريـــق

  ملف خاص

 خارطــــة الطريـــق

 

خلفيات وتطورات خارطة الطريق

رئيسة التحرير

تضافرت عدة عوامل على دفع الرئيس جورج و.بوش، الذي وصل إلى موقع الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2001، للتصدي لطرح رؤية جديدة للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، الذي أصبح يعرف في الغرب بإسم أزمة الشرق الأوسط. كان الفشل الذي أحاق بالجهود الحثيثة التي بذلها الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون أحد هذه العوامل. غير أن حدثاً أشد وأخطر من فشل كلينتون، ما لبث أن هز الساحة الأمريكية والعالم أجمع، ودفع بالرئيس الجديد إلى التفكير جدياً وبشكل مغاير، للتصدي لذلك الصراع الذي طال عليه الزمن. ذلك الحدث هو التفجيرات الهائلة التي حدثت في نيويورك وواشنطن يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001، والتي تبين منها أن الغالبية العظمى من منفذيها كانوا عرباً من الشرق الأوسط، حيث لم يعد هناك مفر للإدارة الأمريكية من الإعتراف بأن الظلم الذي لا مثيل له والذي أحاق بالفلسطينيين على مدى قرن من الزمان على يد المشروع الصهيوني، لابد وان يتم حله بالحد الأدنى من العدالة، إذا ما أريد للولايات المتحدة أن لا تخسر أهدافها ومصالحها في الشرق الأوسط.

هكذا قام الرئيس بوش في 10/11/2001، بإلقاء خطاب في الأمم المتحدة، ضمنه نصاً هو الأول من نوعه في تاريخ السياسة الأمريكية شرق الأوسطية منذ عام 1947، وذلك من حيث تبنيه لمبدأ قيام دولة فلسطين إلى جانب اسرائيل.

وبعد نحو أربعة أشهر من الخطاب المذكور، تبنى مجلس الامن الدولي في 12/3/2002، أول قرار من نوعه أيضاً منذ قرار التقسيم (181) في عام 1947، أكد فيه على رؤية تتوخى منطقة تعيش فيها دولتان، اسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها.

وفي مؤتمر القمة العربية الذي إنعقد في بيروت في 27-28/3/2002، أقر المؤتمر خطة السلام التي طرحتها المملكة العربية السعودية، والتي نصت على إعتبار النزاع العربي-الإسرائيلي منتهياً وإنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار سلام شامل، إذا ما قامت إسرائيل بالإنسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار الدولي 194، والقبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، وتكون القدس الشرقية عاصمتها.

وفي 24/6/2002، ألقى الرئيس الأمريكي جورج بوش، خطاباً جديداً كرسه للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وطرح فيه خطوطاً عريضة لعملية سياسية تؤدي إلى وضع نهاية للنزاع، بقيام دولة فلسطين على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وكان هذا الخطاب بمثابة الرافعة التي أطلقت سلسلة طويلة من المشاورات والمناقشات الدولية، التي ما لبثت أن تمخضت عن تشكيل ما أصبح يعرف باللجنة الرباعية التي ضمت إلى جانب الولايات المتحدة، كلاً من الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي وروسيا، والتي عهد إليها بترجمة الأفكار الأمريكية إلى خطة متكاملة للتسوية، أصبحت تعرف منذ ذلك الحين بإسم "خارطة الطريق"، والتي صدرت المسودة الأولى لها في 15/10/2002.

وقد لقيت تلك المسودة عددا كبيراً من الإعتراضات الفلسطينية والإسرائيلية، حيث ما لبثت الإدارة الأمريكية أن عمدت من خلال اللجنة الرباعية إلى إصدار مسودة ثانية، أخذت ببعض الملاحظات الفلسطينية والإسرائيلية، ورفضت بعضها الآخر، وقد صدرت المسودة الثانية في 22/12/2002، وكان الإتجاه العام للجنة الرباعية هو الحصول على موافقة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عليها، وإقرارها وبدء تطبيقها في ديسمبر 2002. غير أن الولايات المتحدة ما لبثت أن أعلنت عن تأجيل ذلك إلى ما بعد الإنتخابات الإسرائيلية وتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة في فبراير 2003.

وكان التطور الآخر الذي أجل إقرار الخطة نهائياً، هو القرار الأمريكي بشن الحرب على العراق، تلك الحرب التي بدأت في 20/3/2003 وانتهت بعملياتها الرئيسية في 9/4/2003.

وفي 1/5/2003، تم تسليم المسودة الثالثة من خارطة الطريق لكل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وقد جاءت المسودة الثالثة مطابقة للمسودة الثانية، حيث لم يتم إدخال أي تغييرات جديدة عليها. وقد أعلن الجانب الفلسطيني رسمياً عن موافقته على الخطة في 2/5/2003. بينما تلكأ الجانب الإسرائيلي في الإعلان عن موافقته حتى 20/5/2003. وكان الجانب الفلسطيني قد أعلن منذ شهر نوفمبر 2002 أن الخطة لا تلبي الحد الأدنى من طموحات الشعب الفلسطيني.

ولدى مقارنة المسودة الأولى الصادرة في 15/10/2002، بالخطة المقرة لخارطة الطريق، التي سلمت مسودتها الثالثة في 1/5/2003 لكل من الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي، يمكن التعرف على التغييرات والتعديلات التي تم الأخذ بها من اعتراضات وملاحظات الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وكذلك العربي، وهي:

1- بينما ركزت المسودة الأولى في مرحلتها الأولى على قضايا الإصلاح الفلسطيني، جاء التركيز في المرحلة الأولى من الخطة المقرة على موضوع العنف والإرهاب، وأصبح هذا الموضوع هو المتغير الرئيس الذي يحكم مصير الخطة بأسرها، بما في ذلك قيام الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة. ومن الواضح أن هذا التغيير قد تم إستجابة لمطلب إسرائيلي.

2- وقد إنعكس ما سبق في ما طرأ على المقدمة من تغييرات، فقد إتسمت مقدمة المسودة الأولى بالموضوعية والإيجازالمتمثلين في تحديد هدف الخطة ومرجعيتها فقط. أما مقدمة الخطة المقرة، فقد أسست لشرط أساسي هو أن دولة فلسطين لن تقوم إلا من خلال إنهاء العنف والإرهاب، ومن خلال قيادة فلسطينية تعمل بحزم ضد الإرهاب وتعتنق الديمقراطية. كما أضيف إليها شرط إستعداد إسرائيل للقيام بما هو ضروري لإنشاء دولة فلسطينية ديمقراطية، بما يعنيه ذلك أن الدولة الفلسطينية لن تقوم بدون موافقة وإلتزام الإسرائيليين.

3- خلت المسودة الأولى من أي إلتزام إسرائيلي بإصدار بيان لا يقبل التأويل في شأن واجباتها، حيث أضيف مثل هذا البيان في الخطة المقرة، التي نصت على قيام الحكومة الإسرائيلية بإصدار بيان " لا يقبل التأويل" تؤكد فيه التزامها برؤية الدولتين " وتدعو إلى وقف فوري للعنف ضد الفلسطينيين". وقد جاء إدخال هذا البيان بفعل الإعتراض الفلسطيني على إقتصار شرط البيان الذي لا يقبل التأويل على الجانب الفلسطيني.

4- حذفت الإشارة إلى الوقف الفوري "للإنتفاضة المسلحة"، من البند الخاص بالبيان الفلسطيني واستعيض عنها بالوقف "الفوري وغير المشروط لإطلاق النار ووقف النشاطات العسكرية وجميع أشكال العنف ضد الإسرائيليين".

5- حوفظ في الخطة المقرة على النص الوارد في المسودة الأولى في شأن الإنسحاب الإسرائيلي إلى مواقع 28/9/2000، وذلك من حيث إرتباطه "بتقدم الأداء الأمني الفلسطيني"، بإستثناء حذف الفقرة الخاصة بإتمام الإنسحاب "قبل إجراء الإنتخابات الفلسطينية" التي حذفت من الخطة المقرة، الأمر الذي يشير إلى إحتمال عدم إتمام الإنسحاب إلى مواقع 28/9/2000 قبل إجراء الإنتخابات.

6- شمل التشدد الخاص بالوقف التام للعنف والإرهاب في الخطة المقرة، شروطاً جديدة لم ترد في المسودة الأولى، وتتمثل في "تقويض القدرات والبنى التحتية للإرهاب"، وجمع الأسلحة غير المشروعة وتعزيز السلطة الوطنية "بعيداً عن الفساد والإرهاب".

7- على الرغم من الإعتراضات الإسرائيلية، فقد بقي النص الوارد في المسودة الأولى، والخاص بإنهاء الإحتلال الذي بدأ عام 1967، في الخطة المقرة، وهذا أمر جوهري.

8- كذلك بقيت المرجعيات المتمثلة في مؤتمر مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام والقرارات 242 و338 و1397 والإتفاقات الموقعة سابقاً والمبادرة العربية، على حالها في الخطة المقرة، على الرغم من محاولات إسرائيل شطب المبادرة العربية.

9- في البنود الخاصة بالتعاون الأمني، خلت الخطة المقرة من الإشارة إلى ضرورة التوصل إلى إتفاقية أمنية فلسطينية-إسرائيلية، على الرغم من ورود ذلك في المسودة الأولى.

10- فيما يتعلق بالقدس الشرقية، نصت المسودة الأولى على قيام إسرائيل بإعادة فتح المؤسسات الفلسطينية الإقتصادية فيها. وقد ألغي حصر إعادة الفتح بالإقتصادية في الخطة المقرة، بحيث أصبح يعني إعادة فتح جميع المؤسسات التي أغلقت في المدينة.

11- إقتصر قيام الدولة ذات الحدود المؤقتة في المسودة الأولى على "دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة"، غير أن الخطة المقرة شملت إضافات تمثلت في "ذات علامات سيادية" وسعي اللجنة الرباعية للحصول على إعتراف دولي بها وحصولها على عضوية الأمم المتحدة.

12- نظراً لإلغاء الجدول الزمني بين المسودة الأولى التي كان يفترض إقرارها والبدء بتنفيذها في ديسمبر 2002، وما طرأ من تأجيل بعد تقديم المسودة الثانية في ديسمبر 2002 أيضاً، يبدو واضحاً أن هناك تأخيراً في تطبيق الخطة المقرة، يبلغ نحو سبعة إلى ثمانية أشهر، الأمر الذي يعني أن الدولة ذات الحدود الدائمة لن تقوم في 2005. غير أن مقدمة الخطة المقرة تشير في مقدمتها إلى أن التقدم بين ومن خلال المراحل، قد يحدث في وقت أسرع مما هو محدد في الخطة، إذا ما طبق الجانبان التزاماتهما بشكل سريع.

13- لم يرد أي تغيير في البنود الخاصة بالإستيطان، والتي تشمل تفكيك البؤر التي أقيمت بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الأخيرة، ثم تجميد الإستيطان وفق خطة ميتشل(1)، بما في ذلك النمو الطبيعي وخطوات اخرى مع إقامة الدولة المؤقتة، الأمر الذي يشير إلى أن تجميد الإستيطان مقترن بتقدم الأداء الفلسطيني أيضاً وأن التجميد غير ملزم لإسرائيل إذا لم يتقدم الأداء الأمني. وقد إعترض الجانب الفلسطيني على ذلك، غير انه لم تتم الإستجابة لذلك.

14- فيما يتعلق بتنفيذ الخطة المقرة، خلت المسودة الأولى من أي توصيف لطريقة التنفيذ، حيث أضيف للخطة المقرة توصيف ينص على انه يتوقع من الطرفين تنفيذ التزاماتهما "بالتوازي"، إلا ما حدد عكس ذلك. وفي ضوء أن الخطة بمجملها قائمة على "الأداء"، فإن الجانب الفلسطيني ملزم وفقاً للخطة، بتقديم كل المتطلبات الأمنية المنصوص عليها، لكي يصار إلى قيام إسرائيل بتنفيذ إلتزاماتها، بما في ذلك الإنسحاب إلى 28/9/2000 وتجميد الإستيطان، والموافقة على قيام الدولة ذات الحدود المؤقتة، وبالتالي الدولة ذات الحدود الدائمة، في الآن ذاته، فإذا كان الإنسحاب الإسرائيلي إلى مواقع 28/9/2000 مرتبط بالأداء الأمني الفلسطيني، فإن قيام الدولة ذات الحدود المؤقتة والدولة ذات الحدود الدائمة، يرتبطان ليس فقط بالتقدم الأمني وإنما كذلك بالمفاوضات كوسيلة وحيدة للوصول إلى الحل النهائي. وبالتالي، فإن المفاوضات قد تسير بالحل قدماً، وقد تتعثر وتنهي كل المشروع.

15- شهد موضوعا القدس واللاجئين، في الخطة المقرة إضافات لم تتضمنها المسودة الاولى. ففي موضوع القدس، أضيفت فقرة تفصيلية نصت على "حل تفاوضي يأخذ بالإعتبار الإهتمامات السياسية والدينية للطرفين ويحمي المصالح الدينية لليهود والمسيحيين والمسلمين في العالم. كما أضيفت لموضوع اللاجئين فقرة تنص على التوصل إلى "حل واقعي وعادل وشامل ومتفق عليه". الأمر الذي أعطى وزناً أكبر لهذين الموضوعين. ويبدو أن هاتين الفقرتين قد أضيفتا بعد إعتراض الجانب الفلسطيني على ما جاء في المسودة الأولى من عدم ورود أية إشارة بإستناء إيراد تسمية القدس واللاجئين. وقد أقترن موضوع اللاجئين كذلك في المسودة الأولى وفي الخطة المقرة بمفاوضات المتعدد التي أشير إلى إحيائها خلال المؤتمر الدولي الأول، ولم ترد أية إشارة للقرار 194 سواء في المسودة الأولى أو الخطة المقرة.

16- شهد البعد العربي في المسودة الأولى والخطة المقرة حضوراً واضحاً، وجرت بعض التعديلات عليه في الخطة المقرة، سواء في ما يخص الدعم المالي أو التسوية الشاملة أو العلاقات العربية-الإسرائيلية، هذا إلى جانب اعتماد المبادرة العربية كإحدى المرجعيات.

ففيما يتعلق بالدعم المالي، نصت المسودة الأولى على التحرك الفوري للدول العربية لقطع أي تمويل حكومي أو خاص "للجماعات المتطرفة" وتقديم الدعم المالي للفلسطينيين عبر وزارة المالية. أما الخطة المقرة فقد فصلت مسألة تقديم الدعم عبر وزارة المالية الفلسطينية ودمجتها في فقرة خاصة شملت كل المانحين، وأدخلت تفصيلاً جديداً هو تقديم الدعم "للحساب الموحد لوزارة المالية الفلسطينية"، وذلك ضمن تأكيدها الحازم على هذا الموضوع.

وإذ نصت فقرة في المسودة الأولى على عودة السفيرين المصري والأردني لإسرائيل فور إنسحاب اسرائيل إلى مواقع 28/9/2000، فقد تم حذف ذلك من الخطة المقرة، ويبدو أن ذلك قد جاء بناء على اعتراض مصري-أردني على إدراج هذا الموضوع في الخطة. وقد إحتفظت الخطة المقرة بالفقرة الواردة في المسودة الأولى في شأن إعادة الروابط العربية-الإسرائيلية التي كانت قائمة قبل الإنتفاضة على شكل مكاتب تجارية مع بدء المرحلة الثانية، أي بعد الإنسحاب الإسرائيلي إلى مواقع 28/9/2000، وبدء التفاوض على الدولة ذات الحدود المؤقتة.

وقد أشير في البنود الخاصة بالمؤتمرين الدوليين في المسودة الأولى والخطة المقرة إلى دعم تحقيق سلام شامل يشمل سورية ولبنان. وفي ختام المرحلة الثالثة، أي حين يتم التوصل إلى الإتفاق النهائي الفلسطيني-الإسرائيلي، نصت المسودة الأولى على قبول الدول العربية بإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل وتحقيق الأمن للجميع بما يتوافق والمبادرة العربية، وقد تبنت الخطة المقرة هذا البند بعد إدخال تعديلين عليه، أولهما إضافة صفة "كاملة" على علاقات طبيعية، وحذف الإشارة إلى المبادرة العربية وإستعاضتها بجملة "في إطار سلام عربي-إسرائيلي شامل". وقد يكون حذف الإشارة إلى المبادرة العربية قد نبع من رفض واضعي الخطة المقرة التقيد بالشروط التي نصت عليها المبادرة العربية في تحقيق السلام الشامل، وقد تكون إسرائيل هي التي أصرت على هذا الحذف. ولا يمكن إغفال أن للدول العربية دوراً في مفاوضات المتعدد التي تقر الخطة بإحيائها مع انعقاد المؤتمر الدولي الأول، والتي تشمل موضوع اللاجئين ضمن مواضيع أخرى، هذا الى جانب دور مصري أردني في "المجلس الأمني الخارجي" .

17- كذلك لابد من الإشارة إلى دور اللجنة الرباعية وما طرأ عليه من تغييرات. فقد حظيت اللجنة الرباعية في المسودة الأولى بدور متميز نص على أن الخطة قد وضعت "تحت إشرافها"، غير أن الخطة المقرة قلصت دور الرباعية إلى "المساعدة وتسهيل تطبيق الخطة".

وبينما نصت المسودة الأولى على إنشاء آلية مراقبة من قبل الرباعية، فقد نصت الخطة المقرة على قيام الرباعية بالمراقبة "بشكل غير رسمي"، والتشاور مع الطرفين لإنشاء آليات مراقبة رسمية وتنفيذها. وهكذا أصبح دور اللجنة الرباعية في المراقبة مرهوناً بالمشاورات التي ستجريها مع الطرف الإسرائيلي بدرجة رئيسة.

وفي حين أعطت المسودة الأولى للرباعية دور المراقبة والدعوة للمؤتمر الدولي وإقرار التقدم إلى المرحلة الثانية، فإن الخطة المقرة قد نصت على أن التقدم للمرحلة الثانية إنما يقوم على أساس "الحكم الجماعي" لإقرار ما إذا كانت الشروط مواتية للتقدم. ولا تعقد اللجنة المؤتمر إلا بعد التشاور مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ونفس هذه الشروط تنطبق أيضاً على إنعقاد المؤتمر الثاني. ولم تتضمن الخطة المقرة ما منحته المسودة الأولى للرباعية من دور تنسيقي في مجال تنفيذ الخطة الأمريكية لإعادة بناء وتدريب الأجهزة الامنية الفلسطينية. ولا يشار ما إذا كان للرباعية حق الإشتراك في المجلس الأمني الخارجي الذي سيضم كلاً من الولايات المتحدة ومصر والأردن، بينما يشار إلى أن الرباعية ستدعم جهود التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم وشامل. ويبدو واضحاً أن الرفض الإسرائيلي لدور فاعل للأوروبيين في اللجنة الرباعية قد أدى إلى تهميش هذا الدور في الخطة المقرة.

 ولدى إجمال مكاسب الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني من التغييرات التي طرأت على المسودة الأولى وظهرت في الخطة المقرة، يتبين الآتي:

 إسرائيل:

1- حصلت إسرائيل على مطلبها بتغليب الجانب الأمني على موضوع الإصلاح الفلسطيني الذي ركزت عليه المسودة الأولى، حيث تم ربط مصير الخطة بأكملها بمدى ما يحققه الجانب الفلسطيني من تقدم في مجال وقف النار وقطع دابر العنف والإرهاب.

2- شمل المطلب الأمني وأولوياته، مطالب لم توجد في المسودة الأولى، وفي مقدمتها "تقويض البنى التحتية للجماعات المتطرفة"، وجمع الأسلحة غير الشرعية.

3- تم ربط عملية تجميد الإستيطان وفق خطة ميتشل بالتقدم الفلسطيني في المجال الامني.

4- حصلت إسرائيل على مطلب عدم ربط إتمام الإنسحاب الإسرائيلي إلى مواقع 28/9/2000 قبل إجراء الإنتخابات الفلسطينية.

5- حصلت إسرائيل على مطلب عدم ربط الإتفاق النهائي بالمبادرة العربية.

6- حصلت إسرائيل على مطلب إضعاف دور اللجنة الرباعية.

7- حصلت إسرائيل على مطلب عدم إدراج القرار 194 كمرجع لحل مشكلة اللاجئين.

8- كذلك يتضح بأن عدم الإشارة في الخطة كلها إلى اللاجئين بأنهم "اللاجئون الفلسطينيون"، هو تلبية لمطلب إسرائيلي.

9- مع إضعاف اللجنة الرباعية، تم إشتراط إنعقاد المؤتمر الأول والثاني بموافقة إسرائيلية.

10- حصلت إسرائيل على الإحتفاظ بآلية "التوازي" في التنفيذ.

 

الفلسطينيون:

1- حصل الفلسطينيون على مطلب إلزام إسرائيل بإصدار بيان عام مماثل للبيان الذي طلب من السلطة الفلسطينية، وينص على إلتزامها برؤية الدولتين والدعوة للوقف الفوري للعنف والتحريض ضد الفلسطينيين.

2- كسب الفلسطينيون رفض الولايات المتحدة واللجنة الرباعية مطلباً إسرائيليا بشطب الإشارة إلى إعتبار الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 أراضي محتلة.

3- تم في الخطة المقرة تطوير معالم الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة، بإضافة جملة ذات معالم سيادية، والطلب إلى اللجنة الرباعية بالعمل على حصول هذه الدولة على الإعتراف الدولي وعضوية الأمم المتحدة، إرضاء للجانب الفلسطيني.

4- تم تطوير البند الخاص بالقدس في المرحلة الإنتقالية، بحيث لم يعد ينص على إعادة فتح المؤسسات الإقتصادية فقط، وإنما شمل كل المؤسسات بشكل عام. كما أضيفت في الخطة المقرة تفاصيل تخدم الجانب الفلسطيني.

5- الابقاء على شرط تنفيذ الاتفاقات السابقة للتنفيذ دون إعادة تفاوض.

6- كذلك تم تطوير موضوع اللاجئين في المفاوضات النهائية، حيث أشير إلى أن الحل النهائي يجب أن يكون "عادلاً وشاملاً ومتفقاً عليه"، ولم يلب المطلب الفلسطيني بالإشارة إلى القرار 194.

وبشكل عام، فإن خارطة الطريق هي خارطة طريق محفوف بالمخاطر والتحديات والعقبات، وهو يتطلب من الجانب الإسرائيلي التخلي عن المماطلة والمكر والدهاء، كما يتطلب من الفلسطينيين التحلي بالشجاعة والمثابرة والقدرة على تخطي العقبات وتحويل السلبيات إلى إيجابيات(2).

المراجع :


(1) راجع خطة ميتشل، تحت عنوان لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق، في العدد الثاني من مجلة مركز التخطيط الفلسطيني، باب وثائق،ص166.

(2) راجع المسودة الأولى لخارطة الطريق والخطة المقرة لها في باب الوثائق في هذا العدد من المجلة.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م