التعداد العام للمنشآت الاقتصادية

 

أسامة نوفل

تعكس بيانات التعداد العام للمنشآت الاقتصادية وسلسلة المسوح الاقتصادية التي يجريها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطينية، صورةً مفصلةً للاقتصاد الفلسطيني، من حيث تطور وحجم منشآته وطبيعتها وخصائصها وقدرتها على التشغيل والحد من البطالة، وبالتالي معرفة أنماط ومكونات الاقتصاد الفلسطيني، وفرص نموه، وقدرته على المنافسة والدخول إلى الأسواق الخارجية.

كما يشكل التعداد العام للمنشآت ركيزة معلوماتية مهمة وشاملة لواضعي السياسات الاقتصادية المختلفة.

نفذ الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ثلاث دوريات تختص بالتعداد العام للمنشآت كان أولها عام 1994، ثم عام 1997، وأخيرا عام 2004 والذي صدر في يوليو 2005.

ويكتسب التعداد الأخير أهمية كبيرة كونه يأتي في فترة الانتفاضة وما واكبها من تدمير للمنشآت الاقتصادية من قبل الاحتلال والإغلاقات المتكررة وعرقلة دخول وخروج منتجات هذه المنشآت وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة في معظم الأوقات، مما كان له الأثر السلبي على تطور وعمل هذه المنشآت، الأمر الذي أدى إلى إغلاق الكثير من المنشآت الاقتصادية وعمل الباقي بأقل من طاقته الإنتاجية.

إلا أنه يؤخذ على مثل هذه التعدادات افتقارها إلى مؤشرات اقتصادية مهمة مثل حجم الاستثمار المكون لهذه المنشآت، وحجم الصادرات والواردات لها، وإنتاجية العامل، وأشكال العمالة وتنوعاتها في هذه المنشآت.

ومستوى الرسملة، وحجم التعويضات، القيمة المضافة، وعوائد رأس المال، الأرباح. مما يضطر الباحث إلى اللجوء إلى مختلف المسوحات الاقتصادية والتي في أغلبها غير متوفرة بهدف بيان وتحليل هذه المؤشرات.

فيما يلي تحليل لتطور المنشآت الاقتصادية خلال الفترة الممتدة من عام 1997 ولغاية العام 2004.

1- عدد المنشآت

ارتفع عدد المنشآت الاقتصادية العاملة في المناطق الفلسطينية من 82.305 ألف منشأة في عام 1997 إلى 103.846 ألف منشأة في عام 2004، بمعدل نمو سنوي بلغ في المتوسط 3.7% فقط، مما يعكس التباطؤ في نمو عدد المنشآت بسبب تراجع المناخ الاستثماري والأوضاع السياسية المتمثلة في غياب الأفق لعملية السلام، وازدياد الهجمة الشرسة والمبرمجة على المنشآت الاقتصادية أثناء الاجتياحات المختلفة.

وتوزعت المنشآت الاقتصادية حسب المناطق الجغرافية في عام 1997 بما نسبته 71% في الضفة الغربية، و29% في قطاع غزة، تغيرت هذه النسبة في عام 2004 وبلغت 68.7% في الضفة الغربية، 31.3% في قطاع غزة، وهذا يعود إلى أن قطاع غزة شهد نوعاً ما من الاستقرار مقارنة بالضفة الغربية، التي كثرت فيها الاجتياحات خلال تلك الفترة، وخاصة في عام 2002، كما تعكس حالة ارتفاع التفاؤل لدى أصحاب المنشآت الاقتصادية في قطاع غزة مقارنة مع أصحابها في الضفة الغربية وخاصة المتعلقة بإعادة الانتشار في قطاع  غزة.

2- ملكية المنشأة

يقصد بملكية المنشأة ذلك القطاع الذي تتبع له المنشأة من حيث سيطرته على إدارة المنشأة. ويمكن تقسيم ملكة المنشأة إلى قطع خاص وقطاع أهلي وقطاع حكومي، كما يقسم القطاع الخاص إلى قطاع محلي وأخر أجنبي.

ويعكس ارتفاع نسبة الملكية الخاصة إتباع سياسة اقتصاديات السوق والتي تعطي القطاع الخاص الدور الريادي في التنمية والاستثمار.

تشير الإحصائيات إلى أن نسبة المنشآت الاقتصادية المملوكة للقطاع الخاص قد ارتفعت من 89.6% في عام 1997 إلى 91%، من مجموع المنشآت الاقتصادية العاملة في عام 2004، مما يعكس توجهات السياسة الاقتصادية الداعمة إلى الخصخصة والإصلاح الاقتصادي في حين لم تتعد نسبة المنشأة الحكومية للقطاع الأهلي في عام 1997 0.5% ارتفعت إلى 2.6% في عام 2004، نتيجة للحاجة إلى التوسع في عمل هذه المؤسسات والتي تقدم في الأساس خدمات اجتماعية.

أما المنشآت الحكومية فقد انخفضت نسبتها من 9.1% في عام 1997 إلى 5% في عام 2004، ورغم تشجيع السلطة الفلسطينية للقطاع الخاص الأجنبي للاستثمار في المناطق الفلسطينية وإعطاءه الامتيازات المختلفة والتي تعادل بل تفوق في بعض الأحيان الامتيازات المقدمة للقطاع الخاص المحلي، إلا أن الملاحظ انخفاض نسبة المؤسسات الاقتصادية الخاصة الأجنبية، بحيث لم تتعد النسبة 0.3% في عام 1997، 0.17% في عام 2004 من مجمل المنشآت الخاصة.

كما تبين أن 68.7% من المنشآت الخاصة موجودة في الضفة الغربية في عام 2004 مقارنة مع 31.3% في قطاع غزة. وأن عدد المنشآت الخاصة الأجنبية في الضفة الغربية لم يتعد 150 منشأة من أصل 64852 منشأة تعمل في القطاع الخاص مقارنة مع 32 منشاة في قطاع غزة مملوكة للقطاع الخاص الأجنبي من أصل 29533 منشأة تعمل في القطاع الخاص في قطاع غزة. مما يعكس حالة التخوفات والمحاذير لدى المستثمرين الأجانب والمتمثلة في غياب الرؤية الاقتصادية، بالإضافة إلى السياسات التدميرية للاحتلال الإسرائيلي.

3- العاملون في المنشآت الاقتصادية

ارتفع عدد العاملين في المنشآت الاقتصادية من 197.361 ألف عامل في عام 1997 إلى 257.587 ألف عامل في عام 2004، بمعدل نمو بلغ في المتوسط 5%، وهو أعلى من معدل نمو عدد المنشآت، مما يعكس زيادة التشغيل في المنشآت الاقتصادية نتيجة لانخفاض الأجور وارتفاع نسبة البطالة.

وبلغت نسبة الذكور من مجموع العاملين في هذه المنشآت 83.7% في عام 1997 ارتفعت إلى 84.7% في عام 2004، مما يعكس تدني استخدام النساء في المنشآت الاقتصادية وذلك للأسباب السابقة.

وبالنسبة للتوزيع الجغرافي للعاملين حسب المنطقة، نجد أن نسبة العاملين في المنشآت الاقتصادية في الضفة الغربية قد انخفض من 72% من مجمل العاملين في المنشآت الاقتصادية في عام 1997 إلى 67.5% في عام 2004، وفي المقابل ارتفعت النسبة في قطاع غزة من 28% إلى 32.5%. وهذا يعكس النتيجة السابقة والمتعلقة بانخفاض نسبة المنشآت الاقتصادية العاملة في الضفة الغربية من إجمالي المنشآت العاملة في الأراضي الفلسطينية.

4- حجم المنشأة

يغلب على المنشآت الاقتصادية الفلسطينية الحجم الصغير أو ما يسمى بالمشاريع الصغيرة وذلك بسبب انخفاض نسبة المخاطرة فيها وانخفاض حجم التشغيل ورأس المال وسهولة التسويق.

تشير المعطيات لعام 1997 أن 90% من المنشآت العاملة في الاقتصاد الفلسطيني تشغل 4 عاملين فأقل في حين 6.1% من المنشآت تشغل 5-9 عاملين، و2.1% تشغل ما بين 10-19 عامل، 3% تشغل من 20-49 عامل، 19% تشغل أكثر من 50 عاملاً، وبالمقارنة مع عام 2004 نجد أن النسبة لم تتغير كثيراً، حيث بلغت نسبة المنشآت التي تشغل 4 عمال فأقل 91%، وانخفضت نسبة المنشآت التي تشغل 20-49 عاملاً لتصل إلى 0.7% فقط.

وتعكس المعطيات السابقة عدم حدوث تحسن في تطور المنشآت العاملة من حيث قدرتها على التوسع والنمو.

5- توزيع المنشآت الاقتصادية حسب النشاط الاقتصادي

يعكس توزيع المنشآت حسب النشاط الاقتصادي معرفة القطاعات الاقتصادية المولدة للناتج المحلي وجدواها الاقتصادي، وقدرتها على الصمود والتكيف مع المتغيرات المختلفة، هذا بالإضافة إلى قدرتها التنافسية مع السلع المستوردة، ومدى قدرتها التصدير إلى الخارج.

أظهرت النتائج أن نشاط تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات قد احتل المرتبة الأولى، من حيث عدد المنشآت وبلغت نسبته 51.4% من أجمالي عدد المنشآت الاقتصادية في المناطق الفلسطينية في عام 1997 وقد ارتفعت النسبة إلى 56.6% في عام 2004، وهذا يُفسر بلجوء بعض الأفراد إلى إنشاء مشاريع صغيرة تختص في مجال تجارة التجزئة، بسبب انخفاض عنصر المخاطرة وانخفاض حجم رأس المال المستثمر فيها، واعتمادها على التسويق المحلي بشكل كبير.

وتباينت النسبة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغت هذه النسبة في الضفة الغربية 67.8% وفي قطاع غزة 32% في عام 2004، وهي نسبة تتفق من حيث توزيع المنشآت الاقتصادية بصفة عامة على المناطق الجغرافية.

إلا أن نسبة التشغيل في هذا النشاط كان اقل من نسبة مساهمته في عدد المنشآت، وبلغت في عام1997  ما نسبته من إجمالي عدد العاملين في المنشآت الاقتصادية  34%، وقد ارتفعت إلى 38.5% في عام 2004، وهذا يؤكد النتيجة السابقة أن أغلب هذه المنشآت هي منشآت صغيرة الحجم تشغل 4 عمال فأقل.

وبلغت نسبة التشغيل في هذا الفرع في الضفة الغربية 66.2%، وفي قطاع غزة 33.8% في عام 2004.

فيما احتل نشاط الصناعة التحويلية المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة مساهمته في عدد المنشآت 19.2% في عام 1997 انخفضت بشكل ملحوظ إلى 13.5% في عام 2004، وهذا يعود إلى إغلاق الكثير من المنشآت الصناعية، إما بسبب تدميرها من قبل الاحتلال أو بسبب الحصار المطول والذي أدى إلى خسائر هذه المنشآت ومن ثم إغلاقها.

وتوزعت نسبة المنشآت الصناعية في الضفة الغربية وقطاع غزة في عام 2004 بما يعادل 71% و28% على التوالي وبلغت نسبة التشغيل في إجمالي هذه المنشآت 31.8% من إجمالي عدد العاملين في المنشآت الاقتصادية في عام 1997، انخفضت النسبة إلى 22% في عام 2004، وهذا يتزامن مع انخفاض نسبة المنشآت العاملة في الفرع، وتراوحت نسبة التشغيل في الضفة الغربية في عام 2004، 68% من إجمالي عدد العاملين في هذا الفرع، و32% في قطاع غزة، وهي أيضاً نسبة تتفق مع التوزيع الجغرافي لهذه المنشآت.

6- إدارة المنشآت

بالإضافة إلى ما ذكر من كثرة عدد المنشآت وصغر متوسط العمالة فيها فإن انتشار نمط المالك (المشغل) من الخصائص المهمة التي تتسم بها المنشآت الاقتصادية الفلسطينية، بحيث يصنف ما يزيد عن ثلاثة أرباع هذه المنشآت تحت بند المنشآت الفردية (90% في عام 1997، 85% في عام 2004).

وأغلب القطاعات التي تركزت فيها أعلى نسبة للشركات الفردية في عام 2004كانت الزراعة وذلك بنسبة 93%، قطاع التجارة والخدمات 87%، والصناعة التحويلية 80%، وهذا يعزز النتيجة السابقة والمتعلقة بصغر متوسط العمالة في هذه المنشآت. أما عن أقل المنشآت تركزاً، من حيث الإدارة الفردية فكانت في قطاع التعدين واستغلال المحاجر بنسبة 61% بسبب طبيعة هذا القطاع وحجم الأموال المستثمرة فيه، حيث يتسم بارتفاع حجم الاستثمار فيه[1].

7- الإنتاج

يقصد بالناتج المحلي قيمة ما تم انتاجه في داخل الدولة سواء كان المصدر محلي أو أجنبي، وتشير الإحصائيات إلى أن الناتج المحلي بالأسعار الجارية قد حقق ارتفاعاً بمقدار 240 مليون دولار ليصل إلى 4462 مليون دولار في عام 2004، مقارنة مع عام 2003، وبلغ معدل النمو ما نسبته 6% مقارنة مع نمو نسبته 12% في عام 2003. أما قيمة الناتج المحلي بالأسعار الثابتة فقد بلغت 4131 مليون دولار، بمعدل نمو بلغ 3% عن عام 2003، مما يعكس حالة التحسن الاقتصادي خلال تلك الفترة.

وعند مقارنة الناتج المحلي بالأسعار الثابتة في عام 2004 مع عام 1997 نجد أن معدل النمو لم يتغير كثيراً وبلغ أقل من 1% خلال تلك الفترة وذلك بسبب محدودية نمو الناتج المحلي الناتج عن تأثير الحصار على القطاعات الاقتصادية المختلفة.

ونتيجة لهذه المعطيات ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي بالأسعار الجارية في عام 2004، ليصل إلى 1216 دولار، وليبلغ نحو 1217 دولار بالأسعار الحقيقية. ولازال الدخل الفردي المتحقق في عام 2004 أقل من مستواه عام 1997 والذي بلغ نحو 1502 دولار بالأسعار الثابتة[2].

وتباينت مساهمة المحافظات الفلسطينية في توليد الناتج المحلي في عام 2004، حيث بلغت نسبة مساهمة الضفة الغربية 70% وقطاع غزة 30%، وهذا يتفق مع نتائج تعداد المنشآت الاقتصادية السابقة ذكره وبخصوص الإنفاق على الناتج المحلي الإجمالي، فقد أشارت الإحصائيات إلى وجود فجوة في الموارد بمعنى عدم قدرة الإنتاج على تغطية الطلب الاستهلاكي، وهذا يخلق عجز متراكم، حيث بلغت نسبة الإنفاق الاستهلاكي إلى الناتج المحلي الإجمالي 135%. في عام 2004 مقارنة مع 133% في عام 2003، ويفسر ذلك بأن الاستهلاك اكبر من الإنتاج وهذا يعود إلى الإفراج عن بعض المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية لدى الجانب الإسرائيلي في مجال المقاصة والجمارك، مما أدى إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات علماً بأن جزءً من هذا الطلب يفسر بالطلب العام أو الحكومي. وذلك من خلال مشترياتها المختلفة من السلع والخدمات، وبالتالي توريد المستحقات عليها لصالح القطاع الخاص.

وعند إجراء مقارنة بين توزيع الناتج المحلي حسب القطاعات الاقتصادية المولدة له وتوزيع عدد المنشآت الاقتصادية حسب القطاعات الاقتصادية، نجد أن قطاع الصناعة قد ساهم بما نسبته 14% من إجمالي الناتج المحلي أو القيمة المضافة في عام 2004، علما بأنه ساهم بما نسبته 19%، فقط من عدد المنشآت العاملة في نفس العام، وهذا يعكس قدرة القطاع الصناعي على توليد جزء من الناتج المحلي رغم الانخفاض، عدد مؤسساته كما ساهمت تجارة الجملة والتجزئة بما نسبته 12% من الناتج المحلي مقارنة مع 51% من عدد المنشآت في عام 2004، مما يعكس انخفاض إنتاجية المنشآت الاقتصادية الفلسطينية وتركيز الطابع الفردي فيها[3].

8- الإنتاجية

يتم تقدير إنتاجية العامل عن طريق حساب القيمة المضافة لكل فرد عامل، بحيث تبين الإنتاجية مساهمته الحقيقية في الإنتاج أو القيمة المضافة. وتتأثر إنتاجية العامل بالأجور المدفوعة والحوافز المقدمة له.

بلغت إنتاجية العامل في الاقتصاد الفلسطيني نحو 6840 دولار في عام 2004، توزعت على الزراعة بمتوسط 5750 دولار، والصناعة 7800 دولار، وتجارة الجملة والتجزئة 4772 دولار. وبالتالي فإن هناك علاقة طردية بين ازدياد نسبة رأس المال إلى العمل المقرونة بارتفاع معدل الإنتاجية، كما تعكس الأرقام السابقة انخفاض حجم الاستثمار في منشآت تجارة الجملة والتجزئة مقارنة بالصناعة.

9- الاستثمار

يعرف الاستثمار بأنه عبارة عن الإضافات الحاصلة على الأصول الرأسمالية لأي نشاط اقتصادي.

يتكون رأس المال الإجمالي من رأس المال الثابت، مضافاً إليه التغير في المخزون مطروحاً منه حجم الاقتراض الخارجي. ويقصد برأس المال الثابت حجم الاستثمارات والأصول الثابتة مثل الإنفاق على المباني والآلات والسيارات.

تشير الإحصائيات إلى أن رأس المالي الثابت قد انخفض من 958 مليون دولار في عام 2003 إلى 953 مليون دولار في عام 2004، وتراجعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي من 22% إلى 21% خلال الفترة المذكورة، وعند مقارنة هذه الأرقام في عام 1997 نجد أن رأس المال الثابت قد بلغ 1435 مليون دولار، مما يعني تراجعاً بقيمة 477 مليون دولار.

10- الصادرات والواردات

ارتفعت قيمة الصادرات الفلسطينية من 382 مليون دولار في عام 1997 إلى 572 مليون دولار في عام 2003، ثم ازدادت في عام 2004 إلى 615 مليون دولار، وبلغت نسبتها 14% من الناتج المحلي في عام 2004.

أما قيمة الواردات فقد ارتفعت من 2238 مليون دولار في عام 1997 إلى 2949 مليون دولار في عام 2003، ثم ازدادت إلى 3120 مليون دولار في عام 2004، ليرتفع العجز من 1856 مليون دولار في عام 1997، إلى 2377 مليون دولار في عام 2003 ليزداد العجز في عام 2004 إلى نحو 2505 مليون دولار[4].

المشاكل والعقبات التي تواجه المنشآت الاقتصادية

انطلاقاً من أن أغلب المنشآت الاقتصادية العاملة في المناطق الفلسطينية هي منشآت تتبع القطاع الخاص ويغلب عليها الطابع الفردي وعدم القدرة على مواجهة المنافسة والدخول إلى الأسواق الخارجية، إلا أنها استطاعت الصمود بشكل يضمن عملها عند الحد الأدنى، ولكن الاغلاقات المستمرة والحصار الطويل والتدمير المبرمج لها من قبل سلطات الاحتلال، قد أدى إلى إغلاق الكثير منها وعمل الباقي بأقل من طاقته الإنتاجية. وأهم المعطيات التي تواجه هذه المنشآت هي:

1- سياسة الإغلاق والحصار والتدمير

اتبعت إسرائيل سياسة إغلاق المعابر والحدود والمنافذ الخارجية التي تربط المناطق الفلسطينية مع العالم الخارجي ومع إسرائيل، بالإضافة إلى تجزئة المناطق والمدن الفلسطينية وعزلها عن بعضها البعض. كما منعت عشرات الآلاف من العمال من الوصول إلى أماكن عملهم في المنشآت الاقتصادية المختلفة. وأشارت التقارير إلى أن القطاع الصناعي من أكثر الصناعات الاقتصادية تضرراً، حيث بلغ عدد المنشآت التي تضررت خلال الفترة من 28/9/2000 ولغاية 29/9/2005 نحو 9000 منشأة صناعية منها 430 مصنعاً ومعمل تم تدميرها كاملاً من قبل الاحتلال، وعمل 7% فقط من المنشآت بنفس طاقتها الإنتاجية.

وساهم بناء الجدار العنصري في إغلاق 1702 منشأة اقتصادية في الضفة الغربية[5]. كما عانى القطاع الزراعي في المناطق الفلسطينية من سياسة إتلاف الأشجار، حيث بلغ عدد الأشجار التي أتلفت حتى نهاية عام 2004 أكثر من مليون شجرة مثمرة.

وفي دارسة أخرى أعدها اتحاد الغرف التجارية والصناعية والزراعية، حول المنشآت الاقتصادية الفلسطينية وأثر الاغلاقات الإسرائيلية عليها، اعتبرت أن كافة المنشآت الاقتصادية قد تأثرت بالحصار وان الأثر الأكبر كان من نصيب التجارة والتنقل، وتدني النشاط الاستثماري بنسبة 97%، وان المبيعات قد انخفضت بنسبة 48.3% عند 150 منشأة تم استطلاعها، وان المبيعات في القطاع الصناعي قد انخفضت بنسبة 51%، وفي القطاع التجاري بنسبة 46%، وقطاع الخدمات بنسبة 48%[6].

 

2- سلبيات اتفاقية باريس الاقتصادية

أبقت اتفاقية باريس الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي السيطرة على المعابر الدولية وتحكمه في دخول وخروج البضائع، ونوعيتها، والتدخل بشكل مباشر في تحديد أسعارها.

وظل بإمكانها قطع الاقتصاد الفلسطيني عن العالم، وربط إنشاء الميناء وتشغيل المطار بالموافقة الإسرائيلية، وبالتالي زيادة التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، مما خلق تشوهات هيكلية في المنشآت الاقتصادية الفلسطينية، حيث أصبحت تعتمد بشكل أساسي على إسرائيل في استيراد مدخلات إنتاجها وتسويق المنتج النهائي لها.

لقد أدت هذه التبعية إلى أضعاف العلاقة بين إنتاجية العمل والأجور في الاقتصاد الفلسطيني، وإضعاف العلاقة بين الإنتاج والاستهلاك، وضعف التنوع الصناعي، وغلبة الصناعات التقليدية على البنية الصناعية.

3- العوائق المحلية

تعاني المنشآت الاقتصادية من معوقات محلية تتمثل في ضعف مؤسسات القانون، وبطء عمل المجلس التشريعي وتأخر إصدار الكثير من القوانين التي تحمي المنشآت في تنميتها. هذا بالإضافة إلى البيروقراطية في إنجاز المعاملات المختلفة، وتراجع التسهيلات الائتمانية ومصادر التمويل على الرغم من النمو السريع في عدد البنوك العاملة وعدد فروعها. ومازالت البنية التحتية تعاني من قصور كبير ومن عدم قدرتها على تلبية احتياجات المنشآت الاقتصادية، مما أدى إلى ارتفاع التكلفة التي يتحملها المستثمر.

4- عوائق ذاتية

تعاني المنشآت الاقتصادية من خلل بنيوي في الهيكلية الإدارية ها، من حيث التنظيم الإداري وعلاقته بأصحاب المنشآت، هذا بالإضافة إلى ضعف الترابط بين المنشآت الاقتصادية والمؤسسات المساندة لها مثل، الغرف  التجارية والصناعية والزراعية والمؤسسات غير الحكومية الفنية الداعمة، والتي في أغلبها تعاني من التداخل في الصلاحيات والبرامج المطبقة.

5- تراجع الثقة بين أصحاب المنشآت الاقتصادية

حيث اتسمت العلاقة بينهما بالتنافسية والازدواجية، وبالغت السلطة الفلسطينية في إقامة المؤسسات الاحتكارية سواء لها أو بالتعاون مع بعض المؤسسات الخاصة، كما خلق جواً من عدم الثقة والرضى لدى أصحاب المنشآت الاقتصادية الخاصة.

كما ساهمت الممارسات غير الواضحة في إدارة موارد السلطة المالية في إضعاف المناخ الاستثماري، حيث انتشر الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة المالية. ورغم الإصلاحات المالية التي بدء بتطبيقها في عام 2004، الآن أن هناك مجموعة من الاحتكارات لا تزال تسيطر على السلع الأساسية والإستراتيجية للمواطن الفلسطيني.

6- ضعف الترابط العربي

حيث لا يزال حجم التبادل التجاري مع الدول العربية محدوداً جداً، وذلك بسبب ضعف تطبيق الاتفاقيات المعقودة بين السلطة الفلسطينية والدول العربية، وعدم الالتزام بقرارات القمة العربية في شرم الشيخ وبيروت والقاضية بإعفاء المنتجات الفلسطينية من الرسوم الجمركية الداخلة إلى الدول العربية، هذا بالإضافة إلى محدودية عدد الشركات المشتركة الفلسطينية والعربية في المجالات المختلفة.

 

 

7- توقعات أصحاب المنشآت بشأن الأوضاع الاقتصادية

تعكس توجهات أصحاب المنشآت التفاؤل أو التشاؤم عنصراً مهماً في تطور أداء هذه المنشآت. وتختلف هذه التوجهات بناءاً على المتغيرات المختلفة التي تؤثر في الاقتصاد الفلسطيني سواء السياسي منها أو الإداري أو المالي.

بينت الدلالات الاحصائية على أن الاتجاه العام لمستويات التفاؤل قد اختلفت من حيث الموقع الجغرافي (الضفة الغربية وقطاع غزة)، حيث يلاحظ أن درجة التفاؤل لدى أصحاب المنشآت في قطاع غزة أعلى منها في الضفة الغربية، وذلك بسبب تطبيق ما يسمى بإعادة الانتشار في القطاع، حيث اثر ذلك إيجابيا على التفاؤل لدى أصحاب المنشآت في قطاع غزة.

أظهرت النتائج أن نسبة المتفائلين بتحسن أوضاع منشآتهم الاقتصادية خلال الأشهر الستة القادمة (شباط – تموز 2006) قد بلغت 81.4% من مجموع من تم استطلاع آرائهم في قطاع غزة، مقابل 48.3% في الضفة الغربية.

وعند إجراء مقارنة مع فترات سابقة نجد أن نسبة أصحاب المنشآت الاقتصادية الذي تفاءلوا بتحسن الأوضاع الاقتصادية قد ارتفعت في قطاع غزة من 58.8% خلال أيلول 2005 إلى 81.4% في فبراير 2006، مقارنة مع 31% ،48.3% في الضفة الغربية خلال نفس الفترة.

وبخصوص نسبة التفاؤل بارتفاع مستوى التشغيل، نجد أن النسبة قد ارتفعت في قطاع غزة من 68.5% إلى 86.3%، وفي الضفة الغربية انخفضت نسبة التفاؤل من 11.6% إلى 6%، وذلك بسبب تراجع الطاقة الإنتاجية لهذه المنشآت والناجم عن الممارسات الإسرائيلية والتي أدت إلى إغلاق الكثير من هذه المنشآت.

كما بلغت نسبة المتفائلين بارتفاع نسبة المبيعات في قطاع غزة من 77% إلى 81.3%، وفي الضفة الغربية من 35% إلى 50.4%. ويعود أسباب محدودية نسب التفاؤل في الضفة الغربية إلى إغلاق المعابر وانخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين وصعوبة وصول مستلزمات الإنتاج للمنشآت الاقتصادية[7].

التوصيات

من خلال ما تم استعراض من مشاكل وعقبات تواجه عمل المنشآت الاقتصادية فإن ذلك يتطلب ما يلي:

1- على المستوى الحكومي

-      إيجاد آلية لتعويض أصحاب المنشآت الاقتصادية عن الأضرار التي لحقت بمنشآتهم، بسبب الاعتداءات الإسرائيلية.

-      إقامة علاقات وثيقة بين أصحاب المنشآت الاقتصادية والمؤسسات الحكومية تقوم على أساس التكامل وليس التنافس.

-      توفير الآليات المناسبة لتشجيع أصحاب المنشآت الاقتصادية على النمو من خلال تفعيل القوانين الصادرة، واقرار القوانين التي لم تقر مثل قانون منع الاحتكارات، وقانون الامتياز وغير ذلك….

-      أهمية استقلالية القضاء وتعزيز دوره في حل المنازعات الاقتصادية.

-      تحسين البنية التحتية اللازمة لعمل المنشآت من طرق واتصالات ومناطق صناعية.

-      شمولية وضوح الرؤية الاقتصادية، من خلال رسم خطط اقتصادية واقعية تأخذ بالاعتبار أهمية تنمية المنشآت الاقتصادية، و ضمان المنافسة، وخصخصة ما تبقى من شركات احتكارية.

-      إشراك القطاع الخاص في إعداد الخطط التنموية المختلفة بسبب أهميته كشريك حافز ومسهل لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

-      تطوير قاعدة البيانات الإحصائية حول الإنتاج والأسواق، بهدف تعزيز القدرة التنافسية.

-      تفعيل الاتفاقيات التجارية الموقعة مع العالم الخارجي مع أهمية توسيع قاعدة الاتفاقيات.

-      تفعيل دور النقابات والجمعيات المختلفة التي تساهم في حماية هذه المنشآت.

-      إعطاء أولوية للمنتجات المحلية في المؤسسات الحكومية وغيرها.

-      تفعيل دور هيئة المواصفات والمقاييس.

-      إعطاء حوافز للمنتجين الفلسطينيين نظير استخدامهم لموارد إنتاجية محلية.

-      إيجاد إطار لتفعيل دور مؤسسات التأمين ضد المخاطر السياسية والتي أقيمت بالتعاون بين البنك الدولي والسلطة الفلسطينية.

-      ضرورة قيام السفارات والممثليات الفلسطينية في الخارج بالدور المنوط بها في الترويج للمنتجات الفلسطينية وإقامة المعارض المختلفة، وإيجاد علاقات تجارية مباشرة مع الوكلاء الفلسطينيين.

2- على مستوى المنشأة الاقتصادية

-      ضرورة تحسين جودة المنتج الفلسطيني بحيث ينافس المنتجات المستوردة.

-      الاهتمام بإقامة مؤسسات استشارية تهدف إلى القيام بدراسات الجدوى الاقتصادية والفنية للمشاريع الاستثمارية.

-      تطوير المنشآت الاقتصادية، بحيث تتحول من المنشآت الفردية إلى منشآت مساهمة.

-      تحسين الروابط الأمامية والخلفية للمنشآت الاقتصادية بما يخدم القطاعات الاقتصادية المختلفة.

-      تحسين عمل المنشآت الاقتصادية وخاصة الإنتاجية منها، بحيث تصل إلى تنظيم أفضل لإدارتها.

-      البحث عن مصادر تمويل متنوعة.

-      تطوير المنشآت المهمشة مثل المنشآت السياحية من خلال تطوير الأماكن والصناعات السياحية.

 

الهوامش:


[1] - الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. التعداد العام للمنشآت الاقتصادية 1997، 2004.

[2] - سلطة النقد الفلسطينية. التقرير السنوي العاشر 2004، تشرين الأول 2005. ماس، المراقب الاقتصادي والاجتماعي الربعي عدد 3، 2005.

[3] - سلطة النقد الفلسطينية. مرجع سابق.

[4] - الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، كتاب فلسطين الإحصائي السنوي أعداد مختلفة.

[5] - ماس، المراقب الاقتصادي والاجتماعي الربعي، مرجع سابق.

[6] - الأيام 22/12/2005.

[7] - الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. الوضع  الاقتصادي الراهن في قطاع غزة، واقع ومؤشرات، مارس 2006.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
26/02/2007 11:56 ص