مؤتمر تنمية وتطوير قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي

مراجعة: وائل قديح

في الثالث عشر من فبراير 2006 نظمت كلية التجارة بالتعاون مع عمادة البحث العلمي وكلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالجامعة الإسلامية، مؤتمراً تحت شعار "تنمية الاقتصاد الفلسطيني"، وحضر الجلسة الافتتاحية العديد من الشخصيات والفعاليات الاقتصادية. وكان أبرز المتحدثين في هذه الجلسة الدكتور جورج العبد محافظ سلطة النقد الفلسطينية الذي أشار في كلمته إلى أن أهمية المؤتمر تنبع من التوقيت الذي يعقد فيه، والذي يأتي في أعقاب حدثين مهمين هما الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وإجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية، إلى جانب مركزية دور غزة في استعادة النمو الاقتصادي الفلسطيني والتأكيد على ضرورة فتح المعابر، وتحرير الاقتصاد الفلسطيني. كما أشار جورج العبد في كلمته إلى أن الاقتصاد الفلسطيني حقق معدلات نمو خلال الأعوام من 2003 إلى 2005 بلغت 6%، وأن التجارب والدراسات تشير إلى وجود سبعة عوامل أساسية تساهم في توفير الظروف المواتية للتنمية المستدامة، وهي انتشار التعليم الأساسي بين السكان الفلسطينيين ولا سيما تعليم الإناث، وتوفر الأطر الدستورية والقانونية لإحلال سيادة القانون، وترشيد دور الدولة في الاقتصاد، وحصره في توفير البيئة الملائمة لتشجيع المبادرات الذاتية، في ظل نظام السوق الذي تحكمه القواعد والقوانين، والنظم العادلة والمقبولة، إضافة إلى اعتماد مبدأ الحكم السليم وإقامة المؤسسات المبنية على مبادئ الشفافية والمساءلة، وكفاءة الإدارة، منوهاً إلى قيمة الانفتاح على العالم، وإخضاع الناتج الاقتصادي للمناقشة الحرة، التي تأتي في ظل نظام تبادل تجاري عادل ومنفتح على مبتكرات العلم والتكنولوجيا والمعرفة، وإعطاء الأهمية للقطاع المالي والمصرفي، كي يقوم بدوره الأساسي في الوساطة بين الادخار والاستثمار، علاوة على توفير البيئة الملائمة، على مستوى الاقتصاد الكلي، لتكون بيئة استقرار مالي ونقدي، يوضح للمدخر معالم عائد توفيره، ولرجل الأعمال آفاق فرص استثماره.

وتحدث المهندس جمال ناجي الخضري رئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية عن المؤتمر وقال: إن المؤتمر يستشرف الواقع الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني، ويقدمه إلى صناع القرار ورعاة مسيرة الشعب، منوهاً إلى أن المؤتمر يقدم الرؤى والأفكار، التي تدفع باتجاه مقومات الحياة الكريمة للشعب الفلسطيني، مؤكداً ضرورة التكاتف الوطني لتنمية الاقتصاد الفلسطيني، مشيراً إلى أن المؤتمر يحاول أن يقدم نموذجاً في العمل والعطاء والإبداع. وفي كلمة د. كمالين شعث رئيس الجامعة، ثمن عالياً الالتزام الوطني الاقتصادي التنموي وأشاد بالوقفة الوطنية للقائمين على هذا الجهد الطيب، مشيراً إلى حاجة التنمية إلى الإنسان صاحب الكرامة والإرادة.

وقال د. علاء الدين الرفاتي عميد كلية التجارة، ورئيس المؤتمر أن العنصر البشري يعد أغلى عنصر في عملية التنمية، باعتباره صانع التنمية، وأن عملية صنع القرار تبدأ من الجامعات ومراكز البحوث، لنقل محصلة ما قاموا بجمعه وتحليله إلى جماعات تخطيط السياسة، ومن ثم إلى مراكز صنع القرار، التي تنقلها بدورها إلى جماعات صنع الرأي، التي تعمل على تهيئة الرأي العام لدعم وتنفيذ القرارات والالتفاف حولها في الداخل، وحشد الدعم لها من الخارج، لافتاً إلى أن المتابع لتجارب الدول النامية، يجد أن العامل الأساسي لنجاح عملية التنمية يتمثل في القدرة على إدارة عملية التنمية بمفهومها الشامل، وبمعايير المصداقية والشفافية، إضافة إلى توفير كل الأسباب والظروف التي تخلق مناخاً ملائماً يساهم في دعم عجلة التنمية.

وبين د. عصام البحيصي رئيس اللجنة التحضيرية ومدير وحدة الدراسات التجارية بالجامعة أن المحور الأول للمؤتمر، والخاص بالتنمية الاقتصادية، يبحث في تنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة، ويولي أهمية لقطاع المشروعات الصغيرة، الذي يمثل ما يزيد على 97% من عصب الاقتصاد الفلسطيني وقطاع التمويل. ويتعلق المحور الثاني والمختص بالتنمية الاقتصادية، تنمية القدرات والموارد البشرية، كحجر أساس في عملية التنمية من ناحية، وكمصدر للمميزات التنافسية المتواصلة من ناحية أخرى، لافتاً إلى أن توافر الكفاءات العالية سمة خاصة بالشعوب المتقدمة حضارياً واقتصادياً، والمحور الثالث بحث في التنمية السياسية، بالمنهج العلمي للمكونات الأساسية للتنمية السياسية، ونشير إلى أن المؤتمر يعقد بمشاركة أكثر من خمسين باحثاً، تقدموا بقرابة 47 بحثاً علمياً محكماً، تغطي محاور المؤتمر المختلفة، وسيتم إرسال التوصيات التي سيتمخض عنها المؤتمر للجهات المعنية، وإدخالها حيز التنفيذ.

جلسات اليوم الأول

تناولت الجلسة الأولى تمويل المشروعات الصغيرة، وترأس الجلسة الدكتور فارس أبو معمر، حيث عرض كل من د. سالم حلس، ود. يوسف جربوع، ملخصاً للبحث المشترك، حول مدى كفاءة استخدام مصادر الأموال في مؤسسات الأعمال الصغيرة والتنظيمات الاجتماعية غير الهادفة إلى تحقيق الأرباح وتأثيرها على خطة التنمية الاقتصادية، وأوصت الدراسة بضرورة تزويد مؤسسات الأعمال الصغيرة بالمساهمات والاستشارات بشكل رسمي أو غير رسمي لزيادة وتطوير كفاءة استخدام المصادر المالية فيها.

أما الدكتور يوسف عاشور وسماح الصفدي، فتناول ملخص بحثهما المشترك منهجية الإقراض بضمان المجموعة، واستعرض الدكتور عصام البحيصي الأساليب الحديثة في تمويل المشاريع الصغيرة في قطاع غزة، بينما قدم الدكتور محمود دويكات ملخصاً لبحثه المتعلق بأهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تنمية اقتصاد قطاع غزة، وتناول عمر شعبان التوظيف الأفضل للتمويل الدولي في التنمية في فلسطين، في حين بحث فوزي أبو جزر في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأهميتها في الحد من مشكلة البطالة في فلسطين.

أما الجلسة الثانية فبحثت دور المصارف في عملية التنمية وترأسها د. سالم حلس، وشملت ملخصات الأبحاث التي تم تداولها خلال الجلسة الثانية، عرضاً لبحث الدكتور فارس أبو معمر، حول تقييم التسهيلات الائتمانية في فلسطين من وجهة نظر أصحاب ومدراء الشركات، وتناول د. علي شاهين دور القطاع المصرفي في تنمية الاقتصاد الفلسطيني، تلى ذلك عرض الدكتور فؤاد بسيسو بحثه الخاص بالقطاع المالي الفلسطيني بين التنمية النازفة والتنمية الخلاقة، وقدم عرفات العف، وياسر الشرفا ملخصاً لبحثهما حول مدى التزام البنوك الإسلامية في قطاع غزة بمعايير قياس وتوزيع الأرباح في الإسلام، تبع ذلك استعراض الدكتور يوسف عاشور وأحمد المشهراوي ملخص بحثهما حول دور المصارف الإسلامية في تنمية الاقتصاد الفلسطيني. واختتمت الجلسة الثانية بورقة عمل لسيف الدين عودة، حول التسهيلات الائتمانية الممنوحة من المصارف العاملة في الجهاز المصرفي الفلسطيني وفاعليتها في تنمية القطاعات الاقتصادية.

جلسات اليوم الثاني

شهدت جلسات المؤتمر حضوراً مميزاً لأكاديميين وطلبة وخريجين، وممثلين لعدد كبير من المؤسسات الاقتصادية، وعدد من أعضاء المجلس التشريعي الجدد، وجمع كبير من ممثلي وسائل الإعلام، وتحدث في الجلسة الأولى لليوم الثاني الدكتور يوسف إبراهيم أستاذ الجغرافيا البشرية في جامعة الأقصى عن البطالة وتحديات المستقبل في قطاع غزة، والمشاكل والحلول، إضافة إلى دراسة العلاقة بين البطالة واتجاهات النمو السكاني، مشيراً إلى تحديد معدل البطالة بالخصائص الديمغرافية في الأراضي الفلسطينية، ونمو وحجم السكان في محافظات غزة، والتركيب الاقتصادي لمجتمع قطاع غزة، وتعرض إلى الخصائص الديمغرافية للبطالة في قطاع غزة، إضافة إلى الخصائص التعليمية، وأوضاع سوق العمل للعام 2005، والتخطيط التنموي لخفض معدلات البطالة ويوصي بإعطاء أهمية لموضوع البطالة من طرف مجلس الوزراء بالتحديد لوضع آلية واضحة ووقفة جدية.

من جانبه، قدم د. خالد أبو القمصان مدير دائرة إحصائيات مالية الحكومة بوزارة المالية الفلسطينية، ملاحظات اقتصادية على الأداء الاقتصادي الفلسطيني وآفاق نموه، مؤكداً أن السلطة الوطنية الفلسطينية ورثت بنية تحتية مدمرة، وواقعاً اقتصادياً لا وجود له كنظام اقتصاد بمعنى الكلمة يشكل نشاطاً اقتصادياً مكملاً للنظام الاقتصادي الإسرائيلي، مشيراً إلى أن السلطة الوطنية سعت منذ نشأتها إلى بلورة اتجاهات تنموية، بوضع خطة اقتصادية لم تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الاقتصادية الفلسطينية، التي كانت وما زالت تتميز بضعف الموارد ومحدودية الامكانيات، والاعتماد الرئيس على المنح والمساعدات وأوضح أن المؤتمر يقدم صورة لتجسيد الجانب الأكاديمي على الواقع، وذلك لخدمة الواقع الاقتصادي والاجتماعي، مبدياً تقديره للنقلة النوعية التي أحدثتها الجامعة الإسلامية في طرحها لموضوع المؤتمر، متمنياً أن تحدث الأبحاث وأوراق العمل صدى واسع داخل مناطق السلطة الفلسطينية كونها تحمل طموحات جيدة.

وتحدث د. معين رجب عن انتاجية العنصر البشري، وأثرها على التنمية الصناعية، وفي ضوء الانسحاب الإسرائيلي من غزة، مشيراً إلى أن الانتاجية تعتبر من المؤشرات الاقتصادية المهمة، التي تعكس مستوى أداء عناصر الانتاج، كالعمل ورأس المال، وهي من الموضوعات التي ظهرت أهميتها في النصف الثاني من القرن العشرين، نتيجة لما لها من آثار عميقة على الانتاج بشكل خاص، والتنمية الاقتصادية بوجه عام. وتناول د. محمد مقداد بحثاً حول برنامج هارفارد في موضوع البطالة، ضمن مشروع غزة 2010، "مشكلة البطالة وطرق حلها"، وأشار إلى أن هناك موارد بشرية عالية الجودة، عاطلة عن العمل، وأوصى في بحثه بضرورة توحيد نسب البطالة بين الاحصاء ووزارة العمل وجهات أخرى. وقدمت الأستاذة خلود ريحان بحثاً حول الدمج المصرفي للمصارف العاملة في فلسطين، تجربة الدمج التي قام بها البنك الإسلامي الفلسطيني، والتي تمت في أيار 2005، كأول تجربة دمج في الجهاز المصرفي الفلسطيني، والتي اعتمدت على استخدام المنهج الوصفي التحليلي، موصية بضرورة تركيز البنك الإسلامي على تنويع الخدمات المصرفية، وأساليب التحويل التي يقدمها لعملائه، وقدمت توصيات لسلطة النقد، منها ضرورة وضع آليات واضحة ومفصلة لعملية الدمج المصرفي الذي يهدف إلى الدخول في أسواق جديدة من الأنشطة، وتحسين القدرة التنافسية للمصارف.

واستعرض الدكتور عبد الحميد شعبان عبر الفيديو كونفرس مشاريع الاصلاح الاقتصادية في فلسطين، وانعكاساتها على التنمية، وأوضح أنواع الإصلاح، مع إعطاء أمثلة مختلفة عن الإصلاح الاقتصادي، مثل الاصلاحات المالية والإدارية، والتشريعية، مؤكداً أهمية الإصلاح الاقتصادي، الذي يهدف إلى إبراز كيفية توظيف الإصلاحات الاقتصادية في عملية التنمية الاقتصادية، والاستفادة منها في تطوير الأداء وأهمية تحليل مكامن الإصلاح والتنمية الاقتصادية في الاقتصاد الفلسطيني وإعلانها.

وترأس الجلسة الثانية الدكتور محمد مقداد عميد كلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالجامعة الإسلامية، وتناولت الجلسة الأساليب والحالات العلمية في تطوير القطاعات الاقتصادية، حيث قدم الدكتور جابر أبو جامع ملخصاً لبحثه المتعلق بالرؤية المستقبلية لأداء القطاع الزراعي، حيث تم استخدام الاقتصاد القياسي في التحليل، وأشار إلى أهمية القطاع الزراعي في التشغيل، وأن مساهمة القطاع الزراعي تصل بالكاد 10% من الناتج الإجمالي، أما المهندس نصر العيلة، فاستشرف مستقبل التنمية الزراعية في قطاع غزة، وتحدث عن إمكانية تغيير النمط الزراعي، أي زراعة بعض الفواكه في قطاع غزة بدلاً من استيرادها، والتنسيق مع الأخوة المصريين لاستغلال ميناء العريش لتصدير المنتجات الفلسطينية.

وقد عرض الدكتور عماد لبد بحثه الخاص بالغاز في فلسطين "بين تكريس التبعية وفك الارتباط"، وأشار إلى أهمية الغاز الفلسطيني بالنسبة لتشغيل وتوليد الطاقة في قطاع غزة، ومن ثم تحدث د. عبد القادر حماد عن التطلعات السياحية في قطاع غزة بعد زوال الاحتلال "دراسة في جغرافية السياحة"، وركز على ضرورة الاعتناء بالمواقع السياحية والأثرية والاهتمام بها، وعن الموقع الاستراتيجي لقطاع غزة، وأوضح د. شريف أبو كرش واقع وطموحات المدن والمناطق الصناعية الفلسطينية، فيما استعرض د. سامي أبو ظريفة من خلال بحثه، الواقع والمستقبل الذي ينتظر العلاقات الاقتصادية الفلسطينية الإسرائيلية.

أما الجلسة الثالثة والتي ترأسها الدكتور يوسف عاشور، فكانت بعنوان تنمية الموارد البشرية، وعرض د. محمد المدهون والأستاذ منصور سعدية بحثهما حول واقع وتخطيط وتحديد الاحتياجات التدريبية في محافظات غزة، من وجهة نظر المدربين، بينما تناول الدكتور رفيق الآغا احتياجات الفرد التدريبية على ضوء التنمية الإدارية في قطاع غزة، من خلال بناء نموذج لقطاع غزة، أما الدكتور ماجد الفرا، فناقش بحثه سياسات وبرامج التحضير المقترحة لتطوير الصناعة في قطاع غزة، وعرض كل من الدكتور يوسف عاشور والمهندس فؤاد عودة، بحثيهما حول تطوير أساليب اتخاذ القرارات في قطاع صناعة الملابس في قطاع غزة، ومن ثم ناقشت الأستاذة رحاب بشير واقع إدارة الموارد البشرية في المؤسسات غير الحكومية في قطاع غزة، وسبل تطويره، واختتمت وقائع الجلسة الثالثة بتقديم كل من الدكتور رشدي وادي، وابراهيم الأشقر بحثهما، الذي يدور حول واقع التخطيط الاستراتيجي لدى مديري المنظمات غير الحكومية المحلية في قطاع غزة.

جلسات اليوم الثالث

وتواصلت فعاليات المؤتمر وسط حضور واسع من قبل الباحثين والاقتصاديين، وأدار الجلسة الأولى د. ماجد الفرا، وهي بعنوان تطوير المؤسسات والأنظمة الإدارية، وقال الباحثان د. محمد مقداد، وكمال الهندي، في ورقة عملهما حول تقييم دور المنظمات الأهلية في عملية التنمية الاقتصادية في فلسطين، أن قطاع غزة والضفة الغربية من المناطق التي تشكل مسرحاً لعمل العديد من المنظمات الأهلية العاملة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، مشيرين إلى أنه ووفقاً لتقرير التنمية البشرية 1999، فإن العمل التنموي في الأراضي المحتلة تميز بوضع خاص، حيث أن التطورات السياسية، التي أعقبت مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو، أدت إلى تراجع أداء هذه المنظمات، وترافق ذلك مع تراجع نفوذ الأحزاب السياسية في المجتمع، وأوضحا أن أكبر تحد يواجه المنظمات الفلسطينية غير الحكومية، تمثل في مدى قدرتها على إعادة انتاج نفسها مجتمعياً، دون الاعتماد المفرط على المصادر الخارجية، منوهين إلى أن ذلك يتطلب اتباع سياسات واضحة ومتفق عليها بخصوص التمويل الأجنبي، وتتضمن تطوير قائمة أولوليات، بناء على دراسة الاحتياجات الفعلية للمجتمع، وتحدث الأستاذ وائل الداية عن قياس مدى قدرة العاملين في وزارة المالية الفلسطينية على إدارة التمويل الدولي وتوجيهه نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأضاف أن القطاعات الانتاجية أقل القطاعات التي تحصل على تمويل دولي، وأشار إلى وجود خبرة ومهارات كافية في فهم السياسة الدولية.

وأكدت نبراس بسيسو في ورقة عملها حول التنمية الاقتصادية، أن الاقتصاد الفلسطيني تعرض خلال السنوات العشر الماضية، إلى حركة متعرجة من النمو والتراجع، خاصة خلال الفترة من عام 1994 وحتى عام 2000، والتي أعقبتها انتفاضة الأقصى في العام 2000 وحتى الآن، موضحة أن حالة الهبوط والتراجع، التي أصابت الاقتصاد الفلسطيني، جاءت نتيجة ممارسات عدوانية إسرائيلية، اشتدت عبر الحصار وتدمير مقومات الاقتصاد الفلسطيني من جهة، وبسبب عوامل داخلية من جهة أخرى. وقدم الأستاذ محمود ملك بحثه حول الواقع التجاري لقطاع غزة، وإمكانيات التطوير وأشار إلى أن ما يميز التجارة الخارجية هو مساهمتها في التعبئة والتوظيف لعناصر الانتاج، التي تفسح المجال أمام المستثمرين للاستفادة من الهوامش الضيقة، التي أتاحتها بعض اتفاقيات المرحلة الانتقالية، من أجل تحفيز نمو الاقتصاد وتعزيز حيويته، منوهاً إلى أن زيادة التجارة والاستثمار ستمكن الأراضي الفلسطينية من تحقيق معدلات النمو التراكمي للاقتصاد، ما يساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وزيادة فرص العمل، ضمن سياسات وطنية تنموية في هذا السياق، من خلال التركيز على استيراد عناصر الانتاج وصولاً إلى اتخاذ الاجراءات التعويضية، التي تمكن المؤسسات الاقتصادية من التعامل مع التحول الاقتصادي بشكل أكثر سهولة. وتطرق الأستاذ أيمن قنعير ومحمد عنترى، إلى الواقع الصناعي لقطاع غزة، وإمكانيات التطوير، مؤكدين أن القطاع الصناعي من أهم القطاعات الانتاجية في اقتصاد أي بلد، لما له من دور هام في إرساء الأساس المادي للتقدم، ولما له من قدرة على إحداث النمو المطلوب في جميع المجالات، سواء الاقتصادية أو السياسية والاجتماعية، منوهين إلى أنه، منذ العام 1967 وحتى الآن أصبح الاقتصاد الفلسطيني ملحقاً بالاقتصاد الإسرائيلي، وبات تطوره أسيراً لعلاقته غير المتوازنة والقسرية مع هذا الاقتصاد الأكبر حجماً والأكثر ديناميكية وتعقيداً، وأوضحا أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة واصلت اتباع سياسات تدميرية ضد الاقتصاد الفلسطيني، تقوم على تحويل القطاع والضفة إلى سوق استهلاكية للمنتجات والخدمات الإسرائيلية، ومصدراً للأيدي العاملة الرخيصة، مضيفين أنه بعد الانتفاضة الفلسطينية تضاعفت الأعباء الاقتصادية جراء العدوان الإسرائيلي.

وأوضح المهندس فؤاد السمنة في بحثه حول واقع الصناعات الهندسية والمعدنية في قطاع غزة، أن رقي الأمم يقاس بمدى تقدم صناعاتها المعدنية، حيث تعتبر الصناعات المعدنية الأساس لكل الصناعات الأخرى، بكافة المجالات الحياتية والانتاجية للماكينات المصنعة أو ما ينتج عنها من صناعات أخرى، آلت إلى ما وصلنا إليه اليوم، من تقدم ورقي وحضارة ويسر وسهولة في الحياة، في كافة المجالات كالمواصلات والطب والاتصالات وجميع مجالات الحياة الأخرى، مؤكداً أنه من هذا المنطلق لابد من تطوير وتحديث هذا القطاع المهم والأهم في حياتنا.

وتناولت الجلسة الثانية التنمية السياسية وترأسها الدكتور عاطف عدوان، فيما عرضت الجلسة الثالثة التي يرأسها د. معين رجب إلى قضايا تطوير القطاعات الاقتصادية، حيث قدم د. أكرم حماد موضوع تطوير النظام المحاسبي الحكومي في فلسطين، تبعه مباشرة عرض رؤية للدكتور ماهر الصيفي تتعلق بتحقيق التنمية الثابتة والقابلة للتكييف، وتناول الدكتور صباح العلمي الإدارة العامة والأداء الإداري في فلسطين، أما سعيد كلاب فبين دور الرقابة المالية والإدارية في عملية التنمية، وتعرض كامل ماضي إلى فعالية أساليب الرقابة في المؤسسات العاملة في قطاع غزة، واختتمت الجلسة بمشاركة سفيان أبو سمرة حول دور البلديات والهيئات المحلية في تنمية المجتمع المحلي.

ووصف أشرف عقل سفير جمهورية مصر العربية في فلسطين، المؤتمر بالمهم جداً، مبيناً أن الإرادة البشرية والرغبة تمثلان ركيزتين أساسيتين يتم الاستناد إليهما في إقرار معالم التنمية، مؤكداً أن مصر قيادة وحكومة وشعباً، ستحافظ على جهودها الدائمة من أجل خدمة فلسطين وشعب فلسطين، وتحدث د. عصام يوسف المدير التنفيذي لائتلاف الخير، عبر الفيديو كونغرس من العاصمة البريطانية لندن، مؤكداً أن الحديث عن عملية التنمية في المنطقة يتوجب أن يعطي مصداقية للشعب الفلسطيني، وأضاف أن هناك مؤتمراً مماثلاً سيعقد في جامعة النجاح الوطنية بالضفة الغربية يليه مؤتمر في لندن، في النصف الثاني عام 2006، وذكر أن المؤتمر تدعمه مجموعة مؤسسات تحت شعار "شركاء من أجل السلام والتنمية". مضيفاً أنه يأمل أن يتمخض المؤتمر عن نجاحات حقيقية على أرض الواقع، من أجل مساندة الشعب الفلسطيني.

توصيات

في ختام مؤتمر تنمية وتطوير قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي خرج المؤتمر المنعقد في الجامعة الإسلامية في غزة، بمجموعة من التوصيات الأساسية بخصوص إحداث التنمية.

-      ضرورة توفير البيئة الاستثمارية المناسبة عبر توفير الأمن والأمان على الأرض الفلسطينية، والعمل على توفير حرية الحركة للأفراد والبضائع والأموال، ورفع الحصار عن غزة، والسيطرة على المعابر داخل الوطن وخارجه، وإزالة الحواجز الداخلية في الضفة الغربية، وفتح معابرها، وإعادة تشغيل مطار غزة الدولي، وإنشاء ميناء فلسطين في غزة، ووضع التعليم كمدخل استراتيجي لإحداث التنمية، والعمل على توافق السياسات الرأسية والأفقية بما يتناسب ومتطلبات التوصيات، مؤكدة أن العدل أساس التنمية، في إشارة إلى ضرورة إتباع سياسة وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، والتخطيط الفعال القائم على أرقام دقيقة وصحيحة تصف الواقع بأمانة وموضوعية.

-      ضرورة إنشاء مؤسسة لرعاية المشاريع الصغيرة، وتقديم الدعم الإداري والمحاسبي لها، بما في ذلك التدريب المهني والفني والإداري، على أن يترافق مع ذلك تقديم المساهمة اللازمة في عملية توجيه الانتاج نحو السوق المحلية، أو التصدير، وتوفير ثقافة المشروعات الصغيرة عبر إنشاء وسائل إعلام متخصصة لهذا الشأن، داعين إلى إنشاء صندوق لتمويل المشروعات الصغيرة في قطاع غزة لا يتقاضى ربحاً ولا فائدة ويكون التمويل فيه للمشاريع التي تثبت جدواها الاقتصادية، وكذلك أهمية توفير حماية لمنتجات المشروعات الصغيرة عبر اعتماد سياسات اقتصادية مناسبة تعتمد على ترشيد الاستيراد ووضع القيود غير الكمية المتعلقة بالجودة، إضافة إلى ضرورة تمييز المشاريع الصغيرة، ومراعاتها ضريبياً، وتخفيف أعباء وإجراءات تأسيسها وعملها، وأوصوا بتنمية التخطيط الاستراتيجي لدى مؤسسات إقراض المشاريع الصغيرة، وإنشاء حاضنات للمشاريع الصغيرة وفق هيكلية واضحة تشمل الجانب الفني والاستشاري، والجانب التمويلي، والجانب التسويقي، والتدريب والتأهيل.

-      إجراء إصلاحات هيكلية في الجهاز المصرفي، وتعديل السياسات المصرفية بما يتناسب مع احتياجات التنمية، وخاصة سياسات الائتمان، والاحتياطي، والترخيص والتوسع، إلى جانب استكمال البيئة القانونية المصرفية والمالية، وسن القوانين المصرفية الإسلامية وكذلك سن القوانين المالية والتجارية، وإنشاء محاكم القضاء التجاري، وتشجيع إنشاء المؤسسات المالية والاستثمارية، كما حثت التوصيات المصارف على استثمار مواردها داخل الوطن بدلاً من استثمارها في الخارج.

-      تنمية فرص العمل والقضاء على البطالة وإنشاء صندوق يخصص لإعادة إعمار المشاريع الانتاجية التي تم تدميرها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى تدعيم دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية باعتباره المدخل الاستراتيجي للعمل وتخفيض حدة البطالة، وزيادة فرص العمل، وكذلك وضع آلية للقضاء على ظاهرة التسرب من المدارس، ما يقلل من تدفق الأفراد نحو سوق العمل، وإحلال سياسة المنتج المحلي بدلاً من سياسة الاستيراد، واعتماد المنتج المحلي في مشتريات القطاع العام، ما يزيد من فرص العمل، ويشجع على الاستثمار والتوظيف، وإيجاد قاعدة بيانات حقيقية للعمل وكذلك العاطلين عنه، إلى جانب الالتزام بالسن القانوني للتقاعد، وعدم السماح بالتمديد لسنوات إضافية، وتشجيع التقاعد المبكر، ما يتيح الفرصة للشباب لكسب الوظائف.

-      إعادة هيكلية الوزارات كمدخل للإصلاح المالي والإداري، بما يتفق مع الواقع الفلسطيني وإمكاناته، وإعادة تفعيل دور الجهات الرقابية ومنها الهيئة العامة، وإنشاء هيئة عليا للاستشارات المالية والاقتصادية.

-      إقامة شراكة حقيقية وفاعلة بين الجامعات وقطاع الأعمال من خلال إنشاء منتدى للأعمال يضم كل الجامعات وقطاع الأعمال ويكون حلقة الوصل بينهما، وتأسيس مراكز إبداع تكون حاضنة للعلماء صغار السن من الموهوبين والطلبة المتفوقين في المجالات المختلفة، وضرورة إعادة النظر في القوانين المعمول بها حالياً لتتناسب والواقع الفلسطيني.

-      ترشيد سياسات الدين العام، وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مع الدول العربية والأجنبية، وتفعيل دور المؤسسة الوطنية للمقاييس والمواصفات، وتقييم تجربة المناطق الصناعية، واستثمار المساعدات الدولية بما يخدم التنمية، ويحقق الاستفادة القصوى من المساعدات الدولية.

-      إصدار القوانين واللوائح التي تساهم في تنمية دور المرأة، وتطويره لتمكينها من القيام بدورها الريادي، إضافة إلى وضع برامج مكثفة لإعداد الكوادر العلمية النسائية، علاوة على وضع استراتيجية إعلامية تبرز الدور الإيجابي والبناء القيادي للمرأة الفلسطينية، وكذلك إبراز قدرة المرأة على صنع القرار في الأمور المتعلقة بقضاياها وتقديمها على أنها متفاعلة مع الأحداث، وتوفير الخدمات التي تساعد المرأة القيام بدورها مثل حاضنات ورياض الأطفال والمنتديات النسائية.

-      أهمية مراجعة مدى جدوى الجمعيات القائمة، وانسجام نشاطاتها مع الأجندة والأهداف المعلنة لهذه الجمعيات، والتنسيق بين الجمعيات العاملة في قطاع غزة وتطوير نوع وشكل العلاقة بين المنظمات الأهلية والسلطة الوطنية الفلسطينية بحيث تأخذ هذه العلاقة الشكل التكاملي والوضوح والشفافية باتجاه تحقيق الأهداف المرجوة، وضرورة أن يرتبط عمل المنظمات الأهلية العاملة في فلسطين ببرامج تنموية منظمة يتم إعدادها وفقاً لمتطلبات المجتمع واحتياجاته التنموية.

وفي الحفل الختامي، قامت كلية التجارة في الجامعة الإسلامية بتكريم وتتويج جهود القائمين على مؤتمر تنمية وتطوير قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي المنعقد تحت شعار "تنمية الاقتصاد الفلسطيني".


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
03/05/2006 10:48 ص