إدارة الاقتصاد الكلي وقضايا مالية الحكومة

(دورة تدريبية)

أسامة نوفل

عقد صندوق النقد العربي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي دورة تدريبية بعنوان إدارة الاقتصاد الكلي وقضايا مالية الحكومة وذلك في مقر صندوق النقد العربي في  أبو ظبي خلال الفترة الممتدة من 4-5/12/2005.

وقد تناولت الدورة عدة مواضيع تختص بالإصلاح الهيكلي وسياسات الإنفاق العام وإدارة الدين العام وكيفية توجيه النفقات العامة لخدمة أهداف الاقتصاد الكلي.

محاور الدورة

1- تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاصلاح الهيكيلي

تهتم الدول بتصحيح تشوهات اقتصادياتها على مستوى القطاعات أو على المستوى الكلي، الناتجة عن اختلال العرض والطلب. وقد يكون هذا الخلل ناتجاً عن سياسات محلية أو ظروف خارجية. وعادة ما تظهر التشوهات في شكل ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وسعر صرف العملة المحلية وتراجع الاحتياطي من الصرف الأجنبي وارتفاع حجم العجز في كل من ميزان المدفوعات وميزانية الدولة واستمراره.

ويعتبر العجز المتواصل في ميزان المدفوعات والصعوبة في تمويله بسبب الأوضاع الاقتصادية السائدة، السبب الرئيسي وراء لجوء الحكومات إلى برامج الاصلاح الهيكلي. وتتركز هذه البرامج على عدد من السياسات التحررية في مجال التجارة والقطاع النقدي والمصرفي وحركة رؤوس الأموال، بالإضافة إلى اتباع سياسة اقتصادية انكماشية للحد من الطلب خاصة في المراحل الأولى للبرنامج.

2- دور الحكومة في اقتصاد السوق

تقضي النظرية الاقتصادية على أنه في ظل ظروف الاقتصاد السليم فإن الطلب والعرض التوازني يخلق حسن التوزيع للموارد الاقتصادية ولكن في بعض الأحيان يفشل السوق بسبب الاحتكارات، الهزات الاقتصادية ولكن هناك محاذير من التمادي في التدخل الحكومي لأن من شأن ذلك خلق تشوهات في الأسواق (تشوهات سعرية، وتقييد حركة المتعاملين)، ومن ثم جعل الأوضاع الاقتصادية أسوأ مما كانت عليه قبل التدخل، وأهم الأدوار التي يمكن للدولة التدخل فيها، وضع إطار عام اقتصادي يضمن سلامة عمل الأسواق، والتعامل مع الاحتكار الطبيعي (حجم منشآت كبيرة وارتفاع في تكاليف الدخول إلى ذلك النشاط من قبل القطاع الخاص). بالإضافة إلى توفير السلع والخدمات العامة أي السلع التي تخضع لمبدأ عمل الاستبعاد (الطرق العامة، الأمن، الدفاع) كما تقوم الدولة بالتأثير في توزيع الدخل أو إعادة توزيعه من خلال أدوات السياسة المالية والمتمثلة في الضرائب والانفاق العام.

3- سياسات الانفاق العام والإصلاح

ركزت على توخي الحذر عند استخدام الإنفاق العام لتحقيق الأهداف الاقتصادية وذلك نظراً للتعارض بين تلك الأهداف.

مثال: تقليل الانفاق للحد من التضخم وعجز ميزان المدفوعات وآثار ذلك على النمو الاقتصادي ومعدل البطالة. كما أن الكثير من دول العالم تلجأ إلى الحد من الإنفاق الاستثماري عند التفكير بتخفيض النفقات الحكومية لأن هذا القرار يكون أسهل من قرار المساس بالإنفاق الجاري (الأجور، الفائدة).

كما أن الإنفاق العام يجب أن يتسق مع مستوى الطلب الكلي الذي يحقق الاستقرار الاقتصادي. وأن قابلية الانفاق العام على الاستمرار يتوقف على الطريقة التي يتم بها تمويل الانفاق، سواء من خلال الضرائب، الاقتراض من البنك المركزي، الاقتراض من البنوك التجارية، الاقتراض من القطاع الخاص أو الاقتراض الخارجي. ولكل من هذه الأدوات محاذيره.

وإذا تم استخدام الأداة الصحيحة في الإنفاق العام يمكن أن يساهم ذلك في تحقيق الاستقرار الداخلي (الطلب الكلي=العرض الكلي، بحيث يؤدي إلى استقرار في الناتج والأسعار ومعدلات نمو غير تضخمية).

كما أن سياسات التصحيح الهيكلي تهدف إلى إزالة التشوهات في الاقتصاد، حيث أن مستوى الإنفاق العام يؤثر على تحقيق الاستقرار من خلال ما يسمى بالإنفاق المثمر، والذي يتسم بكفاءة عالية مثل إقامة المشروعات العامة والبرامج الاجتماعية والصحية، وهذا يتطلب الآتي: تجنب التخفيضات الشاملة لكل الفئات في مجال التعليم، تحديد تخفيضات معينة في البرامج الحكومية، (مثال ذلك انخفاض حدة التوتر العالمي يتطلب خفض برامج التسليح أو إلغاء بعض منها، أو ارتفاع مستوى الدخل وتحسين التوظيف يؤدي إلى إلغاء برامج الدعم أو بعضاً منها) كما يتطلب تصحيح الإنفاق العام خفض مجموع أجور القطاع العام من خلال تقليل التوظيف في القطاع العام، كما يتطلب برامج الاصلاح الإنفاقي أيضاً مراجعة برامج الإنفاق الرأسمالي الحكومي من خلال مراجعة مشاريع البنية التحتية وأثرها على الاستثمار الخاص والنمو الاقتصادي. وأخيراً تقليل تكاليف خدمة الدين وإصلاح مؤسسات القطاع العام من خلال البحث عن مصادر اقتراض أقل تكلفة، والاقتراض بعملات متحصلات الصادرات وتجنب الاقتراض بأسعار فائدة مربوطة بمؤشر الأسعار (في مجال الدين)، وتقليل عبء مؤسسات القطاع العام على الميزانية، وإصلاح نظام التسعير وتحويله إلى أسس تجارية وتعريض المؤسسات العامة لبيئة سوقية تنافسية وتخصيص جزءاً منها، (في مجال إصلاح مؤسسات القطاع العام).

4- الشفافية المالية وإدارة الحكم

تتعلق الحوكمة المؤسسية بحقوق ومسؤوليات إدارة المؤسسة بحيث تؤثر على ثقة السوق بهذه المؤسسة.

إن الحوكمة السليمة ضرورية للشركات التي ترغب بالحصول على الأموال وللبلدان لتحفيز الاستثمارات لديها. أما الحوكمة الضعيفة فإنها تضعف الشركات وتمهد الطريق إلى مصاعب مالية وحتى إلى الاختلاس.

وهناك مجموعة من المبادئ الرئيسية للحوكمة أهمها:

أ-     التأكد من وجود الأساسيات لإطار حوكمة فعال من خلال أخذ أثر الحوكمة على الأداء الكلي للاقتصاد، شفافية القوانين السائدة في الدولة، تقسيم الصلاحيات بين السلطات المختلفة في الدولة، وتوفر جهاز رقابي وتنظيمي له الصلاحيات المختلفة.

ب-   حقوق المساهمين، بحيث يتم حماية حقوق المساهمين من خلال ضمان تسجيل الملكية، وحقهم في المشاركة في القرارات.

ج-    المعاملة العادلة لكافة المساهمين.

د-     الإفصاح والشفافية وخاصة في جميع الأمور المالية والإدارية.

وفي مجال شفافية مالية الحكومة فينبغي أن يتطلع المجتمع على الموازنة وتركيبة الحكومة والمهام والسياسات المختلفة، وقد تم إقرار ميثاق الممارسات السليمة في مجال شفافية المالية العامة، وذلك في عام 1998 من قبل مجلس محافظي صندوق النقد الدولي. كما يقوم صندوق النقد الدولي بتوزيع تقارير معايير الشفافية وخاصة على الدول المستفيدة من القروض (Roscs) وهذه التقارير تعكس مدى التزام الدول بالشفافية المالية للحكومة. وهذه الشفافية تعتبر العنصر الأساسي الذي يعكس حسن ممارسات السلطات وهي تهدف إلى اخضاع المسؤولين عن تصميم سياسات المالية العامة وتنفيذها لمزيد من المساءلة.

وهناك أربعة مبادئ للشفافية المالية العامة وهي:

أ-     وضوح الأدوار والمسؤوليات، وهذا متعلق بتحديد هيكل القطاع الحكومي ووظائفه والمسؤوليات داخل الحكومة.

ب-   إتاحة المعلومات للجمهور ويؤكد هذا المبدأ على أهمية نشر المعلومات الشاملة عن المالية العامة في أوقات يتم تحديدها بوضوح.

ج-    علانية إعداد الميزانية وتنفيذها والإبلاغ بنتائجها.

د-     طمأنة صحة المعلومات المتعلقة بجودة بيانات المالية العامة.

5- السياسة المالية

تعتبر السياسة المالية من أحد ركائز السياسات الاقتصادية التي تعمل من خلال تغيرات في مستويات وهياكل الإنفاق والضرائب، وتهدف إلى دعم استقرار الدخل والنمو الاقتصادي، وجلب الضرائب بأقل تشوهات وأكثر عدالة وتوزيع النفقات بأكثر كفاءة وفاعلية.

كما تؤثر السياسة المالية في الاستهلاك والاستثمار وعجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات وبالتالي المديونية الخارجية. كما تؤثر السياسة المالية بسياسة سعر الصرف من خلال، التنسيق لضمان التوازن الخارجي، فعلى سبيل المثال، أن السياسة التي تهدف إلى خفض سعر الصرف بغية تحويل الانفاق نحو السلع المنتجة محلياً، يجب أن لا تقترن بسياسة مالية توسعية تؤدي إلى زيادة الإنفاق على جميع السلع. كما تهدف السياسة المالية إلى التنسيق لتفادي العجز المالي. فعلى سبيل المثال إذا فاقت نفقات الحكومة بالعملة الأجنبية إيراداتها بالعملة المحلية، فإن السياسة التي تهدف إلى خفض سعر الصرف ستؤدي إلى زيادة في العجز المالي.

كما يوجد علاقة وثيقة بين السياسة المالية والسياسة النقدية تتمثل في تنقيد العجز والذي بدوره قد يؤدي إلى زيادة في عرض النقد وبالتالي التضخم. ولكن في حال وجود كساد وتوقعات بانخفاض الأسعار، فإن تنقيد العجز قد يحفز العجلة الاقتصادية ويخلق توقعات عاكسة لانخفاض الأسعار.

كما يوجد علاقة بين السياسة المالية والاصلاحات الهيكلية والتي تتضمن أثر الإصلاح الضريبي وأثر إيرادات التخصيص على الميزانية، وأثر إصلاح منظم الضمان الاجتماعي على الميزانية.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
17/01/2006 09:25 ص