عثمان حسينمنذ العام 1967، تبنى الفلسطينيون المنهاج المصري في قطاع غزة والمنهاج الأردني في الضفة الفلسطينية، وذلك تحت إدارة سلطات الاحتلال العسكرية، ومع تأسيس السلطة الفلسطينية 1994 تضافرت الجهود الفلسطينية والدولية لوضع منهاج تعليمي فلسطيني ، حيث أدخلتْ وزارة التربية والتعليم الفلسطينية منهاجاً فلسطينياُ في العام 2000اقتصر على الصفوف من الأول إلى السادس ، ثم امتد العمل بالمنهاج الجديد إلى الصف العاشر مع بداية العام الدراسي 2004 – 2005 وبذلك يكون المنهاج التعليمي الجديد قد غطى مرحلة التعليم الأساسي. وأشار التمهيد الذي صدرته الإدارة العامة للمناهج خطة المنهاج الفلسطيني الأول 1998 إلى أن المنهاج الفلسطيني يتعدى تعداد المباحث المدرسية أو إضافة مواد أو حذفها أو إعادة صياغتها، وأضاف التمهيد " إن التخطيط لإعداد منهاج بنوعية جيدة ومتميزة، هي عملية متعددة الأبعاد، وهي مشروع وطني ذو بعد فني وهي أيضاً قضية ديمقراطية تعي الماضي وتعرف الحاضر وتستشرف المستقبل. كما أن الشعب الفلسطيني يعي تماماً أن التعليم هو الأداة لتنمية الموارد البشرية وأن المنهاج الجيد هو أداة التعليم التي يتم من خلالها تحقيق أهداف المجتمع.[1] ومع ذلك، فحتى هذا المنهاج الفلسطيني الأول جاء محصلة جدال سياسي أكثر مما هو تربوي، ويظل خاضعاً بوضوح لتأثير الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وعلي الرغم من أنه يمثل خطوة أولى مهمة، يجب النظر إليه على أنه منهاجاً انتقالياً وليس منتجاً نهائياً، أي أنه بحاجة إلى تعديلات في المستقبل بحيث تعطي الأولوية للقضايا التربوية[2]. ففي حزيران/ يونيو 2005 أعرب 31% من الأهالي في الأرض الفلسطينية المحتلة عن رضاهم عن المنهاج الفلسطيني الجديد، فيما أعلن 64% عن عدم رضاهم عنه، أما نسبة 5% المتبقية فلم يعرفوا عن المنهاج الجديد بما يكفي لكي يعلنوا عن رأيهم بشأنه[3]. في الأسبوع الأخير من نوفمبر الماضي 2005 نفذ مركز التخطيط الفلسطيني استطلاعاً للرأي حول موقف المعلم من الكتاب المدرسي في إطار المنهاج الفلسطيني للمرحلة الأساسية"، وقد بلغ مجتمع الدراسة 13989 معلماً في قطاع غزة وبلغ حجم العينة المبحوثة 295 معلماً بما يعادل 2,10% من مجتمع الدراسة. ومع قرب انتهاء الفصل الأول للعام الدراسي الجاري, عبرت مؤشرات الاستطلاع عن جملة من القضايا الهامة المتعلقة بواقع ومستقبل العملية التعليمية، خاصة وان الكتاب المدرسي يمثل العمود الفقري للمنهاج التعليمي, كما يعتبر المعلم الشخص الأكثر قدرة على قراءة وتقييم هذا الكتاب. حيث أثارت مؤسسات المجتمع المحلي نقاشات واسعة على مدار العامين الماضيين حول مدى صلاحية وجدوى المنهاج الفلسطيني الجديد،وكان الكتاب المدرسي وموضوعاته محور هذه النقاشات. فقد اجمع 75,9% من المستطلعة آراءهم على أن عدد المواد الدراسية المقررة في المنهاج الفلسطيني يبدو زائدا عن الحد، لذلك أشار 72,2% في جواب على سؤال لاحق بأن تكدس حقيبة الطفل المدرسية بالكتب يرجع إلى كثرة المواد الدراسية.فيما أشار 80% منهم إلى أن عدد الوحدات الدراسية (محتويات الكتاب المدرسي) أيضا زائد عن الحد. هذا الازدحام في عدد الوحدات الدراسية من جهة وفي عدد المواد من جهة ثانية يقود إلى خلل في الخطة الدراسية من حيث التنفيذ على مدار العام الدراسي، فقد أشار 35,3% من المعلمين إلى انه لا يوجد تطابق بين الخطة الدراسية التي تعدها وزارة التربية والتعليم وبين تدريس موضوعات الكتاب المدرسي من الناحية الزمنية، فيما أشار 53,5% إلى وجود تطابق نسبي، واجمع 68,4% على أن ذلك يؤثر سلبا على سير العملية التعليمية الأمر الذي دفع بالمعلمين إلى سباق مع الزمن، حيث يضطر عدد كبير من المعلمين إلى إحلال حصص لمواد دراسية بدل حصص النشاط كالرياضة مثلا، فقد أشار 80,3% من المستطلعة آراءهم أن هذا الإحلال يضر بمصلحة التلميذ. أما على صعيد المحتوى، فقد أشار 80% من المعلمين إلى أن المحتوى والمستوى المعرفي لموضوعات الكتاب المدرسي أعلى من مستوى الطلاب.وأيد 29,2% حقيقة مراعاة الكتاب المدرسي للفروق الفردية داخل الفصل فيما رفضها 22,7% وأجاب 47,7% بان الكتاب المدرسي يراعي الفروق الفردية إلى حد ما. وفي سؤال حول مهارات التفكير العليا، أشار 43,3% إلى أن الكتاب المدرسي يتناول المهارات فيما أجاب 16,3% بعدم تناول الكتاب المدرسي لهذه المهارات، في حين أجاب 39,3% إجابة وسطى تقول بان الكتاب المدرسي تناول المهارات إلى حد ما. كما تعرضت استمارة الاستطلاع إلى عناصر الإثارة التي يجب أن يتضمنها أي كتاب مدرسي, حيث قال 46,4% أن الكتاب المدرسي جاف ولا يحتوي على عناصر الإثارة, فيما أيده بشدة 14,5% ورفض هذا القول 38,6% من المستطلعة آراءهم. في حين أشار 41,3% إلى أن تكرار نفس الموضوعات في مواد دراسية وسنوات دراسية مختلفة يرجع إلى عدم التنسيق بين واضعي الكتب المدرسية، فيما أشار 43,3% إلى أن الهدف من التكرار هو تعزيز المفاهيم المراد مناقشتها. وأكد 35,2% من أفراد العينة المدروسة على أن الكتاب المدرسي ينتمي إلى الواقع الفلسطيني ورفض هذا الطرح 12,2% فيما اقر 50,2% بانتماء الكتاب المدرسي إلى الواقع ولكن ضمن حدود معينة(إلى حد ما). وفيما يتعلق بظاهرة العقاب البدني أو النفسي في المدارس، أشار 76,6% انهم مع العقاب المشروط ورأى 13,9% بعدم جواز العقاب، وأجاب 9,5% انهم مع العقاب دون شروط. وعن مدى تعاون المجتمع المحلي (مجلس الآباء) مع المدرسة، أشار 52,8% إلى أن مستوى التعاون سيئ، وأشار 35,9% بان مستوى التعاون مقبول. أما فيما يتعلق بالدورات التدريبية حول كيفية التعامل مع المنهاج الجديد، فقد تلقى 56,2% من الفئة المستطلعة آراءهم دورة تدريبية، فيما لم يحصل 42,3% منهم على أية دورة في هذا المجال. أما الذين تلقوا دورات تدريبية حول كيفية التعامل مع المنهاج الجديد فان 18,3% منهم راضون عن محتوى هذه الدورات و29,2% راضون إلى حد ما. هذه النتائج الأولية تشير بوضوح لا يقبل المجادلة إلى عدم رضى فئة المعلمين عن الكتاب المدرسي بشكل عام كما تشير الأوليات إلى ضرورة إعادة النظر في المنهاج الفلسطيني الجديد عامة، والكتاب المدرسي على وجه الخصوص، وأن الإدارة العامة للمناهج الفلسطينية مدعوة إلى التعاطي مع مواقف المعلمين الواضحة من الكتاب المدرسي بجدية لا يقبل التسويف، فالأمر جد خطير، ويحتاج إلى مشاركة المجتمع المحلي بكافة مؤسساته في طرح قضية المنهاج الفلسطيني من منظور شمولي حقيقي.
الهوامش: [1] خطة المنهاج الفلسطيني الأول 1998 [2] انطباعات فلسطينية – العدد الثاني تشرين الأول 2005 الأطفال والشباب في قطاع غزة – ايزابيل دانيلر. [3] المزيد من التفاصيل حول التعليم في فلسطين يرجى الإطلاع على: www.dartmonitor.org
|
|