الإنتخابات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة

سمية السوسي

جرت آخر انتخابات للمجالس المحلية في عهد الإحتلال الإسرائيلي في العام 1976، وكانت تلك التجربة بمثابة تحدي للإحتلال وتأكيد على صمود الشعب الفلسطيني. وبعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1996 وتشكيل المجلس التشريعي، اقر المجلس القوانين الخاصة بتنظيم عمل المجالس البلدية والهيئات المحلية الفلسطينية تحت اسم "انتخابات مجالس الهيئات المحلية الفلسطينية"، وفي قانون آخر 1997 اقر المجلس القانون 97/9 تحت اسم الهيئات المحلية الفلسطينية، وعلى الرغم من المصادقة على هذا القانون فإن المجالس المحلية لم تُجرَ أياً من الإنتخابات، وسار نهج التعيينات منذ ذلك التاريخ إلى حين إقرار العمل بالقانون وإجراء المرحلة الأولى من الإنتخابات المحلية في الضفة الغربية يوم 23/12/2004 في 26 هيئة محلية من اصل 36 هيئة محلية، وفي غزة يوم 27/1/2005 في 10 هيئات محلية.

تمت المرحلة الأولى من عملية الإنتخابات بنظام وترتيب وإعداد مهني جيد للجنة الإنتخابات من خلال ورشات عمل وكان العائق الأساسي أمام تلك الإنتخابات الصعوبات التي تسببت بها إجراءات الإحتلال، وبخاصة الحواجز المحيطة بكافة القرى والمدن، واعتقال بعض المرشحين الذين فازوا رغم اعتقالهم.

أولاً: أ- الإنتخابات المحلية في الضفة الغربية: (المرحلة الأولى)

بلغ عدد الذين يحق لهم الإقتراع 143.921 ناخباً وناخبة، وعدد الذكور منهم 72.259 ناخباً، وعدد الإناث 71.624 ناخبة، في حين بلغ عدد المرشحين 886 مرشحاً ومرشحة ظهرت أسماؤهم في أوراق الإقتراع وتنافسوا على 306 مقعداً. حيث بلغ عدد المرشحين من الذكور 748 مرشحاً بنسبة 84%، في حين بلغ عدد المرشحات من الإناث 139 بنسبة 16%.

بلغت نسبة المشاركة في هذه المرحلة من الإنتخابات المحلية 84% من الذين يحق لهم الإنتخاب. حصلت حركة فتح والقوائم التابعة لها على 166 مقعداً، في حين حصلت حركة حماس على 86 مقعداً، بينما حصلت قائمة المستقلين والجبهة الشعبية وبقية الفصائل الأخرى على 54 مقعداً.

ب- المرحلة الأولى من الإنتخابات المحلية في قطاع غزة

بلغ عدد الناخبين في المناطق التي جرت فيها الإنتخابات وهي عشر دوائر انتخابية نحو 87700 ناخباً، اقترع منهم 60480 بنسبة 72%. تنافس في تلك الإنتخابات 414 مرشحاً ومرشحة على 118 مقعداً. فازت النساء بعشرين مقعداً بنسبة 17% من المقاعد.

بلغ عدد مراكز الإقتراع 48 مركزاً، منها 11 مركزاً للسجل المدني، و37 مركز لسجل الناخبين، بلغ إجمالي عدد الناخبين في سجل الناخبين 62433 ناخباً، اقترع منهم 52968 ناخباً بنسبة 85%، وبلغ إجمالي عدد الناخبين في السجل المدني 21267 ناخباً، اقترع منهم 6366 ناخباً بنسبة 30%.

بينت نتائج الإنتخابات فوز حركة حماس والقوائم التابعة لها بنحو 65% من المقاعد. تلتها حركة فتح التي فازت قوائمها بنحو 24% من المقاعد. فقد حصل مرشحو حماس وانصارها على75 مقعداً، بينما حصلت حركة فتح على 38 مقعداً، وذهبت المقاعد المتبقية 5 مقاعد إلى الجبهة الشعبية والمستقلين.

شملت الإنتخابات عشر بلديات هي بيت حانون، الزهراء، المصدر، مخيم المغازي، الزوايدة، دير البلح، بني سهيلا، خزاعة، النصر، الشوكة. فازت حماس بسبع بلديات بأغلبية ساحقة بينما فازت حركة فتح بثلاث بلديات هي الزهراء والمصدر ومخيم المغازي.

ثانياً: المرحلة الثانية من الإنتخابات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة

بلغ عدد الذين يحق لهم الإنتخاب في الـ75 مركزاً في الضفة الغربية حسب سجلات لجنة الإنتخابات المركزية 854.174 ناخباً بما نسبته 31%. ووفق اللجنة العليا للإنتخابات وصل العدد الإجمالي للناخبين في الضفة الغربية إلى 568.267 وشارك منهم في الإنتخابات 466.178 ناخباً بما نسبته 67%. وكانت أعلى نسبة اقتراع على مستوى المحافظات في محافظة طوباس والتي بلغت 92% واقلها كانت في محافظة القدس 71%. وعلى مستوى الدوائر في الضفة الغربية، سجلت أعلى نسبة في دائرة سينيريا 96% واقلها في السواحرة الشرقية 50%.

وفي الدوائر الإنتخابية في قطاع غزة، بلغ عدد الناخبين المسجلين لدى لجنة الإنتخابات المركزية 78386 ناخباً، شارك منهم 583.74 ناخباً بما نسبته 86%. وفيما يتعلق بالذين يحق لهم الإنتخاب حسب السجل المدني، فقد بلغ عددهم 340.43 ناخباً، شارك منهم في الإنتخابات 183.16 ناخباً بنسبة 37%. وبلغ العدد الإجمالي لمن يحق لهم الإنتخاب 123.130 ناخباً، شارك منهم 767.90 ناخباً بما نسبته 62%، وكانت أعلى نسبة اقتراع في دائرة وادي غزة، حيث بلغت 98% واقلها في دائرة رفح 82% وفق سجل الإنتخابات، وعلى مستوى المحافظات كانت أعلى نسبة في غزة 45% وفي رفح 82%.

ظهرت نتائج هذه المرحلة الثانية وسط جو من المشاحنات والتشكيك من قبل كل من حركتي فتح وحماس في النتائج. وتضاربت النتائج الأولية التي أعلنتها كل من حركة فتح وحماس، الأمر الذي دفع اللجنة العليا للانتخابات المحلية لنشر أسماء الفائزين في الإنتخابات المحلية بشكل فردي، وليس نسبياً حسب كل فصيل. وقال نائب جمال الشوبكي رئيس اللجنة العليا للإنتخابات المحلية، "أن عملية الإستقطاب الحاد التي حصلت بين القوى السياسية أدت إلى توتر عال في الشارع الفلسطيني، وهذا التوتر انعكس على سلوك الناخبين والمرشحين وبالتالي أزاح هذه الأمر الأضواء عن ايجابية العملية الديمقراطية التي جرت".

وذكرت النتائج شبه الرسمية أن من بين 897 مقعداً تنافست عليها الكتل المختلفة، حصلت فتح على 499 مقعداً، في حين حصلت حماس على 299 مقعداً، مقابل 73 مقعداً للمستقلين و25 مقعداً للجبهة الشعبية و8 مقاعد للجبهة الديمقراطية وحصلت حركة الجهاد الإسلامي على مقعدين ومقعد واحد لحزب الشعب.

واستنادا إلى هذه النتائج حصلت فتح على 58% من أصوات المقترعين مقابل 33% لحماس.

وقبل إعلان النتائج الرسمية للإنتخابات في الصحف المحلية ظهرت تصريحات متضاربة من قبل كل من حركة حماس وحركة فتح حول نسب الفوز بمقاعد المجالس البلدية والمحلية. وشككت كل حركة في مصداقية الإنتخابات في عدد من الدوائر. وقدم عدد من الطعون أمام المحاكم الفلسطينية ورفعت 26 قضية أمام المحاكم وتمت الموافقة على عدد منها، وذلك في خمس دوائر انتخابية هي رفح وبيت لاهيا في قطاع غزة وفي سينيريا وعطارة في الضفة الغربية وجاءت قرارات المحكمة كما يلي:

1- إعادة الإنتخابات في كافة محطات السجل المدني وعدها 9 محطات و3 محطات في لجنة الإنتخابات المركزية.

2- في رفح سيكون وفقاً للقانون إعادة الإنتخابات لصناديق السجيل المدني ولثلاثة صناديق أخرى في السجل المركزي.

3- تم رد 4 قضايا في بيت لحم.

4- تم رد 3 قضايا في الخليل.

5- إعادة الإنتخابات في محطة انتخابية في سينيريا.

6- رد جميع القضايا في رام الله ما عدا مخماس التي أجلت النظر فيها.

هذا وقررت حركة حماس عدم الإعتراف بالقرارات الصادرة عن المحاكم بشأن انتخابات الجولة الثانية للبلديات في قطاع غزة. وحول أسباب تقديم هذه الطعون ذكر المحامي عادل أبو جهل، "انه بعد تفحص محاضر ووقائع الإنتخابات تبين أن هناك اسباباً داعمة للتقدم باعتراضات وطعون في سلامة الإجراءات الإنتخابية، نظرا لمخالفتها قانون الإنتخابات التي تم اثباتها أمام القضاء واشاد بنزاهة القضاء. كما اتخذت المحكمة قراراً بإعادة الإنتخابات في كل من رفح، وبيت لاهيا البريج، سينيريا وعطارة، إلا أن اللجنة العليا للإنتخابات المحلية قررت تأجيل انتخابات الإعادة في رفح والبريج وبيت لاهيا إلى حين توفر الأجواء المناسبة وانتهاء حالة الإحتقان، وبقيت المجالس المحلية القديمة تقوم بمهامها إلى أن تتم إعادة الإنتخابات من جديد.

ثالثاً: دلالات نتائج الإنتخابات

أوضحت المرحلة الأولى والثانية من الإنتخابات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مجموعة من العوامل والقضايا التي يجب أخذها بعين الإعتبار عند الحديث عن الإنتخابات من ابرزها:

1- الفصائل

ظهر واضحا من نتائج الإنتخابات المحلية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، التنافس الشديد بين حركتي فتح وحماس للفوز بمقاعد المجالس البلدية. حيث جاءت هذه النتائج في الضفة الغربية لصالح حركة فتح في المرحلة الأولى، بفارق ضئيل بينها وبين حركة حماس، وأدى وجود العديد من المرشحين المستقلين الذين احتسبت المقاعد التي فازوا فيها لصالح الحركتين، مما أدى إلى بعض الإختلافات من نتائج الإنتخابات.

اما نتيجة المرحلة الأولى في محافظات غزة، فقد شكلت مفاجأة للجميع، حيث حصلت حماس على 65% من مقاعد المجالس المحلية، وحصلت فتح  على 24% من المقاعد، الأمر الذي لم يكن متوقعاً خاصة بين أوساط حركة فتح، الأمر الذي يدعو للمزيد من التفكير والتحليل من قبل حركة فتح حول الأسباب التي أدت إلى ذلك. ومن بين تلك الأسباب منافسة فتح لنفسها في بعض المواقع، مما أدى إلى تشتت الأصوات، وفي مواقع أخرى تحالفت فتح مع حماس والفصائل الأخرى وخسرت إضافة إلى الإنقسامات الداخلية في الحركة نفسها، الأمر الذي أتاح لحماس الفوز بهذه النسبة في الإنتخابات، إضافة لذلك وبالنظر لمرشحي الحركتين نجد أن حركة فتح لم تهتم بترشيح من لديهم القدرة والكفاءة الفعلية أو الأسماء التي تحظى بشعبية واسعة لدى الجماهير واعتمدت على قاعدتها الكبيرة في تأمين الأصوات لها، دون فعل حقيقي على الأرض لتفعيل هذه القاعدة وإعادة الثقة بينها وبين القيادات. كما أن الناخبين حين صوتوا لمرشحي حركة حماس لم يكن اغلب التصويت للحركة نفسها بقدر ما كان تصويتاً ضد الفساد الإداري السابق في المجالس المحلية ومحاولة إيجاد قيادات أخرى تعمل بشكل جدي على برامج الإصلاح ومصلحة المواطن الحقيقية، وكان هذا الأمر واضحاً في البرنامج الإنتخابي الذي طرحه مرشحو الحركة، والذي يعد بإحداث إصلاح في الهيئات المحلية وإعادة إعمار المجالس البلدية من جديد، كما أنه يعكس رغبة المواطن في مجالس بلدية تعمل لصالحه بعد أن تعرف على أداء حركة فتح من خلال البلديات ومجالسها المعينة خلال السنوات السابقة والتي لم تحظ برضى المواطن الذي يميل إلى التغيير.

كما أن نتائج هذه الإنتخابات عكست ميل التيار الإسلامي للمشاركة الجدية في الحياة السياسية عبر صناديق الإقتراع وعلى كافة المستويات، الأمر الذي يطرح تحديا جديا وتنافسياً أمام القوى السياسية الأخرى. هذه المشاركة من شأنها تعزيز واغناء الحياة السياسية في فلسطين وفتح الطريق أمام هذا التيار للإنخراط في النظام السياسي الفلسطيني من موقع الشراكة الفعلية فيه، وجاءت نتائج المرحلة الثانية من الإنتخابات لتؤكد بشكل فعلي على حقيقة الصراع بين الفصائل الفلسطينية وطبيعة توازن القوى بين حركتي حماس وفتح وما جرى فيها من محاولات للتشكيك بنزاهة الإنتخابات وادعاء كل حركة الفوز بأعلى الأصوات، كان دليلاً واضحاً على اهتمام كلتا الحركتين وتمسكهما بالحصول على اكبر عدد من المقاعد في المجالس البلدية في الضفة الغربية.

2- العشائرية

كانت العشائرية الطابع الغالب في الإنتخابات على عدد كبير من البلديات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان واضحاً أن العشائرية رجعت لتلعب دوراً مهماً مع إقرار الديمقراطية، حيث أخذت الفصائل تسعى وراء العائلات أو العشائر لضمان اكبر عدد من الأصوات، هذا الأمر الذي كان قد اختفى خلال السنوات السابقة، بسبب زيادة الوعي الفصائلي، بينما يلاحظ من خلال الإنتخابات الحالية عودة القوة لدور العائلة أو العشيرة في الإنتخابات واتجاه الفصائل للحصول على دعمها لضمان الفوز. حيث ظهر العنصر العشائري بشكل أكثر وضوحاً من العنصر الحزبي وشكلت العديد من القوائم التي تحمل أسماء فصائل ولكنها تعتمد بشكل أساسي على العائلة والعشيرة.

3- النظام الإنتخابي

يعطي النظام الإنتخابي المتبع والذي اقره المجلس التشريعي في قانون انتخابات مجالس الهيئات المحلية الفلسطينية، قانون رقم 97/4 والذي تجري على أساسها الإنتخابات والقائم على أساس الأغلبية النسبة، الفوز لكتلة تحصل على اقل من 30% من حجم القوة التصويتية في أي موقع من المواقع، هذا النظام من شأنه تكريس العشائرية وحرمان الأغلبية التصويتية من التمثيل، كما انه يرفع من نسبة الأصوات المهدورة، علاوة على انه يضرب التعددية السياسية لصالح القوى السياسية الكبيرة التي تدخل في تحالفات مع القوى العشائرية والعائلية. وأدت نتائج الإنتخابات إلى دفع العديد من أعضاء المجلس التشريعي المطالبة بتعديل قانون الإنتخابات التشريعية ليقوم على أساس التمثيل المختلط بنسبة 50% للقائمة الوطنية والدوائر الفردية.

4- مشاركة المرأة في الإنتخابات

شكل فوز النساء في الإنتخابات المحلية بنسبة 17% من المقاعد تأكيداً على واقعة النسبة التي يتضمنها قانون الإنتخابات التشريعية المقترح، الذي يضمن للنساء كوتا تمثيلية تقارب هذه النسبة. وجاءت نتائج الإنتخابات لتؤكد أن عدداً من المرشحات حققن فوزاً فيها من خلال الأصوات الفعلية التي حصلن عليها، الأمر الذي يشير إلى رغبة فعلية في اختبار النساء في عضوية المجالس المحلية وان يكون لهن دوراً فعالاً في هذه المجالس. كما أن النساء اللواتي فزن من خلال نظام الكوتا (حصة المرأة)، جاء فوزهن بأصوات مقاربة لأصوات المرشحين الذكور وبنسبة أصوات عالية. كذلك كان هناك إقبال كبير من النساء على المشاركة في الإنتخابات. ويشار إلى أن نسبة النساء المرشحات للإنتخابات في الضفة الغربية قد ازدادت بشكل كبير بعد إقرار المجلس التشريعي "أن لا يقل حجم مشاركة النساء في المجالس المحلية عن مقعدين كحد أدنى، حيثما كان هناك ترشيح النساء". وجاءت النتائج الإنتخابية لتؤكد على صواب هذا القرار ومدى تأثيره على الشارع الفلسطيني، وبذلك تكون هذه الخطوة قد ساهمت فعلاً في فرض تواجد للنساء في اغلب المجالس البلدية في محافظات الضفة الغربية ومحافظات غزة، ويبقى الأمر متروكاً للنساء لإثبات مدى تأثيرهن وقدرتهن الفعلية على أن يكن مؤثرات وصاحبات قرار في المجالس البلدية اللواتي انتخبن فيها.

الهوامش:

 

1- القدس، 25/12/2004.

2- الأيام، 25/12/2004.

3- الأيام، 27/12/2004.

4- الأيام، 28/12/2004.

5- الأيام، 29/12/2004.

6- الأيام، 30/1/2005.

7- الأيام، 31/1/2005.

8- الأيام، 2/2/2005.

9- الأيام، 7/5/2005.

10- الأيام، 15/5/2005.

11- الأيام ،21/5/2005.

12- لجنة الإنتخابات: أوراق خاصة بالإنتخابات المحلية.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م