معين الطنانيفي 16 شباط 2005، صادقت الكنيست الإسرائيلية في تصويت تاريخي وبأغلبية كبيرة 64 نائباً، مقابل معارضة 40 بالقرائتين الثانية والثالثة على قانون خطة فك الارتباط* عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية المعروفة باسم "الاخلاء-التعويض". وفي أعقاب هذه المصادقة، قررت الحكومة الإسرائيلية في 19/2/2005 تخويل رئيس الوزراء ووزير الدفاع إصدار أوامر الإخلاء لأربع مجموعات من المستوطنات، تشمل جميع مستوطنات قطاع غزة وبعض المستوطنات شمال الضفة الغربية، حيث سيتم إخلاؤها على مراحل، تبدأ بإخلاء مستوطنات موراغ، نتساريم، كفار داروم، إيلي سيناي، دوغيت، ونيسانيت في نهاية تطبيق خطة فك الارتباط(1). وفي 1/8/2005، عقد اجتماع أمني فلسطيني- إسرائيلي على حاجز بيت حانون، تم خلاله عرض الخطط الفلسطينية التفصيلية حول استعدادات قوات الامن الفلسطينية لعملية تنفيذ الانسحاب تظهر فيه الأماكن والمواقع التي ستتواجد فيها هذه القوات، لا سيما في محيط المستوطنات المنوي اخلاؤها(2). وفي 3/8/2005، انتهى الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي خلال سلسلة من الاجتماعات التي عقدت على مدار اليوم كله في مكتب التنسيق والارتباط على حاجز بيت حانون، من وضع اللمسات الأخيرة على خطة الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، المتوقع تنفيذها في منتصف آب الجاري(3). كما أعلن مسؤولون فلسطينيون واسرائيليون عن ترتيبات الانسحاب الاسرائيلي المرتقب في أربع مستوطنات مقامة على أراضي محافظة جنين، في عملية تبدأ في الخامس عشر من أغسطس 2005، وتستمر لغاية العاشر من أيلول 2005. وقال جمال جرادات مدير الارتباط المدني في محافظة جنين، في أعقاب جولة مشتركة مع الجانب الاسرائيلي للمواقع المقرر اخلاؤها، إن عملية الانسحاب المرتقبة ستمر بثلاث مراحل، تبدأ الأولى منها في 15/8/2005، ويتم من خلالها إغلاق بعض الطرق الرئيسية في المحافظة أمام حركة السيارات الفلسطينية والاسرائيلية. أما المرحلة الثانية، فبين جرادات أنها ستبدأ في الرابع من أيلول 2005 وتستمر لغاية التاسع منه، ويتم خلالها ترحيل المستوطنين. ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الثالثة في الرابع عشر من سبتمبر 2005، حيث سيقوم الجانب الاسرائيلي بتسليم المستوطنات المخلاة وهي كديم وجانيم وصانور وحومش للسلطة الوطنية الفلسطينية(4). وقد أبلغت إسرائيل مستوطنات الارتباط الفلسطيني في جنين في 5/8/2005، بخطتها سحب أربع مستوطنات مقامة على أراضي المحافظة، وكذلك إزالة معسكر للجيش الاسرائيلي(5). الفصائل تحافظ على الانسحاب من جانبها، أكدت حركة حماس في 3/8/2005، عزمها على العمل مع السلطة الفلسطينية وباقي الفصائل الفلسطينية لحماية الانسحاب من قطاع غزة، باعتباره انجازاً وطنياً وترسيمه كمقدمة لتحرير بقية الأرض، رافضة في الوقت ذاته تقزيم ذلك الانجاز او حرفه عن السياق التاريخي لحركة الصراع مع الاحتلال التي قادتها الأجيال المتعاقبة(6). كما أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، أنها أصدرت أوامر لجميع مجموعاتها بالتوقف عن إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على أهداف اسرائيلية، لإعطاء فرصة ليتم الانسحاب الاسرائيلي المرتقب من هذه المنطقة بعد أسبوعين بهدوء(7). وهذا ما أكده خالد البطش أحد قادة الجهاد الاسلامي في 7/8/2005، أن حركته لا تعتزم إعاقة انسحاب الجيش الاسرائيلي المزمع من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، وأن حركته مهتمة للغاية بإتمام الانسحاب بأقل خسائر ممكنة في الجانب الفلسطيني(8). وقد ترأس الرئيس محمود عباس، اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح في مدينة غزة في 7/8/2005، وأوضح د. نبيل شعث نائب رئيس الوزراء ووزير الاعلام، عضو اللجنة المركزية في تصريح خاص لـ "وفا"، أن الاجتماع بحث استعدادات السلطة الوطنية لإنجاح الانسحاب الاسرائيلي المزمع من قطاع غزة وبعض المستوطنات في شمال الضفة الغربية من كافة النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية(9). كما التقى الرئيس عباس وفداً قيادياً من حركة حماس، في مقر الرئاسة في غزة في 9/8/2005، تم التطرق في الاجتماع إلى موضوع الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة وطنية هي لجنة المتابعة أو أي جسم ينبثق عنها لتشرف على وضع الضوابط وتحمي الانسحاب وتوفر كل الشروط اللازمة، لإشعار شعبنا بأن هذا الانسحاب هو إنجاز وطني، وأن لا يتحول إطلاقاً إلى كارثة وطنية(10). إلى ذلك دعا محمد الهندي القيادي في حركة الجهاد الاسلامي، إلى تشكيل هيئة للأراضي المحررة كضمانة لاستغلال هذه الأراضي لصالح أبناء الشعب وفئاته المتضررة ومصالحه الحيوية وتعزيز صموده. وطالب الهندي بتنظيم احتفال مركزي مشترك لكل الفصائل يرفع فيه علم فلسطين فقط، داعياً إلى اعتبار يوم الهروب (الانسحاب) من غزة عيداً وطنياً يتم الاحتفال به كل عام(11). وفي 11/8/2005، كشف مسؤولون في حركتي فتح وحماس النقاب عن اتفاق وطني تفصيلي، توصلت إليه الحركتان في الأيام الأخيرة في غزة، قالوا إنه بالغ الأهمية، خاصة على أبواب الانسحاب الاسرائيلي من غزة، الذي من المقرر أن يبدأ الأسبوع المقبل. ويشمل الاتفاق أربع قضايا خلافية هي: الانتخابات، ولجنة الاشراف على الانسحاب الاسرائيلي من غزة، وتفعيل منظمة التحرير، والتوظيف في مؤسسات السلطة الأمنية والمدنية. وقال مشير المصري المتحدث باسم حماس في غزة بشأن لجنة الاشراف على الانسحاب، إن هذه اللجنة التي ستنبثق عن لجنة المتابعة الوطنية والاسلامية لن تكون بديلاً للسلطة ولن تكون مسؤولة عن إدارة غزة، بل ستكون رديفاً للحكومة وتراقب مجريات الانسحاب وتضع الضمانات الكفيلة لحماية الممتلكات العامة وتوظيفها لخدمة الشعب عامة(12). وفي 13/8/2005، أصدر وزير الداخلية والأمن الوطني اللواء نصر يوسف، تعليماته لقيادة الأمن الوطني برفع درجة الاستعداد لتغطية عمليتي الاخلاء والانسحاب الاسرائيلي المتوقع في منتصف الشهر الجاري. وأكد مصدر فلسطيني مسؤول أن عناصر قوات الأمن الوطني والشرطة، بدأت الانتشار منذ صباح يوم 13/8/2005، في المناطق المحاذية للمستوطنات الإسرائيلية، ووضعت القوى الامنية الفلسطينية في حالة استنفار قصوى مع اقتراب موعد الانسحاب المقرر في 17/8/2005. وتأتي عملية الانتشار في إطار الخطة الأمنية الفلسطينية، وفي إطار التنسيق الفلسطيني الاسرائيلي، وباتفاق مع الجانب الاسرائيلي بعدم التعرض لقوات الامن الفلسطينية. وأضاف المصدر أن عملية الانتشار سوف تستمر في الأيام القادمة حتى يصل عدد أفراد الشرطة والأمن الوطني المنتشرين في المناطق المحاذية للمستوطنات الإسرائيلية في القطاع إلى 7500 عنصر من كافة الأجهزة. وتنتشر هذه القوات في قطاعات لم تكن منتشرة فيها منذ بدء الانتفاضة في ايلول 2000(13). بدء الانسحاب رسمياً وفي 14/8/2005، أعلن د. نبيل شعث نائب رئيس الوزراء ووزير الاعلام، بدء رحيل جموع المستوطنين تدريجياً عن قطاع غزة. وقال أن خروج المستوطنين من قطاع غزة بدأ منذ أسبوعين من خلال ما يسمى الإخلاء الطوعي، مبيناً أن الاخلاء القسري للمستوطنين سيبدأ اعتباراً من يوم 15/8/2005(14). وقد أكد الرئيس محمود عباس في أول تصريح له تعقيباً على البدء رسمياً بتنفيذ عملية اخلاء المستوطنات الإسرائيلية في 15/8/2005، أن الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة خطوة مهمة بالنسبة لنا، تاريخية ولكن هي خطوة أولية يجب أن تتم ليس فقط من غزة، وإنما من الضفة الغربية، مؤكداً أننا سنحافظ عليها ونطورها لصالح شعبنا ولصالح جماهيرنا(15). الفصائل الفلسطينية تشكل لجنة الاشراف على الانسحاب شكلت الفصائل الفلسطينية اللجنة الوطنية للإشراف على الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة في 15/8/2005، وذلك بمشاركة حركتي حماس والجهاد الاسلامي، والتي ستشكل إطاراً تشاورياً بين القوى، وستكون مهمتها تنسيق ومراقبة كافة المشاريع التي ستنفذ في الأراضي التي سينسحب منها الجيش الاسرائيلي. وتعتبر لجنة الاشراف على الانسحاب، منبثقة عن لجنة المتابعة تعود إليها في تفاصيل عملها. وتضم عشرة أشخاص هم: إبراهيم أبو النجا أمين سر لجنة المتابعة، ولانائب مروان كنفاني، والنائب زياد أبو عمرو، وسمير المشهراوي عضو مكتب التعبئة والتنظيم في حركة فتح، ود. محمود الزهار عضو قيادة حركة حماس، ود. رباح مهنا عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ود. محمد الهندي عضو قيادة حركة الجهاد الاسلامي، وصالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، وجمال زقوت عضو قيادة حزب فدا، وجميل شحادة أمين عام الجبهة العربية الفلسطينية(16). وقد بارك الرئيس محمود عباس، خلال لقائه بمقر الرئاسة في غزة ممثلي القوى الوطنية والاسلامية في 16/8/2005، اللجنة التي توصلت إلى تشكيلها لجنة المتابعة والي ستتابع ملف الانسحاب الاسرائيلي من غزة(17). وقد احتج حزب الشعب وجبهة النضال الشعبي في 17/8/2005، على عدم تمثيلها في اللجنة الوطنية لمتابعة ملف الانسحاب التي شكلتها لجنة المتابعة للقوى الوطنية والاسلامية، وطالبتا اللجنة التنفيذية بمعالجة هذا الموقف باعتبارها المرجعية الوطنية العليا(18). لجنة الانسحاب ليست بديلاً للسلطة "لجنة الانسحاب" هو الاسم الذي اتفقت عليه القوى الفلسطينية للجنة الوطنية لمتابعة ملف الانسحاب الاسرائيلي. وقال النائب د. زياد أبو عمرو عضو اللجنة، إنه جاء في نص الاتفاق الذي باركه الرئيس محمود عباس، أن اللجنة ليست بديلاً عن السلطة الفلسطينية أو أي من جهاتها التنفيذية ذات الاختصاص، ولا تشكل إدارة مستقلة لغزة بالبعد السياسي، وإنما تشكل إطاراً وطنياً يعزز الشراكة السياسية. ومن مهام اللجنة، أنها جهة تشاور وتنسيق مع السلطة الفلسطينية، لضمان إطلاع القوى والفصائل على ملف الانسحاب بما يحقق الشراكة والشفافية، ووضع الضوابط الوطنية لحسن التصرف بالانسحاب. وخاصة الأراضي التي سيجري الانسحاب منها، بما يحتم الاتفاق على هذه الضوابط وآلية العمل بموجبها بما يحقق الشفافية، وجهة رقابية تتأكد من سلامة التنفيذ للضوابط المتفق عليها وطنياً. وينص الاتفاق على افساح المجال لمشاركة خبراء وفنيين في اللجان الفنية الخاصة بالانسحاب من القوى والفصائل كل في مجال اختصاصه. وأقر أبو عمرو بأن اللجنة لا تملك حق الفيتو على قرارات السلطة الفلسطينية فيما يخص الانسحاب الاسرائيلي، إلا أنه شدد على أن رأيها مهم. وقال هي ليست جهة مقررة، ونحن نتحدث عن توافق وطني، وبالتالي فإن اللجنة تبدي رأيها وهي تتوقع أن يتم أخذ رأيها بعين الاعتبار(19). الانسحاب إنجاز وطني اعتبرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بدء انسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي ومستوطني غزة، يمثل انجازاً تاريخياً مهماً للشعب الفلسطيني ونضاله من أجل الحرية والاستقلال، وهو خطة مفصلية على طريق التحرر الكامل من الاحتلال وبناء الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى وطنهم وديارهم(20). وأكدت حركتا حماس والجهاد الاسلامي التزامهما بوقف العمليات العسكرية طيلة فترة الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، لكي لا تعرقل هذا الانسحاب الذي تنفذه إسرائيل من جانب واحد، ويقدر أن يستغرق خمسة أسابيع(21). واعتبر فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في 18/8/2005، أن الانسحاب الاسرائيلي عن جزء من أرض الوطن قوض الحلم الاسرائيلي بدولة من الفرات إلى النيل. وشدد على أن هذا الانتصار جاء بفعل صمود شعبنا الاسطوري في وجه كافة انواع الممارسات، ونتيجة لمقاومته وثمرة لتضحيات شهدائنا وجرحانا والآلاف من أسرانا في السجون الإسرائيلية(22). الهوامش: * خطة فك الارتباط-الانسحاب من غزة، أعلن عنها رئيس الوزراء الاسرائيلي أرئيل شارون في 2/2/2004. (1) مجلة مركز التخطيط الفلسطيني، ص27، العدد 18/2005. (2) صحيفة الأيام، 2/8/2005. (3) صحيفة الأيام، 4/8/2005. (4) صحيفة الأيام، 4/8/2005. (5) صحيفة الأيام، 6/8/2005. (6) صحيفة القدس، 4/8/2005. (7) صحيفة الأيام، 4/8/2005. (8) صحيفة الأيام، 4/8/2005. (9) صحيفة الأيام، 8/8/2005. (10) صحيفة الأيام، 10/8/2005. (11) صحيفة الأيام، 12/8/2005. (12) صحيفة الأيام، 12/8/2005. (13) صحيفة الأيام، 14/8/2005. (14) صحيفة الأيام، 15/8/2005. (15) صحيفة الأيام، 16/8/2005. (16) صحيفة الحياة الجديدة، 16/8/2005. (17) صحيفة الأيام، 16/8/2005. (18) صحيفة الأيام، 18/8/2005. (19) صحيفة الأيام، 18/8/2005. (20) صحيفة الأيام، 16/8/2005. (21) صحيفة الأيام، 17/8/2005. (22) صحيفة الأيام، 19/8/2005. |
|