سوزان عقلبعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، أصرت إسرائيل على إبقاء المعابر في قطاع غزة تحت سيطرتها بشكل أو بآخر، ولا يخفى على أحد أن أهمية المعابر كرمز من رموز السيادة على قطاع غزة بعد الانسحاب، وبدونها يعتبر الانسحاب من قطاع غزة انسحاباً منقوصاً. ولا يعني خروج الجيش الإسرائيلي والمستوطنين من القطاع نهاية الاحتلال، فإسرائيل لا تزال تسيطر على المجال الجوي والمياه الإقليمية والمعابر، وتتحكم في حركة الأشخاص والمعابر من وإلى القطاع. وحسب القانون الدولي تبقى إسرائيل قوة احتلال طالما استمرت سيطرتها على المعابر، ويشكل ذلك انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، ولا ينهي ولا يغير الوضع القانوني لقطاع غزة. وتعتبر قضية معبر رفح القضية الرئيسة في موضوع النقاشات الدائرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وأحياناً المصري كونه المعبر الوحيد الذي يربط قطاع غزة مع العالم الخارجي، وبالتالي فإن أي اتفاق سيتم التوصل إليه بخصوص هذا المعبر يمكن تطبيقه على بقية المعابر. هذا وتطالب إسرائيل باعتراف دولي بأنها أنهت احتلالها للقطاع ورفع مسؤوليتها عنه بعد الانسحاب الإسرائيلي وتسليمه للسلطة. وفي نفس الوقت تريد إسرائيل أن تبقي في أيديها الإشراف على دخول الأشخاص والبضائع من مصر إلى القطاع، وكبديل عن ذلك تهدد إسرائيل بقطع القطاع عن "الغلاف الجمركي" المشترك معها ومع الضفة الغربية، إذا ما نزع الإشراف على المعبر منها. الأمر الذي يضر بالوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية. اللقاءات الأمنية الفلسطينية- الإسرائيلية المتعلقة بالمعابر في نهاية شهر يونيه من هذا العام 2005 عقد اتفاق فلسطيني إسرائيلي خلال زيارة مسؤول التجارة في الاتحاد الأوروبي "بيتر ماندلسون" إلى المنطقة، وقد توصل الجانبان خلال الاتفاق إلى عدم ممانعة الطرفين وجود الاتحاد الأوروبي كطرف ثالث في المعابر. وزير الاقتصاد الفلسطيني "مازن سنقرط" الذي كشف عن تفاصيل هذا اللقاء قال: "طلبنا من ماندلسون رسمياً أن يكون الاتحاد الأوروبي طرفاً ثالثاً في قضايا تسهيل التجارة البينية ( الأراضي الفلسطينية وإسرائيل ) والإقليمية مع دول الجوار ونقل هذا الطلب إلى وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي "يهود أولمرت" والذي بدوره قبل العرض. "وأوضح سنقرط أن وجود طرف ثالث في المعابر والمطار والميناء سيكون حكماً فاصلاً في الخلافات، وسيرتبط به تحديد آليات ومعايير وسياسات واضحة للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تضمن فعالية الإجراءات، وبالتالي تسهيل التجارة لذا فإن وجود طرف ثالث مرحب به من قبلنا"(1). وفي 13/7/2005 أبلغ "جيمس ولفنسون" منسق اللجنة الرباعية السلطة الفلسطينية بأن تحولاً إيجابياً طرأ على الموقف الإسرائيلي بشأن الإجراءات الأمنية على المعابر بين الأراضي الفلسطينية من جهة، وإسرائيل ومصر والأردن من جهة أخرى، وكذلك المطار والميناء والطريق الرابط بين الضفة الغربية وقطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع. وقال سنقرط عقب لقائه المبعوث الدولي "سمعنا موافقة مبدئية لدراسة عبور البضائع دون تفريغها من شاحنة إلى أخرى في المعابر (من باب إلى باب) خلافاً لما هو متبع ( من ظهر إلى ظهر). وقال سنقرط "إن ولفنسون أبلغنا أن الإسرائيليين بدأوا اتصالات مع شركات مختصة في إنتاج أجهزة تكنولوجية لفحص هياكل الشاحنات ومحركاتها دون الحاجة إلى تفريغها، كما أبدت إسرائيل تغيراً في موقفها بشأن الطريق الرابط بين قطاع غزة والضفة الغربية والذي يمتد من منطقة بيت حانون إلى ترقوميا جنوب مدينة الخليل. وفيما يتعلق بالمطار والميناء قال سنقرط أن ولفنسون "نقل إلى الجانب الفلسطيني إشارات واضحة تمكننا من البدء بإعداد الخطط والدراسات، لكننا أكدنا على وجود ضمانات معنية بالتشغيل، وأبلغناه بعدم ممانعتنا وجود طرف ثالث فيها للفحص الأمني"(2). وفي 26/7/2005 أكد الوزير الفلسطيني للشؤون المدنية ومسؤول ملف الانسحاب من قطاع غزة "محمد دحلان" أنه بحث خلال اجتماعه مع وزير الجيش الإسرائيلي "شاؤول موفاز" موضوع الانسحاب ومرفقاته والمعابر والحركة التجارية والأفراد بين الضفة وقطاع غزة من جهة وإسرائيل من جهة أخرى وقال دحلان في تصريحات له في غزة أنه تم اعتماد الموقف الفلسطيني، ووافقت عليه إسرائيل بما اتفق على تسميته من (باب الى باب). وأضاف بأن هذه أول مرة تعلن فيها إسرائيل بشكل رسمي وتبلغنا موافقتها على هذا المبدأ. كما نوه إلى موضوع الميناء، والذي سيكون في مكانه، حيث وافقت إسرائيل على السماح لكل الفنيين والطواقم بالعمل في الميناء. أما موضوع المطار فشدد دحلان على أن إسرائيل ما زالت متمسكة بموقفها بأن تتم إعادة بنائه بعد الانسحاب من غزة وشمال الضفة(3). وفي 5/9/2005 بدا الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي قريبين من التوصل إلى اتفاق حول انتقال البضائع والأفراد بين مصر وقطاع غزة وهو أحد الملفات الحساسة في مرحلة ما بعد الانسحاب، وجرت مفاوضات كثيفة حول ملف الحدود بين مصر وقطاع غزة من خلال وساطة الموفد الخاص للجنة الرباعية وولفنسون، حيث كشف ولفنسون النقاب عن أجندة من 6 نقاط وأكد أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يعملان عليها الآن استعداداً لما قبل خطة الانفصال، وتشمل المعابر الحدودية والممرات التجارية وربط غزة بالضفة الغربية والحركة في الضفة الغربية والمطار والميناء. وقد وافق الطرفان على هذه الأجندة وبدءا نقاشات معمقة. وفي 7/9/2005 عقد الجانبان اجتماعاً على شاطئ البحر الميت على الجانب الأردني وشارك في اللقاء وزير الشؤون المدنية "محمد دحلان" ووزير التخطيط الدكتور "غسان الخطيب" والطواقم الفنية المكلفة بملف الانسحاب ومن الجانب الإسرائيلي "عاموس جلعاد" مستشار وزير الدفاع والمكلف بالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني والمصري حول معبر رفح. وقال د. "غسان الخطيب" أن اللقاء تم بطلب من الجانب الإسرائيلي لعرض وجهة نظره بالنسبة لمعبر رفح وإغلاقه لمدة ستة أشهر ونقل الحركة إلى معبر كيرم شالوم، في حين وعد الجانب الإسرائيلي بإدخال الحالات الإنسانية عن طريق معبر نتسانا وهي بلدة إسرائيلية حدودية تقع على بعد 50 كم جنوب رفح. وأضاف الخطيب رفضنا هذه المقترحات التي لا مبرر لها، وأبدينا إصرارنا على أن يتم التنقل عبر معبر رفح بإشراف فلسطيني-مصري، كما طالبناهم بإعادة النظر في قرارهم إغلاق المعبر ومواصلة العمل فيه. كما أكدنا استعدادنا للتمسك بالاتفاقيات الاقتصادية لضمان استمرار "الغلاف الجمركي" المتفق عليه بموجب اتفاق باريس ضماناً لوحدة الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد قالت مصادر إسرائيلية بأن الاجتماع تناول الاقتراح المصري وهو مرحلة تجريبية بنقل البضائع إلى القطاع عن طريق معبر كيرم شالوم خلال مرحلة لا تتعدى الأشهر الستة القادمة، وأكدت المصادر الإسرائيلية على موافقة إسرائيل على المقترحات المصرية مع بعض الحلول الإبداعية على حد قول هذه المصادر(4). يتضح بأنه في مختلف اللقاءات الثنائية الفلسطينية والإسرائيلية ولقاءات المبعوث الخاص للجنة الرباعية "جيمس وولفنسون"، بأن الجانب الإسرائيلي يصر على رفض منح الفلسطينيين السيطرة على معابر القطاع بأنواعها الثلاث البري والبحري والجوي. حيث افترضت إسرائيل وعلى لسان وزير الدفاع موفاز وفي أكثر من لقاء نقل المعبر التجاري من رفح إلى منطقة كيرم شالوم وهي تجمع حدودي فلسطيني-مصري إسرائيلي يبعد ثلاثة كيلو مترات عن معبر رفح. ويقضي المسعى الإسرائيلي بإبقاء معبر رفح الحالي معبراً للأفراد بين غزة والعالم الخارجي، فيما يحال المعبر التجاري إلى السيطرة الإسرائيلية. ويبرر الجانب الإسرائيلي إبقاء الإشراف على البضائع من العالم الخارجي إلى القطاع تحسباً من دخول متفجرات وأسلحة إلى القطاع. وفي محاولة للتغلب على هذه العقبة اقترح الجانب الفلسطيني وجود طرف ثالث في المعبر يشارك في الرقابة على كل ما يدخل إليه ويخرج منه، وهو ما يرفضه الجانب الإسرائيلي حتى اللحظة(5). وفي 14/10/2005 عقد اجتماع فلسطيني إسرائيلي بين الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات ونائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيرس، حيث أعلن عريقات بأن جهوداً حثيثة تبذل في محاولة للتوصل إلى اتفاق بشأن معبر رفح قبل عطلة عيد الفطر، ووعد الجانب الإسرائيلي خلال اللقاء بدراسة الدراسات المتكاملة التي طرحها الجانب الفلسطيني بهذا الشأن والإجابة عليها قريباً. وأعلن بيرس عقب الاجتماع بأنه يحتمل التوصل خلال فترة قريبة إلى اتفاق مع السلطة حول معبر رفح وقد يشمل الاتفاق عنصراً أجنبياً لمراقبة العبور. وأضافت المصادر بأن إسرائيل تناقش مع السلطة الاقتراح الذي عرضته مصر والذي بموجبه يعمل معبر رفح بإدارة مشتركة فلسطينية-مصرية تحت إشراف مراقبين أوروبيين ويبدو أن الجانب الفلسطيني وافق على هذا الاقتراح ويتمثل الاقتراح في أن حركة الأفراد من وإلى قطاع غزة وكذلك البضائع من قطاع غزة إلى مصر ستكون من خلال معبر رفح، على أن تتم حركة البضائع من مصر إلى القطاع من خلال معبر "كيرم شالوم". ووعد الجانب الإسرائيلي خلال اللقاء بأن الأمور ستسير بالاتجاه الصحيح على أن يتم تسوية القضايا في غضون أسبوع. ونفى د. عريقات ما تردد عن النية بتثبيت كاميرات في معبر رفح ليقوم الجانب الإسرائيلي بمتابعة سير الأمور في المعبر، وأنه لن يكون هناك أي وجود للجانب الإسرائيلي ولو حتى من خلال كاميرات. وشارك في هذا الاجتماع من الجانب الفلسطيني وزير التخطيط د. غسان الخطيب وأعضاء من دائرة شؤون المفاوضات، فيما شارك عن الجانب الإسرائيلي الوزير حاييم رامون والمسؤول عن خطة فك الارتباط غيورا ايلاند(6). وفي 26/10/2005 عُقد لقاء مصري إسرائيلي يتعلق بمعبر رفح، ورحبت السلطة الفلسطينية بهذا الاتفاق، وقال صبري صيدم وزير الاتصالات المكلف بمتابعة ملف معبر رفح أن الموقف الفلسطيني كان واضحاً منذ البداية وهو حرية حركة المسافرين من كلا الاتجاهين عبر معبر رفح، أما فيما يتعلق بحركة البضائع من غزة إلى مصر فستكون عبر معبر رفح أما الحركة العكسية فستكون من معبر كيرم شالوم وبشكل مؤقت وهذا ما تم الاتفاق عليه مع الجانب المصري. وحول كاميرات المراقبة قال صيدم "موقفنا واضح فيما يتعلق بكاميرات المراقبة، قلنا أننا لا نمانع وجود طرف ثالث، وقلنا أن كاميرات المراقبة ستكون متاحة فقط لعملية تسجيل الحركة ولن تكون متاحة من خلال البث المباشر. وأن الجانب الفلسطيني سيقوم بإرسال الصور والتسجيلات كلما انقضى نهار وبدأ آخر(7). المقترحات الإسرائيلية بشأن المعابر هناك عدة اقتراحات إسرائيلية بشأن المعابر خاصة ما يتعلق بمعبر رفح الحدودي وإمكانية نقله إلى مكان آخر يسهل من خلاله السيطرة على المعبر ومراقبته. تعتبر الرقابة الإسرائيلية على دخول الأشخاص والبضائع من مصر إلى قطاع غزة إحدى المسائل المهمة بالنسبة لإسرائيل، حيث كانت إسرائيل في السابق تراقب مراقبة تامة دخول الأشخاص والبضائع عبر معبر رفح، ولكن مع إخلاء إسرائيل لمحور فيلادلفيا وقطاع غزة، أخذت النية تتجه عند الحكومة الإسرائيلية إلى إيجاد حلول بديلة وذلك عن طريق مواصلة الرقابة على الدخول والخروج للفلسطينيين بواسطة معبر جديد يقام في مثلث الحدود بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية. أما من ناحية الحدود ومحور فيلادلفيا فسيتم الاعتماد على المصريين في عدم السماح بدخول غير قانوني إلى القطاع. كما توجد مسألة هامة تتعلق بمراقبة السفن التي ستنزل شحناتها في ميناء غزة والذي هو قيد الانشاء، حيث يتخوف الجانب الإسرائيلي من استخدامه لتهريب وسائل قتالية إلى القطاع(8). ويبحث رئيس الوزراء الإسرائيلي إحدى المسائل الحرجة في مسيرة فك الارتباط وهي مستقبل الرقابة الإسرائيلية على معبر الحدود في رفح بعد الانسحاب، وقد أوصى النائب الأول لرئيس الوزراء شمعون بيرس بتقسيم الدخول إلى القطاع، بحيث يستمر عبور الأشخاص من معبر رفح تحت رقابة دولية من مراقبي حدود أوروبيين،, فيما يتم نقل البضائع إلى معبر نيتسانا حيث تتواصل الرقابة الإسرائيلية، وإذا ما أقر هذا الموقف فإن إسرائيل حسب ادعائهم ستتخلى عن سيطرتها على دخول الأشخاص إلى قطاع غزة، وهكذا يمكنها نزع المسؤولية عن القطاع عنها، تعزيز الادعاء بأن الاحتلال قد انتهى. أما وزير الدفاع موفاز فيعتقد أنه من السابق لأوانه التنازل عن الرقابة الإسرائيلية على الدخول إلى القطاع لاعتبارات أمنية، ولهذا فهو يقترح نقل معبر الحدود في رفح إلى معبر جديد يقام في كيرم شالوم مثلث الحدود مع إسرائيل ومصر وغزة، حيث سترابط رقابة حدود وجمارك إسرائيلية، وفي المستقبل عند تشغيل المطار الفلسطيني المجاور سيكون بوسع المعبر أن يشكل أيضاً محطة لفحص أمني للمسافرين وأمتعتهم. ويقترح موفاز وجود مراقبين دوليين في ميناء غزة عندما يقام الميناء في المستقبل. أما رئيس مجلس الأمن القومي غيورا ايلاند الذي نسق العمل التخطيطي في مسألة المعابر فهو يؤيد نقل المعبر إلى كيرم شالوم ولكنه يقترح فحص بديل رفح نيتسانا والرقابة الدولية بأولوية أدنى. أما رئيس المخابرات يوفال ديسكن فقال أن على إسرائيل مواصلة الرقابة على المعابر واقترح بأن تسلم السيطرة بعد سنتين إلى جهة دولية لثلاث سنوات أخرى(9). هذا وقد أبلغ وزير الدفاع موفاز المجلس الوزاري المصغر بأن إسرائيل تصر على فحص الحركة من وإلى قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي، حيث أشار موفاز بأنه ومنعاً لتهريب الأسلحة إلى غزة بعد الانسحاب، فإن إسرائيل اقترحت نقل المعبر إلى منطقة كيرم شالوم حيث سيرابط مفتشو حدود اسرائيليون وقوات أمنية فلسطينية ومصرية. وشدد موفاز على أن إسرائيل غير مستعدة للثقة بالفلسطينيين للقيام بأنفسهم بالمهام الأمنية(10). مستقبل الغلاف الجمركي لقطاع غزة وتهديد إسرائيل له تضمن اتفاق باريس أو ما يعرف ببروتوكول باريس الاقتصادي الذي يحكم التجارة الفلسطينية مع إسرائيل والعالم الخارجي والذي وقع عام 1994 الغلاف الجمركي لقطاع غزة، ويعتبر هذا الاتفاق أحد ملاحق اتفاق القاهرة الانتقالي بين الجانبين. وينص على أن الأراضي الفلسطينية وإسرائيل تقع ضمن غلاف جمركي واحد، باستثناء قوائم سلعية يسمح للسلطة الفلسطينية باستيرادها من مصر والأردن وغيرها من الدول العربية خارج إطار التعرفة الجمركية والمواصفات الإسرائيلية وضمن حصص محدودة يعاد النظر فيها كل ستة أشهر وفقاً لاحتياجات السوق الفلسطينية، إلا أن إسرائيل رفضت إعادة النظر في هذه القوائم طوال العشر سنوات الماضية. وقال مازن سنقرط وزير الاقتصاد "بأنه قد حان الوقت لإعادة النظر في كل الاتفاقية وليس فقط في القوائم السلعية بما ينسجم مع الثوابت الفلسطينية وخصوصاً الوحدة الجغرافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة بعد تنفيذ خطة الفصل، ويرجع تمسك الجانب الفلسطيني بهذه الاتفاقية على الرغم من إجحافها للحيلولة دون خضوع قطاع غزة إلى نظام جمركي مختلف عن النظام الجمركي في الضفة الغربية، وكذلك لأن إلغائها من طرف واحد في غزة وإبقاءها في الضفة الغربية سيربك الخزينة العامة للسلطة والتي تأتي معظم إيراداتها من فواتير المقاصة مع إسرائيل"(11). ويعتبر مستقبل الغلاف الجمركي لقطاع غزة ورقة المساومة الأساس لإسرائيل حيال السلطة الفلسطينية، حيث تخشى السلطة الفلسطينية والأسرة الدولية من إخراج غزة من التوحيد الجمركي، وهكذا تفصل غزة عن الاقتصاد في الضفة الغربية. وقد مورست على إسرائيل ضغوط دولية لعدم تفكيك الغلاف الجمركي من أجل عدم المس بالاقتصاد في غزة، إلا أن إسرائيل تستغل ذلك كرافعة للحفاظ على الرقابة الأمنية على الدخول إلى قطاع غزة. وفي 3/8/2005 كرس شارون أكثر من 6 ساعات للمداولات في مستقبل الغلاف الجمركي، حيث ستقرر مسألة السيطرة على المعابر والحفاظ على الغلاف الجمركي ما إذا كانت إسرائيل ستواصل السيطرة على القطاع من الخارج حتى بعد الانسحاب أم سيكون بوسعها نزع هذه المسؤولية عن نفسها(12). وتهدد إسرائيل بإخراج قطاع غزة من الغلاف الجمركي المشترك إذا ما عارض الفلسطينيون والمصريون إقامة معبر في مثلث الحدود (كيرم شالوم) ليحل محل المعبر القائم في رفح(13). الموقف الفلسطيني والمصري من المقترحات الإسرائيلية يعارض الفلسطينيون والمصريون نقل المعبر إلى كيرم شالوم، كما ويعارضون نقل معبر البضائع إلى نيتسانا، ويفضلون إدارة المعبر بأنفسهم في رفح ودون أي تدخل إسرائيلي، حيث تدعي السلطة الفلسطينية بأن استمرار الرقابة الإسرائيلية على الدخول والخروج سيجعل قطاع غزة سجناً كبيراً وسيكون استمرار للاحتلال من الخارج(14)، وقال الأمين العام لمجلس الوزراء سمير حليلة أن الفلسطينيين لا يبحثون فكرة معبر كيرم شالوم، ويصرون على معبر بالاتجاهين في رفح، وصرح حليلة أن خطوة من قبل إسرائيل بإغلاق معبر رفح ستعزز شكوكنا في أن إسرائيل تريد تحويل القطاع إلى سجن كبير، هذا وقد رفض الجانب الفلسطيني إغلاق معبر رفح لمدة ستة أشهر بحجة إعادة تأهيله لأنه سيزيد من معاناة الفلسطينيين ولا يعمل على تقليصها(15). وقد أفاد مصدر دبلوماسي مصري كذلك بأن مصر تريد هي الأخرى الإبقاء على رفح كمعبر حدودي مع قطاع غزة، وقد توصل المصريون والفلسطينيون إلى اتفاق حول وجود مفتشين من الاتحاد الأوروبي على هذا المعبر، وأوضح المصدر الدبلوماسي أن "مصر لا ترى أي سبب فني لإغلاق المعبر وهذا خيار ترفضه رفضاً تاماً" معتبراً أن إلغاء اتفاق 1995 الجمركي سيكون كارثة(16). هذا ولم يبرم أي اتفاق بين مصر وإسرائيل حول قضية المعبر البري بين مصر وقطاع غزة، وقال هذا المصدر "ما زالت المسألة تناقش ولم تنته بعد موضحاً أن الاسرائيليين عرضوا عدة خيارات، لكن الجانب المصري رفض هذه الخيارات. الموقف الدولي من قضية المعابر طالبت عدة دول وهيئات دولية إسرائيل بتسليم معبر رفح البري إلى السلطة وشددت الدول المانحة والبنك وصندوق النقد الدوليين على أهمية أن تسلم إسرائيل للسلطة الوطنية السيطرة على معبر رفح وتتيح للفلسطينيين وللبضائع الانتقال بشكل منتظم بين قطاع غزة والضفة الغربية. جاءت هذه المطالب في وثيقة أعدتها هذه الجهات الدولية وعرضت على مبعوث اللجنة الرباعية جيمس وولفنسون لتسليمها إلى إسرائيل والسلطة، وترفض هذه الوثيقة اقتراح إسرائيل بنقل معبر رفح إلى منطقة تقع جنوب شرقي القطاع، وربط المراقبة على دخول البضائع بفصل القطاع عن جهاز الجمارك. وشددت الوثيقة على أن أي محاولة للفصل بين الضفة والقطاع من شأنه أن يؤدي إلى فشل المساعي الدولية الرامية إلى ترميم اقتصاد القطاع، وتطالب الجهات الدولية إسرائيل بتمكين معبر آمن وغير منقطع بين الضفة والقطاع للبضائع ورجال الأعمال من خلال شق طريق سريعة أو حفر نفق وليس من خلال سكة حديد. واشترط البنك الدولي أن أي مساعدات اقتصادية ستصل للقطاع ستكون مرتبطة بإزالة القيود الإسرائيلية من المعابر، يذكر أن البنك الدولي كان قد وضع تقارير قانونية تؤكد أن استمرار إسرائيل في السيطرة على المعابر الحدودية سيبقيها في مكانة دولة احتلال(17). وفي اجتماع لوزيرة الخارجية الأمريكية "كوندوليزا رايس" في رام الله مع مسؤولين فلسطينيين لم تحمل رايس أي أجوبة على الأسئلة التي قدمها المسؤولون الفلسطينيون بشأن مصير قطاع غزة، ولم تعطِ القضايا الرئيسة في الانسحاب مثل المعابر والربط بين غزة والضفة ونقل البضائع والأفراد الأهمية التي تستحق. تجنبت رايس خلال المؤتمر الصحافي مع الرئيس محمود عباس الإجابة على أسئلة تتعلق بمطالب الفلسطينيين فيما يخص المعابر والتنقل من قطاع غزة والضفة واعتبرت بأن المفاوضات المستمرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي كفيلة بتوفير إجابة لهذه الأسئلة(18). وفي لقاء قريع مع مبعوث اللجنة الرباعية "جيمس ولفنسون" في 1/8/2005 نقل ولفنسون إلى قريع اشارات إيجابية حول مجموعة من القضايا التي ما زالت عالقة بين الجانبين تتمحور حول اشتراط الجانب الفلسطيني السيطرة الفلسطينية الكاملة على معبر رفح، ونقل المواطنين بين الضفة وغزة عبر الحافلات لحين حل قضية الممر الآمن، وعلى الرغم من التفاؤل الذي أبداه ولفنسون تجاه امكانية الحصول على ردود إيجابية بشأن ذلك إلا أنه أكد على أن قضية المطار ما زالت عالقة واستعرض ولفنسون نتائج جهوده واتصالاته مع الجانب الإسرائيلي حيث أكد في موضوع معبر رفح أن الجهود تنصب على إبقائه في مكانه عوضا عن نقله إلى مثلث الحدود وهو ما تحاول إسرائيل الدفع باتجاهه. وشدد ولفنسون على ضرورة أن يبقى المعبر في مكانه ما بين غزة ومصر لتكون للسلطة السيطرة الكاملة عليه. وفي قضية الربط ما بين غزة والضفة أشار ولفنسون إلى أن الجانب الفلسطيني أعطى موافقته على البدء بتسيير نظام حر ما بين الضفة وغزة بما في ذلك فكرة طريق النفق المفتوح والتي يدعمها عدد كبير من دول العالم. وفيما يتعلق بقضية المطار أشار ولفنسون إلى أن القضية لا زالت عالقة لأسباب تتعلق بمتطلبات الجانب الإسرائيلي الأمنية(19). يتضح مما سبق بأن قضية المعابر تعتبر من القضايا الشائكة في المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وذلك لتباين واختلاف الآراء ووجهات النظر فيما بينهم. ويتضح مما سبق وحسب مصادر مطلعة فإن الإشكالية الأبرز التي تواجه الطرفين هي الإصرار الإسرائيلي على الحصول على كاميرات مراقبة مع طلب حق منع الأشخاص الذين تدعي إسرائيل أنهم يشكلون خطراً أمنياً. ويصر الفلسطينيون على عدم القبول بهذا الطلب. والخلاف الثاني يتعلق بفترة استخدام معبر كيرم شالوم لعبور البضائع من مصر إلى القطاع حيث يطالب الجانب الإسرائيلي بأن يتم ذلك لفترة 12 شهراً إلا أن الجانب الفلسطيني يرفض ذلك ويتمسك بالفترة الزمنية التي لا تزيد عن ستة 6 أشهر وهي المدة التي اقترحها الجانب الإسرائيلي للعمل في معبر كيرم شالوم وبعدها يتم العمل في معبر رفح بشكل كامل. الهوامش: (1) الأيام، 10/7/2005. (2) الأيام، 14/7/2005. (3) الأيام، 27/7/2005. (4) القدس، 8/9/2005. (5) الأيام، 10/8/2005. (6) الأيام، 15/10/2005. (7) الأيام، 27/10/2005. (8) معاريف، 3/8/2005. (9) هآرتس، 3/8/2005. (10) الأيام، 9/8/2005. (11) الأيام، 10/7/2005. (12) هآرتس، 4/8/2005. (13) هآرتس، 9/8/2005. (14) هآرتس، 1/9/2005. (15) القدس، 8/9/2005. (16) الأيام، 19/8/2005. (17) القدس، 13/6/2005 (18) الأيام، 24/7/2005. (19) الحياة الجديدة، 2/8/2005. |
|