التحديات الإقتصادية

أسامة نوفل

يواجه الإقتصاد الفلسطيني تحديات كبيرة منذ فرض الحصار الإسرائيلي في سبتمبر 2000، وتراجع النمو الإقتصادي، وارتفعت نسبة الفقر والبطالة وفرضت قيود على حركة البضائع والأفراد من والى المناطق الفلسطينية وتم حجز الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية في مجال الضرائب.

وعلى المستوى الداخلي واجه الإقتصاد الفلسطيني تحديات تتمثل في غياب السياسة الإقتصادية وازدياد حالات الفساد، وضعف الأداء القانوني وغياب الرقابة والمحاسبة، مما عمق أزمة الإقتصاد الفلسطيني.

أزمة الإقتصاد الفلسطيني

اجمعت التقارير الإقتصادية المختلفة، سواء كانت المحلية أو الأجنبية، على تدهور الإقتصاد الفلسطيني عقب فرض الحصار عليه في عام 2000، واستمر التدهور حتى دخل الإقتصاد في حالة من الركود الشديد في عام 2002، ودلت المؤشرات الإقصادية الكلية على ذلك، حيث تقلص الدخل القومي الحقيقي ونصيب الفرد منه، وارتفعت نسبة البطالة والفقر والتضخم، وتراجعت المدخولات والتحويلات الخارجية. وقد أشار تقرير البنك الدولي الصادر في حزيران 2004، إلى أن حالة الركود الإقتصادي في فلسطين والتي تعمقت في نهاية عام 2002 تعتبر من الحالات الأكثر سوءا في التاريخ المعاصر، وأرجع أسباب الأزمة الإقتصادية إلى القيود المفروضة على حركة الشعب الفلسطيني ومنتجاته.

أما في عام 2003، فقد أشار نفس التقرير إلى تحسن بطيء في الإقتصاد الفلسطيني، حيث شهد الإقتصاد نوعا من الإنتعاش بسبب تخفيف بعض القيود على حركة البضائع والتي تزامنت مع عودة الدفعات الشهرية المنتظمة لضريبة الإيرادات (المقاصة)، والإفراج عن بعض الإيرادات المحتجزة عن سنوات سابقة، وتزايدت استثمارات القطاع الخاص والتحويلات الرسمية وغير الرسمية، والتحسن الملحوظ في نشاط البناء، وبالتالي في قطاع الإنشاءات بشكل عام، وتزايدت الصادرات الفلسطينية، إلا أن هذا التحسن لم يكن بدرجة كافية ليعيد الإقتصاد إلى الحالة التي كان عليها قبل اندلاع الإنتفاضة.

ودلت المعطيات الفلسطينية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في عام 2003 بمعدل 10% مقارنة مع معدل سالب تحقق في عام 2002 قدره 9%، كما ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي خلال عام 2003 بنسبة 4%، وبلغ معدل النمو في الإقتصاد نحو 5% مقارنة مع 14% في عام 2002. وانخفض معدل التضخم من 6% في عام 2002 إلى 4% في عام 2003 وتراجعت نسبة البطالة لتصل إلى 26% في عام 2003، مقارنة مع 31% في عام 2002، وارتفعت نسبة الإستثمار إلى الناتج المحلي من 18% في عام 2002 إلى 20% في عام 2003.

كما ارتفعت نسبة الإيرادات إلى الناتج المحلي من 20% إلى 29%، وهذا يعكس زيادة في تحصيل المستحقات الفلسطينية على الجانب الإسرائيلي. وفي جانب الصادرات، فقد ازدادت من 572 مليون دولار في عام 2002 إلى 621 مليون دولار عام 2003، وازدادت الواردات من 2553 مليون دولار إلى 2702 مليون دولار خلال نفس الفترة(1).

وبالنسبة إلى التقارير الخارجية، فقد أشار تقرير للبنك الدولي حول الأوضاع الإقتصادية للمناطق الفلسطينية، أن الإقتصاد الفلسطيني حقق نمواً موجباً في عام 2003، مقارنة بالعامين اللذين سبقا ذلك عندما انكمش الإقتصاد بنسبة تربو على 25%، وارجع أسباب النمو إلى عدة عوامل منها، تقليص عدد حالات منع التجول، وتقلص الأحداث وأدت إلى حصول نشاط في القطاع الخاص والنفقات الأسرية، وقد شهد الوضع المالي للسلطة الفلسطينية نوعاً من التحسن في عام 2003، لكنه بقي صعباً، حيث زادت الإيرادات نظراً لتحسن جباية الضرائب والمقاصة (إحدى نتائج الإصلاحات المالية) ووصل جحم الإيرادات المتحققة من هذا البند 442 مليون دولار مقارنة مع 150 مليون دولار عام 2002 وحصلت السلطة الفلسطينية على ما مجموعه 294 مليون دولار كإيرادات محتجزة سابقاً لدى الجانب الإسرائيلي، مما ساعد السلطة الفلسطينية على دفع جانب من المبالغ المستحقة عليها للموردين كانت تراكمت في عام 2002. واعتبر البنك الدولي، أن النمو الذي تحقق لم يحدث زيادة كبيرة، وإنما هامشية بسبب استمرار الحصار وبناء الجدار،حيث انه وبعد أربع سنوات هبط متوسط دخل الفرد الفلسطيني بأكثر من الثلث، وأصبح نحو ربع القوى العاملة عاطلة عن العمل، وان نصف الشعب الفلسطيني تقريباً يعيش تحت خط الفقر، فضلاً عن أن 600 ألف شخص أي ما نسبته 16% من السكان لا يستطيعون توفير ابسط المستلزمات الضرورية، وأضاف البنك الدولي أن هذا الإنتعاش لم يدم طويلاً، حيث دخل الإقتصاد الفلسطيني في حالة الركود في عام 2004، وقد أظهرت النتائج الخاصة بالقوى العاملة حتى منتصف 2004، أن الإقتصاد الفلسطيني قد خسر نحو 22 ألف فرصة عمل وحصل قطاع غزة على نصيب الأسد (20 ألف فقدوا أعمالهم)، أما نسبة التشغيل في الضفة الغربية، فبقيت تحافظ على مستواها، نظراً للزيادة الحادة في الوظائف المؤقتة، كما أن عدد العمال من الضفة في إسرائيل كان اقل من عدد العمال من القطاع في إسرائيل قبل اندلاع الإنتفاضة.

واعتبر البنك الدولي ان الناتج المحلي في عام 2003 قد بلغ أقل بحوالي 23% مما كان عليه في عام 1999، وبعد احتساب الزيادة السكانية يكون متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي اقل من 35% من مستوياته ما قبل الإنتفاضة، ونسبة البطالة تزيد عن 25% مقارنة مع 10% قبل إنتفاضة(2).

أسباب الأزمة

أرجع المحللون أسباب الأزمة إلى أسباب خارجية وأخرى داخلية.

الأسباب الخارجية

1-   القيود المفروضة على حركة البضائع والأفراد، حيث منع أكثر من 120 ألف عامل كانوا يعملون داخل إسرائيل من العمل، ولم يسمح إلا لعدد محدود مما عكس سلباً على تحويلات العمالة الفلسطينية، بحيث انخفضت من 328 مليون دولار في الربع الثالث من عام 2000 إلى 53 مليون دولار في بداية عام 2004.

2-   الاثار السلبية لإتفاقية باريس الإقتصادية: واعتبرت اتفاقية باريس الإطار العام المرجعي للعلاقات التجارية الفلسطينية مع إسرائيل والعالم الخارجي، وبالتالي ازداد اعتماد وتبعية الإقتصاد الفلسطيني للإقتصاد الإسرائيلي والخارج في شتى المجالات والمتمثلة في استيراد المواد الخام والسلع الإستهلاكية، وتصدير المنتجات المحلية إلى الخارج، كما استمر الإعتماد على سوق العمل الإسرائيلي، والذي اتسم بالتذبذب الشديد والتراجع، حيث خضع لإعتبارات إسرائيلية سياسية وأمنية واقتصادية.

3-   الإعتماد الكبير على المساعدات الأجنبية، مما جعل الإقتصاد الفلسطيني، رهينة بهذه المساعدات والتي اتسمت بالتذبذب والإنخفاض وتوجيهها في الأغلب نحو قطاعات غير انتاجية.

4-   تخلى الكثير من الدول العربية والإسلامية، عن الدور المنوط بها في دعم الإقتصاد الفلسطيني وعدم إعطاء المنتجات الفلسطينية ميزات للدخول إلى أسواقها، بسبب عدم توقيع الإتفاقيات المختلفة مع هذه الدول، وتراجع تطبيق الإتفاقيات مع بعض الدول التي أبرمت اتفاقيات تجارية مع فلسطين.

الأسباب الداخلية:

1-    عدم وضوح الرؤية الإقتصادية الفلسطينية، بسبب تعدد خطط التنمية الإقتصادية وتضاربها وعدم القدرة على تحقيقها.

2-    الخلل الإداري وتضارب عمل المؤسسات الحكومية وتضارب القوانين والأوامر المطبقة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتأجيل إصدار بعض القوانين الهامة والضرورية مثل مشروع قانون ضريبة الدخل.

3-    سلبيات الأداء الإقتصادي، من حيث إتباع سياسة الإحتكار لبعض السلع والخدمات الأساسية، والدخول في مشاريع خاصة اتخذت طابع الإحتكار المنظم (الكهرباء، الإتصالات). وقد بدأت السلطة باصلاح بعض هذه السلبيات ولكن هناك المزيد من الإصلاحات لم تتحقق سيتم الإشارة إليها في نهاية التقرير.

4-    سوء إدارة المساعدات الخارجية، والتي تجاوزت 4 مليار دولار، حيث توزع الكثير من هذه المساعدات على المعونة الفنية وعدم تحديد الأولويات المطلوب انفاق هذه المساعدات عليها، بالإضافة إلى الإستفادة الشخصية لبعض الأفراد المتنفذين في المؤسسات المختلفة.

5-    التعيينات العشوائية في القطاع العام، مما ارهق عمل الموازنة، بحيث وجهت معظم الإيرادات نحو تغطية الرواتب والأجور دون الإهتمام بالمشاريع الإستثمارية (البنية التحتية) القادرة على تهيئة المناخ الإستثماري وتحسين أداء الإقتصاد الكلي.

التحديات الإقتصادية التي تواجه الرئيس أبو مازن:

ركز السيد أبو مازن في برنامجه الإنتخابي الإقتصادي على ما يلي:

1-   مواصلة مسيرة الإصلاح في مختلف المجالات من خلال القضاء على مظاهر الفساد واستغلال المناصب والنفوذ، وتطوير أداء الجهاز الحكومي وفعاليته، وتكريس أسس الشفافية والنزاهة والمحاسبة.

2-   إعادة إعمار وتنشيط الإقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص من خلال وضع خطط وبرامج لإعادة بناء البنية التحتية، واشراك القطاع الخاص في النشاط الإقتصادي، واعطاؤه الأولوية في وضع الخطط التنموية وتنفيذها، ومنع الإحتكارات، وتشجيع تنفيذ مشاريع توفير فرص عمل جديدة، والتقشف في الإنفاق الحكومي، والإستخدام الأمثل للمساعدات العربية والدولية مع الإهتمام بالقطاع الزراعي والسياحي(3).

ومنذ انتخاب السيد أبو مازن رئيساً للسلطة الفلسطينية، فقد سعى إلى تطبيق جملة من الإصلاحات واستكمالا للإصلاحات التي بدأ فيها وزير المالية، وأهمها القضاء على الإحتكار وإعطاء القطاع الخاص الدور الريادي في التجارة، وقد اهتم بإنشاء حكومة تكنوقراط تقوم على أساس التنفيذ العملي لما جاء في توصيات اللجان المختلفة، واصلاح الخلل الإداري القائم، وقد اجتمعت التقارير الإقتصادية المختلفة على صدقية عمل الحكومة والسعي الصادق نحو الإصلاح وبناء المؤسسات الفلسطينية.

ونتيجة لذلك تداعت الوعود من قبل الدول المانحة والهادفة إلى اخراج الإقتصاد الفلسطيني من أزمته، وقد أعلنت السلطة الفلسطينية قبل انعقاد مؤتمر لندن عن حاجاتها الماسة لنحو 1.5 مليار دولار سنويا خلال السنوات 2005، 2006. 2007، وذلك بهدف المساعدة في الإعمار وتوفير متطلبات وضع أسس دولة مستقلة، حيث قدر المجلس الإقتصادي للتنمية والإعمار (بكدار) حجم الخسائر الإقتصادية جراء الحصار والتدمير نحو 20 مليار دولار خلال أربعة أعوام ماضية(4).

وقرر صندوق النقد العربي تقديم عشرة ملايين دولار إلى السلطة الفلسطينية في أكتوبر 2004، وذلك بهدف تطوير كفاءة نظام المدفوعات والتسويات، ودعم قطاع التعليم(5).

بخصوص مؤتمر لندن والذي علقت عليه السلطة الفلسطينية آمالاً كبيرة لتمويل الإصلاحات المطلوبة فقد عقد بتاريخ 1/3/2005 وبحضور 23 دولة أجنبية وعربية، بحيث ركز على جملة من الإصلاحات الإقتصادية والإدارية والسياسية والأمنية، وتعهد المانحون بتقديم نحو مليار و200 مليون دولار لدعم السلطة الفلسطينية خلال عام 2005، بحيث تتركز هذه المساعدات في مجالات مختلفة أهمها مجالات الحكم والتنمية الإقتصادية والأمن، والتركيز على دعم الميزانية، بحيث أنشأوا ما يعرف بالصندوق الإنمائي للإصلاح، هدفه تمويل الإدارة المالية الحكومية، وتمويل برامج التقاعد والمساعدة في النشاطات المتعلقة بالإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وشمال الضفة الغربية، وتوزعت التعهدات حسب مصدرها على الإتحاد الأوروبي بما قيمته 325 مليون دولار، الولايات المتحدة الأمريكية 391 مليون دولار، اليابان 90 مليون دولار، ألمانيا 58.5 مليون دولار، وايطاليا 91 مليون دولار، وباقي التعهدات توزعت على الدول العربية، واعتبر المشاركون في المؤتمر أن نتائج المؤتمر كانت مشجعة، حيث وصف الرئيس أبو مازن نتائج المؤتمر بأنها ايجابية من حيث إعطاء السلطة الفلسطينية الفرصة في عرض رؤيتها للبرامج المختلفة لبناء المؤسسات الفلسطينية القائمة على الديمقراطية والإصلاح والتطوير، واعتبر الرئيس أن السلطة الفلسطينية قد حصلت على الدعم السياسي والإقتصادي من المؤتمر، مما يشكل انطلاقة نحو تحقيق السلام والإزدهار، كما استعرضت السلطة الفلسطينية من خلال المؤتمر المعاناة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني نتيجة للحصار والإغلاق والتدمير اليومي، وان انعاش الإقتصاد الفلسطيني يعتمد على إنهاء نظام الإغلاق والقيود، التي تفرضها إسرائيل على حركة الأشخاص والبضائع.

وقد التزمت السلطة الفلسطينية أمام المجتمعين بمجموعة من التعهدات على الصعيد الإقتصادي، أهمها، اتخاذ مزيد من الإجراءات لمكافحة الفساد وتنفيذ التوصيات المالية للبنك الدولي، وضع خطة متوسطة المدى للتنمية، النهوض بالأوضاع القانونية وتلك المتعلقة بأنشطة القطاع الخاص، وحث الجهات المانحة كي تلبي على وجه السرعة الإلتزامات العالقة، بحيث تم تحديد موعد لإجتماع المانحين في نهاية حزيران من عام 2005، وتشجيع التعاون مع إسرائيل لحماية البنية التحتية من أي أضرار، وتسهل المادة اعادة غزة، والاطمئنان على قدرة المناطق الفلسطينية على مواصلة الحياة في أعقاب الإنسحاب الإسرائيلي(6). إلا أن بعض المراقبين قد اعتبروا أن المؤتمر  قد ركز على الإصلاحات الأمنية بعيداً عن القضايا السياسية.

وأكد البنك الدولي مجدداً على التزامه بمساندة جهود الإصلاح وتقديم المساعدات في المدى القصير والمتوسط مع التركيز على القطاع الخاص، وانتقد رئيس البنك الدولي سياسة الحصار الذي تفرضه إسرائيل على المناطق الفلسطينية، وطالب بوقف الإغلاقات، كما طالب السلطة الفلسطينية، بإنشاء نظام إدارة يتسم بالشفافية، واعتبر أن هناك ثلاثة عناصر ضرورية لإنعاش الإقتصاد الفلسطيني وهي، البيئة التي تضمن الأفق للفلسطينيين والإسرائيليين على السواء، ووقف نظام الإغلاق للسماح بتوسيع التجارة بين الضفة والقطاع والعالم الخارجي، وتطبيق برنامج إصلاح نشط لنظام الإدارة العامة. ومن شأن ذلك أن يشمل استراتيجية مكافحة الفساد وتشديد انضباط المالية العامة، بغية تجنب حدوث أية اختلالات خطيرة في الموازنة، بالإضافة إلى تقوية واصلاح الأنظمة القانونية والقضائية. وأضاف أن البنك الدولي يقوم بإعداد مجموعة من المؤشرات لتقييم مدى التقدم الذي تم تحقيقه لعودة البيئة الملائمة لنمو الإقتصاد الفلسطيني، مع التركيز على السياسات التي ينبغي على كافة الأطراف اتباعها، بما في ذلك الفلسطينيين والإسرائيليين والمجتمع الدولي، وسيجري استعراض هذه المؤشرات كل ثلاثة أشهر، ومن المتوقع صدور التقرير الأول في نهاية مارس 2005. وبمجرد تحقيق تقدم في هذه الشأن سيجري تنظيم مؤتمر تقوم فيه الجهات المانحة بالتعهد بتقديم المساعدات، ومن المتوقع عقده في منتصف 2005(7).

وفي تقرير سابق صادر عن البنك الدولي في حزيران 2004، بعنوان الإقتصاد الفلسطيني والمستوطنات، اعتبر أن خطة الفصل الإسرائيلية والتي اعتمدتها الحكومة الإسرائيلية سيكون لها تأثير ضئيل على الإقتصاد الفلسطيني طالما أنها تقترح تخفيفاً محدوداً للإغلاق فقط، وقد يخلق إغلاق حدود غزة في وجه العمالة والتجارة وضعاً صعباً أسوأ مما هو عليه الآن، وخاصة بعدما أعلنت إسرائيل عن نيتها منع دخول العمالة الفلسطينية في عام 2008، واقترح البنك الدولي قيام إسرائيل بتسهيل حركة البضائع والمحافظة على اقل تقدير من التدفق المعقول للعمالة الفلسطينية في إسرائيل لعدة سنوات قادمة، كما اقترح البنك الدولي تقديم مساعدات مالية إضافية لتصل إلى 4.5 مليار دولار خلال ثلاثة سنوات. وبخصوص المستوطنات التي ستتركها إسرائيل وراءها في قطاع غزة، اقترح البنك الدولي نقل ممتلكاتها إلى السلطة دون تدميرها، حيث ستمثل هذه الممتلكات قيمة اقتصادية ملموسة مع فتح حدود غزة لحركة التجارة، بالإضافة إلى ضرورة قيام الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي باعطاء المنتجات الفلسطينية المصدرة إليهما أفضلية الوصول إلى أسواقها وهذا يتطلب من السلطة الفلسطينية، إظهار الشفافية والعدالة والكفاءة في التصرف بهذه الممتلكات.

متطلبات نجاح الحكومة الفلسطينية:

تمر المناطق الفلسطينية بعدة خطوات للإصلاح الإقتصادي بدأ التفكير فيها في نهاية عام 2001، بسبب التوجه المتزايد لدى المانحين لفرض شروط تفصيلية حول كيفية التصرف في الأموال المقدمة للمناطق الفلسطينية، بالإضافة إلى سوء الأوضاع الإقتصادية في المناطق الفلسطينية والأخذ بالإزدياد. ويعتبر المراقبون أن عملية الإصلاح الفعلية، بدأت بعد تولي وزير المالية د.سلام فياض عمله في صيف 2002، وصدرت خطة الإصلاح وتم تنفيذ الكثير من بنودها، كان أهمها، حصر الموارد المتاحة في إطار وزارة المالية، وتعزيز قدرة الوزارة على إدارة النفقات واتباع نوعاً من الشفافية في عرض الإيرادات والنفقات، وتقليص النفقات الجارية، وتعزيز الرقابة بالإضافة إلى إنشاء صندوق الإستثمار الفلسطيني، والذي يضم جميع الأنشطة الإستثمارية والتجارية للسلطة الفلسطينية، مما كان له اثر كبير في الحد من تفاقم العجز في ميزانية الدولة.

أما عن التحديات التي تواجه الحكومة والتي من المفترض التعامل معها، فإنها تتمثل فيما يلي:

1-   معالجة الآثار السلبية للحصار الإسرائيلي والمتمثل في تدمير البنية التحتية الفلسطينية، مما كان له الأثر الواضح على القطاعات الإنتاجية والقوى العاملة. وهذا يتطلب تنمية القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، بهدف استنهاضها واستعادة مكانتها السابقة في الناتج المحلي.

حيث تشير النتائج أن خسائر الإقتصاد الفلسطيني خلال الأربعة سنوات الماضية قدرت بنحو 20 مليار دولار، بحيث شكلت خسائر القطاعات الإنتاجية نحو 10 مليار دولار (الزراعة، الصناعة، التجارة، السياحة البناء والمواصلات والخدمات الصحية)(7).

كما أن هذه المعالجة تتطلب تحفيز المؤسسات الدولية، وخاصة الأونروا، على زيادة مساعداتها خلال الفترة القادمة.

2-   الإهتمام بمعالجة الأثار السلبية لازدياد نسبة الفقر الناتجة عن ارتفاع نسبة البطالة، حيث دلت المعطيات أن نسبة الفقر قد تجاوزت نسبة 47% منهم ما نسبته 25% في فئة الفقر المدقع، وان نسبة البطالة تجاوزت 43.3% في عام 2003(8).

3-   الإسراع في الإصلاح الإقتصادي والقانوني والتنظيمي، وعدم الإقتصار على الإصلاح المالي.

4-   تطوير البيئة الإدارية الفلسطينية، بما يخدم الإستراتيجيات المقترحة.

5-   خلق بيئة اقتصادية تنموية تقوم على أساس توفير بيئة جذابة للمستثمرين، وهذا يتطلب من الإسرائيليين رفع القيود على الحركة الداخلية والخارجية.

6-   الحفاظ على الإستقرار المالي للسلطة الفلسطينية، وهذا يتطلب المزيد من مساهمة الدولة المانحة.

7-   إصلاح الجهاز المصرفي بما يتفق مع الإصلاح المالي.

8-   اعتماد آلية للمحاسبة وإصدار التعليمات المالية المنظمة لإدارة المال العام (النظام المالي الفلسطيني)، بحيث يكون على درجة عالية من التفصيل لا تترك المجال للتأويل أو الإجتهاد في تنفيذ والقوانين المالية، مما يشكل قاعدة أساسية للرقابة الداخلية والخارجية.

الهوامش


(1) سلطة النقد الفلسطينية. التقرير السنوي التاسع.

(2) البنك الدولي "أربع سنوات من الإنتفاضة والإغلاق والأزمة الإقتصادية"، 2004.

(3) برنامج العمل الوطني، أبو مازن.

(4) الجزيرة نت، 7/2/2005.

(5) الجزيرة نت، 29/10/2004.

(6) وقائع مؤتمر لندن. الأيام 2/3/2005.

(7) البنك الدولي. تصريح لرئيس البنك الدولي. مؤتمر لندن مارس 2005.

(7)  الجزيرة نت، 7/2/2005.

(8)  البنك الدولي، تقرير الفقر 2004.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م