عاطف المسلمي اعتقد كثير من المراقبين الذين تابعوا التصريحات الإسرائيلية الرسمية التي أعقبت انتخاب أبو مازن رئيساً للسلطة الفلسطينية، أن الحكومة الإسرائيلية ومؤسساتها وأجهزتها الإعلامية ستتخذ موقفاً ايجابياً من الرئيس الفلسطيني الجديد مغايراً إلى حدٍ كبير لموقفها من الرئيس الراحل ياسر عرفات. وقد انجر معظم هؤلاء المراقبين وراء المنظومة الإعلامية العبرية التي حاولت الإيهام أن إسرائيل ترحب بأبو مازن رئيسا فلسطينياً يمكن التعامل معه، بعد أن نزل الرئيس عرفات عن خشبة المسرح، وهو الذي دأبت إسرائيل على وصفه بالعقبة الكأداء التي تقف أمام تحقيق السلام بين الشعبين، وجعلت منه الراعي الأول للعنف والإرهاب في الأراضي الفلسطينية وفور وفاة أبو عمار، تحدثت إسرائيل عن أبو مازن بإيجاب كشخصية قوية قادرة على مسك زمام الأمور والسيطرة على الوضع الفلسطيني الداخلي. وانه الرجل الذي يمكن الوصول معه إلى أدنى درجات التفاهم، الأمر الذي دفع الكثيرين في الوسط الفلسطيني والعربي إلى كيل التهم إلى أبو مازن مسبقاً باعتباره رجل امريكا وإسرائيل المرضي عنه، وانه بدون شك سينفذ جميع الرغبات الإسرائيلية دون قيد أو شرط. ولكن الواقع مغاير تماما لهذا الإنطباع الخاطئ الذي بثته وسائل الإعلام الإسرائيلية، إذ أن أبو مازن هو من الأعداء اللدودين للسياسة الإسرائيلية، والقياديون الإسرائيليون وخاصة اليمينيين المتطرفين جداً الذين لا يريدون تحقيق هدوء أو سلام في المنطقة، يكرهون أبو مازن أشد الكره، ويكنون له البغض والحقد. وذلك راجع لعدة أسباب يأتي في مقدمتها، أن أبو مازن يقدم أفضل أداء سياسي على الأرض، وهو بذلك يسقط كل الذرائع الإسرائيلية، ويؤكد للعالم أن الشعب الفلسطيني قيادة وشعباً قادراً على تحمل المسؤولية كاملة وعلى إسرائيل أن تقوم بواجباتها من حيث تنفيذ ما اتفق عليه في قمة شرم الشيخ، وما نصت عليه خارطة الطريق. كما اثبت أبو مازن قدرة فائقة في التعاطي مع الوضع الفلسطيني الداخلي، وأفشل كل محاولات الإيقاع بين أبناء الشعب الفلسطيني سواء فيما يخص النقل الهادئ والسلس للسلطة بعد وفاة الرئيس ياسر عرفات، أو من خلال التشاور مع الفصائل الفلسطينية المعارضة والذي افضى إلى تحقيق الهدوء الذي يرقى إلى الهدنة، وهي ضرورة ملحة بهدف ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، الأمر الذي أكسبه ود ودعم وتأييد المجتمع الدولي بالإضافة للدعم العربي، وهذا ما بدا واضحا من خلال قيام أبو مازن بنشاطات حثيثة لتعزيز العلاقات الفلسطينية مع دول العالم جميعاً، وبخاصة الدول الكبرى. وخير دليل على بغض إسرائيل لأبو مازن وعدم رضاها عن نجاحاته ورغبتها في وضع العراقيل أمام مسيرته، التصريحات الإستفزازية لرئيس الحكومة الإسرائيلية آرئيل شارون أمام مؤتمر هرتسيليا (نهاية ديسمبر 2004)، التي أكد فيها شطب حق العودة وشطب التنازل عن القدس وتأكيد عدم العودة إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967، وتصريحات وزير خارجيته سلفان شالوم عقب انتخاب أبو مازن رئيساً للسلطة الفلسطينية، بأنه غير متأثر بتولي أبو مازن السلطة، وانه غير متفائل بإحراز تقدم مع الفلسطينيين. وقد ترجمت إسرائيل هذا الحقد بسلسلة من الإجراءات العدوانية التي واكبت الإنتخابات وأعقبتها، وذلك باقتحام عدد من المناطق الفلسطينية وخاصة في رفح وخانيونس وقتل وإصابة العشرات من الفلسطينيين، ومواصلة عمليات التصفية الجسدية والإغتيالات والقصف الجوي وتشديد الحصار على أجزاء كبيرة من المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما أن إسرائيل لم تف بتعهداتها بسحب قواتها من داخل المدن الفلسطينية لمدة 72 ساعة لتسهيل إجراء الإنتخابات، وأبقت حواجزها التي يصل تعدادها لأكثر من سبعمائة حاجز عسكري بين ثابت ومتحرك. كما حاولت إسرائيل عبر وسائل إعلامها التركيز على بعض الخلل البسيط في العملية الإنتخابية بهدف محاولة الطعن في نزاهة الإنتخابات والمس بالممارسة الديمقراطية على الساحة الفلسطينية. كما أقدمت إسرائيل على عرقلة وصول بعض المراقبين الدوليين، واستفزاز بعضهم وتحريض آخرين. ويبقى أن نذكر هنا أن أكثر سبباً يزيد كره إسرائيل لأبو مازن ويثير غضبها عليه، هو رفضه المتواصل لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية بالقوة، واعتماده أسلوب التشاور والحوار والإتفاق. أولاً: ردود الفعل الإسرائيلية على انتخاب أبو مازن في أول رد فعل إسرائيلي رسمي على انتخاب أبو مازن رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية، صرح مسؤول إسرائيلي كبير لوكالة فرانس برس، بأن رئيس الحكومة الإسرائيلي آرئيل شارون مستعد للقاء الرئيس الجديد للسلطة الفلسطينية في أسرع وقت ممكن(1). وعقب إعلان نتائج الإنتخابات، بادر رئيس الحكومة الإسرائيلية آرئيل شارون إلى الإتصال هاتفياً بالرئيس المنتخب محمود عباس، لتهنئته على فوزه في الإنتخابات، مبدياً استعداده للعمل معاً من اجل تحسين الأوضاع، وقال شارون في اتصاله "أعتقد أننا سنلتقي قريباً"(2). إلا أن شارون عاد وحدد شروطاً للقاء الرئيس عباس تتضمن التعاون الأمني ووقف الإرهاب. وحسب (رعنان غيسين) المتحدث باسم شارون، فقد حدد شارون شرطين أساسيين واضحين للقاء الرئيس عباس، أولهما التعاون بين الأجهزة الأمنية على الجانبين. واتخاذ السلطة الفلسطينية إجراءات لفرض النظام والقانون ووقف أعمال الإرهاب. وقد ترجمت إسرائيل ترحيبها الظاهر بانتخاب أبو مازن، بطرح مبادرة إسرائيلية أولى على شكل اقتراح للفلسطينيين بتولي المسؤولية الأمنية عن مدن الضفة الغربية وشمال قطاع غزة،. وحسب معاريف 11/1/2005، نقلت رسائل بهذا المعنى من إسرائيل إلى محافل فلسطينية رفيعة المستوى وعلى رأسها أبو مازن نفسه، إلا أن الفلسطينيين طلبوا فترة استعداد قبل الإستجابة للإقتراح. وفي لقائه مع السيناتور الأمريكي جون كيري 10/1/2005 تطرق شارون إلى فوز أبو مازن قائلاً "منحنا الفلسطينيين كل المساعدة كي تكون العملية ناجحة ولكنهم لا يزالون لا يكافحون الإرهاب. تصريحات أبو مازن أثناء الحملة الإنتخابية لم تكن مشجعة، ولكنه سيختبر حسب الشكل الذي سيكافح به الإرهاب، وإسرائيل ستكون مستعدة للعودة للتعاون الأمني مع الفلسطينيين، وستوافق على تنسيق مسائل متعلقة بفك الإرتباط، ولكن إذا ما استمر الإرهاب فسيكون رد فعلنا شديداً(3). على المستوى الأمني جاء رد الفعل على انتخاب أبو مازن سلبياً، فقد صرح رئيس شعبة الإستخبارات اللواء أهارون زئيفي (فركش)، أن أبو مازن ضعيف وليس له شعبية في الشارع الفلسطيني، وأضاف بأن أبو مازن يعد خليفة لعرفات، ولهذا فهو لن يتمكن من تنفيذ المهمات الملقاة عليه من ناحية إسرائيل "أبو مازن لن يكشف عن السلاح ولن يكافح الإرهاب الفلسطيني، وفي محيط أبو مازن أيضا لا يؤمنون بقدراته(4). وعلى الصعيد الإعلامي، طالبت معظم الصحف العبرية التي عالجت انتخاب أبو مازن رئيساً للسلطة الفلسطينية بمنحه فرصة يستطيع فيها أن يجعل الوضع أكثر استقراراً. بحسب (غاي ميعان كاتب في معاريف عضو في مركز الليكود)، فإن أكثر ما يستطيع أبو مازن تنفيذه هو العمل على تهدئة الوضع، وهو سيستغل ثقة الفلسطينيين لتوسيع شرعية سلطته، ولتوسيع المصالحة ولتقريب دوائر أكثر إلى نظام الحكم. لقد نجح في أثناء المعركة الإنتخابية في أن يبني لنفسه قاعدة تأييد واسعة جداً، وفي توحيد "فتح" المنشقة تحت زعامته، سيتابع أبو مازن هذا الخط وسيبادر إلى هدنة جديدة، ولكي ينجح، على الإسرائيليين أن يحتضنوا هذا الدب الوسواسي، ولا داعي للحكم عليه كل يوم، وان يمنحوه على الأقل أسابيع عدة من التعقل والأهم عدم تعويقه(5). ثانياً: العودة إلى نفس الأسلوب 1- خيبات أمل ووسائل ضغط بعد أربعة أيام على انتخابه، أعربت إسرائيل عن خيبة أملها من الرئيس الفلسطيني أبو مازن، فقد أعرب قادة كبار في الجيش الإسرائيلي عن خيبة أملهم من النهج الذي اتخذه أبو مازن بالنسبة لمنظمات (الإرهاب الفلسطيني)، وذلك عقب العملية التي وقعت في معبر كارني (13/1/2005)، وأدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين. وقال ضابط كبير لصحيفة هآرتس 14/1/2005، إن "أبو مازن ملزم بأن يأخذ فوراً الأمور بيديه، قبل الإنتخابات قال لنا الفلسطينيون انه يحاول تحقيق هدوء بوسائل الإقناع، هذا لا ينجح، مرت الإنتخابات والإرهاب متواصل كالمعتاد، والسلطة لم تفعل شيئاً حتى الآن. وأشار قادة كبار في الجيش الإسرائيلي أنهم لن ينتظروا شهراً حتى يعمل أبو مازن ضد الإرهاب، وان صبرهم بدأ ينفذ وذلك رداً على مواصلة إطلاق صواريخ القسام من داخل قطاع غزة على تجمعات سكانية في إسرائيل. وحسب كبار في الجيش الإسرائيلي، إسرائيل لا تطالب بالضرورة أن تبدأ السلطة بموجة اعتقالات لنشطاء (الإرهاب) أو مصادرة أسلحتهم. ولكن توجد أيضا إجراءات مرحلية ممكن لأبو مازن أن ينفذها، ولكنه لم يتخذها بعد، والمقصود بالإجراءات الأخرى هو، التعليمات القاطعة بوقف التحريض في وسائل الأعلام الرسمية للسلطة، وحظر حمل السلاح علناً، ومنع صواريخ القسام. وحسب ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي، "الإنتخابات انتهت وحان وقت الإختبار، حتى الآن لم يتم شيء، ولكن واضح انه لا يمكننا أن ننتظر أكثر من عدة أسابيع، فيما أن القسامات تواصل السقوط(6). وفي الإتصالات السياسية مع السلطة، شجع الإسرائيليون، أبو مازن على الموافقة على تلقي المسؤولية الكاملة عن الأمن في مدن في الضفة الغربية، وحتى على كل مدن الضفة في ظل موافقة الجيش الإسرائيلي على ذلك. وإن كان هناك ضباطاً اعتبروا انه من الخطأ وضع تحدٍ عالٍ جداً أمام أجهزة الأمن الفلسطينية، لأن الأخيرة في وضعها الحالي لن تفي بمتطلبات هذا التحدي. وقد اقترح هؤلاء الضباط ربط تسليم هذه المدن باتخاذ بعض الخطوات الضرورية من جانب الفلسطينيين وفي مقدمتها حظر حمل السلاح وعودة المحاكم إلى مزاولة أعمالها. 2- شارون يقرر قطع اتصالاته بأبو مازن لحين وقف الإرهاب مع مواصلة حماس قصف بلدات داخل إسرائيل بصواريخ القسام من جهة واستمرار إسرائيل في اقتحاماتها لشمال قطاع غزة، من جهة أخرى بدا الأمر وكأن أبو مازن قد علق رهينة بين الطرفين ولم يمض على انتخابه أسبوعٌ واحد، وبدأت إسرائيل بالعودة إلى أسلوبها القديم حين أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلي ارئيل شارون قبل جلسة الحكومة 16/1/2005، عن قطع جميع الإتصالات مع أبو مازن لحين وقف الإرهاب. وقال خلال الجلسة: إن "القائمين على السلطة الفلسطينية لم يبدأوا حتى الآن أي عمل لوقف الإرهاب، هذا الوضع لا يمكن أن يستمر(7). وحسب شارون، فإن الجيش الإسرائيلي له مطلق الحرية دون أي قيد بهدف وقف الإرهاب، "القيادة التنفيذية تلقت التوجيهات للقيام بكل عمل لازم، لم نستسلم للإرهاب في الماضي، ونحن لا نعتزم أن نستسلم له الآن"(8). ونشبت في جلسة الحكومة مواجهة أولى بين وزراء الليكود ووزراء العمل حول الرد الذي ينبغي على إسرائيل أن تتخذه. ففي حين أيد وزراء الليكود ضرورة التشدد في الرد، طالب وزراء العمل بخط أكثر اعتدالاً، ووصف الوزير شالوم سمحون (العمل) قرار رئيس الحكومة بقطع جميع الإتصالات مع أبو مازن بأنه "متسرع جداً"، وقال: يجب منحه فرصة لإدارة الأمور، وقال وزير الإسكان يتسحاق هيرتسوغ (العمل) إنه يجب منح أبو مازن الوقت لتنظيم نفسه(9). وردا على ذلك أجاب رئيس الحكومة ارئيل شارون، "لا يحتاج أبو مازن إلى أي وقت، يمكنه أن ينفذ ذلك فوراً، إسرائيل لن تدفع الثمن قتلى بسبب ادعاءات القيادة الفلسطينية بالضغف وعدم القدرة على فرض النظام على المنظمات المختلفة(10). وأضاف شارون، بان أحداً لا يمنع الفلسطينيين من نشر القوات في الأماكن التي تطلق منها صواريخ القسام، لديهم 30 ألف مسلح وإن شاءوا فإن بوسعهم منع إطلاق النار. أما مساعد رئيس الحكومة شمعون بيرس، الذي لم يحضر الجلسة بسبب مرضه، أعرب عن عدم رضاه من قرار شارون قطع الإتصالات مع أبو مازن، وقال "من المؤسف أن يقع منذ الجلسة الأولى خلل كهذا، وخسارة أن شارون نسي أن لديه شريكاً في الحكومة، ونأمل أن يكون هذا خلل أول وأخير"(11). وفي تظاهرة لزيادة الضغط على أبو مازن، واصل الجيش الإسرائيلي استعداداته في شمال قطاع غزة لإمكانية شن حملة واسعة النطاق غير مسبوقة في حجمها، إذا ما واصلت السلطة الفلسطينية الإمتناع عن العمل. وحسب ضابط إسرائيلي كبير تحدث لهآرتس "إسرائيل تتوقع من أبو مازن أن يأخذ الأمور في يديه، في هذه الأثناء سمعنا أقوالاً فقط، نحن يمكننا أن نصل في وقت قصير نسبياً إلى حملة "على نمط السور الواقي في القطاع"، وهذا من شأنه أن يحصل قبل وقت طويل من فك الإرتباط ودون صلة به، وإذا ما استمر الوضع الذي لا يطاق، حيث تقصف مستوطنات غوش قطيف وسدروت يومياً، فسيتعين على إسرائيل العمل بصورة واسعة(12). 3- أبو مازن فاجأ إسرائيل فاجأ أبو مازن القيادة الإسرائيلية، بإقدامه السريع على وقف صواريخ القسام والراجمات من قطاع غزة إلى إسرائيل، ونشر قوات الأمن الفلسطينية في مناطق إطلاق الصواريخ. وباعتراف مصادر سياسية وأمنية إسرائيلية، فإن أبو مازن عمل ما فاق التوقعات، وحسب التقدير في إسرائيل، فإن الجدول الزمني الأصلي لأبو مازن افتقر إلى الإلحاح، فقد رغب أبو مازن بالإحتفال بالإنتصار في الإنتخابات أولاً، ومن ثم عقد محادثات مع حماس لوقف إطلاق النار، وجاءت العملية في معبر كارني لتضبطه غير جاهز، وكان رد فعله الأولي فاتراً، وفقط تحت الضغط الإسرائيلي والدولي أدرك عباس أن عليه أن يعمل على الفور. وقد نشأت مجموعة الضغوط الإسرائيلية من كبار مسؤولي هيئة الأركان خلال مشاروات عاجلة، أجريت في معبر كارني، وقد نقل في ختامها رئيس الأركان موشيه يعلون، ثلاث توصيات لرئيس الحكومة ارئيل شارون، وقف الإتصالات السياسية، تجنيد ضغط دولي على السلطة، والإعداد لعملية عسكرية في القطاع. وقد تبنى شارون الإقتراحات، فانطلقت حملة الضغوط على أبو مازن، وعرضت إسرائيل مطلبين على أبو مازن، نشر قوات امن فلسطينية في منطقة إطلاق الصواريخ، والتحقيق في عملية كارني(13). 4- ثناء إسرائيل على عباس بعد توقف سقوط صواريخ القسام على سدروت وقنابل الراجمات على المستوطنات في قطاع غزة، ساد إسرائيل شعور بالإرتياح صحبه ثناء كبير على الرئيس الجديد، ووصف مصدر امني إسرائيلي كبير أبو مازن بأنه رجل مستقيم يقصد ما يقول(14). وأبدى مكتب شارون رضاه من الوضع الجديد في قطاع غزة، واعتبرت محافل سياسية إسرائيلية أن أبو مازن أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن نواياه جدية، وانه قادر على وقف الإرهاب إذا أراد ذلك، وبدأ الحديث يدور عن اقتراب موعد لقاء شارون أبو مازن وحددته جهات في إسرائيل بأنه إذا ما استمر الهدوء، فإنه لن يتجاوز نهاية الشهر (يناير)، وحسب محيط شارون، فإن الحديث عن لقاء بين الإثنين سابقاً لأوانه، وانه يجب إعطاء الفلسطينيين بضعة أيام أخرى للعمل، وإن إسرائيل لن تكتفي بوقف نار مؤقت وباتفاقات وتفاهمات، لأن أبو مازن ملزم بنزع أسلحة منظمات الإرهاب. وبحسب شارون، "الإتصالات لوقف النار هي موضوع فلسطيني داخلي وإذا ما استؤنف الإرهاب فإن إسرائيل ستفعل كل ما يلزم كي تمنع المس بمواطنيها(15). من جهته، وزع شمعون بيرس مساعد رئيس الحكومة، الثناء على أداء أبو مازن قائلاً، إنه "رجل جدي ومنسجم في خطواته"، كما أن القائم بأعمال رئيس الوزراء ايهود اولمرت كان متحمساً، فبرأيه الرئيس الجديد "يحاول توفير البضاعة، ولهذا فإن على إسرائيل أن تتصرف بحكمة، أن تساعده لا أن تثقل عليه"(14). أما رئيس الحكومة فقد أعرب عن رضاه من الخطوات التي اتخذها أبو مازن، " لا ريب بأن أبو مازن بدأ العمل، أنا جداً راضٍ لما أسمعه عما يجري في الجانب الفلسطيني، ولدي مصلحة شديدة لأن أحث الخطى معه"(15). هذا التقارب سمح من جديد ببحث إمكانية عقد لقاء بين الطرفين (أبو مازن- شارون)، وبُدء فعلياً التحضير لهذا اللقاء. واستمراراً للأجواء الإيجابية بين الطرفين، اعتبر رئيس الحكومة آرئيل شارون، أن ظروفاً نشأت تتيح للطرفين الوصول إلى إنطلاقة تاريخية تؤدي إلى الهدوء والأمن ومستقبل السلام(16).
ثالثاً: قمة شرم الشيخ 1- وقف كامل للعمليات العسكرية قبل يومين فقط من مؤتمر القمة في شرم الشيخ، وصلت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليسا رايس إلى إسرائيل، وطرحت على الحكومة الإسرائيلية عدة مطالب، "استمروا في اتخاذ القرارات الصعبة، ولا تقدموا على أعمال من طرف واحد في القدس، ولا تعرقلوا تطبيق خطة فك الإرتباط، وبهذا أوضحت رايس توقعات الإدارة الأمريكية من إسرائيل في موقفها تجاه الفلسطينيين. وفي جلسة الحكومة الإسرائيلية في 6/2/2005، قبل يومين من انعقاد قمة شرم الشيخ الرباعية، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، إلى "إعطاء فرصة لأبو مازن"، ويحبذ وزير الدفاع فيما يختص بأبو مازن التركيز على نصف الكأس الملأى. ويعتقد موفاز أن على إسرائيل أن تعرض بادرات طيبة سخية تجاه الفلسطينيين، والإمتناع عن طرح جدول زمني متصلب جداً لتطبيق مطالبها من السلطة، فليس عملياً، كما يقول موفاز توقع تصفية الإرهاب في غضون أسبوع. في هذه الجلسة تم بلورت موقف إسرائيل من القمة، حيث أرادت إسرائيل أن تركز قمة شرم الشيخ بأكبر قدر ممكن على الترتيبات الأمنية، وبأقل قدر ممكن على الأفق السياسي، حيث أراد شارون تعهداً علنياً من أبو مازن بوقف الإرهاب واقتلاعه، وفي المقابل سيعد بوقف العمليات العسكرية وبادرات طيبة مثل الإفراج عن سجناء، ونقل المسؤولية الأمنية عن مدن في الضفة، والكثير من الكلمات الإيجابية والتفاؤل. الشيء الوحيد الذي تمخض عن هذه القمة، كان اتفاق الطرفين على الوقف المتبادل للعمليات العسكرية، فقد أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية آرئيل شارون، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كل على حدة خلال القمة الرباعية في شرم الشيخ، وقفاً متبادلاً للعمليات العسكرية لأول مرة منذ اندلاع الإنتفاضة الفلسطينية قبل أكثر من أربع سنوات. وقال شارون أمام القمة "أثناء لقائي مع عباس اتفقنا على أن يوقف الفلسطينيون جميع أعمال العنف ضد الإسرائيليين أينما كانوا، وفي المقابل ستوقف إسرائيل عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين في جميع المناطق. وأضاف، نأمل إعتباراً من اليوم أن نبدأ مرحلة جديدة من الهدوء والأمل، وأعلن إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين(17). وحرص الوفد الإسرائيلي على تأكيد أجواء الإنفراج والثقة المتبادلة، إذ سارع رعنان غيسن، المتحدث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية الإعلان عن دعوة وجهها شارون لعباس لزيارته في مزرعته في النقب. ولم يصدر أي بيان مشترك عن القمة. وكانت مصر تأمل في أن يصدر عن هذه الإجتماعات وثيقة مشتركة أو إعلان ختامي يتضمن ما تم الإتفاق عليه بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، إلا أن هذه الرغبة اصطدمت برفض إسرائيلي حسب مصادر مقربة من الوفد المصري. 2- ماذا دار في لقاء شارون-أبو مازن على هامش القمة؟ خلال لقائه على انفراد مع شارون، لم يخرج أبو مازن عن الأمور التي تم الإتفاق عليها مسبقاً، قال أبو مازن، هناك أمور كثيرة تقلقنا، الجدار، اللاجئين، المستوطنات، التسوية الدائمة، ولكننا لن نخوض فيها اليوم. وقد طرح أبو مازن موضوع السجناء "في كل لقاءاتنا طرحت هذا الموضوع، هذا هو الموضوع الأهم، الأكثر حرجاً بالنسبة لنا"(18). وطلب إعادة النظر في طلب الإفراج عن فؤاد الشوبكي واحمد سعدات، وقد رفض شارون ذلك. "قدمنا قائمة سجناء من قبل اوسلو، يمكن لهذا أن يفيد الرأي العام، وكلما عملنا على نحو وثيق أكثر، هكذا نقلص الثغرات التي يمكن أن يدخل عبرها المتطرفون. نحن نعرف أن لديهم نية تفجير المسيرة، نحن سنسير ضدهم بكل القوة، هذا لن يستغرق يوماً واحداً يجب الصبر، وضعنا صعب جداً ولكننا غير يائيسن، كلما عملنا على نحوٍ وثيق أكثر أنا وانت، هكذا يمكننا أن نحافظ على ما نحققه ولا نسمح لهم بالتخريب(19). وقد رد شارون "سنساعد حكمك قدر الإمكان، شكلنا لجنة لفحص الإفراج عن المزيد من السجناء، الإفراج عن السجناء يثير معارضة صعبة ومحقة، سنفحص ماذا يمكن عمله، ولكن إذا ما كان الهدوء ستكون الخطوة اقل صعوبة(20). وكانت خطة فك الإرتباط، هي الموضوع الأكثر سخونة في اللقاء، حيث قال شارون، أنا مصمم على تنفيذ فك الإرتباط، وتنسيق جزء منه في موضوع الأمن، ليكن واضحا، إذا ما كانت نار على المُخلين سنرد بشدة، لن أوافق على أن ألتقي إرهابا، يقولون ساعد أبو مازن، أنا مستعد للمساعدة بكثير، ولكن في شيء واحد لن أساعدك في كل ما يتعلق بأمن إسرائيل ومواطنيها. مهم لي أن تفهم هذا(21). وفي نهاية اللقاء خرج شارون، راضياً جداً عن رفيقه الجديد لدرجة انه دعاه لتناول مأدبة الغداء معه ومع أصحابه المزارعين في مزرعته في النقب كما جرت العادة مع شخصيات كبيرة. رابعاً: مؤتمر لندن 1/3/2005 1- إسرائيل تعترض على البيان الختامي عشية التحضير لمؤتمر لندن الخاص بإعادة تأهيل المؤسسات الفلسطينية، اتهمت إسرائيل المنظمين للمؤتمر بتعديل البيان الختامي للمؤتمر ليشمل عددا من الإعلانات السياسية، وكانت إسرائيل قد توصلت إلى تفاهم مع رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، قبل شهرين من انعقاد المؤتمر على إلا تشارك الوفود الإسرائيلية في المؤتمر، والإكتفاء بالمشاركة في إعداد مشروع البيان الختامي. وأبدت إسرائيل غضبها بعد أن عرض عليها مسؤولون البيان، ورأت انه يحمل اشارة إلى انسحابها المزمع من قطاع غزة، وخارطة الطريق والقانون الدولي. وقال مارك ريجيف المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية لوكالة الأنباء الألمانية 25/2/2005، نعتقد أن الأهم أن نلتزم بالأهداف الأصلية للمؤتمر، وذكر راديو إسرائيل أن المسؤولين البريطانيين الذين التقوا دوف فايسغلاس مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلي ارئيل شارون قالوا، إنهم لا يستطيعون تغيير البيان الختامي، لكنهم سيحاولون توضيح موقف إسرائيل من خلال الكلمات التي ستلقى في المؤتمر(22). 2- تعليق الإنسحاب من المدن الفلسطينية كأول رد فعل من جانب إسرائيل على العملية التفجيرية التي نفذها عنصر من الجهاد الإسلامي في تل أبيب (السبت 26/2/2005)، وأسفرت عن مقتل 4 إسرائيليين وإصابة 15 آخرين حسب مصادر إسرائيلية، قال شاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي، إن إسرائيل ستجمد خطة نقل السيطرة الأمنية على مدن الضفة الغربية إلى الفلسطينيين، إلا أن تحمل السلطة الفلسطينية على جماعة الجهاد الإسلامي. وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي (جدعون عزرا)، أعلن أن تسليم المسؤولية الأمنية عن المدن الفلسطينية للسلطة الفلسطينية سيؤجل، وطالب عزرا الفلسطينيين ببذل جهد اكبر لمنع العمليات. وأوضحت مصادر إسرائيلية أن موفاز لا يميل إلى تنفيذ عملية عسكرية واسعة في الأراضي الفلسطينية، لكنه هدد بالرد بكل السبل، مضيفاً أن إسرائيل لن تتردد في استخدام القوة في الوصول إلى المسؤولين عن العملية(23). وقد حذر شارون في جلسة الحكومة الإسرائيلية (الأحد 27/2/2005) أبو مازن، بأنه لن يكون هناك أي تقدم سياسي طالما لم يعمل الفلسطينيون كما تعهدوا فيصفون منظمات الإرهاب، في الفترة الأخيرة تصرفت إسرائيل بضبط النفس، لكن واضح بأنه إذا لم يبدأ عمل فلسطيني حازم ضد الإرهاب، فسنضطر إلى تشديد النشاط العسكري الرامي إلى حماية مواطنينا(24). كما طالب شارون من وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس ممارسة الضغط على أبو مازن كي يعمل بحزم "ضد الإرهاب"، وقال شارون "لن يكون أي تقدم في المفاوضات إذا لم يتخذ الفلسطينيون إجراءات عملية لهدم بنى الإرهاب التحتية"(25).
3- خيبة أمل إسرائيلية من نتائج مؤتمر لندن كما كان متوقعاً، إنتقدت إسرائيل بشدة نتائج مؤتمر لندن والبيان الختامي له، لأنه لم يطالب الفلسطينيين بحل الجماعات المتشددة في أعقاب عملية تل أبيب، وقال مساعد بارز لرئيس الحكومة الإسرائيلي آرئيل شارون، لم يصلوا إلى درجة كافية، شعرنا بخيبة أمل لعدم وجود اشارة إلى الحاجة لتفكيك المنظمات الإرهابية. خامساً: لقاء أبو مازن- موفاز 1- الإنسحاب من طولكرم واريحا النتيجة التي خرج بها لقاء أبو مازن-موفاز في حاجز ايرز (الثلاثاء 8/3/2005)، كانت أدنى من المستوى المطلوب، والمحصلة النهائية للقاء كانت الإتفاق على نقل المسؤولية الأمينة عن مدينتي طولكرم وأريحا للسلطة الفلسطينية، وذلك بعد تنسيق بين قادة الألوية لتحديد المناطق التي سيتم نقلها. وفي ختام اللقاء الذي استمر ساعتين، قال أبو مازن إن السلطة تتوقع أن تضم المنطقة التي ستنقل إليها قرى حول المدن ايضاً، وليس فقط المدينتين نفسيهما، كما طلب أيضا تفكيك الحواجز على مقربة من المدينتين. وكان خلاف في موضوع القرى قد أخر نقل المسؤولية عن أريحا قبل بضعة أسابيع. وقال موفاز، إنه في المفاوضات بين الطرفين يجب التقدم "بحذر وتؤدة"، وذلك لأن أمن مواطني إسرائيل يجب أن يقف على رأس سلم الأولويات. وطالب موفاز في اللقاء أن يعمل الفلسطينيون على نزع سلاح منظمات الإرهاب واعتقال نشطاء الإرهاب، وقال "سيكون من الصعب التقدم في المسار السياسي إذا لم يثبت الأمن لمواطن إسرائيلي"، وحسب موفاز فإنه سيكون نشاط متداخل من قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية، "هم يعملون بقدر ما يستطيعون (في مكافحة الإرهاب)، وقوات أمننا تعمل حيثما يتطلب الأمر(26).
2- شارون: تفكيك الإرهاب شرط للعودة لخارطة الطريق في اجتماعه بالأمين العام للأمم المتحدة 13/3/2005، اشترط ارئيل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية تفكيك ما يسميه منظمات الإرهاب الفلسطينية كشرط أساسي للعودة لخارطة الطريق، وذلك بالتزامن مع استكمال إصلاح أجهزة الأمن الفلسطينية. وأضاف شارون شرطاً آخر وقف التحريض ضد إسرائيل، وأشار بالإيجاب إلى الإنخفاض في حجم التحريض في وسائل الإعلام الفلسطينية في الفترة الأخيرة، لكنه ادعى بان هذا ليس كافياً، ذلك أن السلطة لا تفعل ما فيه الكفاية لوقف التحريض في المساجد وفي كتب التعليم (المناهج)(27). وذهب وزير دفاعه ابعد من ذلك، عندما هدد بتأخير تسليم مدن فلسطينية أخرى للسلطة، بحجة تساهل السلطة مع الناشطين وعدم نزع أسلحتهم. وقال موفاز، "إن تسليم مدن أخرى هو في خطر، لأن وتيرة تقدم الفلسطينيين حول كل شيء يتعلق بالاعتقالات والتزاماتهم هي بطيئة جداً، لدرجة انه لم يتم فعل شيء ابداً، وأضاف، هذا سيجعل من الصعب علينا تسليم المسؤولية عن مدن أخرى"، وقال موفاز، إن تسليم المسؤولية يهدف إلى إعطائهم الإمكانية لإثبات عزمهم على محاربة الإرهاب وتحمل المسؤولية والتعامل مع المطلوبين ومنع خروج أشخاص من المدن لتنفيذ هجمات. وأشار موفاز إلى أنه رغم ذلك، فإن المباحثات حول تسليم مدينة قلقيلية ستبدأ قريباً(28)، وانتقد رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية موشي يعلون أيضاً الجهود الفلسطينية لكبح جماح الناشطين، وقال يعلون "إننا مازلنا لا نرى نشاطاً فلسطينياً، جدياً كافياً لمنع (الإرهاب)، وطالما أن ذلك لا يحدث، فإن التهديد سيستمر وفي عدد من الأماكن في الضفة الغربية، مثل نابلس وجنين وطولكرم، ما يزال هناك خلايا ناشطة تعتزم تنفيذ هجمات في الأيام المقبلة(29). وفي نهاية مارس وبداية ابريل، لم يطرأ أي جديد على الإتصالات الإسرائيلية-الفلسطينية، وبدا الوضع في حالة إنتظار وترقب لما ستتمخض عنه من نتائج الزيارتين اللتين سيقوم بهما رئيس الحكومة آرئيل شارون والرئيس الفلسطيني محمود عباس (بداية ونهاية ابريل على التوالي) إلى واشنطن كل على إنفراد ولقاءاتهما مع الرئيس الأمريكي بوش وأعضاء الإدارة الأمريكية. الهوامش (1) الأيام، 10/1/2005. (2) القدس، 12/1/2005. (3) معاريف، 11/1/2005. (4) معاريف، 12/1/2005. (5) معاريف، 11/1/2005. (6) هآرتس، 14/1/2005. (7) معاريف، 17/1/2005. (8) معاريف، 17/1/2005. (9) هآرتس، 17/1/2005. (10) هآرتس، 17/1/2005. (11) هآرتس، 17/1/2005. (12) هآرتس، 18/1/2005. (13) هآرتس، 23/1/2005. (14) يديعوت احرونوت، 24/1/2005. (15) يديعوت احرونوت، 24/1/2005. (14) يديعوت احرونوت، 27/1/2005. (15) يديعوت احرونوت، 27/1/2005. (16) معاريف، 28/1/2005. (17) الأيام، 9/2/2005. (18) معاريف، 9/2/2005. (19) معاريف، 9/2/2005. (20) معاريف، 9/2/2005. (21) معاريف، 9/2/2005. (22) القدس، 26/2/2005. (23) الأيام 26/2/2005. (24) يديعوت احرونوت، 28/2/2005. (25) معاريف، 21/2/2005. (26) هآرتس، 9/3/2005. (27) هآرتس، 14/3/2005. (28) القدس، 24/3/2005. (29) القدس، 24/3/2005. |
|