الحوار الوطني الفلسطيني يناير-مارس 2005

معين الطناني

لم تنقطع الحوارات في مختلف المراحل السابقة بين حركتي فتح وحماس، إلا أنها اتخذت منحاً جديداً في المرحلة الأخيرة، حيث تدور حول الشراكة السياسية والاعلان عن هدنة فلسطينية مشروطة بوقف العدوان الاسرائيلي الشامل على الفلسطينيين، بما في ذلك الانسحاب الاسرائيلي من مناطق "أ" التي كانت تخضع للسلطة الفلسطينية قبل الثامن والعشرين من أيلول العام 2000، ووقف جميع الملاحقات والاعتقالات والاغتيالات بأشكالها المختلفة، والشروع في إطلاق سراح أعداد كبيرة من المعتقلين.

ويتوقع أن يشمل الاتفاق الوطني مشاركة حماس في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ومشاركتها في الانتخابات التشريعية المقبلة. وكانت حماس قد قاطعت الانتخابات الرئاسية لرغبتها بعدم خوض هذه الانتخابات في هذه المرحلة. وقد صدر عن الحركة، رغم هذه المقاطعة إشارات تؤكد اعترافها بنتائجها، في مقدمة ذلك اتصال التهنئة الذي أجراه رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل مع الرئيس ابو مازن، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في 9/1/2005، وهو ما فعله قادة آخرون للحركة مثل الشيخ حسن يوسف قائد حركة حماس في الضفة الغربية وغيره.

وقد أظهرت حماس في الآونة الأخيرة حدوث تغيرات مهمة في توجهاتها ومواقفها، منها استعدادها لوقف جميع أشكال العمل العسكري في حال حدوث استعداد مماثل من الجانب الاسرائيلي. حيث قال الشيخ حسن يوسف أحد قادة حماس، إن العمليات الاستشهادية وإطلاق الصواريخ وغيرها وسائل وليست أهدافاً، والحركة جزء من الشعب الفلسطيني تعيش مأساته وتشعر بها، وهناك تغيرات في الواقع الاقليمي تقرأها حماس جيداً وتبني موقفها عليها، كل شيء في حدود التكتيك ممكن تغيره(1).

الرئيس أبو مازن في خطاب القسم

أعلن الرئيس محمود عباس "ابو مازن" في خطاب أعقب أداء اليمين الدستورية في 15/1/2005، كثاني رئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية، على أن السلطة الفلسطينية تسعى للوصول إلى وقف متبادل لإطلاق النار لإنهاء دوامة العنف... وأن الشراكة ليست بالأقوال بل بالأفعال، وهي تمر بإنهاء الاغتيالات والحصار والاعتقالات ومصادرة الأراضي والاستيطان والجدار الفاصل وتدمير المنازل... وأن الشراكة لا يمكن أن تتم في ظل الاملاءات(2).

الناطق باسم حماس، سامي ابو زهري قال، أن خطاب الرئيس عباس تضمن الكثير من النقاط الايجابية، خاصة فيما يتعلق بالوضع الداخلي حول الاصلاح واستكمال بقية الانتخابات وتوفير الأمن الداخلي ووقف التدهور الأمني وتفعيل قضية الافراج عن المعتقلين. وأضاف، إلا أننا نشير بما يتعلق بمسألة وقف إطلاق النار، إن شعبنا لا يخوض حرباً بين دولتين، نحن شعب محتل ندافع عن أنفسنا. والسؤال يجب أن يوجه إلى العدوان الاسرائيلي. وقال، حين تتوقف كل أشكال العدوان يمكن لشعبنا الفلسطيني عندها أن يدرس خياراته بما يحقق مصالح شعبنا.

من جهته، قال محمد الهندي أحد قادة الجهاد الاسلامي، نحن نؤكد على أهمية الحوار الفلسطيني، ومستعدون لإجراء هذا الحوار مع الرئيس محمود عباس. كما أننا نؤكد أيضاَ أن سلاح المقاومة مرتبط بوجود الاحتلال، وهو سلاح يدافع عن الشعب الفلسطيني... وفي حوارنا مع السلطة الفلسطينية سنؤكد على أهمية أن تبقى المقاومة هي العامل الأساسي في التصدي للاجتياحات، كما جرى في 15/1/2005 في حي الزيتون في قطاع غزة. وأضاف أن هناك نقاطاً إيجابية في الخطاب، وهي التمسك بالثوابت، وأولوية إنهاء الاحتلال، وتعهد  بعدم الانجرار في مفاوضات مرحلية طويلة الأمد(3).

اللجنة التنفيذية تحث الفصائل على وقف الأعمال التي تمس بمصالحنا الوطنية

طالبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في بيانها عقب اجتماعها برئاسة الرئيس محمود عباس، رئيس اللجنة التنفيذية، في مقر الرئاسة في رام الله في 16/1/2005، بوقف كل الأعمال العسكرية التي تلحق الضرر بمصالحنا الوطنية، وتوفر الذرائع للموقف الاسرائيلي الراغب في تعطيل استقرار الوضع الفلسطيني. ودعت اللجنة التنفيذية الحكومة الإسرائيلية إلى التخلي عن أسلوبها الذي استعملته خلال السنوات الماضية، باستخدام الذرائع لتعطيل الحوار والتفاوض على قدم المساواة، ولمواصلة حرب الاغتيال والقتل والتدمير وتوسيع المستعمرات. وطالبت اللجنة التنفيذية الحكومة الإسرائيلية بوقف توغلاتها واعتداءاتها اليومية، في الوقت الذي تعمل فيه القيادة الفلسطينية على إنجاح الحوار الوطني والتوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار، وتمكين القوى الأمنية الفلسطينية من إعادة البناء والقيام بمهامها الأمنية، بما يخدم الشعب الفلسطيني وأمنه، والوصول إلى التهدئة الضرورية لاستئناف عملية السلام، وكذلك وقف النشاطات الاستيطانية، ووقف بناء جدار التوسع والضم، والتخلي عن سياسة الاملاءات وفرض الحقائق على الأرض. واستئناف عملية السلام التي تقود إلى انهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي بدأ العام 1967، كما نصت على ذلك خارطة الطريق.

وخلال اجتماع مشترك ترأسه الرئيس محمود عباس "ابو مازن"، ضم مجلس الوزراء والأمن القومي في 17/1/2005، وهو الاجتماع الأول الذي يترأسه الرئيس ابو مازن بعد أن تولى مهامه الرسمية في 15/1/2005. رحب مجلس الوزراء بالدعوة التي أطلقتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في 16/1/2005، الداعية إلى وقف الأعمال العسكرية التي تلحق الضرر بمصالحنا الوطنية، والتي توفر الذرائع للموقف الاسرائيلي في تعطيل الوضع الفلسطيني. كما دعا المجلس جميع القوى والفصائل الفلسطينية إلى بذل الجهود لانجاح الحوار الوطني والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتمكين الأجهزة الأمنية الفلسطينية من إعادة البناء والقيام بمهامها الأمنية لصيانة النظام العام وهيبة السلطة. وجدد تمسك القيادة الفلسطينية والسلطة الوطنية بخيار السلام وبخطة خارطة الطريق(4).

الرئيس يلتقي الفصائل الفلسطينية

عقد الرئيس محمود عباس "ابو مازن" في 18/1/2005 محادثات مع حركة حماس، بهدف التوصل إلى هدنة ووقف العمليات المسلحة. وقد وعدت حركة حماس الرئيس ابو مازن، بدراسة ونقاش موضوع الهدنة ووقف العمليات العسكرية مع قيادات الحركة العليا في الداخل والخارج. مؤكدة أن موقفها سيكون نابعاً من حرصها على مصالح الشعب الفلسطيني العليا.

ووصف المتحدث الرسمي باسم حركة حماس مشير المصري، اللقاء بين الرئيس عباس برفقة د. زياد ابو عمرو عضو المجلس التشريعي من جهة، وبين قادة حركة حماس في غزة من جهة أخرى، بأنه كان إيجابياً وبناءاً، لا سيما أن الجميع أكدوا حرصهم على ضرورة وحدة الموقف الفلسطيني وتعزيز الجبهة الداخلية والشراكة السياسية. مشيراً إلى أنه تم الاتفاق بين الجانبين على استكمال هذه اللقاءات في أوقات لاحقة.

من جهة ثانية، أعلن زكريا الزبيدي قائد كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح في 18/1/2005، أن شهداء الأقصى قررت تجميد هجماتها المسلحة والعمليات الاستشهادية في العمق الاسرائيلي حتى إشعار آخر، وذلك من أجل دعم البرنامج السياسي للرئيس المنتخب محمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي 19/1/2005، التقى الرئيس محمود عباس، وعضو المجلس التشريعي د. زياد ابو عمرو، مع قادة حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين د. محمد الهندي، الشيخ نافذ عزام، وخضر حبيب، وتم في اللقاء بحث سبل التوصل إلى صيغ مشتركة لترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني وتغليب لغة الحوار، وتأكيد مبدأ سيادة القانون وتوفير الأمن والأمان لمجموع المواطنين الفلسطينيين.

ووصف خضر حبيب أحد قادة الجهاد الاسلامي، اللقاء بأنه كان إيجابياً وبناءاً وصريحاً، حيث بحث مواضيع هامة، لا سيما إعادة صياغة منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها على أسس جديدة وواضحة تتناسب والواقع الفلسطيني الجديد. وحول موضوع الهدنة ووقف اطلاق النار، قال حبيب، أن الكرة في الملعب الاسرائيلي الآن، وأنه لا يمكن إعطاء الإسرائيليين هدنة مجانية. وأشار، إلى أنه تم الاتفاق على عقد لقاء آخر لاحقاً للرد على ما طرح خلال النقاش، بعد التشاور مع قادة حركة الجهاد العليا في الداخل والخارج(5).

حوار غزة يقترب من تحقيق اتفاق وطني

اعتبر د. زياد ابو عمرو عضو المجلس التشريعي، الذي انضم إلى الرئيس محمود عباس في لقاءاته مع قادة حماس في غزة في 20/1/2005، أن الأطراف أقرب ما تكون إلى التفاهم والتوصل إلى اتفاق وطني، مشيراً إلى أن عناصر الاتفاق الوطني، متمثلة بالشراكة السياسية، واستكمال الانتخابات، والانسحاب الاسرائيلي من غزة، وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، والاصلاح، والهدنة المتبادلة التي تأتي في إطار الاتفاق الوطني وليس كعنصر مستقل. وقد جرى الاتفاق على بعض العناصر، وجاري البحث والتداول للاتفاق على العناصر الأخرى في جلسة قادمة.

من ناحيته قال سامي ابو زهري، الناطق باسم حماس، أن اللقاء الذي جرى في 20/1/2005، بين وفدي حماس والرئيس ابو مازن، استهدف بشكل أساسي الحديث عن ترتيب البيت الفلسطيني، وسيصدر موقف رسمي من حماس بعد أن تنتهي هذه اللقاءات خلال الأيام القادمة(6).

 وفي 23/1/2005، وضع الرئيس محمود عباس "ابو مازن"، خلال اجتماع مع ممثلي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، في صورة قراره المتعلق بتشكيل لجنة برئاسة سليم الزعنون من أجل اعادة هيكلة وتشكيل المجلسين الوطني والمركزي التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية.

لقد تجاوب الرئيس أبو مازن مع مطلب ممثلي الفصائل الذين تمحور حديثهم حول ضرورة إعادة تفعيل منظمة التحرير وأطرها السياسية. وأيضاً استكمال الانتخابات للمجلس الوطني في الخارج حيثما أمكن ذلك، بعد إجراء الاتصالات الدولية والاقليمية، من أجل المساعدة في تحقيق هذه القضية، والتي أصبحت بالنسبة إليهم حساسة للغاية وتحتاج إلى وقفة جادة ومسؤولة من الجميع.

ووصف عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول، الاجتماع بأنه ايجابياً وناجحاً، لا سيما وأنه تم فيه التطرق بحرية إلى كل المواضيع المهمة والحساسة التي تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، لا سيما استكمال اجراء العملية الانتخابية للمجالس المحلية والبلدية وأيضاً التشريعية، وتفعيل دور منظمة التحرير، وموضوع الهدنة ووقف اطلاق النار.

وحول موضوع التهدئة، قال الغول: إنه تم التطرق إلى التهدئة ووقف اطلاق النار، موضحاً أن جميع القوى أبدت موقفها من هذه المسألة، وأن الجبهة الشعبية، أكدت أن مثل هذه القضايا يجب أن تبحث في إطار حوار جاد يتناول الحديث عن البرنامج، وعن الأداء ووسائل النضال للشعب الفلسطيني. ونفى الغول، أن تكون الجبهة قد قدمت التزامات بوقف النار. قائلاً: نحن في الجبهة لم نقدم أية التزامات، بل قلنا إن حق الشعب الفلسطيني في المقاومة يجب أن يبقى قائماً بكل الوسائل وفي إطار الحوار الجاد يمكن أن تبحث تكتيكات المقاومة، موضحاً أن الجبهة ستعود إلى قياداتها العليا لبحث الموضوع.

وأكد صالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، في مؤتمر صحافي عقده في أعقاب الاجتماع، أنه يجب أن يكون هناك توافق على موضوع التهدئة بشرط أن يكون وقف إطلاق النار متبادلاً وضمن اشتراطات ينفذ فيها الجانب الاسرائيلي ما عليه من التزامات وهي، وقف الاستيطان ووقف العدوان، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، والعودة إلى حدود الثامن والعشرين من أيلول 2000. موضحاً أن الجبهة الديمقراطية مع الشراكة في حكومة وحدة وطنية ضمن برنامج سياسي مشترك يقوم على أساس الشراكة في حكومة وحدة وطنية ضمن برنامج سياسي مشترك يقوم على أساس الشراكة في القرار السياسي.

وقد حضر هذا الاجتماع بالإضافة إلى الرئيس محمود عباس كل من د. زكريا الآغا، وعباس زكي عضو اللجنة المركزية لفتح، وصخر بسيسو نائب أمين سر المجلس الثوري للحركة، وأحمد حلس أمين سر اللجنة الحركية في قطاع غزة. إلى جانب ممثلي الفصائل الأخرى في منظمة التحرير الفلسطينية، كايد الغول عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية، وصالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، وعبد الرحمن عوض الله عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، وأبو أحمد حلب الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، وجميل شحادة الأمين العام للجبهة العربية الفلسطينية، وإبراهيم الزعانين ممثلاً لجبهة التحرير العربية، ورفيق ابو ضلفة ممثلاً لجبهة النضال الشعبي، وعادل الحكيم ممثلاً للجبهة الشعبية-القيادة العامة، وجمال زقوت عن "فدا"(7).

الرئيس ينجح في تحقيق توافق مع حركتي حماس والجهاد الاسلامي

نجح الرئيس محمود عباس "ابو مازن"، خلال حواراته في 18-20/1/2005 في غزة، في تحقيق توافق مع حركتي حماس والجهاد الاسلامي، على تحقيق تهدئة فعلية على الأرض يتسلح بها لمطالبة الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ إلتزاماتها ووقف عدوانها ضد الشعب الفلسطيني. حيث قال في حديث لقناة فلسطين الفضائية في 23/1/2005، أن الحوار الوطني الفلسطيني تقدم بشكل كبير جداً. مضيفاً، في القريب العاجل سوف يتم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن، معتبراً أن التهدئة من الجانب الفلسطيني ستلقي بالكرة في الملعب الاسرائيلي. وأكد، أن على الجانب الاسرائيلي مسؤوليات يجب عليه الاضطلاع بها، ومنها وقف اعتداءاته ضد شعبنا ومدنه وقراه وعدم ملاحقة المطاردين وإعادة المبعدين إلى مدنهم، والأهم قضية الأسرى والمعتقلين. وأشار الرئيس أبو مازن، أود أن أقول أن الجميع يشعر بمسؤولية-في إشارة إلى قادة الفصائل الفلسطينية- ويشعر بضرورة وضع حد لهذا الوضع الذي نعيش فيه، ووضع حد للاقتحامات والاعتداءات التي يقوم بها الاسرائيليون من هذه النقطة. ويمكن أن نقول أن الحوار تقدم بنسبة عالية جداً، مؤكداً أن الخلافات تقلصت بشكل كبير(8).

حماس والجهاد تدرسان موضوع التهدئة

نفت حركة المقاومة الاسلامية حماس والجهاد الاسلامي، في 23/1/2005، إبرام اتفاق لوقف العمليات العسكرية مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس، مثلما قال في وقت سابق وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز، وذلك بالرغم من الأجواء الايجابية التي تسود الحوار والتهدئة في الوضع القائم على الأرض. وقالت الحركتان، إنه إذا استمر رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون بتهديداته باجتياح قطاع غزة كما حدث في الجلسة الخاصة التي عقدها شارون في بلدة سيديروت، بحضور رئيس بلديتها إيلي حويال في 23/1/2005، فلن يكون أمام الشعب الفلسطيني إلا الدفاع عن نفسه بكل الوسائل المتاحة له.

وأشار أحد قادة حماس اسماعيل هنية، إلى أن الكرة  أصبحت الآن في الملعب الاسرائيلي، ونحن ننتظر ونراقب السلوك الاسرائيلي إذا ما قدم أي شيء ملموس للفلسطينيين على مستوى الأسرى والمعتقلين وإعادة جثامين الشهداء التي بحوزتهم وغير ذلك من القضايا المتعددة أم لا. وأوضح نافذ عزام أحد قادة الجهاد الاسلامي، أنه في حال تنفيذ أي جزء من التهديدات فبالتأكيد سيتم القضاء قطعياً على أي مجرد حديث عن التهدئة الذي لم يتم حتى الآن التوصل لاتفاق بهذا الخصوص. مشيراً إلى أن إسرائيل تريد من وراء هذه التصريحات الإيحاء للعالم بأنها هي الطرف المظلوم وهي تهدد دفاعاً عن نفسها. ونفى عزام، أن يكون جرى التوصل لأي اتفاق لوقف اطلاق النار مع الرئيس محمود عباس(9).

لقاء أبو مازن – مبارك

إثر اجتماع الرئيس محمود عباس "أبو مازن" والرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة في 29/1/2005، أعلن د. نبيل شعث وزير الخارجية، أن مصر ستستضيف ممثلي الفصائل الفلسطينية في محادثات ثنائية في القاهرة في شهر شباط المقبل. كما تم الاتفاق ما بين القيادتين الفلسطينية والمصرية على العمل على أربع قضايا ملحة هي، الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وحماية المطاردين الفلسطينيين ووقف الاغتيالات وعودة المبعدين الذين أبعدوا إلى غزة وأوروبا، إبان أزمة كنيسة المهد في بيت لحم 2002. وأن مصر ستعمل عن قرب معنا لإيفاء إسرائيل بالتزاماتها(10).

لقاءات تمهيدية في القاهرة وغزة

عقد لقاء بين الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي رمضان شلح، ووفد مصري برئاسة اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية في القاهرة في 1/2/2005، وذلك تمهيداً لعقد لقاء ثلاثي يجمع بينهما ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس خالد مشعل. وتناول اللقاء موضوع التهدئة ووقف إطلاق النار مع الاحتلال الاسرائيلي.

وفي 2/2/2005، اجتمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، في القاهرة مع رئيس المخابرات المصرية اللواء سليمان، وتناول اللقاء التطورات والمستجدات الأخيرة على الساحة الفلسطينية بعد وفاة الرئيس ياسر عرفات، وانتخاب قيادة فلسطينية جديدة والحوار الوطني الفلسطيني، وما يمكن أن تقوم به مصر لدعم الجهد الفلسطيني من أجل التهدئة وتأمين الشروط اللازمة لها(11).

وفي 6/2/2005, استقبل الرئيس محمود عباس "ابو مازن" في مدينة غزة، الوفد الأمني المصري برئاسة اللواء مصطفى البحيري، بحضور عدد من قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وأطلع ابو مازن الوفد الضيف على ما تم التوصل إليه مؤخراً بين الأخير والفصائل الفلسطينية، في موضوع التهدئة وإمكانية الاعلان عن وقف لإطلاق نار متبادل بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. وركز الاجتماع أيضاً على مسألة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، بما في ذلك امكانية ضم حركتي حماس والجهاد الاسلامي إلى صفوف منظمة التحرير الفلسطينية(12).

وفي 7/2/2005، اجتمع اللواء موسى عرفات، قائد قوات الأمن الوطني في قطاع غزة، مع الوفد الأمني المصري، وناقش الجانبان هيكلية قوات الأمن الوطني ومهامها. وتم بحث اعادة الانتشار لقوات الأمن الوطني الفلسطيني في المنطقتين الشمالية والجنوبية لقطاع غزة، التي تمت قبل ما يزيد عن الأسبوعين، وما مرت به من أزمات وعوائق خلال تنفيذها على الأرض. كما ناقش الجانبان فترة التهدئة التي أعقبت إعادة الانتشار والخروقات الإسرائيلية التي صاحبتها وما نتج عنها من تداعيات.

وفي نفس اليوم، وإثر لقاء جمع قادة حماس في غزة مع الوفد الأمني المصري برئاسة اللواء البحيري، أعلنت حماس على لسان محمود الزهار أحد قادة حماس، أن حركته ملتزمة بتهدئة ذاتية لاختبار نوايا إسرائيل. ودعت  الحركة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى عدم اتخاذ قرارات في قمة شرم الشيخ المزمع اجراؤها في 8/2/2005، قبل الرجوع إلى الفصائل الفلسطينية.

وفي اجتماع آخر في ذات اليوم بين حركة الجهاد الاسلامي والوفد الأمني المصري. أكد الشيخ نافذ عزام أحد قادة الجهاد، أن الحركة ستعلن موقفاً إيجابياً بشأن موضوع الهدنة، إذا ما كان هناك التزام إسرائيل بالمطالب الفلسطينية وخطوات تنفيذية على الأرض.

ومن ناحيته، قال أحمد حلس أمين سر حركة فتح في غزة، عقب لقاء وفد الحركة بالوفد الأمني المصري في 7/2/2005. يمكن أن يكون هناك اتفاق على وقف اطلاق نار متبادل، لكن باشتراطات تضمن الانسحابات الإسرائيلية ووقف العدوان وإطلاق سراح الفلسطينيين(13).

وفي 8/2/2005، طرح الوفد الأمني المصري، الذي ترأسه اللواء مصطفى البحيري نائب مدير المخابرات العامة المصرية، في لقائه مع وفدين قياديين يمثلان الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين كل على حدة، ثلاث نقاط رئيسية هي: ضرورة جعل أي انسحاب اسرائيلي من الأراضي الفلسطينية جزءاً من خطة خارطة الطريق، والعمل على تثبيت وقف إطلاق نار متبادل مع الإسرائيليين، ومواصلة الحوار الفلسطيني وترتيب البيت الداخلي(14).

وفي 10/2/2005، اجتمع الوفد الأمني المصري الموجود حالياً في غزة، مع وفد حركة حماس، وبحث معه مسألة وقف إطلاق النار. وتفسيرها للهجمات التي شنتها عناصر الحركة على مستوطنات اسرائيلية جنوب قطاع غزة. وقال سامي ابو زهري الناطق الاعلامي لحركة حماس، أن عمليات المقاومة التي جرت يوم 10/2/2005، هي رسالة موجهة إلى الاحتلال الاسرائيلي رداً على الخروقات والتجاوزات الإسرائيلية التي أعقبت قمة شرم الشيخ، وليس رسالة للرئيس عباس(15).

حماس والجهاد بانتظار لقاء توضيحي للرئيس عقب قمة شرم الشيخ

اعتبرت حركتا المقاومة الاسلامية "حماس" والجهاد الاسلامي، أن ما جاء في قمة شرم الشيخ التي عقدت في 8/2/2005، بين الرئيس محمود عباس وأرييل شارون، بحضور الرئيس المصري حسني مبارك وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، لم يرق إلى آمال وطموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني، وأن القمة لم تقدم شيئاً لهذا الشعب. وقال الناطق الاعلامي لحركة حماس، أن ما أعلن في القمة عما يسمى بوقف اطلاق النار لا يعبر عن موقف الفصائل الفلسطينية، وإنما يعبر فقط عن موقف السلطة الفلسطينية. مشيراًَ إلى أن ما اتفق عليه بين الفصائل والسلطة هو تدارس هذا الموضوع مع الفصائل ومن ثم الخروج بإعلان نهائي. وأن الفصائل لن تعلن الهدنة إلا في ضوء إلتزام اسرائيلي بشروط واضحة تم إعلانها من قبل. وقال نافذ عزام القيادي في حركة الجهاد الاسلامي، أن حركته ستنتظر حتى يتم التوضيح حول قضايا لم يتم التطرق إليها في قمة شرم الشيخ، وحول استحقاقات يجب أن تقوم بها إسرائيل قبل أن يتم إعلان تهدئة أو هدنة. وأشار إلى أن لقاءاً قريباً سيجمع الفصائل الفلسطينية مع الرئيس ابو مازن، لمناقشة ما تم في قمة شرم الشيخ ليحدد على ضوءه موضوع إعلان الهدنة(16).

الرئيس عباس يطلع الفصائل الفلسطينية على نتائج قمة شرم الشيخ

وصل الرئيس محمود عباس "أبو مازن" إلى غزة ظهر يوم 11/2/2005، لإطلاع الفصائل الفلسطينية، وبخاصة حركتي حماس والجهاد الاسلامي، لإطلاعهم على نتائج قمة مؤتمر الشيخ، الذي عقد في 8/2/2005، والذي اهتز في 10/2/2005، بعد قصف حماس لمستوطنات اسرائيلية بعدد من القذائف الصاروخية، رداً على الخروقات الإسرائيلية.

وعقب وصوله إلى غزة، استقبل الرئيس عباس، الوفد الأمني المصري برئاسة اللواء مصطفى البحيري في مكتب الرئاسة في غزة. واستعرض الوفد المصري الجهود التي يقوم بها من أجل إنجاح مهمته التي جاء من أجلها بناءاً على طلب السلطة الوطنية، لبحث متطلبات أجهزة السلطة ليتاح لها القيام بمهامها على أكمل وجه لما فيه مصلحة عليا لشعبنا(17).

وفي 12/2/2005، توصل الرئيس محمود عباس، مع حركتي حماس والجهاد الاسلامي، في اجتماعه معهما كل على حدة في مكتبه بمقر اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف في غزة، إلى اتفاق يقضي بالتزامهما بالتهدئة التي كانتا أعلنتا عنها قبل عقد قمة شرم الشيخ في 8/2/2005. كما تم الحديث أيضاً عن حق الدفاع عن النفس. وقال محمود الزهار أحد قادة حماس، أنه إذا حدث خرق اسرائيلي سيكون هناك لقاء بيننا وبين السلطة الوطنية لوضع آليات الرد على هذا العدوان. وقد قدم الرئيس عباس شرحاً مفصلاً عن كافة الاتصالات التي أجراها خلال الفترة السابقة مع كافة الأطراف. حيث قال الرئيس، أن إسرائيل أعلنت عن التزامها بوقف كل أشكال العدوان على الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، بما في ذلك الاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات، وأيضاً إنهاء حالة المبعدين والمطاردين وعدم المساس بهم على الإطلاق.

من جهته أكد القيادي في حركة الجهاد الاسلامي نافذ عزام، أن الحركة مستمرة في أجواء التهدئة الحالية التي أعلنت عنها قبل أكثر من أسبوعين من لقائها مع الرئيس ابو مازن، إلا أنها لن تعلن عن هدنة أو وقف لإطلاق النار إلا بعد أن تدرس ما تم الاستماع اليه في لقاء اليوم مع قيادات الحركة في الداخل والخارج. حيث تم الاستماع من الرئيس عباس إلى شرح كامل عما جرى في قمة شرم الشيخ وإجابات واضحة على كافة الأسئلة والمطالب التي نطرحها والشعب الفلسطيني.

كما أكد لنا الرئيس أن هناك التزامات اسرائيلية كاملة بوقف كل أشكال العدوان وحل مشكلة المطلوبين والمطاردين وعودة جميع المبعدين، والانسحاب من المدن والشروع في بناء ميناء غزة البحري، بالإضافة إلى موضوع الأسرى، والذي جرى فيه الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة يقوم فيها الفلسطينيون بدور رئيس في تحديد المعايير لمن يطلق سراحه. وتم الاتفاق على عقد لقاءات أخرى في وقت قريب مع الرئيس ابو مازن، بعد دراسة ما تم الاستماع إليه داخل الحركة من أجل الاعلان عن موقفنا النهائي في غضون الأيام القليلة القادمة بشأن الهدنة ووقف إطلاق النار.

وفي 14/2/2005، أكد الرئيس محمود عباس، خلال اجتماعه في غزة، مع وفد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن إعلان كافة الفصائل الفلسطينية بالتهدئة ووقف لإطلاق النار والهدنة يتطلب إلتزاماً اسرائيلياً بتنفيذ استحقاقات قمة شرم الشيخ، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اللجان الأربع المشتركة لهذا الغرض. وأشار عضو المكتب السياسي للجبهة رمزي رباح، إلى أن الاجتماع كان إيجابياً وبناءاً، وأن الجبهة أعلنت بوضوح إلتزامها بالتهدئة ووقف إطلاق النار المتبادل، مقابل إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين ووقف ملاحقة المطلوبين وإعادة المبعدين وانسحاب قوات الاحتلال إلى المواقع التي كانت عليها قبل الثامن والعشرين من أيلول العام 2000، وتفكيك المستوطنات ووقف البناء في جدار الفصل العنصري تمهيداً لإزالته(18).

الوفد الأمني المصري في رام الله

وصل الوفد الأمني إلى رام الله قادماً من غزة في 12/2/2005، برئاسة اللواء مصطفى البحيري نائب رئيس المخابرات المصرية. وقد التقى الوفد الأمني المصري باللواء الحاج اسماعيل جبر مدير الأمن العام في الضفة الغربية في 13/2/2005، وتم بحث أهمية إعادة تأهيل وتشكيل الأجهزة الأمنية، إضافة إلى بعض القضايا الأمنية الأخرى. كما عقد الوفد المصري إجتماعاً مع العميد علاء حسني مدير شرطة رام الله، وبحث معه نفس الموضوع المتعلق بالأجهزة الأمنية(19).

وفي 14/2/2005، اجتمع أحمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني، مع رئيس الوفد الأمني المصري والوفد المرافق له، في مقر الرئاسة في رام الله. وأطلع الوفد المصري رئيس الوزراء على اجتماعاته مع قادة الفصائل في غزة، وما تبلور عن هذه الاجتماعات، إضافة إلى نتائج الاجتماعات التي عقدها الوفد مع قادة الأجهزة الأمنية في القطاع وجهودهم ولقاءاتهم مع قادة الأجهزة في الضفة الغربية. واستعرض الوفد المصري مع أبو علاء الخطة المصرية للمرحلة المقبلة وسبل دعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وتم الاتفاق على استمرار التواصل والتنسيق والتعاون، بهدف إعادة بناء وتنظيم هيكلة أجهزة الأمن الفلسطينية وبالشكل الذي يدعم قرارات السلطة الوطنية الفلسطينية لتلبية متطلبات المرحلة المقبلة. وأطلع ابو علاء الوفد المصري على صورة التحرك السياسي الفلسطيني الراهن والمستقبلي، وأطلعهم على فحوى الاجتماعات الفلسطينية الإسرائيلية الأخيرة.

كما اجتمع الوفد المصري مع وزير الداخلية حكم بلعاوي في مقر وزارة الداخلية، وتم بحث نفس القضايا، إضافة إلى سبل ترسيخ وتوحيد الأجهزة الأمنية تحت لواء وزارة الداخلية لتتمكن من القيام بواجباتها. كما اجتمع الوفد مع رئيس جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية العميد زياد هب الريح في رام الله. وتم بحث احتياجات الجهاز ورؤيته المستقبلية للعمل وسبل تطويره(20).

وفي 15/2/2005، اختتم الوفد الأمني المصري برئاسة اللواء مصطفى البحيري نائب مدير المخابرات العامة المصرية، وعضوية اللواء محمد ابراهيم مسؤول ملف فلسطين، مهمته في الأراضي الفلسطينية، بعد سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين الأمنيين والسياسيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وقطاع غزة، ناقش خلالها احتياجات الأجهزة الأمنية الفلسطينية من حيث التدريب والمعدات، وسبل تدعيم وتقوية وزارة الداخلية الفلسطينية وترسيخ وتوحيد الأجهزة(21).

 

اجتماع ثنائي بين حماس والجهاد الاسلامي

أكدت حركتا حماس والجهاد الاسلامي في 16/2/2005، مواصلة إلتزامهما بالتهدئة التي أعلنت أمام الرئيس محمود عباس والوفد الأمني المصري، رغم الخروقات الإسرائيلية المستمرة، التي كان آخرها استشهاد أربعة فلسطينيين خلال أسبوع واحد فقط. وقال الناطق باسم حماس مشير المصري، أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي وبعد رؤيتهما لمواصلة الخروقات الإسرائيلية، ومن منطلق تعزيز الوحدة الوطنية تداعتا إلى اجتماع ثنائي، خلصتا فيه إلى الإلتزام كل منهما بما أعلنتا عنه في السابق في موضوع التهدئة. وأشار إلى أن الاعلان عن الهدنة ووقف لإطلاق نار طويل الأمد أو قصير، مرتبط تماماً بمدى التزام الاحتلال الاسرائيلي، بالشروط والمطالب الفلسطينية التي تحظى بإجماع كافة قوى وفصائل الشعب الفلسطيني. وقال خضر حبيب القيادي في الجهاد الاسلامي، أن الحركة ستستمر في حالة التهدئة على الأرض، إلا أنها تسجل الخروقات الإسرائيلية وتدرس الرد المناسب.

ويعتبر هذا الاجتماع باكورة اجتماعات متواصلة لدراسة الأوضاع وتبادل وجهات النظر المشتركة بما يخدم المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني(22).

الفصائل تؤكد مجدداً التزامها بالتهدئة

أكدت أبرز فصائل المقاومة الفلسطينية، وهي حماس والجهاد الاسلامي وكتائب الأقصى في 27/2/2005 إلتزامها بالتهدئة، على الرغم من العملية الانتحارية في تل أبيب التي وقعت في 25/2/2005، وأسفرت عن سقوط أربعة قتلى اسرائيليين وإصابة نحو ستين جريحاً(23).

لقد تأجل موعد الحوار بين الفصائل الفلسطينية الذي كان مقرراً في الأول من آذار المقبل إلى الخامس منه، بهدف التوصل لهدنة مع إسرائيل، وذلك لمشاركة الرئيس محمود عباس في المؤتمر الدولي الذي سيعقد بلندن في بداية آذار حتى ينتهي المؤتمر، ليتسنى للرئيس عباس المشاركة في الإعلان عن نتائج الحوارات الفلسطينية-الفلسطينية(24). وفي 27/2/2005 أعلن جبريل الرجوب، مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، أنه تم إرجاء الحوار حتى 15 من آذار 2005، وذلك لعدة أسباب منها تداعيات عملية تل أبيب السابقة، ولأن إسرائيل منعت عدداً من وفود الفصائل الفلسطينية المشاركة في الحوار من مغادرة البلاد(25).

ما قبل الحوار

في 11/3/2005، سمحت إسرائيل لقيادات من حركة فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية بمغادرة قطاع غزة والمشاركة في حوار القاهرة، بعد أن كانت تفرض حظراً على تحركاتهم منذ بداية الانتفاضة عام 2000، حيث سمحت لكل من جميل المجدلاوي عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في قطاع غزة، وصالح زيدان عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالسفر إلى مصر للمشاركة في حوار القاهرة. في حين رفضت السماح لممثلين عن حركتي حماس والجهاد الاسلامي بالمشاركة في الحوار، حيث ستقتصر مشاركة الحركتين على وفود من الخارج.

كما توجه إلى القاهرة في 13/3/2005، د. سمير غوشة، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، على رأس وفد يضم كلاً من خالد شعبان عضو المكتب السياسي، ورفيق ابو ضلفة عضو اللجنة المركزية للجبهة. كما وصل إلى القاهرة وفد الجبهة الديمقراطية، لحضور المحطة الحوارية الثالثة من الحوار الوطني الفلسطيني-الفلسطيني، ويتشكل الوفد الذي يترأسه فهد سليمان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية من صالح زيدان، ومعتصم حمادة وخالد عطا. ووصل كذلك إلى القاهرة وفد الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" برئاسة الأمين العام صالح رأفت وعضوية كل من جمال زقوت ويسري درويش عضو المكتب السياسي(26). كما توجه إلى القاهرة د. زكريا الآغا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وصخر بسيسو وعبد الرحمن حمد، وقد سبقهم أمين سر حركة فتح في غزة أحمد حلس، وسمير المشهراوي للتحضير للحوار.

كما يتوجه الرئيس محمود عباس "ابو مازن" في 15/3/2005، إلى مصر من أجل المشاركة في هذه المحادثات والإعلان عن هدنة تلتزم بها جميع الفصائل الفلسطينية، بغية إعطاء فرصة لمفاوضات السلام لكي تسير بشكل سليم(27). كما وصل إلى القاهرة من دمشق كل من رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل، والأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي رمضان شلح، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة أحمد جبريل، والأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة، وذلك للمشاركة في الحوار(28).

وقد أطلعت القاهرة فصائل فلسطينية بما كان في جعبة وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز، الذي التقى الرئيس حسني مبارك ورئيس جهاز الاستخبارات الوزير عمر سليمان، في مدينة شرم الشيخ في 13/3/2005. وقد طلبت القاهرة من موفاز ضمان مجيء ممثلين عن الفصائل الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية للمشاركة في مؤتمر الحوار الذي سيفتتح في 15/3/2005، ويستمر ثلاثة أيام، ثم عودتهم إلى الداخل الفلسطيني من دون توقيف أحد منهم او منعه من العودة.

وسيلقي كل من رئيس المخابرات العامة المصرية عمر سليمان، ووزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط، كلمة في افتتاح المؤتمر الذي سيتحدث في بدايته أيضاً الرئيس محمود عباس "ابو مازن" إضافة إلى ممثل عن الحكومة السورية يحضر مثل هذه الاجتماعات، وهو نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وذكرت صحيفة الحياة اللندنية، أن ورقة مصرية ستسلم في الجلسة المغلقة، تعرض الرؤيا المصرية للدفع بمسيرة السلام من دون انتقاص من الحقوق الفلسطينية. وذكرت المصادر أن وجهة النظر المصرية تقوم على تحويل التهدئة الحالية إلى هدنة معلنة ملتزم بها لمدة سنة من جانب كل الفصائل الفلسطينية وعدم خرق الهدنة حتى لو حدثت تجاوزات اسرائيلية(29).


 

حوار القاهرة

الجلسة الافتتاحية

أكد الرئيس محمود عباس "أبو مازن" في كلمته لدى افتتاح أعمال مؤتمر الحوار الوطني في القاهرة مساء 15/3/2005، أن السلطة الفلسطينية لن تقبل بتنفيذ الالتزامات من جانب واحد فقط. وحذر من خطورة نتائج استمرار تلكؤ إسرائيل في تنفيذ تفاهمات قمة شرم الشيخ الأخيرة. وأبلغ الرئيس ابو مازن قادة الفصائل الـ 12 الذين يجلسون حول طاولة المحادثات، بأن انخفاض الهجمات قد أدى إلى تخفيف المعاناة اليومية للفلسطينيين. وقال أن الهدنة تساهم في دعم قضية شعبنا إقليمياً ودولياً وفي رفع المعاناة عنه. وأكد الرئيس ابو مازن، أن الهدنة التي أعلنتها الفصائل الوطنية والإسلامية أتت بثمار إيجابية وملموسة لصالح المواطنين والقضية وتساهم بدفع العملية السياسية إلى الأمام.

وشدد الرئيس أبو مازن، على أن القيادة الفلسطينية لن تقبل بأن تكون الهدنة إلتزامات من جانب واحد، مطالباً رئيس الوزراء الاسرائيلي بالالتزام بما تعهد به في قمة شرم الشيخ، بهدف الوصول إلى التهدئة وتهيئة الظروف للعودة إلى طاولة المفاوضات. وأوضح عباس، أن الوقف التام للهجمات ضروري لاقناع شارون باستئناف محادثات السلام ولضمان بعض مطالب الفصائل.

وأثنى الرئيس عباس، على جهود مصر التي تستضيف الحوار الوطني ودعمها الكبير للقضية ومساندتها المتواصلة لأبناء شعبنا. وأضاف، نؤكد في نفس الوقت ضرورة إحياء المسار السياسي والمضي قدماً في تنفيذ الاتفاقات والانتقال السريع إلى مفاوضات الوضع النهائي للتوصل إلى تسوية لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي في الأراضي المحتلة سنة 1967. وأشار، إلى مبادرة السلام العربية في بيروت العام 2000، التي اقترحت تطبيع العلاقات بين جميع الدول العربية واسرائيل، وإعادة إسرائيل لكامل الأراضي العربية المحتلة بعد حرب 1967. وأكد الرئيس عباس على ضرورة تأكيد هذه المبادرة خلال القمة العربية في الجزائر في 22 من مارس 2005.

وقال وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط، في مستهل الاجتماعات، أن التحديات التي يواجهها المجتمع الفلسطيني كبيرة ومتعددة، وتتطلب وضع الخلافات جانباً. وأن يتم التوصل إلى اتفاق واضح حول عناصر التحرك الفلسطيني في المرحلة القادمة. وأكد ابو الغيط استمرار الدعم المصري للقضية الفلسطينية. موضحاً أهمية نجاح الحوار والوصول إلى الهدنة التي ستساهم بمزيد من الزخم والدعم الدولي للقضية الفلسطينية.

من جهته دعا مدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان في كلمته الافتتاحية، إلى التوصل إلى اتفاق لتثبيت المناخ الحالي من التهدئة، واستمرار التهدئة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في صلب المحادثات الفلسطينية، بغية مواصلة مفاوضات السلام مع إسرائيل. وقال مسؤولون مصريون مطلعون على المحادثات، أن مصر تدفع أيضاً بفكرة هدنة أوسع لعام واحد، إضافة إلى مشاركة من قبل المجموعات المسلحة في السلطة الفلسطينية.

ويقول قادة الفصائل الفلسطينية، أنهم ليسوا معنيين بالموافقة على وقف اطلاق النار، إذا لم يقم الرئيس عباس بتأمين مطالبهم من إسرائيل، ومن بينها إطلاق سراح الأسرى وإنهاء الاجتياحات العسكرية للمدن الفلسطينية ووقف عمليات اغتيال الناشطين.

وقال محمد نزال أحد قادة حماس الذي يشارك في المحادثات، أن الحركة ستوافق على هدنة طويلة الأجل فقط، إذا استجابت إسرائيل بإيجابية لعدد من المطالب تتضمن الإفراج عن الأسرى ووقف الاغتيالات والاجتياحات. وقال نزال خلال مقابلة في القاهرة قبل المحادثات، إذا لم يستجب الاسرائيليون لشروطنا الأساسية، فإن الهدوء لن يستمر طويلاً. وقال لاحقاً، نحن مستعدون لبحث التهدئة، ولكننا لسنا مستعدين لبحث الهدنة.

وأكدت الفصائل الفلسطينية المجتمعة في القاهرة برعاية مصرية، إلتزامها بما أعلنت عنه سابقاً في موضوع التهدئة، وتمسكها بضرورة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ الشروط الوطنية وفي مقدمتها إطلاق سراح الأسرى وعودة جميع المبعدين والانسحاب الاسرائيلي ووقف العدوان. وأشارت الفصائل إلى أن التزامها بالتهدئة يأتي في سياق منح الفرصة للتحرك السياسي أن يسير في الاتجاه الصحيح الذي من شأنه أن يخدم القضية الفلسطينية.

وحول ما تم نقاشه في الجلسة الأولى للحوار، قال رئيس وفد حزب الشعب بسام الصالحي، أنه تم البحث في جدول أعمال الحوار، الذي تضمن قضايا رئيسية وهي، الخطاب السياسي، والبرامج والرؤية السياسية، وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني. مؤكداً على أنه كان هناك توافق وتأكيد من قبل الجميع حول هذه المواضيع. ولفت إلى أنه كان هناك ميل كبير تجاه إرسال رسالة واضحة للعالم أجمع وللشعب الفلسطيني أن هناك رؤية سياسية واضحة تقوم على أساس التمسك بالثوابت الوطنية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، الاستعداد للاستمرار في التهدئة ومطالبة العالم بالضغط على إسرائيل من أجل وقف العدوان والاحتلال وبناء جدار الفصل العنصري وإطلاق سراح المعتقلين. وذكر أنه كان هناك تقدير كبير من الجميع لأهمية بعض الخطوات الداخلية التي أنجزت، مثل الانتخابات الرئاسية والمجالس المحلية والسير لإنجاز الانتخابات التشريعية، مؤكدين ضرورة مواصلة خطوات الاصلاح الداخلي بما يشمل كافة المؤسسات الفلسطينية. وأشار، إلى أنه وبعد تجديد الإطار العام للحوار والاتفاق على جدول أعماله، سيتم اليوم الـ 16/3/2005 في الساعة العاشرة الانطلاق في البحث في كافة المواضيع المتفق على نقاشها، حيث ستكون جلسة للفصائل فقط(30).

الحوار الوطني الفلسطيني في يومه الثاني

استؤنفت في القاهرة في 16/3/2005 جلسات الحوار الوطني الفلسطيني، الذي يشارك فيه 13 فصيلاً ويحضره للمرة الأولى مسؤول سوري وليد المعلم نائب وزير الخارجية السوري، وتتجه النية في جلسات الحوار نحو اتفاق على تثبيت واستمرار التهدئة وأن أجواء الحوار تتسم بالإيجابية. ودعا الرئيس محمود عباس في تصريحات صحافية الفصائل إلى عدم التخلي عن نهج التهدئة، حتى لو صادفتنا العقبات أو ظهرت في الأفق مماطلات اسرائيلية، ولابد أن نعرف جيداً أننا نواجه مفاوضاً ليس سهلاً وعلينا أن ننزع الذرائع منه. وقال أن أهداف المرحلة الحالية أي حتى نهاية 2005، هي أن نصل بشعبنا إلى حدود أيلول 2000 ما قبل الانتفاضة، وتحقيق الأمان لشعبنا وتلبية حاجياته الأساسية بعد كل ما تحمله من معاناة.

وقال نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس قبل بدء الاجتماعات، أن الحوار يسير بطريقة إيجابية، وموقف الفصائل معقول جداً، الحديث يدور عن تأييد لاستمرار في الهدنة، ولدى الجميع إحساس بالمسؤولية وبالرغبة في تحقيق نتائج إيجابية.

وقال مسؤول فلسطيني في القاهرة، أن السلطة الفلسطينية ستعرض على قادة الفصائل الذين يتخذون من العاصمة السورية مقراً، العودة إلى قطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي المقرر في تموز المقبل. ويشترط قادة الفصائل أن تكون التهدئة لفترة غير طويلة لإعطاء الرئيس عباس فرصة لإقناع إسرائيل بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي من أجل الانتقال لمفاوضات الوضع النهائي(31).

وفي اليوم الثاني للحوار 16/3/2005، قال مسؤولون فلسطينيون، أن الفصائل التي واصلت اجتماعاتها، اقتربت من الاتفاق على وقف رسمي للهجمات على إسرائيل، لكنها ما زالت تناقش مدة هذه الهدنة. فيما حظي موقف فتح الذي أعلن عنه صخر بسيسو نائب أمين سر المجلس الثوري للحركة، عضو الوفد لحوارات القاهرة، القاضي بالموافقة على اعتماد مبدأ المناصفة في الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في 17 تموز المقبل على أساس 50% للتمثيل النسبي، 50% للدوائر الانتخابية، بتثمين كافة الفصائل الفلسطينية المشاركة في الحوار.

وقال د. زكريا الآغا عضو وفد فتح خلال المحادثات، لقد تم تشكيل لجنة من أجل صياغة بيان قائم على مسألتين، الأولى التهدئة، وترتيب البيت الفلسطيني.

وقال عضو الوفد المشارك عن حركة فتح سمير المشهراوي، أن موضوع استمرار التهدئة حظي بأهمية كبرى من النقاشات بين كافة الفصائل المتحاورة. وهناك إجماع على أهمية تعزيز التهدئة، ولكن بالمقابل وفيما يتعلق بالموقف الاسرائيلي من كافة القضايا والشروط الوطنية، لا سيما الافراج عن الأسرى وإنهاء قضيتي المبعدين والمطلوبين والانسحاب من المدن. وأوضح أن كافة الفصائل أكدت أن الكرة الآن أصبحت في الملعب الاسرائيلي وأنه على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته لاستثمار هذه الفرصة وهذه المبادرة الفلسطينية، التي من شأنها تحقيق سلام عادل وشامل وحقيقي في المنطقة.

وحول ما طرحه وفد حركة فتح خلال جلسات يوم 16/3/2005، ذكر المشهراوي أن فتح تناولت القضايا التي تهم الشأن الفلسطيني بمسؤولية عالية، أضفت على مجموع الحضور أجواء من الارتياح والايجابية، وبخاصة فيما يتعلق بموضوع الشراكة السياسية والاستعداد لإعادة بناء وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والشراكة أيضاً من خلال الانتخابات.

ووفق مصادر شاركت في الاجتماعات، فإن حركة فتح تؤيدها في ذلك مصر، تعتقد أن ترتيب البيت الفلسطيني بما فيه الشراكة السياسية، يحتاج إلى مناقشات مطولة حول تفاصيل كثيرة لا يتسع وقت حوار القاهرة لحسمها، ولابد أن تجري داخل الأراضي الفلسطينية.

وصرح عضو المكتب السياسي لحركة حماس، الناطق الرسمي باسمها محمد نزال، بأن الحوار لابد أن يخرج باتفاق حول التهدئة وشروط استمرارها، وشدد على الأجواء الايجابية التي تسود الاجتماعات. وأشاد بتأكيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في كلمته الافتتاحية على أنه "لا بديل عن الحوار الديمقراطي لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية".

وذكر مصدر مشارك في الاجتماعات، أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي وصف مؤخراً الهدنة مع إسرائيل بأنها استراحة المحارب يتبنى نهجاً واقعياً وعملياً في تحليله للمراجعة السياسية الراهنة، يرى بمقتضاه أن استمرار التهدئة من أجل اتاحة الفرصة للشعب الفلسطيني لإلتقاط الأنفاس. واضاف المصدر، أن حماس كبرى تنظيمات المعارضة ترغب في إعطاء الفرصة لرئيس السلطة الفلسطينية، الذي يعتقد أن التهدئة والاستقرار في الأراضي الفلسطينية من شأنها دفع المجتمع الدولي إلى تعظيم الضغوط الدولية على إسرائيل من أجل تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، والتحرك باتجاه استئناف المفاوضات السياسية. وفي ظل رؤيتها الواقعية ورغبتها في إعطاء الأولوية خلال المرحلة الراهنة لتفعيل مشاركتها في الحياة السياسية. وتولى حماس اهتماماً كبيراً للبند الثاني على جدول أعمال حوار القاهرة الذي يتعلق بتحديد آليات مشاركة فصائل المعارضة في عملية اتخاذ القرار السياسي الفلسطيني. وذكر محمد نزال، أن حماس ترغب في المشاركة في مرجعية وطنية عليا ولا تمانع في أن تشكل منظمة التحرير الفلسطينية هذه المرجعية. ولكن الخلافات ما زالت قائمة بينها وبين فتح حول نسبة تمثيلها في أي هيئة سياسية عليا.

من جهتها أعلنت حركة الجهاد الإسلامي، أنها على استعداد للالتزام بهدنة قصيرة الأمد، وطلبت من السلطة الفلسطينية الامتناع عن إثارة مسألة جمع سلاح المقاومة الفلسطينية. وقال الناطق باسم الجهاد الاسلامي أنور ابو طه، أن حركته على استعداد للالتزام بهدنة قصيرة الأمد في حالة استجابة إسرائيل لشروط وقف الاغتيالات والاعتداءات وإطلاق سراح الأسرى. وأوضح، أن هناك عدة اقتراحات بشأن السقف الزمني للهدنة أو التهدئة، فالبعض يتحدث عن ستة أشهر، والبعض الآخر يطرح استمرارها حتى نهاية العام. وأكد ابو طه، أن وجهتي نظر طرحتا حول جدول أعمال الحوار في 15/3/2005، ترى التركيز على الهدنة. أما الثانية التي تتبناها الجهاد، فهي أن الهدنة لا تنفصل عن ترتيب البيت الفلسطيني وآليات وأطر المشاركة السياسية في عملية اتخاذ القرار.

من جانبه قال نايف حواتمة أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن النقاش يدور في جلسات الحوار الحالية حول، أن تكون التهدئة بمساحة زمنية على امتداد هذا العام، أو أن تكون التهدئة مفتوحة على ضوء ما يقع على الجانب الاسرائيلي. وشدد، على أنه إذا واصلت حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي أرئيل شارون العدوان والقتل والاعتقالات وعدم الافراج عن الأسرى في السجون الإسرائيلية ومواصلة الاستيطان وبناء جدار الضم، فهذا يعني أن حكومة شارون لا تريد سلاماً ولا تريد تهدئة، بل تريد مواصلة العدوان، لكن الشعب الفلسطيني لن يكون فريسة، ما يؤدي إلى إعادة النظر في التجربة. وأكد، ضرورة أن تكون التجربة متقابلة تبادلية على أساس متواز ومتزامن من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بشأن الهدنة.

وطرح جميل المجدلاوي عضو وفد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، موقفاً باسم الجبهة، أكد فيه أن الجبهة عندما تتحدث عن ترتيب البيت الداخلي، فهي تعمل على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وإعادة بناء كل المؤسسات على أسس ائتلافية وطنية جماعية وعلى أسس ديمقراطية. مشيراً إلى أن قناعة الجبهة تؤكد أن مبدأ التمثيل النسبي هو الذي يحقق هذا الهدف، وذلك كونه مصلحة لتحشيد كل قوى شعبنا وأيضاً تجنباً لسياسية الاقصاء القائمة الآن وفقاً للقوانين السائدة في تنظيم العملية الانتخابية. ولفت المجلاوي إلى أن موضوع الهدنة والتهدئة والمطروح في أكثر من مداخلة من الوفود المشاركة لم يؤخذ فيه حتى الآن قرار نهائي. ومن المتوقع أن تتم مناقشته باستفاضة في جلسات اليوم 16/3/2005، لا سيما أنه مطروح على جدول الأعمال بقوة. وأن هناك اجتهادات متفاوتة وليست متطابقة حول هذا الموضوع، سواء في قبوله من حيث المبدأ، أو من الوقت والشروط التي يمكن أن تعطى في هذه التهدئة، وصلاحية الرد على أية اعتداءات اسرائيلية، والتي أجمع الكل على أنها قادمة لا محالة.

ولم يختلف موقف رئيس وفد حزب الشعب الفلسطيني، وأمينه العام بسام الصالحي عن موقف من سبقوه، من حيث أن التأكيد على أن استمرار التهدئة يحتاج إلى ضغط دولي كبير على حكومة شارون للالتزام بتنفيذ تعهداتها، لا سيما في قمة شرم الشيخ. معتبراً أن خطة الفصل أحادية الجانب عن قطاع غزة، التي يطرحها شارون لا تشكل أساساً للتقدم في العملية السلمية. وأوضح أن وفد الحزب أكد على أهمية المشاركة السياسية من كل الفصائل وترتيب البيت الفلسطيني ومشاركة الجميع في الانتخابات التشريعية القادمة. معتبراً أن موقف حركة فتح يتجه نحو تقريب وجهات النظر للوصول إلى اتفاق وطني تجمع عليه الفصائل الفلسطينية.

وتقول مصادر متعددة في الحوار، أن النية لدى كافة الفصائل دون استثناء تتجه نحو التوصل إلى اتفاق على تثبيت واستمرار التهدئة، لا سيما أن حماس بدأت وكأنها تتبنى نهجاً أكثر واقعية، بتفعيل مشاركتها في الحياة السياسية من خلال تأكيد مشاركتها في الانتخابات المحلية والبلدية والتشريعية(32).

اتفاق فلسطيني على التهدئة:

اتفقت السلطة الوطنية الفلسطينية والفصائل الفلسطينية في اليوم الثالث من الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة في 17/3/2005، على الالتزام بالتهدئة القائمة منذ شهر شباط 2005، حتى نهاية العام 2005، شرط أن توقف إسرائيل هجماتها على الفلسطينيين، وذلك بموجب البيان النهائي الصادر عن الحوار الوطني* الذي تلاه مدير المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان، وأطلق عليه اسم "اعلان القاهرة" الذي ينص على، موافقة المجتمعين على برنامج سياسي للعام 2005، يقضي بالالتزام بالمناخ الحالي للتهدئة في مقابل التزام اسرائيلي متبادل بوقف كافة اشكال العدوان على أرضنا وشعبنا أينما وجد. كما دعا المشاركون إلى الافراج عن جميع الأسرى والمعتقلين، مشددين أيضاً على أن استمرار الاستيطان وبناء الجدار وتهويد القدس الشرقية هي عوامل تفجير. وأجمع المشاركون، على أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة للتعامل بين كافة القوى، دعماً للوحدة الوطنية ووحدة الصف الفلسطيني وعلى تحريم الاحتكام للسلاح في الخلافات الداخلية.

وقال ماهر طاهر عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد تلاوة البيان الختامي، أن حركته أبدت بعض التحفظات حول تعليق العمليات. مشدداً على أنها لا ترى أي فرصة لحل سياسي بالاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة. وكان المسؤول في حركة فتح محمد الحوراني قد صرح قبيل الجلسة الختامية للحوار، أن الفصائل اتفقت أيضاً على تشكيل لجنة تضم الأمناء العامين للفصائل وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير وشخصيات مستقلة من أجل تطوير منظمة التحرير. وأوضح أن كافة القوى الفلسطينية ستشارك في هذه اللجنة. وعلم لدى الجهاد الاسلامي، أن المشاركين اتفقوا على مواصلة الاصلاح الشامل وعقد الانتخابات المحلية والتشريعية في موعدها في إطار قانون جديد يقوم على التمثيل النسبي. واشارت مصادر حماس إلى التأكيد على الثوابت الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة من أجل إنهاء الاحتلال وعودة اللاجئين(33).

الهوامش:


 

* انظر اعلان القاهرة – باب وثائق من هذا العدد.


 

(1) صحيفة الأيام، 13/1/2005.

(2) صحيفة الأيام، 16/1/2005.

(3) صحيفة الأيام، 16/1/2005.

(4) صحيفة الأيام، 18/1/2005.

(5) صحيفة الأيام، 20/1/2005.

(6) صحيفة الأيام، 20/1/2005.

(7) صحيفة الأيام، 24 /1/2005.

(8) صحيفة الأيام، 24 /1/2005.

(9) صحيفة الأيام، 24 /1/2005.

(10) صحيفة الأيام، 30/1/2005.

(11) صحيفة الأيام، 3/2/2005.

(12) صحيفة الأيام، 7/2/2005.

(13) صحيفة القدس، 8/2/2005.

(14) صحيفة الأيام، 9/2/2005.

(15) صحيفة الأيام، 11/2/2005.

(16) صحيفة القدس، 9/2/2005.

(17) صحيفة القدس، 12/2/2005.

(18) صحيفة الأيام، 15/2/2005.

(19) صحيفة القدس، 14/2/2005.

(20) صحيفة القدس، 15/2/2005.

(21) صحيفة القدس، 16/2/2005.

(22) صحيفة الأيام، 17/2/2005.

(23) صحيفة الأيام، 27/2/2005.

(24) صحيفة القدس، 27/2/2005.

(25) صحيفة الحياة الجديدة، 28/2/2005.

(26) صحيفة الأيام، 14/3/2005.

(27) صحيفة القدس، 14/3/2005.

(28) صحيفة القدس، 16/3/2005.

(29) صحيفة القدس، 14/3/2005.

(30) صحيفة الأيام، 16/3/2005.

(31) صحيفة القدس، 17/3/2005

(32) صحيفة الأيام، 17/3/2005.

(33) صحيفة القدس، 18/3/2005.

 


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م