الحوار الوطني الفلسطيني والإنسحاب الإسرائيلي من غزة

من يونيو – ديسمبر 2004

معين الطناني

ابلغ الرئيس ياسر عرفات، اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة المصرية، مبعوث الرئيس المصري حسني مبارك، في لقاء في مقر الرئاسة في رام الله في 23/5/2004، استعداد السلطة الفلسطينية لتسلم قطاع غزة في حال انسحاب إسرائيل منه، شرط أن يترافق ذلك مع انسحابات من الضفة الغربية، علماً بأنه في وقت سابق من اليوم ذاته، التقى اللواء عمر سليمان برئيس الوزراء الإسرائيلي ارئيل شارون، الذي اطلع المسؤول المصري على الخطوط العامة لخطة الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة(*)(1). وبحسب مسؤول فلسطيني كبير شارك في اللقاء بين الرئيس عرفات واللواء سليمان، فإن شارون طلب دوراً مصريا للتأكد من حفظ النظام في غزة، ومنع إطلاق صواريخ القسام أو قذائف الهاون، انطلاقاً من قطاع غزة على مواقع إسرائيلية بعد الإنسحاب الإسرائيلي من القطاع، وأيضاً منع إطلاق عمليات من القطاع ضد أهداف في إسرائيل. إلا ن مصر طلبت في المقابل التزاما إسرائيليا بعدم قصف غزة أو ممارسة الإغتيالات وأعمال القتل والإجتياحات(2).

مبادرة مصرية:

وافق الإسرائيليون والفلسطينيون على مبادرة مصرية، تنص على وقف أعمال العنف، واعادة تحريك مفاوضات السلام، وعقد لقاء بين رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع والإسرائيلي ارئيل شارون. وتنص المبادرة المصرية على:

أن مصر ستتولى تدريب وإعداد وتجهيز قوات امن فلسطينية قادرة على السيطرة وملء الفراغ بعد الانسحاب الإسرائيلي. وان مصر لن تسمح بأن تتعرض قواتها الأمنية التي ستتولى الإعداد والتدريب والتجهيز لأي عدوان اياً كان ذرائعه أو مبرراته، وان القوة التي ستتولى التجهيز والتدريب لقوات الأمن الفلسطينية، ستعمل على تجهيز الفلسطينيين بالمعدات والأجهزة اللاسلكية والعربات والأسلحة الخفيفة، فضلا عن بناء المقرات والسجون، وذلك بالتعاون مع الدول المانحة. والى جوار القوة المصرية ستكون هناك عناصر أمنية وفنية وادارية من دول غربية أوروبية صديقة، تساعد في عمليات الإعداد والتجهيز، وكذلك المراقبة والمتابعة الدقيقة لإلتزام الأطراف بما تم الإتفاق عليه.

وقد طلب اللواء سليمان من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي رداً على هذه الأفكار حتى منتصف يونيو 2004، التي كان عرضها على رئيس الوزراء الإسرائيلي ارئيل شارون، ورئيس السلطة الفلسطينية الرئيس ياسر عرفات، في اجتماعه بهما في 23/5/2004، لإخراج عملية السلام من أزمتها الحالية.

وكان رد الرئيس ياسر عرفات، على ذلك رداً ايجابياً في رسالة وجهها سيادته إلى الرئيس المصري حسني مبارك في 5/6/2004. وينتظر الجانب الفلسطيني الموافقة الإسرائيلية الرسمية على هذه المبادرة، وذلك كي يكون بالإمكان الشروع في تطبيق هذه المبادرة(3). رغم أن هذه المبادرة قد حظيت بدعم دولي من كل من بريطانيا وأمريكا وألمانيا وأسبانيا وفرنسا وغيرها، حيث طلبت مصر من هذه الدول المساعدة بالأموال والمعدات والخبراء من اجل تحقيق السلام، ووضع نهاية للعنف، وتلقت مصر ردوداً ايجابية من الجميع(4)، كما حظيت المبادرة المصرية أيضا بدعم منسق الأمم المتحدة للشرق الأوسط تيري رود لارسن، الذي أعلن عن ذلك في ختام لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القاهرة في 8/6/2004(5).

لقاءات فلسطينية داخلية:

شرعت القوى الوطنية والإسلامية في غزة في 8/6/2004، في حوار داخلي فيما بينها، بحضور قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، من اجل التوصل إلى قواسم مشتركة تضمن وضع خطط فلسطينية تتناسب مع خطة الإنفصال الإسرائيلية من جانب واحد، والتي صادقت عليها الحكومة الإسرائيلية في 6/6/2004(6). وفي جلسة الحوار الوطني في مقر المجلس التشريعي في غزة، في 12/6/2004، بحضور رئيس الوزراء احمد قريع، وممثلي القوى والفصائل الفلسطينية، أكد قريع انه تم الإتفاق على تولي السيطرة على أي جزء من الأراضي الفلسطينية تنسحب منه إسرائيل، صفاً واحداً وبجهد واحد، كلنا معاً لنيل حقوقنا الوطنية المشروعة(7).

وفي إطار اللقاءات الماراثونية بين الفصائل الفلسطينية، عقد لقاء في 15/6/2004، بين الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحركتي حماس وفتح، بالإضافة إلى اجتماع لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية، لإصدار بيان سياسي بخصوص خطة الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وذلك بهدف تنشيط الحوار الداخلي وتهيئة الأجواء لجولة جادة ومصيرية من الحوار الفلسطيني برعاية مصرية(8).

لقاءات فلسطينية مصرية:

اجتمع رئيس الوزراء احمد قريع، مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة في 16/6/2004، حيث تم الحديث في مراجعة التطورات الخاصة بعملية السلام، ونتائج جولة الحوار التي عقدت في غزة، وتبادل الرأي حول جدول أعمال اللجنة الرباعية التي ستجتمع في 24/6/2004، والزيارة المرتقبة للواء سليمان رئيس المخابرات العامة المصرية إلى الأراضي الفلسطينية. كما اجتمع احمد قريع باللواء عمر سليمان، وتم بحث الترتيبات المتعلقة بالدور المصري وتقديم المساعدة الإستراتيجية للسلطة الفلسطينية، لتمكينها من القيام بأعبائها، فيما لو حدث انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية(9).

وفي 23/9/2004، التقى الرئيس ياسر عرفات، في مقر الرئاسة في رام الله، برئيس المخابرات المصرية عمر سليمان، بحضور رئيس الوزراء احمد قريع، ووزير الداخلية حكم بلعاوي، ومستشار الأمن القومي جبريل الرجوب، وممثلي عدد من الفصائل الفلسطينية، وذلك في إطار التحرك المصري لدفع عملية السلام والعمل على التنفيذ السريع لخارطة الطريق. وتم الإتفاق على تكثيف وتنشيط الحوار الوطني الفلسطيني، بالتوازي مع اتخاذ مجموعة من القرارات الملائمة والمناسبة لتوحيد واصلاح الأجهزة الأمنية الفلسطينية، على أن تتم دعوة الفصائل الفلسطينية إلى حوار وطني شامل في القاهرة، في شهر أيلول المقبل. وأكد الرئيس عرفات، عقب اللقاء، أن الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة يجب أن يكون جزءاً من خارطة الطريق، وان يتم انسحاب مماثل من الضفة الغربية، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة(10).

وفي إطار الجهود المصرية المبذولة لتقريب وجهات النظر الفلسطينية، وترتيب الأوضاع، وايجاد مساحات من التقارب بين جميع الأطراف، وتمهيداً للرغبة في توجيه دعوات للفصائل الفلسطينية من اجل إجراء حوار في القاهرة، كشف النقاب في 18/7/2004، عن أن لقاءات مصرية فلسطينية غير معلنة تجري حاليا بواسطة دبلوماسيين مصريين في مدينة غزة، مع مختلف القوى الوطنية والإسلامية، تمهيدا لزيارتي اللواء سليمان مدير المخابرات العامة، والوفد الأمني المصري برئاسة اللواء محسن النعماني واللواء مصطفى البحيري، اللتين كانتا مقررتين الشهر الجاري وتم إرجاؤها إلى وقت لاحق بسبب الأوضاع الداخلية غير المستقرة. وقد تم في لقاء الدبلوماسيين المصريين مع أعضاء من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 18/7/2004، مناقشة سبل التوصل إلى صيغ مشتركة لتطبيق البرنامج الوطني المشترك، الذي أجمعت عليه الفصائل الفلسطينية في آذار الماضي لتشكيل قيادة وطنية موحدة(11). وفي 23/7/2004، جرى لقاء آخر بين الدبلوماسيين المصريين في غزة مع أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وتم في اللقاء تناول الشأن الداخلي في إطار الحوار الوطني. كما جرى التأكيد على أهمية التوصل إلى برنامج وطني مشترك، على قاعدة الحوار والمشاركة في صنع القرار وترتيب البيت الداخلي، بما يضمن معالجة كل القضايا التي من شأنها اعاقة الوصول إلى هذا البرنامج(12). كما كان هناك لقاء مصري مع حركة حماس في السفارة المصرية في غزة في 3/8/2004، حيث صرح الناطق الإعلامي للحركة سامي أبو زهري، أن هناك لقاءات مصرية مع الحركة في كل من غزة ومصر وبشكل متواز، هدفها التباحث بين الطرفين واستيضاح المواقف حول التطورات على الساحة الفلسطينية(13).

تمهيد لإستئناف الحوار الوطني في القاهرة:

وصل ممثلو عدة فصائل فلسطينية من دول عربية إلى القاهرة، للإعداد لجولة جديدة من الحوار بين الفصائل الفلسطينية، تعقد في مصر خلال شهر أيلول. وقالت صحيفة الأهرام المصرية في تقرير لها في 9/8/2004، أن مصر توصلت إلى اتفاق مع حركة حماس، بشأن القضايا الخاصة بتدعيم الوحدة الوطنية الفلسطينية، في مرحلة ما بعد الإنسحاب الإسرائيلي المزمع من قطاع غزة، وبعض أجزاء من الضفة الغربية. كما انه من المقرر أن تتوصل مصر إلى اتفاق مماثل مع حركة فتح، مشيرة إلى أن القاهرة تواصل جهودها للإتفاق مع بقية الفصائل. علما بأن مصر جددت أربعة شروط للمشاركة في حفظ الأمن في قطاع غزة، بعد انسحاب إسرائيلي محتمل هي: الإنحساب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وعدم إغلاق القطاع، وان يكون مفتوحا على العالم، وتشغيل ميناء غزة البحري، ومطارها الجوي. واشترطت كذلك إقامة اتصال بين قطاع غزة والضفة الغربية، وعدم عودة إسرائيل إلى احتلال القطاع مرة أخرى(14).

وفي إطار الجهود المصرية الهادفة إلى صياغة برنامج عمل وطني فلسطيني بحلول منتصف شهر أيلول القادم باتفاق كل الفصائل، أفاد تقرير صحفي في 12/8/2004، أن مصر توصلت مع حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، إلى اتفاق جديد بشأن القضايا الخاصة بتدعيم الوحدة الوطنية الفلسطينية، خلال مرحلة ما بعد الإنسحاب الإسرائيلي المرتقب من غزة. وأكد خضر حبيب احد قياديي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن لقاءاً مصرياً فلسطينياً عقد في السفارة المصرية في غزة، تم خلاله تناول كل القضايا المتعلقة بما بعد الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وأفاد حبيب إلى أن هناك خطة مصرية تتضمن الإنسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وإنهاء حالة الحصار والإغلاق المفروض على الشعب الفلسطيني، وعدم الإجتياح وإعادة تشغيل المطار، وإنشاء الميناء البحري، إلى جانب ما ستقوم به مصر من تأمين للمناطق الحدودية المصرية الفلسطينية، والتواصل الجغرافي بين محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة(15).

مبادرة اتفاق وطني فلسطيني:

يتم منذ فترة تداول مبادرة اتفاق وطني بشأن مرحلة ما بعد الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة،، صاغها النائب المعتقل مروان البرغوثي، أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، ونشرتها صحيفة الأيام في 16/8/2004. وعرضت المبادرة على القيادة الفلسطينية وقيادتي حماس والجهاد الإسلامي، إضافة إلى المسؤولين في مصر. وجرى تطوير هذه المبادرة بالإستناد إلى اتصالات وحوارات جرت مع قيادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لحين وصلت إلى صيغة باتت تلقى موقفاً ايجابياً من قبل الأطراف العاكفة على الإتفاق عليها، وهي ذات الأطراف التي توصلت العام الماضي إلى الهدنة التي دامت 52 يوماً.

نص بنود المبادرة كما وضعها البرغوثي:

1-   تتعهد كافة القوى الوطنية والإسلامية بصيانة وحماية الوحدة الوطنية، وتعمل على تمتين هذه الوحدة على قاعدة ديمقراطية.

2-   تؤكد القوى على تحريم المس بالدم الفلسطيني وترفض وتنبذ استخدام العنف، لحل أي خلاف أو إشكال داخلي مهما كان السبب.

3-   تؤكد القوى على أن ممارسة السيادة الوطنية بعد الإنسحاب الشامل والكامل، وتتم من قبل السلطة الفلسطينية واجهزتها.

4-   يعمل الجسم القيادي (لجنة المتابعة)، على مراقبة تنفيذ قراراته من خلال التنسيق مع الحكومة الفلسطينية.

5-   تعتبر القوى أن الإغتيال السياسي هو شكل محرم، ولا يجوز للسلطة ممارسته اطلاقاً.

6-   تواصل القوى تعزيز وتقوية الإنتفاضة حتى إنهاء الإحتلال والإستيطان للضفة الغربية.

7-   يشرف الجسم القيادي (لجنة المتابعة)، على كافة الممتلكات التي تخليها قوات الإحتلال من قطاع غزة، وتؤمن من خلالها قوات الأمن الفلسطينية عدم المساس والتعدي على هذه الممتلكات.

8-   تعلن القوى الوطنية والإسلامية عن وقف كافة الهجمات والعمليات المسلحة من قطاع غزة بعد انتهاء الإنسحاب، كما ذكر سابقاً.

9-   التوقف عن القيام باستعراضات عسكرية وحظر إطلاق النار في الهواء وفي المناسبات وحمل الأسلحة بالأماكن العامة.

10- تمنح الحرية الكاملة لكافة القوى السياسية لممارسة نشاطاتها السياسية والحزبية، بما في ذلك حرية التعبير عن الرأي والتفكير والإعتقاد.

11- يتم إجراء انتخابات للمجالس البلدية والمحلية في مدة اقصاها ستة اشهر من تاريخ الإنسحاب الإسرائيلي الشامل والكامل من قطاع غزة.

12- يتم فتح الباب أمام جميع العناصر العسكرية التابعين للأجهزة العسكرية بالفصائل للإلتحاق بقوات الأمن الفلسطينية بأجهزتها المختلفة، بحيث يتم تدريبهم ومنحهم الرتبة المستحقة.

13- يحظر من تاريخ الإنسحاب الإسرائيلي على قوات الأمن التدخل في أي نشاط سياسي أو التعبير عن أي رأي سياسي أو الإنتساب إلى أي حزب سياسي. وتقر القوى مجتمعة إنهاء عضوية منتسبي قوات الأمن من عضويتها ومن يرغب في ممارسة النشاط السياسي، فإن باستطاعته أن يترك أجهزة الأمن، وعليه فإن قوات الأمن تتصرف اعتباراً من هذا التاريخ باعتبارها جسماً يخضع للقانون.

14- بعد مرور ثلاثة اشهر من الإنسحاب الشامل، تتعهد العناصر المسلحة والقوى والمواطنين الذين بحوزتهم أسلحة بتسليمها إلى قوات الأمن الفلسطينية، مع تعويضهم عن قيمة هذه الأسلحة.

15- يتم إجراء إصلاح إداري ومالي وامني لكافة الأجهزة بالسلطة على قاعدة إحالة كل من ارتكب مخالفة أو اعتداء أو سيطرة على الممتلكات إلى القضاء، يتم تشكيل لجنة برئاسة قاض لإستقبال الشكاوى.

16-  يتم تطبيق القوانين الصادرة عن المجلس التشريعي بخصوص الجهاز القضائي، بحيث يضمن نزاهته وحياديته، وكذلك يتم تطبيق قانون الخدمة المدنية وقانون التقاعد.

17-  تعتبر كافة القوى أن إجراء الإنتخابات العامة الرئاسية والتشريعية الديمقراطية، هي المدخل والبوابة لإقامة نظام ديمقراطي في فلسطين، وتسعى القوى لتحقيق هذا الهدف طبقاً للظروف.

18- تعتبر هذه المقترحات والأفكار مرحلة اولى نحو الوصول إلى اتفاق وطني شامل سياسي وكفاحي بحكم العلاقات الوطنية، ويجسد الهدف في إقامة إطار مشترك(16).

دعم للحوار الوطني:

التقى الرئيس ياسر عرفات، في مقر الرئاسة في رام الله في 6/9/2004، بوزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط، ورئيس المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان، وتم الإتفاق على أن تستضيف القاهرة قبل نهاية الشهر الجاري حواراً وطنياً شاملاً، بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية للإعلان عن برنامج وطني موحد. وأيضا أن تستضيف مصر خلال الشهر الجاري عددا من الضباط من أجهزة الأمن الفلسطيني، واستعداداً لوصول خبراء مصريين إلى قطاع غزة، بعد التوصل إلى وقف متبادل لإطلاق النار. والتقى الوفد المصري كذلك، بعدد من ممثلي القوى والنواب والشخصيات السياسية، وابلغوها نية القيادة المصرية استضافة الحوار الوطني في القاهرة في غضون أسبوعين. وذكر وزير الخارجية المصري في اللقاء، أن القيادة المصرية تلقت مؤشرات ايجابية جداً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي بشأن نجاح هذا اللقاء(17).

وقد تواصلت اللقاءات بين الدبلوماسيين المصريين في السفارة المصرية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية منذ أيام واستمرت، حيث اجتمع هؤلاء الدبلوماسيون مع وفد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 11/9/2004، بهدف تقييم الوضع ودراسة شروط الحوار الفلسطيني-الفلسطيني المقبل، وعوامل نجاحه من اجل التوصل إلى نتائج ايجابية. كما عقد لقاء ثنائي مع وفد الجبهة الشعبية مع الدبلوماسيين المصريين، تم خلاله تبادل الآراء بشأن زيارة وزير الخارجية احمد أبو الغيط ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عمر سليمان، وتم البحث أيضا في سبل استئناف الحوار الفلسطيني-الفلسطيني في القاهرة، والقضايا التي سيتناولها المتحاورون في حال انعقاد الحوار الوطني في القاهرة الأسبوع المقبل، والذي ستتم خلاله مناقشة ثلاث قضايا مهمة، هي: الإصلاح الفلسطيني، وحماية الوحدة الداخلية الفلسطينية، والإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة(18).

وفي 19/9/2004، ترأس الرئيس ياسر عرفات، اجتماعاً للجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، تم ضمنه استعراض الجهود الجارية لعقد جلسات الحوار الفلسطيني-الفلسطيني برعاية مصرية(19).

ورقة عمل مصرية لتحريك العملية السلمية:

أعدت مصر ورقة عمل لتحريك العملية السلمية، بعد تضارب الأنباء حول موعد وجدوى حوار الفصائل الفلسطينية في القاهرة، وبعد أن أبدى الوفد الأمني الفلسطيني، الذي يضم رئيس المخابرات العامة اللواء أمين الهندي، ومدير عام الشرطة اللواء صائب العاجز، ومدير الأمن العام في قطاع غزة اللواء موسى عرفات، والذي صادق الرئيس ياسر عرفات في 10/9/2004 على مغادرته إلى القاهرة، عقب اتفاق مع الوفد المصري الذي زار رام الله في 6/9/2004، للإجتماع للأجهزة الأمنية المصرية في 13/9/2004، تحضيراً للمساعدة التي ستقدمها مصر في إعادة ترتيب وبناء هيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، استعدادا لإنسحاب إسرائيلي محتمل من قطاع غزة. حيث ابدى الوفد الأمني الفلسطيني في الإجتماع مخاوفه من عدم وجود ضمانات إسرائيلية، بأن يكون الإنسحاب الإسرائيلي المرتقب من قطاع غزة، جزءاً من خارطة الطريق. وقد أعربت مصر عن تفهمها للمخاوف الفلسطينية من احتمال تهرب الجانب الإسرائيلي من استحقاقاته وتوقف العملية السلمية بشكل نهائي، بعد أن تتخلص إسرائيل من قطاع غزة، وبالتالي ضياع القدس والضفة الغربية. كما انه تم طرح هذه المخاوف خلال الحوار الذي اجرته حركة فتح مؤخرا مع المسؤولين المصريين، إذ أوضحت فتح أنها لا تريد أن تتحمل خطأً تاريخياً يتم محاسبتها عليه.

وفي ضوء المخاوف الفلسطينية، قامت القيادة المصرية بعدة اتصالات مع اللجنة الرباعية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وتمكنت من بلورة تقديم ورقة عمل مصرية لتحريك العملية السلمية، تتضمن ستة عناصر، هي:

1-   أن الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة سوف يكون جزءاً من خارطة الطريق.

2-   أن المباحثات حول الوضع في الضفة وباقي الأراضي الفلسطينية ستجري عقب الإنتهاء مباشرة من الإنسحاب من قطاع غزة.

3-   تتزامن المفاوضات حول الضفة الغربية والقدس مع محادثات أخرى حول الوضع النهائي ومشكلات الحدود واللاجئين والمياه.

4-   البنود الثلاثة السابقة سيتم تقديمها في صورة وعود مشتركة مصرية – أمريكية، طبقاً للمرجعية الأمريكية في ذلك، والخاصة بإقامة الدولة الفلسطينية بجانب دولة إسرائيل.

5-   تعهد مصري كامل بإنجاح خطة الإنسحاب من قطاع غزة، وذلك بتقديم كافة المساعدات الفنية للشرطة الفلسطينية، بما فيها مساعدة الفلسطينيين على تشغيل مطار وميناء غزة.

6-   تتضمن الورقة المصرية حدوث تواصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، مقر الرئيس ياسر عرفات والسلطة الفلسطينية(20).

لقاءات ثنائية في القاهرة:

كشفت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى في 17/9/2004، على انه سيتم خلال اللقاءات الثنائية المرتقبة خلال اليومين المقبلين في القاهرة بين مسؤولين مصريين وممثلين عن الفصائل الفلسطينية الرئيسية، تسليم هذه الفصائل ورقة تتضمن الأفكار الرئيسية التي ترى مصر وجوب موافقة الفلسطينيين عليها، كي يكون بالإمكان التوصل إلى اتفاق وطني فلسطيني يرتب الأمور الداخلية الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة، وتحديدا ما بعد الإنسحاب الإسرائيلي المحتمل. حيث أن موافقة الفصائل الفلسطينية عليها ستفتح الطريق أمام عقد مؤتمر شامل لجميع الفصائل الفلسطينية في القاهرة نهاية الشهر الجاري سبتمبر 2004(21).

وفي 21/9/2004، ذكر خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الموجود حاليا في مصر، أن الحركة مستعدة للتوقيع على استراتيجية مشتركة بين الفصائل الفلسطينية حول كيفية إدارة غزة بعد الإنسحاب الإسرائيلي المقترح(22). وفي ختام مباحثات حركة حماس مع المسؤولين المصريين في القاهرة في 22/9/2004، والتي دامت ثلاثة أيام، شدد محمد نزال عضو وفد حركة حماس ومسؤولها الإعلامي، أن الهدف من المباحثات هو معرفة واستطلاع وجهات نظر الطرفين في كثير من الموضوعات المهمة، مثل مستقبل قطاع غزة، بعد الإنسحاب الإسرائيلي، وكذلك تشكيل القيادة الفلسطينية الموحدة، ومسألة إقرار برنامج سياسي موحد. وأكد نزال على موقف حماس الداعم للحوار الوطني الفلسطيني، مطالبا الرئيس عرفات، بإتخاذ ما من شأنه تفعيل الحوار الوطني الفلسطيني، وذلك بالموافقة على تشكيل قيادة موحدة للشعب الفلسطيني تضم كافة الفصائل والتيارات الفلسطينية(23).

رغم ما أشيع من أجواء ايجابية أحاطت بجولة الحوار الفلسطيني- الفلسطيني، التي كان مقررا أن تبدأ في القاهرة في 20/9/2004، إلا أن الأوساط ذاتها التي رعت هذا الحوار وحضَّرت له، أعلنت بشكل مفاجئ عن تأجيله إلى موعد لاحق، رغم أن ممثلي بعض الوفود، أو عددا من أعضائها، كانوا قد وصلوا إلى القاهرة فعلا من اجل المشاركة في الحوار.

وفي الوقت ذاته الذي أعلنت فيه راعية الحوار تأجيله، إلا أنها لم تحدد الموعد اللاحق، بما يشير إلى أن ترتيبات إضافية قد تكون ضرورية لإطلاق جولة الحوار الجديدة بين الفصائل الفلسطينية لتحقيق الهدف المعلن الذي طال انتظاره، وهو التوافق على برنامج وطني وقيادة سياسية تضم كل القوى لمواجهة استحقاقات الفعل الإسرائيلي، سواء تعلق ذلك بما يحدث الآن من عدوان ميداني متواصل، أو من نوايا سياسية متعلقة بخطة الفصل أحادية الجانب(24).

ولقد أثار نبأ مرض الرئيس ياسر عرفات في الأسبوع الأخير من أكتوبر 2004، ووفاته في 11/11/2004 حفيظة التلاحم الوطني بين أبناء الشعب الفلسطيني بكل أطيافه السياسية. واستكمالاً لمسيرة النضال الوطني، عقد خليفة الرئيس الراحل ياسر عرفات لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس، مع قادة الفصائل الفلسطينية لاسيما حركة حماس الجهاد الإسلامي في مدينة غزة في 16/11/200، لقاءات ثنائية مع ممثلي الحركتين من اجل التوصل إلى اتفاق حل العديد من القضايا المهمة، كترتيب الوضع الداخلي، والإنتخابات الرئاسية التشريعية والشراكة السياسية. على أن يجري لاحقاً البحث في الصيغ وسيصار إلى عقد اجتماعات من اجل بلورة الصيغ ومن ثم الإتفاق(25). وفي 2/12/2004، عقد اجتماع بين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس ووفد قادة حركة حماس في قطاع غزة، وقال د.محمود الزهار مسؤول حركة حماس، أن اللقاء جاء تمهيداً لبدء الحوار الوطني داخل الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة بين الفصائل للبحث في ميثاق الشرف الفلسطيني، والحديث عن المرجعية الوطنية الشاملة المؤقتة، هو استكمال للحوار الذي بدأ في القاهرة، أن الحوار سيبدأ مع الأخوة في حركة فتح ثم يمتد إلى بقية الفصائل الفلسطينية حتى نصل إلى إجماع وطني على وثيقة شرف فلسطينية(26).

وقالت صحيفة الأهرام المصرية في 7/2/2004، أن مصر ستستضيف محادثات بين فصائل فلسطينية بالقاهرة في آذار القادم للمساعدة في توحيد مواقفها نحو الإتفاق على مبادئ العمل الوطني الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة. وقد تم الإتفاق على ذلك في 27/11/2004، عقب اجتماعات بين الرئيس المصري حسني مبارك ومحمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واحمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني(27).

ورغم الإنشغال لملء الفراغ الذي تركه غياب الرئيس ياسر عرفات، وإجراء الإنتخابات الرئاسية في 9/1/2004، إلا أن الأنظار ستظل متجهة نحو الحوار الوطني الفلسطيني الشامل للإتفاق على مبادئ العمل الوطني في المرحلة القادمة.

الهوامش


 

(*) عرض ارييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي، لأول مرة خطة فك الإرتباط والإنسحاب الإسرائيلي من غزة، في 14/4/2004. وتم المصادقة عليها من قبل الحكومة الإسرائيلية في 6/6/2004، بأغلبية 14 صوتاً لصالح الخطة مقابل 7 أصوات.


 

(1) صحيفة الأيام، 25/5/2004.

(2) صحيفة الأيام، 26/5/2004.

(3) صحيفة الأيام، 6/6/2004.

(4) صحيفة الأيام، 1/6/2004.

(5) صحيفة القدس، 9/6/2004.

(6) صحيفة الحياة الجديدة، 9/6/2004.

(7) صحيفة القدس، 13/6/2004.

(8) صحيفة القدس، 16/6/2004.

(9) صحيفة الأيام، 17/6/2004.

(10) صحيفة الأيام، 24/6/2004.

(11) صحيفة الأيام، 19/7/2004.

(12) صحيفة الأيام، 24/7/2004.

(13) صحيفة الأيام، 4/8/2004.

(14) صحيفة الأيام، 10/8/2004.

(15) صحيفة الأيام، 15/8/2004.

(16) صحيفة الأيام، 16/8/2004.

(17) صحيفة الأيام، 7/9/2004.

(18) صحيفة الأيام، 14/9/2004.

(19) صحيفة الأيام، 20/9/2004.

(20) صحيفة القدس، 20/9/2004.

(21) صحيفة الأيام، 18/9/2004.

(22) صحيفة القدس، 22/9/2004.

(23) صحيفة القدس، 23/9/2004.

(24) مقال: حوار القاهرة، صحيفة الأيام، 21/9/2004..

(25) صحيفة الأيام، 18/11/2004.

(26) صحيفة القدس، 3/12/2004.

(27) صحيفة الأيام، 8/12/2004.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م