معين الطناني الهدنة القلقة تكثفت الجهود الفلسطينية لتثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار، التي أبرمت من جانب واحد بين الفصائل الفلسطينية في 29/6/2003*، حيث التقى رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في 3/7/2003، مع وفود تمثل حركة فتح، وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" لمواصلة مشاورات الحوار الداخلي والتأكيد على استمرارية الهدنة. وفي 4/7/2003، التقى كذلك مع قادة في حركة الجهاد الاسلامي، وجرت مناقشة الأوضاع الداخلية ومراقبة مدى التزام الجانب الإسرائيلي بتنفيذ الالتزامات التي تم على أساسها توقيع الهدنة. كما اجتمع رئيس الوزراء الفلسطيني، للمرة الأولى مع الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس في 5/7/2003، في محاولة لدعم وقف لإطلاق النار. واجتمع كذلك مع ممثلي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وتم بحث مواصلة انتهاك حكومة شارون وقوات الاحتلال الإسرائيلي لشروط الهدنة، وسبل تحصين الوضع الداخلي من خلال تشكيل قيادة وطنية موحدة وبرنامج سياسي ووطني موحد، لمجابهة كافة الأخطار والتحديات القادمة التي تواجه الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية. وفي إطار الالتزام بالهدنة ووقف إطلاق النار، أعلنت لجان المقاومة الشعبية في 6/7/2003 التزامها بالهدنة ووقف إطلاق النار لمدة ثلاثة شهور بالشروط التي وضعتها القوى الوطنية والإسلامية، التي التزمت من جانبها بالهدنة في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، وهي: الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، وقف كل أشكال الممارسات الإسرائيلية من اغتيالات واعتقالات وتوغلات في جميع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، رفع الحصار المفروض على الرئيس ياسر عرفات وعلى المحافظات الفلسطينية، وإيقاف كافة أشكال الاستيطان، والكف عن لعبة التهويد وفرض الأمر الواقع واحترام المقدسات الاسلامية والمسيحية(1). كما دعت القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس ياسر عرفات، في اجتماع لها في 7/7/2003، إلى استمرار التمسك بوحدة الموقف الفلسطيني كما تجلى من خلال الاتفاق حول الهدنة، ورفض أي محاولات للخروج عن هذه الوحدة وتعزيزها من أجل خدمة المشروع الوطني الفلسطيني، ولكي يتم تطوير الموقف الدولي الساعي لتنفيذ خارطة الطريق وقرارات الشرعية الدولية(2). وفي مهمة تهدف إلى تثبيت الهدنة من المخاطر التي تهددها، والعمل على محاولة تمديدها إلى ستة أشهر بدلاً من ثلاثة، وبخاصة بعد استمرار الخروقات الإسرائيلية لها، وقيام الجهاد الإسلامي بعملية تفجيرية في 7/7/2003 في قرية تعاونية شمال شرق تل أبيب، أدت إلى مقتل سيدة إسرائيلية واستشهاد منفذ العملية، زار غزة في 9/7/2003، وفد مصري برئاسة اللواء مصطفى البحيري نائب جهاز المخابرات المصرية، واللواء محمد ابراهيم مسؤول الملف الفلسطيني، وأحمد عبد الخالق المستشار بالممثلية المصرية في غزة. وقد بدأ الوفد المصري زيارته بلقاء قادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في منزل الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة، بحضور د. عبد العزيز الرنتيسي، ود. محمود الزهار، والمهندس اسماعيل أبو شنب، والشيخ اسماعيل هنية. وقد طلبت حماس من الوفد المصري القيام بالدور الأكبر والتحرك في كل الاتجاهات، وبخاصة أن الفصائل الفلسطينية ما تزال متمسكة بمبادرتها رغم الخروقات الإسرائيلية. وبدوره أبدى الجانب المصري استعداده لمتابعة الوضع والاتصال بالجميع للوصول إلى الأهداف النبيلة. وطالب الوفد المصري حماس بأن يكون تعليق العمليات لمدة ستة أشهر. كما اجتمع الوفد المصري بممثلين عن حركة فتح، ضم كلاً من د. زكريا الآغا، ود. عبد الرحمن حمد، ورشيد أبو شباك، وأحمد حلس. وقال أبو شباك، أن زيارة الأخوة من مصر هي استكمال للزيارات السابقة للتأكيد على دورهم في إعلان الهدنة. مؤكداً التزام الحركة ببيانها السابق حول الهدنة. وبعد ذلك التقى الوفد عدداً من قادة الجهاد الاسلامي، الشيخ عبد الله الشامي، ونافذ عزام، ود. محمد الهندي، وابو حازم النجار. وقال عزام، أن اللقاء كان إيجابياً، وطالبنا مصر بالتحرك من أجل حشد موقف دولي، لكي تتوقف إسرائيل عن عدوانها، وتم الحديث في ملف الأسرى، وضرورة إيجاد موقف مصري تجاه قرار إسرائيل بالسماح للمصلين اليهود بدخول باحات المسجد الأقصى، وخطورة هذا الأمر الذي يمكن أن يفجر المنطقة. كما التقى الوفد المصري، بممثلين عن الجبهتين الشعبية والديمقراطية، ضم كلاً من جميل المجدلاوي وكايد الغول، ورمزي رباح، وتم في اللقاء عرض موقف الجبهتين على الوفد المصري، المؤيد لخارطة الطريق والهدنة، وتم الحديث عن الاعتداءات الإسرائيلية وقضية الأسرى والمعتقلين. والتقى الوفد المصري، بوفد حزب الشعب الفلسطيني برئاسة عبد الرحمن عوض الله، عضو المكتب السياسي للحزب، الذي أكد على ضرورة ترسيخ الهدنة ومواصلة الحوار وتفعيل دور م.ت.ف وتفعيل مؤسساتها، وضرورة التحرك العربي والدولي لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني(3). وفي اليوم التالي 10/7/2003، التقى الوفد المصري مع وفد حركة فدا برئاسة جمال زقوت عضو المكتب السياسي للحزب، ووفد من الجبهة العربية الفلسطينية برئاسة الأمين العام للجبهة. كما اجتمع الوفد المصري مع عدد من قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بينهم اللواء عبد الرزاق المجايدة مدير الأمن العام في محافظات غزة، واللواء موسى عرفات مدير جهاز الاستخبارات العسكرية، والعقيد رشيد أبو شباك مدير جهاز الأمن الداخلي وعدد من الوزراء والمسؤولين. واختتم الوفد المصري لقاءاته باجتماع مع وزير الشؤون الأمنية محمد دحلان في غزة، وتم مناقشة الوضع الداخلي الفلسطيني وقضية الأسرى في السجون الإسرائيلية. وقال دحلان للصحفيين عقب اللقاء، أن الاجتماع هو استكمال للجهود المصرية في تثبيت العلاقات الداخلية الفلسطينية(4). وفي 15/7/2003، اجتمع الرئيس ياسر عرفات، في مقر الرئاسة في رام الله، مع الوزير عمر سليمان، مبعوث الرئيس المصري، مدير المخابرات المصرية العامة، بحضور عدد من المسؤولين الفلسطينيين والمصريين، بهدف مواصلة المشاورات والتنسيق بين الأشقاء لتجاوز المرحلة الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني. وقد شدد الرئيس عرفات، خلال الاجتماع على ضرورة تنفيذ خارطة الطريق التي أعدتها اللجنة الرباعية، وتثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار، وتم مناقشة قضية الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية(5). تحذيرات فلسطينية بوقف الهدنة لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية على مدار شهر كامل من الهدنة التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية في 29 حزيران 2003، حيث قدرت إحصائية لمديرية الأمن العام والشرطة حول الانتهاكات الإسرائيلية، أن عدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا خلال هذه الفترة بلغ 9 شهداء، وأصيب نحو 328 آخرون، واعتقل 331 فلسطينياً. وأن مساحة الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها بلغت 19 ألفاً و373 دونما، فيما جرفت آليات الاحتلال الإسرائيلية حوالي 4 آلاف دونم، واقتلعت 9 آلاف شجرة تقريباً. واشارت الاحصائية، إلى أن ثلاث بؤر استيطانية جديدة أقامها المستوطنون على أراضي المواطنين في الضفة الغربية، في الوقت الذي أدخلت فيه 41 وحدة سكنية جديدة إلى بعض المستوطنات الأخرى(6). هذه الانتهاكات وغيرها من الانتهاكات الإسرائيلية فرضت على الفلسطينيين إعادة النظر في تثبيت الهدنة، ودعت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح إلى الإعلان في 2/8/2003، إلى وقف الهدنة واستئناف العمليات العسكرية ضد إسرائيل(7). وفي 4/8/2003، بدأ رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" جولة جديدة من اللقاءات مع الفصائل الفلسطينية في غزة، في محاولة لتقييم الفترة الماضية من الهدنة والخروقات الإسرائيلية المتواصلة، ولإطلاع الفصائل الفلسطينية على نتائج محادثاته في واشنطن مع كبار المسؤولين الأمريكيين والرئيس جورج بوش في 24-25/7/2003 حيث التقى وفداً يمثل حركة فتح، وفي 5/8/2003 التقى مع وفد حماس والجهاد الإسلامي، الذين أكدوا جميعاً التزامهم بالهدنة ورفض الانتهاكات الإسرائيلية(8). وفي عملية أثارت الكثير من الأسئلة حول فرص صمود واستمرار الهدنة الفلسطينية منذ إعلانها قبل ما يزيد على خمسة أسابيع، قتلت قوات الاحتلال في 8/8/2003 أربعة مواطنين في نابلس بينهم إثنان من كوادر الشهيد عز الدين القسام(9). وقد حملت القيادة الفلسطينية إسرائيل مسؤولية التصعيد المتعمد وارتكاب خرق خطير لوقف اطلاق النار والهدنة، ودعت اللجنة الرباعية إلى تحمل مسؤولياتها(10). وقال د. عبد العزيز الرنتيسي القيادي في حركة حماس، أن الحركة لا تزال ملتزمة بالهدنة، لكنها سترد على الخروقات الإسرائيلية(11). وقال الرئيس ياسر عرفات، في 9/8/2003، أن استمرار إسرائيل في التصعيد العسكري لا يهدد الهدنة فحسب، وإنما عملية السلام بكاملها(12). كما حذر زياد أبو عمرو وزير الثقافة المكلف بملف الحوار مع فصائل المعارضة الفلسطينية من مغبة إنهيار اتفاق الهدنة في ظل مواصلة إسرائيل تصعيدها العسكري ضد الشعب الفلسطيني(13). ونتيجة للموقف الإسرائيلي المتعنت والرافض للالتزام بالهدنة، نفذت كتائب شهداء الأقصى، وكتائب عز الدين القسام في 12/8/2003 عمليتين تفجيريتين متتاليتين، وقعت إحداهما قرب تل أبيب، والثانية قرب مستوطنة أرئيل في الضفة الغربية، قتل خلالهما اسرائيليان وجرح 12 آخرون، إضافة إلى استشهاد منفذي العمليتين. وقد اعتبر الشيخ اسماعيل هنية أحد قياديي حماس أن العمليتين تشكلان، رداً طبيعياً على الموقف الإسرائيلي المتعنت والرافض للالتزام بمبادرة وقف إطلاق النار التي أعلنت عنها فصائل المقاومة في 29 حزيران الماضي. وقال إن الالتزام بالهدنة ليس معناه عدم الرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي ترتكب يومياً(14). ومضت إسرائيل في سياسة التصعيد والعنف ضد أبناء الشعب الفلسطيني، حيث قامت بعملية عسكرية في الخليل في 14/8/2003، أدت إلى استشهاد محمد سدر أحد مسؤولي الجهاد الإسلامي. وهي بهذا تريد تقويض أي هدنة أو أي مسيرة سياسية في المنطقة. واعتبر محمد الهندي أحد قادة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن هذه العملية الإسرائيلية خرق كبير للهدنة، وأن الحركة ما زالت ملتزمة بها، لكن هذا لا يعني عدم الرد على الخروقات الإسرائيلية(15). فكانت العملية التفجيرية التي وقعت في 19/8/2003، في حافلة إسرائيلية في القدس الغربية، قتل فيها 20 اسرائيلياً وأصيب 105 آخرون. وقد تبنتها حركة حماس التي قالت في بيان لها، أن العملية جاءت رداً على استشهاد عنصرين من حماس خلال هجوم إسرائيلي في مطلع آب في نابلس، واستشهاد عنصر من الجهاد الاسلامي في الخليل(16). انهيار الهدنة والدعوة لبلورة اتفاق جديد وحرصاً على تهدئة الوضع ومنعاً لانهيار الهدنة، دعت القيادة الفلسطينية في اجتماعها برام الله في 20/8/2003، الجميع للالتزام بالهدنة(17). إلا أن إسرائيل زادت من حدة التصعيد العسكري ضد أبناء الشعب الفلسطيني، فأقدمت على اغتيال اسماعيل أبو شنب أحد قياديي حماس في 21/8/2003. مما دعا مصر للقيام بمحاولة جديدة لاحتواء الوضع المتردي في الأراضي الفلسطينية، والذي يوحي بانهيار الهدنة، فأرسل الرئيس حسني مبارك مستشاره السياسي د. أسامة الباز، وبصورة مفاجئة إلى رام الله وتل أبيب في 22/8/2003، بهدف احتواء التصعيد الذي طرأ على الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والذي كان من نتيجته أن أعلنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي في بيان مشترك صدر في 22/8/2003، انتهاء الهدنة التي كانتا أعلنتا عنها نهاية حزيران الماضي، محملتين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن وقف هذه المبادرة، مشددتين على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون هو الذي اغتال الهدنة(18). وفي محاولة فلسطينية لاحتواء الوضع المتردي في الأراضي الفلسطينية جراء التصعيد الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني، دعت السلطة الوطنية الفلسطينية في 23/8/2003، إلى بلورة اتفاق جديد لوقف اطلاق النار تكون إسرائيل طرفاً فيه يتم بوساطة أمريكية. وقد رفضت مصادر سياسية إسرائيلية هذه الفكرة. في حين أبدت حركة حماس على لسان أسامة حمدان أحد مسؤولي الحركة استعدادها لمناقشة هدنة جديدة وأية خطوة سياسية تعرض عليها. وظلت إسرائيل ماضية في سياستها، وقامت باغتيال أربعة من كوادر الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس في غزة في 24/8/2003. وعلى إثر هذه العملية والعمليات الإسرائيلية السابقة، أعلن مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين في 24/8/2003، أنه من الصعب على الحركة الموافقة على هدنة قبل الثأر لدماء الشهداء وروح الشهيد اسماعيل أبو شنب، مؤكداً أن حركته كانت قد أعلنت أنها في حل من الهدنة(19). وقد حمل مجلس الوزراء الفلسطيني في جلسته برئاسة محمود عباس رئيس الوزراء في 27/8/2003، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن التدهور الخطير الحاصل على صعيد الأمن والاستقرار في المنطقة. ودعا الرئيس ياسر عرفات، الفصائل والقوى الفلسطينية إلى الالتزام بالهدنة وإفساح المجال أمام الجهود السلمية والدولية لتطبيق خارطة الطريق(20). ورغم أنه أصبح من الواضح إعلان الجيش الإسرائيلي الحرب على أبناء الشعب الفلسطيني، قال مسؤول فلسطيني في 3/9/2003، أن مصر التي توسطت في الهدنة المعلنة في حزيران الماضي، بدأت اتصالات مع بعض قادة حماس في الخارج لدفعهم نحو التوصل لاتفاق جديد لوقف إطلاق النار وتحذيرهم من خطر جسيم إذا ما استمر التصعيد الحالي. وهو ما أكده أسامة حمدان ممثل حماس في لبنان، الذي قال يوم 5/9/2003، أنه في الفترة الأخيرة كانت هناك زيارة لوفد الحركة إلى مصر وأن هناك مخاوف مصرية حقيقية من التداعيات التي قد تحدث نتيجة ما يجري الآن في فلسطين، وبخاصة بعد أن تم اسقاط الهدنة المعلقة من قبل الفصائل الفلسطينية في ظل الجرائم الإسرائيلية المختلفة(21). وفي 8/9/2003، أكد قياديان بارزان في حركتي حماس والجهاد الإسلامي هما د. عبد العزيز الرنتيسي ونافذ عزام، موافقتهما على أية دعوة للحوار يوجهها أحمد قريع "أبو علاء" المكلف من قبل الرئيس ياسر عرفات بتشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة محمود عباس "أبو مازن" المستقيلة في 6/9/2003. وضمن السعي للتوصل لاتفاق وقف لإطلاق النار مع إسرائيل، أشارت مصادر متطابقة إلى أن لقاءات تجري بين ممثلين عن حركة فتح والقوى الأخرى للوصول إلى اتفاق فلسطيني بشأن هدنة جديدة. وقد أبدت حماس في هذه اللقاءات والحوارات استعدادها لقبول وقف إطلاق نار شامل، مقابل ضمانات بتوقف إسرائيل عن عمليات الاغتيال والاجتياحات. علماً بأن مصر تشارك في بعض مستويات هذا الحوار ساعية إلى اقناع الجانب الإسرائيلي بقبول وقف إطلاق شامل من الجانبين(22). وفي 28/10/2003، أعلن أحمد قريع "أبو علاء" المكلف بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، أن الفصائل الفلسطينية ومنها النشطاء الاسلاميون، وافقت على استئناف المباحثات مع القيادة الفلسطينية لإنهاء الهجمات على الاسرائيليين، إلا أنه لم يتم تحديد تاريخ لبدء المباحثات، علماً بأن الحوار مع كل الفصائل الفلسطينية لم يتوقف قط وهو مستمر(23). وفي 4/11/2003 قالت صحيفة الشرق الأوسط أن عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، قام مؤخراً بزيارة للقاهرة، أبلغ خلالها رئيس المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان، استعداد الحركة للإلتزام بوقف معلن لإطلاق النار التام في حال التزمت إسرائيل علناً بالتوقف عن جميع أشكال العدوان على الشعب الفلسطيني(24). وفي 11/11/2003، صرح خالد البطش المتحدث باسم حركة الجهاد الاسلامي، بأن حركته على استعداد لمقابلة أحمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني، الذي تولى هذا المنصب رسمياً في 3/11/2003، ومناقشة جدوى إعلان هدنة جديدة في العمليات ضد إسرائيل(25). محاولات إعادة إحياء الهدنة معلوم أن جمهورية مصر العربية تبذل جهوداً منذ شهور طويلة لتسهيل اتفاق فلسطيني داخلي، حيث استضافت حواراً بين الفصائل الفلسطينية لحين تمكنت من تسهيل إعلان الهدنة من قبل الفصائل 29 حزيران 2003، ثم عاودت الاتصال مع ممثلي الفصائل بعد انهيار الهدنة بفعل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية. ففي 17/11/2003، استقبل الرئيس ياسر عرفات، المبعوث المصري اللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصرية، بحضور رئيس الوزراء أحمد قريع، وأجرى معه مباحثات تناولت الحوار الفلسطيني-الفلسطيني، وإعادة تنشيط الجهود الرامية إلى إعادة إحياء الهدنة مع إسرائيل. وكان الوزير سليمان اجتمع قبل اجتماعه بالقيادة الفلسطينية مع رئيس الموساد الإسرائيلي مئير دغان، لكن المصادر الإسرائيلية لم تكشف مضمون المحادثة، مكتفية بالإشارة إلى أنها تأتي في إطار اللقاءات التي يجريها سليمان مع شتى الأطراف في محاولة للتواصل إلى هدنة جديدة. وذكَّرت هذه المصادر بلقاء كان عقده سليمان مع رئيس الشاباك آفي ديختر. كما اجتمع بالسفير الأمريكي لدى إسرائيل دان كريتشر، لبحث سبل العمل لتحقيق نتائج على الأرض تضمن النجاح للهدنة، واستئناف المفاوضات بين الطرفين في أسرع وقت ممكن. وفي تعليقه على زيارة اللواء سليمان، قال عدنان عصفور أحد قادة حماس، أن الحركة مستعدة لدراسة وقف لإطلاق النار الذي يقترحه سليمان، طالما أوقفت إسرائيل الغارات والاغتيالات. وقال نافذ عزام، أحد مسؤولي حركة الجهاد الإسلامي، أن أي مشروع جديد يجب أن تلحق به ضمانات صارمة تلزم إسرائيل بوقف عدوانها(26). من جانبه دعا رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع، في مؤتمر صحافي على هامش مؤتمر الحوار الوطني الاقتصادي، الذي عقد في فندق جراندبارك برام الله في 18/11/2003، الفصائل الفلسطينية إلى المشاركة في الحوار الداخلي لصياغة وثيقة تمثل اجماعاً وطنياً فيما يتصل بإعلان هدنة جديدة، ووقف متبادل لإطلاق النار بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وأعلن أن مصر ستدعو ممثلي مختلف الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة للمشاركة في حوار يهدف للتوصل إلى هدنة. وتمهيداً لذلك بدأ قريع سلسلة من اللقاءات مع مندوبي الفصائل الوطنية والاسلامية، التي اجتمع معها في مقر المجلس التشريعي في غزة، في 19/11/2003، حيث قال، أن مسألة الهدنة بحثت، وليس هناك هدنة مجانية، نحن نتحدث عن وقف لإطلاق النار متبادل ومشروط، فهناك عدوان إسرائيلي يجب أن يتوقف. وعقب ذلك اجتمع قريع، بالإضافة إلى عبد الرحمن حمد وزير الاسكان والأشغال العامة، وأحمد حلس أمين سر حركة فتح، وسمير المشهراوي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مع الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، في منزله بمدينة غزة، بحضور عبد العزيز الرنتيسي، ومحمود الزهار، والشيخ اسماعيل هنية، والشيخ سعيد صيام من قادة حماس، وتم تبادل جميع الآراء وكل القضايا المتعلقة بالوضع السياسي الفلسطيني. وقال الشيخ ياسين في الاجتماع، أنه لا يوجد لدينا مجال للحديث عن الهدنة، القضية ليست قضية وقف إطلاق نار، وإنما زوال الاحتلال والاستيطان. ومن جانبه قال الشيخ عبد الله الشامي مسؤول حركة الجهاد الإسلامي، عقب اجتماع وفد الحركة الذي ضم إضافة إليه محمد الهندي ونافذ عزام، مع رئيس الوزراء أحمد قريع، أن التحركات نحو الوصول إلى هدنة جديدة تأتي في الفراغ طالما لا تستهدف رفع الاحتلال وإنهائه. وأوضح جميل المجدلاوي القيادي في الجبهة الشعبية وعضو وفدها الذي التقى قريع، أن رئيس الوزراء ليست لديه ضمانات إسرائيلية، وأن الهدنة المقترحة اليوم لا تختلف عن الهدنة السابقة. وفي 19/11/2003، وصل وفد مصري إلى غزة، برئاسة الوكيل محسن النعماني، نائب رئيس جهاز المخابرات المصرية، وعضوية كل من اللواء مصطفى البحيري ومحمد ابراهيم، للقاء الفصائل الفلسطينية ودعوتها للمشاركة في الحوار الوطني الذي تحتضنه القاهرة في أوائل شهر ديسمبر القادم. وقد التقى رئيس الوزراء أحمد قريع الوفد المصري، بحضور الطيب عبد الرحيم أمين عام الرئاسة، وعدد من قادة الأجهزة الأمنية. عقب ذلك اجتمع الوفد الضيف مع وفد حركة الجهاد الاسلامي في فندق البيتش في غزة، شارك فيه نافذ عزام ود. محمد الهندي وخالد البطش. وتم في الاجتماع توجيه دعوة رسمية لحركة الجهاد الاسلامي للمشاركة في الحوار المزمع اجراؤه في القاهرة في الثاني من الشهر المقبل(27). وفي 20/11/2003، اختتم الوفد المصري، لقاءاته مع ممثلي القوى والفصائل الوطنية والإسلامية في غزة، حيث عقد الوفد سلسلة من اللقاءات شملت الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، والجبهة العربية الفلسطينية، وجبهة النضال الشعبي وفدا. وجه خلالها الوفد المصري الدعوات لهذه الفصائل للمشاركة في الحوار الوطني الذي ترعاه مصر الشهر القادم(28). الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة تقرر أن تبدأ أولى جلسات الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة في 2/12/2003، في محاولة للاتفاق على إبرام هدنة مع إسرائيل، تشمل وقف العمليات التفجيرية ضد المدنيين، ووقف متبادل لإطلاق النار بين الجانبين، بالإضافة إلى مناقشة سبل ترتيب الوضع الداخلي والاتفاق على برنامج سياسي مشترك. ومن المقرر أن يشارك 12 تنظيماً فلسطينياً في هذا الحوار الذي تستضيفه مصر وهي: فتح، حماس، الجهاد الاسلامي، الجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، حزب الشعب، الجبهة الشعبية- القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل، جبهات النضال الشعبي والتحرير العربية والتحرير الفلسطينية، العربية الفلسطينية، والصاعقة. وسيشارك اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية في الجلسة الافتتاحية للحوار، وسيقتصر دور مصر على تقديم التسهيلات لإنجاح الحوار من دون التدخل ومحاولة فرض اتجاه بحد ذاته على المشاركين. ومن المقرر أن يستغرق الحوار أسبوعاً، يتبنى في ختامه مشروع وثيقة فلسطينية متكاملة ترسم ملامح العمل الوطني في المرحلة المقبلة. وقد تم تشكيل وفد حركة فتح إلى الحوار برئاسة د. زكريا الآغا، وعضوية عدد من قيادتها بينهم د. عبد الرحمن حمد، صخر بسيسو، أحمد حلس، سمير المشهراوي، أحمد غنيم، عدنان سمارة، زياد الرجوب، وأحمد هزاع. وطرحت ثلاثة فصائل أسماء عدد من ممثليها في الداخل، الذين ترغب في حضورهم الحوار، حيث طرحت حماس اسمي اسماعيل هنية، ود. محمود الزهار، على أن يترأس الوفد د. موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة. فيما طرحت حركة الجهاد الاسلامي اسمي د. محمد الهندي، وخالد البطش، على أن يترأس الوفد زياد نخالة الأمين العام المساعد للحركة. كما طرحت الجبهة الديمقراطية اسمي قيس عبد الكريم "أبو ليلى" وصالح زيدان، على أن يترأس الوفد المهندس فهد سليمان عضو المكتب السياسي. إلا أن مصدراً إعلامياً في الجبهة الديمقراطية قال، بأن وفدها إلى الحوار وصل إلى القاهرة برئاسة فهد اسماعيل، وعضوية كل من معتصم حمادة وعبد الغني هلالو عضوي المكتب السياسي، وخالد عطا عضو اللجنة المركزية للجبهة. ويترأس وفد الجبهة الشعبية د. ماهر الطاهر عضو المكتب السياسي للجبهة. وترأس وفد الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" على عامر، عضو المكتب السياسي، وعضوية جمال زقوت ومنصور أبو رضوان عضوا المكتب السياسي. ويترأس وفد جبهة النضال الشعبي د. سمير غوشة وعضو المكتب السياسي نبيل القبلاني. وترأس وفد جبهة التحرير الفلسطينية د. واصل أبو يوسف، وعضوية هشام أبو ريا وبلال قاسم وناظم اليوسف، أعضاء المكتب السياسي للجبهة(29). وقد تأجلت المحادثات التي ترعاها مصر عن موعدها المحدد إلى يوم الخميس 4/12/2003، بطلب من حركتي حماس والجهاد الإسلامي لعدم وصول ممثلي وفدي الحركتين في موعديهما المقرر. في حين بدأت مشاورات ولقاءات غير رسمية في 2/12/2003، للتحضير لجلسة الافتتاح الرسمي في 4/12/2003، كما تمت لقاءات ثنائية تمهيدية بين وكيلي جهاز المخابرات المصرية اللواءين محسن النعماني ومصطفى البحيري، وبين ممثلي الفصائل الأخرى. وفي 3/12/2003، واصلت وفود الفصائل الفلسطينية المشاركة في الحوار الوطني بالقاهرة، اجتماعاتها الثنائية، تمهيداً لبدء الحوار الموسع في موعده المقرر، حيث عقدت لقاءات منفردة بين الجانب المصري وكل من حركتي حماس والجهاد الاسلامي. في حين عقد وفد الجبهة الشعبية اجتماعاً مع وفد حركة فتح. أعقبه لقاء بين الجبهة الشعبية وحماس(30). وكشفت مصادر فلسطينية، أن جدول اعمال الحوار سيتضمن عدة نقاط رئيسية هي: الاتفاق على هدنة متزامنة بين الفصائل واسرائيل، بشرط تقديم ضمانات لالتزام الجانب الإسرائيلي والتوقف عن سياسة الاغتيالات والاجتياحات والانسحاب من المدن الفلسطينية. وسيبحث الحوار كذلك ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وتشكيل قيادة موحدة للانتفاضة، فضلاً عن مسألة اطلاق سراح الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات. وقالت المصادر، أن الجولة ستركز على أربعة مواضيع. الموقف السياسي الفلسطيني، الاتفاق على برنامج وطني يستند إلى حق العودة وتقرير المصير، دولة ذات سياسة في حدود عام 1967، وتكريس الوحدة الوطنية، إضافة إلى موضوع وقف إطلاق النار بموجب، هدنة مؤقتة(31). جلسة الحوار الوطني الأولى بدأت الفصائل الفلسطينية الإثني عشر أولى جلسات الحوار الوطني في القاهرة، في 4/12/2003، برعاية مصرية، قدم رئيس المخابرات المصري اللواء عمر سليمان، خلال الجلسة الافتتاحية للحوار تحليلاً للموقف السياسي، وانتهى إلى ضرورة قيام الفلسطينيين بمبادرات سياسية لحمل الإدارة الأمريكية على عدم تجاهل القضية الفلسطينية خلال الإثني عشر شهراً المقبلة، والتي ستنشغل فيها بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجري في تشرين الثاني 2004. وقال اللواء سليمان، أن الوضع السياسي بات خطيراً بالنسبة للفلسطينيين، مشيراً إلى أنه على الصعيد العربي ليس هناك أي تحرك لدعم القضية الفلسطينية. وعلى الصعيد الدولي ليس من المتوقع كذلك أي تحرك، لأن الإدارة الأمريكية ستنشغل خلال السنة المقبلة بالانتخابات الأمريكية. واقترحت مصر على الفصائل الفلسطينية، وضع "خطة طوارئ" لمدة عام تتضمن وقف إطلاق نار مشروط مع إسرائيل، وتشكيل قيادة فلسطينية جماعية. وفي حال موافقة الفصائل على وقف إطلاق نار متبادل، فإنه يتعين أن تودع هذه الموافقة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، كي يتسنى لها التفاوض مع إسرائيل على أساس هذا الاتفاق، كخطوة أولى نحو استئناف مسار التسوية وتطبيق خارطة الطريق. وقد تحدث رؤساء الوفود الفلسطينية في الجلسة الافتتاحية وأعرب كل منهم عن موقفه. حيث أعرب رئيس وفد حركة فتح إلى الحوار، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. زكريا الآغا، عن اتفاقه الكامل مع التحليل السياسي المصري. وأوضح صخر بسيسو عضو وفد فتح، أن الحركة تأمل في أن يتم صياغة ورقة في ختام الحوار، تتضمن النقاط التي تم الاتفاق عليها. وتابع، أن الموافقة على وقف إطلاق النار المتبادل يجب أن تعطي للسلطة الوطنية، لكي تتفاوض وتحصل على الضمانات الدولية المطلوبة لتنفيذ الشروط الفلسطينية. وشدد على أن فتح تتحدث عن وقف إطلاق نار شامل (يشمل مدنيين وعسكريين) في جميع المناطق، على أن تلتزم إسرائيل في المقابل بعدة شروط، من بينها الانسحاب إلى المواقع التي كانت تتمركز فيها قبل اندلاع الانتفاضة، وبوقف بناء الجدار العازل، وبتفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين. واعتبر بسيسو أن من شأن التحرك السياسي الفلسطيني أن يعيد القضية الفلسطينية إلى الصدارة، وأن يدفع المجتمع الدولي للتدخل، لأنه دون ضغوط دولية لن يحدث أي تقدم. وأضاف، أن فتح تريد آلية لاتخاذ القرار خلال المرحلة المقبلة تكون ضمن إطار منظمة التحرير وليست بديلاً عن القيادة الحالية للشعب الفلسطيني. وقال محمد نزال المسؤول في حماس، أن سليمان أشار في كلمته الافتتاحية إلى أنه "خلافاً للهدنة السابقة… وقف إطلاق النار يجب أن يكون متبادلا ولن يكون مجانيا بل بشروط". واشار نزال فيما يتعلق بتحييد المدنيين، ليس لدينا أي مانع من تحييد المدنيين من الصراع. وإذا كان هناك جدية مماثلة من المحتل حول ما يسمى بوقف إطلاق النار، فموقفنا أننا نريد أن نعرف أولاً ما هو موقف الاحتلال. تحدد إسرائيل موقفها أولاً، ثم نحدد نحن. وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، في أنه لا مصلحة للفلسطينيين في تكرار الحديث عن هدنة، وتقديم مبادرات مجانية إلى إسرائيل. واعتبر أن هناك خطأ في تقدير الموقف حين يظن البعض أن هناك تغييراً حقيقياً في موقف شارون، مما يلزم مقابلته بخطوة فلسطينية وتوافق فلسطيني على هدنة جديدة. من جهته قال محمد الهندي القيادي في حركة الجهاد الاسلامي، لا نريد تقييم أوراق مجانية في ضوء استمرار العدوان والخطوات الإسرائيلية احادية الجانب والتوسع الاستيطاني وجدار الفصل العنصري. وأكد، أن أي مشروع لا يبدأ بإنهاء الاحتلال هو مشروع فاشل. معتبراً أنه من الأفضل أن يتم الاتفاق حول صيغة لتجنيب المدنيين ويلات الحرب. وشدد رئيس وفد الجبهة الشعبية ماهر الطاهر، على ضرورة وضع برنامج سياسي يعيد تأكيد الثوابت، ومنها حق عودة اللاجئين، ويضع حداً لفوضى الاتصالات التي جرت أخيراً في مدريد ولندن وجنيف. وقال معتصم حماد المسؤول في الجبهة الديمقراطية، والذي يشارك في المحادثات، أن سليمان حث الفصائل على عدم الخروج من القاهرة قبل حل الخلافات، وضرورة الخروج من الاجتماعات بنتائج. وقال واصل أبو يوسف رئيس وفد جبهة التحرير الفلسطينية، أن الجبهة أوضحت في كلمتها، سعيها إلى إنجاح الحوار. ودعت إلى التحلي بالمسؤولية لبلوغ نتائج تخدم المصلحة الوطنية العليا. مشدداً على أن الاتفاق يجب أن يستند على قاعدة البرنامج الوطني والمشاركة الجماعية في صنع القرار عبر قيادة وطنية موحدة. وتوجت الجلسة المسائية التي أعقبت جلسة الافتتاح، باتفاق على جدول أعمال يتكون من بندين، يتعلق أولهما بالوضع السياسي القائم وسبل التوصل إلى هدنة مؤقتة مع إسرائيل. والبند الثاني، يتعلق بالوضع التنظيمي وإعادة ترتيب البيت الداخلي، وتشكيل قيادة موحدة، تكفل مشاركة الجميع في صنع القرار السياسي الوطني(32). اليوم الثاني من الحوار استؤنفت في العاصمة المصرية القاهرة في 5/12/2003، جلسات الحوار الفلسطيني. وكان من المقرر أن يحضر أحمد قريع "أبو علاء" رئيس الوزراء الفلسطيني جلسات اليوم، إلا أنه أرجأ زيارته للقاهرة ليوم واحد. وقد اتفقت الفصائل الفلسطينية الاثني عشر المجتمعة في القاهرة، على وقف إطلاق نار متبادل ومشروط مع الجانب الإسرائيلي وتجنيب المدنيين من كلا الطرفين ويلات الصراع، على أن يكون ذلك برعاية وضمانات دولية. وفي مقدمة هذه الشروط التي تجب على إسرائيل الالتزام بها، الانسحاب من الأراضي التي احتلت منذ التاسع والعشرين من شهر أيلول العام 2000، ووقف الاستيطان وتفكيك البؤر الاستيطانية، ووقف العمل بجدار الفصل العنصري، وإطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين، ووقف الاجتياحات والاغتيالات التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني ومناضليه. وأوضح عاصم عبد الهادي عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، وأحد المشاركين في حوار القاهرة، إلى أن المجتمعين ناقشوا النقطة الأولى المدرجة على جدول الأعمال المتفق عليه في اجتماع أمس، وهو ما يتعلق بالوضع السياسي الراهن وما يترتب من آليات لتفعيل هذا الوضع, بما يخدم المصلحة العليا للشعب الفلسطيني. وقال، إن كل فصيل قام باستعراض وجهة نظره السياسية، حيث تمحورت وجهات النظر جميعاً تقريباً حول الاتفاق على آليات كفيلة بالتفاعل مع الوضع الراهن، وكيفية تعزيز صمود الشعب الفلسطيني. ووصف عبد الهادي النقاش بأنه، كان إيجابياً وبناءاً ومثمراً في الوقت نفسه، حيث كان هناك اتفاق على خطورة المرحلة التي يمر بها الشعب الفلسطيني حالياً، وأن هناك توحداً بين الفصائل حول القواسم المشتركة والثوابت الوطنية، وحول السبل الكفيلة بالتصدي لتحديات المرحلة، وعلى أن المقاومة الفلسطينية حق مشروع لشعبنا، كفلته له كافة الأعراف والمواثيق الدولية. وذكر أن الوفود المشاركة في الحوار خلصت إلى، تشكيل لجنة صياغة البيان الختامي لأعمال الحوار، الذي سيعرض بعد غد في الاجتماع الأخير يوم 7/12/2003، الذي سيحضره الجانب المصري ممثلاً باللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية والوفد المرافق له، بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع. وأشار إلى أن لجنة صياغة البيان المشترك شكلت من ممثل واحد عن كل فصيل مشارك في الحوار، حيث مثل حركة فتح في اللجنة، صخر بسيسو أمين سر المجلس الثوري للحركة، وأبو أحمد فؤاد عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومعتصم حماد عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وعاصم عبد الهادي عن حزب الشعب، وابو أحمد سلطان عن جبهة النضال الشعبي، وبلال قاسم عن جبهة التحرير الفلسطينية، وصلاح أبو ركبة عن الجبهة العربية الفلسطينية، وابو شاكر عن الجبهة الشعبية-القيادة العامة، وجمال زقوت عن حزب فدا، وممثل لم يعرف اسمه عن الصاعقة(33). خلافات حول الهدنة في اليوم الثالث من الحوار 6/12/2003، وفي الوقت الذي أجمعت فيه الفصائل الفلسطينية المتحاورة في القاهرة، على ضرورة تجنيب المدنيين من كلا الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ويلات الصراع الدائر بين الجانبين، اختلفت فيما بينها حول إمكانية التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وهدنة مع الاسرائيليين في الوقت الراهن. حيث طرحت خمسة فصائل هي، حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية-القيادة العامة، ومنظمة الصاعقة، وجهة نظر، اختلفت عليها ستة فصائل أخرى هي، فتح وحزب الشعب وجبهة النضال وحزب فدا وجبهة التحرير الفلسطينية، والجبهة العربية الفلسطينية، فيما تقدمت الجبهة الديمقراطية في بادئ الأمر باقتراح، لكنها انضمت إلى موقف الفصائل الستة الأخيرة، وهي حول إعلان هدنة مشروطة لمدة عام. وعلم من مصادر مقربة من حركة فتح، أن الفصائل الفلسطينية توصلت إلى صيغة توفيقية حول تجنيب المدنيين، بعد خلافات حادة وكبيرة شابت اجتماع المساء، الذي أدى إلى خروج رئيس وفد حركة "فتح" للحوار د. زكريا الآغا، بينما بقي الوفد على حاله في الاجتماع الذي عاد إليه الآغا بعد فترة من الزمن. وكان الآغا حينما احتدم النقاش في الجلسة العامة، التي تم تعليقها فيما بعد واقتصرت على رؤساء الوفد طالب بفض الحوار، إذا أصرت الفصائل المعارضة على رفض الهدنة. وقد تباينت وجهات النظر بين مؤيد لإعلان هدنة مشروطة في الوقت الراهن، والطلب من الأمريكيين والأوروبيين التوصل إلى إلزام إسرائيلي بهدنة مقابلة مشروطة بالانسحاب، ووقف الاغتيالات وإطلاق سراح الأسرى، وتفكيك المستوطنات، ووقف الجدار العازل، وبين معارض لإعلان مثل هذا النوع من الهدنة، وإنما الانتظار لحين أن يقدم الجانب الإسرائيلي على إتفاق تبادلي لوقف إطلاق النار بعد الضغط عليه، والحصول على ضمانات دولية حول ذلك. من جهته قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، عضو وفدها إلى حوار القاهرة، أبو علي حسن، أن نقطة الخلاف الرئيسية التي استعصى عندها الحوار، تتمثل في إصرار فريق على تقديم هدنة بشروط، وإصرار فريق آخر على تقديم هدنة بدون شروط. وأضاف حسن، أن الجبهة الشعبية وحركة حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية-القيادة العامة، غير موافقة على وقف شامل لإطلاق النار، بل مع وقف العمليات العسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 48، في حين يصر الفريق الذي يضم فتح وحزب الشعب وفدا والجبهة العربية وجبهة التحرير الفلسطينية وجبهة النضال والديمقراطية على وقف مشروع لإطلاق النار. وأشار إلى أنه للخروج من هذا المأزق، اتفقت الأطراف جميعاً على عقد جلسة أخرى للجنة الصياغة، بدأت عند الساعة الحادية عشرة قبل منتصف ليل 6/12/2003، واستمرت حتى فجر 7/12/2003، أملاً في الوصول إلى مسودة متفق عليها لبيان سيصدر عن المتحاورين. ورغم ذلك، اعتبر حسن أن الفصائل لم تصل إلى طريق مسدود ولم يفشل المتحاورون في الحوار، معرباً عن أمله في الوصول إلى صيغ مشتركة حول القضايا المطروحة على جدول الأعمال كافة وليست الهدنة فقط، ولفت إلى أن وفد الجبهة طرح مسألة استمرار اعتقال الأمين العام للجبهة أحمد سعدات، في أحد سجون السلطة تحت حراسة أمريكية بريطانية، مشيراً إلى أن ممثلي الفصائل جميعهم طالبوا بإطلاق سراحه فوراً. وقد اعتبر رئيس وفد حركة الجهاد الإسلامي، زياد نخالة، تجربة الهدنة السابقة التي أعلن عنها في التاسع والعشرين من حزيران الماضي، لا تشجع ولا تعطي مبرراً لتكرارها لتحييد المدنيين، على أساس أن تتوقف إسرائيل عن عمليات الاغتيال التي تمارسها يومياً ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل. وأشار إلى أن الحركة جاهزة لتنفيذ ذلك، وتحييد المدنيين من خلال وقف العمليات العسكرية داخل الأراضي المحتلة العام 48، وليس داخل المستوطنات المقامة فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 67. من جهته، ذكر منسق المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، عضو وفده للحوار بسام الصالحي، أن جلسات حوار يوم 6/12/2003، التي انقسمت إلى جلستين، الأولى صباحية وترأسها زياد نخالة. والثانية مسائية وترأسها بسام الصالحي. تضمنت أهم ثلاث قضايا رئيسية هي: التوافق على تحييد المدنيين من الطرفين وطلب إلتزام إسرائيلي بضمانات دولية. وثانياً، البحث في تعزيز الوحدة الوطنية وإيجاد صيغة لمتابعة العمل المشترك بصورة مشتركة بين كافة الفصائل. وثالثاً، تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بثوابته الوطنية وفي مقدمتها التحرير والاستقلال، وحق العودة، وتمتين الجبهة الداخلية، ورفض الممارسات الإسرائيلية. وقال الصالحي، إن الاجتماعات جاءت بشكل طبيعي، وتم البحث في الوضع التنظيمي، وترتيب البيت الفلسطيني. ولكن في موضوع الهدنة، أصبح هناك تباين في وجهات النظر، وإن اجتمعت هذه الوجهات حول تحييد المدنيين، واختلفت حول طرح وقف إطلاق النار(34). وصرح جمال زقوت، عضو وفد "فدا" بأن يتركز الحوار حول القضية الأساسية المتمثلة بوقف متبادل لإطلاق النار بضمانات دولية. أما محصلة النقاش، فقد أبرزت أن غالبية الفصائل تطالب بأن يتخذ الحوار قراراً بوقف إطلاق نار شامل ومتبادل على أساس التزام إسرائيل بوقف كل أشكال العدوان ضد شعبنا، وعدم بناء الجدار العازل، ورفع الحصار عن الرئيس والشعب. وأوضح زقوت، أن الفصائل أجمعت على ضرورة تحييد المدنيين من الجانبين. وأعرب زقوت عن اعتقاده، بأن هذا الاجماع يعتبر خطوة إيجابية. وأضاف، لقد كنا نأمل التوصل إلى موقف موحد حول كافة القضايا المطروحة، بما فيها وقف إطلاق نار شامل، ليتمكن الأشقاء في مصر والقيادة الفلسطينية وحكومة أبو علاء واللجنة الرباعية والولايات المتحدة، من ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف شامل لجميع أشكال عدوانها على الفلسطينيين. وقال فهد سليمان، عضو وفد الديمقراطية، أن الخلاف يتركز حول شروط وقف إطلاق النار وليس على المبدأ، وستستأنف المحاولات لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل وسط بشأن صيغة البيان الختامي. من جانبه، أكد الطيب عبد الرحيم، أمين عام الرئاسة، الموجود في القاهرة، أنه على عكس ما ذكرت بعض التقارير، فإن حوار الفصائل الفلسطينية لم يصل إلى طريق مسدود، وأن المحادثات ما زالت مستمرة. وأوضح عبد الرحيم أن هناك اتفاقاً من الجميع على عدم استهداف المدنيين من الجانبين. وأنه بينما تطالب بعض الفصائل بهدنة مشروطة، تريد فصائل أخرى التوصل إلى وقف لإطلاق النار. ولدى وصوله إلى القاهرة، قال رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع للصحافيين، أن الفصائل الفلسطينية لن تقدم هدنة مجانية إلى إسرائيل. مشيراً إلى أن الحوار يهدف إلى التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق نار متبادل بين الاسرائيليين والفلسطينيين. ورداً على سؤال، عما إذا كانت المفاوضات قد توصلت إلى شيء قال قريع، الحوار إيجابي وبناء، وهذا طريقنا للحوار والسلوك الديمقراطي، وفي النهاية سنصل إلى ما نريد(35). الجلسة الختامية للحوار الوطني اختتمت القوى الوطنية والإسلامية في 7/12/2003، جلسات الحوار الوطني في القاهرة، دون التوصل إلى أية نقاط اتفاق، رغم محاولة الجميع تجميل الفشل بالدعوة إلى استمرار الحوار في المستقبل. جاء ذلك بعد رفض حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والقيادة العامة والصاعقة، إعلاناً مصرياً من ثلاث نقاط، تعلن فيه القوى الوطنية والإسلامية هدنة شاملة لمدة عام، وتفويضاً لدى رئيس الوزراء أحمد قريع بتحصيل الضمانات اللازمة لتطبيقه والالتزام به من قبل إسرائيل، إضافة إلى ترتيب البيت الفلسطيني عبر قيادة موحدة تنضوي تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. لقد باءت جهود مدير عام المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان في اقناع حركة حماس بالموافقة على الهدنة، بالفشل، رغم ترؤسه الجلسة الختامية بمشاركة رؤساء الوفود ورئيس الوزراء أبو علاء، لمدة ثلاث ساعات متواصلة، غادر على إثرها أبو علاء القاهرة عائداً إلى رام الله، لإطلاع الرئيس ياسر عرفات على ما آلت إليه اللقاءات. كما أن نائب رئيس المخابرات المصرية مصطفى البحيري عقد لقاءات منفصلة مع رؤساء الوفود في محاولات أخيرة وصفت بالفاشلة، بدأت على إثرها وفود الفصائل بحزم الحقائب لمغادرة القاهرة. وكانت حركة حماس أعلنت أنها وأربعة فصائل أخرى رفضت الاقتراح المصري بإعلان وقف شامل لإطلاق النار مع إسرائيل. حيث قال محمد نزال، المتحدث باسم وفد حماس في حوار القاهرة وعضو المكتب السياسي "لسنا مستعدين لإعلان وقف جديد لإطلاق النار دون التزامات إسرائيلية مماثلة". وأشار إلى أن من النقاط الخلافية الأخرى، إصرار حركة فتح وبعض الفصائل على وضع صيغة تشير إلى تفويض من الفصائل للسلطة الفلسطينية بالتحرك السياسي تجاه الولايات المتحدة واسرائيل. في حين قال أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح صخر بسيسو، أن وفد حركة فتح أبدى كل مرونة مطلوبة لإنجاح الحوار وعدم وصوله إلى طريق مسدود، مشيراً إلى أن لجنة الصياغة كانت توصلت في 6/12/2003 إلى صيغة وسطية، تراجعت عنها حركة حماس صبيحة يوم 7/12/2003، بعدم موافقتها على منح رئيس الوزراء أبو علاء التفويض اللازم لإجبار إسرائيل على الالتزام بوقف مماثل لإطلاق النار عبر الولايات المتحدة واللجنة الرباعية(36). وأشار مشروع البيان الذي أعد في أعقاب أربعة أيام من الحوار ولم تنشر مسودته، إلى ضرورة استمرار الحوار الفلسطيني في الداخل والخارج، وأن الحوار يهدف إلى تحقيق وحدة وطنية موحدة. كما أكدت الفصائل على موقفها من إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وعلى حق العودة للاجئين. وحيا البيان الشعب الفلسطيني وصموده. كما وجه التحية للأسرى في السجون الإسرائيلية، كما وجهت الفصائل التحية لجمهورية مصر العربية والرئيس حسني مبارك ودور مصر في دعم القضية الفلسطينية(37). الوساطة المصرية مستمرة … عقب اصطدام حوار الفصائل الفلسطينية في القاهرة في 4/12/2003، بالقضيتين اللتين كانتا محور نقاش، الإعلان عن هدنة طويلة الأمد. وتفويض السلطة الوطنية من أجل أن تتحرك سياسياً، واختلاف الفصائل حولهما. بدأت وساطة مصرية جديدة قام بها اللواءان مصطفى البحيري ومحمد ابراهيم مساعدا مدير المخابرات العامة المصرية، اللذان زارا غزة في 16/12/2003، للإبلاغ عن نتائج زيارة اللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصرية إلى واشنطن، وما لمسه اللواء سليمان من واشنطن من تعهد بالضغط على إسرائيل في حال موافقة الفصائل على وقف إطلاق النار. إلا أن الوفد المصري لم يتمكن من إحراز أي تقدم في اقناع الفصائل الفلسطينية في الوصول لوقف لإطلاق النار بدون وجود ثمن سياسي من إسرائيل. وفي 10/3/2004، كان هناك اجتماع للرئيس ياسر عرفات في رام الله، بمدير المخابرات العامة المصرية اللواء عمر سليمان الذي طرح فيه افكار شارون للانسحاب من غزة، التي أعلن عنها في 2/2/2004، وموقف مصر من هذا الانسحاب، الذي يقوم على الأسس الآتية: لا يسمح لأي جهة تسلم السلطة في قطاع غزة بعد انسحاب إسرائيل منها سوى السلطة الوطنية الفلسطينية، لابد من إجراء حوار فلسطيني-فلسطيني لمنع أي اقتتال داخلي ومن أجل أن تتم إدارة غزة من قبل السلطة الوطنية بصورة جماعية واستعداد مصر أيضاً لاقناع إسرائيل وامريكا، بضرورة الحديث المباشر مع السلطة الوطنية الفلسطينية وأن أي انسحاب من غزة هو مقدمة لتطبيق خطة خارطة الطريق. وقد ثمن الرئيس ياسر عرفات، الموقف المصري. وأكد على ترحيب السلطة الفلسطينية بأي انسحاب من القطاع ومن الضفة الغربية، واعتباره جزءاً من تطبيق خارطة الطريق، وترحيب السلطة الوطنية بأي دور لتقريب وجهات النظر بين جميع الفصائل الفلسطينية(38). تحرك فلسطيني لما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة أكد الفلسطينيون على ضرورة إجراء حوار شامل لتقييم الأوضاع في حال نفذت إسرائيل خطتها الأحادية الجانب لانسحاب من قطاع غزة، وبحث المعطيات الجديدة بما في ذلك المساهمة في إدارة القطاع بعد الانسحاب. ففي محادثات هي الأولى من نوعها منذ ان اقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون خطته في شأن قطاع غزة، عقد في 10/3/2004، اجتماع بين حركتي فتح وحماس، وقال عضو وفد حركة فتح سمير المشهراوي، أن الحركتين ناقشتا الوضع الداخلي وسبل وقف الفوضى وحفظ النظام العام، كما بحثتا قضايا تتعلق بالمستقبل، ومن احتمال مشاركة حماس في السلطة الوطنية الفلسطينية بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة، ومستقبل المقاومة انطلاقاً من قطاع غزة، ومصير الضفة الغربية. وعدداً من القضايا التي تهم الشأن الفلسطيني. ومن جانبه، قال الشيخ سعيد صيام المسؤول في حماس الذي حضر الاجتماع، إن الجميع يدفع باتجاه تعزيز الحوار الوطني سواء في الداخل أو في الخارج، والتوصل إلى صيغة مشتركة بشأن الوضع في حال الانسحاب من غزة. وأوضح أن حماس تجري لقاءات مع الفصائل جميعاً. ومن جهته قال محمد الهندي من الجهاد الاسلامي، أن الفصائل الفلسطينية، بدأت فعلاً لقاءات وحوار في غزة، هدفه إعادة تقييم المرحلة السابقة، والتعاون المشترك لإعادة ما دمره الاحتلال الإسرائيلي. وشدد على أهمية مواصلة الحوار لتجاوز اختلافات وجهات النظر بين الفصائل والسلطة الوطنية. وفي 31/3/2004، كشف الشيخ سعد صيام المسؤول في حماس، عن أن حركته أعدت وثيقة تتضمن تصور حماس لكيفية إدارة قطاع غزة في حال الانسحاب الإسرائيلي منها. وقد تأخر عرضها على الفصائل الوطنية والاسلامية لمناقشتها، بسبب الاجراءات والممارسات الإسرائيلية، وإقدامها على اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة في 22/3/2004، إلا أنه سيتم عرضها على الفصائل الفلسطينية خلال جلسات الحوار المقبلة، مشدداً على أن هذه الوثيقة ترتكز على عدة مفاهيم، من بينها الشراكة السياسية بين كافة القوى والفصائل لإدارة الأمور والحفاظ على منجزات الشعب الفلسطيني وحماية مصالحه وحماية المقاومة، ومنع مظاهر الفوضى التي تسيء لمكتسباتنا وإنجازاتنا الوطنية، واضاف، أن هناك وثيقة أخرى من الحركة جاهزة كأرضية للحوار بين الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية(39). استئناف الحوار الوطني في غزة بدأت أولى جلسات الحوار الوطني بين مختلف الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، في مقر المجلس التشريعي بغزة في 3/4/2004. وتم خلال اللقاء الذي حضره ممثلون عن جميع القوى والتنظيمات، بحث مستقبل غزة عقب انسحاب قوات الاحتلال، وكيفية التوصل إلى قواسم مشتركة لإفشال مخطط شارون بخلق اقتتال داخلي، وبحث إنشاء قيادة وطنية موحدة، ومشاركة حماس في منظمة التحرير الفلسطينية. واتفقت القوى الوطنية والإسلامية في اجتماعها، في إطار لجنة المتابعة العليا، على اعتماد قاعدة للنقاش، وجدول أعمال للحوار يستند إلى وثيقة آب العام 2002، التي تم التوصل إليها في حوارات سابقة بالقاهرة، وتتحدث عن الأهداف الفلسطينية المرحلية والاستراتيجية، ولم تقبل بها حركتا حماس والجهاد الإسلامي. وقدمتا تعديلاً بها يتحدث عن أرض فلسطين التاريخية. والمستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية بعد الوثيقة، والبرنامج الوطني الذي انطلق من رام الله، عقب حوار سابق جمع فصائل منظمة التحرير في رام الله، إضافة إلى عدد من القيادات المستقلة وأعضاء من اللجنة التنفيذية، من دون أن يضم ممثلي الفصائل الاسلامية لأسباب أمنية فقط. وقال سكرتير لجنة المتابعة العليا إبراهيم أبو النجا في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، أن هذا اللقاء بداية لسلسلة لقاءات وحوارات فلسطينية-فلسطينية، تهدف إلى الوصول إلى وحدة وطنية فلسطينية حقيقية، معتبراً أن هناك تقدماً إيجابياً نحو تحقيق هذه الوحدة وهذه الشراكة. ولفت إلى أن القوى الوطنية والإسلامية ستلتئم في 10/4/2004، في لقاء آخر جديد لاستكمال ما تم الحديث عنه في لقاء اليوم، وأن لجنة المتابعة تعتبر نفسها في حال انعقاد دائم ومفتوح من أجل تحقيق الأهداف السامية. من جهتها أبدت حركة المقاومة الإسلامية، على لسان أحد قادتها في غزة سعيد صيام، استعدادها للمشاركة في إدارة قطاع غزة بعد تحديد طبيعة الانسحاب الإسرائيلي منها. وأن حماس لا ترفض المشاركة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، إلا أنها تطلب إعادة صوغ برنامجها وتطوير المنظمة والمؤسسات الفلسطينية، وفقاً للمتغيرات وليس إضافة رقم جديد إليها. وقد رحب الرئيس ياسر عرفات في مقابلة مع مجلة "فوكوس" الألمانية في 5/4/2004، بهذه المشاركة قائلاً: "نعم كانوا حاضرين منذ البداية حتى وإن كانوا ابتعدوا لاحقاً". وقال القيادي في حركة الجهاد الاسلامي خالد البطش، للصحافيين عقب الاجتماع، إن مشاركة الحركة سواء في القرار السياسي، أو في إدارة شؤون قطاع غزة إن تم ذلك، ستحدده طبيعة الانسحاب الإسرائيلي نفسه وآلياته، ما إذا كان ذلك سيأتي دون دفع الفلسطينيين ثمناً لهذا الانسحاب أم لا. ومن جهته اعتبر عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول، أن ما تمخض عن اللقاء كان إيجابياً لا سيما وأنه اعتمد بالأساس على وثيقة آب، وما أدخل عليها من إضافات من قبل الأخوة في الضفة الغربية. وأوضح أن الجميع أكد أهمية الوصول إلى قواسم وبرنامج مشترك ينطلق من أهمية تعزيز الوحدة الوطنية والسعي للشراكة السياسية عبر قيادة وطنية موحدة. وأكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين صالح زيدان، أن الجميع عبر عن رغبة صادقة في الوصول إلى التوافق الوطني والارتقاء إلى بناء أسس الوحدة الوطنية. وفي نهاية الاجتماع، صرحت مصادر فلسطينية مقربة من جلسات الحوار، أن من بين القضايا التي وافق عليها كافة قادة الفصائل هي وحدة الصف الفلسطيني. وأضافت أن التي ما زالت محل نقاش تلك المتعلقة بمشاركة حركتي حماس والجهاد الاسلامي في منظمة التحرير الفلسطينية وسلطته الوطنية. ومن بين القضايا التي يناقشها المشاركون في الحوار هي الهدنة بعد الانسحاب الإسرائيلي، وما إذا كانت العمليات التفجيرية ستستمر ضد الاسرائيليين(40). وفي 10/4/2004، وهو الموعد المقرر لاجتماع القوى الوطنية والاسلامية في غزة، لاستكمال البحث في وضع وترتيب الأمور في قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي المحتمل. تم تأجيل الاجتماع على أن يتم تحديده خلال الأيام القادمة. وكما قال ابراهيم أبو النجا عضو المجلس التشريعي ولجنة المتابعة العليا، أن التأجيل جاء لإعطاء التنظيمات الفلسطينية وقتاً كافياً لدراسة الخطة المقترحة التي بحثتها الفصائل في اجتماعها السابق في 3/4/2004. وقالت مصادر مطلعة ان هناك لقاءات مكثفة عقدت بين حركتي فتح وحماس يومي 8،9/4/2004. وقالت المصادر، أن رئيس حركة حماس في غزة د. عبد العزيز الرنتيسي طلب خلال المحادثات من كبار المسؤولين في حركة فتح، انخراط الحركة في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، إلى جانب المشاركة في المؤسسات السياسية للسلطة الفلسطينية. وكان وفد حماس برئاسة الرنتيسي، اجتمع بوفد حركة فتح، بمشاركة عضو المجلس الثوري للحركة محمد دحلان، الذي كلفه الرئيس ياسر عرفات، بمتابعة الحوار مع حماس، ومسؤول الأمن الوقائي في القطاع رشيد أبو شباك، وأمين سر فتح أحمد حلس، في إطار الحوارات الجارية لمناقشة مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. كما بحثت الاجتماعات كذلك، عدة خيارات لتسلم السلطة في القطاع بما فيها إجراء انتخابات، أو اعتماد نظام توزيع الحصص في الحكومة التي سيتم تشكيلها. علماً بأن دحلان، اجتمع في وقت سابق مع ممثلي الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، لنفس الهدف(41). وفي 24/5/2004 التقى الرئيس ياسر عرفات، في مقر الرئاسة في رام الله، باللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصرية، الذي نقل رسالة من الرئيس المصري حسني مبارك إلى الرئيس عرفات والقيادة الفلسطينية، تتعلق باستعداد مصر رعاية حوار وطني فلسطيني، والقيام بتحرك على المستوى الدولي والاقليمي لاحتواء العدوان الإسرائيلي، وسبل احياء عملية السلام، والبدء في تنفيذ خارطة الطريق(42). إن مصر التي ترعى الحوار الوطني لا تزال تنتظر اعلان إسرائيل موافقتها على قبول وقف متبادل لاطلاق النار، كي تدعو لاستئناف جلسات الحوار بين الفصائل الفلسطينية، حيث كانت رسالة رئيس المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان، التي نقلها لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في 24/5/2004 واضحة، مفادها بأنه لا جدوى من الحديث عن إعلان هدنة من الجانب الفلسطيني دون الاستعداد الإسرائيلي للقبول بوقف متبادل لاطلاق النار، وعندها فإن مصر مستعدة للدعوة إلى استئناف الحوار بين الفصائل الوطنية.
الهوامش: * راجع الحوار بين الفصائل الفلسطينية، مجلة مركز التخطيط الفلسطيني، ص 68 – العدد التاسع والعاشر 2003. (1) الأيام، 7/7/2003. (2) القدس، 8/7/2003. (3) القدس، 10/7/2003. (4) القدس، 11/7/2003. (5) القدس، 16/7/2003. (6) القدس، 1/8/2003. (7) القدس، 3/8/2003. (8) القدس،5،6/8/2003. (9) الأيام، 9/8/2003. (10) القدس، 9/8/2003. (11) الأيام، 9/8/2003. (12) الأيام، 10/8/2003. (13) القدس، 10/8/2003. (14) الأيام، 13/8/2003. (15) الأيام، 15/8/2003. (16) الأيام، 20/8/2003. (17) القدس، 21/8/2003. (18) الأيام، 23/8/2003. (19) الحياة الجديدة، 25/8/2003. (20) الأيام، 28/8/2003. (21) الأيام، 7/9/2003. (22) الأيام، 18/9/2003. (23) الأيام، 29/10/2003. (24) الأيام، 5/11/2003. (25) الأيام، 12/11/2003. (26) القدس، 18/11/2003. (27) القدس، 20/11/2003. (28) الحياة الجديدة، 21/11/2003. (29) القدس، 1/12/2003. (30) الحياة الجديدة، 5/12/2003. (31) القدس، 4/12/2003. (32) الحياة الجديدة، 5/12/2003. (33) الأيام، 6/12/2003. (34) الأيام، 7/12/2003. (35) القدس، 7/12/2003. (36) الحياة الجديدة، 8/12/2003. (37) الحياة الجديدة، 9/12/2003. (38) البيادر السياسي، العدد 851-27 مارس 2004. |
|