عاطف المسلمي من خلال متابعة استطلاعات الرأي الإسرائيلية التي أجريت منذ بداية العام الحالي 2004 إلى منتصف مايو منه، المتعلقة بالسلام مع الفلسطينيين وهي شحيحة مقارنة بالاستطلاعات التي تناولت قضايا التحقيق مع عائلة شارون وأداء رئيس الحكومة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وقضية تبادل الأسرى مع حزب الله، نلاحظ أن خطة رئيس الحكومة الإسرائيلية أرئيل شارون المسماة "خطة فك الارتباط" التي طرحها في مؤتمر هرتسيليا في نهاية العام الماضي وقضية الاستمرار في بناء الجدار العازل، جاءتا على رأس سلم القضايا التي عالجتها هذه الاستطلاعات، باعتبارهما الموضوعين الأكثر إلحاحاً في الساحة السياسية الإسرائيلية، وبخاصة خطة رئيس الحكومة باعتبارها الخطة الوحيدة المتداولة الآن إسرائيلياً وأمريكياً وذلك بعد أن تم تجميد العمل بخارطة الطريق. وقد سجلت هذه الاستطلاعات حتى منتصف مايو 2004 تأييداً واسعاً لهذه الخطة على المستوى الشعبي، وانقساماً واضحاً على المستوى الحزبي داخل الليكود، مع استمرار التأييد لبناء الجدار الفاصل. والملاحظ في نتائج هذه الاستطلاعات أن أسلوب رئيس الحكومة في معالجة هاتين القضيتين لا زال يلقى قبولاً وتأييداً لدى الأغلبية في الجمهور الإسرائيلي، وذلك على النقيض من الهبوط المستمر في شعبيته في الليكود بصفة خاصة واليمين بصفة عامة، وذلك جراء تصميم رئيس الحكومة على دفع خطته نحو التنفيذ رغم المعارضة الشديدة التي تلقاها هذه الخطة داخل الليكود واليمين والتي توجت بهزيمة رئيس الحكومة في استفتاء أعضاء الليكود على خطته في الثاني من مايو الماضي. كما يلاحظ في هذه الاستطلاعات وللمرة الأولى غياب قضية احتمال استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين الأمر الذي يعد نجاحاً لمقولة رئيس الحكومة التي يرددها دائماً "لا يوجد شريك فلسطيني يمكن التحدث معه" والتي كانت بمثابة الرخصة التي أتاحت لشارون طرح خطته أحادية الجانب. أولاً: "خطة فك الارتباط" 1- الأغلبية تؤيد في الوضع الحالي وفي ظل عدم الحديث عن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، تحظى خطة الانفصال أحادية الجانب بموافقة واسعة وتعتبر مفضلة في نظر الأغلبية من الجمهور الإسرائيلي، وذلك رغم التأييد الضعيف الذي صاحب هذه الخطة فور الاعلان عنها، حيث أيد نصف هذا الجمهور في ديسمبر 2003 اخلاء مستوطنات غزة والمستوطنات المعزولة في الضفة الغربية في إطار الانفصال من جانب واحد، في حين يوجد اجماع شبه تام لاخلاء كل المستوطنات في غزة وأغلبية مستوطنات الضفة في إطار اتفاق(1). ويفسر هذا التأييد إلى الملل الذي أصاب الجمهور الإسرائيلي من انتظار التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينييين والى خشيته الكبيرة من نشوء دولة ثنائية القومية إذا ما تواصلت السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين لأمد طويل، حيث سيتحول الفلسطينيون من أقلية إلى أغلبية في فترة زمنية قصيرة وذلك بالإضافة لاستمرار دائرة العنف والعنف المضاد. وبالنظر إلى الأرقام التي سجلتها الاستطلاعات منذ بداية هذا العام، نلاحظ الصعود في التأييد، حيث سجل شهر يناير 2004 تأييد 49% من الجمهور الإسرائيلي لهذه الخطة التي تتضمن إخلاء جميع مستوطنات قطاع غزة والمستوطنات المعزولة في الضفة الغربية وذلك مقابل معارضة 44%(2). ويفسر هذا التأييد الضعيف للخطة في بداية طرحها إلى تدهور ثقة الجمهور الإسرائيلي في أداء رئيس الحكومة وعدم اقتناع نسبة كبيرة من الإسرائيليين بأن شارون جاد في تنفيذ خطته، حيث أظهر استطلاع للرأي نشرته هآرتس في 22/1/2004 أن نحو 59% من الاسرائيليين لم تصدق فعلاً أن رئيس الحكومة يعتزم تنفيذ الانسحاب من طرف واحد. ومع استمرار رئيس الحكومة آريئيل شارون في تأكيده بأنه جاد في تنفيذ خطته وسعيه المتواصل لدى الإدارة الأمريكية لتبني هذه الخطة باعتبارها جزءاً من خطة (خارطة الطريق) التي طرحها الرئيس الأمريكي جورج بوش في يونيو 2002، بدأ حجم التأييد لهذه الخطة بالارتفاع. فحسب نتائج استطلاع السلام السنوي الذي يصدر عن مركز يافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب (يناير 2004)، فإن 56% من اليهود يؤيدون ما يسمى (خطة فك الارتباط) وذلك باعتبارها رافعة لتحسين مستوى الأمن وضمان طابع إسرائيل كدولة يهودية. وخلال الاستطلاع أعلنت أغلبية المستطلعين رفضهم لوثيقة جنيف التي وقعها يوسي بيلين وياسر عبد ربه (نوفمبر 2003)، وفقط 24% أعربوا عن تأييدهم المطلق لهذه الوثيقة. كما أشار استطلاع للرأي أجراه معهد داحاف لحساب يديعوت أحرونوت ونشرت نتائجه في 3/2/2004، أن 59% من الجمهور الإسرائيلي يؤيدون خطة رئيس الحكومة إخلاء جميع مستوطنات قطاع غزة من طرف واحد (كانت النسبة 50% في شهر ديسمبر 2003)، معتبرين أن هذه الخطة جاءت في الأساس لاعتبارات سياسية وليس بهدف صرف انتباه الجمهور عن التحقيق مع عائلة شارون. وفي استطلاع نشرته معاريف 6/2/2004 أيد 58% من الجمهور الإسرائيلي الإخلاء من طرف واحد لمستوطنات منعزلة في الضفة الغربية، مقابل معارضة 31%، ويشكل هذا ارتفاعاً عما كان عليه الوضع في ديسمبر 2003 حين أيد 51% فقط إخلاء هذه المستوطنات(3). وقد بلغ حجم التأييد لهذه الخطة في نهاية شباط فبراير الماضي 62% مقابل معارضة 28%، وذلك حسب مقياس السلام لشهر فبراير 2004. وتنبع هذه الأغلبية من تأييد ناخبي جميع الأحزاب الكبيرة بلا استثناء بما فيها ناخبي ميرتس. وبالنسبة للخطوات المترتبة على فك الارتباط، نجد أن 60% من الجمهور اليهودي يؤيدون إخلاء كل مستوطنات غزة، مقابل معارضة 32%، ويعتقد 52% من هذا الجمهور أن آريئيل شارون سيخلي فعلاً هذه المستوطنات. أما بالنسبة للانسحاب من مستوطنات الضفة الغربية فالصورة مغايرة تماماً، فقد أعرب 64% من الجمهور اليهودي عن تأييده لإخلاء مستوطنات معزولة مقابل معارضة 27%، فيما عارض 60% من هذا الجمهور إخلاء كل مستوطنات الضفة بما فيها التجمعات الكبيرة، مقابل موافقة 30% على هذا الإخلاء. ومع وجود هذا التأييد الواسع لخطة فك الارتباط من جانب واحد إلا أن أغلبية في الجمهور الإسرائيلي تفضل المفاوضات على الاخلاء من طرف واحد. فقد أشار استطلاع للرأي فلسطيني-إسرائيلي مشترك أجراه د. يعقوب شمير من قسم الاتصالات ومعهد ترومان للسلام في الجامعة العبرية في القدس ود. خليل الشقاقي من المركز الفلسطيني للبحوث السياسية في رام الله ونشرته يديعوت أحرونوت 5/4/2004، أن 62% من الاسرائيليين يفضلون المفاوضات مع الفلسطينيين على الإخلاء من طرف واحد. وأشار الاستطلاع إلى أن 54% من المستطلعين الاسرائيليين يعتقدون أن رئيس حكومتهم سينفذ الاخلاء. وقال 49% منهم أن على إسرائيل تدمير المستوطنات بعد اخلائها مقابل 13% مع اسكان الفلسطينيين الذين هدمت منازلهم و6% يؤيدون اسكان الفلسطينيين من مخيمات اللاجئين. وفي نفس الاستطلاع اعتبر 44% من الاسرائيليين أن الانسحاب من طرف واحد يشكل انتصاراً للفلسطينيين، مقابل 55% لا يرون ذلك. واعتقد 26% من المستطلعين الاسرائيليين أن الاخلاء سيزيد من العمليات الصادرة من قطاع غزة تجاه إسرائيل، وقال 31% أنها ستقل و37% قالوا لن يتغير شيء. وفي نفس الاستطلاع أيضاً رأى 25% أن هدف شارون من خطة فك الارتباط، تعزيز الأغلبية اليهودية في إسرائيل، ورأى 21% منهم أن هدفه في الأساس تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، و13% رأوا أن هدفه هو حمل الفلسطينيين على الاقتتال فيما بينهم. وبالنسبة لأعضاء حزب الليكود معقل رئيس الحكومة، أظهر استطلاع للرأي نشرته معاريف 30/3/2004 أن 50% من أعضاء الليكود يؤيدون خطة رئيس الحكومة فك الارتباط مقابل معارضة 39%. وقد ارتفعت هذه النسبة في منتصف إبريل (نيسان) إلى 57% مقابل معارضة 37% وذلك بعد الدعم الذي قدمته واشنطن لشارون، إلا أن هذه النسبة كانت مرشحة للزيادة أو النقصان إرتباطاً بمواقف قادة كبار في الليكود أمثال بنيامين نتنياهو وزير المالية وسلفان شالوم وزير الخارجية اللذان يحظيان بشعبية كبيرة بين صفوف أعضاء الليكود، حيث لم يعلنا صراحة تأييدهما لخطة شارون الأمر الذي فهم ضمناً لدى أعضاء الليكود على أنه معارضة غير معلنة وكان لهذا الموقف تأثير كبير في نتائج الاستفتاء الذي أجراه شارون بين أعضاء حزبه 2/5/2004. 2- "الليكود يقول لا لخطة شارون" قبل أسبوع من إجراء الاستفتاء في الليكود على خطة فك الارتباط، أظهرت نتائج الاستطلاعات أن الفارق أخذ في التقلص بين المؤيدين والمعارضين وذلك لصالح المعارضين، فيما اعتبر بمثابة خيبة أمل لفريق رئيس الحكومة الذي توقع زيادة في حجم التأييد لخطة رئيس الحكومة في الليكود بعد الزيارة الناجحة التي قام بها رئيس الحكومة شارون إلى واشنطن (منتصف ابريل) ونجاح إسرائيل في اغتيال قائد حماس عبد العزيز الرنتيسي، والموافقة الضمنية التي أبداها لاحقاً الوزراء نتنياهو، شالوم، وليفنات. فقد أشار استطلاع للرأي أجرته شركة ديالوغ لصالح هآرتس ونشرت نتائجه في 22/4/2004 أن 44% من أعضاء الليكود الذين قالوا إنهم سيصوتون في الاستفتاء يؤيدون خطة رئيس الحكومة مقابل معارضة 40%، وهذا التراجع الكبير في نسبة المؤيدين للخطة في الليكود مرده إلى أن الاستطلاع اقتصر على الذين أكدوا أنهم سيشاركون في الاستفتاء. وأشار الاستطلاع إلى أن 21% من المستطلعين يعتبرون أنه إذا سقط شارون في الاستفتاء فإن عليه أن يقدم استقالته، فيما قال 38% بأن عليه طرح خطته على الحكومة في كل الأحوال. ورأى 32% أن بوسعه الاستمرار في منصبه بشرط أن يفك ارتباطه بخطة فك الارتباط. وقبل يومين من الاستفتاء 30/4/2004 أجرى معهد داحاف بإدارة مينا تسيمح وبالتعاون مع صحيفة يديعوت أحرونوت استطلاعاً للرأي أشار إلى تحسن طفيف في صالح تأييد الخطة، حيث قال 47% من المستطلعين إنهم سيصوتون لصالح الخطة مقابل معارضة 40.5% مع اقتناع ما نسبته 35% من المستطلعين أن فك الارتباط سيزيد الارهاب واقتناع 42% أنه سيضعف أمن إسرائيل. وأشار الاستطلاع إلى أن 67% من المشاركين يرون أن إخلاء المستوطنات في قطاع غزة يشكل سابقة لإخلاء المستوطنات في الضفة الغربية، فيما اعتبر 38% منهم أن الاستفتاء يشكل تصويتاً للثقة بشارون مقابل 54% قالوا لا. وحول دوافع الوزراء نتنياهو، شالوم، ليفنات من وراء تأييد الخطة، قال 68% إنها جاءت لاعتبارات سياسية مقابل 17% قالوا إنها نابعة من تأييد حقيقي للخطة. وفي جانب آخر أظهرت بعض الاستطلاعات التي أجريت عشية الاستفتاء أن تراجعاً في نسبة المؤيدين وتقلص نسبة الذين ينوون الذهاب لصناديق الاقتراع الأمر الذي يصب في صالح معارضي الخطة، ويعود هذا التراجع إلى النشاط الكبير الذي بذله نشطاء اليمين المعارضين للخطة في حملة الاقناع التي مارسوها على أعضاء الليكود والتي تمثلت بالتظاهرات والمسيرات ونشر اللافتات التي تحذر من خطر هذه الخطة على الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى أمن إسرائيل. فقد أشار استطلاع للرأي أجراه معهد ديالوغ لصالح هآرتس ونشرت نتائجه في 30/4/2004 أن معارضي الخطة سجلوا 43% مقابل 36% مؤيدين. وكانت هذه النسبة في 21/4/2004، 40% ضد مقابل 44% مع. وهذا التباين في نتائج استطلاعين أجريا في يوم واحد يعكس الأزمة التي عاشها فريق رئيس الحكومة والذي شعر عشية الاستفتاء أنه فقد السيطرة والتأثير على أعضاء الليكود لصالح النواة الصلبة من اليمين الأيدولوجي الذي أبان أنه على استعداد لفعل كل شيء حتى لا تمر خطة رئيس الحكومة في الاستفتاء، وقد تحقق له ذلك يوم 2/5/2004 حين سقط شارون سقوطاً مدوياً في استفتاء الليكود والذي جاءت نتائجه على النحو التالي: * شارك في الاستفتاء 99.652 من منتسبي الليكود وهو ما نسبته 51.6% من إجمالي أصحاب حق الاقتراع. * 59.5% من إجمالي الذين شاركوا في الاستفتاء صوتوا ضد الخطة ويبلغ عددهم 59.882 من منتسبي الليكود. * 39.7% من إجمالي الذين شاركوا في الاستفتاء صوتوا لصالح الخطة ويبلغ عددهم 39.601 من منتسبي الليكود. وقد دفعت هذه النتائج المحلليين إلى طرح التساؤل حول مدى مطابقة نتائج هذا الاستفتاء إلى الواقع سواءً في الليكود أو في الجمهور الإسرائيلي وقد جاءت الإجابة من خلال نتائج استطلاع مقياس السلام لشهر مايو 2004 الذي نشر في هآرتس 10/5/2004 وأشارت إلى أن تصويت أعضاء الليكود ضد خطة شارون لم يؤد إلى الانجراف في اتجاه مماثل على مستوى الجمهور الإسرائيلي العريض. فقد اعتبر 59% من الجمهور اليهودي في إسرائيل أنهم مؤيدون للخطة، مقابل معارضة 37%. وفي نفس السياق وطبقاً للميول السياسية قال 59% من ناخبي الليكود إنهم مع الخطة، مقابل 35% ضدها. أي أن موقف ناخبي الليكود مغاير تماماً لموقف المنتسبين له. وفي ظل هذه الفجوة العريضة بين نتائج الاستفتاء في أوساط منتسبي الليكود وموقف الجمهور ككل، ليس غريباً وجود أغلبية (75%) تعتبر أن قرار شارون إجراء الاستفتاء داخل حزبه كان خاطئاً من وجهة نظر ديمقراطية. وهذا لا يعني الاستنتاج أن الجمهور يعارض اجراء الاستفتاء العام، لا بل على العكس فاليوم مثل السابق، يقول 66% من الجمهور الإسرائيلي أن الموضوع مصيري ولذلك يجب أن يحسم من خلال الجمهور(4). والشيء الملفت في نتائج هذا الاستطلاع وجود أغلبية كبيرة 79% لا ترى أن على شارون الاستقالة من منصبه إثر فشله في الاستفتاء. وأشار الاستطلاع إلى أن الأغلبية لا ترى في خطة شارون أحادية الجانب عقبة في طريق السلام، إنما العامل الآخر الذي يمكن أن يقف ضد الخطة هو الأهمية الاستراتيجية للمستوطنات التي سيتم اخلاؤها. وفي هذا السياق، اعتبر 52% من المشاركين في الاستطلاع أن هذه المستوطنات تضر بمصلحة إسرائيل القومية، مقابل 38% رأوا أنها تسهم في المصلحة القومية لاسرائيل. وعلى هذه الخلفية يمكن فهم النتيجة التي ظهرت في الاستطلاع وتشير إلى وجود أغلبية 53% تعتقد أن على إسرائيل أن تخلي كل المستوطنات في الضفة إذا كان ذلك سيؤدي إلى السلام والاتفاق مع الفلسطينيين.
3- تأييد جارف للانسحاب من غزة كما أشرنا آنفاً لم تؤثر نتائج استفتاء الليكود في موقف الرأي العام من الخروج من غزة، حيث تعزز الموقف المؤيد للخروج من غزة من طرف واحد عقب الاستفتاء، والجمهور في مجمله مؤيد للخروج من غزة من طرف واحد وفورا سواء باتفاق أو بدون اتفاق. فحسب استطلاع يديعوت احرونوت 14/5/2004 قال 71% من المستطلعين أنهم مع الخروج من غزة من طرف واحد (62% في استطلاع 4/5/2004) مقابل معارضة 24% (32% في استطلاع 4/5/2004) وكانت النسبة بين ناخبي الليكود 63% مع و32% ضد (كانت النسبة في استطلاع 4/5/2004 55% مع و41% ضد) ويعزا الازدياد الجارف في تأييد الخروج من غزة إلى احساس الجمهور الإسرائيلي أن هذه القضية أصبح مفروغ منها من جهة والكلفة الزائدة التي يدفعها الجيش في سبيل الدفاع عن مستوطنات تعتبر ساقطة أمنياً وليس لها إرث أيدولوجي من جهة أخرى. ولعل أحداث الشهر الماضي في حي الزيتون ورفح قد عززت هذا الرأي بشكل كبير. وفي نفس الاستطلاع قال 42% من المشاركين أن إسرائيل ستخرج حتماً من قطاع غزة و31% قالوا أغلب الظن أنها ستخرج فيما أكد 6% فقط أن إسرائيل لن تخرج من غزة و13% ظنوا أن إسرائيل لن تخرج من غزة وهذه النتائج تفرز الرأي الأخذ في التبلور بشكل كبير وهو حتمية الخروج من قطاع غزة بأسرع وقت. ثانياً: "جدار الفصل" لا زال حجم التأييد لبناء الجدار الفاصل مرتفعاً لدى الجمهور الإسرائيلي، رغم الانتقادات العالمية والأمريكية للجدار ورغم محاكمة الجدار في لاهاي. وهذا التأييد المرتفع والمستقر للجدار منذ نهاية العام الماضي حيث أيد (53%) من جمهور المستطلعين في استطلاع لمعاريف 15/11/2003 أيد استمرار بناء الجدار حتى لو اقتطعت الإدارة الأمريكية كلفته من الضمانات التي تمنحها لاسرائيل، يصطدم بقضية مسار الجدار كإحدى قضايا الخلاف لدى الجمهور الإسرائيلي. ففي حين يؤيد 44% من الاسرائيليين حسب استطلاع نشرته يديعوت أحرونوت 16/1/2004 المسار الحالي لجدار الفصل، يؤيد 38% من المستطلعين أن يكون مسار الجدار على الخط الأخضر. ووجهة نظرهم في ذلك أن بناء الجدار في مساره الحالي يقضي على أي فرصة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ويجعل من السلام أمر شبه مستحيل، الأمر الذي دفع بقضية بناء الجدار التي كانت محل إجماع الاسرائيليين لتشكل قضية انقسام في الرأي في الآونة الأخيرة. ويرتبط بقضية بناء الجدار قضية معاناة السكان الفلسطينيين الناجمة عن استقطاع أراضيهم وعزل كثير من القرى ومناطق السكن الفلسطينية عن بعضها البعض، وهذه المعاناة من وجهة نظر ثلثي الجمهور اليهودي هامشية إذا ما قيست بالمزايا الأمنية التي سيوفرها الجدار لسكان إسرائيل. فحسب مقياس السلام لشهر شباط فبراير الماضي، سجل التأييد لإقامة الجدار الفاصل نسبة عالية رغم الانتقادات الداخلية والخارجية، فقد أيد 84% من الجمهور اليهودي إقامة الجدار، فيما اعتقد 70% من هذا الجمهور أن الجدار قادر على خفض الارهاب بصورة ملموسة لا وقفه. والتأييد لإقامة الجدار يشمل كافة ناخبي الأحزاب وإن كان بنسب متفاوتة حيث سجل 90% عند ناخبي شينوي والعمل والليكود و60-70% عند ناخبي الاتحاد الوطني، شاس، والمفدال. وحسب الاستطلاع يعتقد ثلث الجمهور اليهودي أن مسار الجدار يجب أن يتحدد وفقاً لاعتبارات الحكومة الأمنية، بينما قالت أقلية 20% إنه يجب أن يتطابق مع الخط الأخضر. في هذه المسألة يبرز ناخبو ميرتس كمعبرين عن رأي الأقلية. تصميم الجمهور اليهودي في قضية الجدار يعبر عن نفسه في مستوى الإكتراث المتدني لمعاناة الفلسطينيين الناجمة عنه. في هذا السياق قال 31% فقط من الجمهور اليهودي أن على إسرائيل أن تأخذ هذه المعاناة بعين الاعتبار، مقابل 64% قالوا أن هذا الاعتبار ثانوي وإن لم يكن هامشياً. ولكن بالرغم من التأييد الجارف لإقامة الجدار إلا أن الأغلبية 71% تؤيد حق المعارضين في الاحتجاج بطرق شرعية. وبالنسبة لمحكمة هاغ الدولية التي تتداول في قانونية الجدار، قال 69% من هذا الجمهور أن محكمة هاغ تميل للجانب العربي، ويؤيد 53% موقف الحكومة بالإحجام عن المشاركة في مداولات المحكمة. الخلاصة: من خلال قراءة نتائج الاستطلاعات السابقة نخرج بالنقاط التالية: 1- هناك تأييد واسع لخطة فك الارتباط يتيح لشارون المضي قدماً في تنفيذها. 2- حجم التأييد الليكودي بصفة خاصة واليميني بصفة عامة يقل بنسبة كبيرة عن حجم التأييد العام، وهذه إحدى المصاعب التي تواجه شارون. 3- سقوط خطة فك الارتباط في استفتاء الليكود لم يؤثر سلباً على حجم تأييدها لدى مجمل الجمهور الإسرائيلي. 4- عدم قناعة الجمهور الإسرائيلي بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين على المدى المنظور، دفعه إلى تأييد خطة فك الارتباط. 5- هناك شبه اجماع لدى الجمهور الإسرائيلي بالنسبة لاخلاء جميع مستوطنات قطاع غزة، والوضع مغاير تماماً بالنسبة لإخلاء مستوطنات الضفة. 6- الاختلاف في الرأي حول مسار الجدار الفاصل لم يضعف من حجم التأييد المرتفع لبنائه. 7- الجمهور الإسرائيلي لا يكترث بصفة عامة بمعاناة الفلسطينيين الناجمة عن بناء جدار الفصل.
الهوامش: |
|