عاطف المسلمي
في الأول من سبتمبر 2003، أصدرت لجنة التحقيق الرسمية الإسرائيلية (لجنة أور) التي تشكلت للتحقيق في أحداث أكتوبر 2000، التي جرت في الوسط العربي في إسرائيل عقب زيارة أرئيل شارون للحرم القدسي الشريف، وأدت إلى مقتل (13) مواطناً عربياً نتيجة الإستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة الإسرائيلية، تقريرها الذي امتنعت فيه عن تحميل المسؤولية للحكومة الإسرائيلية ورئيسها أو للأجهزة الأمنية المختلفة، التي كانت تتولى قيادة دفة الأمور في تلك الفترة. وذهبت اللجنة في تقريرها إلى اتهام القيادات العربية في إسرائيل بالتحريض على العنف، في إصرار واضح على تحميل الضحية ( الوسط العربي) المسؤولية الكاملة عما جرى، وإخراج الحكومة الإسرائيلية ممثلة في شخص ايهود باراك رئيس الوزراء وشلومو بن عامي وزير الأمن الداخلي بأيدي نظيفة من هذه القضية، والإكتفاء ببعض التوصيات بحق بن عامي وبعض الإنتقادات للشرطة، حيث لم يرق للجنة قيام الجمهور العربي بأي نوع من الإحتجاج. وقد عبر احد أعضاء اللجنة في إحدى جلساتها عن توجهها العام بأن هذه المظاهرات لم تكن شرعية ولاقت رداً غير شرعي من الشرطة، وبرز لوم المجتمع العربي من خلال الأسئلة السياسية التي وجهت إلى قيادات هذا المجتمع، في حين لا تملك لجنة التحقيق الصلاحية بتوجيه هذه الأسئلة في سياق تحقيقها. وبلغ لوم الضحية ذروته عند إصدار رسائل التحذير لثلاثة من القياديين السياسيين العرب وهي تحذيرات غير قانونية تهدف في الأساس إلى خلق توازن مصطلح بين الضحية والجلاد. وبرغم هشاشة التقرير والحكم المسبق الذي بني عليه، فأنه غير ملزم ولا يمكن اعتماده كبينة قانونية، فحسب الخبير القانوني في جريدة هآرتس زئيف سيغل "إنه بحسب صلاحية لجان التحقيق الرسمية، فإن التقرير ليس ملزماً قانونياً، خاصة وأنه ليس قراراً أصدرته المحكمة يتوجب تنفيذه "التقرير عبارة عن أداة إدارية لمساعدة الحكومة في بلورة خططها جراء أحداث أكتوبر 2000، لقد سلكت لجنة نفس الطريق الذي سلكته لجان التحقيق الرسمية في الماضي، حيث أعطت قرارات المحكمة العليا لتوصيات لجان التحقيق معنى قانوني بواسطة إلزام الحكومة فحص التوصيات بالرغم من أنها غير مرغمة على سماعها. كما أنه حتى لو جرّمت اللجنة بعض الأشخاص، فإن اقوال اللجنة لا يمكن الإستناد إليها في أي إجراء قانوني(1). أولاً: متى ولماذا شكلت اللجنة؟ 1- إقامة لجنة التحقيق الرسمية: في اعقاب مظاهرات الإحتجاج وقتل وإصابة العديد من المتظاهرين العرب، عينت الحكومة الإسرائيلية في البداية لجنة فحص جماهيرية لم يتعاون المجتمع العربي بهيئاته معها، كما أن اللجنة لم تتمتع بصلاحيات جدية من الحكومة، ما أدى في النهاية إلى حلها بعد فترة وجيزة من الإعلان عن تشكيلها. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية يوم 8/11/2000، مع اقتراب موعد الإنتخابات الإسرائيلية لرئاسة الحكومة، أنها قررت إقامة لجنة تحقيق رسمية للتحقيق فيما جرى خلال أحداث اكتوبر 2000، بهدف الوقوف على العوامل التي أدت إلى وقوع هذه الأحداث، شاملة مسالة التحريض والمحرضين من كل الأطراف، وقد عين قاضي المحكمة العليا (ثيودور أور) رئيساً للجنة والبروفيسور شمعون شامير سفير إسرائيل السابق في مصر والأردن، والقاضي (سهل جراح) عضوين فيها. وبعد فترة قصيرة من بدء عمل اللجنة طلب القاضي (جراح) التنحي من منصبه لأسباب صحية، وتم تعيين القاضي هاشم خطيب من المحكمة المركزية في الناصرة بدلاً منه. واستمر عمل اللجنة قرابة السنتين وتوزع على مرحلتين، الأولى: خصصت لجمع البيانات واستيضاح الحقائق، في حين تمحورت المرحلة الثانية من عمل اللجنة في الشخصيات التي حذرتها اللجنة لمسؤوليتها المحتملة بشكل أو بآخر عما جرى خلال أحداث أكتوبر 2000. وحذرت لجنة التحقيق (14) شخصية شملت رئيس الحكومة آنذاك ايهود باراك ووزير الأمن الداخلي شلومو بن عامي وتسعة أفراد شرطة من بينهم القائد العام للشرطة آنذاك يهودا فيلك، وقائد المنطقة الشمالية في الشرطة إليك روز. كما حذرت لجنة التحقيق ثلاثة شخصيات عربية من القيادة السياسية للمجتمع العربي، هم النائبين عبد المالك دهامشة وعزمي بشارة، إضافة إلى الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية الجناح الشمالي. وقد تنعكس إسقاطات تبني لجنة التحقيق لرسائل التحذير ضد أي من الشخصيات التي حذرت على المستوى السياسي الجماهيري، لتصل إلى حد إصدار احكام ضد هذه الشخصيات، وذلك من خلال توصية بإجراء تحقيق جنائي وحتى توصية بتقديم لائحة اتهام ضد المُحذر.
2- إشكاليات عمل اللجنة: عانى عمل لجنة التحقيق مقابل المجتمع العربي من اشكاليات عديدة، لم تشمل عائلات الشهداء والقيادات السياسية العربية التي حُذرت فحسب، وإنما شملت سائر المجتمع العربي، وكانت أبرز هذه الإشكاليات كالتالي: -عدم تشخيص معظم المسؤولين عن القتل، فالمهمة المركزية التي عهد إلى لجنة التحقيق الوقوف عليها هي كشف الحقيقة حول قتل 13 مواطناً عربياً وإصابة المئات منهم خلال مظاهرات الإحتجاج في أكتوبر 2000، ولم تنجح لجنة التحقيق في هذه المهمة، إذ من بين 13 حالة قتل استطاعت اللجنة كما يبدو، معرفة مرتكب القتل في حالتين فقط. ويشير فشل لجنة التحقيق في التوصل إلى مرتكبي القتل في معظم الحالات التي حققت فيها إلى عدم بذلها الجهد الكافي والمطلوب. كما يكشف حقيقة تستر أفراد الشرطة على ما ارتكبوه وتنسيق الإفادات فيما بينهم متبعين بذلك عقيدة "إخوة أفراد الوحدة الواحدة"(2). - عدم منح عائلات الشهداء حق الإستجواب حيث طلبت هذه العائلات من لجنة التحقيق بواسطة مركز عدالة حق استجواب أفراد الشرطة والمستوى السياسي خلال المرحلة الثانية من عمل اللجنة. باعتبار عائلات الشهداء تشكل طرفاً مباشراً للإجراءات أمام لجنة التحقيق، ولهم الحق في معرفة الحقيقة حول المسؤولين عن قتل ابنائهم، وكان بإمكان منح حق الإستجواب لعائلات الشهداء المساهمة في الكشف عن الحقيقة، لا سيما بواسطة عرض التناقضات الموجودة والتي كان من الممكن أن تبرز خلال الإستجواب. وقد منح مثل هذه الحق لعائلات ضحايا خلال عمل لجان مشابهة في بريطانيا، خاصة الجنة التي حققت في أحداث يوم الأحد الدامي، في شمال ايرلندا (30 يناير 1973)، إلا أن لجنة التحقيق الإسرائيلية رفضت طلب عائلات الشهداء. - الإعتماد على معلومات سرية ومعادية من الشاباك، اعتمدت لجنة التحقيق على كميات كبيرة من المعلومات التي زودتها بها أجهزة المخابرات المختلفة، خاصة جهاز الشاباك. وتطرقت هذه المعلومات بالأساس إلى تحليل التيارات السياسية في المجتمع العربي. وبقيت أهم هذه المعلومات واكثرها حساسية غير مكشوفة، كما مثل رئيس الشابات "آفي ديختر" والمسؤول عن المنطقة الشمالية في نفس الجهاز، أمام لجنة التحقيق بصورة سرية، وناقضت لجنة التحقيق نفسها فيما يخص اعتمادها على هذه المعلومات عند إصدار رسائل التحذير للقيادات السياسية والعربية. ففي رد اللجنة على رسالة مركز (عدالة) في هذا الصدد، أعلنت أن مصدر رسائل التحذير هي مادة اللجنة المكشوفة فقط وليس السرية، إلا انه في رسالة لاحقة للجنة التحقيق، صرحت بأن هناك مادة سرية لـ" الشاباك" أمام اللجنة تشكل احد المصادر لإصدار رسائل التحذير. وكان على لجنة أور من ناحية قانونية عدم اعتماد معلومات الشاباك لسببين مركزيين، الأول: موقع الشاباك كجهاز في مكتب رئيس الحكومة، وكون مواقفه مرتبطة بهذا المكتب، وتعتبره تدخلا غير شرعي في حق التنظيم السياسي، والثاني يتعلق بالتمييز المحيط بمعلومات الشاباك إذ لم يقدم مثلها أو لم يطلب منه مثل هذه المعلومات فيما يخص التنظيم السياسي لغير العرب(3). 3- مجال عمل اللجنة وتطبيقه: شمل مجال عمل لجنة التحقيق (نطاق التخويل القانوني)، مسألة ما سُمي بـ"التحريض". هناك إشكاليتان أساسيتان لشمل مسألة التحريض في مجال لجنة التحقيق، وهما مترابطتان، الأولى: قانونية والثانية سياسية. قانونياً: يجب أن يكون عمل لجنة تحقيق رسمية موجهاً نحو السلطة التنفيذية وأذرعتها المختلفة. وتشكل اللجنة جسماً فاحصاً للسلطة التنفيذية نابعاً منها يخاطبها وموجهاً لها. ولا يجوز للجنة تحقيق رسمية أن تتجاوز نطاق إخفاقات السلطة التنفيذية نحو المواطنين والأحزاب السياسية، إذ أن هؤلاء يواجهون مؤسسات أخرى تحقق معهم في حال خرقهم لأي من القوانين الإشكالية السياسية الكامنة في إدراج مسألة "التحريض" في مجال عمل اللجنة، وهي استغلال هذا المصطلح للوم المجتمع العربي. ففي الخطاب السياسي الإسرائيلي المهيمن، تطلق صفة "المُحرض" دائماً وأبداً على السياسي العربي المُنتخب والذي يعبر عن آلام وطموحات ومصالح شعبه. وقد أثبت تطبيق اللجنة لمجال عملها في سياق مسألة التحريض هذه المقولة مرة أخرى، إذ أن اللجنة حققت مع القيادات السياسية العربية فقط في مسألة التحريض دون غيرهم، كما لم تحقق مع أي من المجتمع اليهودي حول هذه المسألة.
4- ماذا على تقرير اللجنة أن يشمل: لكي يكون بالإمكان اعتبار تقرير لجنة التحقيق تقريراً جاداً، يجب أن يُعطي مسألة قتل 13 مواطناً عربياً وإصابة المئات الآخرين حقها، ومنح الوزن اللائق للمعلومات التي قُدمت للجنة التحقيق من مركز (عدالة)، والمتوفرة للجنة بوسائل أخرى، وكان على هذا التقرير أن يشمل العناصر التالية. - تحديد هوية مرتكبي القتل في كل حالة من حالات القتل التي تمت في بداية أكتوبر 2000. - تثبيت مسؤولية باراك وبن عامي المباشرة عن قتل 13 مواطناً عربياً وإصابة المئات الآخرين. - مسؤولية قيادة الشرطة المباشرة عن مقتل المواطنين الـ13 وإصابة الآخرين. - توصية بمنع الشرطة من الإستعانة بالقوة الفتاكة ضد المواطنين، لاسيما المواطنين العرب. - تحليل وشجب التعامل العنصري في الشرطة ضد المواطنين العرب. - تحليل وشجب العنصرية المؤسساتية ضد المواطنين العرب في إسرائيل، بخاصة في مجالات الأرض والمسكن والإقتصاد والتعليم. - تحليل وشجب العنصرية الشعبية في المجتمع اليهودي ضد المواطنين العرب. ثانيا: نتائج تقرير اللجنة: 1-ابرز النقاط في التقرير النهائي: يمتد تقرير لجنة أور على 832 صفحة، ويقع في جزأين ويقسم إلى ستة فصول تعطي العناوين التالية: الفترة السابقة للأحداث، الأحداث والتطورات التي احاطتها الأحداث الخاصة، بمعنى تلك التي شهدت حالات القتل وإصابة المتظاهرين، ثم تطرق إلى مسائل محددة مثل استخدام القناصة واستعمال الرصاص المعدني المغطى بالمطاط وسلسلة القصورات في تقديم البيانات والتقارير الداخلية في جهاز الشرطة، وأيضا من الشرطة للمستوى السياسي ثم أورد استعراضاً لمن جرى تحذيرهم، كما تطرق التقرير بشكل واضح إلى الوضع العام الذي تعاني منه الجماهير العربية بسبب السياسة الحكومية. ومما جاء في ملخص التقرير، فإن الضائقة العامة التي يعاني منها المواطنون العرب في مجالات عدة كالبطالة والفقر والنقص في الأراضي ومشاكل التعليم والبنية التحتية، خلقت توتراً مستمراً متصاعدا حتى أكتوبر 2000. وكان سببا أساسياً في اندلاع أحداث ذلك الشهر. وهنا اختارت اللجنة أن تشير بموازاة هذا إلى ما سمته عمليات التطرف الأيدولوجي والسياسي في الوسط العرب. وجاءت ابرز النقاط التي شملها التقرير على النحو التالي: - وجهت اللجنة انتقاداً لرئيس الحكومة الإسرائيلية السابق ايهود باراك إلا أنها لم توص بأي إجراء عملي ضده. - قررت اللجنة منع وزير الأمن الداخلي سابقاً شلومو بن عامي، من اشغال منصب وزير الأمن الداخلي في المستقبل. كما أوصت بمنع المفتش العام للشرطة يهودا فيلك وقائد المنطقة الشمالية في الشرطة اللواء إليك رون من اشغال مناصب أمنية رفيعة في المستقبل. -أوصت اللجنة بإقالة ضابطين في الشرطة الإسرائيلية، هما العميد موشيه فلدمان والرائد غي رايف. - أكدت اللجنة على أن ممثلي الجمهور العربي في إسرائيل عضوي الكنيست عزمي بشارة وعبد المالك دهامشة ورئيس الحركة الإسلامية الشيخ رائد صلاح، حرضوا وشجعوا على العنف لكنها لا تقدم أية توصيات عملية ضدهم لأنهم لا يشكلون مناصب رسمية في إسرائيل(4). - أوصت اللجنة بضرورة وجوب إعادة بناء علاقة الشرطة مع الوسط العربي، بعد أن توقفت اللجنة عند التعامل العدائي القائم في هذا الجهاز مع الجماهير العربية. إن أول ما يثير الإنتباه في هذه النقاط هو"تنظيف" المستوى السياسي الحكومي الإسرائيلي من المسؤولية المباشرة، على الرغم من أن حيثيات التقرير أشارت إلى وجود تقصير جدي في سلوك وعمل ومسؤوليات كل من رئيس الحكومة السابق ايهود باراك ووزير الأمن الداخلي في حكومته شلومو بن عامي، بالإضافة إلى تعامله مع قيادة الشرطة بشكل مخفف جداً من حيث التوصيات المباشرة مع انه حمل كبار الضباط مسؤولية استخدام القناصة والسماح باستعمال وسائل قمع قاتلة كالرصاص المطاطي وعدم تقديم تقارير وبلاغات، كما يقضي القانون والأنظمة المعمول بها بالمقابل فإن التقرير لم يخرج بتوصيات عقابية بحق النائبين عبد المالك دهامشة وعزمي بشارة والشيخ رائد صلاح، على الرغم من انه يثبت مزاعم التحريض بحقهم(5).
2- موقف العرب في إسرائيل من التقرير: أثارت توصيات لجنة أور منذ صدورها 1/9/2003، زوبعة من ردود الفعل المتسمة بخيبة الأمل، ورأت هذه الردود أن التوصيات غير كافية. وأصدرت الجبهة الديمقراطية بياناً دعت فيه إلى تقديم المسؤولين عن قتل المواطنين في أحداث أكتوبر 2000 إلى المحاكمة، فيما قال رئيس لجنة المتابعة العربية في إسرائيل المهندس شوقي الخطيب في المؤتمر الصحفي الذي عقدته اللجنة في القدس عقب صدور التقرير، "إن لجنة المتابعة العربية ستتوجه إلى القضاء من اجل مقاضاة المسؤولين عن قتل ثلاثة عشر مواطنا عربياً"(6). وأصدر التجمع الوطني الديمقراطي بيانا أوضح فيه أن الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل، لم تكن بحاجة إلى "لجنة أور" لتحديد المسؤول الحقيقي عن جريمة أكتوبر 2000، التي ذهب ضحيتها 13 من خيرة الشباب العربي. وأشار البيان إلى أنه بغض النظر عن تقرير لجنة أور، فإن الأمر الأهم في هذه القضية هو أن احداً من القتلة لم يقدم للمحاكمة ولم ينل عقاباً. وناشدت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل الشرطة الإسرائيلية ووزيرها، استخلاص العبر وان تتبنى فوراً توصيات اللجنة الداعية إلى تغيير توجهها العدائي نحو الجمهور العربي الفلسطيني في إسرائيل، وان تتبنى نهجاً لا يرى في هذا الجمهور عدواً بل جمهور من المواطنين يملك الحق في الإحتجاج، ويجب الحفاظ على حياته وعلى حقوقه. وعقب عضو الكنيست محمد بركة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، على تقرير لجنة أور بقوله، "إن التوصيات التي طرحها التقرير مهمة على الصعيد التنظيمي والشخصي، لكنها ناقصة. فالأشخاص الذين ضغطوا على الزناد لن يقدموا للقضاء". وقال عضو الكنيست عزمي بشارة تعقيبا على استنتاجات "لجنة أور"، إن عدم التحقيق مع أي شرطي أو اتهامه من قبل اللجنة مخيب للآمال، "لن يكون بإمكان اللجنة صد سياسة الحكومة تجاه المواطنين العرب". تطرق بشارة إلى الإنتقادات التي وجهتها اليه اللجنة بقوله "إنني لا اعتقد أن على اللجنة توجيه الإنتقادات لي، وإنني مخذول لأنها انتقدت القيادات العربية، لم يتعين على اللجنة الإنشغال في القيادة السياسية". وقال عضو الكنيست طلب الصانع تعليقا على التقرير، إن هذه أول وثيقة رسمية تتناول بشكل مباشر العلاقات القائمة بين الدولة والمواطنين العرب كجماعة، هذه الوثيقة تبنت ما أكدناه في السابق أن هذه سياسة تفرقة وتمييز على خلفية عنصرية. وأضاف الصانع، أن اللجنة خشيت استخلاص العبر بشكل واضح ومباشر ضد المسؤولين عن سياسة التفرقة العنصرية، بسبب التحريض من جانب اليمين الإسرائيلي، لقد ثبت أن التظاهر لم يكن الجريمة، بل هي هوية المتظاهرين ومواقف أفراد الشرطة المشوهة. وعلق عضو الكنيست عبد المالك دهامشة على تقرير اللجنة بالقول، "إن توصيات اللجنة طالت المستويات التنفيذية، لكنني استغرب تحرير السيد باراك من المسؤولية، إنه لم يمنع ما حدث ولم يتدخل فحسب، بل دعم وشجع القتل بدم بارد خصوصا في أول يومين"(7). وخيمت مشاعر الغضب والسخط الشديدين على عائلات الشهداء العرب الفلسطينيين في إسرائيل الذين سقطوا في مواجهات أكتوبر 2000 في ضوء توصيات لجنة أور الرسمية، وأوضح ممثلون عن العائلات في مؤتمر صحافي عقدوه في القدس الغربية، أن اللجنة تهاونت مع المسؤولين عن عمليات القتل ولم تستخلص العبر مع الوسط العربي. وقال محمد أبو صالحة، عم الشهيد وليد أبو صالحة إن" الأمر برمته مهزلة، كيف خرج الرائد غاي رايف من القضية بلا شيء؟ كل من بُعث إليهم بكتب التحذير بمن فيهم قائد الشرطة في الشمال إليك رون والوزير السابق شلومو بن عامي، لم يتذوقوا طعم الثكل، لقد تلقت اللجنة تعليمات من المستويات العليا ...قتلوا بدون ذنب، بينما اكتفت اللجنة بالإبعاد مدة سنة واحدة". وقالت جميلة عاصلة والدة الشهيدة آسيل عاصلة "استنتاجات اللجنة شبيهة بما حدث مع شارون بعد مجازر صبرا وشاتيلا. لم يكن بإمكانه أن يشغل منصب وزير الدفاع، فأصبح رئيساً للحكومة"(8). 3- موقف القوى السياسية الإسرائيلية والجمهور الإسرائيلي من التقرير: اعتبرت القوى اليمينية في إسرائيل في تعقيبها على نتائج وتوصيات لجنة أور، أن تشكيل اللجنة من الأساس كان عملاً خاطئاً ومشجوباً، لانه جاء حسب رأيهم لرشوة الناخبين العرب عشية انتخابات رئاسة الحكومة لعام 2001، متهمة الجماهير العربية بعدم الولاء للدولة والقادة العرب بالتحريض على التمرد. فقد اتهم وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي عضو الكنيست ميخائيل راتسون، المواطنين العرب في إسرائيل، بمسؤوليتهم عن عدم اندماجهم في المجتمع الإسرائيلي، مضيفاً انه لو كان الوسط العربي في إسرائيل معنياً بالإندماج في المجتمع الإسرائيلي على غرار الوسط الدرزي والشركسي لكان بمقدوره ذلك، فبدل القيام بتهدئة الأوضاع إبان أحداث أكتوبر 2000، اختار مندوبو الوسط العربي تمرير بلاغات عنيفة(9). ودعا وزير الرفاه الإسرائيلي زفلون أورليف (مفدال) الحكومة الإسرائيلية إلى عدم المصادقة على توصيات لجنة أور، كما وردت في التقرير المنشور، وتابع الوزير قوله، أن استنتاجات اللجنة تخلق شعوراً أن الشرطة مكبلة اليدين وليس مقدور أفرادها صد أعمال العنف ومظاهر التمرد ضد الدولة. وذهب نداف هعتسني (من كتاب اليمين المتطرف في إسرائيل) إلى القول في مقال له في معاريف 3/3/2003، أن أفراد الشرطة المتلعثمين والخائفين الذين ظهروا على شاشات التلفاز هم آخر من يجب التحقيق معهم وبشكل خاص في الوقت الذي لا توجد فيه لدى اللجنة نية أن تتعمق وتوصي بمحاكمة من كان مسؤولاً عن مسيرة التحريض والخروج على القانون الأشد في تاريخ إسرائيل. والأكثر إثارة من كل شيء في هذا التقرير هي حقيقة أن الضحايا (أفراد وضباط الشرطة) تحولوا إلى مدينين، والمذنبين إلى رجال ادعاء. إن استنتاجات اللجنة تضع في قائمة اللعنة والمواجهة الجنائية، مجموعة من الضباط الذين أرسلوا في أكتوبر 2000 ليقفوا في خط النار الأول لدينا، وتحاول اللجنة أن تنظم من جديد ذاكرتنا الجماعية وكأننا لا نذكر من الذي اشعل شمالي البلاد ومن الذي أرسل لإخماد النار. ويضيف هعتسني في مقاله الذي يعكس وجهة رأي غالبية الشارع اليميني، كان من الأفضل لو لم تولد اللجنة، ولكن منذ اللحظة التي نشرت فيها توصياتها، فمن المستحسن أن تلقى في مزبلة التاريخ. وفي نفس الوقت يُحسن قيام لجنة تفحص المواضيع الهامة جداً وعلى رأسها، لماذا لم يحاكم حتى اليوم قادة المحرضين؟، وكيف يمكن أن قسماً منهم يجلسون في الكنيست ويواصلون تمويل مسيرة التسميم من أموال ضرائبنا(10). على الجانب الآخر "اليسار لم تصدر تعقيبات كثيرة على توصيات اللجنة، وكأن اليسار يشعر بشيء من الرضى عن توصيات اللجنة التي تشكلت في ظل حكومته. فقد عقب أمين عام حزب العمل عضو الكنيست "اوفير بينيس" على تقرير اللجنة بقوله، إن " الإستنتاجات والتوصيات تثبت أن اللجنة شكلت بشكل مبرر، وهي ذات صلة أكثر من أي وقت مضى. من الواضح أن اللجنة لم تتهاون مع احد. الشرطة ملزمة بوقفة حساب مع النفس(11). وحسب أقوال بينيس، فإن الهوة بين العرب واليهود في الدولة، تُلزم الحكومة باتخاذ جميع الخطوات من اجل جسر الهوة. ودعا بينيس المستشار القضائي للحكومة بعدم الإكتفاء بتقرير اللجنة، بل الإقدام على فحص ما إذا كان من الممكن إصدار تعليمات للشرطة بفتح ملف تحقيق ضد المسؤولين عن الإخفاقات الخطيرة. 4- موقف الجمهور الإسرائيلي من تقرير اللجنة: وبالنسبة لموقف الجمهور الإسرائيلي من توصيات لجنة أور، فقد عكستها بوضوح نتائج استطلاع للرأي نشرته يديعوت احرونوت 3/3/2003، ودلت على أن الرأي العام الإسرائيلي في مجمله متحفظ من استنتاجات لجنة أور، فمن الواضح حسب المستطلعين أن اللجنة لم تحقق الآمال التي علقت عليها حين تشكيلها وأولها تخفيف التوتر بين مواطني إسرائيل اليهود والعرب. والنتيجة الأكثر أهمية في هذا الإستطلاع هي أن غالبية اليهود يرفضون مطلب اللجنة "العدل في التوزيع" وهذا يعني أن يتم العمل على مساواة ظروف حياة أبناء الأقلية العربية مع أبناء الأغلبية اليهودية. فقد أجاب 53% من المستطلعين اليهود بأنه يجب الإبقاء على الميزانيات نفسها المخصصة للوسط العربي أو انه يجب تقليصها. وفي هذا الجانب إذا ما عكس السياسيون قراراتهم هذا الإتجاه، فما من شكٍ بأن الظلم سيستمر، ولا شك أن التوتر سيزداد. ولإعطاء صورة أكثر تفصيلاً، نورد أهم نتائج هذا الإستطلاع بالأرقام: هل لجنة أور كانت عادلة مع شلومو بن عامي، تساهلت أم تشددت معه؟ كانت عادلة 25% من إجمالي العينة -32% بين العرب. تساهلت 22% من إجمالي العينة- 45% بين العرب. تشددت 29% من إجمالي العينة-13% بين العرب. هل لجنة أور كانت عادلة مع اهود باراك، تساهلت أم تشددت معه؟ كانت عادلة 18% من إجمالي العينة-16% بين العرب. تساهلت 35% من إجمالي العينة 46-% بين العرب. تشددت 20% من إجمالي العينة -18% بين العرب. هل لجنة أور كانت عادلة مع رجال الشرطة، تساهلت أم تشددت معهم؟ كانت عادلة 20% من إجمالي العينة- 18% بين العرب. تساهلت 14% من جمالي العينة-55% بين العرب. تشددت 45% من إجمالي العينة-7% بين العرب. هل استنتاجات التقرير يمكنها أن تحدث تغييراً إيجابياً أم سيئاً في العلاقات بين اليهود والعرب؟ تغير ايجابي 12% من إجمالي العينة- 27% بين العرب. تغير سلبي 25% من إجمالي العينة-22% بين العرب. لا تغيير 49% من إجمالي العينة-20% بين العرب. هل برأيك يجب زيادة الميزانيات للوسط العربي تقليصها أم بقائها على حالها؟ زيادتها 39% من إجمالي العينة -48% بين العرب. تقليصها 20% من إجمالي العينة -7% بين العرب. إبقائها على حالها 33% من إجمالي العينة-9% بين العرب. هل الشرطة تعالج الوسط العربي اليوم مثلما تعالج الوسط اليهودي أم تعطي موقف مفضل لأحد الوسطين؟ معالجة متساوية للوسطين 29% من إجمالي العينة – 11% بين العرب. موقف مفضل لليهود 45% من إجمالي العينة – 36% بين العرب. موقف مفضل للعرب 10% من إجمالي العينة – صفر% من إجمالي العينة(12). 5- موقف الحكومة الإسرائيلية من تقرير اللجنة: أ- الحكومة تشكل لجنة وزارية للتداول في توصيات لجنة أور: يستحق مواطنو الدولة العرب المساواة كحق وليس كمنة، ولا نزال حالياً على مسافة بعيدة جداً عن ذلك، ولقد وضعت الحكومة برئاستي هذا الموضوع على سلم اولوياتها. بهذه التصريحات المتناقضة التي تنضح بالوعود عقب رئيس الحكومة الإسرائيلية آريئيل شارون في جلسة لحكومته 14/9/2003، على توصيات ونتائج لجنة أور، وحول انتقاد اللجنة للشرطة، قال شارون "يجب استخلاص كل العبر، لكن يجب علينا أن لا ننسى عملهم والعبء الثقيل الذي يحملونه"(13). وعلق بعض الوزراء على أقوال شارون "لا شك أن شارون يحاول دفن نتائج وتوصيات لجنة أور في التراب". وقرر رئيس الحكومة عقب صدور توصيات لجنة أور تشكيل لجنة وزارية للتداول في التوصيات يناط بها تقديم التوصيات بعد دراسة تقرير لجنة أور، وعليها الإجابة على سؤال، كيف يجب التعامل مع التوصيات والإستنتاجات للجنة أور. وقالت أوساط مقربة من شارون "أن الفكرة إقامة لجنة وزارية تدرس بعمق تقرير لجنة أور، لأن الحديث يدور عن تقرير مكون من 830 صفحة، وليس من الصحيح اتخاذ قرار في موضع مهم بشكل مستعجل. وتتألف هذه اللجنة التي ستطور مكانة العرب من وزير العدل يوسيف لبيد رئيساً، وعضوية تساحي هنغبي وزير الأمن الداخلي، وليمور لفنات وزيرة المعارف، وبيني ألون وزير السياحة، وغدعون عزرا وآفي إيتام. وانتقد عدد من الوزراء إقامة اللجنة، وقالوا إن الهدف من إقامتها هو رفض تنفيذ توصيات لجنة أور. وقال الوزير يوسف برتيسكي (شينوي) "هذه أحبولة لا يمكن أن أوافق عليها. لقد أقيمت اللجنة حسب القانون الخاص بلجان التحقيق، ولا يمكن قبول وضع تُقيم فيه الحكومة لجنة تحقيق لا تقبل توصياتها ونتائجها"(14). من جانبه عارض المستشار القضائي السابق للحكومة الياكيم روبنشتاين، إقامة لجنة وزارية إذا كان الدافع هو دفن توصيات لجنة أور. ب- اللجنة الوزارية تقدم تقريرها: بعد تسعة اشهر من تشكيلها، قدمت اللجنة الوزارية الخاصة بتطبيق توصيات لجنة أور في الوسط العربي، تقريرها إلى الحكومة في جلستها بتاريخ 6/6/2004، ويشتمل على جزأين أساسيين: توصيات تخص الوسط العربي وتوصيات تخص وزارة الأمن الداخلي وشرطة إسرائيل. في الجزء الخاص بالوسط العربي أقرت البنود التالية: إنشاء سلطة لدفع أبناء الأقليات قُدما: تكون هذه السلطة خاضعة لمكتب رئيس الحكومة ومهمتها علاج المشكلات الخاصة بالوسط غير اليهودي في كل ما يتعلق بشؤون التخطيط والبناء والميزانيات والتمثيل المناسب في خدمة الدولة والتربية. على أن تجري السلطة اتصالات دائمة مع وزارات الحكومة المختلفة، وتقدم التقارير مباشرة لرئيس الحكومة عن عملها. وتحقق هذه التوصية المادة الواردة في تقرير لجنة أور، والتي تقرر أن التعامل مع الوسط العربي يستلزم تدخلاً وعناية، وقيادة شخصية من جانب رئيس الحكومة. خدمة وطنية مدنية: أوصت اللجنة الوزارية في تقريرها، بضرورة دمج الشبان العرب في إطار الخدمة الوطنية المدنية على أن تشجع الحكومة تطوع الشبان العرب في الجيش والشرطة وأطر أخرى. خطط هيكلية: أوصت اللجنة الوزارية، بان يعد وزير الداخلية وادارة أراضي إسرائيل بمشاركة السلطات المحلية العربية خططاً هيكلية للقرى العربية، حيث ستقام في هذا الإطار مناطق عمل محلية ولوائية وفيها منتزهات صناعية مشتركة لليهود والعرب. تربية للتعايش: ستعد وزارة التربية خطة لإقرار "اسبوع دراسة الآخر" الذي سيخصص لتأكيد المساواة والمواطنة كإسرائيليين، كما ستنظم لقاءات بين مدارس يهودية وعربية وهذه التوصية تحقق المادة الواردة في التقرير التي توصي بأنه "يجب السعي والعمل من اجل تأمين حياة مشتركة في سلام لليهود والعرب في هذه البلاد". يوم التسامح: في كل عام، سيقر "يوم التسامح"، يعبر فيه عن قيم التسامح والتكافل بين الأوساط المختلفة. الهدف الرئيسي ليوم التسامح، هو خلق عيد رسمي يُفصح عن مضامين مشتركة بين العرب واليهود وينشئ شعوراً بالوحدة. وتقترح اللجنة أيضاً أن تجري الكنيست في هذا اليوم جلسة خاصة لموضوع التسامح، وتحقق هذه التوصية المادة الواردة في تقرير لجنة أور الخاصة بضرورة وجود قواسم مشتركة لمجموع السكان ورموز يستطيع المواطنون جميعاً التماثل معها. دعوة للزعماء العرب: يخصص تقرير اللجنة الوزارية فصلاً كاملاً للتوصيات التي تتعلق بزعامة الوسط العربي، حيث توصي اللجنة بالإكتفاء بدعوة هؤلاء الزعماء إلى الإمتناع عن التحريض والإيحاءات التي لا تتفق والإخلاص للدولة والتنديد بالعنف(15). ج- ردود الفعل العربية على توصيات اللجنة الوزارية: جاءت ردود الفعل ساخطة في أوساط القيادة العربية، والتي ادعت أن توصيات لجنة "لبيد" أسوأ من توصيات لجنة أور، حيث لم تتطرق توصياتها إلى القضية الأساسية وهي أحداث أكتوبر 2000، والتحقيق مع قيادات الشرطة الإسرائيلية، التي كانت المسؤولة عن تلك الأحداث وعن جرائم القتل في حق المواطنين العرب، ويصعب في ظل عدم الشمولية التي اتبعتها لجنة "لبيد"، الحديث عن تسامح أو التخطيط إلى آلية التعايش. فما اتبعته اللجنة هو أمر خاطئ لا يمكن القبول به في ظل عدم الإلتزام في القضية الأساسية أولاً، وهي محاسبة المسؤولين عن جهاز الشرطة. واعتبر النائب عصام مخول الأمين العام للحزب الشيوعي الإسرائيلي "أن توصيات لجنة لبيد جاءت لذر الرماد في العيون ولإعفاء الدولة عن إعلان ولائها لمواطنة المواطنين العرب وشرعية حقهم في المساواة الكاملة". وأضاف مخول، "أن توصيات اللجنة وفرت المهارب لحكومة شارون للإمتناع عن تنفيذ توصيات لجنة أور العينية، وخصوصاً فيما يخص قضية شرعية البيوت غير المرخصة في البلدات العربية، وتوسيع مسطحات البلدات العربية وتوفير الأراضي لتطويرها. وختم مخول "لقد صدقت تقييماتنا في القيادة العربية، حيث رفضت لجنة المتابعة العليا التعامل مع لجنة لبيد بتركيبتها، وما احتوته من قوى الترانسفير العنصرية. لقد ثبت الآن أن لجنة لبيد أقيمت لتفريغ توصيات لجنة أور من مضمونها الملزم، واستغلال الجريمة التي ارتكبتها المؤسسة الحاكمة تجاه المواطنين العرب لإبتزازهم في قضية الخدمة الوطنية المرفوضة أصلا"(16). الخاتمة: كان يجب على الحكومة الإسرائيلية، الأخذ بتوصيات لجنة أور رغم ما شابها من قصور وتمييز ضد الوسط العربي، وذلك لمنع تكرار ما جرى في أكتوبر 2000، وفي نفس الوقت العمل على الصعيد السياسي لإحراز تسوية دائمة تكون بمثابة الضمان الوحيد لعدم تكرار مثل هذه الأحداث. إن أحداث أكتوبر 2000، لم تكن هزة أرضية كما وصفتها اللجنة، بل كانت هزة وعي نابعة من تراكم سنوات من الإجحاف والتمييز بحق الأقلية العربية في إسرائيل. وقد بدأت وتطورت كجزء لا ينفصل عن اندلاع انتفاضة الأقصى، وقدمت تعبيراً عنيفاً عن الصحوة القومية للجمهور الفلسطيني الذي يعيش في دولة إسرائيل اليهودية. وعندما تُقدم الحكومة الحالية على دفن توصيات هذه اللجنة تحت الرمال من خلال تشكيل لجنة وزارية لدراسة ما ورد في تقرير لجنة أور، جل أعضائها من اليمين المتطرف الذي يرفض فكرة التعايش مع الأقلية العربية وينادي بالترانسفير، فهي إنما ترسخ شعور الظلم والقهر لدى الجمهور العربي بشكل أكبر من ذي قبل(*). وتؤكد أن مصير توصيات وقرارات هذه اللجنة لن يكون أحسن حالاً من مصير توصيات وتقارير لجان تحقيق سابقة، عالجت أحداث وقضايا تخص فلسطينيي الداخل، أو فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، وتزيد في حجم الفجوة الآخذة في الإتساع بين الجماهير العربية في إسرائيل ومؤسسات الدولة. وعلى الجانب الآخر، فإن تصرفات الحكومة إزاء توصيات لجنة أور تعزز مواقف الجمهور اليهودي الآخذة في التدهور نحو المزيد من العنصرية تجاه الأقلية العربية، وتقضي على أي فرصة للتعايش بين الشعبين. هوامش (*) أشارت نتائج استطلاع للرأي أجراه المركز العربي للدراسات والأبحاث الإجتماعية التطبيقية على عينة تمثيلية من السكان العرب في إسرائيل، بين الأشهر كانون الثاني/يناير وآذار/ مارس 2004، إلى تشاؤم العرب في إسرائيل فيما يخص معظم مناحي الحياة والعلاقة مع دولة إسرائيل، إذ أشارت النتائج أن حوالي ثلثي المشاركين في الإستطلاع 63% يعتبرون مكانة العربي اليوم اسوأ مما كانت عليه قبل 10 سنوات، و67% قالوا إن مكانتهم بعد 10 سنوات ستكون أسوأ مما هي عليه اليوم. (1) الأيام- المشهد السياسي، 2/9/2003. (2) المصدر السابق. (3) المصدر السابق. (4) الأيام، 2/9/2003. (5) الأيام، 9/9/2003. (6) الأيام، 3/9/2003. (7) الأيام، 2/9/2003. (8) المصدر السابق. (9) المصدر السابق. (10) معاريف، 3/9/2003. (11) الأيام، 2/9/2003. (12) يديعوت احرونوت، 3/9/2003. (13) الأيام، 16/9/2003. (14) المصدر السابق. (15) معاريف 3/6/2004. (16) الأيام، المشهد السياسي، 8/6/2004. |
|