جميل الخالدي التجارة الخارجية الفلسطينيةبالنظر إلى الظروف الإستثنائية والطارئة، التي عاشها الإقتصاد الفلسطيني على مدى عقود عدة، حيث استتبعت هذه الظروف اختلالاً وتشويهاً لهيكل الإقتصاد، فقد حال ذلك دون أحداث تنمية اقتصادية حقيقية. وان شهد الإقتصاد تطوراً جزئياً في بعض الأحيان فإن ذلك لم يقترن بتطور هيكلي في القطاعات الإنتاجية المختلفة، وبات بذلك اقتصاداً ضعيفاً يعاني من التشوه والخلل. وعلى ضوء النقص الحاد في الموارد الإقتصادية لفلسطين، الأمر الذي يعمق حدة المشكلة الإقتصادية، إضافة إلى القيود المفروضة بأشكال عديدة على استيراد المواد الخام والتي تقلل من فرص تنويع وتعزيز الإنتاج، وبالتالي خفض القوة التنافسية للمنتجات المحلية. وعلى خلفية ضعف القاعدة الإنتاجية المحلية، فقد نشأت في ظل هذا الوضع سوق استهلاكية ارتكزت بشكل رئيسي في تلبية الإحتياجات الأساسية على الواردات من الخارج، مما زاد من اتساع الهوة بين الصادرات والواردات. وبسبب محدودية السوق الفلسطيني، فإن تعزيز الصادرات والتوجه نحو السوق الخارجي لتصريف المنتجات المحلية، وخفض العجز في الميزان التجاري، يمثل التحدي الرئيسي للسلطة الوطنية الفلسطينية في الإطار العام لرسم معالم اقتصاد قوي وسليم. الخصائص والأداءلعل أهم ما يميز التجارة الخارجية الفلسطينية، هو اعتمادها على مدى اكثر من ثلاثة عقود على إسرائيل كشريك رئيسي، ولم تسهم الإتفاقات الإقتصادية بين الطرفين في تغيير هذا الواقع، بل زاد الإعتماد على إسرائيل وتوسع العجز التجاري لصالح إسرائيل، حيث بلغ في العام 1995 نحو 1096 مليون دولار وارتفع إلى 1450 مليون دولار في العام 1998، كما تشير التقديرات إلى بلوغ هذا العجز في العام 2000 حوالي 1506 مليون دولار، وإن كانت قد تراجعت كل من عمليتي الاستيراد والتصدير خلال العامين 2001 و2002 بشكل حاد، حيث انخفض الاستيراد بنسبة 56%، 23% على التوالي على خلفية الإنتفاضة الفلسطينية. تقديرات حجم التجارة مع إسرائيل-المبلغ بالمليون دولار
المصدر: Palestinian private Sector, forum Issue No.1 من جهة أخرى فقد ارتبط الأداء الإقتصادي والتجاري الفلسطيني بشكل قوي بالتطورات السياسية، حيث شهد هذا الأداء تحسناً ملحوظاُ في العام 1994، وهي الفترة التي شهدت استقراراً نسبياً نتيجة توقيع الإتفاقات السياسية بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ثم عاد ليتراجع هذا الأداء في العام 1996، بسبب المواجهات التي وقعت بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي آنذاك، في حين أدى الإستقرار في السنوات اللاحقة لتحسن وتطور الأداء الإقتصادي إلى أن وصل إلى أدنى مستوياته خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، بسبب الإنتفاضة القائمة والإغلاقات والإجتياحات المتكررة للأراضي الفلسطينية. ويعتبر الإنفتاح على الخارج إلى جانب النسبة العالية للواردات إلى الصادرات، والعجز التجاري المزمن من أهم خصائص التجارة الخارجية الفلسطينية. فقد انخفضت نسبة الصادرات في العام 2000 لتصل إلى 8.6% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، في حين بلغت نسبة الواردات إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 51.4% لنفس العام، مع العلم بأن المعدل العالمي لنسبة الصادرات إلى الناتج المحلي بلغت على سبيل المثال في العام 1999 حوالي 40%، فيما بلغت نسبة الواردات إلى الناتج المحلي على المستوى العالمي 45% خلال عقد التسعينيات، ويعني ذلك تضخم العجز التجاري العام، حيث بلغ في العام 1996 حوالي 1677 مليون دولار، وارتفع ليصل إلى 1982 مليون دولار في العام 2000. الصادرات الفلسطينية (1996-2000) مليون دولار
المصدر: Palestinian private Sector, forum Issue No.1 الواردات الفلسطينية (1996-2000) مليون دولار
المصدر: Palestinian private Sector, forum Issue No.1 المعوقاتيشار إلى أن من أهم القضايا التي ساهمت في تباطؤ نمو التجارة الفلسطينية، والذي أدى إلى وجود عجز كبير في الميزان التجاري،تمثل في سيطرة إسرائيل على المعابر والحدود الفلسطينية، وتحكمها بشكل شبه تام في حركة الإستيراد والتصدير عبر فرضها شروطاً مباشرة ومجحفة بحق كل من الصادرات والواردات الفلسطينية، مثل تطبيق نظام تعرفة جمركية يحول دون سهولة انتقال الكثير من السلع التي قد تنافس منتجاتها، وكذلك استخدام الذرائع الأمنية كوسيلة لمنع دخول الكثير من المواد الخام اللازمة لعملية التصنيع بشكل خاص، إضافة إلى منع الإستيراد المباشر من دول لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. والى جانب تلك المعوقات، فقد أثرت العوامل الذاتية الناتجة عن الخلل في تركيبة الإقتصاد وحجمه في تباطؤ نمو التجارة الخارجية، حيث أن ضعف البنية التحتية للتجارة، جعل من دخول الأسواق الخارجية امراً صعباً ومعقداً، الأمر الذي انعكس على قيمة الصادرات الفلسطينية للخارج ونوعيتها، كما ساهم في ذلك الإفتقار الملحوظ لإستراتيجية شاملة ومتكاملة للتجارة الفلسطينية في هذا الإتجاه. فعلى الرغم من تبني السلطة الوطنية الفلسطينية لنظام السوق المفتوح والإقتصاد الحر، فإن التخطيط الإستراتيجي لتنمية وتعزيز هذا التوجه لا يزال دون المستوى الفعال الذي يخدم هذه الإستراتيجية، كما أدى إلى عدم مقدرة القطاع الخاص الفلسطيني وضعفه في تعزيز وتنمية أداء وتطوير المعرفة والخبرات في هذا المجال إلى عدم دفع الرؤيا الإستراتيجية التي تخدم عمليات التجارة والتسويق قدماً. وحيث تتجاوز قيمة الواردات بشكل ضخم قيمة الصادرات، تبرز مشكلة تمويل الواردات. وقد تم تمويل الجزء الأكبر من الواردات الفلسطينية من ايرادات العمالة الفلسطينية، وكذلك المساعدات الأجنبية، وهو أمر انعكس سلباً على مستويات الإستثمار والتوفير في المناطق ولا شك أن هناك معيقات خارجية أخرى ساهمت في إعاقة حركة المبادلات التجارية بين المناطق الفلسطينية والعالم الخارجي، واستندت بالأساس إلى سياسات الحماية المتبعة والإجراءات البيروقراطية والجمركية على الحدود، واستخدام القيود المتعلقة بالمواصفات التجارية الموقعة بين السلطة الفلسطينية والعالم الخارجي في دفع التجارة بين الطرفين إلى مستويات أعلى لأسباب عدة سوف يتم التطرق إليها لاحقاً. ملخص عام للإتفاقات الإقتصادية والتجارية1- الإتفاق الفلسطيني الإسرائيلي تم توقيعه في باريس في العام 1994، ويتكون من إحدى عشرة مادة، أهمها: 1- إن الإتفاق سيحكم العلاقات الإقتصادية بين الطرفين، وإنه يغطي الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الفترة الإنتقالية، وان صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية ستحدد بحسب الإتفاقية التي تحكم ما عرف بالولاية الإقليمية. 2- تشكيل لجنة فلسطينية-اسرائيلية، مشتركة من عدد متساوٍ من الأعضاء، وتتخذ قراراتها بالإتفاق، وتشتمل مهامها على مراجعة الإتفاقية وتقييم العلاقات الإقتصادية. 3- المادة الثالثة، وتتعلق بالضرائب وسياسات الإستيراد وتتلخص في الآتي: - تتمتع السلطة الفلسطينية بحرية تحديد الجمارك والرسوم والضرائب على السلع المستوردة ضمن قوائم (A1وA2 و B)، بالإضافة إلى السيارات وبالكميات التي تُلبي احتياجات السوق الفلسطينية، والتي ستحددها اللجنة المشتركة. - فيما عدا ذلك تلتزم السلطة بمعدلات الجمارك والضرائب والرسوم الأخرى التي تفرضها إسرائيل على الواردات، كما تلتزم بسياسة الإستيراد الإسرائيلية واجراءاتها. - سيحق لإسرائيل تعديل الضرائب والجمارك وسياسة الإستيراد والمواصفات على أن لا تشكل التغيرات في المواصفات عائقا غير جمركي، وان تكون قائمة على اعتبارات الصحة والسلامة وحماية البيئة، وفقاً للإتفاقية حول العوائق الفنية من الجات. - تلتزم السلطة الوطنية الفلسطينية بمعدل ضريبة القيمة المضافة المعتمد في إسرائيل، مع قدرتها على تخفيض بما لا يزيد على نقطتين مئوتين. - تم تحديد إجراءات معينة لإستيراد البترول عن طريق الأردن، وقد هدفت الإجراءات إلى عدم تمكين الفلسطينيين من بيعه للإسرائيليين. - نصت الإتفاقية على حق الفلسطينيين بإستخدام كافة نقاط الدخول والخروج الإسرائيلية المحددة لغرض استيراد وتصدير السلع، وان السلع الفلسطينية ستعطى معاملة مساوية للإسرائيلية. - حددت المادة إجراءات خاصة بالمعابر مع الأردن ومصر، وإجراءات شحن البضائع وحركة المسافرين عليها. - أعطت المادة الحق للسلطة الفلسطينية في استثناء أمتعة العائدين الفلسطينيين من ضرائب الإستيراد، وكذلك سمح للسلطة بإستثناء التبرعات العينية التي تصلها من الخارج من الجمارك وضرائب الإستيراد. الضرائب المباشرة - أعطت المادة السلطة الوطنية الحق في انتهاج سياسة ضريبية مباشرة مستقلة، ويشمل ذلك ضريبة الدخل على الأفراد والشركات وضرائب الملكية وضرائب ورسوم الحكم المحلي. - نصت المادة كذلك على أن تقوم إسرائيل بتحويل ضرائب الدخل التي تخصم من الفلسطينيين العاملين في إسرائيل بنسبة 75%، وفي المستوطنات بنسبة 100%. - ونصت على قيام الجانبين بالعمل على منع الإزدواج الضريبي في السلطة الوطنية الفلسطينية. الزراعة وتنص هذه المادة على حرية التبادل التجاري للمنتجات الزراعية بين الطرفين. كما نصت المادة نفسها على استثناءات لبعض التفاصيل المتعلقة بصحة الحيوانات والمنتجات الحيوانية، وفحوصات يجريها الجانبان، وتتعلق بإصدار التصاريح للسماح بنقل الحيوانات ومنتجاتها، وحددت المادة الكميات المسموح بتبادلها من الدواجن والبيض والبطاطا والخيار والبندورة والبطيخ، كما نصت المادة على حق الفلسطينيين في تصدير منتجاتهم الزراعية إلى الأسواق الخارجية دون قيود. - نصت المادة على امتناع الجانبين عن استيراد منتجات زراعية من طرف ثالث قد تمس بمصالح مزارعي الجانب الآخر، بما لا يتعارض مع اتفاقات دولية مسبقة، وان كل جانب ملزم بإتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع إضرار زراعته ببيئة الطرف الآخر. الصناعة - نصت المادة على حرية تبادل المنتجات الصناية دون قيود، وعلى حق الفلسطينيين في تصدير منتجاتهم الصناعية إلى الأسواق الخارجية دون قيود. - أعطت المادة الفلسطينيين الحق في دعم صناعاتهم الوطنية من خلال تقديم المنح والقروض ومساعدة البحث والتطوير والمزايا الضريبية المباشرة، واستخدام الطرق التي تستخدمها إسرائيل في ذلك، ولا يسمح بإعادة الحسومات الضريبية غير المباشرة، كما لا يسمح بتقديم مزايا ودعم مباشر للمبيعات. 2- الإتفاق الفلسطيني الأوروبي وهو اتفاق وقع في العام 1997، بين الإتحاد الأوروبي ومنظمة التحرير الفلسطينية، ويتلخص الجزء الأساسي من الإتفاق فيما يخص ترتيبات التجارة الحرة بالآتي: - السلع الصناعية: ويسمح للسلع المصنفة في الضفة والقطاع بالدخول إلى دول الإتحاد الأوروبي دون رسوم جمركية، أو أية رسوم أخرى لها التأثير نفسه، بإستثناء بعض منتجات التصنيع الزراعي والتي سيعاملها الإتحاد الأوروبي بما يعرف "بالمحتوى الزراعي". - يمكن للسلطة الفلسطينية أن تفرض رسوماً جمركية على بعض السلع المصنفة المستوردة إلى أراضيها من الإتحاد الأوروبي خلال فترة الإتفاق، يشترط أن لا تزيد هذه الرسوم عن المستويات التي كانت عليها في الأول من تموز 1996. - تم تحديد بعض السلع، بحيث تستطيع السلطة الوطنية فرض رسوم مالية لا تتجاوز 25% من قيمتها بشرط أن يتم تخفيض هذه الرسوم تدريجيا والغائها نهائيا بعد خمس سنوات. - يسمح للسلطة الوطنية الفلسطينية بإعتماد إجراءات استثنائية ولمدة محدودة لإستحداث أو زيادة رسوم جمركية فيما يخص الصناعات الوليدة والقطاعات التي تعاني من صعوبات جدية، إلا أن الإتفاق قد نص على قيود تتعلق بفترة فرض الرسوم الجمركية ومستوياتها ومدى انتشارها. - السلع الزراعية: حيث نص الإتفاق على إلغاء الرسوم الجمركية النسبية المفروضة على بعض المنتجات (المدرجة في البروتوكول رقم 1)، أو تخفيضها ضمن "كوتا" معينة، كما يقتصر تصدير بعض هذه الكميات على مواسم محددة. أما فيما يتعلق بصادرات الإتحاد الأوروبي، فقد نص الإتفاق على إلغاء الرسوم الجمركية أو تخفيضها ضمن "كوتا" معينة، فيما يخص خمس مجموعات سلعية (اللحوم الحية والمجمدة، جبنة، طحين، والمستحضرات العلفية)(*). 3- الإتفاق الفلسطيني مع الولايات المتحدة ومناطق التجارة الحرة الأخرى: - وقعت الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل اتفاقية منطقة تجارة حرة في نيسان من العام 1995، ونصت على تخفيض تدريجي للضرائب الجمركية والرسوم الأخرى المفروضة على الواردات والتخلص منها نهائياً خلال عشر سنوات، وتتناول الإتفاقية تفاصيل العلاقة التجارية بين الجانبين والإمتيازات التي منحت لإسرائيل، كونها مازالت تعتبر "دولة نامية"، بحسب الإتفاق. - ويعتبر الإتفاق بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة الأمريكية إمتداداً للإتفاق الإسرائيلي-الأمريكي المذكور، حيث تم بموجب قرار رئاسي أمريكي في العام 1996، اعفاء السلع الفلسطينية من الرسوم الجمركية، وتعديل نظام الأفضلية "GSP" إلى نظام التعامل الحر بما يتعلق بالسلع المنتجة في الضفة الغربية وقطاع غزة والمناطق الصناعية، كما سمح للمنتج الفلسطيني استخدام مدخلات الإنتاج الأمريكية، بحيث لا تتجاوز 15% من مدخلات الإنتاج الكلية، واعتمادها في التكلفة لإستيفاء شرط أو متطلب قواعد المنشأ، كما ينص القرار على فتح الأسواق الأمريكية أمام المنتج الفلسطيني بدون تعرفة أو قيود كمية. - من جهة أخرى فقد وقعت السلطة الفلسطينية اتفاق مرحلي للتجارة الحرة مع مجموعة "EFTA" وهو اتفاق متعدد الأطراف. - وقعت السلطة الفلسطينية اتفاقاً للتجارة الحرة مع كندا في العام 1999، ومع روسيا في نفس العام اتفاقاً للتعاون التجاري. 4-الإتفاق الفلسطيني مع الأردن ومصر ودول عربية أخرى: وقعت السلطة الوطنية الفلسطينية، اتفاقات تعاون اقتصادي وتجاري مع الأردن في العام 1995، وقد ركزت الإتفاقية التجارية مع الأردن إلى جانب الإتفاق المعدل في نفس العام، على الإلتزام بمبدأ التجارة الحرة واعتمدت مبدأ القوائم السلعية المعفاة من الرسوم الجمركية والضرائب بين الجانبين، ولم يشمل الإتفاق على أية معاملة تمييزية للبضائع الفلسطينية. كما وقعت اتفاقاً مع مصر في العام 1998، حيث نصت على مبدأ التعاون الحر بين الطرفين، إلا أنها اعتمدت مبدأ القوائم السلعية المعفاة من الضرائب والرسوم الجمركية (مع استثناء الضرائب المحلية). وهناك أيضاً تفاهمات للتعاون، تم توقيعها مع أطراف عربيةأخرى منها تونس والمغرب. الإتفاقات التجارية بين السلطة الفلسطينية والعالم الخارجي
أهمية الإتفاقات التجارية تستهدف الإتفاقات التجارية التي يتم توقعيها سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف تحقيق اغراض عدة يمكن ايجازها في فتح الأسواق الخارجية أمام المنتجات الفلسطينية، مما يستدعي تأهيل القطاعات الإنتاجية، وبخاصة التصديرية وتعزيز الأداء الإقتصادي والقدرة التنافسية للمنتوجات المحلية في اسواق العالم، إلى جانب ابراز الهوية الفلسطينية في مواجهتهما مع الجانب الإسرائيلي للتحرر من الإحتلال، والتعامل مع فلسطين اقتصاديا باعتبارها كياناً اقتصاديا قائماً بذاتة. من جهة أخرى تساهم هذه الإتفاقات في تنويع المبادرات التجارية واعطاء خيار افضل للمنتج الفلسطيني وتقلص الإعتماد الكبير على إسرائيل كشريك شبه محتكر للتجارة الفلسطينية، كما تساهم مثل هذه الإتفاقات في عملية نقل المعرفة واستقطاب رؤوس الأموال في ظل تعزيز وتنمية أداء القطاعات الإنتاجية التي تعمل بهدف التصدير مما يعزز الإستثمارات المحلية والخارجية. تقييم الإتفاقات هنالك الكثير من النقاشات والندوات التي تطرقت بشكل مفصل للحديث عن الإيجابيات والسلبيات للإتفاق الإقتصادي مع إسرائيل من الناحيتين النظرية والتطبيقية، حيث تركزت الإيجابيات حول الصلاحيات التي منحها الإتفاق للسلطة الوطنية الفلسطينية إلى جانب الاعتراف ببعض من حقوق الجانب الفلسطيني في المجال التجاري بين الطرفين. غير أن ابراز الجوانب السلبية في هذا الإتفاق قد طغى بشكل كبير على الإيجابيات منه، وبخاصة تلك المتعلقة بدور اللجنة الإقتصادية المشتركة المعنية بمتابعة وتنفيذ البروتوكول، بسبب ربطه وتحويله للجهات الأمنية الإسرائيلية، وكذلك الثغرات المتعلقة بالصياغة وتفسير البنود الخاصة بالإتفاق، وتقييد السياسات التجارية وربطها بالقوائم السلعية المدرجة في الإتفاقية الإقتصادية، مما انعكس سلباً على إمكانية تطوير العلاقات التجارية الفلسطينية مع العالم الخارجي، واعتماد المقاييس والمواصفات الإسرائيلية، الأمر الذي أعطى الجانب الإسرائيلي المبرر للتهرب من الإلتزام بالبنود الخاصة بالمبادلات التجارية تحت ذرائع صحية. أما فيما يخص الإتفاق الأردني-الفلسطيني، فقط كان للتشابه الكبير بين الإقتصادين الأردني والفلسطيني من حيث الحجم والهيكل الإقتصادي اثر كبير في الحد من توسيع المبادلات التجارية بين الطرفين. وقد كتب عدد من الباحثين حول هذا الإتفاق، حيث خلص بعضهم إلى أن الإتفاقية لم تحقق اهدافها(*)، في التعاون والتكامل بين البلدين من الناحيتين الإقتصادية والتجارية، حيث لم تعتمد الإتفاقية آلية محددة للتنفيذ، فيما لم تنجح اللجنة المشتركة في تنفيذ الإتفاق، كما لم تشمل القوائم السلعية على سلع فلسطينية مهمة كانت تصدر قبل ذلك إلى الاردن، واهملت الإتفاقية تجارة الترانزيت ذات الأهمية القصوى للأقتصاد الفلسطيني، ولم تساهم التعديلات على الإتفاقية المذكورة في العام 1995 في أحداث تغيير جوهري في النشاط التجاري بين الطرفين. ورأى البعض الآخر أن الإتفاق الإسرائيلي-الأردني للتبادل والتعاون الإقتصادي قد ساهم في عدم توسيع قاعدة التبادل التجاري بين فلسطين والأردن. كما ساهم اتفاق باريس الإقتصادي في هذا الإتجاه من حيث الإزدواجية الموجودة بين القوائم السلعية في الإتفاق الإسرائيلي-الفلسطيني، والأردني-الفلسطيني. كما كان للإجراءات والقيود غير الجمركية التي تستخدمها إسرائيل، وكذلك التجارة غير الرسمية (تجارة الشنط) الأثر الهام في أضعاف التبادل التجاري بين الأردن وفلسطين، أما الإتفاق الفلسطيني مع الإتحاد الأوروبي، فقد واجه بعض المشاكل، حيث أن طبيعة العلاقة الإقتصادية والتجارية بين فلسطين وإسرائيل، تعني أن دخول السلع الأوروبية لإسرائيل بدون تعرفة أو قيود كمية عليها يعني بالضرورة دخولها إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن من خلال إسرائيل مما يؤثر على قدرة فلسطين للتصدير إلى أوروبا. إلى جانب ذلك فإن الإمتيازات التي منحت للفلسطينيين من خلال هذه الإتفاقية تعتبر متواضعة بالقياس لخصوصية الوضع الفلسطيني، والإمتيازات المعطاة للسلع الفلسطينية، بينما يرى البعض تشددا في تحديد شروط المنشأ للسلع الفلسطينية بحسب الإتفاق. أما الوضع الخاص مع الولايات المتحدة الأمريكية، والذي جاء بموجب القرار الرئاسي الأمريكي، فإنه من الناحية من الناحية العملية لم يسهم في تطوير الحركة التجارية بين الطرفين، حيث يواجه المصدر الفلسطيني ارتفاع كلفة النقل، وعدم معرفة جيدة بالسوق الأمريكية، مما يتطلب إعداد استراتيجيات إنتاجية تعتمد القدرة التنافسية للإستفادة من التسهيلات الممنوحة بموجب القرار المذكور. ورغم كل هذه الإتفاقات الهادفة للوصول بالمنتج الفلسطيني إلى الأسواق العالمية وتنويع مصادر المبادلات التجارية والشركاء التجارية، فإن سيطرة إسرائيل على التجارة الخارجية الفلسطينية لا تزال قوية، كما توضح البيانات الآتية بشأن حركتي التصدير والإستيراد الفلسطيني. حجم التصدير بالمليون دولار1995-1998
المصدر: مركز الإحصاء الفلسطيني مصادر الواردات بالمليون دولار1995-1998
المصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وهذا يشير إلى عدم وجود استراتيجية واضحة المعالم لتعزيز وتطوير التجارة الخارية والإجراءات والسياسات اللازمة لذلك، إلى جانب المعوقات الإسرائيلية لحركة التجارية والهيمنة على المعابر والمنافذ الحدودية الفلسطينية، مما يحد من إمكانية حرية الحركة للتجارة والأفراد. خاتمة - إذا كان الواقع السياسي في الكثير من الأحيان وراء مثل هذه الإتفاقات بهدف خلق كيان اقتصادي فلسطيني قائم بذاته، فإنه من المهم جداً مراعاة الجوانب الإقتصادية والتجارية البحتة للفوائد التي يرجى أن تجنيها هذه الإتفاقيات. لذلك لابد من وجود استراتيجية تبادل تجاري مع العالم الخارجي متفق مع مبدأ حرية التجارة واولويات التنمية الإقتصادية الشاملة. - الإهتمام بنوعية وتفاصيل الإتفاقات التجارية وليس بالعدد الكمي، مما يتطلب معرفة جيدة بالأسواق الخارجية تستند لدراسة مواصفات ومقاييس الأسواق الدولية لموائمة القطاعات الإنتاجية الفلسطينية، بما يتفق ومتطلبات الأسواق العالمية. - تعزيز القدرة التنافسية للمنتج الفلسطيني. - العمل على توفير التسهيلات الإئتمانية للمساهمة في تطوير وتوسيع البنية الإنتاجية وتشجيع الصادرات. - تقنين الواردات حسب أولويات السوق المحلية. - العمل لإنشاء شركة وسيطة للتصدير لتعزيز وتطوير حركة الصادرات الفلسطينية والعمل على فتح اسواق جديدة أمام المنتجات الفلسطينية. - تطوير البنية التحتية اللازمة لعملية التصدير مثل مراكز التخزين وغيرها. (*) علاقة فلسطين بالإتحاد الأوروبي "الإطار الحالي للعلاقة المستقبلية"، رام الله، معهد ابحاث السياسات الإقتصادية الفلسطيني-ماس 2000- نعمان كنفاني. (*) انظر محمود الجعفري، "الإتفاقية التجارية الأردنية-الفلسطينية، متطلبات التعديل، فلسطين، مركز البحوث والدراسات الفلسطينية-1997، سلسلة تقارير الأبحاث، رقم 4 |
|