جمال البابا أولاً: طبيعة الجدار ومساره والآثار المترتبة عليه1- طبيعة الجدار تختلف طبيعة الجدار من منطقة إلى أخرى حسب الطبيعة الجغرافية وحسب الأهمية الاستراتيجية والحيوية للمنطقة التي يمر فيها، وبنظرة فاحصة إلى طبيعة الجدار ومكوناته فإن عرضه يتراوح ما بين 80 إلى 100 متر، ويتكون من العناصر التالية: - أسلاك شائكة لولبية، هي أول عائق في الجدار من الجهة الشرقية. - خندق بعرض 4 أمتار وعمق خمسة أمتار، يأتي مباشرة بعد الأسلاك الشائكة. - شارع مسفلت بعرض 12 متراً، وهو شارع للاستخدام العسكري لمرور دوريات المراقبة والاستطلاع. - شارع مغطى بالتراب والرمل الناعم بعرض 4 أمتار لكشف آثار المتسللين، على أن يمشط هذا المقطع مرتين يومياً صباحاً ومساءً. - الجدار الأسمنتي، وهو عبارة عن جدار اسمنتي بارتفاع متر يعلوه سياج معدني إلكتروني وأضواء كاشفة وغيرها من عناصر البنية التحتية الأمنية. وفي بعض القطاعات يرتفع الحائط الاسمنتي إلى ثمانية أمتار ليحجب الرؤية على الجانب الآخر. - بعد الجدار يوجد شارع رملي وترابي، ثم شارع مسفلت وبعدهما خندق مماثل للخندق الأول، ثم أسلاك شائكة ولولبية(1). 2- مسار الجدار بعد فترة طويلة من النقاش والمداولات بدأت الملامح النهائية لجدار الفصل تأخذ واقعها على الخرائط الإسرائيلية. وكما يقول الجنرال احتياط عاموس يارون، المشرف الأساسي على إقامة الجدار، أن المبدأ الأساسي الذي اعتمده الاسرائيليون في الجدار هو ضم أكبر عدد من الاسرائيليين وأقل عدد من الفلسطينيين في الجانب الإسرائيلي. وبصفة عامة يمكن تقسيم الجدار إلى جزئين رئيسيين، الأول ما يسمى بغلاف القدس، والثاني هو الجدار الرئيس الذي يمتد على طول الضفة الغربية شمالها وغربها وجنوبها. * غلاف القدس: وهو عبارة عن خطة إسرائيلية خاصة بمدينة القدس والمناطق المحيطة بها، وتتضمن خطة ما يسمى غلاف القدس إقامة مجموعة من الأحزمة الأمنية والديموغرافية ضمن مخطط عزل القدس عن الضفة الغربية حتى يتسنى للحكومة الإسرائيلية السيطرة تماماً على الحركة من المدينة وإليها، ومن ثم التحكم في نموها وتطورها بما يخدم مستقبل اليهود في المدينة، ويهدف مخطط غلاف القدس من ضمن ما يهدف إليه هو محاولة ضم المستوطنات المحيطة بالمدينة إلى جسم المدينة الرئيسي وذلك من خلال: الحزام الأول: قلنديا-جبع، ويضم مستوطنات عطروت، كوخاف يعقوب، بسغوت وجفعات زئيف. الحزام الثاني: جبع-عناتا، ويضم مستوطنات آدم، علمون ومعاليه أدوميم. الحزام الثالث: جبل أبو غنيم-جيلو، ويضم مستوطنتي جبل أبو غنيم وجيلو جنوب المدينة. وحسب التصورات الإسرائيلية، فإن تنفيذ هذا المخطط يتم من خلال مجموعة من الاجراءات: 1- توفير لواء عسكري خاص يكون مسؤولاً عن إغلاق منطقة القدس. 2- ربط المستوطنات المقامة خارج حدود بلدية القدس بالأحياء الاستيطانية داخل حدود المدينة. 3- ربط الحزام الاستيطاني اليهودي خارج حدود البلدية بالعمق اليهودي في القدس الغربية من خلال مجموعة من الطرق والانفاق. 4- إقامة أحياء استيطانية صغيرة داخل الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس وإسكانها بالمستوطنين اليهود. 5- فصل التجمعات والأحياء السكانية الفلسطينية في القدس الشرقية عن مركز المدينة والبلدة القديمة بواسطة حواجز عسكرية. 6- إغلاق المؤسسات الرسمية الفلسطينية الموجودة في القدس الشرقية. ويبلغ طول الأسوار الخاصة بغلاف القدس نحو 50 كم، جميعها تم إقرارها من قبل الحكومة الإسرائيلية باستثناء مقطع صغير شرقي المدينة بطول 2 إلى 3 كم يقع في منطقة الشارع المؤدي من القدس إلى الخليل، حيث لم تتم المصادقة على هذا المقطع بسبب التأخير في اتخاذ قرار حول ضم مستوطنة معاليه أدوميم داخل الغلاف أم لا. * جدار الفصل الرئيسي: كما سبقت الإشارة من أن جدار الفصل هو عبارة عن سلسلة من الأسوار والحواجز والأسلاك الشائكة والكهربائية والخنادق ويمر في معظمه في أراضي الضفة الغربية بشكل متعرج بين الجبال والوديان وبين المستوطنات الإسرائيلية والتجمعات السكانية الفلسطينية، ويبلغ طول الجدار الفاصل باستثناء غلاف القدس نحو 425 كم من قرية سالم في شمال الضفة الغربية حتى مستوطنة كرمل جنوب مدينة الخليل، ومن قرية سالم إلى غور الأردن في جهة الشرق. وحسب المخطط فإن مسار الجدار يضم خلاله مجموعة من الجزر، بحيث يحاول من خلالها ضم مجموعة من المستوطنات. في الوقت نفسه تجنب التجمعات السكانية العربية مثل جزيرة "السامرة" التي ستضم مستوطنة أريئيل والمستوطنات القريبة منها مثل كدوميم وكرني شومرون. وهناك العديد من الجزر المشابهة في منطقة غوش عتسيون وعوفاريم وجفعات زئيف في محيط القدس. أما منطقة اللطرون ومنطقة غرب رام الله فسيتم بناء جدار عازل مزدوج بحجة أن هذه المناطق محاذية لمطار اللد بحيث يقع الجدار الأول قريباً من الخط الأخضر، والجدار الثاني فسيتم بناؤه على عمق تسعة كيلو مترات داخل الضفة الغربية وهذا يعني حبس العديد من القرى الفلسطينية في المنطقة بين الجدارين(2).
* لا تشتمل الأطوال الجدران الثانوية غربي وشرقي الجدار الأساسي(3).
وبنظرة إلى خط سير الجدار (انظر الخريطة المرفقة) يلاحظ أن التعرجات التي يسير فيها تتماشى مع التواجد الاستيطاني في المناطق التي يمر بها، بحيث عملت سلطات الاحتلال على أن يشمل الجدار معظم التجمعات الاستيطانية القريبة من الخط الأخضر وحتى البعيدة نسبياً عنه، ومن هنا فإن الجدار استطاع أن يضم نحو 54 مستوطنة إلى الغرب منه إضافة إلى 12 مستوطنة في شرقي القدس.
المستوطنات الموجودة غرب الجدار(4). 3- الآثار المترتبة على بناء الجدار أ- مصادرة الأراضي: رغم أن القرار الإسرائيلي إقامة جدار الفصل لم يصدر سوى في النصف الثاني من العام 2002، إلا أن الحقائق على الأرض تكشف أن التحضير لإقامة هذا الجدار بدأت منذ العام الأول لتسلم أريئيل شارون رئاسة الحكومة، فبعد نحو سبعة أشهر من وصول شارون إلى سدة الحكم، وتحديداً في السادس عشر من سبتمبر 2001، أصدر قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية قراراً يقضي بإغلاق 69 ألف دونم من أراضي منطقة جنين المحاذية للخط الأخضر لما وصف بـ "أغراض عسكرية" تبين أنها صودرت لفرض إقامة الجدار الفاصل, وتمتد هذه الأراضي من قرية تعنك شمالاً حتى قرية باقة الشرقية وطولكرم جنوباً. توالت بعد ذلك القرارات الخاصة بإغلاق المزيد من الأراضي في مناطق أخرى محاذية للخط الأخضر للغرض نفسه، ففي الثاني والعشرين من مارس 2002 أصدر الجيش الإسرائيلي قراراً مماثلاً يقضي بإغلاق عشرة آلاف دونم من أراضي طولكرم بالقرب من الخط الأخضر، وتقع هذه الأراضي ضمن قرى الراس وكفر صور وفرعون وجبارة. وفي الثلاثين من مارس والثلاثين من يونيو 2002 صدر قراران عسكريان يقضيان بإغلاق مساحات واسعة أخرى من أراضي سلفيت للغرض نفسه. وفي أغسطس وسبتمبر عام 2002 أصدر الجيش الإسرائيلي قراراً يقضي بمصادرة سبعة آلاف دونم من أراضي مدينة قلقيلية لمصلحة بناء الجدار(5). وقدر مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة حجم الأراضي التي ستتأثر مباشرة من بناء المرحلة الأولى من الجدار بنحو 7200 هكتار، حيث أعلنت هذه المناطق كمناطق عسكرية مغلقة(6). وبنظرة إلى حجم المصادرات وحجم الأراضي التي سوف تتأثر من بناء الجدار فإن الصورة تكون أكثر وضوحاً من خلال الأرقام الواردة في الجدول التالي:
* مساحة الأراضي التي ستتأثر مباشرة من بناء الجدار(7). والجدول التالي يوضح عدد القرى والسكان الفلسطينيين المتضررين من جراء إقامة الجدار:
- الآثار الجيوسياسية: بالإضافة إلى الأضرار المباشرة على نحو 900 ألف فلسطيني يعيشون بمحاذاة أو داخل الجدار الفاصل، فإن لهذا الجدار العديد من الآثار الجيوسياسية الخطيرة التي تؤثر على الشعب الفلسطيني برمته وقضيته الوطنية، والتي من أهمها أن عملية بناء الجدار الفاصل تعتبر في رأي العديد من الخبراء أنها تمهد لترسيم حدودي أحادي الجانب من قبل إسرائيل، وذلك من خلال مد هذه الحدود باتجاه الشرق في عمق الأراضي الفلسطينية، بحيث يتم ضم مساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية عندما تسنح الفرصة لاتخاذ القرار السياسي بذلك. كما أن توسيع السيطرة الإسرائيلية "السيادية" باتجاه الشرق يؤكد سيطرتها التامة على الحوض الجوفي لمياه الضفة الغربية، خاصة الحوض الغربي والحوض الشمالي، وفي حالة استكمال القسم الشرقي من الجدار فإن السيطرة الإسرائيلية ستطال ثلاثة أرباع مصادر المياه في الضفة الغربية، وهو ما سيوفر لإسرائيل سحب نحو 400 مليون متر مكعب من المياه الجوفية الفلسطينية سنوياً، وهو ما يعادل ثلثي التغذية المتجددة للمياه الجوفية في الضفة، مما سيحد من قدرة الجانب الفلسطيني على استخراج مياهه الجوفية. إضافة إلى ما سبق، فإن جدار الفصل سوف يساهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تقطيع أوصال الضفة الغربية وتجزئتها إلى مجموعة من الكانتونات في الجزء الواقع بين الجدران، حيث تطرح إسرائيل تصوراً يتم من خلاله ربط هذه الكانتونات عبر جسور وانفاق تكون هي المتحكم الرئيس في الحركة عليها. وحسب المصادر الإسرائيلية، فإن الخطط المعدة للجدار الفاصل في حال اتمامها فإنها ستقسم الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام: 1- منطقة أمنية شرقية على طول التلال شرق غور الأردن بمساحة 1237 كم2، أي ما يعادل 21.9% من مساحة الضفة الغربية وتضم 40 مستوطنة إسرائيلية. 2- منطقة أمنية غربية بمساحة 1328 كم2، أي ما يعادل 23.4% من مساحة الضفة الغربية. وهذا يعني أن كلتا المنطقتين ستضمان 45.3% من مساحة الضفة الغربية. 3- المنطقة الثالثة والتي تبلغ مساحتها 54.7% من مساحة الضفة ستقسم إلى ثمانية مناطق شبه منفصلة(9). ثانياً: مواقف الأطراف1- الموقف الإسرائيلي من خلال استعراض الموقف الإسرائيلي من جدار الفصل، سوف يتم التركيز على موقف الحكومة الإسرائيلية الحالية وزعيمها اريئيل شارون لأنها المتحكم الرئيسي وربما الوحيد بطبيعة هذا الجدار ومساره. وبصفة عامة، فقد جاءت مخططات الفصل الإسرائيلية لتعكس تداعيات الانتفاضة الفلسطينية الثانية على مجمل الوضع الإسرائيلي. ومنذ انطلاق الفكرة في عهد رابين فقد كان شارون من أشد المعارضين للفكرة بحجة أن التكلفة المالية لإنشاء الجدار ستكون عالية جداً، وبحجة أن هذا النوع من الجدران لن تكون نجاعته الأمنية كبيرة، ولكن السبب الرئيس وراء رفض شارون السابق لبناء الجدار أن مسار الجدار وأهدافه حسب رؤية حزب العمل كانت لا تتفق مع مخططات شارون فيما يتعلق بمصير الأراضي الفلسطينية. ولكن تحت ضغط الشارع الإسرائيلي رأى شارون أن يستمر في بناء الجدار الفاصل، ولكن ضمن استراتيجية مختلفة تحقق أهداف شارون التاريخية الاستراتيجية قدر المستطاع والتي يمكن تلخيصها بالآتي: - احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على كامل المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط. - فصل السكان العرب في الأردن ومصر عن أشقائهم في فلسطين بواسطة أرض تسيطر عليها إسرائيل أو تستوطنها. - فصل الفلسطينيين بعضهم عن بعض وعن مواطني إسرائيل الفلسطينيين، بواسطة حدود تقوم على أساس كتل استيطانية. - أي تواصل اقليمي في المناطق الفلسطينية سيتم بواسطة عدد من الجدران أو الانفاق. من هذه الرؤية الاستراتيجية ينطلق شارون في بنائه للجدار الفاصل في محاولة منه إرساء المحددات الجغرافية والسياسية لاتفاق انتقالي طويل الأمد يحقق من خلاله أطماعه الاستراتيجية في الضفة الغربية. ومما يؤكد هذا التوجه موقف المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، فبعد المعارضة الصارمة التي أبداها المستوطنون ضد الجدار في البداية وجدناهم وبالتنسيق مع شارون شخصياً قد تغيرت مواقفهم لاقتناعهم بأن ما يدور هو مخطط كبير، ويجب أن يكون لهم دور بارز في تحديد مساره بما يخدم الحركة الاستيطانية ومصالحها والتي لا تتعارض مع تصورات شارون ومخططاته. وبعد التدخل الذي حدث من جانب المستوطنين وبعض أوساط في الجيش الإسرائيلي لتغيير مسار جدار الفصل ليضم مستوطنات في عمق الضفة الغربية في المرحلة الثالثة من الجدار، خاصة مستوطنات أريئيل وكرني شومرون، أعلن شارون في أكثر من مناسبة أن الجدار سيمر إلى الشرق من مستوطنة أريئيل بعمق 20 كيلو متر داخل أراضي الضفة الغربية(10). لقد أدت التصريحات الإسرائيلية حول تصوراتها لمسار الجدار إلى موقف أمريكي ودولي رافض لهذه الخطوة(*) خاصة بعد الزيارة التي قام بها شارون إلى واشنطن في نهاية شهر يوليو 2003، ومن هنا بدأت عملية نقاش موسعة داخل الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية حول الصيغة المناسبة لمسار الجدار الفاصل في منطقة "أريئيل". وكانت وزارة الدفاع الإسرائيلية قد تقدمت بثلاث بدائل لمسار الجدار الفاصل في هذه المنطقة والتي جاءت على النحو التالي: - أن يتوغل الجدار الفاصل بحيث يمر شرقي مستوطنتي أريئيل وكدوميم. - أن يمتد قطاع أرض ضيق من الجدار على طول طريق عابر السامرة ليضم مستوطنة أريئيل. - اقامة الجدار بالقرب من الخط الأخضر مع إضافة جدار خاص يحيط بمستوطنة أريئيل وهو الخيار الذي توصي به وزارة الدفاع. وتم بالفعل عرض هذه الخيارات على الحكومة الإسرائيلية في اجتماعها المنعقد في 1/10/2003، حيث أقرت الحكومة الإسرائيلية المرحلة الثالثة من الجدار والتي تمتد من جنوب مستوطنة الكانا حتى مستوطنة كرمل جنوب الخليل، وقررت الحكومة فيما يتعلق بالقطاع المقابل لمستوطنة أريئيل ألا يندرج في المرحلة الحالية ضمن البناء الرئيسي للجدار، بحيث يظل هذا القطاع في المرحلة الحالية دون بناء "ثغرة" إلى أن يتم حسم الموضوع بشأنه، على أن يتم التعويض عن ذلك ببناء أسيجة محيطة بمستوطنة أريئيل وأربعة مستوطنات أخرى قريبة منها(11). كما قررت الحكومة الإسرائيلية وفي الاجتماع نفسه العمل على استكمال الجزء الشمالي الغربي من غلاف القدس، كما تقرر بدء العمل في إنشاء الجدار في القطاع الممتد من مستوطنة هارادار حتى معسكر عوفر غرب مدنية رام الله، أما الجزء الشمالي من الجدار، فقد تقرر استكمال المرحلة الثانية منه والممتدة من قرية سالم في الغرب حتى جبل أبيز في منطقة الجلبوع في الشرق على طول الحدود الشمالية للضفة الغربية بطول 38.5 كم، على أن تستكمل حتى نهاية العام الجاري (2003)، وستبدأ مرحلة أخرى من هذا القطاع والتي تمتد على طول الجزء الشمالي من غور الأردن في بداية العام المقبل. وبذلك يصبح طول الجدار الفاصل الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية حتى هذا التاريخ 530 كم(12). وحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فقد بدأ العمل بالفعل في المرحلة الثالثة جنوب الكانا يوم 12/11/2003. أما بخصوص الجدار في غور الأردن، فقد أعلن شارون في نهاية أكتوبر 2003 عن وجود مشروع قيد الدراسة، كبناء خط دفاعي بمحاذاة وادي الأردن يتوغل عدة كيلو مترات في الضفة الغربية وسيتم انجازه خلال عام(13). وفي مطلع شهر ديسمبر 2003 أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنه تقرر تجميد مشروع إنشاء جدار في غور الأردن في الفترة الحالية. يبدو واضحاً أن إسرائيل مصممة على الاستمرار في بناء الجدار، وهو ما ورد على لسان كافة أركان الحكومة الإسرائيلية، حتى أن شارون لم يتردد في التأكيد على ذلك قبل وبعد لقائه مع الرئيس بوش في نهاية شهر يوليو 2003، حيث أعلن بعد اللقاء "أن إسرائيل ستمضي قدماً في بناء الجدار وأن كانت ستبذل جهوداً للتخفيف من انعكاساته على الحياة اليومية للفلسطينيين"(14). وعلى ما يبدو فإن إسرائيل تحاول المناورة في مسار الجدار حتى تخفف من الضغوط التي قد تمارس عليها خاصة من الطرف الأمريكي. 2- الموقف الأمريكي ينطلق الموقف الأمريكي من الجدار الفاصل من رؤية الرئيس بوش لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي القائم على دولتين، حيث أكد الرئيس بوش أننا نريد دولة فلسطينية قابلة للحياة تتمتع بنوع من التواصل الإقليمي مع عدم الممانعة في إجراء تعديلات حدودية يتفق عليها الطرفان. وقد بدأ الموقف الأمريكي يتبلور من الجدار الفاصل في اللقاء الذي جمع كوندليزا رايس وزيرة الأمن القومي الأمريكي مع أركان الحكومة الإسرائيلية في نهاية شهر حزيران 2003، في معرض ردها على أقوال شارون خلال اللقاء حين قال، بأن بناء الجدار وسيلة أمنية لمنع العمليات الإرهابية، حيث قالت "نحن نأخذ الانطباع بأنه حتى لو قصدتم ذلك، فإنكم تقررون حقائق على الأرض يمكنها أن تغير من طرف واحد الحدود التي ينبغي بحثها في المفاوضات مع الفلسطينيين، أنا أقترح عليكم إعادة النظر في المسار الذي يمر به الجدار" وأضافت "في هذا الموضوع يوجد خلل بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فالإدارة تعتقد أن الجدار لا يؤدي إلا إلى تعقيد الوضع ويخلق نوعاً من الحدود السياسية، ولهذا يوجد صعوبة كبيرة في مواصلة البناء"(15). وبعد لقائه أبو مازن في 25/7/2003 قال الرئيس الأمريكي "أعتقد أن الجدار يمثل مشكلة وقد ناقشت ذلك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون". وتابع بوش "من الصعب للغاية بناء الثقة بين الفلسطينيين واسرائيل مع جدار يتلوى كالثعبان عبر الضفة الغربية(16). وعاد الرئيس بوش وأكد هذا الموقف بعد لقائه مع شارون وإن كان بلهجة مخففة نسبياً، حيث قال "آمل في ألا يعود هذا السياج الأمني ضرورياً على المدى الطويل". وأكد أنه "يتفهم بالكامل أن الطريقة الأكثر فاعلية لحماية أمن إسرائيل، وكذلك أمن الأشخاص المتعطشين للسلام في الأراضي الفلسطينية هي مواجهة منظمات مثل حماس والمنظمات التي تحول دون قيام السلام(17). يلاحظ أن الرئيس بوش قد استعمل كلمة جدار مع أبو مازن وكلمة سياج مع شارون، إلا أن الرئيس بوش عاد وأعلن في أكثر من مناسبة أن الجدار يمثل مشكلة. فقد قال في 7/8/2003 "قلت أن الجدار يشكل مشكلة لأنه يغوص بتعرج في أراضي الضفة الغربية. الأمر الذي من شأنه أن يعقد مهمة إقامة دولة متلاصقة جغرافياً، وأضاف بوش "تحدثنا مع الاسرائيليين وما زلنا بشأنه علينا أن نضع الجدار في إطار أكثر اتساعاً وهذا الإطار يشمل الظروف التي يمكن أن تنشأ فيها دولة، فمن المهم من وجهة نظرنا أن تتمكن دولة فلسطينية من رؤية النور لأن العالم سيكون عندها أكثر سلماً وسيكون أمن إسرائيل أكبر، والأهم أيضاً أنه سيكون لدى الفلسطينيين أمل"(18). أما وزير الخارجية الأمريكي، فقد قال أثناء وجود شارون في واشنطن في 30/7/2003 "أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل بشأن جدار مثير للجدل يقسم الضفة الغربية، وأضاف "إذا أقيم الجدار بطريقة تجعل من الصعب المضي قدماً في العناصر الإضافية لخريطة الطريق، فستكون هذه مشكلة"(19). يبدو أن الموقف الأمريكي وإن كان غير مقتنع بفكرة الجدار، إلا أن الاحتجاج الأمريكي بصفة أساسية حول مسار الجدار خاصة في منطقتي أريئيل واللطرون، حيث عبر الجانب الأمريكي أنه غير راضي عن مسار الجدار في هاتين المنطقتين، مما انعكس على الموقف الإسرائيلي، حيث استجابت إسرائيل للطلب الأمريكي بمشاركتها في تصميم مسار الجدار في هاتين المنطقتين، حيث تم استعراض البدائل المتعلقة بمسار الجدار مقابل مستوطنة أريئيل مع السفير الأمريكي في إسرائيل دان كيرتسر(20). وقدم الجانب الإسرائيلي مساراً مختلفاً لمنطقة أريئيل وإن كان يأخذ مساراً تحايلياً ان صح التعبير، بحيث يسمح بتنفيذ المخطط الإسرائيلي إن سمحت الظروف بذلك. أما فيما يتعلق بمنطقة اللطرون والتي صمم الجدار فيها على هيئة جدار مزدوج، الغربي منه يسير بمحاذاة الخط الأخضر والشرقي منه يتوغل على عمق تسعة كيلو مترات داخل أراضي الضفة الغربية بحجة حماية الملاحة في مطار اللد، فقد اعترضت الإدارة الأمريكية على مسار الجدار في هذه المنطقة وقامت بإرسال بعثة من ثلاث خبراء طيران، حيث تجولوا في المنطقة بهدف رفع تقرير إلى الإدارة الأمريكية حول الحاجة إلى بناء جدار مزدوج في هذه المنطقة(21). وحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن النتيجة التي توصل إليها طاقم الخبراء الأمريكي أنه لم يقتنع بأن مسار الجدار بهذا الشكل ضروري لمنع المس بالطائرات التي تهبط في مطار اللد، خاصة وأن الجدار المزدوج في هذه المنطقة سيعقد حياة آلاف الفلسطينيين في المنطقة(22). بناءاً على عدم قناعة الإدارة الأمريكية بمسار الجدار الذي تتمسك به إسرائيل، فقد أبلغ وزير المالية الأمريكي جون سنو شارون في 17/9/2003 إمكانية أن تقدم الولايات المتحدة على اقتطاع جزء من ضمانات القروض يساوي حجم استثمارات إسرائيل في الجدار، خاصة المناطق التي تتجاوز الخط الأخضر(23). وفي 30/9/2003 أبلغت إدارة الرئيس بوش الكونغرس بقرارها المبدئي معاقبة إسرائيل مالياً على سياستها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، مع العلم أنه لم تتم دراسة فعلية لطبيعة القرار الخاص بتخفيض ضمانات القروض(24). وعلى الرغم من عدم ممارسة الإدارة الأمريكية الضغط المناسب على الحكومة الإسرائيلية، وإقدامها على استخدام حق النقض في مجلس الأمن في مطلع أكتوبر 2003 ضد قرار لمجلس الأمن يعتبر الجدار غير شرعي، إلا أن المصادر الأمريكية الرسمية أعربت أن هناك خيبة أمل في الإدارة الأمريكية من ممارسات شارون، فحسب معطيات وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي، فإن إسرائيل لم تخل المواقع الاستيطانية التي تعهدت بإخلائها ولم توقف البناء في المستوطنات وتواصل بناء الجدار في المسار الذي يمس بالحياة اليومية للفلسطينيين ويخلق حقائق على الأرض تجعل من الصعب إقامة دولة فلسطينية كما وعد الرئيس بوش في رؤياه. وحسب المصادر نفسها، فإن خيبة الأمل هذه هي التي دعت وزير الخارجية باول لقاء يوسي بيلين وياسر عبد ربه كنوع من الضغط على شارون(25). يبدو أن الموقف الأمريكي بدأ يقلق جهات عديدة داخل إسرائيل وخاصة أعضاء في حزب الليكود الحاكم، فقد قرر أعضاء كتلة الليكود في لجنة المالية وخلافاً لطلب شارون وفي جلسة خاصة بأعضاء الليكود عدم تأييد المصادقة على ميزانية الجدار. حيث قال النائب إيلي أبولو "يجدر بشارون أن يعود إلى الولايات المتحدة للموافقة على مسار الجدار قبل تبذير الأموال"(26). 3- الموقف الدولي يتمثل الموقف الدولي من قضية الجدار الفاصل بمجموعة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والتقارير الصادرة عن اللجان التابعة لها، إضافة إلى المواقف الأوروبية ممثلة بمواقف الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأوروبية الفاعلة. فعلى صعيد الأمم المتحدة، فقد طالبت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في 8/8/2003 إسرائيل بوقف بناء الجدار الأمني، مؤكدة في بيانها أن بناء الجدار يفرض على الفلسطينيين قيوداً إضافية غير مبررة في قسوتها على تنقل الفلسطينيين ويمنعهم من الحصول على خدمات صحية طارئة(27). وفي مطلع نوفمبر 2003 صدر تقرير عن الأمم المتحدة أعده مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية جاء فيه، "التأثير المنعي لنظام التصاريح يثير مخاوف جدية من أن يتسبب فعلياً في ترك آلاف الفلسطينيين لمناطقهم". وأكد التقرير أن إسرائيل ستقطع أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية بسبب إصدارها أوامر لآلاف العرب الذين يعيشون بالقرب من الجدار الأمني". وأضاف التقرير "إذا لم يسمح لهؤلاء الناس بالبقاء في هذه المناطق سيكون ضماً فعلياً للأراضي لأنهم لن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، وإذا حرم هؤلاء السكان من بيوتهم التي قضوا فيها حياتهم ستكون تلك كارثة إنسانية"(28). كذلك عبر كوفي أنان عن موقف المؤسسة الدولية حين قال "مقولة أن الأسيجة العالية كفيلة بالجيرة الحسنة صحيحة، عندما يبني المرء السياج على أرضه دون المساس بالجار"(29). وفي نطاق الأمم المتحدة حاولت المجموعة العربية ومجموعة عدم الانحياز استصدار قرار من مجلس الأمن في مطلع أكتوبر 2003 يعتبر الجدار غير شرعي، إلا أنه اصطدم بالفيتو الأمريكي رغم موافقة كل أعضاء مجلس الأمن على القرار(30). هذا الموقف من الولايات المتحدة دعا المجموعة العربية ومجموعة عدم الانحياز إلى اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث استطاعت استصدار قرار وبأغلبية ساحقة يدعو إسرائيل إلى وقف بناء الجدار(31). إذ طالب القرار إسرائيل بوقف وإلغاء تشييد الجدار في الأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك في القدس الشرقية وحواليها، والذي اعتبره القرار إخلالاً بخط الهدنة لعام 1949 ويناقض احكام القانون الدولي ذات الصلة. كما طالب القرار الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم تقريراً بصفة دورية عن مدى الامتثال لهذا القرار، على أن يقدم التقرير خلال شهر على أن ينظر في اتخاذ تدابير أخرى، إذا لزم الأمر، في إطار منظومة الأمم المتحدة(32). وفي 28/11/2003 أصدر الأمين العام تقريره حول بناء إسرائيل للجدار العازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جاء فيه "إن إسرائيل لم تمتثل لطلب الجمعية العامة بوقف وإلغاء تشييد الجدار داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة". وقال عنان في تقريره، إنه يقر ويعترف "بحق إسرائيل وواجبها حماية شعبها أمام الهجمات الإرهابية، إلا أن ذلك الواجب لا ينبغي تحقيقه بطريقة تتنافى مع القانون الدولي مما يؤدي إلى تقويض عملية السلام بزيادة صعوبة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وزيادة المعاناة بين الشعب الفلسطيني". وأشار عنان في تقريره إلى أن، إسرائيل قد صرحت مراراً بأن الحاجز هو تدبير مؤقت ولا يمثل أي عائق سياسي ولكنه يرى أن نطاق التشييد ومساحة أراضي الضفة الغربية التي تم الاستيلاء عليها داخل مساره أو التي ستصبح واقعة بينه وبين الخط الأخضر يثيران قلقاً عميقاً ويترتب عليهما عواقب كبيرة في المستقبل. وبناءً على قرار الأمين العام هذا وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بحث مشروع قرار جديد تقدمت به المجموعة العربية ومجموعة عدم الانحياز تطالب فيه بأن يحول موضوع الجدار إلى محكمة العدل الدولية للبت فيه(33). وفي 8/12/2003 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطلب من محكمة العدل الدولية البت في "الانعكاسات القانونية لبناء الجدار الذي تشيده إسرائيل، قوة الاحتلال، في الأراضي الفلسطينية المحتلة". كما تبنت الجمعية قراراً ثانياً يقضي باستئناف الجلسة الخاصة بقضايا الشرق الأوسط إذا استمرت إسرائيل في تحدي المطالبة بإنهاء بناء الجدار العازل. وقد تم اعتماد القرار بموافقة 90 دولة ومعارضة 8 دول وامتناع 74 عن التصويت بينها دول الاتحاد الأوروبي(34). أما بخصوص المواقف الدولية الأخرى، فقد انتقد البيان الصادر عن اجتماع اللجنة الرباعية في 26/9/2003 بناء الجدار الفاصل، وأكد المجتمعون على أن الجدار يقتطع أجزاء من الأراضي الفلسطينية ويقيد حركة الأشخاص والبضائع في الضفة الغربية ويقوض ثقة الفلسطينيين في خطة السلام(35). أما الموقف الأوروبي، فقد عبر عنه وزير الخارجية الإيطالي فراكو فراتيني خلال انعقاد القمة الأوروبية في إيطاليا حين قال متحدثاً باسم الاتحاد الأوروبي "إن مسار الجدار الذي تقيمه إسرائيل يجب ألا يجتاح الأراضي الفلسطينية وهو موقف أكد عليه الاتحاد الأوروبي سابقاً"(36). 4- الموقف الفلسطيني يتمثل الموقف الفلسطيني من جدار الفصل فيما طرحه السيد أبو مازن رئيس الوزراء الفلسطيني السابق في لقائه مع الرئيس بوش أثناء زيارته لواشنطن في نهاية شهر يوليو 2003 حيث قال "أوضحنا للإدارة الأمريكية أنه من وجهة نظرنا أن الهدف من هذا الجدار سياسي لرسم حدود مستقبلية من جانب إسرائيل بصورة متفردة وهو مخالف لكل الاتفاقيات. والجدار في جوهره نشاط غير شرعي وغير حضاري وغير إنساني، وأنه لابد أن يتوقف البناء فيه فوراً. وأضاف أبو مازن، أن حجة الأمن غير مقبولة، وأن الجدار يعبر عن رفض التعايش من الجانب الإسرائيلي ويكرس الفصل بين الشعبين ويمزق القرى والمدن والفلسطينية ويحرم آلاف الفلاحين من مصدر رزقهم الوحيد ويصنع سدوداً وحدوداً بين المواطنين وذويهم في الجانب الآخر". وأكد أبو مازن، أن الجدار يكرس ويفرض أمراً واقعاً على الأرض وفي حال استكماله سيفصل الجزء الأكبر من أراضي الضفة الغربية عن بعضها البعض وهو أمر غير شرعي ومرفوض من قبلنا(37). كما عرض السيد أبو العلاء رئيس الوزراء الحالي، الموقف الفلسطيني من الجدار بعد لقائه يوشكا فيشر وزير الخارجية الألماني في 17/12/2003، حيث أكد على أهمية وقف بناء الجدار الفاصل العنصرى. مشيراً إلى أن فكرة الجدار وسيلة إسرائيلية لنهب المزيد من الأراضي الفلسطينية وليس له علاقة بالأمن الذي تدعيه إسرائيل. وأضاف أبو العلاء "نحن ضد الجدران والحواجز ونرفض أن نعيش بينها، ولكن طالما أن إسرائيل مصرة على إقامة هذا الجدار فلا مانع لدينا من أقامته على الخط الأخضر أو على الأراضي الإسرائيلية، ولن نتنازل عن ذرة من تراب الضفة الغربية لصالح هذا الجدار الذي يرسخ الفرقة وفكرة المعازل والكانتونات"(38). يبدو أن زيارة أبو مازن إلى الولايات المتحدة قد أحدثت اختراقاً في الموقف الأمريكي، حيث نجح الوفد الفلسطيني من خلال عرضه لتأثيرات وأضرار الجدار في إضعاف الصلة بين الجدار "والعنف والإرهاب" كما تدعي إسرائيل والربط بين الجدار المستوطنات. وبين الوفد كيف أن الجدار سيقضي على التواصل الإقليمي للدولة الفلسطينية الذي يعتبر عامل مهم ومركزي في مشروع الرئيس بوش. في مطلع أغسطس 2003 أعلن مجلس الوزراء الفلسطيني، أنه سيطلق حملة إعلامية سياسية عالمية للعمل من أجل وقف بناء الجدار الفاصل، ووصلت الحملة ذروتها في الذهاب إلى الأمم المتحدة من خلال محاولة استصدار قرار من مجلس الأمن والذي اصطدم كما سبقت الإشارة بالفيتو الأمريكي، كما استطاع الجانب الفلسطيني بمساعدة الأطراف العربية ودول عدم الانحياز باستصدار قرارين من الجمعية العامة المتحدة يتعلق الأول بوجوب أن توقف إسرائيل بناء الجدار والثاني يتعلق بدعوة الجمعية العامة محكمة العدل الدولية لإبداء رأيها بمشروعية الجدار الفاصل. من خلال استعراض مواقف الأطراف من جدار الفصل، يبدو أن الجانب الفلسطيني استطاع وإلى حد ما اقناع المجتمع الدولي بأن ما تقوم به إسرائيل يتجاوز حججها الأمنية، وأن للجدار أهدافاً سياسية لها انعكاسات خطيرة على عملية السلام، وبخاصة رؤية الرئيس بوش القائمة على دولتين. أما على الجانب الإسرائيلي، بالرغم من الإنجازات التي حققتها إسرائيل في بناء الجدار على الأراضي إلا أنها فشلت في اقناع الأطراف الدولية بوجهة نظرها التي تتحصن خلفها أثناء عملية بناء الجدار، وهو ما عبر عنه المحلل الاستراتيجي الإسرائيلي زئيف شيف حين قال "تكبدت إسرائيل هزيمة نكراء في محاولاتها التفسير لماذا تحتاج إلى جدار فصل بينها وبين الفلسطينيين في الضفة الغربية. وفكرة بناء جدار شرقي الضفة الغربية هي الأخرى تقنع الكثير من أن نية إسرائيل إدخال الفلسطينيين في غيتو محاصر بالجدران، وهذا من الصعب تبريره أو تفسيره(39). الهوامش:
* أحياء فلسطينية على حدود مدينة القدس. ** يشمل القرى والبلدات المحاطة بالجدار الأساسي (قلقيلية مثلاً) وتلك المحاطة بجدار ثان (طولكرم مثلاً). (*) سيتم استعراض الموقف الأمريكي والدولي من الجدار في الصفحات التالية. (1) Official website of arabs 48 (2) المشهد الإسرائيلي، 28/10/2003. (3) بيتسليم ، نوفمبر 2003. (4) بيتسليم، نوفمبر 2003. (5) المشهد الإسرائيلي، 24/9/2003. (6) الأيام، 3/11/2003. (9) هآرتس، 28/9/2003. (10) القدس، 30/9/2003. (11) القدس، 2/10/2003. (12) المشهد الإسرائيلي، 7/10/2003، القدس، 14/11/2003. (13) الحياة الجديدة، 25/10/2003، هآرتس، 13/11/2003. (14) القدس، 30/7/2003. (15) يديعوت، 30/6/2003. (16) الأيام، 26/7/2003. (17) الأيام، 5/8/2003. (18) الأيام ، 8/8/2003. (19) القدس، 31/7/2003. (20) هآرتس، 8/8/2003. (21) المشهد الإسرائيلي، 28/10/2003. (22) هآرتس، 5/11/2003. (23) القدس، 18/9/2003. (24) القدس، 1/10/2003. (25) يديعوت أحرونوت، 4/12/2003. (26) معاريف، 23/7/2003. (27) الأيام، 9/8/2003. (28) الأيام، 3/11/2003. (29) يديعوت نت، 31/7/2003. (30) الأيام، 30/10/2003. (31) الأيام ، 30/10/2003. (32) الأمم المتحدة، 21/10/2003. (33) مركز أنباء الأمم المتحدة، 29/12/2003. (34) الأيام، 9/12/2003. (35) الأيام، 27/9/2003. (36) الحياة ، 4/12/2003. (37) القدس، 27/7/2003. (38) القدس، 18/12/2003. (39) هآرتس، 15/12/2003. |
|