المواقف الدولية من قرار إسرائيل إبعاد الرئيس عرفات

معين الطناني

طرحت إسرائيل فكرة إبعاد الرئيس ياسر عرفات عن ارض الوطن عدة مرات. ورددها مؤخراً وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز في 2/9/2003، عبر إذاعة الجيش الإسرائيلي(1). واتخذت الحكومة الإسرائيلية من العمليتين التفجيريتين، اللتين أوقعتا 16 قتيلاً إسرائيلياً في 9/9/2003 عند محطة السيارات قرب معسكر صرفند غربي الرملة، والأخرى في حي البقعة بالقدس الغربية(2)، ذريعة لها، وعقدت اجتماعاً أمنياً في 11/9/2003، وأصدرت في خطوة فاقت كل التوقعات، قراراً ينص على الموافقة المبدئية على إزاحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وطلبت من جيش الإحتلال الإسرائيلي اعداد الخطط العملية في غضون عدة أسابيع، وقد اتخذ هذا القرار دون تصويت وبحضور 11 وزيراً إسرائيلياً برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، وبمعارضة رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية آفي ديختير. وادعت الحكومة الإسرائيلية في نص بيانها، أن عرفات هو "عقبة مطلقة في طريق المصالحة بين إسرائيل والفلسطينيين"، أن الحكومة ستتحرك لإزالة هذه العقبة بالشكل والتوقيت وبالطرق التي سيتم اتخاذ القرار بشأنها بشكل أفضل(3).

مواقف الولايات المتحدة:

سبق هذا القرار الإسرائيلي الأخير عدة تلميحات إسرائيلية في شأن إبعاد الرئيس عرفات، منها تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي في 2/9/2003. وقد طلبت الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال وزارة خارجيتها في 3/9/2003، إيضاحات من إسرائيل حول ما طرحه وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، والتي اعتبرت أن الرئيس عرفات "يشكل عقبة أمام العملية السياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين"(4). ورداً على تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي سلفان شالوم في 3/9/2003، التي دعا فيها إلى نفي الرئيس عرفات(5)، قال وزير الخارجية الأمريكي كولن باول لشبكة (إن،بي،سي) الأمريكية في 7/9/2003. "أن الولايات المتحدة لا تزال ترفض التفاوض مع الرئيس ياسر عرفات، إلا أنها لا تريد نفيه إلى خارج الأراضي الفلسطينية"(6).

وعقب قرار الحكومة الإسرائيلية في 11/9/2003، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ريتشارد باوتشر، في مؤتمر صحافي. "نحن لا نعتقد أن التعامل مع السيد عرفات من خلال الطرد سيكون مفيداً على الإطلاق، لأن ذلك إنما سيعطيه مسرحاً آخر لكي يلعب عليه"(7). وحذر الناطق باسم البيت الأبيض، سكوت ماككليلان في 12/9/2003، إسرائيل من عواقب طرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، معتقداً أن ذلك لا يساعد في دفع الأمور قدماً في المنطقة، معتبراً أن مثل هذا الإجراء لن يؤدي سوى إلى إعطاء عرفات قاعدة أوسع. كما جدد السفير الأمريكي في إسرائيل دان كيرتزر، خلال لقائه مع وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز في 12/9/2003، تأكيد بلاده على معارضة إبعاد الرئيس ياسر عرفات(8).

ورغم معارضة الولايات المتحدة الأمريكية ورفضها لقرار إسرائيل إبعاد الرئيس ياسر عرفات، فإنها استخدمت حق النقض "الفيتو" في 16/9/2003، على مشروع قرار عربي قدم للأمم المتحدة، يطالب إسرائيل بألا تبعد الرئيس ياسر عرفات. وقال جون نيغروبونتي، سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، بأنه استخدم حق النقض لأن إسرائيل باتت تعرف شعور المجموعة الدولية حيال عرفات. وقال، نعتقد أن عرفات هو جزء من المشكلة، لكننا نعتقد أن هذه المشكلة ستحل بشكل افضل من خلال العزل الدبلوماسي(9).

موقف روسيا:

 أعربت وزارة الخارجية الروسية في بيان رسمي في 9/9/2003، عن قلقها تجاه الخطط الإسرائيلية لطرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. وقالت الخارجية الروسية، أن موسكو تظل على يقين من انه ليس هناك حل عقلاني غير تنفيذ خارطة الطريق(10).

وفي 12/9/2003، حذرت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها، من أن تطبيق إسرائيل قرارها إبعاد الرئيس ياسر عرفات، سيكون "خطأً سياسياً خطيراً". وقالت الوزارة، إن القرار المبدئي للحكومة الإسرائيلية "يثير قلقاً كبيراً في موسكو، وستكون له نتائج سلبية جداً على الوضع البالغ التعقيد في المنطقة". وأضافت موسكو، إن إبعاد الرئيس عرفات سينهي آفاق تسوية سلمية للأزمة بين إسرائيل والفلسطينيين، ويؤدي إلى تطوير لا يمكن السيطرة عليه للأحداث وفق سيناريو الأسوأ(11).

وعبر ايغور إيفانوف وزير الخارجية الروسي في 12/9/2003، عن أمله في أن لا تتمكن إسرائيل من طرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، معتبراً أن ذلك يتناقض مع عملية السلام(12).

موقف بريطانيا:

اعتبر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو في 12/9/2003، أن إبعاد رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات سيشكل خطأ. وذلك في رد فعل على القرار الإسرائيلي المبدئي إبعاد الرئيس عرفات من الأراضي الفلسطينية(13).

موقف فرنسا:

قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك، في مؤتمر صحافي عقده مع رئيسي الحكومة الإسبانية خوسيه ماريا أثنار، في كوينتاس دي مورو، قرب توليدو (جنوب مدريد) في 11/9/2003، أن ياسر عرفات هو السلطة الشرعية، والممثل الشرعي للسلطة الفلسطينية. واضاف، اعتقد أن الإتحاد الأوروبي يعتبر أيضاً أن العمل على إزاحته من الساحة السياسية سيكون خطأً جسيماً(14).

كما أعلن وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان في بيان في 11/9/2003، أن قرار الحكومة الأمنية الإسرائيلية، إبعاد الرئيس عرفات يشكل لجوءاً إلى تطرف سيكون خطأً جسيماً. وطلب الوزير الفرنسي من الحكومة الإسرائيلية التراجع عن قرارها نظرا إلى مضاعفاته التي ستتأثر بها الأراضي الفلسطينية وإسرائيل والمنطقة برمتها، وكذلك الساحة الدولية(15). وقال الرئيس الفرنسي جاك شيراك، في إجتماع عقده مع زعماء يهود في نيويورك في 22/9/2003، "سترتكب إسرائيل خطأً، إذا أبعدت عرفات. تستطيعون حبه أو عدم حبه، لكنه الشخص الوحيد الذي يستطيع إقتناع الفلسطينيين بالموافقة على اتفاق مع إسرائيل(16).

موقف أسبانيا:

في إشارة إلى قرار إسرائيل إبعاد الرئيس ياسر عرفات. أعلن الناطق بإسم الحكومة الإسبانية في 12/9/2003، أن الوضع في الشرق الأوسط يتطلب إجراءات تساهم في خفض حدة التوتر وليس إلى تصعيدها(17).

موقف ألمانيا:

اعتبرت الحكومة الألمانية في12/9/2003، أن طرد الرئيس ياسر عرفات، إلى خارج الأراضي الفلسطينية لا يخدم الإستقرار في الشرق الأوسط. واضاف متحدث باسم وزارة الخارجية فالتر ليندر أثناء مؤتمر صحافي للحكومة، انه ينبغي بذل كل الجهود للعودة إلى طريق خطة السلام في الشرق الأوسط(18).

موقف الصين:

حذرت الحكومة الصينية إسرائيل من إبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كونغ كوان في 12/9/2003، أن قرار الحكومة الإسرائيلية إبعاد الرئيس عرفات سيزيد من التوتر الحالي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولا فائدة منه لعملية السلام في الشرق الأوسط. وعبر عن أمله في أن يتصرف الجانب الإسرائيلي بحذر لتجنب مزيد من تدهور الأوضاع. وأضاف كونغ "إن عرفات قائد شرعي اختاره الشعب الفلسطيني في عملية انتخابية(19).

موقف كندا:

في 12/9/2003، أبدت الحكومة الكندية قلقها الشديد من القرار المبدئي للحكومة الأمنية الإسرائيلية بإبعاد الرئيس عرفات، وأعربت عن تخوفها من النتائج غير المتوقعة التي يمكن أن تنجم عنه(20).

موقف اليونان:

قال متحدث باسم الحكومة اليونانية، تيليماك هيتبربس في 12/9/2003، معارضة بلاده لإبعاد محتمل لرئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. وعبر عن قلقها إزاء هذا الموضوع(21).

موقف إندونيسيا:

قال متحدث بإسم الخارجية الإندونيسية للصحافيين، خلال لقاء أسبوعي معتاد في 12/9/2003، أن الحكومة الإندونيسية تعتقد أن محاولات تهميش الرئيس عرفات، لن تساعد الإستقرار في المنطقة. واضاف، فيما يتعلق بالقرار الأخير لمجلس الوزراء الإسرائيلي، تدين الحكومة الإندونيسية بقوة هذا القرار(22).

موقف إيرلندا:

أكد براين كوين وزير الخارجية الإيرلندي، عقب تلميحات إسرائيلية بطرد الرئيس عرفات، في بيان صحافي في 9/9/2003، أن الرئيس ياسر عرفات هو زعيم الشعب الفلسطيني، ويجب أن يلعب دوراً مركزياً في الحفاظ على الإستقرار، والوصول إلى اتفاق في أي مفاوضات حول تسوية مستقبلية. وطالب بعقد اجتماع عاجل للجنة الرباعية، لتأكيد مواصلة العمل بخارطة الطريق، وتنفيذها كطريق وحيدة إلى الأمام(23).

موقف الهند:

قال وزير الخارجية الهندي باشوانت سينها في 12/9/2003، أننا لا نوافق بل نشجب بشدة قرار إسرائيل المبدئي بطرد عرفات(24).

موقف الباكستان:

أعربت باكستان في 12/9/2003، عن قلقها العميق إزاء قرار إسرائيل طرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وقالت، إن من شأن القرار إضعاف عملية السلام في الشرق الأوسط. وقال متحدث بإسم وزارة الخارجية الباكستانية في بيان رسمي: "إن الرئيس ياسر عرفات، رئيس دولة فلسطين المنتخب وقرار طرده من بلاده مدان". وقال المتحدث، "أن هذه الخطوة ستقوض تطبيق خارطة الطريق التي وضعتها لجنة الوساطة الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وستكون نكسة لعملية السلام في الشرق الأوسط". وأضاف، "لذلك يجب على أعضاء اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي أيضاً مطالبة اسرائيل بالتراجع عن القرار"(25).

موقف ايران:

قال الرئيس الإيراني السابق على اكبر هاشمي رفسنجاني، أثناء خطبة الجمعة في 12/9/2003، أن طرد عرفات لن يحل أي شيء، حيث انه أول من بادر بتقديم تنازلات لإسرائيل (أثناء قمة كامب ديفيد). وأضاف: أن الحقيقة وراء ذلك هي، أن إسرائيل لا ترغب في تنفيذ شروط إحلال السلام، وهي عودة اللاجئين الفلسطينيين ووقف بناء مستوطنات يهودية جديدة(26).

وفي اتصال هاتفي بالرئيس عرفات، أعرب رئيس مجلس الشورى الإسلامي في ايران في 20/9/2003، عن تضامنه ودعمه للرئيس ياسر عرفات، وللشعب الفلسطيني في ظل الهجمة الشرسة التي تشنها قوات الإحتلال الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني(27).

موقف استراليا:

حذرت استراليا في 12/9/2003، إسرائيل من إبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، معتبرة أن الإجراء سيجعل من عرفات شهيداً. وقال وزير الخارجية الأسترالي الكسندر داوتر. أن "طرد عرفات سيجعل منه شهيدا". "اعتقد أنه سيكون من الحكمة اكثر للإسرائيليين، ابقاؤه والتعامل مع رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع الذي نعرفه جيداً"(28).

موقف مالطا:

جرى اتصال هاتفي بين الرئيس عرفات، والرئيس المالطي ديماركو، في 20/9/2003، أكد فيه الرئيس المالطي، دعمه وتضامنه مع الرئيس عرفات(29).

موقف الإتحاد الأوروبي:

أكد مبعوث الإتحاد الأوروبي إلى الشرق الأوسط مارك اوتي، خلال زيارته لمنزل رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع، في ابوديس في 10/9/2003، معارضة الإتحاد الأوروبي للتهديدات الإسرائيلية بإبعاد الرئيس عرفات(30).

واعلن الإتحاد الأوروبي على لسان المتحدثة بإسم خافير سولانا، منسق السياسة الخارجية بالإتحاد الأوروبي، كريستينا جلاتشي في 11/9/2003، عن القلق العميق إزاء قرار مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر، من حيث المبدأ بنفي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وحث إسرائيل على النظر في عواقب هذا القرار(31).

وفي بيان نشر في روما بإسم الإتحاد الأوروبي، في 12/9/2003، طلب وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، من الحكومة الإسرائيلية تجنب أي أعمال عنف، وبخاصة طرد الرئيس عرفات، ما سيضر بتطبيق خارطة الطريق(32).

وقال متحدث بإسم المفوض الأوروبي للعلاقات الخارجية كريس باتن، نحن لا نشاطر الحكومة الأمنية الإسرائيلية رأيها (..)، نعتقد انه خطأ رهيب ستكون له تداعيات خطيرة في كل المنطقة. وأضاف المتحدث، من وجهة نظرنا لم يتغير شيء. إن عرفات يبقى الرئيس المنتخب ديمقراطياً للسلطة الفلسطينية، سنواصل اتصالاتنا مع السلطة الفلسطينية على كل المستويات حسب الظروف(33).

موقف الأمم المتحدة:

انتقد الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان في 12/9/2003، في جنيف، القرار المبدئي الإسرائيلي بإبعاد الرئيس عرفات، معتبرا ذلك أنه عمل متهور، وأكد معارضته له، وقال، "ليس من الحكمة طرد عرفات، اعتقد أن ذلك سيعقد الوضع السياسي". وأضاف، لقد رأينا بالأمس التداعيات، وآمل في أن لا تطبق الحكومة الإسرائيلية القرار المبدئي الذي اتخذته لتوها(34).

وفي نفس اليوم 12/9/2003، بحث وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن في جنيف، قرار الحكومة الإسرائيلية المبدئي بطرد الرئيسي ياسر عرفات، من الأراضي الفلسطينية، وحذر أعضاء مجلس الأمن الدولي إسرائيل من تنفيذ قرارها بإبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وقال بيان تلاه على الصحافيين السفير البريطاني ايمير جونز باري، الرئيس الحالي لمجلس الأمن، أوضح أن "إبعاد السيد عرفات لن يكون مفيداً ويجب عدم تنفيذه".

وتمت الموافقة على هذا البيان خلال جلسة طارئة مغلقة، تم عقدها بناءاً على طلب الدول العربية ومجموعة دول عدم الإنحياز في الأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون، أن أعضاء المجلس قرروا عدم القيام بعمل في الوقت الحالي بشأن مسودة قرار وزعها ناصر القدوة السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، وتطالب بألا تفعل إسرائيل شيئاً من شأنه إيذاء عرفات أو إبعاده. وبدلا من ذلك يعقد المجلس اجتماعاً علنياً في 16/9/2003، بشأن الأزمة في المنطقة.

ويعرب مشروع القرار الذي وزعه السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، عن "القلق البالغ للأحداث المأساوية والعنيفة التي تجري في الشرق الأوسط،" ويطالب بأن "تمتنع إسرائيل دولة الإحتلال عن القيام بأي عمل للترحيل والكف عن أي تهديد لسلامة الرئيس المنتخب للسلطة الفلسطينية". ويطالب المشروع أيضاً، بالوقف التام لجميع أعمال العنف في المنطقة، ويعرب عن التأييد الكامل لخارطة الطريق للسلام في الشرق الأوسط، التي وضعها رباعي الوساطة الدولي الذي يضم الولايات المتحدة وروسيا والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وقال القدوة للصحافيين في بداية الإجتماع المغلق: أنه يريد تصويتاً فورياً على مشروع القرار. ولكن اليمير جونز باري الرئيس الحالي لمجلس الأمن قال: انه لم يتم أبداً تقديم نص مشروع القرار رسمياً. وحذر دبلوماسيون غربيون، من أن إلحاح فلسطيني شديد قد يؤدي إلى نتائج عكسية واستخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" لمنع اعتماد القرار(35).

وفي جلسة مجلس الأمن الدولي في 16/9/2003، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" على مشروع قرار عربي، يطالب إسرائيل بالا تبعد الرئيس ياسر عرفات. وحصل مشروع القرار على 11 صوتاً، منها أصوات فرنسا وروسيا والصين، مقابل صوت واحد هو صوت الولايات المتحدة، وامتناع ثلاث دول عن التصويت هي بلغاريا وألمانيا وبريطانيا.

وطالب مشروع القرار الذي قدمته سوريا والسودان بأن "تمتنع إسرائيل القوة المحتلة عن ممارسة الترحيل أو كل تهديد لسلامة الرئيس المنتخب للسلطة الفلسطينية". ودعا مشروع القرار أيضاً، إلى أن يعرب المجلس عن دعمه التام لمبادرات اللجنة الرباعية، ويطلب بمضاعفة الجهود لتأمين تطبيق خارطة الطريق من قبل الطرفين(36).

وفي 19/9/2003، طلبت مجموعة الدول العربية في الأمم المتحدة، عقد اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، للنظر في مشروع القرار الذي يطالب إسرائيل بعدم طرد عرفات، والذي مارست الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضده في مجلس الامن الدولي في 16/9/2003. علما بأنه لا يمكن ممارسة حق النقض "الفيتو" في الجمعية العامة، وهي تتخذ قراراتها بالغالبية، ولا تكون ملزمة خلافاً لقرارات مجلس الامن.

وطلب مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الفاتح محمد احمد، وباسم مجموعة الدول العربية في رسالته إلى رئيس الجمعية العامة جوليان هانت، لعقد هذه الدورة الخاصة، نظرا لعجز مجلس الأمن عن تحمل مسؤولياته في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، نتيجة لممارسة أحد أعضائه الدائمين حق النقض "الفيتو". حيث أن رئيس الجمعية العامة ملزم بالدعوة إلى دورة خاصة حين تطالب غالبية الدول الأعضاء بذلك. علما بأن الجمعية العامة عقدت آخر دورة خاصة لها حول الوضع في الشرق الأوسط في آب 2002، بطلب من مجموعتي الدول العربية ودول عدم الإنحياز، اثر ممارسة الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار يدين إسرائيل لمحاصرتها واقتحامها مخيم جنين(37).

وفي الدقيقة الأخيرة، ادخل الإتحاد الأوروبي على ديباجة قرار الجمعية العامة تعديلات وافقت عليها مجموعة الدول العربية ومجموعة دول عدم الإنحياز، لإدانة الإعتداء بالقنابل وتذكير السلطة الفلسطينية بأن عليها مكافحة الإرهاب(38). وجاء القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يطلب من إسرائيل العدول عن قرار إبعاد رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، "إن الجمعية العامة تطالب إسرائيل (القوة المحتلة)، بالتخلي عن أي عمل يهدف إلى طرد الرئيس المنتخب للسلطة الفلسطينية، وبوضع حدٍ لأية تهديدات لسلامته". كما تعبر عن دعمها الكامل لجهود اللجنة الرباعية، وتطلب من الطرفين الإلتزام كليا بواجباتها المنصوص عليها في خارطة الطريق، وتشدد على أهمية الإجتماع القادم للجنة الرباعية في نيويورك. كما دعا قرار الجمعية العامة إلى الوقف الكامل لكافة أعمال العنف، بما فيها أعمال الإرهاب والإستفزاز والتحريض والتدمير.

وتم تبني هذا القرار بـ133 صوتاً مؤيداً، وهي الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي والدول العربية ودول حركة عدم الإنحياز واليابان والصين. مقابل أربعة أصوات هي، الولايات المتحدة وإسرائيل وجزر المارشال وميكرونيزيا. وامتناع 15 دولة عن التصويت منها، كندا وبيرو وفيجي وكينيا وتونجا وبابواغينيا الجديدة واستراليا. ولم تشارك اكثر من 35 دولة في التصويت على القرار(39).

موقف مصر:

أدان الرئيس المصري محمد حسني مبارك، في 15/9/2003، عملية إغتيال محتملة للرئيس ياسر عرفات من قبل إسرائيل. وأكد أن إبعاد الرئيس عرفات عن الأراضي الفلسطينية شديد الخطورة، وأن إغتياله سيدخل العالم في فوضى عارمة(40).

وفي 25/9/2003، حذر الرئيس المصري حسني مبارك، في مقابلة له مع صحيفة مايو الناطقة باسم الحزب الوطني الديمقراطي، الذي يتزعمه، من مخاطر تنفيذ قرار إسرائيل إبعاد الرئيس عرفات. وقال، "إن من شأن ذلك تفاقم القتل المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويؤدي إلى تصعيد العنف". واستنكر وصف إسرائيل لعرفات بالإرهابي قائلاً، "يصفونه بالإرهابي وهو الذي وقع معهم اتفاقيات أوسلو عام 1993، واتبعها باتفاقيات كثيرة كالقاهرة والخليل وغزة وأريحا أولاً، وواي بلانتيشن وأوسلو 2. الرجل ليس إرهابياً، إنه زعيم وطني(41).

وقال الرئيس مبارك في 5/10/2003، في خطاب متلفز لمناسبة الذكرى الثلاثين لحرب تشرين الأول أكتوبر لعام 1973، "إن التصعيد المتعمد ضد الرئيس الفلسطيني المنتخب ياسر عرفات، لن يخدم قضية السلام في شيء"(42). وحذر سيادته في مقابلة صحفية مع مجلة القوات المسلحة المصرية في 6/10/2003، من أن إسرائيل إذا طردت الرئيس ياسر عرفات من الأراضي الفلسطينية، فإنها لن تجد بعد ذلك محادثاً لصنع السلام في الشرق الأوسط. وأضاف، "أتمنى ألا تكون هذه التهديدات الإسرائيلية جدية أو انعكاساً لموقف حقيقي من قادة إسرائيل"(43).

موقف الأردن:

حذر وزير الإعلام الأردني نبيل الشريف، المتحدث الرسمي بإسم الحكومة الأردنية في 12/9/2003، من أن القرار الإسرائيلي بإبعاد الرئيس عرفات يضع المنطقة بأسرها على أعتاب مستقبل مجهول. مؤكداً، انه يشكل تهديدا كبيراً لعملية السلام بمجملها. وشدد الشريف، على أن القرار الإسرائيلي المبدئي بطرد عرفات، لا يمكن أن يسهم في دعم عملية السلام، بل إنه على العكس من ذلك يضعها في مهب الريح. وأعرب عن أمله في أن تبادر السلطات الإسرائيلية إلى مراجعة هذا القرار، مشيراً إلى أن الحكومة الأردنية تعبر عن موقفها بوضوح مع كل الأطراف المعنية، المتمثل بأن هذا القرار متسرع ولا يسهم في عملية السلام.

كذلك صرح وزير الخارجية الأردني مروان المعشر، "أن القرار الإسرائيلي بإبعاد الرئيس عرفات يزج المنطقة برمتها في نفق خطير. وأضاف، أن قرار إسرائيل إبعاد الرئيس عرفات المنتخب شرعياً من شعبه، لا يمكن أن يسهم بقضية السلام في الشرق الأوسط. وشدد على أن الحوار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والإلتزام بتطبيق خارطة الطريق هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم(44).

موقف السعودية:

أدان مصدر مسؤول في المملكة العربية السعودية في 12/9/2003، قرار الحكومة الإسرائيلية، بإبعاد رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات، من الأراضي الفلسطينية. ووصف المصدر السعودي القرار بأنه يعد انتهاكاً للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وتصعيداً إسرائيلياً خطيراً. وقال في تصريح نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، هذا القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية سيؤدي إلى إنهيار كامل لعملية السلام، كما انه يشكل تصعيداً خطيراً في المنطقة، ويعد انتهاكا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. وحث المصدر المسؤول المجتمع الدولي إلى بذل جهود عاجلة وفاعلة لحمل إسرائيل على العودة عن هذا القرار الخاطئ، لكي لا يؤدي تنفيذه لنسف الجهود الدولية لإحلال السلام العادل والشامل في المنطقة(45).

موقف البحرين:

قال عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في 12/9/2003، أن قرار الحكومة الإسرائيلية بإبعاد عرفات، سيشكل ضرراً وانتكاسة للسلام في الشرق الأوسط. وقال، إن عرفات هو الرئيس المنتخب للشعب الفلسطيني، وإبعاده سيكون ضاراً للإستقرار وانتكاسة للسلام في الشرق الأوسط الذي تسعى إليه الدول العربية. واضاف العاهل البحريني، أن قرار الحكومة الإسرائيلية يمثل تحديا للإرادة العربية والإرادة الدولية في الوقت ذاته. وقال، إن هذا لا يتماشى مع بنود خارطة الطريق التي وافق عليها قادة المنطقة ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية في قمة شرم الشيخ. وأضاف، حان الوقت ليكون للعرب موقفهم، داعياً الأمة العربية إلى تحمل مسؤولياتها في هذه الفترة الحرجة. وشدد على أن التضامن العربي يجب أن يشكل أولوية(46).

موقف ليبيا:

أكدت الجماهيرية العربية الليبية في 17/9/2003، تضامنها مع الرئيس ياسر عرفات، والشعب الفلسطيني، في مواجهة الممارسات العدوانية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية(47).

جامعة الدول العربية:

حذر المتحدث باسم الجامعة العربية، هشام يوسف في 12/9/2003، من التداعيات الخطيرة والعواقب الوخيمة، التي يمكن أن تتداعى على منطقة الشرق الأوسط، بل وربما تتعداها في حال قيام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ تهديداتها الخرقاء بإبعاد الرئيس عرفات. وقال يوسف، تلك الخطوة ستعد بمثابة إعلان وفاة لكافة الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في المنطقة. وألمح المتحدث بإسم الجامعة العربية، إلى مسؤولية الأسرة الدولية في السياسات العدوانية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية التي لا تعير إهتماماً للقانون الدولي أو الشرعية الدولية، نتيجة عدم مواجهة تمادياتها بالحسم الكافي من قبل المجتمع الدولي. ورأى يوسف أن تنفيذ قرار إبعاد عرفات يمكن أن يطلق العنان للتطرف والروح الإنتقامية. وأضاف، أن من يتحدث عن معاناة المنطقة من العنف، عليه أن يدرك أن مثل هذه الخطوة ستخلق حالة دائمة من الرغبة الجامحة في الإنتقام. داعياً الولايات المتحدة والأطراف الآخرين من اللجنة الرباعية إلى التحرك فوراً وبسرعة للحيلولة دون اتخاذ إسرائيل لمثل هذه الخطوة(48).

وفي 15/9/2003، طالبت الجامعة العربية، في نهاية اجتماع غير عادي خصص للبحث في التهديدات الإسرائيلية بإبعاد الرئيس عرفات، الأمم المتحدة بتحرك حازم لمنع أي تدبير لإبعاد الزعيم الفلسطيني. وفي بيانه الختامي، طالب مجلس الجامعة، الذي انعقد على مستوى مندوبي الدول الأعضاء، مجلس الامن بالموافقة على القرار الذي أعدته المجموعة العربية ودول عدم الإنحياز، الذي يطالب إسرائيل بالتوقف عن أية إجراءات لإبعاد الرئيس عرفات أو تهديد سلامته(49).

يتضح مما سبق أن كل الدول الهامة في العالم، قد رفضت القرار الإسرائيلي، بما في ذلك الولايات المتحدة، وإن تكن أسباب الأخيرة قد اختلفت عن أسباب بقية الدول. كما يبدو واضحاً أن أية محاولة إسرائيلية لتنفيذ قرارها ستكون لها عواقب خطيرة بالنسبة لفرص تسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ يهدد مثل هذا الإجراء إنهاء عملية السلام، مخلفاً وضعاً أسوأ مما كان عليه العام 1991 عند إطلاق عملية السلام في مدريد.

ورغم العزلة التي فرضتها الولايات المتحدة وإسرائيل على الرئيس عرفات، إلا انه لا يزال من الصعب بمكان تجاهله، وبخاصة انه الزعيم المنتخب للشعب الفلسطيني. ولا أدل على ذلك من قول  دنيس روس المنسق الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأوسط، في مقال له في 22/9/2003(50). "القيام بطرد عرفات خطة تاريخية، فسواء أعجبنا به أو لم نعجب به، يعتبر عرفات بطلاً فلسطينياً. فقد وضع الحركة الوطنية الفلسطينية على الخريطة السياسية، واعطى الفلسطينيين مركزاً واحتراماً دولياً".

الهوامش:

 


(1) صحيفة الأيام، 4/9/2003.

(2) صحيفة الأيام، 10/9/2003.

(3) صحيفة الأيام، 12/9/2003.

(4) صحيفة الأيام، 4/9/2003.

(5) المصدر السياسي، 3/9/2003

(6) صحيفة الحياة الجديدة، 8/9/2003.

(7) صحيفة الأيام، 12/9/2003.

(8) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(9) صحيفة الحياة الجديدة، 17/9/2003.

(10) صحيفة القدس، 11/9/2003.

(11) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(12) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(13) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(14) صحيفة الأيام، 12/9/2003.

(15) صحيفة الأيام، 12/9/2003.

(16) صحيفة القدس، 24/9/2003.

(17) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(18) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(19) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(20) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(21) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(22) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(23) صحيفة القدس، 11/9/2003.

(24) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(25) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(26) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(27) صحيفة الحياة الجديدة، 21/9/2003

(28) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(29)صحيفة الحياة الجديدة، 21/9/2003.

(30) صحيفة الحياة الجديدة، 11/9/2003.

(31) صحيفة الأيام، 12/9/2003.

(32) صحيفة الايام، 13/9/2003.

(33) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(34) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(35) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(36) صحيفة الحياة الجديدة، 17/9/2003.

(37) صحيفة الأيام، 19/9/2003.

(38) صحيفة الأيام، 20/9/2003.

(39) صحيفة الحياة الجديدة، 20/9/2003.

(40) صحيفة الأيام، 16/9/2003.

(41) صحيفة الأيام، 26/9/2003.

(42) صحيفة الأيام، 6/10/2003.

(43) صحيفة الأيام، 7/10/2003.

(44) صحيفة الأيام، 13/10/2003.

(45) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(46) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(47) صحيفة القدس، 18/9/2003.

(48) صحيفة الأيام، 13/9/2003.

(49) صحيفة الأيام، 16/9/2003.

(50)مقال بعنوان "لا تقدموا الآن على طرد عرفات"، صحيفة الأيام، 22/9/2003.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م