ردود الأفعال الإسرائيلية على قرار ابعاد الرئيس عرفات

عاطف المسلمي

تباينت ردود الأفعال الإسرائيلية على قرار الحكومة الإسرائيلية بإبعاد الرئيس عرفات، الذي صدر في 11/9/2003، عقب عمليتي التفجير الإنتحاريتين اللتين وقعتا في القدس وصرفند 9/9/2003، وتراوحت بين المطالبة بما هو أكثر من الإبعاد وبين من اعتبر القرار خاطئاً. وسيؤدي إلى نتائج عكسية. إلا أن الشيء الملفت للنظر أن القرار لقي قبولاً كبيراً لدى الرأي العام في إسرائيل الذي أيد ثلثاه هذا القرار، في الوقت الذي لم يصدر عن معسكر اليسار سوى تحذيرات بعواقب هذا القرار على صورة إسرائيل الخارجية، وانه سيساهم في تصعيد العمليات الإرهابية في المنطقة. وقد جاءت مواقف الصحافة في معظمها معارض للقرار. أما على صعيد المستوى الأمني، فقد اتسمت مواقفه بالتشدد أكثر، وطالب بالإزاحة الكلية لعرفات، على اعتبار أن الإبعاد سيزيد من متاعب إسرائيل على الصعيدين الداخلي والخارجي، وان الحل يكمن في تصفية عرفات أو إبعاده عن المسرح بأي وسيلة أخرى.

أولاً: ردود الأفعال على المستوى الرسمي

اتخذ المجلس السياسي الأمني الإسرائيلي قراراً  مبدئياً في 11/9/2003 بطرد الرئيس عرفات بدعوى انه يشكل عقبة في طريق السلام، ومع ذلك ليس للقرار معنى عملي فوري كونه لم يحدد الوقت والطريقة التي سيتم بها طرد عرفات. وقد طُلب من جهاز الأمن بلورة خطة عملياتية لإزاحته، على أن تطرح هذه الخطة على المجلس الوزاري للمصادقة عليها في توقيت يحدده شارون وموفاز.ال على المستوى الرسمي:ى الصعيدين الداخلي والخارجي، وان الحل يكمن في تصفية عرفات او اسرائيل الإنتحاريتين اللتين وقعتا  وكان القرار بطرد عرفات إتخذ بتأييد كل وزراء المجلس الوزاري باستثناء وزير الداخلية ابراهام بوراز (شينوي) الذي عارض القرار. وكان رئيس الوزراء هو الذي طرح القرار للمصادقة بعد أن بلور عن قصد مشروع قرار غامض لا يقرر فيما إذا كان عرفات سيبعد أم يصفى(1).

وحسب وزراء المجلس الوزاري والمحافل المقربة من شارون، فإن سبب هذا الغموض المقصود مزدوج، فمن جهة لا يريد رئيس الوزراء إغضاب الإدارة الأمريكية التي نقلت لشارون رسالة قاطعة بأنها تعارض الآن أي مس بعرفات، ومن جهة أخرى فإن القرار الغامض يترك لشارون كل الخيارات مفتوحة.

وحسب يديعوت أحرنوت 12/9/2003، فإن شارون تحدث في جلسة المجلس الوزاري بلهجة حادة للغاية ضد عرفات "عرفات قاتل من أكثر القتلة الذين ارتكبوا ضد الشعب اليهودي فظاعة ورعباً، وهو لم يكرس أبداً لحظة في حياته لحياة النساء والأطفال، لقد أوقع مصيبة بشعبه وبإسرائيل. وواضح انه لا يمكننا إنهاء هذه الحرب دون أن نوقف سيطرته". وانضم المستشار القانوني للحكومة إلياكيم روبنشتاين إلى أقوال شارون وقال "إن عرفات هو مجرم حرب(2).

وكان شارون صرح خلال جلسة المجلس الوزاري، انه سيتعين على الجانب الأمريكي إعادة النظر في موقفه من مسألة طرد "عرفات"، بعد أن أصبح واضحاً بأنه عمل على عرقلة خارطة الطريق، وجلب مآسي فظيعة على شعبه وإسرائيل. وقال وزير الخارجية سلفان شالوم في اليوم الثالث لقرار إبعاد عرفات. منذ اتخاذ القرار بدأت تنهال عليَّ المكالمات من كل أنحاء العالم يطالبون بتوضيحات حول القرار وأوضحت لهم أن القرار مبدئي وان عرفات يشكل عقبة أمام السلام.

أما وزير العدل يوسيف لبيد، فقال: "إنه سيؤيد طرد عرفات إذا تأكد أن لديه دور في عملية إرهابية خطيرة "عرفات يهدد سلامة العالم بأجمعه، ويعرف انه الآن معرض لخطر الإبعاد، حتى لو عمل من نفسه بطلاً.

إبراهام بوراز وزير الداخلية الذي عارض القرار، قال "إن عرفات سيشكل خطراً أكبر خارج مناطق السلطة الفلسطينية، لأن قوته ستزداد ولن تقدر إسرائيل على التحكم فيما يتخذه من خطوات(3). وكانت المفارقة في موقف وزير الموخذه من خطوات.ال "إن عرفات سيشكل خطراً أكبر خارج مناطق السلطة الفلسطينية، لأن قوته ستزداد ولن تقدر غسرااصلات اليميني المتطرف إفيغدور ليبرمان الذي رغم تأييده للقرار عبر على غير المتوقع عن معارضته للإبعاد، بدعوى أن إبعاد عرفات سيمكنه من التجول في العالم وزعزعة الإستقرار في الشرق الأوسط والدول العربية، بما سيكون له من تأثير، "إن مصيره هو كمصير بن لادن واحمد ياسين(4).

ويعتقد الوزيران شاؤول موفاز (الدفاع)، وليمور لفنات (التعليم)، أن اللحظة التي سيكون شارون ملزم بإتخاذ القرار بشأن إزاحة عرفات، قد قربت حتى وإن تعارض ذلك مع مواقف الإدارة الأمريكية. فقد صرحت الوزيرة ليفنات انه "على الرغم من العلاقة الهامة والودية مع الأمريكيين، فلن نتلقى أوامر وإملاءات من الولايات المتحدة"(5).تأثير. قرار الإبعاد، بدعوى ان

ثانياً: الأجهزة الأمنية

جاءت ردود أفعال المستوى الأمني أكثر تشددا وذهبت إلى المطالبة بتصفية عرفات لا إبعاده، على اعتبار أن الإبعاد سيزيد المشكلة تعقيداً، وسيساهم في تعزيز مكانة عرفات داخليا وخارجياً بدلاً من إزاحته. فقد أبدى رئيس جهاز الأمن العام آفي دريختر معارضة لقرار الإبعاد معتبراً أن التصفية افضل من الإبعاد. وقال دريختر ذلك خلال المشاورات المغلقة التي جرت في الأسبوع الذي سبق قرار الإبعاد. وحسب جهاز الامن العام الذي يرأسه دريختر، فإن إبعاد عرفات سيعيده إلى مرفات سيعيده الى الذي يرأسه ديختر، فإن ابعاد الأسبوع الذي سبق قرار الإبعاد. فلن نتلقى اوامر كانته الدولية وسيثير الهياج في المنطقة وفي العالم بأسره، ويحتمل أن تضطر إسرائيل للخضوع لضغط دولي كبير يتطور فيدفعها إلى المو إسرائيل للخضوع لضغط دولي كبير يتطور فيدفعها الى ره، ويحتمل ان افقة على إعادة الزعيم الفلسطيني في ظل ضرر سياسي كبير وإنقاذ عرفات من العزلة التي فرضت عليه في العالم. أما تصفيته فستثير اضطرابا يستمر عدة أسابيع بعدها يمكن لإسرائيل أن تتنفس الصعداء وتخرج المنطقة برمتها رابحة. ويؤيد موقف دريختر عدد كبير في جهاز الأمن العام بمن فيهم وزير الدفاع شاؤول موفاز. وتدرك هذه المجموعة أن تصفية عرفات ليست مقبولة في هذه المرحلة ولكن يمكن تنفيذها في "مفترق الفرص" التالي أي بعد عملية دموية كبيرة أو حدث شاذ آخر يمكن ربطه بوضوح بياسر عرفات".(6)

وخلال التداول حول قرار الإبعاد، قال رئيس شعبة الإستخبارات "أهارون زئيفي، إن إزاحة عرفات أمر حيوي، ولكن ليس الآن. أما رئيس الأركان موشيه يعلون، فقال: "إنه مع أن على إسرائيل أن تحرك خطوة في نهايتها لا يكون عرفات هنا، إلا أن المطلوب الآن استغلال نافذة الفرص از الأمن العام، بمن فيهم وزيرالدفاع شاؤول موفازالم. الناشئة لممارسة الضغوط على أبو علاء لمكافحة الإرهاب وليس هذا هو الوقت السليم لإبعاد عرفات".

وقال نائب رئيس الأركان "غابي شكنازي" تعقيباً على قرار طرد عرفات: "عرفات منشغل بالإرهاب، طُلب من الجيش أن يكون على أهبة الإستعداد للعمل حسب قرار الحكومة، وهذا ما سنفعله، لا أريد التطرق حول كيفية القيام بإبعاده ولكننا سنفعل ذلك عندما سنتلقى قرارا"(7).

وقد عرض المستوى الامني أربعة خيارات للتعامل مع قضية ازاحة عرفات:

1-    الخيار الأول: ازاحة طوعية، احتمال أن يوافق عرفات على أن يتخلى طواعية هو احتمال طفيف ولكنه قائم، وذلك منوط بوساطة محافل دولية مثل الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي ومصر.

2-    الخيار الثاني: إبعاد، تقتحم قوة عسكرية مبنى المقاطعة وتحاول إعتقال عرفات جسدياً وهذا السيناريو الأخطر، وإذا ما تم فإلي أين يكمن إبعاد عرفات إلى غزة أو إلى إحدى الدول العربية، مثل الأردن، مصر، لبنان أو السودان.

3-    الخيار الثالث: تصفية، تتوصل إسرائيل إلى الإستنتاج بأن محاولة الإمساك بعرفات حياً سيعرض حياة جنود الجيش الإسرائيلي للخطر، وعليه فيحتمل أن يُتخذ قرار بقتل عرفات بواسطة قصف المقاطعة أو نار القناصة.

4-    الخيار الرابع: تقديمه إلى المحاكمة، القبض على عرفات وإلقائه في السجن الإسرائيلي، أو فرض حصار مشدد عليه وعزله عن العالم إلى أن يموت موتاً طبيعياً(8).

وتبني أي من هذه الخيارات يحتاج إلى مصادقة كل من وزير الدفاع ورئيس الوزراء قبل إقرارها من المجلس الوزاري.

 ثالثاً: المعارضة

عقب إعلان قرار الحكومة الإسرائيلية إبعاد عرفات قطع زعيم المعارضة رئيس حزب العمل شمعون بيرس زيارته إلى الولايات المتحدة وعاد إلى إسرائيل للتشاور مع أعضاء كتلة العمل. وقد أجرى بيرس اتصالاً هاتفياً مع شارون عقب صدور القرار، أكد فيه "أن قرار طرد عرفات" خاطئ وان هذا القرار سيؤدي فقط إلى تصعيد العمليات الإرهابية في المنطقة(9).

وقال بيرس خلال اجتماع التشاور مع كتلة العمل "إن هذه الحكومة حطمت مسيرة السلام، حكومة شارون لا تعرض بديلاً"، وأضاف بيرس بأن قرار الإبعاد الذي اتخذه المجلس الوزاري لا يساهم إلا في مساعدة عرفات. وكان رفاق بيرس في الحزب أكثر وتوصلوا إلى استنتاج واحد فقط، انه يجب على شارون الذهاب إلى البيت. وقال سكرتير عام الحزب أوفير بينس، "إن شارون فشل في الموضوع الأساس وهو توفير الأمن لمواطني اسرائيل". هذه حكومة غريبي الأطوار. أما النائب أبراهام بورغ فقال: "ليس هناك حكومة على الإطلاق"(10).

وبالنسبة لموقف اليسار بشكل عام، فقد نددت قوى سلام وشخصيات إسرائيلية بقرار الحكومة إبعاد الرئيس عرفات، ونُظمت تظاهرة احتجاجية أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب. وقالت شولاميت الوني الوزيرة السابقة "إن حكومة إسرائيل قد فقدت البوصلة، ولا تعرف ماذا تفعل سوى القتل والإبعاد، كما حملتها مسؤولية ما قد ينجم عن قرارها إبعاد عرفات.

وقال لطيف دوري سكرتير لجنة الحوار الإسرائيلي- الفلسطيني في بيان له، إن قرار إبعاد الرئيس عرفات يدل على الفشل الذريع الذي منيت به محاولات شارون اليائسة لتركيع الشعب الفلسطيني. وحذر من مغبة تنفيذ هذا القرار المتهور الذي سيؤدي حسب رأيه إلى التدمير النهائي لعملية السلام، وإشعال النار في المنطقة وسفك الدماء البريئة من أبناء الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.

وانتقد البروفيسور زيئيف شنيرنهيل، المحاضر في الجامعة العبرية، سياسية شارون الحربية، ودعا العمل وحركة ميرتس وحركات السلام الإسرائيلية للخروج إلى الشوارع احتجاجاً على سياسية شارون التدميرية.

وفي الوسط العربي، نددت جميع القوى السياسية والأحزاب العربية بهذا القرار، وزارت وفود حزبية عربية الرئيس عرفات، وأعلنت تضامنها الشديد معه، وحذرت من مغبة تنفيذ قرار الإبعاد. فقد حذر طلب الصانع العضو العربي في الكنيست. من المخاطر التي يمكن أن تحدث من جراء تنفيذ قرار إبعاد الرئيس عرفات، كما طالب رئيس الكنيست بعقد جلسة طارئة لمناقشة القرار. وعقّب الصانع على قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي بقوله، إنه قرار خطير وغير مسؤول وتداعياته ستكون أكثر فظاعة من تداعيات صبرا وشاتيلا.

رابعاً: الصحافة

ذهب معظم الكتاب الصحافيين في إسرائيل إلى استنتاج واحد هو، أن قرار الحكومة الإسرائيلية طرد عرفات كان خطأً كبيراً كونه أعاد عرفات لبؤرة الإهتمام الشعبي والدولي بعد أن بدأ نجمه في الأفول. فيما اعتبر بعضهم أن القرار شيء لا مفر منه، وأنه لا يمكن الإستمرار في التغاضي عن تصرفاته المضرة بمصالح إسرائيل. في الجانب المنتقد لهذا القرار، كتب زئيف شيف في هآرتس 14/9/2003، تحت عنوان "إسرائيل في مأزق" يقول: بقرار واحد نجحت حكومة إسرائيل في أن تعيد إلى الحياة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، الذي اعتبر مؤخراً شخصية سياسية آفلة من ناحية دولية وعربية، ويصطدم بمعارضة فلسطينية متزايدة. القرار الذي لم يكن سوى تصريح نوايا بالإبعاد او الإغتيال بحق عرفات، يطرح علامات استفهام جدية على قدرة هذه الحكومة على أن تدير بشكل مناسب الأزمة الخطيرة التي تنطوي على سفك دماء شديدة مع الفلسطينيين.

وفي نفس الإتجاه كتب ناحوم بارنيع في يديعوت احرونوت 14/9/2003، يقول: القرار الذي اتخذه المجلس الوزاري غريب في أفضل الأحوال، فهو أعطى لعرفات بشكل مؤقت على الأقل التأييد الدولي الذي خسره في ثلاث سنوات من الإرهاب، والتأييد المتحمس من الشارع الفلسطيني والسيطرة الكاملة على اذرع السلطة. ورغم أن إسرائيل لم تفعل شيئاً، إلا أنها تلقت التحذيرات والتنديدات أيضاً. يمكن لشارون أن يواسي نفسه في انه اخذ خطوة أخرى لتسويغ تصفية عرفات.

وكتب روبيك روزنتال في معاريف 14/9/2003، تحت عنوان "ليس قابلاً للطرد، يقول: ليس الطرد قابلاً للتنفيذ لأن إسرائيل قد إنفصلت عن المناطق الفلسطينية حسب اتفاق اوسلو. كل ما يحدث الآن هو سلسلة أخطاء تراجيدية تحاول الأطراف من خلالها التهرب من الإتفاقات الوحيدة التي استطاعت وتستطيع أن توقع ذات مرة بين الشعبين. في اللحظة التي انفصلت فيها إسرائيل مبدئياً عن المناطق الفلسطينية، فليس لها الحق في السؤال من يقود الفلسطينيين، لا لها ولا للأمريكيين. إن الطرد ليس قابلاً للتنفيذ، لأن القوى التي لن تمكنه من الحدوث أقوى من قوة حكومة إسرائيل، ولأن الوزراء الأكثر حكمة أيضا في الحكومة يعرفون أن ضرره اكبر من نفعه.

وكتب يوئيل ماركوس في هارتس 16/9/2003، تحت عنوان "الرئيس مات من الضحك"، يقول "تُتخذ القرارات في بلادنا من قبل العسكريين والقيادة السياسية اليمينية العاجزة، وهذا مناخ مناسب للقرارات المجنونة والحمقاء كقرار تصفية عرفات أو إبعاده". لقد نجح شارون بين ليلة وضحاها في إخراج عرفات من عزلته الدولية، ووضعه على الخارطة، العالم كله إنتصب من خلفه، بينما تلقت إسرائيل بيانات الشجب والتنديد والتحذيرات من كل حدبٍ وصوب. يتوجب على الحكومة أن تبتهل في كل صباح حتى لا يموت عرفات ميتة طبيعية لأن احدً لن يصدق أنها ليست هي التي أزالت "العقبة" بواسطة السم الذي دُس في صحن الحمص الذي التهمه.

وفي نفس الإتجاه كتب روني شكيد في يديعوت احرونوت 12/9/2003، تحت عنوان "أعدنا عرفات بقوة"، يقول: قرار المجلس الوزاري هو تهديد فارغ حقق نتيجة معاكسة، فقد اعاد القرار الحمرة إلى وجنتي عرفات، لا سيما حين رأى أمامه جماهير المتظاهرين، فالمظاهرات العفوية التي إنطلقت في مناطق السلطة الفلسطينية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في العالم العربي، أثبتت أن الرئيس هو الزعيم الفلسطيني غير المتنازع عليه، أكثر مما هو رمز. ومثل هذه المظاهرات لا يحتاج المرء إلى كثير من الخيال ليصف ماذا كان سيحصل لو كان أبعد. لقد أعاد القرار الرجل إلى مقدمة المسرح، إلى مركز الإهتمام، وهذه المرة مع الكثير من القوة. فبعد ردود فعل كهذه فإنه من المشكوك فيه أن يكون ممكناً إبعاده، من الأفضل القرار بعزله "التنفيذ وليس التصريح".

وفي الجانب المؤيد للقرار، كتب بن كسفيت في معاريف 12/9/2003، تحت عنوان، "ينتقمون ويبكون"، يقول: تنقل الكرة كما هو الأمر دائماً إلى الملعب الإسرائيلي، فعلى إسرائيل أن تقوم بالعمل القذر، القضاء على حماس وطرد عرفات. ومن المشكوك فيه ما إذا كنا قد وصلنا إلى اللحظة الحرجة المطلوبة. بدأ التغيير يظهر في قيادة جهاز الأمن، فقد كان عاموس جلعاد هو الأول، وأيد وزير الدفاع شاؤول موفاز الطرد، وتذبذب موقف رئيس الأركان، فيما أيد نائبه غابي شكنازي الطرد.

وفي نفس الإتجاه كتب "ياعيل ميماد" لمعاريف يقول: لا شك انه لو اختفى عرفات من حياتنا، فإن الأمور كانت ستبدو بشكل آخر، وربما كان يمكن التوصل إلى تسوية ما مع الفلسطينيين. ولكن هناك مشكلة صغيرة واحدة في الطريق لتحقيق المفهوم، فليس "عرفات" حاضر فقط، إنما تزداد قوته، ألا يوجد شخص واحد في القيادة الإسرائيلية يقوم ويصيح أنه مع كل بغضنا للرجل فإن عرفات هو العنوان؟!

خامساً: الشارع الإسرائيلي

لقي قرار إبعاد الرئيس عرفات قبولاً وتأييداً لدى أغلبية كبيرة (60%) من الجمهور الإسرائيلي، الذي دأب منذ تولي أرئيل شارون رئاسة الحكومة الأولي (مارس 2001) وحتى الآن على تأييد خطواته في معالجته للشأن الفلسطيني، وهي أغلبية توفر لشارون غطاءً شعبياً لكثير من قراراته السياسية والأمنية المتطرفة. فحسب استطلاع للرأي العام أجراه معهد داحاف ونشرته يديعوت احرونوت 12/9/2003، أيد 60% من جمهور المستطلعين إزاحة عرفات 37% منهم بالتصفية و23% بالإبعاد. فيما أيد 21% استمرار عزله، مقابل 15% أيدوا الإفراج عنه والدخول في مفاوضات. ورغم هذا التأييد الجارف لإزاحة عرفات فإنه ليس لدى الجمهور الإسرائيلي  قناعة بأن ذلك سيقلص الإرهاب، فقد أعرب 42% فقط عن إعتقادهم أن إزاحة عرفات ستقلص الإرهاب، وعلى النقيض قال 26% أن إزاحته ستعاظم الإرهاب.

وفي استطلاع آخر أجراه معهد (هجال هحداش) لصالح معاريف 12/9/2003، أيد 58% من المستطلعين إبعاد عرفات، مقابل معارضة 38% ، مما يؤكد توفر أغلبية مريحة تؤيد الإبعاد. وتعكس نتائج هذين الإستطلاعين، بالإضافة لنتائج استطلاعات أخرى سبقتهما أن فكرة إبعاد عرفات باتت مقبولة لدى أغلبية كبيرة في الشارع الإسرائيلي، ولا يسجل سوى معارضة طفيفة ليس لفكرة الإبعاد بحد ذاتها ولكن للظروف التي طرحت فيها والتوقيت.

 الهوامش:


(1) يديعوت احرنوت، 12/9/2003.

(2) المصدر السابق.ن وقال "إن عرفات هو مجرم حرب. روبنشتاين الى الأطفالالوزاري بلهجة حادة للغاية ضد عرفات "عرفات قاتل من اكثر الغضاب الإدارة الأ

(3) المصدر السابق.

(4) المصدر السابق.

(5) يديعوت أحرونوت، 13/9/2003

(6) معاريف، 14/9/2003.

(7) صوت إسرائيل، 12/9/2003

(8)  يديعوت احرنوت، 12/9/2003.

(9) المرجع السابق.

(10) معاريف، 12/9/2003.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م