تقرير صادر عن منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان مارس 2003 ترجمة : زهير عكاشة في يونيو حزيران من عام 2002، قررت الحكومة الإسرائيلية إنشاء جدار فاصل قرب الخط الأخضر، لمنع الفلسطينيين من الدخول غير المضبوط من الضفة الغربية إلى إسرائيل. وقد جاء هذا القرار بعد الزيادة التي لم يسبق لها مثيل في عدد الهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، ولا سيما في النصف الأول من العام 2002. سيلتف الجدار الفاصل حول الضفة الغربية بأكملها مع أن الحكومة اصدرت تعليماتها بالبدء ببناء 190 كم فقط من هذا الجدار، وحسب ما ذكرته وزارة الدفاع فسينتهي العمل بالمرحلة الأولى (145 كليومتر) في يوليو تموز من العام 2003. سيجري مسار الجدار الفاصل عبر الضفة الغربية وليس على امتداد الخط الأخضر، أما في الأجزاء التي ستسير على امتداد الخط الأخضر، فقد خططت إسرائيل لإنشاء جدار ثانٍ على بعد كيلومترات قليلة إلى الشرق من الجدار الرئيس. هناك مناطق عديدة يلتوي فيها مسار الجدار الفاصل ويحكم الخناق حول قرى فلسطينية من شتى الجهات، بحيث يعزلها عزلا تاماً ويحولها إلى جيوب معزولة عن سائر القرى الأخرى، فضلاً عن انه سيفصل الكثير من المزارعين الفلسطينيين في بعض القرى عن أراضيهم الزراعية. تقول بتسيلم، أن الجدار الفاصل سيلحق ضررا كبيراً بنحو 210 آلاف فلسطيني يقطنون 67 قرية ومدينة وبلدة. هذه الورقة تحلل وتسلط الأضواء على أثار وتداعيات الجدار الفاصل على السكان الفلسطينيين والثمن البشري الذي سيدفع جراء شق الطريق الذي سيسير مع الجدار الفاصل الذي يجري انشاؤه. وستبرز الورقة أيضاً النواحي القانونية والشرعية للجدار الفاصل من منظور القانون الدولي، وبالتالي يتركز هدف الورقة على التحذير من انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي، جراء إقامة هذا الجدار بالضفة الغربية. وحيث أن الجزء الأول من الجدار الفاصل لم يكتمل بعد ولم يبدأ العمل بالأجزاء الأخرى، فهناك احتمال منع حدوث مثل هذه الإنتهاكات. نبذة عن الوقائعمتى صيغت فكرة إنشاء الجدار الفاصل؟أثيرت فكرة إنشاء جدار يفصل طبيعيا الضفة الغربية عن إسرائيل منذ سنوات ، وإن كانت بأشكال مختلفة، وذلك بهدف الحد من الدخول غير المضبوط للفلسطينيين إلى إسرائيل. من المفترض أن يتم إنشاء الجدار في المنطقة المعروفة بإسم خط التماس، وهي عبارة عن قطاع من الأرض يمتد على طول جانبي الخط الأخضر. قررت الحكومة في مارس آذار من عام 1996، إقامة نقاط تفتيش على طول منطقة التماس، على غرار نقطة تفتيش ايرز في قطاع غزة للتحكم بمرور الفلسطينيين من والى إسرائيل، مع إغلاق كافة الطرق البديلة، وبناء على هذا القرار قررت وزارة الأشغال العامة عام 1997، تكليف وحدات خاصة من حرس الحدود بالعمل على طول خط التماس، حيث تمثلت مهمة هذه الوحدات بمنع تسلل الفلسطينيين إلى إسرائيل، لكن لم يطبق من هذه القرارات إلا جزءاً بسيطاً منها. بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر أيلول من عام 2000، اتخذت الحكومة جملة من القرارات أدت في نهاية المطاف إلى دخول خطة إقامة جدار فاصل حيز التنفيذ. وفي نوفمبر/تشرين ثاني من عام 2000، صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك على خطة إنشاء حاجز لمنع وسائل النقل الفلسطينية من التحرك من أقصى الشمال الغربي للضفة الغربية إلى منطقة اللطرون، وقد مرت شهور كثيرة قبل أن يتم تنفيذ الخطة. وفي يونيو حزيران من عام 2001، شكل رئيس الوزراء الحالي ارئيل شارون لجنة توجيهية برئاسة رئيس مجلس الأمن القومي عوزي دايان، لصياغة طاقم من الإجراءات الهادفة لمنع الفلسطينيين من التسلل إلى إسرائيل عبر خط التماس. وفي 18 يوليو/تموز من عام 2001، صادقت اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية على توصيات اللجنة التوجيهية والتي بمقتضاها يتحمل الجيش الإسرائيلي مسؤولية حماية الجزء الشرقي من منطقة خط التماس، وذلك من خلال "قوة مهام"، تكلف بتنسيق الأنشطة، في حين يكون حرس الحدود مسؤولا عن الجانب الغربي من المنطقة المذكورة. قررت اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية أيضاً تنفيذ قرار نوفمبر 2000، فيما يتعلق بإقامة حاجز بوجه وسائل النقل وإنشاء جدار فاصل آخر لمنع تنقل الأشخاص سيراً على الأقدام في مناطق معينة تعتبر من وجهة نظر الجيش خطرة. جاء إنشاء جدار لمنع تنقل وسائل النقل بعد قرار يونيو/حزيران 2001، وقد استكلمت وزارة الأشغال العامة وقسم الإنشاء والبناء في وزارة الدفاع، إقامة سياج أمني معدني على امتداد المنطقة المعينة التي تمتد من اقصى الشمال الغربي للضفة الغربية وحتى منطقة اللطرون. جاء ابريل/نيسان 2002، أي بعد نحو تسعة شهور من قرار اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية ولكن لم تتخذ الحكومة أي إجراء فعلي لتنفيذ القرار الخاص بإنشاء جدار فاصل لمنع المشاة من اجتياز الحدود. وفي 14 ابريل/ نيسان من عام 2002، ناقشت اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية من جديد هذه القضية، وقررت هذه المرة إنشاء جدار دائم في منطقة التماس لتحسين وتعزيز مستوى الإستعداد والقدرة العملياتية على معالجة الإرهاب. ونص القرار أيضاً على ضرورة قيام لجنة وزارية برئاسة رئيس الوزراء بتنفيذ القرار والبدء فورا بإنشاء جدار فاصل في ثلاثة أجزاء، وهي شرق أم الفحم وحول طولكرم وفي القدس. ولتطبيق هذا القرار تم تشكيل "إدارة منطقة التماس"، برئاسة مدير عام وزارة الدفاع. وبعد ذلك بأيام قليلة تولى الجيش الإسرائيلي السيطرة على أراضي تعود لفلسطينيين في أماكن عديدة بشمال غرب الضفة الغربية بهدف إقامة جدار مؤقت، حيث شرع في اقتلاع الأشجار وتسوية الأرض على طول الطريق المنوي شقه. ومع ذلك لم ينفذ قرار إقامة الجدار المؤقت. وفي القطاع الجنوبي من طولكرم توقف العمل بعد أن تم تسوية الأرض واقتلاع الأشجار وأُلغيت بعض قرارات المصادرة. بعد ذلك بأسابيع قليلة استولى الجيش الإسرائيلي على أراض أخرى، وبدأ العمل بإنشاء الجدار المؤقت على امتداد طريق آخر مختلف. وفي مطلع يونيو/حزيران من عام 2002، استكملت إدارة منطقة التماس صياغة خطة بناء الجزء الأول من الجدار المؤقت، الذي يبدأ اقصى الشمال الغربي للضفة الغربية قرب القرية الإسرائيلية سالم، وينتهي عند مستوطنة ألقانا جنوباً. إضافة إلى ذلك تم اعداد خطة لبناء جدار فاصل حول القدس، حيث تتضمن اقتراحاً جدياً بإنشاء أجزاء شمال وجنوب المدينة. وفي 23 يونيو/حزيران من عام 2002، صادقت الحكومة مبدئياً على الخطة، وقد نص القرار على أن يتم تحديد المكان الدقيق والنهائي للمسار من قبل رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وقد أوضحت الحكومة انه في حالة ما طرأ أي خلاف حول المسار، تتولى اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية مهمة حل هذا الخلاف. وفعلا اجتمعت اللجنة المذكورة بتاريخ 14 اغسطس/آب من العام 2002، لمناقشة المسار المقترح من قبل إدارة منطقة التماس، وقد صودق في الإجتماع على المسار النهائي للمرحلة الأولى من الجدار الذي سيمتد بطول 116 كيلومتراً، بما في ذلك 69 كيلو متراً من سالم إلى القانا و20 كيلومتراً لغلاف القدس (الجزء الشمالي والجنوبي فقط). إزداد طول المرحلة الأولى منذ أن اتخذت اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية قرارها، وذلك لأسباب مختلفة، حيث وصل الآن طوله إلى نحو 145كيلومتراً. بدأ العمل فعلا بإنشاء البنية التحتية للطريق، بيد انه لم ينجز لغاية الآن سوى 10 كيلومترات من الجدار الفاصل قرب أم الفحم، وتعتقد وزارة الدفاع أن ينتهي العمل في المرحلة الأولى من الجدار في يوليو تموز 2003، وقد بدأت الوزارة في يناير 2003، بإنشاء البنية التحتية لـ45 كيلومتراً أخرى على امتداد الجدار، من سالم شرقاً إلى تاكوع التي لم يشملها قرار أغسطس/أب 2002 الصادر عن اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية. وصف الجدار:يتمثل الجزء الرئيس من الجدار، في سياج إليكتروني يحذر من أي محاولة لعبوره، وعلى امتداد الجانب الشرقي للسياج، تم شق "طريق صيانة" محاط من جانب بأسلاك شائكة، ومن الجانب الآخر أي الجانب الشرقي حفر خندق ووسائل أخرى لمنع اقتحام السياج بالسيارات أو الشاحنات، وقد نصت الخطة على إقامة ثلاث ممرات غرب السياج، وهي "طريق لاقتفاء الآثار وطريق دوريات وطريق للسيارات العسكرية المدرعة، وستوضع اسلاك شائكة على امتداد هذا الممر. يبلغ عرض الجدار نحو 60 متراً، وبسبب المشاكل الطبوغرافية سيقام جدار ضيق في بعض المناطق، بحيث يحتوي على كافة العناصر التي تدعم الجدار الإليكتروني. ومع ذلك وكما أوضحت الدولة في حيثيات ردها على المحكمة العليا، سيصل عرض الجدار في حالات معينة إلى نحو 100 متر، بسبب المشاكل الطبوغرافية. سيقام في المقاطع التي ستجري مع امتداد الخط الأخضر، وفي بعض المناطق الأخرى، جدار إضافي بإتجاه الشرق يعرف بإسم "جدار العمق". وحسب ما جاء في رد الدولة للمحكمة العليا، سيبنى هذا الجدار بدون سياج بهدف توجيه الحركة في هذه المناطق نحو حواجز أمنية. الجزء الرئيس من هذا الجدار هو عبارة عن خندق عميق بسياج من الأسلاك الشائكة، وفي بعض المناطق سيدعم الجدار الرئيس بسور لحمايته من إطلاق النار، علماً بأن الجيش الإسرائيلي أقام قبل سنوات أسواراً واقية من إطلاق النار بين القرى الإسرائيلية (بات حيفر، وماتان) اللتين تقعا غربي الخط الأخضر، وبين القرى الفلسطينية المجاورة، مثل شويكة وحبلة. كما أن الشركة التي تولت شق طريق رقم 6 (طريق عابر إسرائيل)، بنت سوراً للحماية من إطلاق النار على امتداد مقطع الطريق قرب قلقيلية، وتعتزم في نفس الوقت بناء سور مشابه قرب طولكرم. أما في مناطق القدس، فقد تم أصلا بناء سورين، السور الأول يسير على امتداد طريق رقم 45 (طريق بيغن الشمالي)، على امتداد المقطع القريب من بيت حنينا البلد، وبيرنبالا. والسور الثاني، قرب أبو ديس على الجانب الشرقي من حدود القدس. سيقام أيضاً حائط آخر قرب قبة راحيل في الجزء الجنوبي من منطقة القدس. تقضي خطة إقامة الجدار، بإنشاء العديد من البوابات لدخول الأشخاص والبضائع، حيث تتضمن إحدى الخرائط التي قدمتها الدولة لمحكمة العدل العليا، خمس بوابات على طول طريق الجدار الفاصل للمرحلة الأولى (لا يشمل ذلك منقطة القدس)، وتتضمن إضافة إلى ذلك 26 "بوابة زراعية"، خمس منها على امتداد جدار العمق. وحسب التقديرات التي أدلت بها إدارة منطقة التماس في يونيو حزيران عام 2002، فقد بلغت التكاليف الكلية للمرحلة الأولى من الجدار الفاصل الذي يمتد إلى نحو 116 كيلومتراً، نحو 942 مليون شيكل، أي 8.1 مليون شيكل للكيلومتر الواحد. في حين قدر مدير عام وزارة الدفاع عاموس يارون مؤخراً تكلفة إنشاء الكيلومتر الواحد من الجدار الفاصل بـ10 ملايين شيكل. مسار الجدار، وأثره على المدن والقرى الأخرى:لقد طلبت بتسيلم من وزارة الدفاع، تزويدها بنسخة من خارطة طريق الجدار الفاصل، بيد أن الوزارة رفضت هذا الطلب معللة ذلك بعدم جواز نشر الخارطة. وفي رده على بتسيلم، أوضح المسؤول عن تنفيذ قانون حرية الإعلام في وزارة الدفاع، انه لا يمكن تقديم أي معلومات عدا تلك المنشورة في وسائل الإعلام. وعلى هذا الأساس فإن انعدام الشفافية الخاصة بالطريق تعتبر انتهاكاً لروح الإدارة السليمة، وعائقاً بوجه الجدالات والنقاشات العامة حول مشروع بهذه الأهمية البعيدة المدى، وبتكلفة ملايين الشواكل. كما أن رفض الدولة تقديم الخارطة أمر يثير الإستغراب، لأن اغلب أعمال إنشاء البنية التحتية في المقاطع المصادق عليها، بدأت فعلاً ومجرد أن يبدأ العمل بالجدار يكون موقعه قد تجلى فوراً وبوضوح. وحيث أن الدولة رفضت تقديم الخارطة، فقد استند طريق الجدار الفاصل المؤشر على الخارطة الملحقة، على إستيلاء على أراض بأوامر سلمت للفلسطينيين، وعلى خرائط قدمها مكتب المستشار القضائي للحكومة لمحكمة العدل العليا، وبناء على ملاحظات أخذت على ارض الواقع في المناطق التي يجري فيها بناء الجدار الفاصل. الخارطة المذكورة لا تشمل مسار منطقة القدس، لأن أوامر وضع اليد على الأرض لم تسلم للفلسطينيين، إلا في منطقتين صغيرتين نسبياً قرب كفر عقب شمال المدينة وقرب قبة راحيل جنوبها. أما فيما يتعلق بطريق الجدار الفاصل في الجزئين الشرقي والشمالي الغربي لغلاف القدس، فلا يعرف أن كان قد وصل قرار بهذا الشأن أم لا قد يكون لتداعيات الجدار في غلاف القدس آثاراً بعيدة المدى نظراً لحجم الشريحة السكانية الفلسطينية في المنطقة، ونظراً لاعتمادها الكبير على شرقي القدس. لا تشمل الخارطة أيضاً طريق القاطع الشمالي الذي يمتد 45 كيلومترا من سالم لتقوع، لأن الحكومة ترفض تقديم معلومات حوله. هناك ملاحظات طبيعية قدمتها بتسيلم حول العمل في هذا القاطع، حيث أشارت فيها، إلى أن الطريق يمر على مسافة قريبة جداً من الخط الأخضر. هكذا يبدو نتيجة لذلك، أن الجدار في هذه المنطقة لن يؤدي إلى ترك كثير من الفلسطينيين أو اغلب أراضيهم الزراعية شمال الجدار. يجتاز الجدار الفاصل الضفة الغربية، وقد يصل في بعض المناطق على عمق 6 أو 7 كيلومترات. تبلغ مساحة المنطقة الواقعة بين الجدار الرئيس والخط الأخضر على امتداد الطريق ما بين سالم وإلقانا نحو 96,500 دونم (كل 4 دونمات تساوي فدان واحد) منها 7,200 دونم مناطق مبنية تابعة لعشر مستوطنات. أما منطقة الجيوب الخمسة الواقعة شرقي الجدار الفاصل، فتتضمن 65,200 دونم. سوف يؤثر الجدار على 161,700 دونم، أي 2.9% من مساحة أراضي الضفة الغربية. المسار الملتوي للجدار الفاصل مضافاً إليه جدار العمق، سيتسبب في خلق جيوب من التجمعات الفلسطينية في بعض المناطق، وقد يفصل كثير من السكان عن أراضيهم. تعتقد بتسيلم أن الجدار الفاصل سيلحق ضرراً مباشراً بما لا يقل عن 210 آلاف فلسطيني يقطنون نحو 67 قرية وبلدة ومدينة. الجيوب الفلسطينية غربي الجدار الفاصل:يؤدي بناء الجدار الفاصل إلى خلق خمسة جيوب من التجمعات السكنية الفلسطينية، تقع بين الجدار الرئيس والخط الأخضر، وهذه الجيوب التي سنذكرها هنا تمتد من الشمال إلى الجنوب، وستفصل عن باقي الضفة الغربية، وعن بعضها البعض. هناك 13 تجمعاً سكنياً يقطنه نحو 11,700 فلسطيني تدخل ضمن هذا التصنيف. الجيب الأول يقع غربي جنين، ويشمل برطعة الشرقية (3.200 نسمة)، وأم ريحان (400 نسمة)، وخربة عبد الله يونس (100نسمة)، وخربة الشيخ سعد (200 نسمة)، وخربة ظهر الملح (200 نسمة)، وبذلك يصل المجموع الكلي لعدد سكان الجيب إلى 4.100 نسمة. الجيب الثاني، يقع شرقي قرية باقة الغربية داخل الخط الأخضر، ويشمل نزلة عيسى (2300 نسمة)، وباقة الشرقية (3.700 نسمة)، ونزلة أبو نار (200 نسمة)، وبذلك يصل عدد السكان الكلي إلى 6.200 نسمة. الجيب الثالث، يقع جنوب طولكرم، ويؤي 300 نسمة. أما الجيب الرابع، فيقع بالقرب من مستوطنة "الفيه منشيه" جنوب قلقيلية ويشمل راس الطيرة (300 نمسة)، وخربة الضبع (200 نسمة)، وعرب الرماضين الجنوبي (200 نسمة)، وبذلك يصل المجموع الكلي إلى 700 نسمة. الجيب الخامس، يشمل الحي الشرقي من بيت لحم (400 نمسة) قرب قبة راحيل. الجيوب الفلسطينية شرقي الجدار الفاصل:إن المسار المتعرج للجدار الفاصل، وإغلاق المناطق القريبة من جدار العمق سيتسبب في خلق خمسة جيوب تقع شرق الجدار الرئيس. وكما حصل بالنسبة للجيوب الواقعة للغرب من الجدار فسيفصل هذا الجدار تلك الجيوب عن سائر الضفة الغربية وعن بعضها البعض، ونتيجة لذلك، يظهر هناك ثلاثة عشر تجمعاً سكنيا، يقع ضمن هذا التصنيف يقطنها نحو 128,500 نسمة. هناك جيبان يقعان بين الجدار الرئيس وبين خنادق جدار العمق: الأول: في منطقة جنين، ويشمل، رمانة (3000 نسمة)، والطيبة (2.100 نسمة)، وعانين (3.300 نسمة)، والمجموع الكلي 8.400 نسمة. والثاني: وهو الجيب الأكثر بروزاً من حيث الحجم، ويشمل شويكة وطولكرم (41.000 نسمة)، ومخيم طولكرم (12.100 نسمة)، وعكتبة (1.800 نسمة)، وذنابة (7.600 نسمة)، ومخيم نورشمس (7000 نسمة)، وخربة التايه (300 نسمة)، وكفا (300 نسمة)، و عزبة الشفا (900 نسمة)، وفرعون (2.900 نسمة)، المجموع الكلي 73.900 نسمة. أما الجيب الثالث: فسيطبق إطباقا كاملاً على قلقيلية (38.200 نسمة)، بينما سيلتف الجدار الرئيس حول الجيب الرابع، جنوب قلقيلية، من ثلاث جوانب، ويشمل هذا الجيب حبلة (5.300 نسمة)، وراس عطية (1.400 نسمة)، وعزبة جلود (100 نسمة)، المجموع الكلي 6.800 نسمة. الجيب الخامس، يقع على بعد كيلومترات قليلة من الجنوب ويشمل عزون العتمة (1.500 نسمة). تجمعات سكنية ستفصل عن أراضيها الزراعية:هناك العشرات من سكان التجمعات السكنية التي تقع شرق الجدار الرئيس، أو جدار العمق سيفصلون عن مساحة لا بأس بها من الأراضي الزراعية التي ستبقى غرب الجدار الفاصل، علماً بأن هذا الفصل سيضر بالسكان الذين كانوا قد فقدوا أراضي استولى عليها لصالح إقامة الجدار. وبالتالي فإن عدد السكان الذي سيتأثرون مباشرة جراء فصلهم عن أراضيهم يتوقف على عدد الفلسطينيين الذين يمتلكون أراضي على الجانب الآخر من الجدار، ويقع ضمن التصنيف 36 تجمعاً سكنياً يقطنها 72.200 نسمة، هذه التجمعات في منطقة جنين، تشمل زبدة (800 نسمة)، وعرقة (2000 نسمة) والخولجان (400 نسمة)، ونزلة الشيخ سعيد (700 نسمة)، وطورا الغربية (1000 نسمة)، وطورا الشرقية (200 نسمة)، وخربة مسعود (50 نسمة)، وخربة المنطار (50 نسمة)، وأم الدار (500 نسمة)، وظهر العبد (300 نسمة)، المجموع الكلي 6000 نسمة. تجمعات منطقة طولكرم وتشمل، عقبة(200 نسمة)، وكفين (8000 نسمة)، النزلة الوسطى (400 نسمة)، النزلة الشرقية (1500 نسمة)، النزلة الغربية (800 نسمة)، وزيتا (2.800 نسمة)، عتيل (9.400 نسمة)، ودير الغصون (8.500 نسمة)، والجاروشية (800 نسمة)، والمسكوني (200 نسمة)، والشفا (1.100 نسمة)، والراس (500 نسمة)، وكفر صور (1.100 نسمة)، وكفر جمال (2.300 نسمة)، المجموع الكلي 37.600 نسمة. تجمعات منطقة قلقيلية وتشمل، فلميه (600 نسمة)، وجيوس (2.800 نسمة)، و النبي إلياس (1000 نسمة)، وعسلة (600 نسمة)، والمداور (200 نسمة)، وعزبة الأشقر (400 نسمة)، وبيت أمين (1000 نسمة)، وسنيريا (2.600 نسمة)، و عزبة سلمان (600 نسمة)، ومسحا (1.800 نسمة)، المجموع الكلي 11,600 نسمة. بالنسبة لمنطقة القدس، تمكنا في هذه المرحلة من التعرف على تجمعين سكنيين يقعان ضمن هذا التصنيف، وهما: رفات (1800 نسمة)، وكفر عقب (15.000نسمة)، المجموع الكلي 16.800 نسمة. المستوطنات الإسرائيلية:هناك عشر مستوطنات يقطنها 19.800 نسمة ستقع على الجانب الغربي من الجدار الفاصل، وفيما يلي هذه المستوطنات من الشمال إلى الجنوب: شكيد (500 نسمة)، وحنانيت (600 نسمة)، ريحان (100 نسمة)، وسلعيت (400 نسمة)، وزوفين (900 نسمة)، وألفيه منشيه (5000 نسمة)، وأورانيت (5.200 نسمة)، وشعار هتكفا (3.500 نسمة)، وإز إفرايم (600 نسمة)، وإلقانا (3000 نسمة). هناك في شرقي القدس 13 مستوطنة يقطنها 173 ألف نسمة ستضم إلى غلاف القدس، وهي: نفي يعقوب (20.300 نسمة)، وبزغات زئيف (36.500 نسمة)، والتلة الفرنسية (8.200 نسمة)، ورمات أشكول (5.800 نسمة)، ومعالوت دفنا (3.600 نسمة)، وسنهديرا مرورخيفت (5000 نسمة)، وراموت ألون (38.000 نسمة)، وشوفاط ريدج (11.300 نسمة)، والحي اليهودي في البلدة القديمة (2.300 نسمة)، وتالبيوت الشرقية (12.800 نسمة)، وغفعات همتوس (800 نسمة)، هارحوما (أرقام غير متوفرة)، وغيلو (27.600 نسمة). إنتهاكات حقوق الإنسان:أن إقامة الجدار الفاصل في داخل الضفة الغربية ليشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان لمئات الألوف من الفلسطينيين، بدءاً بحق الملكية وانتهاءً بحق تلقي الرعاية والعلاج الطبي. نجمت اغلب انتهاكات حقوق الإنسان عن تأثير الجدار المتوقع على حرية تنقل الفلسطينيين، لذلك فإن شدة الإنتهاكات ترتكز في المقام الأول على ترتيبات العبور التي قد تستخدمها إسرائيل على جانبي الجدار الفاصل، بيد أن هناك انتهاكاً لم ينجم عن قيود مفروضة على حرية التنقل، وهو انتهاك حقوق ملكية أصحاب الأراضي التي سيقام عليها الجدار. انتهاك حق الحرية في التنقل والحركة:جاء في المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يلي: "لكل فرد حق حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود الدولة"، يبدو أن قطاع الأرض الواقع بين الجدار الفاصل وبين الخط الأخضر من جهة، وبين الجدار الفاصل والحدود البلدية للقدس من جهة اخرى، سيتم الإعلان عنه منطقة عسكرية مغلقة. وهذا الإعلان حسب ما ورد في رد الدولة على محكمة العدل العليا، لن يطبق على السكان المحليين، وبناء على هذا الأساس فإن سكان الجيوب الواقعة غربي الجدار الفاصل، لن يكونوا ملزمين بالحصول على تصاريح خاصة لعبور الجدار. ومع ذلك فقد صرح مسؤولو الإدارة المدنية في مناسبات عديدة، أنه سيتم إصدار تصاريح دخول دائمة لسكان الجيوب، بينما لن يسمح لسكان الضفة الغربية الآخرين بدخول الجيوب لأي غرض كان، ما لم يكن بحوزتهم تصاريح دخول خاصة. أشارت الدولة كذلك، إلى أن الفلسطينيين الذين يسكنون شرقي الجدار الفاصل، ويملكون أرضاً غرباً سيمرون عبر "بوابات زراعية"، عند إبرازهم تصاريح خاصة يتم إصدارها لهم، ووعدت بإعداد ترتيبات دخول معقولة آخذة بعين الإعتبار حاجة العمال إلى العبور بأيسر السبل، وكذلك إفساح المجال أمام دخول المركبات والمعدات، كي يتسنى نقل السلع والمنتجات إلى شرقي الجدار الفاصل. وعدا عن هذا الإلتزام العام، لم تقدم الدولة أية تفاصيل أخرى بخصوص الترتيبات. لم تناقش الدولة بعد الترتيبات التي ستطبق على حرية سكان الجيوب الواقعة شرقي الجدار الرئيس أو على سكان الضفة الغربية الذين يريدون زيارة هذه الجيوب. لذلك، فمن غير الواضح إن كانوا بحاجة إلى تصاريح تنقل خاصة، لكن الواضح هو أن التنقل من الجيوب إلى باقي مناطق الضفة الغربية والعودة اليها ممكن فقط من خلال نقاط تفتيش وعبور خاصة. أوضحت الدولة أيضاً للمحكمة العليا انه عند إنشاء المرحلة الأولى من الجدار سيتم بناء خمس بوابات عبور، وستة وعشرون بوابة زراعية، علماً بأنه سيتم الإنتهاء من المرحلة الأولى مطلع يوليو من العام 2003. يقول مسؤول إدارة منطقة التماس نيزاخ شياخ أن ميزانية العام 2003 لم تخصص الأموال الكافية لإنشاء بوابات العبور الخمسة. ومهما يكن من شأن ترتيبات العبور، فمن الواضح أن مئات الألوف من الفلسطينيين سيعتمدون على نظام الأمن الإسرائيلي عند اجتياز الجدار من جانبهم، وهذا الإعتماد سيزيد من حدة الصعوبات القائمة التي يواجهها الفلسطينيون عند تنقلهم من مكان لآخر في الضفة الغربية. لقد شلت القيود التي فرضها الجيش الإسرائيلي على الفلسطينيين منذ بداية انتفاضة الأقصى، حرية تنقلهم شللاً تاماً، وقد أقام الجيش في بعض المناطق نقاط تفتيش، وكتل إسمنتية وأكوام من النفايات وخنادق لإغلاق اغلب طرق الضفة الغربية. وبالتالي أصبح الفلسطينيون عاجزين عن السفر بسياراتهم على هذه الطرق. إضافة إلى ذلك لجأ الجيش الإسرائيلي إلى فرض نظام منع التجول على مئات الألوف من الفلسطينيين، وكانت هذه القيود التي اثرت على جميع مناحي الحياة عند الفلسطينيين، سببا في إنتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان الفلسطينية. بما في ذلك الحق في كسب الرزق والحق في التعليم والحق في الحصول على الرعاية الطبية. دلت التجارب السابقة على أن القيود المفروضة على حرية تنقل الفلسطينيين تشكل جزءاً لا يتجزأ من السياسة التي تمارسها إسرائيل في الأراضي المحتلة، علماً بأن هذه القيود لم تكن تفرض لأسباب أمنية فقط، بل استخدمت لتحقيق أهداف محظورة حسب القانون الدولي، وترتكز على إعتبارات عرضية. فعلى سبيل المثال غالباً ما كانت تفرض إسرائيل قيود جماعية على الحركة لمعاقبة سكان منطقة ما، بسبب هجوم على مدنيين أو جنود إسرائيليين إرتكبه أحد أو بعض سكان هذه المنطقة، وقد اعتادت إسرائيل بشكل روتيني تقييد حرية تنقل الفلسطينيين، أولاً لأنها أسهل وارخص وسيلة تلجأ إليها إسرائيل أيام العطل والأعياد والإنتخابات، وعليه فقد أثارت هذه التجربة قلقاً وخوفاً من أن يتم اللجوء إلى إغلاق نقاط التفتيش التي أنشئت على طول الجدار الأمني لفترات طويلة يحظر خلالها تنقل وعبور الفلسطينيين بشكل تام. إن إقامة نقاط التفتيش على طول الجدار الفاصل هو أصلاً أمر يثير المشاكل، لأن اجتياز نقاط التفتيش حالياً يعتمد في المقام الأول على مزاج الجنود الذين يقفون عليها، الذين لا يعملون حسب قواعد واضحة ومعروفة لدى الفلسطينيين، حيث يجبر الفلسطينيين على الإنتظار ساعات طويلة قبل السماح لهم بإجتياز نقطة التفتيش، هذا ما لم تصادر بطاقات هويتهم ومفاتيح سياراتهم، وحتى سياراتهم نفسها و هناك حالات تعرض فيها الفلسطينيون للإهانة والضرب على أيدي الجنود. سيحتاج سكان هذه المناطق من الفلسطينيين لتصاريح خاصة تصدرها لهم السلطات الإسرائيلية، كي يتمكنوا من اجتياز الجدار، ولقد استفادت إسرائيل في الماضي من عملية إصدار التصاريح، حيث كانت تشترط أحياناً منح التصريح بالسفر للخارج أو للدخول إلى إسرائيل التعاون مع جهاز الأمن العام، وكانت إجراءات الحصول على التصريح لا تخلو من التنكيل بالسكان الفلسطينيين الذين يضطرون أحيانا لدفع رشاوى في سبيل الحصول على تصريح، علماً بأنه غالباً ما كان يرفض منح أشخاص تصاريح خاصة دون إبداء الأسباب. بعض الفلسطينيين لم يحصل على تصاريح إلا بعد تدخل منظمات حقوق الإنسان أو جهات أخرى، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الطريقة التعسفية التي ترفض فيها إسرائيل طلبات التصاريح. لذلك يبدو واضحاً أن وعود الدولة بإنشاء نقاط عبور وبوابات زراعية على امتداد الجدار الفاصل غير كاف لمنع إلحاق الأذى بالفلسطينيين. إن حالة الفلسطينيين في الجيوب التي نشأت نتيجة بناء الجدار الفاصل بالضفة الغربية، تشبه إلى حد بعيد حالة سكان منطقة المواصي في قطاع غزة، والتي تعتبر جيباً فلسطينياً يأوي 5 آلاف نسمة، ويقع إلى القرب من مستوطنات غوش قطيف، وقد فرض الجيش الإسرائيلي منذ أندلاع انتفاضة الأقصى قيوداً قاسية على سكان المواصي، الأمر الذي جعل حياتهم جحيم لا يطاق. اغلب الحركة من وإلى المناطق الأخرى بقطاع غزة تتم عبر حاجز التفاح قرب خانيونس، علما بأن الدخول إلى المواصي ممنوع لغير سكانها، ما لم يكن بحوزتهم تصاريح خاصة. تفتح نقطة التفتيش 8 ساعات فقط في اليوم وبواسطة بطاقات ممغنطة، ولا يجوز للذكور تحت سن الأربعين دخول المنطقة، ومن يريد الدخول لا بد أن ينتظر في طابور طويل قبل أن يصل إلى الجنود حيث يخضع للتفتيش الدقيق، وأحياناً تغلق المنطقة لفترات طويلة دون سابق انذار. وفي هذه الحالة لا يتمكن السكان الذين إجتازوها صباحاً من العودة إلى منازلهم ويضطرون للبقاء في خانيونس إلى أن تفتح المنطقة. إنتهاك الحق في العمل ومستوى المعيشة المناسب:جاء في المادة (6) من الميثاق العالمي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ما يلي: "تعترف الدول الأعضاء في الميثاق الحالي بحق العمل الذي يتضمن الحق في كسب الرزق بالعمل الذي يختاره الفرد ويقبله، واتخاذ الخطوات المناسبة لتأمين هذا الحق". وجاء في المادة (11) من الميثاق العالمي للحقوق الثقافية والإجتماعية والإقتصادية، ما يلي: "تعترف الدول الأعضاء في الميثاق الحالي بحق كل إنسان في الحصول على مصدر معيشة مناسب له ولأسرته، بما في ذلك المأكل والملبس والمسكن وفي التحسين المستمر للظروف المعيشية". من المتوقع أن يفصل الجدار المزمع بناؤه عشرات الألوف من الفلسطينيين عن أماكن عملهم. وحتى لو لم يؤد جدار الفصل إلى عزلة تامة، إلا انه سيقلص بشكل واضح قدرة الكثير من السكان على العمل والحصول على مصدر الدخل الكافي لضمان الحد الأدنى من مستوى المعيشة. ستبقى الأراضي الزراعية التابعة لسكان الجيوب غربي الجدار الفاصل في مكانها، ومن غير المتوقع أن يمس الجدار بطرق الدخول إلى هذه الأراضي بيد أن قدرة المزارعين على تسويق منتجاتهم في باقي أنحاء الضفة الغربية ستتأثر بلا شك. ولو افترضنا أن المعابر الزراعية ستكون عملية، فإن عملية العبور نفسها ستزيد من تكلفة المواصلات وتقلص الأرباح. أيضاً الإنتاج الزراعي سيتضرر بسبب عدم الإنتظام في دخول المواد الزراعية كالبذور والأسمدة والمعدات الزراعية وقطع الغيار، لأن الفلسطينيين من سكان المناطق الأخرى بالضفة الغربية محظور عليهم دخول هذه الجيوب. هناك الألوف من الفلسطينيين الذي يعيشون شرقي الجدار، سيفصلون عن أراضيهم الواقعة في الجهة الغربية من الجدار. فعلى سبيل المثال سيفصل سكان قفين التي تقع شمال طولكرم، عن 6 آلاف دونم من الأرض (1500 فدان)، والتي تشكل نحو 60% من أراضيهم الزراعية. في هذه الأرض الآلاف من أشجار الزيتون المثمرة. كما أن سكان الراس وكفر صور جنوب طولكرم سيفصلون عن 75% و50% على التوالي عن أراضيهم المزروعة بالزيتون والمحاصيل الأخرى. تعد الزراعة مصدراً هاماً من مصادر الدخل في التجمعات السكنية التي ستتأثر ببناء الجدار الفاصل، وهي من بين المناطق الأكثر انتاجاً بالضفة الغربية، وبها اجمل موارد المياه العذبة، وذلك فإن أي ضرر يلحق بالقطاع الزراعي في المنطقة سيكون له عواقب وخيمة على السكان المحليين. لم ينشر مكتب الإحصائيات المركزية أي بيانات حول التجمعات السكنية على حدة، لذلك يصعب جداً تقدير مدى أهمية الزراعة في حياة سكان هذه التجمعات السكنية. ومع ذلك، يمكن الحصول على مؤشر هذه الأهمية عن طريق مقارنة البيانات المتعلقة بالثلاث مناطق التي تقع فيها هذه التجمعات السكنية، وهي جنين وطولكرم وقلقيلية بباقي مناطق الضفة الغربية. نسبة الأراضي الزراعية في هذه المناطق هي الأعلى بالضفة الغربية: 59% في طولكم، 50% في جنين و46% في قلقيلية، مقارنة بمتوسط مساحة الأراضي الزراعية بباقي الضفة الغربية، وهو 24.5%،، وتبلغ مساحة الأرض المخصصة للأغراض الزراعية 925 متراً مربعاً للفرد الواحد، مقارنة بـ625 متراً مربعاً للفرد بالضفة الغربية ككل. بالنسبة للإنتاجية يبلغ ناتج الدونم الواحد من الأرض الواقعة في هذه المناطق 442 دولاراً سنوياً، مقارنة بـ350 دولاراً في الضفة الغربية ككل. يعمل نحو 25% من مجمل القوى العاملة في هذه المناطق في قطاع الزراعة، حسب احصائيات العام 2001، مقارنة بـ12% بالضفة الغربية ككل. ومع أن الثلاث مناطق هذه تشكل مجتمعة 25% من مجمل سكان الضفة الغربية، فهي من ناحية أخرى توفر 43% من فرص العمل في القطاع الزراعي، واذا ما ضم قطاع غزة لهذه الحسابات تكون جنين وطولكرم وقلقيلية، ستشكل 15% من سكان الأراضي المحتلة مع أنها وفرت 28% من قيمة الإنتاج الزراعي في الأراضي المحتلة في الفترة الممتدة ما بين 2000-2001. من المتوقع أن تضر القيود المفروضة على حرية التنقل بالناس الذي يعملون في قطاعات أخرى غير الزراعة، والذين تقع أماكن عملهم خارج تجمعاتهم السكنية. سيحول الجدار الفاصل كل من طولكرم وقلقيلية إلى جيوب مسلوخة عن باقي القرى المجاورة التي تعتمد اعتماداً كبيراً على هذه المراكز في الحصول على الخدمات اليومية. سيتأثر السكان الذين يعملون في مؤسسات السلطة الفلسطينية، و الذين يسكنون قرى نائية أو بالعكس يسكنون وسط طولكرم وقلقيلية ويعملون في هذه القرى. حتى لو أخذت السلطة الفلسطينية وضعهم بعين الإعتبار، واستمرت في دفع مرتباتهم كما فعلت في حالات أخرى مشابهة منذ بداية انتفاضة الأقصى، فان حقهم في العمل كجزء من حق الحصول على مستوى المعيشة المناسب سيتضرر جداً. إزدادت حدة المشكلة هذه في القرى الواقعة على غلاف القدس (أن كان بالفعل تم انشاء جدار متواصل)، لأنه وعلى خلاف ما هو جاري في الشمال، لا تعمل أغلبية السكان في الزراعة وتعتمد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر على العمل في شرقي القدس. لا شك أن الضرر الذي قد يلحق بقدرة عشرات الألوف من الفلسطينيين على كسب الرزق سيكون كبيراً على ضوء المصاعب الإقتصادية التي يعاني منها الفلسطينيون منذ بدء انتفاضة الأقصى، وقد وصلت نسبة البطالة الحقيقية (بما في ذلك اولئك الذين تركوا البحث عن عمل) بالضفة الغربية إلى 50% من مجمل القوى العاملة. وفي السنوات الأخيرة كان معدل البطالة في المحافظات الثلاث (جنين، طولكرم، قلقيلية) اعلى من معدله في باقي مناطق الضفة الغربية، حيث وصلت نسبة الناس الذين يعيشون في الفقر (اقل من دولارين لإستهلاك الفرد) إلى 55%، ومن المتوقع أن يؤدي اقامة الجدار الجدار الفاصل إلى انضامام الوف الأسر الفلسطينية إلى قائمة الفقر. عوامل أخرى اثرت على الطروف المعيشية:جاء في المادة (12) من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية مايلي: "تعترف الدول الأطرف في الميثاق الحالي بحق الفرد في التعليم، تعترف بأن التعليم ينبغي أن يوجه نحو التطوير الشامل للشخصية الإنسانية، وللإحساس بالكرامة وتعزز من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. سيمس الجدار الفاصل بالظروف المعيشية لسكان التجمعات السكنية المجاورة بشكل أو بآخر. والسكان النذين قد يتأثرون أكثر من غيرهم، هم اولئك الذين يعيشون في الجيوب الواقعة غربي الجدار. ومع ذلك سيعزل كثير من سكان القرى الواقعة في الجانب الشرقي والذين يعتمدون على الخدمات الموجودة في المناطق الثلاث (طولكرم، قلقيلية، شرقي القدس)، التي ستعزل عن باقي مناطق شرقي القدس سيتأثرون هم أيضاً، هناك على وجه الخصوص شيء مثير للقلق هو الهبوط المتوقع في مستوى توفير الخدمات الصحية، إذ أن تسع من القرى التي ستصبح جيوباً جراء بناء الجدار الفاصل والتي تقع في الجهة الغربية منه، لا يوجد بها عيادات صحية وهي (أم الريحان وخربة عبد الله اليونس، وخربة الشيخ سعد، وخربة ظهر الملح، ونزلة أبو نار، وخربة جبارة، ورأس الطيرة وخربة الضبع وعرب الرماضين الجنوبي)، وهناك تجمعات سكنية توفر الرعاية الطبية الأساسية والوقائية بيد أنها تعتمد على الخدمات الطبية المتوفرة في المستشفيات الموجودة في المدن الثلاث. سيترتب على بناء الجدار الفاصل آثار مصيرية على قطاع التعليم. فكثير من المدرسين الذي يسكنون طولكرم وقلقيلية يدرسون في مدارس في القرى المجاورة، وسيواجهون كثيراً من مشاكل الوصول إلى مدارسهم، وقد عينت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية منذ العام الثاني للإنتفاضة مدرسين حسب مكان سكن كل مدرس، وقد تلجأ الوزارة إلى إتباع نفس الأسلوب عند بناء الجدار. إضافة إلى ذلك فإن القيود المفروضة على الحركة تؤثر سلباً على طلاب الجامعات والكليات في شرقي القدس وقلقيلية وطولكرم، التي تخدم المنطقة بأسرها. وصعوبة التنقل من مكان إلى آخر الناتجة عن بناء الجدار الفاصل ستشوش سير الأمور العائلية والإجتماعية لمئات الألوف من السكان. في محاولة منها لتبرير نشأة الجيوب غربي الجدار، أبلغت الدولة محكمة العدل العليا أنها امتنعت عن شق الطريق الذي يسير على امتداد الخط الأخضر بين نزلة عيسى غربي الضفة الغربية وباقة الغربية التي تقع داخل الخط الأخضر خشية "تمزق النسيج الإجتماعي" بين هذين التجمعين، لكن إعلان الدولة هذا يدل صراحة على أن الجدار سيلحق ضرراً فادحاً بالعلاقات الإجتماعية بين السكان القاطنين على جانبي الجدار. إنتهاك حق الملكية:جاء في المادة (17) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يلي: "لكل فرد الحق في التملك، بمفرده أو بالإشتراك مع غيره". وجاء في المادة (46) في الفقرة (2) من اللوائح الملحقة بميثاق لاهاي الخاص بقوانين وأعراف الحرب على الأراضي لعام 1907 ما يلي: "يحظر مصادرة الملك الخاص". سعت إسرائيل لبسط سيطرتها على مساحات واسعة من الأرض الممتدة على الطريق الذي سيسير بجواره الجدار الفاصل. وبما أن معدل عرض الجدار قد يصل إلى 60 متراً، فقد استولى الجيش الإسرائيلي على 11.400 دونم من الأراض لإنشاء أول 190 كيلومتراً من الجدار علماً بأن اغلب هذه الأراضي تعود لفلسطينيين ومزروعة بالفواكه والحبوب وبها الكثير من البيوت البلاستيكية. اختارت إسرائيل أداة قانونية لوضع اليد على هذه الأراضي، وهي "أوامر الإستملاك لأغراض عسكرية". وهذه الأوامر سارية المفعول حتى العام 2005، وقد تمدد قانونيا لأجل غير مسمى. أما بالنسبة للسكان الذين يدعون ملكية الأراضي المستولى عليها، فبإمكانهم مطالبة الجيش الإسرائيلي بتعويضهم عن استخدام ممتلكاتهم، غير أن اغلب أصحاب الأراضي رفضوا استلام أي تعويض بناءً على توصيات السلطة الفلسطينية، خشية أن يؤدي استلامهم التعويضات إلى إضفاء الشرعية على ما تقوم به إسرائيل. بعد تسلم أمر الإستيلاء على الأرض يلجأ السكان إلى تقديم التماس لمكتب المستشار القانوني ليهودا والسامرة، واذا رفض الإلتماس يتوجه صاحب الأرض إلى محكمة العدل العليا وقد قدم الفلسطينيون لغاية اليوم العشرات من الإلتماسات لمحكمة العدل العليا لكنها رفضت جمعياً. لا يجوز حسب القانون أن تحول أوامر الإستيلاء على الأراضي الملكية إلى إسرائيل، ومع ذلك فإن المدة غير المحددة للإستملاك، والحجم الهائل من الموارد التي تستثمرها إسرائيل في بناء الجدار يؤدي إلى استنتاج واحد، وهو أن هذه الأعمال ما هي إلا عملية مصادرة خفية للأملاك. في الماضي كانت إسرائيل تستغل الإستملاك لأغراض عسكرية، كوسيلة للسيطرة على الأراضي الفلسطينية لبناء المستوطنات عليها، ولم يحدث أن اعيدت هذه الأراضي لأصحابها، ومن الواضح أن إسرائيل لا تنوي الإستيلاء على الأراضي لفترة مؤقتة بل لمصادرتها بشكل دائم. إضافة للإنتهاك التام لحقوق ملكية أصحاب الأراضي التي سيقام على امتدادها الجدار الفاصل ستتضرر أيضاً حقوق أصحاب عشرات الألوف من الدونمات الواقعة غربي الجدار الفاصل إلى حد ما بسبب صرامة القيود المفروضة على تحركهم. وبسبب الصعوبات التي يواجهونا في الوصول إلى أراضيهم سيلجأ كثير من أصحاب الأراضي هذه إلى التوقف أو على الأقل تقليص زراعتها. وفي هذه الحالة سيصبح انتهاك حق الملكية امراً مطلقاً، لسبب وهو أن إسرائيل منذ بداية انتفاضة الثمانينات كانت تعلن عن كثير من الأراضي بالضفة الغربية أراضي دولة، إذا لم تكن مسجلة في سجل الأراضي أو إذا لم تزرع ثلاثة أعوام متتالية، وفي هذه الحالة تستطيع إسرائيل نزع ملكية هذه الأرض من أصحابها. وكون اغلب هذه الأراضي واقعة في الجهة الغربية من الجدار و غير مسجلة فإنها ستزيد بلا شك من حدة القلق حيال إمكانية مصادرة إسرائيل لها مستقبلاً. إن انتهاك إسرائيل لحق الملكية لا يقتصر على حرمان أصحاب الأراضي من ملكية أراضيهم. فبعد الإستيلاء على الأرض يقوم المقاولون بتسوية الأراضي واقتلاع المحاصيل والبيوت البلاستيكية وأشجار الزيتون، وقد ابلغ مكتب المستشار القضائي للحكومة محكمة العدل العليا، انه بالنسبة للأشجار يطلب من المقاول الذي يقوم بتنفيذ أعمال البنية التحتية نقل الأشياء من مكان لآخر إن كانت صالحة (وهذا ما يحدث بالنسبة لأشجار الزيتون)، وهذا يتطلب عمل تمهيدي مثل تقليم الأشجار قبل خلعها ونقلها، ثم تنقل الشجرة إلى مكان متفق عليه مع صاحب الأرض، بيد أن المسألة في حقيقة الأمر تختلف اختلافاً كلياً. لقد حصلت بتسيلم على شهادات من العديد من سكان قريتي قفين وفرعون اللتين تحتوي أراضيهم على أشجار زيتون، اقتلعت من اجل بناء الجدار الفاصل. وحسب هذه الشهادات لم يتصل المقاولون باصحاب الأراضي، كما أن الجنود المكلفين بحراسة مكان العمل منعوا السكان من الوصول لأخذ الأشجار المقطوعة. وفي بعض الحالات يذهب الفلسطينيون إلى أراضيهم بعد انصراف الجنود والعمال ليجدوا أن أشجار الزيتون سرقت، علما بأن صحيفة يديعوت أحرنوت قامت بتوثيق سرقة أشجار الزيتون من قبل المقاولين الذين يقومون بأعمال البنية التحتية، وعند الإطلاع على فحوى المقال المنشور في الجريدة، وجد أن الصحافيين اتصلوا بالمقاولين وقالوا انهم معنيين بشراء الأشجار المقطوعة وقد عرض المدير التنفيذي للشركة على الصحافيين بيع أشجار الزيتون بمبلغ ألف شيكل للشجرة الواحدة. إلتقى الصحافيون بالمشرف على أعمال الإنشاء، واتفقوا على شراء الأشجار. اشار المقال الذي نشرته صحيفة يديعوت احرونوت، إلى أن مسؤولي الجهات المعنية في الإدارة المدنية كانوا على دراية بل حتى تعاونوا في بيع الأشجار. فقد عرض مسؤول الإدارة المدنية على الصحفيين تصريح نقل الأشجار إلى إسرائيل. وفي رده على استفسار بتسيلم حول تصرف وزارة الدفاع حيال مسألة بيع أشجار الزيتون المقطوعة، رد الناطق بلسان الوزارة بتاريخ 2 يناير 2003، بأن الوزارة "هي الآن بصد التحقيق في القضية، بيد أن هذا التحقيق لم يكتمل بعد". عزون العتمة كنموذج:عزون العتمة قرية فلسطينية تقع على بعد 10 كيلومترات جنوب شرق مدينة قلقيلية، ويقطنها نحو 1500 نسمة. تقع مستوطنة "شعار هتكفا" بجوار القرية وهي تمتد على مسافة 2.5 كيلومتر، وتقطع التواصل الإقليمي بين عزون العتمة والقرى المجاورة مثل بيت أمين وسنيريا. وبقرار وضع "شعار هتكفا" غرب الجدار الفاصل تكون عزون العتمة قد طوقت بالجدار الفاصل من كل الجوانب، واصبحت جيبا من الجيوب. فضلا عن ذلك هناك بعض المنازل في القرية والتي تأوي نحو 70 شخصاً، تقع جنوب طريق رقم 505 (طريق عابر إسرائيل القديم). وحيث أن وزارة الدفاع لا تريد تشويش شريان المواصلات الرئيس الذي يستعمله مستوطنو "شعار هتكفا"، فقد تقرر أن يمر الجدار شمال الطريق ليقطع هؤلاء السكان في القرية عن سائر السكان الآخرين. اشتغل كثير من أهالي عزون في إسرائيل، وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى، انصرف الكثير منهم للعمل في مجال الزراعة. ومعروف عن عزون العتمة أنها تعتاش على الزراعة كمصدر رزق أساسي، وتعتبر اكبر منتج للخضراوات في الضفة الغربية، إذ يخرج منها صباح كل يوم إلى السوق 10 شاحنات، واحدة منها إلى إسرائيل والباقي إلى اسواق الضفة الغربية. هناك غرب عزون العتمة 4000 دونم من الأرض يملكها سكان من القرية ومن بيت أمين وسنيريا، وستبقى بضع مئات من هذه الدونمات (جنوب طريق رقم 505) غربي الجدار الفاصل. يملك سكان من قرية عزون العتمة نحو 1000 دونم من الأراضي شرقي القرية، والتي تقع شرق الجدار الفاصل وبها الكثير من البيوت الزجاجية التي تزرع بها الخضراوات مثل الطماطم والملفوف والقنبوطة والباذنجان والفول، وعليه فإن إنشاء جدار الفصل سيمس كثيراً بقدرة سكان هذه القرى الثلاث على فلاحة أراضيهم وتسويق منتجاتهم في الضفة الغربية. أيضاً مدارس القرية ستتضرر جداً نتيجة لبناء الجدار. ففي المدرسة الإبتدائية التي تضم 325 تلميذا هناك 18 مدرساً، إثنان منهم فقط يسكنون عزون، والباقي يسنكون قلقيلية وقرى أخرى مجاورة. أما بالنسبة للمدرسة الأخرى التي تضم المرحلتين الإعدادية والثانوية هناك 250 تلميذا، نصفهم من بيت أمين وعليهم اجتياز الجدار يومياً من اجل الوصول إلى مدارسهم. يعمل في المدرسة 16 مدرساً ثلاثة منهم فقط من سكان القرية، والباقون من قرى أخرى في المنطقة. يوجد في عزون العتمة عيادة صحية تشرف عليها السلطة الفلسطينية وتوفر الرعاية الطبية الأساسية، ويتألف طاقمها الطبي من ممرض يأتي من قلقيلية ثلاث مرات أسبوعيا، طبيب يأتي من حبلة مرة بالأسبوع، كما تخدم العيادة سكان بيت أمين وعزبة سلمان والمداور وعزبة جلود وكلها قرى لا يوجد بها أي عيادات صحية وستبقى في الطرف الآخر من الجدار الفاصل. يعتمد سكان عزون أيضاً عدا عن الخدمات التي تقدمها العيادة على مستشفى قلقيلية، مع أن الدخول إلى قلقيلية ظل طيلة الإنتفاضة صعباً، لذلك يلجأ السكان إلى مستشفيات نابلس. ستصبح قلقيلية بمجرد إقامة الجدار، جيبا من الجيوب، وبذلك سيصعب جدا تنقل المواطنين ما بين عزون العتمة وقلقيلية، حيث سيضطر الفلسطينيون الذين يريدون السفر من عزون العتمة إلى قلقيلية وبالعكس إلى اجتياز الجدار أربع مرات بمعدل مرتين في كل إتجاه. نموذج آخر، كفر عقب:كفر عقب، قرية فلسطينية تقع شمال مطار عطروت أي شمال القدس. تمر الحدود البلدية للقدس التي رسمت بعد ضم أراضي من الضفة الغربية عام 1967، بين منازل القرية، ونتيجة لذلك يقع جزء من قرية كفر عقب ضمن منطقة نفوذ القدس. وحسب ما جاء في كتاب الإحصاء السنوي الخاص بالقدس، فقد بلغ عدد سكان قرية كفر عقب عام 2000 (10.500 نسمة). يتمتع سكان كفر عقب كسائر باقي سكان القدس، بوضع المواطن الدائم في إسرائيل، ويحملون بطاقة هوية إسرائيلية. يدفعون الضرائب المستحقة عليهم لبلدية القدس كضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة والتأمين الصحي، بيد انهم لا يتلقون مقابل ذلك أي خدمات تذكر من السلطات المعنية. لا يوجد بالقرية خدمات اجتماعية ولا عيادة لصندوق المرضى، ولا يوزع البريد على البيوت والشارع الرئيسي فقط هو الذي به إنارة. المنازل غير مربوطة بشبكة المياه التابعة لبلدية القدس بل بشبكة المياه التابعة لبلدية رام الله التي تعجز عن توفير المياه بشكل يومي. صادق مجلس الوزراء في آب/أغسطس من عام 2002، على المرحلة الأولى من الجدار الفاصل والتي تشمل أيضاً القسم الشمالي لغلاف القدس. يمر مسار الجدار جنوب كفر عقب أي على بعد مترات عديدة من منازل القرية، ويمتد من قاعدة عوفر العسكرية غرب القرية إلى نقطة تفتيش قلنديا شرقاً لمسافة 3.8 كيلومتر. وعلى خلاف الجدار الفاصل في القسم الشمالي من الضفة الغربية، سيتراوح عرض الجدار الفاصل في هذه المنقطة من 25 إلى 60 متراً. وحسب بيان مكتب المستشار القضائي للحكومة الذي عرض على محكمة العدل العليا، تخطط إسرائيل لإنشاء جدار عمق بين كفر عقب ورام الله، بيد أن بتسيلم لا تمتلك أي معلومات حول المكان الدقيق للمسار. سيشكل الجدار الرئيس والمسار الذي سيمر بجانبه انتهاكا صارخاً لحقوق الإنسان في القرية. لعل ابرز انتهاك من انتهاكات حقوق الإنسان لهذه القرية، هو الذي سينجم عن التقطيع الذي تخطط له الحكومة هناك، حيث ستبتر كفر عقب عن سائر أجزاء القدس. ولأن سكان كفر عقب يتمتعون بوضع المواطن الدائم في إسرائيل ، فهم لا يخضعون للقيود المفروضة على حرية الحركة التي يعاني منها سكان الأراضي المحتلة، فبإستطاعتهم التنقل داخل إسرائيل واجتياز نقاط التفتيش. وبخصوص هذه المسألة يقول مكتب المستشار القضائي للحكومة، "يجب أن يفهم المرء أن غلاف القدس هو بمثابة جدار أمني، وهو لا يغير من وضع حقوق ومتطلبات الناس حاليا". سيتم إصدار تصاريح خاصة للسكان هناك تتيح لهم التنقل بحرية من وإلى القدس، حسب الترتيبات الأمنية.ومع ذلك فقد علَّمت التجارب السابقة سكان كفر عقب أن وعود الدولة بحرية الحركة ستذهب ادراج الرياح، وتثير عندهم قلقاً كبيراً. يقع حاجز قلنديا جنوب القرية على نحو ثلاث كيلومترات داخل منطقة نفوذ القدس والسكان مضطرون لإجتيازه كل يوم، إذا أرادوا الدخول للمدينة أو العودة اليها. تعمل الأغلبية الساحقة من أهالي كفر عقب في مناطق أخرى بالقدس، وعليهم عبور حاجز قلنديا للوصول إلى أماكن عملهم. يذهب سكان كفر عقب أيضاً إلى القدس لتلقي العلاج وغيره من الخدمات، بيد أن وجود الحاجز يؤخرهم واحياناً يمنعهم من الوصول إلى القدس، أو العودة إلى كفر عقب. عندما يفرض الجيش اغلاقاً محكماً، إما بسبب ورود انذارات بوقوع عمليات أو هجمات ضد إسرائيليين أو بسبب الإنتخابات العامة يغلق الحاجز، و في هذه الحالة يستحيل على سكان كفر عقب الوصول إلى سائر أجزاء القدس. يفتح حاجز قلنديا عادة من الساعة السادسة صباحاً إلى السادسة مساء، غير انه يظل في الوقت الحالي مفتوحاً حتى الساعة التاسعة مساء، وعندما يغلق ينقطع سكان كفر عقب عن القدس، إلا في حالات الطوارئ. قبل وقت قصير من إغلاق أو فتح الحاجز تصطف طوابير من الناس ساعة أو اكثر بانتظار فتح الحاجز، وأصحاب المركبات ينتظرون مدة أطول كون الحاجز يقع على الطريق الرئيس إلى الشمال من رام الله والذي تستخدمه عشرات الشاحنات يومياً. يشتكي سكان كفر عقب أحيانا من المبالغة في التفتيش والتعرض للإهانة على أيدي الجنود. وللوصول إلى اغلب مناطق القدس بعد اجتياز حاجز قلنديا يضطر أهالي كفر عقب إلى عبور حاجز الرام الذي يقع على الطريق الرئيس المؤدي إلى بيت حنينا، لأن هذا الحاجز يظل مفتوحاً حتى عندما يكون هناك إغلاق تام على الأراضي المحتلة، لكن يضطر السكان للانتظار في طوابير طويلة قبل أن يتمكنوا من عبوره. بعد إنشاء طريق رقم 45 مؤخراً، أصبح للسكان بديلا عن عبور حاجز الرام مع أن هناك نقطة تفتيش على هذا الطريق تعرقل وتؤخر دخول الناس للقدس. وبسبب الصعوبات التي يواجهها السكان عند عبور الحاجز طرد الكثير من العمال الذي يعملون في القدس من أماكن عملهم، بسبب التأخير عن مواعيد العمل، أو بسبب الغياب المتكرر. أما بالنسبة للعدد القليل جدا من تجار القرية فهم لم يعانوا من تدني الطلب على سلعهم نظراً لتردي الأوضاع الإقتصادية فحسب، بل أيضاً بسبب عدم انتظام المواعيد في تسلم البضاعة. الواقع هو أن إنشاء الجدار الفاصل جنوب القرية سيضفي على الوضع الراهن شكل الديمومة بل حتى سيزيد الأمور سوءاً. يضطر السكان الذين يصلون الحاجز إلى ابراز بطاقات هوياتهم، أما عندما ينتهي العمل فيه فيمنعون من عبوره بإتجاه القدس إلا "بتصاريح خاصة"، فضلا عن أن سكان القرية الذين قرروا الإنتقال للسكن في مكان آخر بالأراضي المحتلة، بسبب العقبات التي ستنجم عن إنشاء الجدار سيخاطرون بفقدان وضع المواطن الدائم، بما في ذلك حق العيش في القرية بسبب السياسة التي تطبقها إسرائيل خصوصاً في الفترة من عام 1996-1999، بسحب حق المواطنة الدائمة من السكان الذين ينتقلون للعيش خارج المدينة. هناك خرق آخر لحقوق الإنسان في كفر عقب وهو استيلاء إسرائيل على مساحات شاسعة من الأراضي لبناء الجدار، وفصل السكان عن أراضيهم، وبذلك يتشابه وضع سكان كفر عقب بوضع سكان القرى الواقعة شمال الضفة الغربية. وبما أن متوسط عرض الجدار في منطقة كفر عقب يصل إلى 40 متراً، فقد استولت وزارة الدفاع على 150 دونم من الأرض لتلبية هذا الغرض، علما بأن ملكية هذه الأرض هي ملكية خاصة تعود لـ46 عائلة في القرية وجزء منها لأناس في قرية رفات المجاورة. هذا الجدار سيفصل سكان في القرية عن نحو 105 قطعة ارض تقع جنوب غرب الجدار وتملكها 85 عائلة، نصف هذه الأراضي مزروعة وتستغل لزراعة الخضراوات، حيث يعتبر تسويق هذه المنتجات في القرية الدخل الرئيسي والوحيد لأسرها. تقول منظمة "بمكوم" وهي منظمة غير حكومية، أن الطريق المنوي شقه سيشوه التطور الحضري للقرى، كما استدل من الخطتين الهيكليتين اللتين وضعتهما بلدية القدس للقرية، إذ أن احتياطي الأراضي المخصصة لكفر عقب للبناء تقع جنوب غرب القرية، أي أنها ستظل على الطرف الآخر من الجدار. ونتيجة لذلك سيتلاشى كل احتمال لتطوير كفر عقب وسيستحيل تلبية حاجات السكان للبناء في المستقبل. سيعرض هذا الطريق أيضاً حياة كثير من السكان الذين يقطنون بالقرب من الجدار الفاصل للخطر، لأن الدوريات العسكرية التي تسير عليه قد تكون عرضة لهجمات من قبل مسلحين فلسطينيين، الذين قد يستخدمون منازل المواطنين بإرادتهم أو رغماً عنهم لإطلاق النار على دوريات الجيش العاملة على الطريق. ومن هنا سيضطر أصحاب المنازل إلى دفع الثمن إذا رد الجيش بإطلاق النار، هذا إن لم تتعرض منازلهم للهدم. وفي أحد الجلسات التي عقدت للرد على التماس قدمه سكان في كفر عقب ضد قرار الإستيلاء على أراضيهم، سئل الكولونيل داني تيرزخ المسؤول عن تخطيط مسار الجدار، عما إن كان المسار المحاذي لمنازل المواطنين سيعرض حياتهم هناك للخطر، وعما إذا كان الجيش قد درس هذا الموضوع بجدية، رد الكولونيل تيرزخ بالقول، "الوضع أشبه بكثير بالوضع الذي ساد في كيبوتس متسر. الإرهاب يضرب في كل مكان بغض النظر عما هو موجود. فلو أطلق مخرب النار من مكتبك ألا تتوقع أن لا يرد عليه، لقد درست اعتبارات تعرض حياة الإنسان للخطر في سياق المداولات والمناقشات الجارية الآن بخصوص الدوريات التي تسير على امتداد الجدار، ستتم مراعاة هذه الإعتبارات لا إعتبارات المسار نفسه". هناك خطر آخر يتهدد أرواح الفلسطينيين الذين يسكنون قرب طريق الجدار الفاصل والذي نشأ عن قرب تواجد الدوريات الإسرائيلية العاملة على الطريق من منازل المواطنين هناك، إذ أن أوامر إطلاق النار تتيح استخدام الذخيرة الحية حتى في حالات لا تتعرض فيها حياة الجنود للخطر، فقد قتل مئات الأبرياء من الفلسطينيين منذ بداية الإنتفاضة، وجرح الكثير في حوادث من هذا القبيل وتنقل المواطنون قرب طرق سير الدوريات العاملة على الطريق، خاصة في الليل يعرض المدنيين الأبرياء للإصابة أو القتل، لذلك فإن درجة الخطر تتوقف على تعليمات إطلاق النار الموجهة للجنود. هدم البيوت الواقعة في الجيوب:مع انطلاقة بناء الجدار، بدأت الإدارة المدنية بإصدار أوامر هدم بيوت في التجمعات السكنية الفلسطينية المحاذية لمسار الجدار الفاصل، والحجة الرسمية التي قامت عليها هذه السياسة هي عدم وجود تراخيص بناء. لقد أصدرت الإدارة المدنية 280 قرار هدم في هذه التجمعات اغلبيتها لمباني في الجيوب الواقعة غربي مسار الجدار الفاصل. ففي قرية نزلة عيسى التي يقطنها نحو 2300 مواطن، أصدرت الإدارة المدنية 170 أمر هدم، 11 منها لمنازل سكنية والباقي لمباني تجارية. وفي 21 يناير/ كانون ثاني، هدمت الإدارة المدنية 60 كشك في سوق بالقرب من قرية باقة الغربية داخل الخط الأخضر. أما في قرية برطعة الشرقية التي يقطنها 3200 نسمة، فقد أصدرت الإدارة المدنية 72 قرار هدم خلال الشهور الأخيرة (12 مبنى سكني، 56 حانوت، 3 مشاغل خياطة، ومحددة واحدة). وفي ديسمبر/ كانون أول من عام 2002، تلقت 20 أسرة من قرية عزون العتمة التي يقطنها 1500 نسمة قرارات هدم، 18 منها لمنازل سكنية، وباركسين يستعملان كمنافع للمدرسة الثانوية في القرية. كما أصدرت الإدارة المدنية أيضاً تسع أوامر هدم لمنازل سكنية ومدرسة في قريتي أم الريحان وظهر الملح في محافظة جنين. وفي عزبة جلود التابعة لمحافظة قلقيلية والتي يقطنها 100 نسمة، صدرت أوامر هدم لثلاثة منازل سكنية ومسجد. وفي الطيبة (2.100 نسمة)، تقرر هدم ثلاثة منازل سكنية. يذكر أن ظاهرة البناء غير المرخص في الضفة الغربية، نجمت عن سياسة إسرائيلية قديمة برفض منح تراخيص بناء خارج المناطق المبنية في القرى والمدن، علماً بأن هذا الرفض ظل قائماً منذ البداية على خطط هيكلية قديمة تعود لأيام الإنتداب البريطاني الذي صنف اغلب أراضي الضفة الغربية كأراضي زراعية، وقد ظلت هذه السياسة سارية المفعول خصوصاً في المنطقة (ج)، التي تشكل نحو 60%، من مساحة الضفة الغربية حتى بعد اتفاقيات أوسلو. ولتلبية الحاجة للتوسع السكاني، وكسب الرزق وجد السكان انه لا مناص أمامهم سوى البناء بدون ترخيص. تشكل موجة أوامر الهدم الأخيرة شكلا آخراً من أشكال الضغط والمعاناة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على السكان القاطنين بجوار مسار الجدار الفاصل. إنتهاكات حقوق الإنسان-إنتهاك القانون الدولي:طالما دأبت إسرائيل منذ بداية الإنتفاضة على القول بأن الوضع السائد في الأراضي المحتلة هو. "صراع مسلح اقل من حرب "واصرت على أن أحكام القانون الدولي ذات الصلة بهذا الموضوع هي أحكام خاصة بحالة الحرب"، وقد أيدت محكمة العدل العليا مؤخراً هذا الموقف. من هذا المنطلق استخدمت إسرائيل ذلك لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطينية التي نجمت عن بناء الجدار، بيد أن كثيراً من المنظمات الدولية ورجال القانون في إسرائيل والخارج بما في ذلك بتسيلم لا تقبل بهذا التصنيف الإسرائيلي للوضع السائد. حتى بعد أن سلمت السيطرة على أجزاء من الضفة الغربية وغزة للسلطة الفلسطينية، تظل إسرائيل القوة المحتلة لهذه المناطق، فضلا عن أن الأعمال القتالية التي تجري الآن في الأراضي المحتلة لا تبرر أبداً هذا التعريف الجامح للاحداث على أنها حرب ولا تتيح لإسرائيل بأي شكل من الأشكال تجاهل واجباتها كدولة محتلة. المطلوب من إسرائيل حسب هذه الواجبات حماية السكان المدنيين وضمان سلامتهم ورفاهيتهم. ترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، المسؤولة عن تنفيذ مواثيق جنيف، انه "حتى في الوضع الراهن تظل إسرائيل القوة المحتلة في الأراضي المحتلة"، لذلك يتعين عليها التقيد بأحكام ميثاق جنيف الرابع وغيره من القواعد المتعلقة بالإحتلال". إن تنفيذ قوانين الإحتلال لا يلغي أبداً قانون حقوق الإنسان الدولي الذي يبقى ملزماً لإسرائيل وأفعالها في الأراضي المحتلة، مع أن هناك حالات لا يجوز فيها الإنتقاص من بعض حقوق الإنسان، إما لأن الوضع السائد معرف على انه "صراع مسلح أقل من حرب"، وإما انه احتلال. وعلى أية حال لا يجوز انتهاك حقوق الإنسان إلا عندما يتم تحديد ظروف معينة وفق القانون الدولي. وحتى لو تم قبول تعريف إسرائيل للأوضاع السائدة في الأراضي المحتلة، فلا يحق لها أن تفعل ما يحلو لها دون وازع، كما أن الدول مطالبة في وقت الحرب رغم شراسة وضراوة الحرب، أن تتقيد بالقوانين الدولية، وقد رفض رجال القضاء والمحاكم الإدعاء القائل، بأن الحاجات العسكرية هي فوق كل اعتبار زمن الحرب. يجب تنفيذ جميع الإجراءات والأعمال بناء على القانون. والأطراف المشاركة في الصراعات المسلحة ليست حرة في اختيار طريقة ووسيلة الحرب التي تخطر على بالها. واجب فحص البدائل:لا يمكن بأي شكل من الأشكال، تبرير انتهاكات حقوق الإنسان أن كان هناك مجال عمل متاح لتحقيق نفس الهدف دون حدوث مثل هذه الإنتهاكات، وهذا المبدأ متجسد أصلا في القانون الدولي، المتعلق بالحرب والإحتلال وقوانين حقوق الإنسان الدولية، وفي قرارات محكمة العدل العليا الإسرائيلية. لقد ردت الحكومة في إحدى المداولات المتعلقة بإقامة الجدار الفاصل بالقول، "إن هذا الإجراء إتخذ لعدم وجود خيار آخر وبعد أن باتت جميع الخطوات الأخرى الهادفة لكبح جماح موجة الإرهاب بالفشل"، مع أن الحكومة لم توضح في سياق ردها أو في بياناتها لمحكمة العدل العليا، طبيعة "الخطوات الأخرى"، وأسباب فشلها. أجرى مراقب الدولة تحقيقاً أشار فيه إلى أن هناك على الأقل خيارين، بديلين مناسبين عن الجدار الفاصل، غير أن الدولة لم تدرس فعالية هذين الخيارين رغم انه قد لا ينجم عنهما انتهاكات لحقوق الإنسان الفلسطيني بالقدر الذي قد ينجم عن بناء الجدار الفاصل. فعالية نقاط التفتيش على الخط الأخضر:يرتكز قرار بناء جدار فاصل بين إسرائيل والضفة الغربية، على فرضية أن منفذي الهجمات ضد إسرائيل يتسللون من مناطق مفتوحة تقع في المسافة الفاصلة بين نقاط التفتيش، وليس عبر نقاط التفتيش نفسها التي يخضع فيها الناس للفحص عند الدخول إلى إسرائيل. وبناء على تقرير مراقب الدولة الخاص بمنطقة التماس الذي نشر في يوليو/تموز من عام 2002، فقد ثبتت عدم صحة هذه الفرضية. هناك 32 نقطة تفتيش منتشرة على امتداد الخط الأخضر، يمكن الدخول عبرها إلى إسرائيل. يتولى الجيش الإسرائيلي الإشراف على 30 نقطة من هذه النقاط، بينما تتولى الشرطة الإشراف على نقطتين فقط. وفيما يتعلق بالهجمات التي شنت في إسرائيل منذ بداية الإنتفاضة الحالية، وجد مراقب الدولة عند الإطلاع على "وثائق الجيش الإسرائيلي، أن أُغلق، عبر المخربون الإنتحاريون والسيارات المفخخة خط التماس من نقاط التفتيش"، حيث لم يخضعوا إلا لتفتيش سطحي عابر ورتيني" وأشار تقرير مراقب الدولة أيضاً، إلى أن هناك عيوب ملحوظة في نقاط التفتيش، واظهر أن هذه النقاط لا تتمتع بوجود قيادة محددة أو ملف مهام في مقرات الألوية التي تتولى مهمة تصنيف واجبات ومهام نقاط التفتيش وتنسيق إجراءات العمل وان نقاط التفتيش لا تمتلك المعدات والأجهزة الملائمة، أو البنية التحتية اللازمة لفحص المركبات فحصاً امنياً، وكذلك فحص الأفراد والبضائع. وخلص تقرير مراقب الدولة إلى أن "نقاط التفتيش القائمة على خط التماس ليست منظمة على نحو يؤهلها لفحص المركبات والحمولات والأشخاص، وبالتالي هناك حاجة ماسة لتحسين مستوى التفتيش عن طريق تعيين كوادر دائمة مدربة، وذات خبرة في إستعمال الوسائل التكنولوجية والعمل أيضاً على مأسسة نقاط العبور". نشرت نتائج تقرير مراقب الدولة في يوليو/ تموز عام 2002، بينما خرج قرار الحكومة ببناء الجدار الفاصل إلى حيز التنفيذ قبل شهر من ذلك، ولم يطرأ أي تغيير على هذا القرار منذ نشر نتائج تقرير مراقب الدولة، وتبين انه لم يجر أي تغيرات ملحوظة لمعالجة حتى بعض المشاكل التي تطرق اليها مراقب الدولة، بل على العكس فضلت الدولة إتباع نهجاً اكثر تطرفاً سبب الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان. وبعزمها اختيار سبيل بناء الجدار الفاصل تكون إسرائيل قد انتهكت واجبها القانوني في تنفيذ وسائل بديلة قبل تبني وسائل تؤدي إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. أضف إلى ذلك أن بناء الجدار الفاصل سيزيد من عدد نقاط التفتيش بين إسرائيل والضفة الغربية. وحسب وثيقة رفعت من قبل مكتب المستشار القضائي للحكومة لمحكمة العدل العليا، سيتم إقامة خمس نقاط تفتيش و 26 بوابة زراعية على امتداد جدار المرحلة الأولى وحدها. إذا لم تسع الدولة إلى تحسين مستوى فاعلية نقاط التفتيش، فحينئذ سينشأ وضع متناقض يزيد فيه الجدار من خطر الهجمات ضد اسرائيل، واذا عالجت وزارة الدفاع العيوب الحاصلة على نقاط التفتيش كجزء من مشروع إنشاء الجدار عن طريق إضافة آليات فحص معقدة وكوادر مهرة مدربة، فعندئذ يمكن تطبيق هذه التحسينات فوراً بصرف النظر عن مشروع الجدار. وعلى هذا الأساس فإن عدم الترابط بين المشكلة والحلول المقترحة هو الذي يؤكد أن هناك أهدافاً سياسية من وراء تصريح رئيس الوزراء ارئيل شارون، بأن فكرة بناء الجدار تحظى بدعم شعبي. حماية منطقة التماس:فحص مراقب الدولة أيضاً وضع انتشار الجيش الإسرائيلي على امتداد الخط الأخضر، بهدف الحيلولة دون دخول فلسطينيين عبر المناطق المفتوحة إلى اسرائيل بطريقة غير مشروعة، بناء على قرار الحكومة المتخذ في يوليو/تموز من عام 2001. يعتبر تغير طريقة الإنتشار كإجراء تحسينات على عيوب عمل نقاط التفتيش بديلا، يقلص إلى حد معين حدة انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن بناء الجدار الفاصل. فحسب تقرير مراقب الدولة، لجأ الجيش الإسرائيلي إلى صياغة "مفهوم جديد" للعمل في الأراضي المحتلة صادق عليه رئيس هيئة الأركان في يناير/كانون ثاني 2002، ويقضي بتقديم موعد إجراء عملية انتشار خاصة، وحل "قوة المهام" التي شكلت في يوليو/ تموز 2001 لتنسيق أنشطة الجيش الإسرائيلي في منطقة التماس. أما بالنسبة للمسؤولية عن حراسة منطقة التماس، فقد تم تقاسمها بين قادة الألوية في كل مقطع، علما بأن الجهود الرئيسية والوسائل التي تضمنها النمط الجديد، وجهت نحو مأرب آخر وتمثل في التالي: أدى مفهوم العمل الجديد للجيش الإسرائيلي في يهودا والسامرة إلى تحول عمل اغلب القوات العاملة في منطقة التماس من المسؤولية عن هذه المنطقة إلى مهمة حراسة الطرق التي تسير عليها وسائط النقل الإسرائيلية، والى الاستمرار في النشاطات الأمنية قرب التجمعات السكنية الإسرائيلية في يهودا والسامرة، وإلى إحباط الأنشطة الإرهابية المعادية داخل يهودا والسامرة، وبخاصة في المدن الفلسطينية. لم تتركز عمليات الجيش الإسرائيلي على منع تنقل السيارات والأفراد من يهودا والسامرة إلى إسرائيل في مناطق غير تلك التي توجد بها نقاط العبور. وقد إنعكس هذا الإتجاه من خلال الأوامر الموجه إلى القوات العاملة في منقطة التماس، ومن خلال التوجيهات العملياتية التي يصدرها قادة الألوية العاملة في المنطقة. لقد كشفت وثائق الجيش الإسرائيلي على أن الأولوية تتركز على الأعمال القتالية في عمق الأراضي الفلسطينية وليس في منطقة التماس…. أثر تطبيق مفهوم العمل الجديد للجيش الإسرائيلي في منطقة التماس بشكل مباشر أو غير مباشر، على تنفيذ خطة منطقة التماس ومن بين ذلك التقليص الملاحظ في الأنشطة الخاصة بمنع الفلسطينيين من التسلل من يهودا والسامرة إلى إسرائيل وتقليص تواجد الجيش الإسرائيلي في مناطق غير مأهولة على امتداد منطقة التماس وتدني مستوى التنسيق والتعاون بين قوات الجيش والشرطة. لم يحدث أن نصبت نقاط مراقبة جديدة لتغطية مساحات كبيرة في منطقة التماس بعد أو أثناء إجراء هذا التدقيق، علماً بأن الجيش الإسرائيلي يفتقر إلى وسائل التكنولوجيا اللازمة لتحديد وكشف المتسللين، كما أن دوريات الجيش في منطقة التماس لا تصل إلى النقاط المستهدفة خلال مدة قصيرة والإتصالات بين الجيش والشرطة، محدودة أيضاً، الأمر الذي يمنع من استخدام القوات على النحو المطلوب. تشير هذه المعطيات إلى أن هناك وسائل كثيرة إن استخدمت بشكل مشترك، ستوفر رداً ملائماً وحلاً لمشكلة تسلل الفلسطينيين إلى إسرائيل عبر المناطق المفتوحة، وهذه الوسائل تتمثل في تواجد ملحوظ لقوات الأمن ودوريات ونقاط مراقبة وتنسيق وثيق بين الجيش والشرطة. ومع ذلك لم يقرر الجيش فحص هذه الخيارات في ظل السياسة الجديدة التي ينتهجها، والتي تولي الأولوية لحماية منطقة التماس، بل أن الجيش راح يفضل استثمار جهود أخرى مثل، مهاجمة المشتبه بهم بتنفيذ عمليات إرهابية ضد إسرائيل ومهاجمة البنية التحتية للسلطة الفلسطينية وحماية المستوطنين. لقد أدت السياسة الإسرائيلية الجديدة إلى تقلص عدد الجنود الذين يتولون حراسة منطقة التماس، ولكن ليس معنى هذا أن إسرائيل تتحرر من مسؤولية تنفيذ خيارات اخرى، تؤدي إلى تقليص مستوى انتهاكات حقوق الإنسان إلى ابعد حد. واذا كان منع دخول الفلسطينيين إلى إسرائيل أمر ملح كما تدعي الدولة ذلك، فإن الإلحاح لابد أن ينعكس في توظيف موارد أخرى، وإذا لم تول وزارة الدفاع هذه المهمة الأولوية الكبرى، فعندئذ لا تستطيع الدولة تبرير انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة المتمثلة في منع الفلسطينيين من دخول إسرائيل. الإعتبارات الشرعية تخالف الإعتبارات العرضية:حتى ولو قبلنا بإصرار إسرائيل على أن جدار الفصل هو الوسيلة الأمثل لمنع الفلسطينيين من دخول إسرائيل، بهدف شن هجمات هناك فسيبقى من واجب إسرائيل أن تخطط مسار الجدار، بحيث لا يمس بحقوق الإنسان قدر الإمكان. لكن عند دراسة الإعتبارات التي يأخذها صناع السياسة الإسرائيلية بحساباتهم عند تحديد مسار المرحلة الأولى من الجدار، يتبين أن هناك أسباباً أخرى لا تمت بصلة لحقوق الإنسان هي التي اعتمدت في نهاية المطاف كأساس لتقرير مسار الجدار. جميع التصريحات والبيانات العامة حول الأسباب التي دعت إلى تحديد مسار الجدار، هي أسباب واهية غير كافية، ومن هنا لا بد أن تقدم إسرائيل تبريرات مفصلة لإنتهاكات حقوق الإنسان في كل مقطع من مقاطع الجدار. أوضحت الحكومة في سياق ردها على محكمة العدل العليا، أن الإعتبارات العملياتية كانت الأساس في اختيار مسار الجدار، وهذه الإعتبارات تشمل ثلاث مبادئ رئيسية، وهي: 1- الطبوغرافية: فحسب ادعاء إسرائيل، ارتكز اختيار المسار الطبوغرافي للجدار على دواعي أمنية. لابد أن يمر الجدار قدر الإمكان بمناطق تحيط بأراضٍ يمكن السيطرة عليها كي يتسنى عدم المس بالقوات العاملة على امتداد مسار الجدار، وتمكين القوات أيضاً من تشغيل نقاط المراقبة المشرفة على جانبي الجدار. 2- المنطقة الأمنية: الخشية من أن لا يستطيع الجدار، منع عمليات التسلل وان لا تتمكن قوات الأمن من الوصول في الوقت المناسب لإحباط تسلل مهاجمين محتملين. المنطقة الأمنية الجغرافية ضرورية جدا لإفساح المجال أمام الجيش لمطاردة الإرهابيين داخل يهودا والسامرة قبل تمكنهم من العبور إلى إسرائيل والإختفاء بين السكان. 3- ضم اكبر عدد ممكن من المستوطنات الواقعة غربي الجدار: الخشية من أن يؤدي إنشاء هذا الجدار إلى تسهيل الهجمات على التجمعات السكنية، لذلك تقرر أن يمر الجدار شرقي هذه المستوطنات لتوفير اكبر قدر من الحماية لها وللطرق المؤدية إليها. يبدو وللوهلة الأولى أن هذين المبدئين شرعيين ولكن لا تملك بتسليم الأدوات اللازمة لتحديد الدرجة التي عملا فيها هذين المبدئين على تقرير مسار الجدار. واضح أن ضم المستوطنات الواقعة غربي الجدار لا يشكل حاجة أمنية ماسة تبرر هذه الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وهذا الإعتبار وغيره من الإعتبارات الأخرى غير الشرعية أدت إلى اختيار مسار جدار انتهك بشكل خطير حقوق الإنسان دون الإعتماد على مبررات ترتكز على دواعي أمنية، وهذا مخالف للقانون الدولي. سرمدية المستوطنات:تعتبر المستوطنات التي أنشأتها إسرائيل في الأراضي المحتلة غير شرعية في نظر القانون الدولي، لان ميثاق جنيف الرابع يحظر على الدولة المحتلة نقل سكان من اراضيها إلى الأراضي المحتلة، فضلا عن أن لوائح لاهاي تحظر أيضاً إجراء تغيرات دائمة في الأراضي المحتلة. وبالتالي فإن انتهاك هذه المحظورات يؤدي إلى زيادة انتهاكات حقوق الإنسان الخاصة بسكان الأراضي المحتلة من اجل حماية المستوطنين ضد هجمات الفلسطينيين. ولان وجود المستوطنات يشكل إنتهاكاً للقانون الدولي، فعلى إسرائيل أن تفككها فوراً. الواضح هو أن إعادة المستوطنين إلى مناطق داخل اسرائيل سيوفر لهم حماية اكثر من تلك التي ستوفر لهم في حالة ضمهم إلى غربي الجدار، فضلا عن أن هذا الحل سيمنع أيضاً حدوث انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان الفلسطيني. حتى ولم تفكك إسرائيل المستوطنات يظل الإدعاء القائل بأن الخيار الأمثل للدفاع عن المستوطنات هو ضمها إلى غربي الجدار إدعاء باطل لا أساس له. ستبقى اغلب المستوطنات شرقي الجدار ومن اجل حمايتها، قررت وزارة الدفاع إنشاء نظام حماية يشمل سياجاً إليكترونياً يحذر من التسلل، وكذلك غرفة مركزية للتحكم والسيطرة، إنشاء مناطق أمنية خاصة محيطة بالمستوطنات لتوفير اكبر قدر من الحماية لها. وبموجب الخطة الراهنة يمكن اتخاذ هذه الإجراءات في المستوطنات الواقعة غربي الجدار، وان مثل هذه الخطوة ستوفر حلاً معقولاً للتهديد الأمني الذي تواجهه وتقلص بشكل ملحوظ من انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني التي قد تنجم في حالة إنشاء الجدار الفاصل داخل الضفة الغربية. وهكذا فإن وجود هذين الخيارين اللذين أقرت إسرائيل تجاهلهما أثارا المخاوف من أن السبب الحقيقي وراء قرار مجلس الوزراء حيال مسار الجدار، لم يكن الهدف منه توفير اكبر قدر من الحماية للمستوطنين، بل خلق حقائق على الأرض تساعد على تثبيت وجود المستوطنات وتسهيل ضمها مستقبلاً إلى إسرائيل. الإعتبارات السياسية-الحزبية:قوبلت فكرة إنشاء جدار على امتداد كل منطقة التماس بمعارضة حقيقية، خصوصا من ساسة الجناح اليميني، ومن زعماء المستوطنين وحجتهم في ذلك، أن مثل هذا الجدار قد يصبح مستقبلاً بمثابة حدود سياسية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية، التي قد يتم إنشائها. إضافة إلى ذلك، يدعي البعض منهم أن إقامة جدار بمثل هذا الحجم على مسار يتجه مع الخط الأخضر ستكون انجازاً للفلسطينيين واعترافاً بأن الخط الأخضر يشكل نقطة بداية لمفاوضات حول الحدود بين إسرائيل والضفة الغربية. يقول إسرائيل هاريل وهو كاتب عمود في صحيفة هآرتس ورئيس مجلس التجمعات السكنية اليهودية في يهودا والسامرة سابقاً: "بعد شهرين من استعادة الجيش لجزء لا بأس به من قدرة الردع، أثناء حملة السور الواقي، منحت حكومة شارون عرفات نصراً إستراتيجياً. وبعد 35 عاماً بالضبط التي مضت على حرب الأيام الستة، وبعد عامين من حرب ضروس وبلا هوادة على الإرهاب، تقرر حكومة إسرائيل أنها لن ترضخ لضغط شعبي ولضغط مسؤولين سابقين وحاليين في وزارة الدفاع وتقيم خط أمني فاصل يتطابق مع خطوط وقف إطلاق النار لعام 1949ً. وردا على هذه الإعتراضات والإنتقادات أوضح وزراء الحكومة وعلى رأسهم وزير الدفاع، أن الجدار المنوي إنشاؤه هو لأغراض أمنية بحتة ولا يشكل بأي شكل من الأشكال حدوداً سياسية. أحد الوسائل التي تستخدمها الحكومة في الإيحاء لخصوم المشروع من أن المسار ليس حداً سياسياً تتمثل في تحديد المسار، بحيث لا يتجه مع الخط الأخضر. فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة هآرتس مقالاً ذكرت فيه، أن وزير الدفاع السابق بنيامين بن إليعازر، اوعز إلى إدارة منطقة التماس بأن يتم إنشاء الجدار الفاصل حسب مسار لا ينظر إليه على انه حدود سياسية. وقد أوضحت وزيرة التعليم ليمور ليفنات خلال إحدى جلسات مجلس الوزراء "أن أحد المبادئ التي ينبغي أن توجه إنشاء الجدار، هي أن يعتبر سياجاً أمنياً وليس حدا سياسياً". وفي وثيقة قدمها وزير الداخلية إيلي يشاي لرئيس الوزراء، اقترح يشاي أن لا "يتطابق مسار الجدار مع الخط الأخضر، وان يبعد عنه اكبر مسافة ممكنة، بحيث تكون هناك منطقة أمنية وليس سياجاً سياسياً فاصلاً". وبهذا تكون هذه التصريحات والبيانات، قد عززت من القلق من أن قرار تحديد مكان الجدار لم يتخذ بناءً على اعتبارات أمنية عسكرية محضة فقط، بل أيضاً تشوبه الإعتبارات السياسية. في بعض المناطق لن يكون الجدار الذي يسير بمحاذاة الخط الأخضر داخل الأراضي الإسرائيلية ذو جدوى أمنية بالدرجة التي سيكون عليها، فيما لو سار على امتداد المسار المختار، علماً بأن مثل هذا المسار رفض بسبب الثمن السياسي الباهظ الذي تضمنه. مستوى حياة السكان الإسرائيليين:لقد حول مسار جدار المرحلة الأولى الذي صودق عليه من قبل مجلس الوزراء، في آب/أغسطس 2002 قلقيلية، وحبلة وراس عطية إلى جيوب، وقد اختير مسار الجدار، بحيث تكون ألفيه منشيه إلى الغرب منه. وعلى ذلك يظل طريق رقم 55 الذي يربط إسرائيل بالفيه منشيه شرقي الجدار. ولضمان وجود مدخل لسكان المستوطنة إلى اسرائيل، قررت وزارة الدفاع شق طريق جديد يربط ألفيه منشيه بإسرائيل، على أن يمر هذا الطريق ببلدة متان داخل إسرائيل. بيد أن سكان متان، البالغ عددهم 2500 نسمة عارضوا بشدة شق مثل هذا الطريق قائلين، أنه سيمس بشكل خطير بمستوى حياتهم. وحجتهم في ذلك، أن الطريق الجديد سيسبب ازدحاما في حركة السير وسط المدنية، ويضر كثيراً ببعض المناطق الخضراء. أضف إلى ذلك أن ممثلي المدينة يدعون أن الطريق الجديد سيساعد على ربط حبلة الأمر الذي يشكل تهديداً أمنياً حسب ما يقولونه للتجمعات السكنية اليهودية المجاورة. ومن اجل أحداث تغيير على المسار المزمع، شكل سكان المستوطنة فريقاً لخوض الصراع يكلف بتنظيم المظاهرات وتنظيم جولات في المنطقة لكبار ضباط الجيش والمسؤولين السياسيين، وقد نجح هذا الضغط وغيرت السلطات المسار، وهكذا سيظل طريق رقم 50 يخدم كشريان مرور لألفيه منشيه، والمستوطنات المجاورة (كارني شمرون، معاليه شمرون، وعمانوئيل)، ونتيجة لهذا التغيير ستصبح كل من حبلة وراس عطية البالغ تعداد سكانهما 6,700 نسمة جيبين معزولين عن قلقيلية التي يتلقى فيها سكان هاتين القريتين معظم خدماتهم. تبعد حبلة مائتي متر فقط عن قلقيلية، وبعد استكمال بناء الجدار سيكون سكان القرية مجبرين على السفر 20 كم للوصول إلى قلقيلية، هذا على افتراض السماح لهم بالسفر على الطريق. عند تقرير ماهية الخطوات التي تتخذ في الأراضي المحتلة فلا يجوز في نظر القانون الدولي أن تؤخذ اعتبارات مستوى حياة المواطنين الإسرائيليين في الأراضي المحتلة بعين الإعتبار، ولا يمكن أن تبرر انتهاكات حقوق الإنسان لآلاف الفلسطينيين هناك. حماية الآثار:اعترف مسؤولو الدولة أن الرغبة في حماية الآثار التي تحت الأرض، أخذت بعين الإعتبار عند تحديد مسار الجدار، على سبيل المثال: -أدلى الكولونيل داني تيرزخ مسؤول منطقة التماس، بشهادة أمام المحكمة، قال فيها، أن هناك عوامل عديدة تتطلب إجراء تغييرات على المكان الدقيق لمسار الجدار، ومن بينها العوامل المتعلقة بالآثار. - تقارير صحفية، أشارت إلى أن إدارة منطقة التماس علمت بعد تحديد مسار الجدار بوجود نحو عشرة أماكن اثرية على الأقل تحت مسار الجدار. ومن اجل عدم المس بها اتخذت الإدارة إجراءات مختلفة حسب مواصفات كل مكان، وتغيير المسار كان من بين تلك الإجراءات. - أوضح مكتب المستشار القضائي للحكومة في سياق رده على محكمة العدل العليا، انه اتخذ قرار بتحويل مسار الجدار في منطقة تقع إلى الشمال من قرية شويكة قضاء طولكرم، على بعد كيلومترات معدودة إلى الشرق، بغية حماية الأماكن الأثرية. - أعضاء في كيبوتس ميتسر، طالبوا وزارة الدفاع بتحويل مسار الجدار في منطقة الكيبوتس بإتجاه إمتداد الخط الأخضر كي لا يمس بحرية وصول سكان بلدة غفييم إلى حقولهم التي قد تقع بموجب الخطة الأصلية غربي الجدار. زار الكولونيل تيرزح المنطقة، وأعرب عن رغبته في تلبية الطلب. ومع ذلك ابلغ أعضاء الكيبوتس بعد أيام قليلة بعدم إمكانية تغيير المسار لأن المنطقة المذكورة تحتوي على أثار وليس هناك من الوقت الكافي لإجراء الحفريات المطلوبة. المطلوب من إسرائيل كدولة محتلة حماية الأماكن التاريخية والثقافية في الأراضي المحتلة، ومع ذلك لا يبرر هذا السبب انتهاكات حقوق الإنسان التي قد تنشأ عن تحويل مسار الجدار بكيلومترات أخرى داخل الضفة الغربية، وما عزز من هذا الإتجاه هو عدم تغيير المسار لن يمس بالآثار، إنما سيؤخر أعمال البناء، ريثما يتم إستكمال الحفريات المتعلقة باإنقاذ الآثار. حرية الوصول إلى الأماكن الدينية:كان تحديد مسار الجدار في الجزء الجنوبي من غلاف القدس، جزءاً من قرار مجلس الوزراء الذي اتخذ في آب/اغسطس 2002، ثم طرحت القضية للمناقشة بعد شهر بعد ضغوط سياسية مارسها حزبي شاس والحزب الديني القومي ومن رئيس بلدية القدس الذي سعى رغم معارضة وزير الدفاع إلى نقل المسار مئات عديدة من الأمتار جنوباً ليتم في نهاية المطاف ضم قبة راحيل للقدس، وقد صادق مجلس الوزراء على هذا التغيير. تقع قبة راحيل على الطرف الشمالي لبيت لحم على بعد 500 متر جنوب نقطة التفتيش التي تفصل بيت لحم عن حدود نفوذ بلدية القدس. ورغم أن بيت لحم مشمولة ضمن المنطقة (أ)، حسب اتفاق المرحلة الإنتقالية، إلا أن المنطقة الواقعة بين قبة راحيل ونقطة التفتيش تعرف بالمنطقة (ج)، وبهذا تظل تحت سيادة إسرائيلية كاملة. قبة راحيل مكان مقدس في الديانة اليهودية، يتوجه إليها كثير من اليهود للصلاة، غير أن هذا المكان اغلق منذ اندلاع الإنتفاضة بسبب الهجمات الفلسطينية على المدنيين والجنود الإسرائيليين المرابطين في المكان. تقرر إلى جانب تغيير مسار الجدار إنشاء سور بإرتفاع 8 أمتار جنوب قبة راحيل يمتد على مئات الأمتار نحو الغرب. وفي حالة ما تم تنفيذ هذا القرار سيصبح 35 منزلاً فلسطينياً متعددة الأدوار يسكنها 400 نسمة والعشرات من المحلات التجارية شمال السور معزولة عن باقي القدس، كما حصل بالضبط مع سكان الجيوب الواقعة غربي الجدار، في الجزء الشمالي من الضفة الغربية، وبالتالي لن يستطيع سكان هذا الحي التمتع بحق المواطنة الإسرائيلية، ولن يسمح لهم بدخول القدس. يرى القانون الدولي أن دخول الإسرائيليين للأراضي المحتلة للعبادة ومنحهم حرية الحركة في أمور غير مشروعة، عند تحديد السياسة الإسرائيلية هناك، والذي يعزز ذلك انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة التي تنجم عن ذلك، ويتعرض لها مئات السكان المحليين. المصادرة غير الشرعية للأرض:يعتبر وضع اليد على الأراضي الفلسطينية، بهدف بناء جدار فاصل عليها، عنصراً اخراً من العناصر غير الشرعية المستخدمة في بناء الجدار. تعتمد إسرائيل في تبرير الإستيلاء على الأراضي الخاصة على المادة (23) من اللوائح الملحقة بميثاق لاهاي، المتعلق بقوانين الحرب على الأراضي لعام 1907، والذي ورد في الميثاق تحت عنوان "أعمال عدائية". لكن الإعتماد على مادة من هذا الجزء من اللوائح يرتكز على إدراك إسرائيل بأن الوضع الراهن في الأراضي المحتلة هو "صراع مسلح". يحظر على الجيش بناءً على المادة (23) الإستيلاء أو تدمير الممتلكات الخاصة، ما لم يكن هذا الإجراء ضروري جداً للحاجات الأمنية. ومن هنا تدعي الدولة أن الإستيلاء على الأراضي هو في حقيقة الأمر إجراء ضروري لهذا الغرض، وبالتالي فالإجراء قانوني. أكد مكتب المستشار القضائي للحكومة في سياق رده خلال إحدى مداولات محكمة العدل العليا أن استيلاء إسرائيل على الأراضي هو إجراء مؤقت وأن هذه الأوامر صالحة فقط لغاية العام 2005، مع أن القوانين العسكرية لا تمنع تمديد الأمر لأجل غير مسمى، وطالما مددت إسرائيل مفعول هذه الأوامر في حالات مصادرة الأراضي بغرض إنشاء مستوطنات وشق طرق التفافية. وفي سياق ردها على إلتماس قدمه سكان من كفر عقب لمحكمة العدل العليا ضد أوامر مصادرة أراضيهم لبناء الجدار، اعترف مكتب المستشار القضائي للحكومة أن أوامر الإستيلاء المؤقتة على الأرض استخدمت أيضاً لبناء مباني دائمة، وان هذه الأوامر قد تمدد لأجل غير مسمى، حتى لو لزم الأمر لإنشاء مباني ليست مؤقتة بحد ذاتها. ففي يهودا والسامرة، استخدمت أوامر الإستيلاء على الأرض لإقامة مباني دائمة بكافة الأشكال سواء على شكل طرق التفافية أو تجمعات سكنية. حتى في داخل إسرائيل استخدمت الأوامر المؤقتة لإنشاء مطار "سدي دوف" والذي يجمع الكل على انه يعتبر من أحد المرافق الدائمة. لا شك أن طابع الديمومة الذي يتسم به الجدار الفاصل، والتجارب السابقة مع الأوامر المؤقتة الخاصة بوضع اليد على الأراضي، أديا إلى استنتاج، وهو أن الإستيلاء على الأرض هو في حقيقة الأمر مصادرة فعلية، وهنا تنص المادة (46) من لوائح لاهاي وفي الجزء المخصص للحديث عن أراض محتلة، وبشكل واضح لا لبس فيه، على انه "يحظر مصادرة الأملاك الخاصة"، حتى لأغراض عسكرية، كما أن مصادرة الأراضي غير شرعية أيضاً حتى ولو قبلنا بإدعاء إسرائيل القائل بأن إنشاء الجدار الفاصل حسب المسار المقترح هو السبيل الوحيد لمنع الفلسطينيين من دخول إسرائيل لتنفيذ هجمات هناك. الخلاصة:يتركز الجدل الدائر في إسرائيل حالياً، بشأن مسألة الجدار الفاصل حول التأخير في إنشاء الجدار وعيوب التخطيط التي ارتكبتها وزارة الدفاع عند الإنشاء، علما بأن تداعيات هذا المشروع على الشريحة السكانية الفلسطينية والضرر الكبير الذي سيلحق بهم جراء بناء هذا الجدار لم يكن لهما أي اعتبار. لم تحدث بعد جميع انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطينية، لذلك يصعب في هذه المرحلة تحديد حجم الضرر. ومع ذلك فمن الواضح جداً أن بناء الجدار سيزيد من تقطيع أواصل الضفة الغربية الناجم عن السياسة الإسرائيلية الممارسة هناك منذ بداية الإنتفاضة الراهنة. فالجيش الإسرائيلي يمنع منذ عامين ونصف، ويشل كافة الحركة الفلسطينية تقريباً، ولتفعيل ذلك عمد إلى تمديد نظام منع التجول ونصب الحواجز، ووضع الكتل الإسمنتية واكوام النفايات لإغلاق الطرق وحفر الخنادق. لقد شوشت هذه السياسة كل نواحي الحياة الخاصة بالسكان المحليين، واخذ النظامين الصحي والتعليمي يعانيان من صعوبات جمة، ولم يحدث أن وصل الإقتصاد المحلي إلى هذه الدرجة من التردي وتوقفت العلاقات الإجتماعية والأسرية. إن إنشاء المرحلة الأولى من الجدار الفاصل داخل الضفة الغربية، سيزيد من حدة هذه التشوهات ويلحق ضرراً اكبر بنحو 200 الف فلسطيني وسيعزل الجدار التجمعات السكنية الفلسطينية عن باقي مناطق الضفة الغربية، ويحولها إلى جيوب محصورة ما بين الجدار والخط الأخضر. هناك تجمعات ستصبح جيوباً شرق الجدار، إما بسبب توسيع مسار الجدار، وإما لكونها سجنت ما بين الجدار الرئيس والجدار الثاني الذي سيقام خلفها. بعض السكان سيفصلون عن أراضيهم الزراعية التي ستبقى غربي الجدار، وستشكل القيود المفروضة على حرية تنقلهم انتهاكاً لحقهم في العمل وكسب الرزق وعرضة للسقوط في براثن الفقر. سيتسبب الجدار في انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان وهي الحق في تلقي العلاج الطبي والحق في التعليم والقدرة على مواصلة حياتهم الطبيعة الأسرية والإجتماعية. إسرائيل كقوة محتلة ملزمة بصيانة حقوق الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها. وواجب الحفاظ على حياة مواطنيها لا يعفيها من إلتزامها بحماية حقوق الفلسطينيين، وهي بإنشاء الجدار الفاصل تكون قد غضت الطرف عن هذا الإلتزام، وذلك يشكل انتهاكا للقانون الدولي. إن إنشاء الجدار لمنع شن هجمات ضد اسرائيل، هو اكثر الحلول تطرفاً ويلحق ضرراً بالغاً بالسكان الفلسطينيين، بيد أن إسرائيل فضلت هذا الحل عن حلول أخرى بديلة، ذات أضرار اقل. ورغم أن اغلب الفلسطينيين الذين نفذوا هجمات داخل إسرائيل دخلوا البلاد عبر الحواجز ونقاط التفتيش المنتشرة على امتداد الخط الأخضر، وليس عبر المناطق المفتوحة الواقعة بين نقاط التفتيش، فقد قررت إسرائيل إنشاء الجدار قبل معالجة المشاكل والعيوب التي اكتشفت في نقاط التفتيش. أيضاً لم يتخذ الجيش أي إجراءات ملموسة في منطقة التماس، تمنع الفلسطينيين من دخول إسرائيل، بل بالعكس لم يول هذا الهدف أولوية كبيرة مقارنة بسائر الأهداف الأخرى كمهاجمة مؤسسات السلطة الفلسطينية وحماية المستوطنات. حتى ولو قبلنا بإدعاء إسرائيل، أن ليس هناك مناص سوى إنشاء الجدار الفاصل، فهي مع ذلك مطالبة بإختيار المسار الذي لا يتسبب إلا في اقل قدر ممكن من انتهاكات حقوق الإنسان، وهي لم تفعل ذلك، بل اختارت مساراً تجاهلت فيه اعتبارات حقوق الإنسان أخذت بعين الإعتبار أمور غريبة كأبدية بعض المستوطنات والرغبة في نقل رسالة سياسية مفادها، أن إنشاء الجدار لا يعني إنشاء حدود سياسية دائمة، والحفاظ على الآثار وحرية وصول الإسرائيليين إلى الأماكن الدينية. إن قرار إنشاء جدار فاصل دائم في الضفة الغربية بكلفة مئات الملايين من الشواكل لهو خرق لميثاق لاهاي الذي يحظر مصادرة الأراضي في المناطق المحتلة. على هذا الأساس فإن خصائص مشروع جدار الفصل، تولد إنطباعاً بأن إسرائيل تستغل من جديد الناحية الامنية لخلق وقائع على الأرض تؤثر مستقبلا على أي ترتيبات محتملة مع الفلسطينيين. استخدمت إسرائيل في الماضي مفهوم "الحاجات الأمنية الملحة"، لتبرير مصادرتها للأرض بغرض إنشاء المستوطنات مدعية بأن هذه الخطوة مؤقتة وليست دائمة، وقد ظلت المستوطنات بمثابة وقائع على الأرض، وقد أدرجت خلال مفاوضات السلام مع الفلسطينيين على أنها أحد القضايا التي لابد أن تطرح للتفاوض عند الإتفاق على الوضع النهائي. أصرت إسرائيل في مفاوضات كامب ديفيد، التي جرت في يوليو/ تموز من العام 2000، على موقفها من أن بعض المستوطنات المقامة في الضفة الغربية القريبة ستضم إلى إسرائيل. على هذا فمن الجائز القول بأن الجدار سيصبح مثلما هو الحال في قضية المستوطنات، واقعاً دائماً يدعم مطالبة إسرائيل مستقبلاً بضم مناطق. ومهما يكن من أمر فإن الواقع الجغرافي الذي يخلقه بناء الجدار الفاصل سيشوه أي حل سياسي يقوم على الإعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وحيوية. لهذه الأسباب تطالب بتسليم الحكومة الإسرائيلية بما يلي: - إلغاء قرارات الحكومة ومجلس الوزراء الخاصة بالجدار الفاصل ووقف العمل فوراً في بناء الجدار ووقف الإستيلاء على الأرض. - إعادة طرح مسألة التعامل مع الهجمات الفلسطينية في إسرائيل للنقاش من جديد وفحص البدائل عن إقامة الجدار الفاصل. كل قرار يتخذ لا بد أن يأخذ بعين الإعتبار متطلبات القانون الدولي، وواجب إسرائيل احترام حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيادتها. - إذا تقرر أن ليس هناك خيار سوى بناء الجدار، فلابد أن تحدد الحكومة مساراً على إمتداد الخط الأخضر، وإذا تعذر ذلك فلا بد أن يكون هذا المسار داخل إسرائيل نفسها. والإنحراف عن هذا المبدأ ينبغي أن لا يتم إلا في حالات خاصة تقوم على اعتبارين اثنين فقط، هما: أن يعود ذلك بالنفع على السكان الفلسطينيين المحليين، وتلبية الحاجة الأمنية الإسرائيلية ضمن أضيق الحدود. وعلى أية حال يجب فحص أي انحراف مع الأخذ بعين الإعتبار في نفس الوقت آثاره على حقوق الإنسان الخاصة بالسكان الذي يقطنون قرب مسار الجدار الفاصل. |
|