جميل الخالدي تواجه السلطة الوطنية الفلسطينية، تحدياً كبيراً في إيجاد وتطوير وتحديث وتوحيد الإطار القانوني الخاص بالمناخ الاستثماري في الأراضي الفلسطينية، ومن هنا فقد قامت بإعداد الكثير من مشاريع القوانين الاقتصادية والتجارية ورفعها إلى المجلس التشريعي للمناقشة والإقرار، بحيث بقيت العديد منها في طور المناقشة: مثل مسودة قانون التأمين، مسودة قانون حماية الملكية الصناعية، قانون استثمار المساكن والعقارات التجارية، مشروع قانون التجارة الفلسطيني، مشروع قانون الشركات التجارية، ومشاريع قوانين أخرى، إضافة إلى مشروع قانون الصناعة الذي نحن بصدده في هذا التقرير، حيث يقع مشروع القانون في 40 مادة موزعة على عشرة فصول يمكن تلخيصها على النحو التالي: الفصل الأول: تعاريفمادة رقم 1: وتشمل تحديداً وتعريفاً لمعاني بعض الكلمات والعبارات الواردة في مشروع القانون. الفصل الثاني: صلاحيات الوزارةمادة رقم 2: وتشمل هذه المادة صلاحيات وزارة الصناعة فيما يتعلق بأحكام قانون الصناعة من حيث وضع السياسات الصناعية التي تحقق تنمية القطاع الصناعي ضمن إطار الأهداف والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى المهام الأخرى. الفصل الثالث: التراخيص الصناعيةمادة رقم (3-4) : ضرورة الحصول على التراخيص الصناعية حين إقامة المنشآت الصناعية أو بدء مزاولتها لأعمالها. المادة رقم (5-9) : آلية التقدم بطلب الحصول على التراخيص الصناعية. المادة رقم 10: تحدد شروط إلغاء الترخيص الصناعي. المادة رقم 11: تنص على ضرورة اشعار الوزارة في حال رغبة المنشأة الصناعية تعديل وضعها القانوني. الفصل الرابع: السجل الصناعيالمادة رقم 12: تعد الوزارة سجلاً لقيد المنشآت الصناعية. المادة رقم (13-14) : تلزمان المنشآت الصناعية بالقيد في السجل الصناعي. المادة رقم 15: تنص على التزام المنشآت الصناعية المقيدة في السجل الصناعي بضرورة تجديد المعلومات الخاصة بها سنوياً. الفصل الخامس: براءات الاختراعالمادة رقم 16: توضح شروط حصول الاختراع على البراءة. المادة رقم 17: تنص على أن تقوم وزارة الصناعة بتنظيم سجلات خاصة بالاختراعات، تدون فيها كافة البيانات والمعلومات الخاصة بالاختراع. المادة رقم 18: جواز الترخيص باستغلال الاختراع وفقاً لحقوق الملكية والحماية. الفصل السادس: تشجيع الاستثمار الصناعيالمادة رقم 19: اجراءات وحوافز مقترحة لتعزيز القدرة التنافسية الصناعية. المادة رقم 20: اجراءات اضافية بهدف تشجيع الاستثمار الصناعي. المادة رقم 21: التنسيق بين وزارة الصناعة والجهات ذات الاختصاص فيما يتعلق في مجال القروض والتسهيلات الائتمانية المقدمة للقطاع الصناعي. المادة رقم 22: تبين ضرورة تخصيص جزء من المساعدات والتسهيلات الائتمانية الممنوحة لفلسطين من الخارج لتنمية القطاع الصناعي. الفصل السابع: المواصفات الصناعيةالمواد رقم (23-26): تحدد صلاحيات الوزارة فيما يتعلق بالمواصفات الصناعية، من حيث اقتراح المواصفة للسلعة الصناعية، أو تعديلها أو الاستعانة بالمواصفات الدولية للسلعة الصناعية غير المتوفر لها مواصفة فلسطينية حتى اعتماد المواصفة الوطنية. الفصل الثامن: الاشراف والرقابة الصناعيةالمادة رقم 27: تحدد أن وزارة الصناعة هي المسؤولة عن الاشراف والرقابة على أداء المنشآت الصناعية. المواد رقم (28-29): توضحان أن للوزير أن يصدر قراراً بتسمية بعض العاملين في الوزارة صفة مأموري الضبط القضائي، وكذلك المهام المطلوب أداؤها لأغراض التفتيش والرقابة. المواد رقم (30-32): حول الأوراق والمحاضر التي ينظمها مأموري الضبط القضائي، من حيث عرضها على النيابة وحظر التصرف بها من قبل مأموري الضبط القضائي دون إذن من الوزارة. الفصل التاسع: العقوباتالمادة رقم 33: تحدد عقوبة اقامة المنشآت الصناعية دون ترخيص. المادة رقم 34: تحدد عقوبة الإدلاء بمعلومات أو بيانات كاذبة يترتب عليها الحصول على حوافز أو مزايا بموجب القانون. المادة رقم 35: تحدد عقوبة من يخالف أحكام هذا القانون أو اللوائح أو القرارات المنفذة له. الفصل العاشر: الأحكام الختاميةالمادة رقم 36: تنص على انشاء اتحاد عام للصناعات الفلسطينية بموجب قانون خاص به. المادة رقم 37: تفرض على المنشآت الصناعية غير المسجلة وغير المرخصة، ضرورة تصحيح أوضاعها وفقاً لأحكام هذا القانون. المادة رقم 38: تلغى الأحكام التي تتعارض مع أحكام هذا القانون. المادة رقم 39: تحدد أن لمجلس الوزراء بتنسيب من الوزير أن يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون. المادة رقم 40: تحدد أن جميع جهات الاختصاص ملزمة بالعمل وتنفيذ أحكام هذا القانون. لقد بسط مشروع قانون الصناعة إجراءات إقامة المنشآت الصناعية أو إدخال تعديلات عليها، وقد جاءت نصوص مشروع القانون واضحة وتخلو من الضبابية وبالتالي سهولة تطبيقها، كما جاءت نصوص مشروع القانون متكاملة وشاملة إلى حد كبير لأهم العناصر الأساسية والموضوعية اللازمة بتنظيم القطاع الصناعي والنهوض به، غير أن هذا لا يمنع من إبداء بعض الملاحظات بشأن مشروع القانون المشار إليه، علماً بأنه لن يتم التطرق في هذا المجال إلى النواحي الشكلية أو الصياغة القانونية لمواد مشروع القانون، بحيث يترك ذلك لأصحاب الاختصاص. ففي باب التعريفات، وهي المادة "أ" التي حصرت تعريفها للمنشأة الصناعية في غرضها الأساسي الذي يتمثل في تحويل الخامات إلى منتجات كاملة الصنع أو نصف مصنعة، أو تحويل المنتجات المصنعة إلى منتجات كاملة أو مزجها أو تجميعها أو تعبئتها أو تغليفها، لم يتطرق هذا التعريف إلى حجم رأس المال المستثمر والى عدد العمال الدائمين في المنشأة الصناعية. أما فيما يتعلق باعتبار المنتج الوطني منتجاً محلياً إذا زادت القيمة المضافة الناتجة عن عملية التصنيع على 35% فقد عكس تبسيطاً وتسهيلاً لمواد مشروع القانون، كما ذكر سابقاً، وذلك مقارنة بقوانين أخرى حددت المنتج الوطني بأنه هو ذلك التي تدخل في انتاجه العناصر المحلية بنسبة لا تقل عن 40%, أما في المادة "2" التي تحدد صلاحيات وزارة الصناعة والمهام التي تتولاها، فقد تداخلت الكثير من المهام والصلاحيات المذكورة في مشروع القانون بين المهام العامة والموضوعية التي تتولاها الوزارة من جهة وبين التركيز على المهام المحددة لوزارة الصناعة في تطوير وتنمية القطاع الصناعي من جهة أخرى، ومن ذلك على سبيل المثال ما ورد في الصلاحيات والمهام رقم "7" حيث المشاركة مع الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة في وضع السياسات المالية والاقتصادية"، ويرجع هذا التداخل إلى الإمعان في ذكر وتعداد مهام الوزارة التي وصلت إلى 24 مهمة وصلاحية. وفي الفصل الثالث الذي يتناول التراخيص الصناعية، حيث الفقرة "2" من المادة "3" التي تحدد وجوب حصول المنشآت الصناعية القائمة وغير المرخصة على ترخيص من الوزارة، فلم تحدد هذه المادة المدة الزمنية اللازمة لاستيفاء واستكمال الحصول على الترخيص، وكذلك المادة "9"، حيث لم تحدد المدة الزمنية المعطاة لصاحب الشأن لغرض تمديد الترخيص شريطة أن يبين الأسباب المقنعة لذلك، وفي كلتا الحالتين يجب حصر الفترة المعطاة لصاحب الشأن وعدم تركها مفتوحة. وفي المادة "8" التي تنص على أن يصدر الوزير بناءً على توصية الإدارة المختصة بالوزارة قراراً بمنح الترخيص أو رفضه خلال عشرة أيام من تاريخ رفعها إلى الوزير، وفي حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسبباً، وفي المادة "10" التي تحدد شروط إلغاء التراخيص، فقد أغفل القانون في هاتين الحالتين حق صاحب الشأن في التظلم حين الرفض أو إلغاء الترخيص، وذلك خلافاً للقوانين المماثلة المعمول بها في الدول الأخرى، ومنها على سبيل المثال القانون المصري الذي ينص على حق صاحب الشأن في التظلم من القرارات الصادرة بهذا الخصوص خلال فترة معينة يحددها القانون على أن يعرض التظلم على لجنة التظلمات ويفوض وزير الصناعة بتشكيلها وفق الضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية. أما الفصل الخامس الذي يتناول براءات الاختراع في المواد من 16-18 من مشروع القانون، فقد ورد مفصلاً إلى حد كبير ضمن مشروع قانون حماية الملكية الصناعية، في المواد من 5-28، مبيناً شروط حماية البراءة، والحق في الحصول على البراءة، كما تسجيل الاختراع وحقوق مالك البراءة، والتراخيص الإجبارية باستغلال البراءة إلى جانب انقضاء البراءة وبطلانها، كما تم اعداد دراسة مفصلة بالملاحظات القانونية على مشروع هذا القانون من قبل المحامي شرحبيل الزعيم بتكليف من مركز التجارة الفلسطيني، كما عقدت ورشة عمل لمناقشة هذه الدراسة خلال شهر مايو/أيار من هذا العام بمركز التجارة الفلسطيني في كل من غزة ورام الله. وحول تشجيع الاستثمار الصناعي فإنه يلاحظ غياب أي نص يتعلق بالاستثمارات الصناعية الأجنبية، سوى ما ورد في المادة 19 حيث عبارة "إضافة إلى ما نصت عليه القوانين الأخرى من حوافز تشجيعية"، وإذا كان ما ورد في المادة 19، والمادة 20 تحديداً من الفقرات من 1-10، ومن 1-6 على التوالي يتناول الحديث عن الاستثمارات الصناعية المحلية بحسب ما يفهم من هذه النصوص، فإن من الضروري الاشارة إلى الحوافز التشجيعية للاستثمار الصناعي الأجنبي بنص واضح وصريح نظراً لأهمية وخطورة هذا الموضوع. أما في المادة "22" التي تنص على "أن يخصص جزء من المساعدات والتسهيلات الائتمانية الممنوحة لفلسطين من دول أو منظمات محلية أو دولية لتنمية القطاع الصناعي"، وقياساً على ما ورد في الفقرة "4" من المادة "21" التي تحدد 0.5% من ايرادات الجمارك لتطوير القطاع الصناعي، فلماذا لا يتم تحديد النسبة اللازمة من المساعدات والتسهيلات الائتمانية الممنوحة لفلسطين من الخارج؟. وفيما يتعلق بالنصوص الخاصة بالمواصفات الصناعية حيث المواد من 23-26، فإنه يلاحظ التركيز على دور الوزارة في هذا المجال دون ذكر للتفصيلات خاصة بالمواصفات الصناعية في إطارها العام، مثل التأكيد على المعايير الموحدة التي تطبقها الصناعة في العملية الانتاجية أو تحديد مواصفات المنتجات والخامات والمواد الأولية المستعملة في الصناعة، علماً بأن مشروع القانون لا يتطرق إلى الخامات والمواد الأولية المستعملة في الصناعة من جانب اخضاعها لشروط المواصفات الصناعية واكتفى بذكر السلع الصناعية، أما القانون المصري فقد جاء في هذا المقام أكثر وضوحاً، كما أن من أهم ما ورد في مشروع قانون الصناعة المصري، الذي تم اعداده في العام 1998، فيما يخص تحديد المواصفات والمعايير القياسية في المادة "17" هو استثناء من الأحكام الواردة في المادة "16" ما يرى رئيس الوزراء بقرار منه لضرورة المحافظة على سريته لصالح الأمن القومي. واضافة إلى ما تم ذكره فقد خلا مشروع قانون الصناعة من النصوص المخصصة لحماية الصناعة بعكس الحال في مشروع قانون الصناعة المصري، حيث الفصل الثاني الذي يتألف من المواد 25،26،27، الذي أكد على حماية الصناعة، وتحديداً الاغراق والتدفق غير الطبيعي للواردات والممارسات غير المشروعة كالدعم والتدفق الكمي ضد الصادرات الوطنية في الأسواق الخارجية. وأخيراً فقد ركز مشروع قانون الصناعة معظم الصلاحيات الخاصة في هذا القانون بيد وزارة الصناعة ممثلة بوزير الصناعة، حيث جاء متناغماً مع القانون المصري، فيما خالف قوانين أخرى ومنها على سبيل المثال القانون القطري، الذي ينص في المادة 3 من الباب الثاني على تشكيل لجنة دائمة تسمى "لجنة تنمية الصناعة" وتألف من "12" عضواً برئاسة وكيل وزارة الصناعة والزراعة وعضوية العديد من ممثلي الوزارات والجهات الأخرى ذات الصلة، ويصدر بتحديد أسماء أعضاء اللجنة قرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الصناعة والزراعة، واقتراح السلطة الرئاسية في الجهات الممثلة في اللجنة، ويجوز لهذه اللجنة الاستعانة بخبراء الحكومة أو موظفيها الفنيين كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وتختص هذه اللجنة بدراسة الاقتراحات والنظم التي تهدف إلى تنظيم وحماية وتشجيع وتنمية الصناعات الوطنية، واقتراح السياسة العامة للمزايا والاعفاءات والتيسيرات والحواجز التي تمنح للمشروعات الصناعية، اضافة إلى أي اختصاصات اخرى ينص عليها القانون، على أن ترفع اللجنة توصياتها في شأن المسائل المشار إليها إلى وزير الصناعة والزراعة، ولا تكون توصياتها نافذة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها بناءً على عرض الوزير. وعلى ضوء الملاحظات السابق ذكرها، وحيث أن مشروع قانون الصناعة يهدف إلى ترسيخ فلسفة الاقتصاد الحر وتشجيع الاستثمار بشكل عام والصناعة منه بشكل خاص، من أجل ضمان قاعدة صناعية تكون أساساً لتنمية اقتصادية شاملة، بحيث يتحمل القطاع الخاص الجزء الأعظم في سبيل تحقيق هذا الهدف، فإنه من الضروري عقد لقاء يجمع بين الاطراف ذات الصلة بهذا الموضوع وبالدرجة الأولى ممثلي القطاع الخاص، ورجال الصناعة تحديداً، إلى جانب أعضاء اللجنة القانونية والاقتصادية في المجلس التشريعي وكذلك ديوان الفتوى والتشريع بوزارة العدل لمناقشة جدية وعميقة لمشروع القانون من أجل الوصول إلى أفضل النتائج الكفيلة بإقرار هذا القانون الذي يهدف إلى خلق البيئة المواتية للنهوض بالقطاع الصناعي في فلسطين. |
|