عاطف المسلمي من الصعوبة بمكان رصد وتحليل مواقف الشارع الإسرائيلي خلال فترة زمنية تمتد لخمس سنوات مليئة بالأحداث، مر خلالها على إسرائيل خمسة رؤساء حكومات وثلاث دورات انتخابية وتم التوقيع خلالها على عدة اتفاقات وتفاهمات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، لم ينفذ منها الا الجزء اليسير، حيث بقيت جميع القضايا الحساسة عالقة بسبب سياسة المراوغة والمماطلة في التنفيذ التي انتهجتها حكومات إسرائيل دون استثناء. غير أن الاستطلاعات الإسرائيلية التي تجريها العديد من مراكز البحوث المتخصصة على فترات متقاربة، تتيح المجال واسعاً لاستقراء هذه المواقف وتحليل أسباب تقلباتها واتجاهاتها العامة. أولاً: شرائح الرأي العام الإسرائيلي والعوامل المؤثرة فيه هناك في إسرائيل وسطان أساسيان يشكلان الرأي العام، هما الوسط اليهودي والوسط العربي. واذا كان ينظر إلى الوسط العربي ككتلة واحدة ذات آراء سياسية متقاربة إلى حد كبير، تؤيد في معظمها سلاماً فلسطينياً - إسرائيلياً على أساس انسحاب إسرائيل حتى حدود الرابع من حزيران 1967 واقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، فإن الوسط اليهودي يختلف كلية، حيث يضم هذا الوسط شرائح وقطاعات ذات مواقف متباينة، يمكن حصرها في خمسة قطاعات رئيسة: الوسط العلماني اليميني الذي يمثله حزب الليكود والأحزاب اليمينية المتطرفة، الوسط العلماني اليساري الذي يمثله حزب العمل والأحزاب اليسارية الأخرى بزعامة ميرتس، الوسط الديني الوطني الذي يمثله حزب المفدال وحركات المستوطنين، الوسط الديني المتشدد الذي يمثله حزبا شاس ويهدوت هتوراه، الوسط الروسي الذي يمثله حزبا إسرائيل بعلياه واسرائيل بيتنا. تتبنى شرائح الوسط اليهودي، على الرغم من تعددها، مواقف شبه ثابتة من التسوية مع الفلسطينيين. فإذا كان الوسط العلماني اليساري في معظمه يؤيد اتفاقات أوسلو باعتبارها من صنع قادته، فإن معظم الوسط العلماني اليميني يعارض هذه الاتفاقات. وتظل عملية الحراك من الوسطين تجاه وسط الساحة السياسية في إسرائيل قائمة، حيث توصلت نسبة غير بسيطة من مؤيدي اليمين إلى قناعة (قبل عامين تقريباً) بأنه على الرغم من أن أوسلو ليس حلاً مثالياً من وجهة نظرهم، فهو يظل الخيار الوحيد المطروح على الساحة. وقد ترجمت هذه المواقف خلال انتخابات مايو 1999، التي حملت ايهود باراك لرئاسة الحكومة بعد ثلاثة أعوام من التجميد عاشتها مسيرة السلام في عهد حكومة نتنياهو. وفي الطرف الآخر، ارتدت مؤخراً نسبة كبيرة من مؤيدي باراك من اليسار والوسط إلى اليمين وانتخبت ارئيل شارون لرئاسة الحكومة، وذلك بعد أن اعتقدت بعجز أوسلو عن توفير حماية للاسرائيليين خلال الأحداث الجارية في المناطق الفلسطينية، وأن رئيس الوزراء، ايهود باراك قد ذهب بعيداً في تنازلاته خلال محادثات كامب ديفيد في يوليو 2000. أما الوسط الديني الوطني المتشدد، فلا يؤيد مطلقاً تسوية تقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام مع الفلسطينيين. وقد تعرض هذا الوسط لبعض الانتكاسات في الانتخابات قبل الأخيرة، الا أنه نشط في الآونة الأخيرة، وبخاصة قبيل وبعد فشل قمة كامب ديفيد الأخيرة، مستغلاً المواجهات الجارية بين الفلسطينيين والاسرائيليين منذ سبتمبر 2000 للتدليل على صحة مواقفه، حيث يعتبر أوسلو كارثة على الأمن الإسرائيلي. كما لقيت مواقفه تعاطفاً كبيراً في الفترة الأخيرة من نسبة كبيرة من الجمهور الإسرائيلي التي اعتبرت ما يجري في المناطق الفلسطينية من مواجهات نتيجة لاتفاقات أوسلو. وترتبط الشرائح التي يمثلها الوسط الديني المتشدد في مواقفها السياسية بمواقف زعاماتها الروحية، وهي في معظمها يمينية، وإن كانت تخضع في بعض الأحيان إلى لغة المصالح الحزبية. فالوسط الديني بالذات لا يشارك في استطلاعات الرأي بشكل كبير. لذلك تعمد معاهد قياس الرأي العام في إسرائيل إلى اجراء استطلاعات خاصة بالوسط الديني. ويتزعم هذا الوسط حركة شاس التي كانت إلى عهد قريب لا تحبذ الخوض في الخلافات السياسية بين اليمين واليسار، الا أنها في الآونة الأخيرة، ونتيجة لتعاظم قوتها في البرلمان، بدأت تظهر ميلاً نحو المشاركة الفعلية في التأثير على المواقف السياسية للحكومات، وهي تنحو نحو المواقف اليمينية المتشددة استجابة لميول ناخبيها الذين كانوا من ناخبي الليكود سابقاً. أما في الوسط الروسي، فإن نسبة كبيرة من هؤلاء المهاجرين الجدد يتخذون مواقف يمينية، حيث لا يفهم المهاجر الروسي السبب الذي يدفع حكومته إلى التنازل عن مساحات حيوية من "أرض إسرائيل" مقابل السلام مع الفلسطينيين. ويعزى هذا الموقف إلى يمينية مواقف القيادة السياسية لهذا الوسط، والممثلة في زعيم حزب إسرائيل بعلياه نتان شيرانسكي وزعيم إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان، المحسوبين على اليمين المتشدد. الا أن الوسط الروسي، على العكس من الأوساط الأخرى في الشارع الإسرائيلي، هو الوحيد القابل لإحداث تغيير دراماتيكي في مواقفه السياسية، وذلك كما حدث في انتخابات مايو 1999 حيث انحرف الناخبون الروس نحو زعيم حزب العمل، باراك الذي رفع شعار "وضع حد لصراع مئة عام مع الفلسطينيين" ثم عادوا في انتخابات فبراير 2001 إلى معسكر اليمين الرافض لاقتراحات باراك السلمية تجاه الفلسطينيين. تبقى شريحة سادسة في الشارع الإسرائيلي وهي شريحة غير المصنفين سياسياً. تشكل هذه الشريحة نسبة (10-15%) تقريباً في كثير من استطلاعات الرأي، وهم يندرجون تحت بند "بدون رأي"، ويشكلون في الانتخابات نحو (30%) من الناخبين. وتشارك هذه الشريحة في الاستطلاعات التي تتناول مواضيع حساسة من وجهة نظر الجمهور، وتتأثر كثيراً بالأجواء العامة التي تصاحب اجراء الاستطلاعات. تشمل معظم استطلاعات الرأي الإسرائيلية الوسطين اليهودي والعربي، وقليلاً ما تجري استطلاعات منفصلة لكل وسط على حدة. لذلك تأتي الاستطلاعات التي تشمل العرب واليهود معاً بنتائج متوازنة وايجابية إلى حد ما. أما الاستطلاعات الخاصة بالوسط اليهودي فتكون في الغالب سلبية ويمينية. ويمكن تقسيم عوامل التأثير في الرأي العام الإسرائيلي أيضاً إلى عاملين رئيسين، الأول إسرائيلي والثاني غير اسرائيلي، ويشمل العامل الإسرائيلي عدة محددات فرعية تساهم بشكل كبير في تشكيل الرأي العام الإسرائيلي حيال القضية الأهم في نظر هذا الجمهور، وهي قضية السلام مع الفلسطينيين. ويقف على رأس سلم هذه المحددات توجهات الحكومات الإسرائيلية السلمية نحو الفلسطينيين وشكل الأحزاب المشاركة في الحكومة، يليه من حيث التأثير الانتماء السياسي والحزبي، حيث يعتبر (70%) تقريباً من أفراد المجتمع الإسرائيلي مؤطرين حزبياً، ثم درجة التدين التي تبرز عند الحديث عن الانسحاب من الأراضي مقابل السلام، حيث يعتبر المتدينون أكثر فئات المجتمع الإسرائيلي معارضة لهذا المبدأ، وبخاصة المتدينين الوطنيين المنضوين في حزب المفدال. يلي ذلك الوضع الاجتماعي والاقتصادي لبعض فئات المجتمع الإسرائيلي، حيث أن أكثر الشرائح الإسرائيلية معارضة للتسوية مع الفلسطينيين هي الشرائح الفقيرة، وغالبيتها من الطوائف الشرقية التي تمثل غلة انتخابية خصبة لليمين. كما يلعب نوع القضية المثارة في الاستطلاع دوراً هاماً في تشكيل مواقف الجمهور. وكمثال على ذلك، تشنجت مواقف الجمهور الإسرائيلي ومالت نحو اليمين عند الحديث عن حل نهائي يشمل الانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية وتسليم الأماكن العربية والحرم الشريف في القدس للفلسطينيين وتحقيق رمزي لحق العودة، فيما كانت هذه المواقف أقل تصلباً حيال تنفيذ الاتفاقات المرحلية. يتمثل العامل الثاني وهو العامل غير الإسرائيلي، في تأثير مواقف الجانب الفلسطيني بشكل خاص على مواقف الجمهور الإسرائيلي. فحجم المصداقية الفلسطينية من وجهة نظر الجمهور الإسرائيلي يرتبط بدرجة كبيرة بالتزام الفلسطينيين بتطبيق الشق الأمني من الاتفاقات. فقد تأثرت مواقف الإسرائيليين من السلام مع الفلسطينيين بعد العمليات الانتحارية في (فبراير – مارس 1996) وأحداث النفق في (سبتمبر 1996)، كما سجل معدل التأييد لاتفاقات أوسلو بعد شهر من اندلاع المواجهات الأخيرة أدنى درجة له منذ بدء تسجيل هذا المقياس (35) نقطة مقابل (51) نقطة في شهر سبتمبر الذي سبقه، مما يدلل على استعداد الجمهور الإسرائيلي للانتقال الحاد من الأوضاع التي يبدو فيها السلام في متناول اليد إلى أوضاع التدهور في العلاقات مع الفلسطينيين(1). ويؤثر شكل العلاقات في الساحة الفلسطينية، وبخاصة بين السلطة الفلسطينية وفصائل المعارضة، على حجم المصداقية الفلسطينية لدى الجمهور الإسرائيلي، وكذلك التصريحات التي تصدر عن المسؤولين الفلسطينيين بعد عمليات انتحارية يقتل فيها مواطنون اسرائيليون. في هذا المجال، يؤخذ على الجانب الفلسطيني السلبية المفرطة في التوجه إلى الشارع الإسرائيلي. فالشارع الإسرائيلي لا يرى ولا يسمع الا وجهة نظر واحدة هي وجهة نظر حكومته أو حزبه أو اعلامه، ويرجع ذلك إلى القصور الفلسطيني في الجانب الاعلامي، فيما يجند الجانب الإسرائيلي وسائل اعلامه وبشكل مكثف للتأثير على الجمهور الاسرائيلي من جهة وعلى الفلسطينيين، سواء داخل المناطق الفلسطينية أو خارجها، من جهة أخرى. ثانياً: مواقف من السلام مع الفلسطينيين سيتم هنا استعراض مواقف الإسرائيليين من السلام مع الفلسطينيين، وذلك خلال حكم خمسة رؤساء حكومات تعاقبوا على الحكم منذ عام 1995: 1- الفترة الأولى "نهاية حكم رابين"-1995 ظهر في العام الأخير لحكم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحاق رابين، تذبذب واضح في مواقف الجمهور الإسرائيلي من السلام مع الفلسطينيين، حيث امتازت تلك الفترة بالأزمات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، ووقوع العديد من العمليات الانتحارية داخل إسرائيل، التي أثرت سلباً على مواقف الجمهور الإسرائيلي من السلام مع الفلسطينيين. فقد ظهر ميل واضح نحو اليمين وتراجع في الزخم الكبير الذي حظيت به عملية السلام. ففي أبريل (1995) أيد (53%) من الجمهور الإسرائيلي استمرار العملية السلمية مع الفلسطينيين مقابل (60%) لنفس الشهر من عام (1994)، في الوقت الذي رأى فيه (61%) أنه يجب على إسرائيل التركيز على زيادة قدراتها الحربية ومحاربة العنف. وقد ساهمت كثافة العمليات الانتحارية داخل إسرائيل في تلك الفترة، في التراجع الكبير في حجم تأييد استمرار المفاوضات مع الفلسطينيين وبشكل مطرد. فقد أعرب (52%) من الاسرائيليين عن رغبتهم في وقف المفاوضات مع الفلسطينيين، وذلك بعد تفجير انتحاري في مدينة رمات غان (25/7/1995) أودى بحياة ستة اسرائيليين. على الرغم من تمتع هذه النتائج بهامش خطأ ضيق لا يتجاوز 0.4% وظهورها باستمرار في استطلاعات تلك الفترة، فهي لا تعكس بالضرورة موقفاً مبدئياً بقدر ما تعبر عن ردات فعل آنية، حيث غالباً ما يطرأ تعديل على هذه النسب بعد مضي فترة زمنية تتسم بالهدوء. ولدى التدقيق في مواقف الاسرائيليين من أوسلو، يتضح من الاستطلاعات في تلك الفترة أن نسبة كبيرة (48%) لم تكن تفهم اتفاقات أوسلو، وترى أن الاتفاق غير واضح. لذلك فإن إجابات هذه النسبة الكبيرة في استطلاعات الرأي ستكون غير واضحة. وبالنظر إلى تلك الفترة، حيث كان الحديث يدور عن اتفاقات مرحلية، فمن الصعب التعرف على مواقف الاسرائيليين من قضايا الحل النهائي والتي هي مثار الخلاف الحقيقي بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. لذلك فإن حجم التأييد المرتفع نسبياً للسلام سيهبط لاحقاً عندما يدور الحديث عن قضايا مثل القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين وشكل الدولة الفلسطينية. 2- فترة بيريز نوفمبر 1995- يونيو 1996 بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق اسحاق رابين في (4/11/1995)، انتابت الجمهور الإسرائيلي صدمة عنيفة نتيجة للمستوى الذي وصل اليه الاستقطاب في الشارع الاسرائيلي وجو التحريض والارهاب الذي فرضه اليمين على أقطاب أوسلو، الأمر الذي دفع قطاعات كبيرة من الجمهور الإسرائيلي إلى تأييد الاستمرار في السير على خطى رابين والعمل بقوة للجم اليمين، مما وفر لشمعون بيريز، الذي خلف رابين كرئيس للوزراء، الفرصة لاستغلال هذا الزخم من التأييد، وتنفيذ ما اتفق عليه مع الفلسطينيين حول توسيع مناطق السلطة الفلسطينية. إلا أن هذا الزخم الكبير من التأييد ما لبث أن أصيب بانتكاسة كبيرة في نهاية فبراير وبداية مارس (1996)، حين أقدمت حركة حماس على القيام بأربع عمليات انتحارية داخل العمق الإسرائيلي أودت بحياة (60) قتيلاً من الاسرائيليين واصابة العشرات. فقد أظهر استطلاع للرأي أن (16%) فقط من الاسرائيليين يؤيدون مواصلة عملية السلام ولكن بوتيرة أبطأ، فيما ربط (48%) منهم استئناف عملية السلام مع الفلسطينيين بقيام السلطة الفلسطينية بشن عمليات قاسية جداً ضد حركة حماس الاسلامية، كما طالب 30% بتعليق المفاوضات برمتها(2). مع تراجع العمليات الانتحارية نتيجة للخطوات الصارمة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية في ذلك الحين، عاد التأييد لعملية السلام في الشارع الإسرائيلي إلى الارتفاع. حيث أبدى أغلبية كبيرة من الاسرائيليين (81%) عدم الندم على اخلاء قطاع غزة، وقال (60%) منهم انه يجب مواصلة تنفيذ أوسلو كما هو مخطط سلفاً. كما أعرب (46%) عن موافقتهم على قيام دولة فلسطينية في اطار اتفاقية سلام كاملة وترتيبات أمنية(*). كما يجب التذكير أنه خلال فترة حكم بيريز التي امتدت سبعة أشهر تقريباً (نوفمبر 1995- يونيو 1996) أولت استطلاعات الرأي الإسرائيلية جل اهتمامها للمشاكل الداخلية في إسرائيل، وللحملة الانتخابية بين بيريز ونتنياهو التي انتهت بفوز بسيط جداً لنتنياهو (50.4%) مقابل (49.6%) مما رسخ الانقسام في الشارع الإسرائيلي. ووفقاً لاجماع المحللين السياسيين، لم تكن هزيمة بيريز في الانتخابات بمثابة عدول من الشارع الإسرائيلي عن دعم عملية السلام مع الفلسطينيين، بقدر ما كانت بمثابة رد فعل آني على فقدان الأمن الشخصي للمواطنين الاسرائيليين (اليهود) عقب حوادث التفجير الانتحارية (فبراير – مارس 1996) وكذلك رد فعل الوسط العربي على ارتكاب الجيش الإسرائيلي لمجزرة قانا في جنوب لبنان ابريل 1996. 3- فترة بنيامين نتنياهو يونيو 1996 - يوليو 1999 على الرغم من انتخاب بنيامين نتنياهو كرئيس لحكومة يمينية متطرفة تعارض مبدأ الأرض مقابل السلام، أعرب ثلثا الإسرائيليين مباشرة عقب انتخابه لرئاسة الحكومة عن تأييدهم لاستمرار عملية السلام مع الفلسطينيين. فقد أعرب ما نسبته (63.3%) عن استمرار دعمهم لعملية السلام مع الفلسطينيين، وذلك دون تغيير عملي مقارنة بشهر ابريل (63.3%) وشهر مايو (66.3%) من نفس الفترة(3). كما سجل نفس الاستطلاع دعماً اسرائيلياً لاتفاق أوسلو بنسبة (53) نقطة، مقابل (52) نقطة في شهر مايو و(56) نقطة عن شهر أبريل. وأوضح الاستطلاع ارتفاع عدد الاسرائيليين الذين "يبررون" المطالب الفلسطينية بقيام دولة مستقلة إلى (55%) مقابل (44%) عن نفس الشهر من عام (1995). كما أظهر الاستطلاع مستوى عالياً من الدعم (71%) لرغبة حكومة نتنياهو في تبني مواقف أكثر حزماً في المفاوضات مع الفلسطينيين. يتضح من قراءة هذه الأرقام أن صعود اليمين إلى الحكم في إسرائيل لم يكن يعني تخلي الجمهور الإسرائيلي عن تأييد عملية السلام، بل عن الرغبة في "تصحيح" مسارها، حيث بدا اليسار الإسرائيلي بزعامة بيريز خلال تلك الفترة، من وجهة نظر الاسرائيليين، أكثر تنازلاً عن مصالح إسرائيل الحيوية وأكثر ليناً في التعامل مع التجاوزات الفلسطينية، الأمر الذي مس بالأمن الشخصي والقومي للاسرائيليين. عقب أحداث النفق سبتمبر 1996، تعرض هذا التأييد الكبير للعملية السلمية لبعض التدهور، الا أنه ما لبث أن عاد إلى سابقه بعد فترة وجيزة من عودة الاتصالات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. فقد أظهر مقياس السلام الذي أجري عقب أحداث النفق أنه على الرغم من مستوى العنف الذي تخلل المواجهات التي أسفرت عن سقوط (16) قتيلاً اسرائيلياً، فإن مستوى التأييد لاتفاقات أوسلو بقي على حاله تقريباً (42 نقطة) مقارنة بشهري أغسطس ويوليو من نفس العام. كما شهد الاستطلاع ارتفاعاً في نسبة المقتنعين بقدرة اتفاقات أوسلو على تحقيق السلام- (33.5%) مقارنة بشهر أغسطس (23.9%). وذلك مع وجود نسبة (80%) من الاسرائيليين يؤيدون عملية السلام بشكل عام(4). قد تكون أحداث النفق (سبتمبر 1996) قد قوضت ثقة الجمهور الإسرائيلي، المتوجس خيفة دائماً حيال أمنه الشخصي، ليس في جدوى اتفاقات أوسلو، وإنما في مدى جدية الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في الالتزام بهذا الاتفاق. تدلل على ذلك نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد الابحاث الجماهيرية في جامعة بار ايلان، حيث أفادت بأن معظم الجمهور الإسرائيلي يعتقد أنه لا يمكن الاعتماد على عرفات وأن الدعم الذي يتمتع به نهج رئيس الحكومة نتنياهو قد ضعف(5). بعد التوقيع على اتفاق اعادة الانتشار في الخليل (14 يناير 1997) طرأ انتعاش على حجم التأييد لعملية السلام مع الفلسطينيين. ففي استطلاعات الرأي التي أجريت في تلك الفترة، أعرب (67%) من الاسرائيليين عن رضاهم عن توقيع الاتفاق مع الفلسطينيين، بل أيد (56%) من المستطلعين استمرار اخلاء إسرائيل مناطق في الضفة الغربية(6). وتعود هذه الانتعاشة في تأييد العملية السلمية إلى انضمام شرائح من اليمين الإسرائيلي لتأييد الاتفاق الذي وقع عليه زعيمهم نتنياهو، وذلك بالإضافة لحجم التأييد الثابت للخطوات السلمية من جانب معسكر اليسار. فلو تم توقيع ذلك الاتفاق من قبل حكومة اليسار لما حظي بهذه النسبة العالية من التأييد. بعد التوصل إلى اتفاق الخليل، وفي خطوة لارضاء اليمين المتشدد في الحكومة(*)، وافق نتنياهو على بدء البناء في جبل أبو غنيم (فبراير 1997)، ماساً بذلك احدى أهم القضايا حساسية (قضية القدس) والتي تعتبر من قضايا الحل النهائي للصراع، في وقت لم يتم فيه استكمال تنفيذ الاتفاقات المرحلية، معتمداً في ذلك على تأييد (80%) من الجمهور الإسرائيلي لمبدأ عدم طرح قضية القدس للتفاوض، وتأييد 72% للبناء في جبل أبو غنيم منهم (41%) يؤيدون البناء حتى لو أدى ذلك إلى اشعال فتيل العنف مع الجانب الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى تأزم العلاقات مع الجانب الفلسطيني وادخال المسيرة التفاوضية في مرحلة طويلة من الجمود. إلا أنه طرأ في مايو 1997 انخفاض حاد بنسبة 27% على التأييد لمواصلة البناء في أبو غنيم (45% أيدوا مواصلة البناء) وذلك لتسببه في جمود العملية السلمية مع الفلسطينيين، مقابل 41% أيدوا ايقافه، بزيادة قدرها 16% عن شهر فبراير، مما يؤكد حرص نسبة كبيرة من الجمهور الإسرائيلي على استمرار عملية السلام. كما شهد شهر ديسمبر عام 1997 انتعاشة كبيرة في حجم التأييد للمسيرة السلمية مع الفلسطينيين، حيث بات الجمهور الإسرائيلي على قناعة تامة بأن حكومته تعمل عن قصد على تجميد العملية السلمية بهدف قتلها. فقد أظهرت نتائج الاستطلاعات التي تناولت المسيرة السلمية في تلك الفترة، أن أغلبية الجمهور الإسرائيلي (53%) ترى أن حكومة نتنياهو غير معنية بتقدم عملية السلام، وقال (59%) بوجود امكانية حقيقية للتوصل إلى السلام مع الفلسطينيين، كما أبدت نسبة كبيرة من الاسرائيليين (41%) قلقاً شديداً إزاء وضع العملية السلمية(7). جدول يبين مستوى تأييد الاسرائيليين لاتفاقات أوسلو (فبراير – يونيو 1997)
- تأييد جارف لاتفاق واي ريفر شهد العام 1998 استمراراً في جمود العملية السلمية. ففي يناير من نفس العام اعتبر 75% من الجمهور الإسرائيلي العملية السلمية في حالة توقف فعلي، مع وجود ما نسبته 47% من الجمهور لا تعزو هذا الجمود إلى مواقف حكومة نتنياهو المتصلبة، ونسبة أكبر (57.8%) أظهرت مزيداً من القلق على وضع العملية السلمية وطالبت الحكومة بتنفيذ الاتفاقات (النبضة الثانية). في 23/10/1998، توصل الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني بعد مفاوضات مضنية برعاية أمريكية إلى اتفاق واي ريفر الذي ينص على رزمة انسحابات من الضفة الغربية بما نسبته (13%). فقبيل توقيع الاتفاق أيدت نسبة (58%) التوصل إلى اتفاق(8). وعقب توقيع الاتفاق مباشرة، أكد (72%) من الجمهور الإسرائيلي أن توقيع الاتفاق كان خطوة في الاتجاه الصحيح(9). وقد استمر هذا التأييد الجارف للاتفاق ليصل إلى (80%) بعد قيام السلطة الفلسطينية بتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني خلال زيارة الرئيس الأمريكي كلينتون لغزة (ديسمبر 1998). فخلال شهر (أكتوبر 1998) سجل مقياس أوسلو أعلى نسبة له منذ توقيعه (57.3 نقطة) في ارتفاع وصل لأكثر من عشرة درجات عن الشهر الذي سبقه(*). إلا أن هذا المؤشر ما لبث أن انخفض انخفاضاً حاداً خلال نوفمبر حيث سجل (51.5 نقطة) نتيجة للخلافات في الساحة السياسية الحزبية في إسرائيل حول تطبيق الاتفاق، ثم عاد وانتعش قليلاً في ديسمبر (54.2 نقطة) وذلك عقب زيارة الرئيس كلينتون لاسرائيل وأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية. بين ديسمبر 1998 حتى يوليو 1999، دخلت العملية السلمية في سبات عميق نتيجة رفض نتنياهو تنفيذ اتفاق واي ريفر بهدف ارضاء الكتل اليمينية في حكومته وثنيها عن اسقاط الحكومة، مما أدى إلى رفع شبكة الأمان التي منحها حزب العمل لنتنياهو لتنفيذ الاتفاقيات، الأمر الذي أدى إلى سقوط الحكومة. وقد انصرفت أنظار الجمهور الإسرائيلي خلال تلك الفترة لمتابعة المعركة الانتخابية بين نتنياهو وباراك. 4- فترة إيهود باراك يوليو 1999- فبراير 2001
لم
يكن الموضوع السياسي هو المحور الأهم في معركة الانتخابات الإسرائيلية بين باراك
ونتنياهو، بل كانت المصداقية الشخصية هي المحك الأساسي الذي أطاح ببنيامين نتنياهو
وجاء بإيهود باراك في 17/5/1999. لذلك فإن مستوى التأييد للسلام مع الفلسطينيين لم
يشهد تغيراً دراماتيكياً عقب فوز باراك، على العكس من ذلك، سجل مقياس أوسلو لشهر
مايو (1999) تراجعاً بمقدار نقطتين عن شهر ابريل (54.5 مقابل 56.8). وهذا يؤكد أن
الجمهور الإسرائيلي لم يغير نظرته لعملية السلام، حيث بدا أنه يفضل الوحدة الوطنية
الداخلية على التقدم في عملية السلام. فقد قال 49% من الجمهور الإسرائيلي أنه لا
توجد صلة بين نتائج الانتخابات وبين مواقف الجمهور بالنسبة لأوسلو(10).
بل أن الجمهور الإسرائيلي بدأ يرتاب في خطوات تقارب الفلسطينيين والعرب مع باراك.
فقد نظر 48% من الجمهور الإسرائيلي إلى هذا التقارب كخطوة تكتيكية تستهدف تهدئة
إسرائيل من أجل الموافقة على تنازلات في المفاوضات. وقد انعكس هذا الارتياب
واللامبالاة تجاه العملية السلمية مقارنة بالقضايا الداخلية الحساسة على مؤشر أوسلو
في شهر يوليو حيث أظهر تراجعاً إلى الوراء بمقدار نقطتين عن شهر مايو مسجلاً 52.1
نقطة، ثم عاد وارتفع في شهر يوليو إلى 55.7 نقطة، وذلك بعد نجاح باراك في تشكيل
ائتلاف واسع يستطيع تأمين الاستقرار للحياة الحزبية في إسرائيل لوقت أطول، حيث بدأت
خطوات الحكومة السياسية الخارجية تنال الرضى من الجمهور وبخاصة تجاه السلام مع
الفلسطينيين. وقد أظهرت استطلاعات الرأي في نهاية عام 1999 أن 40%، تعتقد بأن
الحكومة الحالية ستقود المفاوضات إلى اتفاقات أفضل، ولم يمنع الرضى عن سياسة
الحكومة السلمية تراجع مقياس أوسلو بشكل كبير حيث سجل مع انطلاق مفاوضات الحل الدائم في 29/10/1999 (مفاوضات عبد ربه-عيران) بهدف التوصل إلى اتفاق إطار يحدد شكل الحل النهائي بين الفلسطينيين واسرائيل، عاد الاهتمام بالمسار السياسي مع الفلسطينيين ليقفز إلى أعلى سلم أولويات الشارع الإسرائيلي وذلك بعد سلسلة من الخطوات السياسية التي أعقبت توقيع اتفاق شرم الشيخ في 5/9/1999، تمثلت في تنفيذ بعض الانسحابات في الضفة الغربية والإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين بالإضافة إلى توقيع بروتوكول الممر الآمن. وبناءً على ما أفرزه مؤشر السلام لشهر نوفمبر (1999)، اعتقدت أغلبية بسيطة (54%) من الاسرائيليين يهوداً وعرباً بأن مفاوضات (عبد ربه-عيران) ستؤدي إلى التوصل إلى اتفاق سلام سيفضي إلى تسوية دائمة بين إسرائيل والفلسطينيين، مقابل (44%) من اليهود و(39%) من العرب يعتقدون غير ذلك. كما أن أغلبية في أوساط اليهود والعرب 71% و74% على التوالي لا تعتقد بأن التوقيع على مثل هذا الاتفاق يعني المصالحة بين الشعبين في المستقبل المنظور، وترى أنه لا مجال لتوقع السلام بين الشعبين قبل مرور ثلاثة إلى أربعة أجيال(*). وأفرز الاستطلاع نسبة كبيرة تصل إلى (56%) في الوسط اليهودي و(82%) في الوسط العربي، تعتقد أن صيغة (دولتين لشعبين) التي تقوم عليها المفاوضات الحالية قادرة على أن تكون أساس الاتفاق الدائم بين الطرفين، مما يوضح مدى القناعة التي ترسخت لدى الجمهور الإسرائيلي بأن دولة فلسطينية مستقلة ستنشأ إلى جانب إسرائيل سواء عاجلاً أم آجلاً باتفاق أو بدون اتفاق. تشير هذه النتائج إلى وجود أرضية خصبة داخل الجمهور الإسرائيلي لدعم اتفاق نهائي يؤدي إلى مصالحة مع الفلسطينيين. غير أن هذا الدعم ما لبث أن تلاشى تدريجياً في الأشهر اللاحقة نتيجة للخلافات داخل ائتلاف باراك الحاكم، والتي أثرت سلباً على قدرته في إدارة المفاوضات مع الفلسطينيين. - تأييد كبير لخطوات باراك السلمية ما يميز استطلاعات الرأي خلال العام (2000) أنها بدأت تطرق قضايا حساسة جداً من وجهة نظر الجمهور الإسرائيلي، مثل القدس واللاجئين. فقد اعتبر (51%) من الجمهور الإسرائيلي أن القضية الأهم التي يتوجب إيجاد حل لها في إطار المفاوضات حول اتفاق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين هي القدس، تليها قضية اللاجئين بـ (9%) فقط. على هذه الخلفية، يجب عدم الاستغراب من أن الأغلبية الساحقة من الجمهور الإسرائيلي تهتم جداً أو تعتقد أن على إسرائيل المحافظة على المكانة الحالية للقدس كمدينة موحدة وعاصمة لاسرائيل وحدها. ولكن الاجماع في مسألة أهمية القدس على المستوى المبدأي تزعزع بدرجة معينة عندما طرحت في نفس الاستطلاع إمكانية كون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية إذا كانت هذه المسألة هي العقبة الأخيرة أمام التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين، حيث عبر (28%) عن الاستعداد للموافقة على هذا الحل مقابل معارضة (66%).
خلال شهري فبراير ومارس (2000)، انحرف اهتمام الشارع الإسرائيلي عن المسار السياسي
مع الفلسطينيين إلى الاهتمام بالمفاوضات مع سوريا، حيث خيم الجمود على المفاوضات مع
الفلسطينيين نتيجة فشل لقاءات عبد ربه-عيران، وتوجه باراك تحت ضغط الوضع في جنوب
لبنان، لإيجاد تسوية مع سوريا تشمل اتفاقاً على الخروج من الجنوب اللبناني. لذلك
رأينا هبوطاً واضحاً في مقياس أوسلو من (50 نقطة) في شهر يناير إلى في بداية يونيو 2000 وبعد إغلاق ملف الانسحاب من جنوب لبنان عاد الدفء إلى المسار التفاوضي الفلسطيني، وعاد اهتمام الجمهور بالمفاوضات مع الفلسطينيين. فقد أفرزت نتائج الاستطلاعات في تلك الفترة أنه على الرغم من الادعاءات الصادرة عن أوساط في الحكومة والمعارضة على حد سواء بأن حكومة باراك موغلة في التنازلات التي تصل إلى حد الاضرار بمصالح إسرائيل الحيوية، أيدت أغلبية واضحة (61%) من الجمهور اليهودي عملية المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية رغم ادراكهم أنها ستؤدي في النهاية إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة(*). ولا يعني هذا التأييد الكبير التفاؤل بأن المفاوضات ستفضي إلى نتائج في السنوات القريبة، وذلك لادراك الجمهور الإسرائيلي للتباين الكبير في مواقف الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. الا أن هذا الحجم من التأييد بات يوفر لرئيس الحكومة إيهود باراك فرصة كبيرة لتمرير اتفاق نهائي، إلى الشعب من فوق رؤوس الكتل البرلمانية التي قوضت أركان حكومته عشية سفره إلى كامب ديفيد (13-23 يوليو 2000). وقد تُرجم التأييد للمفاوضات مع الفلسطينيين من خلال ارتفاع معدل أوسلو ثلاث درجات (46.5 نقطة) في شهر يونيو مقابل (43.5 نقطة) في شهر مايو. - موقف الجمهور من مفاوضات كامب ديفيد ظهر التباين واضحاً إلى حد الإنقسام في الشارع الإسرائيلي إزاء إمكانية انتهاء هذه القمة إلى اتفاق يشمل القضايا النهائية (القدس، اللاجئون، المستوطنات). فقد أعرب (70%) من الاسرائيليين عن معارضتهم لإعادة "جزء ما" من القدس الشرقية في اطار اتفاق سلام مقابل إعلان الفلسطينيين عن انهاء النزاع، فيما أبدى 27% فقط موافقتهم على ذلك(11). وهذا يعني أن معارضة التنازل عن أجزاء من القدس لا تقتصر على الجمهور اليميني فقط، بل تمتد لتشمل نسبة عالية من الوسط واليسار. وتأتي هذه المعارضة على الرغم من ادراك الاسرائيليين العميق أن الفلسطينيين لن يوافقوا على تسوية تكون فيها القدس الشرقية كلها تحت السيادة الإسرائيلية. خلال قمة كامب ديفيد جرت عدة استطلاعات داخلية بطلب من رئيس الحكومة لقياس آراء الجمهور الإسرائيلي ازاء اتفاق يشمل حلاً في القدس. وقد جاءت النتائج مشجعة لرئيس الحكومة. وكانت الاستطلاعات على شكل استفتاء يطلب فيه من الجمهور قبول أو رفض اتفاق "الرزمة" بصورة تامة. وأثبت أحد الاستطلاعات أن (65%) من الجمهور الإسرائيلي يؤيد الاتفاق المقترح. وقد شككت أوساط سياسية كثيرة في هذه الاستطلاعات التي تتناقض مع نتائج استطلاع للرأي أجرته معاريف في نفس اليوم أظهر أن (50%) من الجمهور الإسرائيلي يعارض اتفاقاً يشمل رزمة حلول تتضمن: دولة فلسطينية مستقلة منزوعة السلاح في قطاع غزة ونحو 90% من أراضي الضفة الغربية، امكانية اعادة اللاجئين إلى الدولة الفلسطينية واعادة عدة آلاف إلى إسرائيل على أساس انساني، اخلاء بضع عشرات من المستوطنات وإبقاء الأغلبية المطلقة من المستوطنين في المناطق الفلسطينية تحت السيادة الإسرائيلية، سيادة فلسطينية على أحياء معينة في شرقي القدس، واعلاناً عن انتهاء النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد أيد مثل هذا الاتفاق 42% فقط(12). غير أن نسبة عالية جداً من الاسرائيليين (59%) أعربت عن أملها في نجاح القمة والتوصل إلى اتفاق. - "فشل القمة لم يحجب التأييد" على الرغم من الفشل الذي آلت اليه قمة كامب ديفيد، فإن (66%) من الجمهور الاسرائيلي أيد استمرار المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، مقابل معارضة (29%) فقط. وقد حمَّل (11%) من الجمهور الإسرائيلي رئيس حكومتهم المسؤولية الكاملة عن فشل القمة و(18%) حمَّلوا الطرفين نفس القدر من المسؤولية مقابل تحميل (57%) المسؤولية الكاملة للجانب الفلسطيني(13). كما ظل مؤشر أوسلو مستقراً (44.3 نقطة لشهر يوليو مقابل 43.4 عن شهر يونيو) إلا أن عملية السلام عادت في شهر أغسطس إلى احتلال مرتبة دنيا في سلم اهتمام الجمهور الإسرائيلي، واحتلت المشاكل الداخلية المراتب العليا لهذا الاهتمام. وبدأ التشاؤم يطفو على السطح تجاه المسيرة السلمية مع الفلسطينيين نتيجة الجمود المتواصل في عملية السلام بعد فشل قمة كامب ديفيد. وبالنسبة للمواقف تجاه الفلسطينيين، نرى وجود نظرة موضوعية لدى نسبة كبيرة من الجمهور الاسرائيلي، حيث اعتبر (56.3%) من الجمهور الإسرائيلي أن مطلب الفلسطينيين بالاستقلال مطلب عادل. ولكن الثلث فقط منهم يوافقون على أن تكون عاصمتها في شرقي القدس، حتى وان كان ذلك يمثل العقبة الأخيرة أمام السلام(14). وقد سجل معدل تأييد أوسلو ارتفاعاً طفيفاً في شهر أغسطس، رغم جو التشاؤم السائد (45.3 نقطة) مقابل (44.3 نقطة) لشهر يوليو. 5- الرأي العام منذ بدء المواجهات ظهر تأثر الشارع الإسرائيلي يهوداً وعرباً بالأحداث التي وقعت في الأراضي الفلسطينية في أواخر سبتمبر 2000. فلدى مقارنة نتائج استطلاعين أجريا قبيل وبعد الأحداث، يتضح مدى الانخفاض الذي طرأ على مؤشر السلام العام ومؤشر أوسلو في الوسطين اليهودي والعربي على نحو منفصل، حيث كانت مواقف العرب من عملية السلام أكثر إيجابية من مواقف المستطلعين اليهود، الا أن تأثير الأحداث السلبي على هذه المواقف كان أقوى في أوساط العرب منه في أوساط اليهود، وذلك في كل ما يتعلق بالتوقعات والنظرة إلى المستقبل. ففي الوقت الذي قدر فيه (55%) من العرب في الاستطلاع الأول أن احتمالات التوصل لحل للصراع قد تحسنت، هبطت النسبة في الاستطلاع الثاني إلى (27%). أما عند اليهود فكانت النسبة في الاستطلاع الأول (29%) وفي الثاني (22%). وفيما يتعلق بعملية السلام، بدت مواقف الجمهور العربي من عملية السلام بمظاهرها المختلفة أكثر ايجابية بكثير من مواقف الجمهور اليهودي، إلا أن نسبة العرب المنخفضة تحد من تأثيرها على المقياس العام. وقد سجل مقياس أوسلو قبل الأحداث (51.3 نقطة) بارتفاع قدره (6) نقاط عن شهر أغسطس، إلا أنه سجل بعد يومين من اندلاع الأحداث (42.6) نقطة بانخفاض (9 نقاط) عاكساً بذلك مدى تأثير الأحداث على تأييد الجمهور الإسرائيلي لعملية السلام مع الفلسطينيين. خلال الربع الأخير من العام 2000، ازدادت البلبلة في مواقف الجمهور الإسرائيلي تجاه السلام مع الفلسطينيين. وتؤكد النتائج المتضاربة التي أفرزتها استطلاعات الرأي العام في إسرائيل خلال أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2000 هذه البلبلة التي أصبحت السمة الواضحة لمواقف الرأي العام الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، حيث عبر الاسرائيليون عن فقدان ثقتهم في اتفاقات أوسلو، غير أنهم أبدوا رغبتهم في احلال السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب بمن فيهم الفلسطينيون. في نفس الوقت، أيد الاسرائيليون (في استطلاع لمعاريف 27/10/2000) بنسبة عالية (57%) إقامة دولة فلسطينية واستئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى حلٍ دائم مع الفلسطينيين. وإزاء إدراكهم بأن مثل هذا الحل سيتضمن حتماً إزالة مستوطنات، فإن (60%) أيدوا استمرار عملية السلام وعارضوا في ذات الوقت إزالة المستوطنات. يرتبط هذا التناقض في الآراء ازاء الحل مع الفلسطينيين بالوضع الأمني وما يجري على الأراضي الفلسطينية من جهة، وبالساحة السياسية الإسرائيلية من جهة أخرى. فبعد شهر تقريباً من بدء المواجهات أشار مؤشر السلام لشهر أكتوبر 2000 إلى مدى الضرر الذي ألحقته الأحداث بثقة الجمهور الإسرائيلي بعملية أوسلو، حيث أعرب (35%) فقط عن تأييدهم لمشروع أوسلو مقابل (48.9%) عن شهر سبتمبر الذي سبقه، على الرغم من أن (70%) من الاسرائيليين ما زالوا يساندون السلام مع الفلسطينيين. إلا أن انخفاض حجم التأييد لاتفاقات أوسلو لا يعني بالضرورة، من وجهة نظر الجمهور الإسرائيلي، الاستغناء عنها. ففي منتصف نوفمبر وفي ظل اشتداد وتيرة المواجهات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، أيد (66%) من الاسرائيليين استمرار مسيرة السلام مع السلطة الفلسطينية، وقال (59%) بأنهم سيصوتون في استفتاء شعبي لصالح اتفاق يتوصل اليه باراك وعرفات بعد اتفاقهما على وقف اطلاق النار، وذلك بنفس مضامين مقترحات كامب ديفيد (في استطلاع سابق أعرب (49%) فقط عن تأييدهم لاتفاق يقوم على مقترحات كامب ديفيد)(15). وفي نفس الاستطلاع فضل (58%) من الاسرائيليين الانفصال عن الفلسطينيين من طرف واحد في حال عدم التوصل لاتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. يظهر الانقسام جلياً في الشارع الإسرائيلي عند طرح قضية مصير المستوطنات، فقد أظهرت الاستطلاعات التي أجريت في نهاية نوفمبر 2000، أن هناك انقساماً شبه تام في مواقف الإسرائيليين حيال مستقبل المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة وما تمثله من اسهام أو عبء بالنسبة للأمن الإسرائيلي. فقد جاء في نتائج استطلاع للرأي في 24/11/2000 أن (41%) من الاسرائيليين يعتقدون أن المستوطنات في غزة لا تعزز الأمن الإسرائيلي، في حين رأت نفس النسبة أن هذه المستوطنات تعزز الأمن الإسرائيلي. وأعرب (50%) أنهم لا يؤيدون اخلاء المستوطنات من غزة في نطاق اتفاق سلام، في حين أيد (45%) اخلاء جميع المستوطنات من غزة(16). وفي نفس الاستطلاع أعرب (68%) من المشاركين عن عدم ايمانهم بامكانية إنجاز اتفاق سلام مع الرئيس الفلسطيني عرفات. إلا أنه على الرغم من عدم إيمان الأغلبية في إسرائيل بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مع الرئيس عرفات، فإن أغلبية(56%) تؤيد التوصل إلى حل دائم أو مرحلي مع الفلسطينيين قبل اجراء انتخابات في إسرائيل (أجريت في 6/2/2001). وقد أعرب (52%) عن تأييدهم لتسوية مرحلية تتضمن التوصل إلى تسوية حول حدود الدولة الفلسطينية القادمة بحيث لا تتضمن القدس ولا تنص على حق العودة للفلسطينيين ويتم تأجيل بحث القضيتين لفترة لاحقة(17). في بداية ديسمبر (2000) ونتيجة للضربات المتواصلة التي تلقتها المستوطنات والتكلفة الباهظة التي تتحملها إسرائيل من أجل حماية المستوطنات، ظهر تحول في موقف الجمهور الإسرائيلي تجاه اخلاء المستوطنات، حيث وافق (55%) من الاسرائيليين على الاخلاء الجزئي أو التام للمستوطنات في اطار اتفاق سلام تام(18). وبالنسبة لمسيرة أوسلو، فقد انخفض الدعم في الوسط اليهودي إلى أدنى درجة، حيث سجل مؤشر أوسلو لشهر ديسمبر (35 نقطة) مقابل (51 نقطة) عن شهر سبتمبر 2000 و(42 نقطة) بعد الأحداث مباشرة. كما انخفض الايمان باحتمال أن تسفر مثل هذه المسيرة عن نتائج ايجابية كثيراً، حيث قال (25%) فقط من الجمهور الإسرائيلي إنهم يؤمنون بذلك.وهنا تبدو الصورة أكثر سوداوية من تلك التي ظهرت في استطلاعات الرأي في ذروة أحداث عام 1996. منذ نهاية ديسمبر 2000 وهو تاريخ الإعلان عن اجراء انتخابات لرئاسة الحكومة، وحتى 7/3/2001 وهو تاريخ تقديم "آرئيل شارون" حكومته للكنيست للمصادقة عليها، انصبت استطلاعات الرأي العام على متابعة الحملة الانتخابية وفرص كل من المرشحين (باراك-شارون) حيث ظهر التفوق جلياً لزعيم الليكود منذ البداية، على الرغم من أن باراك حاول الوصول إلى يوم الانتخابات وفي يده نص اتفاق سلام مع الفلسطينيين يكون بمثابة رافعة الإنقاذ له من الهزيمة. إلا أن انتهاء محادثات طابا (يناير 2001) دون التوصل إلى اتفاق مكتوب، قد جرد باراك من فرصته الأخيرة للفوز، وبات قدوم آرئيل شارون إلى رئاسة الحكومة أمراً حتمياً. وهذا ما تم في السادس من فبراير 2001 كإعلان من جانب الجمهور الإسرائيلي بأن أمنه الشخصي والقومي يتفوق في الأهمية على دعمه لعملية السلام. (جدول مقاييس أوسلو 1998-2000)(*)
6- فترة شارون / فبراير 2001 مع تولي أرئيل شارون رئاسة الحكومة في 7/3/2001، قل الحديث عن استئناف مسيرة السلام مع الفلسطينيين، وبات هناك شبه اجماع في الرأي العام اليهودي داخل إسرائيل على وجوب تبني سياسة أكثر تشدداً حيال الفلسطينيين، حيث أيد (71%) من اليهود سياسة الاغلاق ومحاصرة المدن والقرى الفلسطينية. وقد أشارت استطلاعات الرأي التي أعقبت فوز شارون إلى أن الانتفاضة مست بقدر كبير بثقة الجمهور الإسرائيلي (اليهودي) بالنوايا السلمية الفلسطينية. فثلاثة أرباع الجمهور اليهودي يرون بأن السلطة الفلسطينية غير معنية اطلاقاً بتحقيق سلام مع اسرائيل، كما يعتقد 72% أن الفلسطينيين لا يقبلون بوجود إسرائيل وسيدمرونها إذا سنحت الفرصة لهم بذلك. وقد وصلت شكوك الاسرائيليين تجاه الفلسطينيين إلى درجة كبيرة حيث اعتقد 41% بأن هدف الانتفاضة الرئيسي هو اضعاف إسرائيل لإرغامها على التوقيع على معاهدة سلام حسب شروط عرفات(19). على الرغم من ذلك، فإن أغلبية كبيرة (62%) توافق على اقتراح وقف النار مقابل تجميد المستوطنات. كما أن نسبة كبيرة من الاسرائيليين (46%) ما زالت ترى في الرئيس الفلسطيني عرفات شريكاً في المفاوضات. تعكس هذه النسبة العالية من التأييد لاقتراح وقف الاستيطان مقابل وقف النار مدى استعداد الجمهور الإسرائيلي للتنازل في قضية الاستيطان مقابل وقف هذا الكابوس. وفي استطلاع آخر، أيد (58%) من الاسرائيليين هذا الاقتراح، الأمر الذي يفسر التأييد الجارف (60%) لمبدأ الفصل بين إسرائيل والفلسطينيين سواء باتفاق أو بدون اتفاق وإخلاء نسبة كبيرة من المستوطنات المعزولة. وتشير الاستطلاعات الأخيرة إلى مدى الرضى الذي يمنحه الجمهور الإسرائيلي لأداء رئيس حكومته، حيث أبدى 71% من الاسرائيليين اليهود رضاهم التام عن أداء رئيس حكومتهم(20)، على الرغم من ادراك نسبة كبيرة منهم (46%) أنه لا يملك خطة لتحقيق الهدوء في المناطق الفلسطينية. في ظل غياب الحديث عن السلام وعدم استئناف المفاوضات التي تؤدي إلى حل دائم، فإن أغلبية الجمهور اليهودي ترى في الفصل من جانب واحد الحل العملي الوحيد الآن، بغية اعادة الأمن الشخصي للإسرائيليين. فوفقاً لمقياس السلام لشهر مايو 2001، تعتقد الأغلبية (70%) أن عرفات شخصياً لا يريد أو ليس مستعداً للتوقيع على اتفاق لإنهاء النزاع مع إسرائيل. فحتى لو وافقت إسرائيل على مطالبه، فإنه سيطرح مطالب أخرى حتى يوقف الاتفاق. أما على صعيد القضايا الحساسة التي تقف عقبة أمام التوصل إلى اتفاق، فإن هناك تراجعاً ملحوظاً في قضية الاستيطان، حيث أبدى (40%) فقط استعدادهم لقبول اخلاء جميع المستوطنات من الأراضي الفلسطينية، إذا كان ذلك هو العقبة الأخيرة في طريق التوصل إلى سلام، وذلك مقابل رفض (50%) لذلك. أما على صعيد القدس، تبقى المعارضة لأي تنازل قوية إلى حد كبير، حيث رفض (64%) تقديم أي تنازل في القدس، حتى لو شكل ذلك العقبة الوحيدة أمام التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع مع الفلسطينيين. وقد كانت النسبة في شهر يوليو (70%). ويعزا هذا التراجع إلى ادراك الجمهور الإسرائيلي لاستحالة التوصل إلى اتفاق نهائي مع الفلسطينيين دون تقديم تنازلات في القدس. إن فقدان الجمهور الإسرائيلي الثقة بقدرة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على التوصل إلى حل يضع حداً للعنف، دفعه إلى تأييد، وبنسبة كبيرة (48%)، قيام الإدارة الأمريكية بفرض حل على الطرفين(21). وهذا مؤشر يتناقض مع توجهات حكومة شارون التي ترفض أسلوب التعامل الذي انتهجته إدارة كلينتون السابقة، والقائم على الشراكة في العملية السلمية وليس الوساطة. وقد نجحت في ذلك حتى وقت قريب. إلا أنه مع ارتفاع وتيرة العنف بشكل متزايد، أصبح التدخل الأمريكي المباشر مطلباً جماهيرياً اسرائيلياً بشكل علني وغير علني على المستوى السياسي. ثالثاً- "الاستنتاجات" من خلال الاستعراض السابق لمواقف الجمهور الإسرائيلي من عملية السلام مع الفلسطينيين، يمكن الوقوف على عدة نقاط رئيسة هي: أن تأييد الجمهور الإسرائيلي لاتفاقات أوسلو شبه ثابت، وهو يتراوح بين 43 نقطة في حالات التردي و56 نقطة في حالات الانتعاش، وأن التقلبات الحادة التي تطرأ على هذا التأييد تأتي في الغالب نتيجة لظروف آنية. فالارتفاع عادة يعقب الهدوء الأمني والاتصالات الفلسطينية –الإسرائيلية التي توحي بإمكانية التوصل إلى اتفاق، بينما يأتي الانخفاض بعد جمود سياسي يصاحبه تدهور أمني وبخاصة داخل إسرائيل. من جهة ثانية، فإن المحرك الرئيسي لبوصلة الرأي العام الإسرائيلي هي قضية الأمن الشخصي بصفة خاصة والأمن العام بصفة عامة. وهي تتقدم على ما سواها من قضايا. كذلك فإن مواقف الجمهور الإسرائيلي من قضيتي الاستيطان والقدس شهدت تراجعاً ملحوظاً عن الخط المتصلب الذي سجلته في بداية عملية السلام، حيث بدا أن هناك استعداداً كبيراً لدى أغلبية (55% في مايو 2001) من الاسرائيليين لتأييد اخلاء جزئي أو تام للمستوطنات في اطار اتفاق شامل. وبالنسبة للقدس، عبر (28%) أثناء انعقاد قمة كامب ديفيد في يوليو 2000 عن استعدادهم للموافقة على حل يشمل سيادة فلسطينية على شرقي القدس بما فيها الأماكن الاسلامية المقدسة إذا ما أزال ذلك آخر عقبة في طريق السلام، وفي هذا خروج كبير عن اجماع (90%) استمر طويلاً حول أهمية ابقاء القدس على مكانتها الحالية. من جهة أخرى فإن حجم تأثير المستوى السياسي الممثل في رؤساء الحكومات والحكومات والأحزاب في تشكيل الرأي العام الإسرائيلي يفوق بكثير تأثير الرأي العام على المستوى السياسي. كما ان وسائل الاعلام الإسرائيلية تلعب دوراً رئيساً في تشكيل الرأي العام الاسرائيلي، حيث تتمتع بمصداقية كبيرة في الشارع الإسرائيلي. وفي هذا المجال يسجل على الجانب الفلسطيني السلبية المفرطة في التوجه إلى الشارع الإسرائيلي الذي لا يرى ولا يسمع الا وجهة نظر حكومته وأحزابه واعلامييه. بالاضافة إلى ذلك، هناك قطاع واسع من الجمهور الإسرائيلي يتراوح بين 15-30% لا يملك وعياً كاملاً حول القضايا العالقة بين إسرائيل والفلسطينيين، الأمر الذي ينعكس سلباً على مشاركته في استطلاعات الرأي ويتسبب في احداث كثير من البلبلة في مواقف الجمهور الإسرائيلي ازاء قضايا حساسة جداً. المراجع : (*) تعتبر هذه النسبة مرتفعة نظراً لأن أياً من الأحزاب الإسرائيلية في تلك الفترة لم يعلن صراحة موافقته على اقامة دولة فلسطينية مستقلة. (*) على اثر التوقيع على اتفاق الخليل قدم وزير العلوم بيني بيغن (من صقور الليكود) استقالته من الحكومة كما هدد زعيم موليدت رحبعام زئيفي بوقف دعم الحكومة من الخارج. (**) في شهر مارس من عام 1997 طرأ انخفاض كبير على حجم تأييد أوسلو نتيجة للعملية الانتحارية التي وقعت في مقهى في تل أبيب. (*) جاء هذا المقياس مباشرة بعد أسبوع من توقيع اتفاق واي ريفر (23) أكتوبر 1998. (*) في هذه النقطة يبدو أن الجمهور الإسرائيلي لم يكن مقتنعاً بقدرة إيهود باراك على وضع حد لصراع بين الشعبين مدته مائة عام كما صرح في برنامج حكومته. (*) كما ذكرنا آنفاً هناك استطلاعات تختص بالوسط اليهودي وحده وهي في الغالب تناقش قضايا حساسة جداً. (*) تقيس هذه المؤشرات التي تصدر منذ نهاية العام 1994 عن مركز تامي تشيمنس لابحاث السلام في جامعة تل ابيب، معدلات التأييد للسلام العام واتفاقات أوسلو بالنقاط. (1) مقياس السلام لشهر أكتوبر 2000 (صادر عن جامعة تل ابيب). (2) التلفزيون الإسرائيلي، 8/3/1996 (عن شؤون إسرائيلية-مركز التخطيط الفلسطيني). (3) مقياس السلام عن شهر يونيو 1996. (4) مقياس السلام عن شهر سبتمبر 1996. (5) يديعوت أحرونوت، 7/10/1996. (6) يديعوت أحرونوت، 16/1/1997. (7) مقياس السلام الصادر عن جامعة تل ابيب شهر ديسمبر 1997. (8) معاريف، 4/10/1998. (9) يديعوت أحرونوت، 23/10/1998. (10) مؤشر السلام لشهر مايو 1999. (11) يديعوت أحرونوت + معاريف 21/7/2000. (12) معاريف، 23/7/2000. (13) معاريف، 28/7/2000. (14) مؤشر السلام العام لشهر أغسطس 2000. (15) غالوب – معاريف 10/11/2000. (16) داحاف – يديعوت أحرونوت 24/11/2000. (17) داحاف - يديعوت أحرونوت 1/12/2000. (18) يديعوت أحرونوت 8/12/2000. (19) مؤشر السلام عن شهر ديسمبر 2000. (20) داحاف - يديعوت أحرونوت 4/5/2001. (21) غالوب – معاريف 25/5/2001. |
|