Operation Hebron Eric Jordan London, Int. Media Group, 2001, 37OP. -مراجعة محمد حسنين هيكل -مجلة "وجهات نظر" ، العدد 29، يونيو 2001 القاهرة. قراءة: سلافة حجاوي أقر بأنني لم أقرأ هذه الرواية الصادرة حديثاً جداً، وذلك نظراً لعدم وصول البريد من الخارج بفعل الحصار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، غير أنني قرأت المراجعة التي أعدها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ونشرها في العدد الأخير من مجلة "وجهات نظر". وقد وجدت موضوع هذه الرواية مثيراً إلى حدٍ كبير، كما وجدت المراجعة نفسها أكثر إثارة، الأمر الذي دفعني إلى عرض هذه المراجعة الهامة على إنتظار الحصول على الكتاب نفسه. هذا الكتاب عمل روائي طويل، والمؤلف رجل مخابرات أمريكي شهير هو أريك جوردان، الذي عمل، كما يقول محمد حسنين هيكل، سنوات طويلة في الشرق الاوسط، حيث عرفه هيكل منذ عام 1969 كمسؤول للمخابرات الأمريكية في ليبيا، ثم تنقل في عدة مواقع عربية وفي الصالونات العربية في أوروبا، إلى أن أصبح في أوائل الثمانينات مستشاراً للرئيس ريغان في شؤون الإرهاب، ثم عرف بعد ذلك كرجل أعمال يتنقل هنا وهناك، إلى أن أطل جوردان في عام 2001 كمؤلف لقصة روائية هي العملية هيبرون. ثم يقول محمد حسنين هيكل بأنه لم يقرأ أية رواية منذ سنوات طويلة، إذ كان يشعر بأن مجال الرواية ليس من اختصاصه، غير أن هذا الكتاب قد وصله مؤخراً من صديق تمنى عليه أن يقرأه. وفعلا، كما يقول هيكل، عمد في امسية كان يبحث فيها عن شيء يقرأه لكي يخلد للنوم، إلى قراءته، حيث ما لبث النوم أن طار من عينيه وجلس فوراً ليكتب تلك المراجعة المنشورة في مجلة "وجهات ونظر". الرواية، كما يصفها هيكل، وكما تبدو من عرضه لها، خلاصة لما يسميه "بالخيار الملتبس بالحقيقة أو الحقيقة الملتبسة بالخيال". فما الذي يدعو رجل مخابرات عتيد مثل جوردان إلى اللجوء إلى كتابة رواية بدلا من تسجيل معلوماته وخبراته، كما فعل أو يفعل الكثيرون من رجال المخابرات في العادة؟ ويجيب على هذا السؤال بأنه يعتقد أن جوردان، وتحاشيا للتقييدات التي تفرض نفسها على شخص مثله بأن لا ينشر كل معلوماته، وبخاصة أنها تتعلق بإسرائيل، قد لجأ إلى فن الرواية لكي يتحاشى المحظور، "فيصوغ الحقيقة خيالاً" ويأخذ من الوقائع تفاصيله. الاطار الزمني للرواية هو التسعينات، والمكان هو إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، والعقدة الرئيسة هي قرار إسرائيلي رفيع ومطلق السرية، بالعمل على ايصال "عميل" لإسرائيل إلى رئاسة الإدارة الأمريكية، حيث يقع الاختيار على سيناتور في مجلس الشيوخ الأمريكي "يتعاون مع إسرائيل سراً ويزودها بأهم المعلومات السرية". ويصر مسؤول المخابرات الإسرائيلية في واشنطن، واسمه "تيرون"، على عدم البوح بإسم هذا السيناتور وذلك ضماناً للسرية، الذي اختاره لخوض الانتخابات الرئاسية وتجنيد كل الإمكانيات السرية لتمكينه من الفوز، حيث أطلق على هذا الشخص اسم "هيبرون". ويبرر تيرون ذلك في الاجتماع السري الذي عقده مع رئيس الوزراء الاسرائيلي وثلاثة آخرين، إنه على الرغم من النفوذ الكبير الذي تتمتع به إسرائيل في الولايات المتحدة، فأن "أحداً لا يستطيع أن يضمن !"، فهم، أي الامريكان، وبخاصة في ظل الظروف المستجدة، "يلحون علينا أحياناً في أن نتجاوب مع المطالب الفلسطينية ولو بطريقة تجميلية، ويتصورون أحياناً أخرى أن هناك سلاماً ممكناً في المنطقة، ولا يريدون أن نتصرف في المنطقة العربية بالشكل الذي نراه نحن، ولا يريدون أن نقيم أية علاقة لا يعرفون بها مع أوروبا أو روسيا والصين". ويستطرد قائلاً: "تريد إسرائيل رئيساً أمريكيا يأتمر بأمرها وينفذ كل ما تصدره له من أوامر". وإذ اتخذ القرار، يبدأ تيرون بالتحرك بسرية مطلقة. وكانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية على الأبواب، وكان هناك أربعة مرشحين، إثنان من الحزب الجمهوري وواحد من الحزب الديمقراطي وواحد مستقل. كان الرئيس "دوغلاس" الذي أوشكت مدة رئاسته على الانتهاء، يدعم نائبه "هيز" ظاهريا، غير أنه كان يرى في هيز شخصية ضعيفة غير قادرة على مقاومة الضغوط الإسرائيلية. ولذلك يعمد سراً إلى دعم مرشح جمهوري آخر، هو السيناتور "جونسون"، نظراً لما يتمتع به من شخصية قوية، ولموقفه غير المنحاز لإسرائيل. فهو أمريكي وطني خالص، يخضع كل قرار للمصلحة الأمريكية العليا، بينما كان مرشح الحزب الديمقراطي ، السيناتور "وستليك، مؤيداً" لإسرائيل على نحو جارف. هكذا بدأ تيرون في الإعداد للحملة الانتخابية الامريكية، وكان أول عمل يقرر القيام به هو التخلص من السفير الأمريكي في بروكسل، سورنسون، وهو الخبير الذي لا يضاهى في إدارة الحملات الانتخابية والذي اوصل الرئيس دوغلاس إلى الرئاسة بفضل مهارته، إضافة إلى أنه ليس صديقاً لإسرائيل وله إتصالات عديدة مع العرب، كما أنه معروف بأنه زير نساء. وبالفعل، يقوم الموساد برئاسة تيرون، بتجنيد فتاة صربية جميلة لقتل سورنسون، حيث تم ترتيب كل الإتصالات على نحو تقتنع فيه الفتاة بأن المخابرات الإيرانية وليس الموساد، هي التي تجندها، فتقوم بقتل السفير المذكور، لتجد بعد ذلك أن جهة ما لم تدفع لها الأجر المتفق عليه. فتشتد نقمتها وتبدأ بالعمل لمعرفة الجهة الحقيقية التي جندتها، وهو ما تجده لدى مدير مكتب الاستخبارات الروسية، الجنرال يوري، الذي يخبرها بأن مسؤول الموساد "تيرون" هو الذي جندها. وفي الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي دوغلاس لتوفير اقصى الدعم لمرشحه المفضل السيناتور جونسون، ويعمد إلى الاتصال بالعرب لتوفير الدعم المالي لحملة جونسون، ويحصل على أموال كبيرة لذلك، يكون الجنرال يوري قد اوصل نبأ العملية هيبرون إلى بوبوف، رئيس روسيا الجديد، الذي ينفعل كثيراً ويستشيط غضباً، "لأن وصول عميل اسرائيلي إلى رئاسة الولايات المتحدة أشد خطرا على روسيا منه على العرب"، ويقرر إطلاع الرئيس الأمريكي دوغلاس على ذلك، وبخاصة أن روسيا في حاجة ماسة لدعم الولايات المتحدة السريع في أمر قبولها عضواً في "مجموعة السبعة" الاقتصادية، وفي أمر القرض الكبير لروسيا من صندوق النقد الدولي. ويصعق الرئيس الأمريكي دوغلاس بالمعلومات ويقول: "أهذا معقول هل تستطيع إسرائيل التفكير في عمل من هذا النوع وهي تعرف مخاطر انكشافه؟. أظن أن الروس مخطئون، أو أنهم يلعبون على ما نعرفه جميعاً عن قرب السناتور الديمقراطي ويستليك من اللوبي الإسرائيلي". هكذا تتصاعد الحملة على كل الجبهات، ويعلن السناتور ويستليك عشية الانتخابات بأن أول قرار سيوقعه فور وصوله إلى البيت الابيض هو إشراك إسرائيل في صناعة الطائرة ي.ف 22 التي تعتبر الطائرة المقاتلة للقرن الحادي والعشرين. وتظهر النتائج الصاعقة حين يتم الإعلان عن سقوط ويستليك وفوز السناتور الجمهوري جونسون، فيعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي اجتماعاً كارثياً يندب فيه كل الجهود التي بذلت والأموال التي صرفت دون طائل، ويرتاح الرئيس الروسي والرئيس الأمريكي والعرب. في الآن ذاته، يكون مدير الموساد "تيرون" قد شك في معرفة المخابرات الأمريكية بقضية هيبرون، فيعقد فور ظهور النتائج اجتماعاً سرياً جداً مع "هيبرون" للعمل على عدم حدوث فضيحة. وبينما هما في الاجتماع، تكون الفتاة الصربية "جاكي" قد حصلت على معلومات عن مكان تيرون، فتقتحم الغرفة وتقتل، ليس تيرون فقط، وانما هيبرون ايضا، حيث ما يلبث أن يتضح بأن "هيبرون" لم يكن سوى السيناتور جونسون مرشح الرئيس دوغلاس، الذي فاز في الانتخابات، والذي يملك سجلاً طويلاً في عدم الإنصياع لإرادة اللوبي الإسرائيلي وفي معارضة القرارات المؤيدة لإسرائيل في مجلس الشيوخ. حقا، تتمتع هذه الرواية بقدر كبير من الاثارة، ولها مدلولات كبيرة، كما إن العرض الذي قدمه محمد حسنين هيكل لها، قد أثبت بأنه يمتلك قدرات روائية توازي قدراته السياسية والصحفية. ولا يسعنا الا أن نتساءل مع محمد حسنين هيكل، هل الرواية خلاصة مزيج من الخيال الملتبس بالحقيقة أو الحقيقة الملتبسة بالخيال؟، كما يحق لنا التساؤل، وبخاصة في ضوء عدم الإطلاع حتى الآن على نص الرواية، لماذا تمت تسمية العميل المذكور "هيبرون"، التي تعنى بالعربية مدينة الخليل الفلسطينية! |
|