تأثير فك الارتباط على الواقع الجيوبولتيكي في الضفة الغربية

N

                                                                                                            

 

تمهيد                                                                                            أ. مجد الوجيه

تقديم                                                                                         د. يوسف ابراهيم

ورقة العمل المقدمة:

تأثير فك الارتباط على الواقع الجيوبولتيكي في الأراضي الفلسطينية                      أ.   جمال البابا

المناقشات والمداخلات  

الردود 

 

 M

الضيوف الكرام، الدكتور يوسف إبراهيم، أهلاً بكم جميعاً في مركز التخطيط في ورشة العمل الخامسة الخاصة بالأبعاد الجيوبوليتيكية لخطة الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة وبعض مستوطنات شمال الضفة الغربية، ولا ريب أن الكثيرين وبخاصة المختصين منكم والمهتمين باستشراف المستقبل إثر تنفيذ هذه الخطة قد تابعوا العديد من التصريحات الإسرائيلية، والتحليلات المختصة بأبعادها وتأثيراتها الآنية والمتوسطة والبعيدة الأمد على مستقبل العملية السلمية، ومستقبل الكيان الفلسطيني الذي لا يزال في مراحله الأولى.

ورشة العمل لهذا اليوم تختص بهذا البعد لكن من وجهة نظر أكثر علمية ودقة، فهي تقوم في أساسها على استقراء الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية انطلاقاً من قراءة واعية ومتعمقة للاجراءات الجغرافية الإسرائيلية، أو ما يسمى سياسة فرض الوقائع على الأرض من خلال الانسحاب، أو الاحتلال، أو الاستيطان في كل من قطاع غزة والضفة الغربية. وتكتسب هذه الورشة أهميتها ليس فقط من خلال أهمية الموضوع المطروح وكيفية تناوله وتحليله، وليس فقط لأن غالبية الضيوف الكرام هم من المختصين القادرين على إثراء موضوع الورشة بنقاش عميق مختص، كما نأمل، بل لأن أيضاً د. يوسف إبراهيم سيكون بخلفيته العلمية العميقة في مجال الجغرافيا السياسية مشارك معنا في الورشة، بالإضافة إلى الأستاذ جمال البابا الخبير المتعمق بمواضيع السكان والأرض والاستيطان من المنظور الإسرائيلي، وهو ما سنسعى إلى الاستفادة منه بقدر الإمكان.

 مجد الوجيه

مدير عام مركز التخطيط الفلسطيني

 

تقديم: د. يوسف إبراهيم(*)

بداية لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لمركز التخطيط على هذا الجهد العلمي الذي يقوم فيه في هذه الأيام لتغطية مواضيع ذات اهتمام استراتيجي كبير جداً مؤثرة على القضية الفلسطينية. نلتقي في هذه اليوم للدراسة والتشاور في موضوع دراسة الأبعاد الجيوسياسية وموضوع فك الارتباط، أو ما يعرف بإعادة الانتشار أو مصطلح الانسحاب أو مصطلح التموضع أو مصطلح خطة الانفصال، وهي في الحقيقة مصطلحات تداولتها وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة كل يريد أن يصل من خلال هذا المصطلح إلى تحقيق هدف معين، وللتدليل على ذلك ما يقوله (دوف فايسغلاس) مدير مكتب رئيس الوزراء الحالي شارون، بأن هدف خطة الانفصال يكمن في تجميد عملية السلام. في المقابل فقد صرح (فايسغلاس) مدير مكتب رئيس الوزراء شارون بأنه "تم استبعاد الدولة الفلسطينية بالكامل من جدول أعمالنا لفترة غير محددة"، وكل ذلك بمباركة رئاسية وبمصادقة الكنونجرس الأميركي.

الحقيقة إن مشروع خطة فك الارتباط أو إعادة الانتشار أو الانسحاب أو التموضع أو خطة الانفصال، هو عبارة عن مشروع أحادي الجانب اتخذته الحكومة الإسرائيلية عبر محطات قانونية من خلال المؤسسات التشريعية والأمنية الإسرائيلية.

الموضوع قائم على أساس عدم وجود شريك فلسطيني، أي أن المشروع هو عبارة عن مشروع أحادي الجانب. إن موضوع اليوم هو من القضايا المهمة جداً عندما يتم تناوله من الناحية الجيوسياسية، فإن مبادئ الخطة تقوم على أن دولة إسرائيل تخلي قطاع غزة بما في ذلك كل الاستيطان الإسرائيلي المقام في القطاع، وتعمل إسرائيل على إعادة الانتشار للقوات الإسرائيلية في مناطق الحدود مع الخط الأخضر، وتحاول إسرائيل الادعاء أن قطاع غزة لم يعد أرض محتلة، وهذا في الحقيقة ما ركزت عليه في الأيام القليلة الماضية كثير من المؤسسات الدولية.

تعمل إسرائيل على إخلاء أربع مستوطنات شمال الضفة الغربية هي: حاييم كديم، حومش سانور، وكل المنشآت العسكرية وأن تعيد الانتشار خارج منطقة شمال الضفة الغربية. المناطق المخلاة ستظل خاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية وستكون على غرار ما يعرف بمنطقة (ج)، من خلال هذا كله كان لابد أن نكون أمام أسئلة كثيرة فيما يتعلق بالجغرافيا السياسية، أسئلة ظهرت على السطح، من بينها، ما هو مصير الغلاف الخارجي وما هو مصير الغلاف الجوي لقطاع غزة وما يعرف بالمعابر الحدودية والسيطرة في هذه المنافذ، أو لمن السيطرة على الغلاف الخارجي بمفهومه الواسع، بما فيها العمق البحري والمياه الإقليمية، ما هو مصيرها ولمن ستكون السيطرة عليها؟ كيف سيتم التعامل كذلك مع الميناء وما هو شكل التعامل معه؟ الغلاف الجوي، كيف سيتم التعامل مع المطار وكيفية وآلية هذا التعامل؟ سؤال آخر هل هذه مساحة غزة الحقيقية الذي انسحبت منها القوات الإسرائيلية أم أن هناك براهين جغرافية يمكن استخدامها من الطرف الفلسطيني ووثائق موجودة مع بعض الأطراف العلمية تثبت أن هذه ليست مساحة قطاع غزة الحقيقية. ما هو مصير المحميات الطبيعية؟ ما هو مصير منطقة إيريز الصناعية؟ ما هو مصير المناطق السياحية؟ ما هو مصير التلويث البيئي التي تركته القوات الإسرائيلية في المستوطنات التي كانت موجودة وتركت آثار بيئية مدمرة عند الانسحاب الإسرائيلي منها؟

كذلك فيما يتعلق بالأبعاد الديمغرافية، كلنا سمعنا في الحقيقة أنه تم نقل المستوطنين إما إلى النقب الجنوبي، وإما إلى داخل مستوطنات في الضفة الغربية وهذا عمل دلالات، أيضاً ما هو مصير التواصل في داخل الضفة الغربية بين المدن الفلسطينية وبين المحافظات الفلسطينية أمام ما يعرف بمشروع غلاف القدس الذي يجسد ما يعرف بمشروع (متروبوليتان القدس) والذي سيعمل على فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها؟ ما هو مصير الأراضي التي تم الانسحاب منها وكيفية استغلالها؟ في الحقيقة أسئلة كثيرة جداً ظهرت أمام الجغرافي خاصة المختص في الجغرافيا السياسية والجغرافيا الاقتصادية وأمام السياسيين وأمام الإعلاميين وتحتاج إلى تفسير وإلى إجابات خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الكثير من هذه المسميات.

نحن اليوم أمام ورقة عمل سيقدمها لنا الأستاذ جمال البابا، المتخصص والخبير في موضوع الاستيطان والدراسات الجيوسياسية ليحدثنا في ورقة بعنوان ( تأثير فك الارتباط على الواقع الجيوبولتيكي في الضفة الغربية) على اعتبار أن قطاع غزة وصل إلى ما وصل به إليه من واقع جغرافي نعيشه ونشهده في هذه الأيام بأم أعيننا.


(*)  أستاذ الجغرافيا المشارك في جامعة الأقصى- غزة

 

تأثير فك الارتباط على الواقع الجيوبولتيكي

 في الضفة الغربية

أ. جمال البابا(*)

لم يعد خافياً على أحد أن إقدام إسرائيل على خطوة فك الارتباط من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية كان لتحقيق أهداف ومصالح إسرائيلية بالدرجة الأولى، وهو ما عبر عنه شارون أثناء جلسة لحزب الليكود في 23/2/2004 حين أشار شارون إلى أن الهدف من خطة فك الارتباط من طرف واحد هو توطيد الأمن، وذلك عبر الاستمرار في بناء الجدار الفاصل، وإعادة نشر الجيش الإسرائيلي فضلاً عن وسائل أمنية أخرى، وأن الخطة ستحول دون ممارسة ضغوط على إسرائيل من أجل التقدم السياسي مع الفلسطينيين، وستضمن بقاء أكبر عدد من المستوطنات في أيدي إسرائيل، كما ستضمن أفضل الظروف الأمنية والإقليمية لإسرائيل إذا ما استؤنفت المفاوضات(1).

يبدو واضحاً من خلال الكلمة القصيرة السابقة لشارون، أن الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس هي محور اهتمام وأطماع إسرائيل، وأن تفكيك مستوطنات غزة لا يمثل لإسرائيل "تنازلات مؤلمة". كما يتغنى بهذا المصطلح العديد من القادة السياسيين في إسرائيل، فمستوطنات غزة لم تحظ في يوم من الأيام بأهمية استراتيجية أو حتى أمنية عليا منذ بدء الاستيطان الإسرائيلي هناك، والدليل العملي على ذلك أنه في مفاوضات كامب ديفيد الثانية وفي مفاوضات طابا التي تلتها، لم تحظ هذه المستوطنات بأية أهمية باعتبارها مستوطنات أقيمت لأهداف سياسية يمكن استخدامها في وقت معين لتحقيق هدف معين، وقد جاء هذا الوقت لاستخدامها في خطة شارون لفك الارتباط.

أما عندما يتم الحديث عن الضفة الغربية فإن الوضع مختلف تماماً، فالاستيطان هنا له أهداف استراتيجية كبيرة ويحظى باهتمام وتأييد جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة دون استثناء، وبالنسبة لشارون تحديداً فإن الاستيطان في الضفة الغربية كان وما يزال جزءاً من تركيبته السياسية والعقائدية لعدة أسباب: أهمها السبب الأمني، حيث يعتبر غور الأردن منطقة أمنية لإسرائيل، وكذلك الجبهة الغربية للضفة الغربية تطل وتتحكم في المنطقة الأكثر حيوية في إسرائيل "غوش دان"، إضافة إلى الأبعاد المائية، فإسرائيل تعتمد في مياهها وبنسبة تقترب من 20% على الأحواض المائية الثلاث الرئيسة في الضفة الغربية، الحوض الشمالي الغربي (قرب مستوطنة أريئيل) والحوض الجنوبي (قرب غوش عتسيون) والحوض الشرقي (منطقة الغور)، يضاف إلى كل ذلك العباءة الأيديولوجية  التي يحاول زعماء إسرائيل، وبخاصة زعماء اليمين منهم ارتدائها، والتي تقول أنه لا يجب التفريط بالضفة الغربية باعتبارها جزءاً مهماً من أرض إسرائيل التوراتية.

هكذا يبدو أن الانسحاب من غزة سيكون مدخل شارون السياسي لتنفيذ مشروعه الأكبر في الضفة الغربية، وهو الاحتفاظ بأكبر قدر من الأراضي ومحاولة إخراج القدس من دائرة المفاوضات، وذلك من خلال فرض المزيد من الحقائق على الأرض، سواء بواسطة تكثيف الاستيطان أو بناء الجدار أو عزل وتهويد مدينة القدس. وهذا ما سنلقي الضوء عليه في السطور القادمة.

على مدى اثني عشر عاماً من مسيرة أوسلو لم يتوقف النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية وبخاصة في الضفة الغربية والقدس، حيث تضاعف عدد المستوطنين في الضفة الغربية في الفترة من 1993 إلى 2003 بزيادة سنوية تتراوح بين 5-6% سنوياً، وفي السنوات الأخيرة ظل الاستيطان في حالة تكثيف ونشاط، لكنه أخذ شكلاً من التركز في مناطق دون أخرى في حالة من التناغم مع سير الجدار الفاصل ونظرة شارون لمستقبل الضفة الغربية. وبصفة عامة كان هناك مجموعة من الاعتبارات أثرت على نشاطات إسرائيل الاستيطانية في السنوات الأخيرة تتمثل فيما يلي:

-     تشكيل رأي عام يدعو إلى ضم مناطق محددة من الضفة الغربية إلى إسرائيل.

-     تنافس الأحزاب الإسرائيلية والحركات السياسية في مجال الاستيطان كلٌ حسب أهدافه.

-     الماكنة الإعلامية الإسرائيلية التي تمارس التضليل وترويج الذات.

-     رسالة الضمانات الأمريكية التي قدمها بوش لشارون حول الكتل الاستيطانية.

-     عجز الجانب الفلسطيني عن وضع استراتيجية مضادة.

1- عمليات البناء

بمجرد تسلم شارون ومن خلفه الحكومة الإسرائيلية رسالة الضمانات، بدأ الحديث يدور في أوساط مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي عن نية إسرائيل توسيع البناء في المستوطنات التي تنوي ضمها (رغم أن النشاطات الاستيطانية لم تتوقف للحظة كما أسلفنا)، على أساس أن إدارة بوش ستبدي مرونة بخصوص البناء في هذه المستوطنات الواقعة داخل الكتل الاستيطانية. وحاول مكتب شارون تلطيف الخبر من خلال قول مديره فايغلاس، بأنه تعهد بخطاب إلى وزيرة الخارجية رايس التي كانت تشغل مستشارة الأمن القومي آنذاك، فحواه أن إسرائيل لن تتوسع في البناء في تلك المستوطنات خارج خط البناء القائم حالياً على أن يتم بين الطرفين تحديد هذا الخط. ولكن هذا الموضوع لم يتم استكماله لأنه حسب مصادر أمريكية وإسرائيلية فإن الطرفين لا توجد لديهما مصلحة في تحديد خط البناء للمستوطنات، لأن إسرائيل رأت في ذلك تقييداً لها في عمليات بناء التوسع المستقبلية، والولايات المتحدة اختارت الامتناع عن تسوية أو اتفاق يمنح شرعية للبناء القائم في المستوطنات، وتكتفي الإدارة الأمريكية بالضغط على إسرائيل ودفعها إلى عدم التوسع في عمليات البناء(2).

أما شارون، ففي اليوم الذي صادقت فيه الحكومة الإسرائيلية على إنهاء الحكم العسكري في قطاع غزة، جدد تصريحاته بشأن تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، فقد قال لصحيفة واشنطن بوست عشية سفره إلى واشنطن أن حكومته ستواصل البناء في المستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية، رغم الاعتراضات المتوقعة من الولايات المتحدة، وأكد عزمه الإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية وعدم الانسحاب منها بموجب أي اتفاق سلام في المستقبل، والاستمرار في البناء بها وفقاً لما تراه إسرائيل. وفي رده على سؤال حول رد فعل واشنطن تجاه البناء في الضفة الغربية قال "لا أعتقد أنهم سيكونون سعداء للغاية ولكنها الكتل الرئيسية ويجب أن تبقى. لا يوجد اتفاق مع الولايات المتحدة بهذا الشأن ولكن هذه المناطق ستكون جزءاً من إسرائيل"(3).

إن عملية بناء المزيد من الوحدات السكنية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لم تتوقف وأن بدأت تأخذ شكلاً ممنهجاً، بحيث يتم التركيز على المستوطنات الكبيرة التي تخطط لها إسرائيل أن تكون خلف جدار الفصل الذي يتم بناءه. وحسب تقرير حركة السلام الآن حول البناء الذي حدث في عام 2004 بعد إقرار خطة فك الارتباط، فقد تم أضافة 1834 دونماً من البناء في مستوطنات الضفة الغربية ومعظم هذه المساحات تقع في المستوطنات الكبيرة.

رغم أن عمليات البناء في المستوطنات تتم في ظل تعتيم حكومي، إلا أن حركة السلام الآن أكدت في تقريرها الصادر مطلع العام 2005 أن هناك 3000 وحدة سكنية كانت تبني في عام 2004 على الرغم من نشر مناقصات بناء فقط لـ 962 وحدة سكنية، كما تم نشر مناقصات لبناء نحو ألف وحدة سكنية جديدة، يضاف إلى ذلك وجود العشرات من الوحدات السكنية التي بنيت على أساس مبادرات فردية وشخصية في عشرات المستوطنات في الضفة(4).

وحسب التقرير فإن بعض المستوطنات يجري فيها البناء بشكل مكثف من أجل تثبيت خط البناء للتأثير على سير الجدار الفاصل، مثل البناء في مستوطنتي الفيه منشه وتسوفيم بين مدينتي قلقيلية وطولكرم. أما المستوطنات التي يجري فيها البناء بشكل واضح فيمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات حسب حجم البناء وكثافته.

-     مستوطنات يجري فيها بناء مكثف جداً، إذ يجري بناء مئات الوحدات السكنية في مستوطنات: معاليه أدوميم، بيتار عيلليت، موديعين عيلليت، ألفيه منشه، وآدم وهار جيلو.

-     مستوطنات يجري فيها بناء بقدر متوسط مقارنة مع المستوطنات السابقة وهي: كوخاف يعقوب ونافيه دانيال وافرات واريئيل وهار ادار وجفعات زئيف ونوفي برات وكرميل وألفيه منشه (حي نيريت) وكدوميم واليعازر ورفافا واورانيت.

-     أما المستوطنات التي يجري فيها البناء بقدر أقل من الصنفين السابقين فهي: كريات نطوفيم، حلميش، طلمون، طنا، ادورا، عيللي، بدوئيل، عنتوت، عيناب، تقواع، شفى شومرون، شيلو، يتسهار، كما يتم تمهيد أراضي مصادرة للبناء  في مستوطنات ياكير، معون، معاليه لفونه، معاليه مخماس، تسوفيم، متسبيه يريحو، شيلو، عيللي، عوفرة، عنتوت، رايل دافيد، عيناب، تفوهوت، براخا، كوخاف يعقوب(5).

وكما سبقت الاشارة فإن إسرائيل تدعي أن البناء في المستوطنات يتم في أضيق الحدود وضمن خط البناء القائم لتلبية احتياجات الزيادة الطبيعية، ولكن حجم البناء المشار إليه وانتشاره يؤكد عكس ذلك، كما أن العديد من التقارير التي تعالج موضوع الاستيطان تشير إلى أن العديد من المستوطنات يجري فيها البناء خارج حدود خط البناء القائم وهذه المستوطنات هي: بيتار عيلليت، موديعين عيلليت، أورانيت، رفافا، عيلي، يتسهار، عنتوت، متسببة يريحو، نفوتوت، عوفره، تسوفيم، ألفي منشه، نافيه دانيال، كدوميم، بدوئيل، كرمل، معون، معاليه أدوميم، معاليه مخماس هار جيلو، براخا.

أما في العام 2005 فقد أوردت حركة السلام الآن في أحدث تقرير لها أن حكومة شارون أقدمت منذ مطلع العام الجاري (2005) وحتى نهاية شهر أغسطس الماضي على بناء أكثر من 3980 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، كما أكد التقرير أن نائب وزير الدفاع الإسرائيلي أعلن عن مصادقة الحكومة على إقامة ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة أريئيل.

ومن خلال نظرة سريعة لعمليات البناء في المستوطنات وطبيعتها يمكن ملاحظة الآتي:

-     تتم عمليات البناء المكثف في ستة مستوطنات رئيسة، تضم نحو 95 ألف مستوطن يمثلون نحو 40% من عدد المستوطنين، وجميع هذه المستوطنات تقع في الجهة الإسرائيلية من الجدار الفاصل.

-     مجموع المستوطنات التي تتم فيها عمليات بناء سواء بناء مكثف أو متوسط أو قليل بلغ 47 مستوطنة، وهذا يدلل على مدى انتشار البناء في مستوطنات الضفة الغربية وليس كما تدعي الحكومة الإسرائيلية بأن البناء يتم في أضيق الحدود.

-     تشهد المستوطنات الدينية التي يستوطنها (الحريديم) أكبر عملية بناء، وبخاصة المستوطنات الكبيرة منها لاستيعاب الإقبال المتزايد من جمهور المتدينيين للسكن في هذه المستوطنات وبخاصة مستوطنتي بيتار عيلليت وموديعين عيلليت.

2- المستوطنون

يشكل المستوطنون ما نسبته 6.5% من سكان إسرائيل، ولا تمثل هذه النسبة اتجاهاً معيناً بذاته، إذ يلاحظ التمايز الشكلي بين المستوطنين وذلك بعد تحديد دوافعهم للاستيطان، حيث يتغذى عدد منهم بدوافع أيديولوجية تتمثل بالانتماء إلى (أرض إسرائيل الكبرى)، أو (محبة صهيون)، وعلى الجانب الآخر يلاحظ قيام الأزواج الشابة بالسكن في المستوطنات نتيجة غلاء أسعار الشقق داخل إسرائيل. وينقسم مستوطنو الأراضي الفلسطينية بحسب ميولهم وانتماءاتهم السياسية الأيديولوجية إلى أربع فئات مختلفة:

1-    العلمانيون المنتمون إلى حركة العمل الصهيوني وبخاصة حزب العمل والذين يمثلون الأغلبية الساحقة من مستوطني غور الأردن.

2-    العلمانيون الأقرب إلى الأحزاب الصهيونية اليمينية وبخاصة حزب هتحيا، والذين يدعمون فكرة "أرض إسرائيل الكبرى" ويعتبرون أرض الضفة الغربية وقطاع غزة جزءاً من أرض إسرائيل التاريخية، ولا يجوز التخلي عنها.

3-    المتدينون المدفوعون إلى الاستيطان بأيديولوجية صهيونية ودينية، وهم لا يختلفون عن الفئة الثانية إلا من حيث الأيديولوجية الدينية التي تحكمهم، والتي تقول بوجود أمر إلهي باسترجاع "أرض إسرائيل" ومنهم حركة اغودات إسرائيل، غوش أمونيم، وحزب المفدال.

4-    المتدينون غير المنتمين لأحزاب صهيونية ولا يؤمنون بالصهيونية، واستيطانهم الأراضي الفلسطينية جاء لأسباب اقتصادية أكثر منه لأسباب أيديولوجية، ويمثل هذه الشريحة مستوطنو حزب شاس وحزب اغودات إسرائيل (التوراة الموحدة).

مما لا شك فيه أن الزيادة في أعداد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية تسارعت منذ توقيع اتفاق أوسلو، لأن إسرائيل كعادتها تحاول استغلال جميع الفرص المتاحة أمامها، فقد كانت تفاوض في جانب وتكثف عمليات الاستيطان في الجانب الآخر، فعند توقيع اتفاق أوسلو في عام 1993 كان عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية 105 آلاف مستوطن، ارتفع العدد إلى 138 ألف في نهاية حكومة العمل في مطلع 1996، ثم عاد إلى الارتفاع إلى 203 ألف مستوطن في نهاية حكومة باراك 2001، ووصل الآن إلى نحو 250 ألف مستوطن (سبتمبر2005)، وكما يتوقع العديد من المراقبين فإن أعداد المستوطنين سوف تشهد زيادة مضطردة في الفترة القادمة من خلال حركة استيطان واسعة وتشجيع المزيد من الإسرائيليين على الاستيطان في مستوطنات الضفة الغربية من خلال مزيد من الإغراءات والتسهيلات. ومن خلال تتبع أعداد المستوطنين في السنوات الثلاث الماضية وبخاصة السنة الأخيرة منها يمكن أن تكون الصورة أكثر وضوحاً حول أعداد المستوطنين وحركتهم والمناطق التي يتم التركيز عليها.

ففي نهاية العام 2002 أشارت التقديرات إلى أن عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية بلغ 421.785 مستوطناً، منهم 405.485 مستوطناً في الضفة الغربية بما فيها القدس و 7.300 مستوطناً في قطاع غزة. ويتضح من البيانات أن معظم المستوطنين يسكنون في محافظة القدس (229.256 مستوطناً). منهم 180.792 مستوطناً في منطقة (J1) ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمته إسرائيل أو ما يسمى بالقدس الشرقية، يليها محافظات رام الله والبيرة (58.380 )، بيت لحم 34.929، قلقيلية 27575 مستوطناً(6).

وكانت نسبة الزيادة للمستوطنين في هذا العام نحو 5.7% وهي نسبة تساير معدلات الزيادة منذ توقيع اتفاقيات أوسلو، وقد شملت هذه النسبة الزيادة الطبيعية التي وصلت إلى 6600 مستوطن، وكانت أعلى الزيادات في المستوطنات الدينية والمدنية الكبيرة خاصة مستوطنتي بيتار عيلليت وموديعين عيلليت، حيث زادت الأخيرة بـ 2800 مستوطن في العام 2002، أما في العام 2003 فقد كانت نسبة الزيادة نحو 6% حيث بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية باستثناء القدس 231.443 مقابل 218.862 في العام الذي سبقه، أي بزيادة قدرها 12.581 مستوطناً، يشكلون 5.75% من عدد المستوطنين. كانت الزيادة الواضحة للمستوطنين في العام 2003 في المستوطنات الكبيرة، وبخاصة المستوطنات الدينية الكبيرة، فمستوطنة أريئيل زاد مستوطنيها بنحو 400 مستوطن، وزاد عدد مستوطني مستوطنة معاليه أدوميم بنحو 900 مستوطن، ومستوطنة أفرات زادت بنحو 400 مستوطن. أما المستوطنتان الدينيتان الكبيرتان واللتان يستوطنهما مستوطنون من المتدينين الحريديم  بيتار عيلليت وموديعين عيلليت، فقد زادتا بنحو 3400 و2391 مستوطن على التوالي وهي نسبة مرتفعة جداً تتجاوز 15%.

وفي آخر تقرير نشر لوزارة الداخلية الإسرائيلية (5-9/2005) ذكر فيه أنه في الـ 12 شهراً الأخيرة حتى نهاية تموز، استوطن في الضفة الغربية باستثناء القدس نحو 12700 مستوطن، وحسب نفس التقرير فإن 6900 مستوطن جديد استوطنوا الضفة الغربية منذ مطلع العام الحالي حتى نهاية شهر أغسطس، وجاء في التقرير أنه في السنة ونصف السنة الأخيرة استوطن في الضفة الغربية (أي منذ إعلان خطة فك الارتباط)  نحو 18 ألف مستوطن جديد (عدد المستوطنين الذين أخلتهم إسرائيل من قطاع غزة وأربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية، بلغ 9400 مستوطن)(7). وهو مؤشر واضح على الاقبال الشديد على الاستيطان في الضفة الغربية في الأشهر الأخيرة.

3- القدس ومحيطها

من الناحية العملية استطاعت إسرائيل أن تفرض سيطرتها شبه التامة على مدينة القدس الشرقية، وبدأت منذ أن تم الاعلان عن فك الارتباط بالتوجه إلى خارج الحدود البلدية للمدينة لفرض نوع جديد من السيطرة، بهدف قطف ثمار 38 عاماً من الاستيطان لتحقيق أهداف استراتيجية وديمغرافية تعزز من سيطرتها على المدينة ومحيطها، وإحباط محاولات إقامة دولة فلسطينية على مساحة كبيرة من الضفة الغربية وذات تواصل إقليمي حقيقي، كما أن وتيرة هذه الاجراءات والممارسات بدأت تتسارع وتتكثف بشكل خاص في أعقاب المصادقة النهائية من قبل الكنيست الإسرائيلية على خطة فك الارتباط.

يوجد بعدان رئيسيان لعملية السيطرة على المدينة وعزلها عن محيطها الديمغرافي والجغرافي في الضفة الغربية، الأول يتعلق بعزل المدينة جغرافياً وذلك من خلال استكمال بناء الأحياء الاستيطانية على أبواب ومداخل المدينة والتي كان أهمها مستوطنة هارحوما (جبل أبو غنيم) لإغلاق جنوب المدينة وفصلها عن مدينة بيت لحم، إضافة إلى إقرار مخطط البوابة الشرقية الذي يهدف إلى إمكانية السيطرة على المدينة من الجهة الشمالية الشرقية من خلال منع أي تواصل جغرافي بين الأحياء العربية خارج المدينة والأحياء العربية داخلها وتحد من أي امتداد جغرافي لهذه الأحياء، بالإضافة إلى أن تنفيذ هذا المخطط يعتبر تمهيداً لإيصال معاليه أدوميم بمدينة القدس من خلال مخطط (E1).

أما البعد الثاني لعزل المدينة عن محيطها العربي فيتمثل في عزل المدينة ديمغرافياً من خلال قائمة طويلة من الإجراءات ضد السكان بدأت بسحب بطاقات الهوية من أبناء القدس المقيمين في محيطها، ثم جاءت الخطوة التالية بمنع وصول سكان الضفة الغربية إلى المدينة إلا من خلال تصاريح تصدرها السلطات الإسرائيلية لأسباب تتعلق بالدراسة والعمل أو العلاج، وهي تصاريح سارية لمدة أقصاها ثلاثة أشهر.

هذا الإجراء الذي تضمن عدم إعطاء العديد من العاملين في مدينة القدس التصاريح اللازمة، جعل بعض مؤسسات القدس تقيل بعض موظفيها القاطنين في الضفة الغربية. والأخطر من ذلك أن هناك توجهاً إسرائيلياً من المتوقع أن يفرض على سكان القدس العرب ليزيد من عزلتهم، ألا وهو ضرورة حصولهم على تصاريح كي يتمكنوا من الذهاب إلى الضفة الغربية.

إن عمليات عزل المدينة تجري بالتوازي مع إجراءات إحكام السيطرة على داخل المدينة والتي تتمثل بقائمة طويلة من الممارسات والاجراءات والتي أهمها:

-   تغلغل أعداد من اليهود خاصة المتطرفين منهم داخل الأحياء العربية المقدسية تحديداً في الحي اليهودي في البلدة القديمة وفي شارع باب الواد وباب الساحرة، حارة السعدية، نزل القديس يوحنا بجوار كنيسة القيامة، حي سلوان، راس العامود، الشيخ جراح، حي المصرارة، حي الولجة جنوبي المدينة.

-   في بداية شهر يوليو 2004 قررت الحكومة الإسرائيلية تطبيق قانون أملاك الغائبين على الأملاك في الأراضي في شرقي القدس والتي تعود لفلسطينيين يسكنون خارج حدود المدينة.

-   قرار هدم 88 منزلاً فلسطينياً في حي البستان في سلوان.

-   الاستمرار في إغلاق العديد من المؤسسات الفلسطينية وخاصة مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية.

كل هذه الاجراءات والقرارات لم تدفع الحكومة الإسرائيلية إلى الكف عن اتخاذ المزيد من الاجراءات، ففي بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في مطلع شهر 6/2005 أكد أن الحكومة الإسرائيلية أعدت خطة تفصيلية لتنمية مدينة القدس الموحدة بهدف تعزيز سيطرة إسرائيل عليها، وجاء في البيان أن خطة تنمية القدس "العاصمة" تبلغ قيمتها 280 مليون شيكل (64 مليون دولار) وأن "رئيس الوزراء صرح بأن الخطة ستساعد على تعزيز سيطرتنا على القدس، وستجعل منها مدينة جذابة بالنسبة للمستثمرين والسكان الجدد والسياح، وستجعل القدس تمثل المكانة التي تليق بها كأول مدن إسرائيل".

أما فيما يتعلق بمحيط المدينة، فبعد أن أحكمت إسرائيل سيطرتها على المدينة بحدودها البلدية بدأت تنظر خارج حدود المدينة أي إلى محيطها في الضفة الغربية، حيث زرعت مجموعة كبيرة من المستوطنات والطرق الالتفافية في محيط المدينة على مدى عشرات السنوات من الاحتلال. وقد حان الوقت من وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية لقطف ثمار هذا "الانجاز" في توسيع حدود نفوذ المدينة لتضم المستوطنات المحيطة لأنها تعتقد أن الظروف أصبحت سانحة أكثر بعد خطة فك الارتباط.

وكما قال مهندس بلدية القدس أوري شطريت "لا يمكن بناء أحياء سكنية جديدة أو توسيع البناء لليهود في شرقي المدينة في نطاق الحدود البلدية". وهذا القول يفسر من قبل الحكومة الإسرائيلية على أن هناك ضرورة لتوسيع المدينة باتجاه الضفة الغربية عن طريق ضم المستوطنات المحيطة بالمدينة خاصة مستوطنات معاليه أدوميم وجفعات زئيف وبيتار عيلليت ومن خلفها غوش عتسيون، مما يوفر رصيداً جديداً من الأراضي للتوسع والاستيطان.

هذا التصور الإسرائيلي يوضح طبيعة النشاط الاستيطاني الجاري في الأراضي الفلسطينية، حيث تؤكد المعطيات أن غالبية النشاط الاستيطاني في الفترة الحالية يتركز فيما يسمى بمنطقة "القدس" وبصفة عامة فإن المستوطنات المحيطة بمدينة القدس يقدر عدد مستوطنيها بنحو 100 ألف مستوطن.

4- الاستيطان والجدار

في خطابه أمام الأمم المتحدة في 15/9/2005 قال شارون "إلى أن يفعلوا ذلك (يقصد الفلسطينيين)، ستعرف إسرائيل كيف تدافع عن نفسها من فظائع الارهاب، ولهذا فقد أقمنا جداراً أمنياً وسنواصل بناءه حتى نستكمله، مثلما كانت كل دولة ستفعل لحماية مواطنيها..... هذا الجدار حيوي لا مثيل له.... هذا الجدار ينقذ الحياة"(8).

هذا الخطاب الذي ألقاه شارون يدلل على أن إسرائيل ماضية في استكمال بناء الجدار العازل رغم الاعتراضات الدولية وحتى الأمريكية منها، حتى أن إسرائيل وبعد إقرار خطة فك الارتباط لم تعد تخفي أن الجدار الفاصل لا يقتصر على الجانب الأمني بل له أهداف سياسية، حيث اعترفت الحكومة الإسرائيلية من خلال ردها على دعوة أقامها سكان عزون أمام المحكمة الإسرائيلية، بأن الهدف من امتداد الجدار شرقاً لم يكن الإشراف الأمني على مسار الشارع 55 وإنما ضم أراضي فلسطينية إلى منطقة نفوذ مستوطنة تسوفين لإقامة منطقة صناعية(9).

إن المضي في بناء الجدار الفاصل بوتيرة سريعة مع بعض التعديلات هنا وهناك بدأ يأخذ صيغة شبه نهائية بحيث يضم نحو 55 مستوطنة إسرائيلية إلى الغرب منه (تشمل 12 مستوطنة في شرقي القدس) بطريقة تفصلها عن باقي الضفة الغربية، وحسب تقرير مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) ومن خلال معاينة المقاطع ذات الصلة في خرائط مسار الجدار الفاصل، تظهر أنه في معظم الحالات تم تحديد مسار الجدار الفاصل على بعد مئات الأمتار وحتى آلاف الأمتار من آخر البيوت في كل مستوطنة، بحيث أصبح يقيناً أن خطط توسيع المستوطنات كانت تشكل اعتباراً ملحوظاً سائداً جداً في عملية التخطيط لمسار الجدار الفاصل.

إن عدم اعتراف إسرائيل بصورة تامة بأن خطط توسيع الكثير من المستوطنات كانت تشكل اعتباراً مركزياً في تحديد مسار الجدار الفاصل، ضمن أشياء أخرى، منها التناقضات الجوهرية لموقف الحكومة الإسرائيلية وما يمارس على أرض الواقع، وذلك من خلال الوقائع التالية:

-     إن ضم المساحة المخصصة لتوسيع المستوطنة غربي الجدار شرط مركزي يترتب عليه إخراج مشروع البناء إلى حيز التنفيذ أم لا. وحتى لو تغيرت الظروف الأمنية في المستقبل، بحيث يكون من المتاح تفكيك أو إزاحة الجدار الفاصل، فإن هذه الأراضي التي تم ضمها إلى المستوطنة سيتم التعامل معها على أنها حقائق مفروغ منها ولا يمكن تجاهلها والتي يمكن في أحسن الأحوال بحث مستقبلها في إطار المفاوضات على الحل الدائم.

-     إن احتمال توسيع المستوطنة في المساحة ما بين المنطقة الأمنية من المستوطنة وبين الجدار الفاصل، الهدف الأساسي منه توفير احتياطي من الأرض لتوسيع المستوطنة مستقبلاً.

-     إن مراعاة خطط توسيع المستوطنات في عملية التخطيط لمسار الجدار الفاصل أدت إلى تعاظم عملية انتهاك حقوق الانسان لسكان القرى الفلسطينية المحاذية لهذه المستوطنات، فكلما توغل الجدار في عمق الأراضي الفلسطينية كلما زادت مساحة الأراضي الزراعية التي يحتاج الفلسطينيون لتصاريح للوصول إليها.

أما إذا نظرنا إلى منطقة القدس الذي تزامن إقرار مسار الجدار النهائي فيها مع إقرار خطة فك الارتباط، فإن مسار الجدار في منطقة القدس يحتل أهمية خاصة نظراً لأهمية المنطقة والتعقيدات الكثيرة التي تكتنف تخطيطه وتنفيذه. ففي اجتماعها الأسبوعي يوم الأحد 10/7/2005 أقرت الحكومة الإسرائيلية مسار الجدار بشكله النهائي، وحتى كتابة هذه السطور فقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى من الجدار الذي يبلغ طوله نحو 59.5 كيلو متراً، ويتلوى كالأفعى في محيط المدينة ليضم مستوطنات يهودية وأراضي خالية ويستثني قرى عربية، وبواسطة هذا الجدار وبعد استكمال تنفيذه سيتم إغلاق المدينة ومحيطها من الشمال والشرق والجنوب، بحيث يتم عزل مساحة قدرها 234 كم2 داخل الجدار أي ما مساحته 4.1% من مساحة الضفة الغربية، ويضم الجدار داخله إضافة لمدينة القدس الشرقية ثلاث تجمعات استيطانية رئيسة تحتوي على 20 مستوطنة وهذه التجمعات:

-   تجمع مستوطنات أدوميم ويضم 30.500 ألف مستوطن وتسيطر على مساحة قدرها 62 كم2.

-   تجمع مستوطنات غوش عتسيون ويضمن 37.700 مستوطن، بمساحة قدرها 71 كم2.

-   تجمع مستوطنات جبعون ويضم 14.600 ألف مستوطن ويسيطر على مساحة قدرها 31 كم2 هذا الامتداد للجدار سيعزل بالإضافة لمدينة القدس الشرقية (70كم2) مساحة أخرى من الأراضي (164 كم2) يعيش فيها نحو 90 ألف مستوطن، وإذا أضيف لهذا الرقم عدد المستوطنين الموجودين داخل المدينة سيتحقق لإسرائيل بعداً ديمغرافياً يعتبر أساسياً في الاستراتيجية تجاه القدس.

ونحن بصدد الحديث عن جدار الفصل الذي تسعى إسرائيل من خلاله إلى فصل أجزاء من الضفة الغربية عن الجسم الأم، لابد من الإشارة إلى الاجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى فصل الضفة الغربية وتقسيمها إلى شمال ووسط وجنوب من خلال حواجز وقطاعات أرضية ممتدة من الغرب إلى الشرق، فقد واصلت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تنفيذ مخطط يستهدف تقطيع أوصال الضفة الغربية وتحويلها الى ثلاث كانتونات تفصل بينها سلسلة متواصلة من الحواجز العسكرية والبناء الاستيطاني. فخلال الأشهر الأخيرة بعد فك الارتباط بدأت سلطات الاحتلال ببناء حاجز كبير بالقرب من مفترق مستوطنة تفوح، جنوب مدينة نابلس، ليتسنى له استكمال فصل شمال الضفة الغربية عن وسطها.

وحسب مصادر عسكرية إسرائيلية قرر الجيش انشاء هذا الحاجز قبل تسعة أشهر وان تدشينه سيتم بعد شهرين، وسيضم هذا الحاجز معبراً يضم عشرة مسارات، ثماني منها تقود الى الجنوب والاخران يقودان الى الشمال.. وسيتم تكريس احد المسارات المتجهة نحو الجنوب لسيارات المساعدات الانسانية، ومسار آخر لسيارات المستوطنين. وسيمنع الفلسطينيون من اجتياز هذا الحاجز سيرا على الاقدام. يبدو واضحاً ان هذا المخطط يستهدف الفصل بين محافظتي نابلس وجنين، وبين بقية محافظات الضفة الغربية.

كما ان حاجز قلنديا بات يشكل فاصلا بين وسط الضفة الغربية وجنوبها. فإلى الغرب من الحاجز تم شق شارع موديعين - جبعات زئيف، الذي تُمنع السيارات الفلسطينية من السفر عليه، مما ادى الى قطع الاتصال المباشر بين شمال منطقة رام الله وجنوبها. وفي الشرق تساهم الحواجز الطيارة على شارع رقم 60، والجدار المقام حول القدس وحاجز ابو ديس، على طريق بيت لحم، والبناء الاستيطاني جنوب القدس، في الفصل الكلي بين وسط الضفة وجنوبها.

الخلاصة

إن وضع الضفة الغربية في القاموس السياسي الإسرائيلي يختلف تماماً عن وضع قطاع غزة ليس لأسباب توراتية كما هي الأسطورة، وإنما لأسباب توسعية ديمغرافية مائية استراتيجية، فهي تعتمد في مياهها وبنسبة كبيرة على الأحواض المائية الثلاث الرئيسية في الضفة الغربية، الحوض الشمالي الغربي (مستوطنة اريئيل) والحوض الجنوبي (تجمع غوش عتسيون الاستيطاني) والحوض الشرقي (الغور)، وعلى الوجه الآخر توجد الديمغرافيا الفلسطينية المتناقضة مع يهودية دولة إسرائيل إضافة إلى عنصر الأمن وتحسين الوضع الدفاعي، ولهذا فإن المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية ومن خلفه المشروع السياسي أحادي الجانب يعتمد على ثلاث عناصر رئيسية:

-     محاصرة الجغرافيا السكانية الفلسطينية وعزلها بالمستوطنات والطرق الالتفافية والجدران.

-     اللعب على عنصر الوقت لتحقيق المزيد من الحقائق على الأرض.

-     ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية الاقدام على خطوات أحادية الجانب لا تمس المخطط الاستراتيجي تجاه الضفة الغربية إذا ما تعرضت إسرائيل لضغوط خارجية.

إن علاقة فك الارتباط بالنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية هي علاقة سبب ونتيجة، السبب هو أن إسرائيل ستكثف نشاطها الاستيطاني مقابل خطتها فك الارتباط، والنتيجة أن إسرائيل عندما عززت الاستيطان في الضفة الغربية إلى درجة معينة يمكن معها قطف ثمار هذا النشاط أقدمت على خطوة فك الارتباط. ومن خلال تأمل النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية يمكن استخلاص الآتي:

-     إن عمليات الاستيطان في الضفة الغربية تتم بوتيرة سريعة وتسير في اتجاهين: الأول هو تكثيف الاستيطان في مناطق الكتل الاستيطانية خاصة المستوطنات الكبيرة والمستوطنات الواقعة في منطقة محيط القدس. والاتجاه الثاني وإن كان بوتيرة أقل هو دعم المستوطنات الدينية الصغيرة والموجودة بالقرب من التجمعات السكانية الفلسطينية، بهدف إرضاء عتاة المستوطنين الذين يقيمون في هذه المستوطنات. وأن تظل هذه المستوطنات كأوراق مساومة سياسية قادمة.

-     خلق نوع من التكامل الواضح بين خط سير الجدار الفاصل والنشاط الاستيطاني المكثف بحيث تتركز عمليات الاستيطان إلى الغرب من الجدار، إضافة إلى أن الجدار الفاصل يتحرك بحيث يضم أكبر مساحة ممكنة من الأرض للمستوطنات القائمة.

-     يبدو أن إسرائيل استطاعت اقناع الولايات المتحدة أو على أقل تقدير عدم اعتراضها على استمرارها في النشاط الاستيطاني في مناطق ما يسمى بالكتل الاستيطانية، مستندة بذلك إلى رسالة الضمانات التي قدمها الرئيس بوش لشارون التي جاءت كنتيجة لخطة فك الارتباط.

إن إقدام إسرائيل على خطوة فك الارتباط يحقق لها هدفين جيوبوليتكيين رئيسيين:

الأول:   كسب المزيد من الوقت لفرض المزيد من الحقائق على الأرض، هذه الحقائق التي ستكون الأساس الجيوبولتيكي لأي حل نهائي قادم، وإقناع الاسرائيلييين بأن إخلاء قطاع غزة كان مقابل تعزيز الاستيطان في الضفة والقدس الشرقية.

الثاني:  تأجيل أي عملية تفاوضية جدية مع الجانب الفلسطيني تعتقد إسرائيل أنها في غير صالحها في الوقت الراهن، رغم قناعتها بأن قدرتها على الاستمرار في هذا النهج لن يدوم طويلاً، ومن ثم فإن الإقدام على خطوات أحادية الجانب سيؤجل عملية التفاوض خاصة على المواضيع الاستراتيجية أطول فترة ممكنة، وهذا ما أشار إليه موفاز بوضوح حين قال: "لست واثقاً بتاتاً من أنه يمكننا التوصل إلى سلام مع القيادة الحالية للفلسطينيين، يتوجب علينا الانتظار للجيل القادم. والحد الأقصى الذي يمكن أن نتوقعه في هذه الأثناء هو ربما التوصل إلى اتفاق مرحلي آخر. أما بالنسبة إلى قيام دولة فلسطينية أو اتفاق دائم لا أرى إمكانية أن يتحقق ذلك في السنوات القريبة القادمة"(10).

نحو استراتيجية فلسطينية مضادة:

هذا النشاط الاستيطان الإسرائيلي المكثف من أجل تغيير الواقع في ظل تعتيم اعلامي وبصورة تصعب الرجوع عنها، هذا الواقع الذي بدأ يلاقي قبولاً في العالم الغربي، يستدعي من الجانب الفلسطيني أن يضع استراتيجية واضحة وحازمة في مواجهة هذه السياسة الإسرائيلية من خلال الآتي:

أولاً: فضح النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية من خلال حملة اعلامية دبلوماسية واسعة تعتمد على بيانات ومعلومات موثقة.

ثانياً: تقديم اقتراحات جديدة وعدم الجمود. إن التسلح بقرارات الشرعية الدولية شيء إيجابي، ولكن يجب أن يدعّم بدراسات وبيانات تؤكد مدى الضرر الذي تلحقه الأطماع الإسرائيلية بالسكان الفلسطينيين وبطبيعة الدولة الفلسطينية المرجوة وذلك من خلال الخرائط والبيانات التفصيلية.

ثالثاً: تكليف مؤسسات دولية بحثية متخصصة ذات سمعة عالية بإجراء أبحاث تدعم وجهة النظر الفلسطينية في هذا الإطار واستثمار هذه النتائج إعلامياً.

أما فيما يتعلق بأبعاد فك الارتباط على الأراضي الفلسطينية والتي كان من المفترض أن تعالج من خلال ورقة عمل خاصة، أود الإشارة إليها في عجالة كمادة للنقاش لأنها تتناول قضايا أساسية لها قيمة استراتيجية، ويأتي على رأس هذه القضايا رؤية إسرائيل لمستقبل الأراضي الفلسطينية وطبيعة الحل الإقليمي الذي تخطط له إسرائيل والذي يعتبر فك الارتباط مؤشراً لهذه الرؤيا، وهذا يقودنا إلى طرح قضية هامة وهي دور الجغرافيا في السياسة الإسرائيلية، بمعنى هل ما زالت الجغرافيا تحتل المكانة الكبرى في السياسة الإسرائيلية أم أن دورها تراجع؟ هناك بعض الآراء التي تقول أن الجغرافيا لم يعد لها الدور المهم في تحديد المخططات الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بطبيعة إنهاء الصراع مع الجانب الفلسطيني نظراً للتقدم التكنولوجي والأجهزة العسكرية عالية التقنية، كما أن عالم القطب الواحد وسيطرة الغرب بزعامة الولايات المتحدة على القرار الدولي بطريقة أو بأخرى سيجعل بعض الدول وربما من ضمنها إسرائيل أن تستمع إلى المجتمع الدولي وتأخذ إرادته بعين الاعتبار، لأن ما حدث في أفغانستان والعراق وما يحدث مع سوريا والموقف الدولي من قضية السلاح النووي الكوري والتكنولوجيا النووية في إيران، حيث أسفرت الضغوط الدولية بشكل أو بآخر عن نتائج في غير مصلحة هذه الدول. ومن هنا يرى البعض أن إسرائيل سوف تقدم على خطوات أكثر إيجابية باتجاه الحل الإقليمي مع الفلسطينيين.

كما أن الأبعاد الجيوبوليتيكية لفك الارتباط تنعكس على قطاع غزة وعلى علاقته بالضفة الغربية وذلك من عدة جوانب:

أولها يتعلق بالأبعاد والانعكاسات على قطاع غزة نفسه من حيث حجم الانسحاب وطبيعته فيما يتعلق بالمنافذ والمعابر بأنواعها سواء المنافذ البرية أو البحرية.

أو فيما يتعلق بالمطار، كما أن طبيعة الانسحاب تنعكس على قدرة قطاع غزة على النمو والتطور، خاصة وأن القطاع من المتوقع أن يشهد نمواً سكانياً متزايداً في الفترة القادمة.

ثانيها، أن فك الارتباط له انعكاسة على طبيعة العلاقة بين قطاع غزة وإسرائيل من حيث العلاقة الاقتصادية وحركة البضائع والعمال، كلها أمور لها بعد جيوبولتيكي يجب أخذه بعين الاعتبار.

ثالثها، أن البعد الجيوبولتيكي يتناول مستقبل العلاقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث تؤخذ خطوة فك الارتباط بنوع من الحذر من حيث تأثيرها على العلاقة بين شقي الوطن، وهنا يجب أن يتم التركيز على أن تكون العلاقة تكاملية ومنسجمة مع تطلعات شعبنا إلى إنشاء دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف.


(*)  مدير دائرة شؤون المفاوضات في مركز التخطيط الفلسطيني.

 

المراجع:


(1) هآرتس، 12/2/2005.

(2) هآرتس، 30/8/2005.

(3) عرب 48 (نت).

(4) السلام الآن، 7/5/2005.

(5) السلام الآن، 7/2/2005.

(6) الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

(7) الأيام، 6/9/2005.

(8) معاريف، 16/9/2005.

(9) الأيام، 5/7/2005.

(10) يديعوت، أحرونوت، 30/11/2005.

تعقيب

 

د. يوسف إبراهيم

دراسة الواقع الجيوسياسي قراءة نتج عنها أن وضع الضفة الغربية يختلف عن قطاع غزة من خلال الاعتبارات الاستراتيجية للكيان الصهيوني. إن فك الارتباط هي خطة استراتيجية ولم تكن خطة عشوائية، فك الارتباط هو تحقيق لواقع جيوبولتيكي جديد وفرض وقائع جغرافية جديدة، فك الارتباط هو محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على وضع وشكل الحل النهائي وشكل الدولة الفلسطينية برؤية إسرائيلية وتحقيقاً للخطط التي وضعها كبار قادة الحركة الصهيونية بدئاً (بآلون) وانتهاءاً (بشارون)، ولكن السؤال الذي يحتاج في الحقيقة إلى وقفة، هو أين هي الاستراتيجية الفلسطينية أمام الواقع الجديد أو الواقع الجغرافي الجديد، هل سنتعامل مع ما سيفرضه قادة الكيان الصهيوني على أنه أصبح واقعاً جغرافياً على الأرض، أم ستكون لدينا خطة تقوم على رؤية الجانب الفلسطيني لمستقبل الصراع؟ أين تتجه القضية الفلسطينية على أرض الواقع جغرافياً؟ جميعها أسئلة مطروحة أمامكم للإجابة عليها بمداخلاتكم في إطار السؤال الذي، يطرح نفسه الآن ماذا بعد فك الارتباط؟



 

المناقشات والمداخلات

 

اللواء عمر عاشور(*)

في الورقة المقدمة تفاصيل كثيرة ويكمن فيها الشيطان فهل يوجد خارطة محددة؟ الاستنتاجات: هل سنصل لدولة فلسطينية بعد فك الارتباط أم سنصل لدولة مؤقتة؟ حسب التفاصيل التي ذكرها البابا فضلاً عن التفاصيل الكثيرة في الضفة الغربية كالطرق الالتفافية التي ستشكل الخارطة والطرق الخاصة بالفلسطينيين. فهل سنصل للدولة المؤقتة التي من المفترض أن تفاوض إسرائيل وشارون على الحل النهائي؟ أم ستبقى منظمة التحرير هي العنوان لحركة التحرر الفلسطيني والتي ستقود العملية التفاوضية، حيث يوجد فرق بين أن يكون المفاوض هو الدولة المؤقتة وهو ما يسعى له شارون لتستمر المفاوضات مدة طويلة، أم منظمة التحرير كونها حركة تحرر وطني؟ فهنا يوجد فرق.

فقد طرح شارون في أحد اللقاءات ترحيل المسألة الديمغرافية الفلسطينية شرقاً بدلاً من غرباً، بمعنى وجود فلسطيني غرب النهر ووجود فلسطيني شرق نهر الأردن، ويتم الاتحاد مع بعضهم ويكونون دولة فلسطينية وتنقل القدس لعمان، وهذه السياسة الإسرائيلية سواء ليكود أو عمل تعمل لتحقيق التوسع، والمفاهيم الصهيونية لا يهمها الأمن بقدر ما يهمها التوسع، فهل ستقوم دولة مؤقتة في فلسطين التي لم يقبلها أبو عمار ومن أجلها قتل عرفات إثر عدم موافقته على حلول مؤقتة وإصراره على الدخول في قضايا الحل النهائي.

إذن القضية ترحيل المسألة الديمغرافية وحل الدولة المؤقتة، هذا ما تسعى له إسرائيل لذلك لابد من تناول هذا الموضوع الخطير بالعمق المناسب والوصول إلى حلول استراتيجية لمواجهة هذا التوجه الإسرائيلي بشكل جدي وواعي.

د. رائد صالحة(*)

طرحت أسئلة كثيرة والإجابة عليها تحتاج إلى كثير من اللقاءات، لكن عنوان المحاضرة وهو تأثير فك الارتباط على الواقع الجيوبولتيكي في الضفة الغربية أعتقد أنه لم يكن هناك تأثير على الوضع الاستيطاني في الضفة الغربية. اليهود لم يتأثروا من فك الارتباط، السياسة الاستيطانية واضحة من قبل 48 إلى الآن.

هناك نقطة أخرى وهي أن فك الارتباط يعتبر في نظر الفلسطينيين بأنه نفذ من جانب واحد، وهذا لا يعني بالضرورة بأنه يستجيب للمصلحة الفلسطينية بل إسرائيل اضطرت اضطراراً أن تنسحب من قطاع غزة، وهذا أمر يجب أن تعترف به، وهذا  يعتبر أيضاً انحساراً للمشروع الصهيوني. ولكن هناك تناقض في الرؤيا الفلسطينية، هناك من يقول بأن الانسحاب خطوة من طرف واحد، وفي نفس الوقت تجري مفاوضات حول المعابر، بحيث بتنا لا نعرف إذا كان هناك انسحاب من طرف واحد! إذاً لماذا المفاوضات؟

هنا أيضاً على سبيل المثال، يثار سؤال حول مضخات المياه، حيث يوجد مضخات مياه تضخ على مدار الساعة من المستوطنات، هل توقفت أم لا؟ وإذا توقفت نريد الدليل. وهل هناك اتفاق حول المضخات التي توجد في المستوطنات من داخل القطاع إلى داخل الكيان الصهيوني؟

طبعاً جميع الأخوة يعرفون أنه لم تكن هناك استراتيجية فلسطينية واضحة تجاه فك الارتباط أو الاستيطان. لماذا؟ ومن المسؤول؟ وهل أخفقنا في إدارة ملف الانسحاب؟ في ندوات سابقة أقر الأخوة أنه يوجد إخفاق فلسطيني في التعامل مع ملف الانسحاب، إذاً ما هو الحل لمعالجة هذه القضية؟ سؤال آخر، ما هو المطلوب فلسطينياً تجاه السكان الفلسطينيين؟ وما هو المطلوب تجاه الاحتلال في كل من قطاع غزة والضفة؟ وللأسف سنتكلم عن قطاع غزة والضفة على حده، غزة استطاعت أن تتخلص من السرطان الاستيطاني، فهل ذلك سيتحقق في الضفة الغربية؟

د. منصور اللوح(*)

حول الانسحاب من غزة هناك تساؤلات كثيرة:

هناك انسحاب من غزة  مقابل استيطان في الضفة الغربية، طبعاً الهدف الإسرائيلي متعدد الأبعاد سواء كان استراتيجياً على الصعيد الأمني السياسي أو العسكري أو مائي على صعيد نهب مقدرات الشعب الفلسطيني سواء من الضفة الغربية أو من قطاع غزة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا انسحبت إسرائيل من جانب واحد في مقابل مطالبة السلطة بمطالب كثيرة معروفة لدى الجميع؟ السؤال الثاني: أين الاستراتيجية الفلسطينية المضادة؟ وهذا سؤال سأله كثيرون ونحن ملامون فيه، لماذا نعفي أنفسنا من هذه المسؤولية كأناس أكاديميين متعلمين، ولماذا نلقي باللوم على السلطة الفلسطينية لوحدها. ما دورنا نحن أمام هذا المارد أو السرطان الإسرائيلي؟

عند الحديث عن دولة نتحدث عن دولة فلسطينية وكيان فلسطيني، لكن في المقابل لم نضع خطة عملية شاملة لهذه الدولة ولهذا الكيان، فنحن نضع خطة على الورق وننشرها في وسائل الإعلام، دون وضع استراتيجية مرسومة ودون تفعيل دور المؤسسات والمراكز العلمية لوضع خطوات تنفيذ هذه الخطة وتمويلها أو وضع ميزانية لها، في المقابل نرى كثيراً من المراكز العلمية مهمشة في هذا المجال. هناك غياب لتفعيل دور الإعلام الفلسطيني والإعلام العربي حول هذه القضية، على الرغم من امتلاكنا وسائل إعلام متطورة، وعلى سبيل المثال، نحن مقتصرين حول موضوع الجدار الفاصل،  وحول موضوع اللاجئين وهو بعد ديمغرافي هام جداً، الجانب الإسرائيلي يقوم بالتركيز على هذا البعد الديمغرافي خاصة في الضفة الغربية، في حين أنه مغيب فلسطينياً، والطرح الذي أود أن أطرحه هو لابد من تفعيل الدور الإعلامي الفلسطيني والعربي على حد سواء وبجميع اللغات.

د. صبحي الأستاذ(*)

سأتكلم باختصار في موضوعات معينة.

من عناصر قيام الدولة في الجغرافيا السياسية أن تكون هناك قطعة أرض سواء كانت هذه القطعة كبيرة الحجم أم صغيرة، وينطبق ذلك على موضوع فك الارتباط من قطاع غزة الذي يشكل جغرافياً فقط ( 1.3%) من مساحة فلسطين، يسكن هذه المنطقة حوالي مليون ونصف المليون نسمة، في حين أن الضفة الغربية تشكل مساحة أكبر، تقدر بـ (5878 كيلو متر مربع) وبعض الكتابات تقدرها بـ (5500 كيلو مربع) حيث تبلغ مساحة الضفة ستة عشر ضعفاً من مساحة قطاع غزة.

وتركيز الأخ جمال على موضوع الاستيطان في الضفة الغربية كمتخصص في هذا المجال وهو البعد الجيوبولتيكي أو الاستراتيجي في الضفة الغربية، لم يتطرق إلى بعد آخر وهو البعد المائي، فإسرائيل تسرق من مياه الضفة الغربية ما يعادل (40%) من استهلاكها، إسرائيل تستهلك مياهاً تقدر سنوياً بحوالي (2 مليار متر مكعب) يعني أنها تسرق ما معدله سنوياً حوالي (400) مليون متر مكعب.

الضفة الغربية لديها فائض مائي يتراوح ما بين 800 إلى 900 متر مكعب والسكان العرب في الضفة الغربية يستهلكون حوالي (150) مليون متر مكعب فقط، وهذا يعني أن حوالي من 600 إلى 700 مليون متر مكعب هو فائض عن الاستهلاك في الضفة الغربية، وهذا موضوع مهم، فالضفة تقع على منطقة مرتفعة ترتفع (1000 متر) عن سطح البحر وبالتالي كميات الأمطار فيها أكثر بكثير مما هي في قطاع غزة،  ومن حيث العمق الجيوبولتيكي في الضفة الغربية فهي قريبة جداً من أهم تجمع سكاني في وسط الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، هذه عوامل دفعت الحركة الصهيونية التركيز على الضفة الغربية دون قطاع غزة، ولجأت إلى إقامة الجدار الفاصل الذي يلتهم حوالي 60% من مساحة الضفة الغربية.

السؤال الذي سأصل إليه في النهاية! سيكون عندنا 1500 كيلو متر مربع أو 2000 كيلو متر مربع في الضفة الغربية يسكن هذه المنطقة حوالي مليون وسبعمائة ألف نسمة أو مليون وثمانمائة ألف نسمة، هذه العوامل كلها تعوق تماماً أو يصبح من المستحيل إقامة دولة فلسطينية في وجودها، دولة فلسطينية لثلاثة ملايين نسمة في 12% من مساحة فلسطين التاريخية، يعني أن إسرائيل تضع العراقيل في طريق قيام الدولة الفلسطينية، هذا السؤال مطروح علينا كعسكريين أو أكاديميين وغير ذلك. المفروض هو وجود استراتيجية واضحة ترسم من قبل السلطة الفلسطينية، نجعل من هذه المعطيات عناوين واضحة وملحة كعوائق تحول دون إتمام المشروع الوطني.

د. عصام عدوان(*)

سأبدأ من نقطة موضوع التواصل الجغرافي، فكرة الدولة الفلسطينية منذ بدأت في أوائل السبعينات، قامت على إنشاء دولة في الضفة وغزة. ونحن حتى الآن حصرنا أنفسنا بتلك الفكرة واخترنا بأيدينا بأن تكون الوسيلة هي المفاوضات، المأزق الذي نواجهه الآن هو أنه لا يمكن أن تنشأ دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة مع هذا الفارق الجغرافي بينها في المسافة، وهذا لن يتحقق إلا بموافقة إسرائيلية، إذ لا يمكن لأي شخص كبر أو صغر شأنه  السفر إلى الضفة الغربية إلا بموافقة إسرائيل، هكذا سيظل هو حال الدولة الفلسطينية في الضفة وغزة إذا نشأت دولة في الضفة وغزة. فمن المنطقي أنه لا يمكن أن تقوم دولة في الضفة إلا بمفاوضات، والقبول الإسرائيلي سيكون مشروطاً بثمن، ما هو الثمن؟ الثمن هو اعتراف بدولة إسرائيل على الباقي من الأراضي الفلسطينية، طبعاً يعتبره البعض أنه أمر مسلم فيه وأنه أمر عادي وأنا أعتبره أمراً غير عادي. هناك نقطة يجب أن تثار، ما الذي يلزم الفلسطينيين القبول بالشروط الإسرائيلية ولا سيما أن الشرعية الدولية تدعم موقفنا؟ هناك أكثر من قرار يقول أن إجراءات الاحتلال باطلة وتزول بزوال الواقع. إن إجراء مفاوضات مع هذا الاحتلال ثم التراضي معه على نقاط التقاء وسط يعني أننا نستبعد الشرعية الدولية، وأن لا يتدخل بيننا وبين إسرائيل وسطاء والحل يكون بيننا من غير وسطاء، هذا يعني نحن نرفض تدخل الشرعية الدولية في اللحظة التي تسعفنا فيها، هل نريد أن نتفاوض لنظل في تراجع مستمر؟

نقطة أخيرة، إسرائيل قامت على فكر ديني ورسمت حدودها من النيل إلى الفرات، واختيارها لفلسطين دون غيرها لم يأت جزافاً فهذا الفكر الصهيوني ليس فكراً يهودياً فقط إنما فكر صهيوني بريطاني وفرنسي والى آخره.

ألا يحق لنا الانتفاع بالدين من هذا الجانب. هناك حديث شريف يقول "لأنتم شرقي النهر وهم غربيه" فما دلالة هذا الحديث على الأرض، هل يمكن أن تظل الضفة الغربية في يد إسرائيل؟

أ. نهاد الشيخ خليل(*)

بالنسبة للوصف الجغرافي الذي طرحه الأخ جمال وصف جيد وشامل، ولكن في الجانب السياسي فالاستنتاجات من وجهة نظري كانت بسيطة إلى حد كبير، فمثلاً عندما تقول الحل الاقليمي الآن هو الذي أصبح دارج أكثر، فإن ذلك يعطي انطباعاً وكأن الليكود أو شارون يسير باتجاه الحل الإقليمي.

أتساءل، حل إقليمي بأي مفهوم وأي معنى إذا الاقليم تقطع، بين قطاع غزة وشمال ووسط وجنوب الضفة الغربية.

موضوع آخر، تأجيل العملية التفاوضية خشية شارون أن يفرض عليه حل في غير صالح إسرائيل، يجعلني أتساءل من الذي سيفرض مثل هذا الحل على شارون؟ من وجهة نظري، شارون لا يخشى أن يفرض عليه حل، لكنه يدرك أن لا مجال للتوصل لحل في هذه المرحلة بالإتفاق مع الفلسطينيين بشكل يرضي طموحه، لذلك هو يريد أن يفرض هذا الحل على الأرض، وبعد أن يفرض الحل على الأرض، ستخرج قيادة فلسطينية تقول أن الأمور ستنهار أكثر من ذلك، وستنادي بإنقاذ ما يمكن إنقاذه والتعامل مع الواقع القائم، هذه وجهة نظري.

القصد، أن كلمة حل إقليمي تعني وكأنه موقفاً إسرائيلياً راقياً أو متقدماً، وكأن المقصود ليس الحكم الذاتي الذي ينكر سيادة الفلسطينيين على أرضهم، هذا هو مدلول حل إقليمي بالمعنى السياسي وبالمعنى الذي تعودنا عليه.

بالنسبة للتوصيات الاستراتيجية الإعلامية الفلسطينية لفضح النشاطات الاستيطانية، فإن الحديث عن حملات إعلامية غير مجدي، دون أن نمتلك القوة على الأرض لن يسمعنا أحد، والذي يملك القوة هو الذي يمكِّن العالم من أن يسمعه. لذا، يجب من الآن أن ننحى منحاً استراتيجياً جديداً مختلفاً تماماً عن كل ما سبق بالتدريج وبالتفاهم مع بعضنا البعض، مثلاً لقد اخترنا أن ندخل في تهدئة وإصلاح داخلي وانتخابات وما إلى ذلك، وهذا يشكل بداية مشجعة.

النهج الذي يجب أن يكون هو التخلي عن فكرة الوصول إلى حل بالتفاوض مع إسرائيل، لذلك يجب أن نبدي صموداً قوياً جداً على الأرض، المقاومة يجب أن نتفق عليها وأن نتجاهل موضوع الطروحات الجدلية. وليس من مصلحتنا أن نقدم من طرفنا مقترحات سياسية، لا أقول أن لا نتعامل مع مقترحات سياسية وأن نغلق الأبواب، لكن لا يجب أن نكون نحن من يقدم ويطرح، لأنه إذا طرحنا حلاً سيعتبر هذا سقفنا الأعلى أو حدنا الأعلى وسيساوموننا عليه ونتنازل، لنصمد وندير عملية الصمود وعملية المقاومة بالطرق المتعارف عليها. المهم أن نبدأ على الأرض في بناء قوتنا، والمهم يجب أن ننسى إمكانية أي حل بتفاهم مع الإسرائيليين، مع التأكيد أن هذا لا يعني غلق أي باب على أي حل سياسي.

أ. عدنان أبو عامر(*)

الحقيقة التشخيص موفق جداً رغم اكتظاظه بمعلومات هامة تحتاج إلى تحليل كبير، في الحقيقة نحن كفلسطينيين منذ التاسع عشر من سبتمبر 2003 حين أعلن شارون في مؤتمر هرتسيليا خطة فك الارتباط. كنا قد تعبنا من الانتظار حوالي ثلاث أو أربع أشهر ننتظر أن يمن علينا شارون بمعلومات بالقطارة حول هذه الخطة، أصبحنا نحن كمركز أبحاث وسياسيين نجري وراء هذه الخطة، ما الذي يريده شارون منها ما هي تفصيلاتها ما هي مخططاتها ما هي الأبعاد الجيوبولتيكية منذ ذلك التاريخ، ومصرين على عادتنا أن نبقى ننتظر المعلومات من إسرائيل، حتى لو ضخت لنا بأبعاد وبتوجهات استخبارية إسرائيلية، فشارون منذ إعلانه عن خطة فك الارتباط اكتظت الصحف الإسرائيلية ومراكز الأبحاث بتحليل هذا التوجه إلى أن وصل الجنرال المتقاعد (فيروا آيلند) وأمسك ملف خطة فك الارتباط وبدأ يشكل الأطقم الإعلامية والأمنية والعسكرية لتحريك هذا التوجه إعلامياً وعسكرياً.

للأسف بقينا عام ونصف نتحاور فيما بيننا هل شارون جاد بخطته أم لا، وإذا كان جاداً ننتظر ماذا سيعطينا من معلومات أو معطيات جغرافية وسياسية وأمنية، إلى أن تحقق فك الارتباط في 15/8 وانسحب.

لقد لفتت نظري معلومة في غاية الأهمية والخطورة، على الأقل من ناحية إعلامية، ففي ثاني أو ثالث يوم تقريباً إثر فك الارتباط، من 17/8 ذكر أحد المواقع الاخبارية الإسرائيلية، أن (آيلند) بصدد تقديم استقالته لشارون لأنه خرج عن بعض الخطوط المتفق عليها بينهم، والمعروف أن هذا الرجل يحترم تخصصه، فإذا أمسك بخطط فك الارتباط إذاً يجب على كل الأطقم أن تلتزم بهذا التوجه، بقيت أتابع الصحف الفلسطينية أسبوع كامل لم أجد حتى لو ترجمة حول هذا الخبر، هل معقول أن هذا الموضوع لا يلقى الاهتمام، خاصة وأنه ينبئ باحتمال أن شارون خرج عن توجه أساسي ضمن موضوع فك الارتباط نتيجة ضغوط دولية أو محلية، واضح أن الموقف لم يتم متابعته من قبلنا وهذا خطير جداً.

النقطة الثانية: الخطط الفلسطينية المطروحة كما اقترح أ. جمال في التوصيات والاقتراحات حول النشاطات الإعلامية والمؤسسات الدولية في غاية الروعة، وما آثار استغرابي غياب الخطة المقترحة كاستراتيجية بديلة مضادة من خلال وجود الاجماع السياسي الوطني لمواجهة الخطة الإسرائيلية. الليكود والعمل والوسط مجمعون على هذا الحل (الخطة) لا سيما أنه نال ترحيب دولي وعربي ورضى فلسطيني.

إذاً يجب الوصول للإجماع الوطني للتصدي لهذه القضايا، وهناك مقترح بسيط وهو، بالإضافة إلى وجود أكاديميين بين الحضور كنت أفضل لو كان هناك وجود لبعض السياسيين من المعارضة والسلطة يجيدوا الانتقاد حتى يستطيعون نقد المشاكل ووضع الحلول، بمعنى ألا يكون الطرح حكر على طرف واحد.

كما أن لنا في مسألة الدراسات البحثية أو الأبحاث المقدمة تجربة غير موفقة في توظيف هذه الأبحاث، مثل تجربتنا مع محكمة لاهاي في مسألة الجدار الفاصل، فالفلسطينيون كانت غايتهم رفع الملف إلى مجلس الأمن الدولي ومناقشة ملف الجدار الفاصل وإزالته واعتباره غير شرعي.

السؤال أين ملف الجدار الفاصل الآن؟ فكما قال د. عصام الملف غُيب، وتم التوصل إلى حل ترضية وهو ترحيله، ففي اللحظة التي كانت هناك ضغوط دولية تمارس على إسرائيل حول شرعية الجدار وعندما بدأت الشرعية الدولية بإنصافنا، عزفنا عن هذا الملف وتركناه جانباً. على الرغم من ذلك أجد أن الجهود البحثية التي يقوم بها الأكاديميون في غاية الأهمية، فإذا لم يستفد منها المفاوض في هذا الوقت على الأقل ندعها للمستقبل. لذا يجب أن نقدم ما علينا من جهد ومن دور في هذه المعركة المصيرية.

النقطة الأخيرة: حتى وعندما كان شارون يفرض وقائعه السياسية على الأرض، وهذا أصبح بمثابة تحصيل حاصل، إلا أن بعض التفاصيل الجيوبولتيكية في الضفة الغربية قد ترتبط بمتغيرات سياسية داخلية إسرائيلية لا سيما مع صعود نجم بيرتس الآن والتجاوب المحلي والإقليمي والدولي المحتشد خلفه. إلا أنني متخوف كثيراً من عودة نغمة عامي 1997-1998 حين رحبنا بقدوم باراك ضد نتنياهو. فبيرتس له آراء أكثر سلامية من باراك على الأقل في تصريحاته، الرجل لم يختبر حتى الآن على المحك كما تظهر تصريحاته السياسية، حتى الآن فإن أسهمه الشعبية والمحلية في تصاعد، وآخر استطلاعات للرأي اليوم تقول، بأنه إذا حدث انتخابات في مارس/ابريل القادم قد يكون له حظ في الفوز.

لكن اعتماداً على كل الفرضيات، سواء فاز بيرتس أو غيره يجب أن نظل حذرين فقد صقلتنا التجارب السابقة ويجب أن لا نعلق آمالاً على بيرتس قبل أن يوضع هذا الرجل على المحك السياسي والتفاوضي. وشكراً.

أ. حمدي أبو ليلة(*)

تحدث الأستاذ جمال عن بعض المحاور الأساسية التي ترتبط في تصوره للدولة الفلسطينية خاصة بعد فك الارتباط، خاصة وأنه كان من المفترض أن يتم الحديث عن انعكاسات ذلك على الدولة الفلسطينية ومستقبل العلاقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ولو عدنا  إلى الوراء وتفحصنا خطة آلون وخطة التقسيم سنجد أن هناك تصوراً لإيجاد نوع من التواصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ولكن الآن وعلى فرض أن إسرائيل سلمت بوجود دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وهذا هو التصور الذي طرحته منظمة التحرير الفلسطينية لإقامة دولة في الأراضي الفلسطينية عام 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة ضمن برنامج الحل المرحلي، يبرز السؤال حول كيفية التواصل الجغرافي بين قسمي الدولة، هل سنصل أو نقبل في يوم من الأيام أن يكون هناك أمزجة مختلفة أو شرائح فلسطينية مختلفة عبر كيانين منفصلين كما حدث بين باكستان وبنجلادش، فهناك مسافة كبيرة جداً بين الضفة وغزة تزيد عن 30-35 كم. وإذا وضعنا تصورنا للممر الآمن، فهل ستسمح إسرائيل بوجود ممر آمن تحت السيادة الفلسطينية الكاملة؟، وهل ستسمح بوجود جسر أو حتى نفق أو هل لديها تصوراً لسكة حديد وممر وطرق أرضية؟، هل ستسمح إسرائيل بأن يكون هناك تواصل جغرافي كامل بين الضفة وغزة، هل ستقبل السلطة الفلسطينية بأن تقطع دولتها المنشودة إلى أجزاء في قطاع غزة وأجزاء في الضفة الغربية؟ هذه تساؤلات تحتاج إلى إجابة.

وما أثارني في هذه النقطة قبل عدة أيام، هو أن أحد المسؤولين الفلسطينيين، بعد مفاوضات معبر رفح، صرح بأنه سيتم مباشرة تسيير لحافلات بين الضفة الغربية وغزة، هل معنى ذلك أن هذا هو ما نصبو إليه؟ وهل عندما كانت السلطة تقوم برسم خرائط وتضع تصورات مختلفة لإيجاد تواصل جغرافي بين الضفة وغزة هل كان الحديث يدور حول طريق لتسيير الحافلات ضمن شروط تحت السيادة الأمنية الإسرائيلية؟ لدينا تجربة قاسية عندما افتتح الممر الآمن عام 2000 حيث سيرت حافلات مشروطة تحت سيادة إسرائيلية ومنع ما يقارب من 21% ممن تقدموا بطلبات للحصول على تصريح للممر الآمن، إضافة إلى قيام إسرائيل بإجراءات تفتيشية مجحفة بحق الفلسطينيين. هل هذا هو ما نبتغيه الآن للمر الآمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة؟ ولو تصورنا بأن إسرائيل ستسمح بتسيير الحافلات، فهناك انتخابات تشريعية ستشارك بها جميع الفصائل، هل ستسمح إسرائيل بمرور كل الفلسطينيين بما فيهم المعارضين والمؤيدين لاتفاق أوسلو وغيرها إلى الضفة الغربية. والتنقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة؟ هذا يعني أن الممر سيكون ممراً مشروطاً ويخضع للاعتبارات الإسرائيلية.

نقطة أخرى: هناك تصور يُطرح الآن لإقامة ميناء فلسطيني سيخدم الأراضي الفلسطينية، ماذا سيكون حجم ومصير هذا  الميناء إذا ما اقتصر على ظهير محدود جداً وهو قطاع غزة الذي يوجد به حوالي 1400 ألف نسمة ولا يوجد هناك تواصل جغرافي بينه وبين الضفة الغربية؟ فماذا سينفعنا هذا الميناء إذا لم يخدم كافة الأراضي الفلسطينية؟ وعندما أنشئ مطار غزة الدولي كان يخدم فقط قطاع غزة، حيث منع سكان الضفة الغربية وفلسطيني 48 من استخدام هذا المطار وذلك بقرار رسمي ومن يستخدمه سيعاقب. أكرر، ماذا سنستفيد من وجود هذا المطار أو الميناء إذا لم يكن هناك تواصل بين الضفة الغربية وغزة؟ وما تصورنا لهذا التواصل؟

د. يوسف ابراهيم

أود التعقيب على ثلاث نقاط فقط:

النقطة الأولى: ما أود أن أقوله للواء عمر عاشور هو أن الحركة الصهيونية لم تستطع إقامة دولة إسرائيل إلا بإسناد من دولة مثل بريطانيا، وبالتالي فإن الحركة الفلسطينية لن تستطيع إقامة دولة فلسطينية إلا بإسناد عربي وإسلامي، ليس بالكلمة والإعلام فقط وإنما بالعمل. وبالتالي فنحن أمام استحقاق إما أن نكون أو لا نكون. ولا يمكن لأي حركة ثورية و نضالية أو جهادية أن تخطو خطوات نحو التحرير إلا بإسناد قوة لها.

النقطة الثانية: وتعقيباً على ما تناوله الدكتور رائد صالحة على ما هو المطلوب سكانياً، أنا أقول بأنه ودون أن نمتلك القدرة على الأرض لن نستطيع أن نضع مخططات سكانية مجدية في البعد الإقليمي أو المكاني. ولن نستطيع وضعها حيز التنفيذ إطلاقاً، إلا بامتلاك القدرة على الأرض، يمكن أن نضع تخطيطاً سكانياً لعملية ديناميكية (عملية الزيادة أو النقصان) متمثلة بالمواليد والوفيات والهجرة، لكن في ظل أننا الآن أمام مشروع جهادي فيه استحقاق ديمغرافي أمام الحركة الصهيونية، فنحن كأكاديميين وباحثين لن نستطيع أن نضع هذا التصور أمام الناس بأن نقول لهم يجب أن نخفض من المواليد في حين يسقط منا الكثير من الشهداء وهناك الكثير من المعتقلين. هناك دول عربية كثيرة اتجهت نحو هذا الاتجاه، إلا أنها لم تستطع التأثير على نسبة النمو السكاني إلا بنسب قليلة جداً، وذلك لاعتبارات سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية تتحكم في العالم النامي أو العالم الاسلامي والعربي، في حين أن العالم الأوروبي وصلت فيه معدلات النمو في بعض الدول إلى صفر وفي بعضها اتسمت بالهبوط السلبي. وهذا ما أشار إليه مالتوس في نظريته عام 1817 عندما قارن في عملية على المتوالية الهندسية والحسابية ما بين النمو السكاني ومسألة الغذاء، وهو كان يعتقد بأن السكان سوف يستجيبوا له، لكن على العكس استمروا في عملية النمو السكاني وبشكل يخضع لاعتبارات دينية واجتماعية واقتصادية، ولم يأخذوا بنظرية مالتوس سوى في الجانب الفني والتقني.

أما النقطة الثالثة فيما يتعلق بعملية الربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فأنا أقول أنه من ناحية فنية وتقنية هناك إمكانية للربط ولكن أين هو القرار؟ من الذي يستطيع أن يضع هذا القرار حيز التنفيذ؟ نحن أمام استحقاق صهيوني، فالحركة الصهيونية عرض عليها 32 مكاناً في العالم لكي تقيم فيه دولتها فلم تختر إلا فلسطين بادعاء أنها أرض الآباء والأجداد وأرض سليمان وحائط المبكى، وبالتالي أقيمت تحت هذا الستار. وبذلك بدأت أبعاد الصراع تظهر، الأبعاد الجغرافية والديمغرافية والاقتصادية، ومن ثم تكاملت كل معالم الصراع. لذا المطلوب منا كفلسطينيين هو أن نحافظ على خيار المقاومة (الصراع) قائماً وأن لا نميته، نحن كفلسطينيين لسنا مع التشديد على أننا نستطيع تحرير أرض فلسطين بأيدينا فقط، لابد من وجود قوة إسناد لنا.


 

ردود الأستاذ جمال البابا

شكراً لجميع المداخلات فقد كانت مداخلات قيمة وتثري موضوع النقاش. واسمحوا لي أن أبداً بما طرحه سيادة اللواء عمر عاشور، الذي تحدث عن أن الورقة المقدمة تحتوي على مجموعة كبيرة من التفاصيل، فهذا ليس عيباً، فعندما وضعنا هذا العنوان موضوع النقاش (الأبعاد الجيوبولتيكية)، قصدنا وضع أيدينا على ما تنوي إسرائيل أن تفعله، أي أننا قصدنا بهذا المصطلح ما سيكون وليس ما هو كائن فقط، فالجيوبولتيك كما عرفه علماء الجغرافيا الألمان يهتم بما ستكون عليه الظاهرة، فعندما تحدثوا عن حدود ألمانيا كان المقصود ما هي الحدود الأمثل لألمانيا، وإسرائيل عندما تتحدث عن الحدود الأمثل لإسرائيل، فهي تقصد الشكل الأفضل لهذه الحدود، الشكل الذي يحقق مصالحها، من هذا المفهوم نحن انطلقنا، أي أن التفاصيل التي أشرت إليها فرضتها إسرائيل كي تستغلها في تحقيق هدف استراتيجي هام، وهو فرض شكل آخر من الحدود يخدم مصالحها.

أما فيما يتعلق بمجموعة السيناريوهات التي طرحها سيادة اللواء وكلها سيناريوهات قابلة للتنفيذ، فالدولة المؤقتة والبديل الأردني وسيناريو الحل الوظيفي، كلها سيناريوهات مطروحة أمامنا ويجب أن نستعد لها ولا نستبعدها من أجندتنا، لأن خصمنا لديه دائماً مجموعة من البدائل يستخدمها حسب ظروف ومعطيات كل مرحلة من مراحل الصراع.

وفي تعقيبي على ما أشار إليه الدكتور رائد صالحة بأنه لا يوجد أي تأثير جيوبولتيكي لخطة فك الارتباط، فأنا أختلف معه في الرأي تماماً، فهناك تأثير واضح، فإسرائيل تنفذ خطة فك الارتباط بيد وباليد الأخرى تقوم برسم الخارطة على الأرض في الضفة الغربية من خلال فرض المزيد من الحقائق على الأرض التي أصبحت هائلة، والتي يجب أن نتصدى لها بكل قوة.

الدكتور منصور أشار إلى أنه يوجد أهداف كثيرة لفك الارتباط، وأثار سؤالاً لماذا انسحبت إسرائيل من جانب واحد. وأنا أقول أن إسرائيل قامت بهذه الخطوة فعلاً لتحقيق أهداف كثيرة ونحن تحدثنا عن جزء من هذه الأهداف، وهنا لا نريد أن نخوض في البعد السياسي للخطوة بل أردنا التركيز على البعد الجيوبولتيكي، حيث أن إسرائيل واضحة في رسالتها لجمهورها أولاً ثم للعالم وللجميع، وهو أننا انسحبنا من قطاع غزة كي نثبت أقدامنا في الضفة الغربية.

تحدث الدكتور صبحي عن الجانب المائي وهو خبير في هذا المجال، وأنا لا أريد أن أختلف معه في قضية الأرقام ولكن الفكرة الأساسية هي أن إسرائيل لديها أطماع مائية واضحة في الضفة الغربية، ولتحقيق هذه الأطماع  فهي تريد أن تفرض سيطرتها ومن ثم سيادتها على مناطق محددة في الضفة الغربية لها قيمة مائية عالية.

وفيما يتعلق بموضوع التواصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي قضية اشار إليها العديد من الأخوة المتحدثين، فالتواصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة هو ضرورة جيوبولتيكية على أن يكون هذا التواصل من خلال قطاع أرضي وليس من خلال نفق أو جسر أو سكة حديد، هذا القطاع الأرضي يجب أن يكون ضمن السيادة الفلسطينية بحيث يسمح بالتحرك عبره بسهولة ويسر، ويسمح بتمديد خطوط أنابيب لنقل المياه وأخرى لنقل الغاز الطبيعي وبعض السلع الاستراتيجية التي تحقق التكامل بين شطري الوطن الفلسطيني. هذه هي رؤيتي الشخصية، فأي دولة مكونة من جزئين يعتبر هذا عنصر ضعف في كيانية الدولة، وكلما كان التواصل بين هذين الجزئين ضعيف كلما كانت عوامل الانشقاق كبيرة.

وعندما تم التطرق إلى الحل الإقليمي وأن إسرائيل بدأت تتجه إلى الحل الاقليمي للصراع، فما قصدته بالحل الاقليمي هو تحقيق مقولة باراك نحن هنا وأنتم هناك، والحل الإقليمي لا يعني أن إسرائيل ستعطينا كل الضفة الغربية، فالحل الإقليمي لدى الليكود هو إعطاء الفلسطينيين فقط 42% من الضفة الغربية، وعند حزب العمل، اقتطاع من 10-12% من مساحتها، والحل الإقليمي في المفهوم الإسرائيلي لا يعني أيضاً أن نحصل على كيان كامل السيادة، ولكن الهدف الأساسي من هذا التوجه الإسرائيلي هو التخلص من عبء الاحتلال والسيطرة على شعب آخر. فالجدار الفاصل هو مشروع حزب العمل ولكن تبناه حزب الليكود وأصبح شارون أكثر المدافعين عنه لأنه يحقق له الحل الإقليمي، أي التخلص من الخطر الديمغرافي.

تحدثت كذلك عن عدم الجمود والتقدم بمبادرات، ولم أقصد هنا أن يقدم الجانب الفلسطيني مقترحات لحلول سياسية، لم أقصد ذلك إطلاقاً، ولكن ما قصدته أن يكون هناك خطوات ومبادرات تكتيكية، فمثلاً عندما أرادت إسرائيل أن تقيم الجدار الفاصل في منطقة اللطرون واعترضت الإدارة الأمريكية على بناء الجدار ومساره في هذه المنطقة لأنه يتوغل مسافة 8-9 كم داخل أراضي الضفة الغربية، فماذا فعلت إسرائيل؟ قامت بإعداد دراسة مفصلة تؤكد فيها مدى خطورة هذه المنطقة وتحكمها في مطار اللد، وقام فايسغلاس مدير مكتب شارون بزيارة للبيت الأبيض وعرض على المسؤولين الأمريكيين هذه المخططات، الذين بدورهم وعدوا بأن يرسلوا وفداً لدراسة المنطقة على الطبيعة ومن ثم يحددون موقفهم.

وعندما تحدثت عن الجمود في الموقف الفلسطيني وعدم القدرة على المبادرة، كان أول شيء ذكرته هو ضرورة التمسك بقرارات الشرعية الدولية، والإصرار على أننا نتسلح بمجموعة كبيرة من قرارات الشرعية الدولية. مثال على ذلك، يمكن للجانب الفلسطيني التقدم بمقترح إنشاء مناطق سلام على جانبي الخط الأخضر، فإسرائيل تريد أن تقتطع نحو 64كم2 من أراضي منطقة اللطرون وتضمها إليها وهي أراضي فلسطينية محضة، فأنا أقترح أن يتم إضافة 64 كم2 أخرى من أراضي إسرائيل في الجهة المقابلة لهذه المنطقة، ونطلق على المنطقة بمجملها منطقة سلام، وتدار بإدارة مشتركة بين الطرفين وبتمويل غربي، هذا ما قصدته، ولم أقصد أبداً المس بالثوابت الوطنية الفلسطينية.

وعندما تحدثت عن ضرورة أن يقدم الجانب الفلسطيني دراسات وأبحاث تدعم مواقفه السياسية، كان القصد من ذلك أن نقدم للعالم حججاً مقنعة داعمة لمواقفنا، فعندما نتحدث مثلاً عن منطقة معاليه أدوميم أو منطقة أرئييل أو غوش عتسيون، فإسرائيل حاولت، وما زالت تحاول، اقناع الجانب الأمريكي بأن هذه المناطق مهمة وحيوية لمستقبل إسرائيل من خلال الحجج والبيانات وإن كانت مزورة، فلماذا لا نعد دراسات موثقة بالإضافة إلى تسلحنا بالقرارات الدولية التي تدعم وتساند موقفنا وتقنع المؤسسات الدولية سواء كانت رسمية أو غير رسمية بأن هذه المناطق بالإضافة إلى كونها حق فلسطيني فهي ضرورة لمستقبل الكيان الفلسطيني، فمشروعنا الوطني يتعرض لخطر واضح لذا يجب أن نستعد لكل الاحتمالات بالمنهج العلمي الذي يستند إلى دراسات معمقة وليس إلى الرفض والشجب الذي لم يحقق لنا شيئاً، هذا ما قصدته، والله من وراء القصد. وشكراً.

 


(*)  لواء متقاعد.

(*)  رئيس قسم الجغرافيا- الجامعة الإسلامية.

(*)  محاضر في قسم الجغرافيا – جامعة الأزهر.

(*)  رئيس قسم الجغرافيا- جامعة الأزهر.

(*)  محاضر في قسم التاريخ- جامعة القدس.

(*)  باحث في القضايا السياسية.

(*)  محاضر في قسم التاريخ – الجامعة الإسلامية.

(*)  محاضر في جامعة الأزهر – قسم الجغرافيا.

 


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
02/05/2006 11:46 ص