تأثير الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب (فك الارتباط) على عملية التطبيع

 

N

     تقديم............................................................................................................ مجد الوجيه                       

       مدخل إلى مفهوم التطبيع وتطوره ..................................................................... د. عبد الحكيم حلاسه

أوراق العمل المقدمة :

- التطبيع الاقتصادي الإسرائيلي في الميزان ........................................................................... أ.د. معين رجب

- إنعكاسات تنفيذ خطة فك الإرتباط على عملية التطبيع............................................................. أ. مأمون سويدان   

       المناقشات والمداخلات

 

تقديم

تناولنا في ورشات العمل التي استضافها المركز في السابق، الأبعاد الاقتصادية والقانونية للانسحاب الإسرائيلي  أحادي الجانب، كما حاولنا في ورشة ثالثة استشراف أبعاد هذا التوجه الإسرائيلي ضمن إستراتيجية وأيديولوجية الحكومة الإسرائيلية الممثلة برئيس وزرائها أرئيل شارون صاحب تلك الخطة.

وقد ساهم الحضور الكرام في ورشات العمل السابقة بمناقشات أَثْرت الموضوع، ويندرج ذلك ضمن إطار الهدف الذي وضعه مركز التخطيط في الابتعاد عن الخطوط العامة والأسلوب الخطابي، والدخول بشكل أكثر عمقاً وتحليلاً في صلب الظاهرة المتناولة سياسية أو اقتصادية أو أيديولوجية، للخروج بنتائج علمية دقيقة توضع بين أيدي أصحاب القرار، وتمدهم بأساس تحليلي معمق وتوصيات جدية وعملية، مساندة لأدائهم وقراراتهم السياسية.

كلي أمل أن نساهم جميعاً اليوم في التفكير بصوت عالٍ بمعضلة التطبيع الجارية بين بعض الدول العربية وإسرائيل، بما تمثله من عامل سلبي يمكن أن ينعكس على العملية التفاوضية السياسية الجارية مع الطرف الإسرائيلي، وعلى مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني، ولا نريد هنا استباق الأمور ولكنني أود الإشارة إلى أن الصدفة المحضة هي التي كانت وراء انعقاد هذه الورشة بعد يوم واحد من انعقاد المؤتمر الأول لمناهضة التطبيع في مدينة غزة، لعل الهم الوطني الواحد كان وراء تلك الصدفة، أتمنى لكلا الطرفين النجاح في مسعاهما.

وأتوجه الآن إلى د.عبد الحكيم حلاسه نائب مدير الدائرة العربية والدولية في مركز التخطيط الفلسطيني ليقدم ويدير ورشة العمل هذه، وشكرا لحضوركم معنا.

                                                                                                                                                                مجد الوجيه

ق.أ مدير عام مركز التخطيط الفلسطيني


 

مـــــدخــــــل

 إلى مفهوم التطبيع وتطوره

د.عبد الحكيم حلاسه (*)

إن قضية التطبيع ليست جديدة، ولم تبدأ بعد فك الارتباط، بل هي مطروحة منذ التوقيع على معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية عام 1979. ومن المعروف أن الاتصالات السرية بين بعض الدول العربية (الأردن، المغرب) وإسرائيل موجودة قبل هذا التاريخ، ولكن لم تتطور إلى إقامة علاقات طبيعية معها، وهذا المقصود باختصار من التطبيع. وكان السبب في عدم إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل هو عدم اعترافها بالحقوق الفلسطينية واحتلالها بالإضافة للأراضي الفلسطينية أراضي دول عربية مجاورة لفلسطين.

وكانت مبادرة الرئيس المصري الراحل أنور السادات بإجراء مباحثات مع إسرائيل بهدف التوصل إلى اتفاقية سلام وإقامة علاقات طبيعية معها مقابل تخليها عن الأراضي التي احتلتها بعد حرب عام 1967 أولى خطوات التطبيع. ولكن هذه المبادرة ظلت مقتصرة على الأراضي المصرية بعد التوقيع على معاهدة السلام، وبقيت الدول العربية معارضة لهذه الاتفاقية وتصفها بأنها أحادية، ولذلك لم تحذُ هذه الدول حذو مصر بإقامة علاقات مع إسرائيل.

بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، وقبل أن تفي إسرائيل بما جاء في هذه الاتفاقيات، وقعت الأردن اتفاقية سلام مع إسرائيل في أكتوبر 1994، كما أجرت بعض الدول العربية اتصالات علنية مع إسرائيل، وأقامت علاقات اقتصادية ودبلوماسية معها. وبعد تطبيق ما أطلق عليه إسرائيليا "فك الارتباط" زادت الاتصالات العربية والإسلامية مع إسرائيل وتكررت مقولة: " "لن نكون أكثر من الفلسطينيون أنفسهم" لتبرير علاقات هذه الدول مع إسرائيل بعد فك الارتباط، وهي خطوة إسرائيلية أحادية الجانب بدون اتفاقية مع السلطة الفلسطينية، مما يعني أن الخطة غير محمية دولياً لتمنع إسرائيل من اختراقها أو العودة عنها، وبالرغم من ذلك سارعت بعض الدول العربية (البحرين على سبيل المثال) والإسلامية (باكستان وإندونيسيا) إلى إجراء اتصالات مع إسرائيل تمهيداً لإقامة علاقات معها.

وفي تصريح يشتم منه رائحة الغطرسة، قال وزير خارجية إسرائيل سلفان شاروم: على "العرب والمسلمين أن يتوقفوا عن لعبة الاستغماية واللقاءات السرية وأن يجاهروا باتصالاتهم مع إسرائيل". ولاقت دعوة شالوم التأييد من أحد وزراء الخارجية العرب (وزير خارجية دولة قطر) الذي دعى بدوره العرب إلى التوجه إلى إسرائيل. كما أيد تلك الدعوة وزير خارجية بريطانيا داعياً العرب إلى مكافأة إسرائيل على تنفيذها فك الارتباط.

وبحسب خطة خارطة الطريق، التي تعتبر إسرائيل أن تنفيذ فك الارتباط  هو جزء منها، فهي تنص في مرحلتها الثالثة على بند التوصل إلى "اتفاق الوضع الدائم وإنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني 2004-2005، وفي النقطة الأخيرة منه جاء "قبول الدول العربية إقامة علاقات طبيعية كاملة مع إسرائيل وأمن لجميع دول المنطقة في إطار سلام عربي - إسرائيلي شامل". هذه الخطة تؤيدها جميع الدول العربية وهي أيضاً أقل مما أقرته قمة بيروت العربية عام 2002 حول الصلح مع إسرائيل، كما نصت عليه المبادرة السعودية.

لقد سعت إسرائيل بكل السبل لجعل فكرة وطن قومي لليهود في فلسطين أمراً واقعاً ليقبل بها الحكام العرب ومن ثم الشعوب العربية. فابتدعت مصطلح التطبيع بكل أشكاله، تطبيع ثقافي، تطبيع رياضي، تطبيع اقتصادي… ولكن جميع هذه الأشكال من التطبيع كان المقصود منها أن تُقبل إسرائيل كأمر واقع وطبيعي في المنطقة. وقد حققت في هذا الإتجاه نجاحات ملموسة، والآن بعد أن نفذت إسرائيل ما بات يعرف بالانسحاب أحادي الجانب، تطرح عدة أسئلة حول قضية التطبيع، ماذا سيعني التطبيع؟ هل سيتطور مفهوم التطبيع؟ هناك بعض التحليلات التي تشير بأن إسرائيل لن تقبل بأن تكون دولة مثل باقي دول المنطقة، بل تتعدى ذلك إلى أن تسلم دول المنطقة بأن إسرائيل دولة عظمى ودولة مركزية يحق لها ما لا يحق لغيرها من دول المنطقة، كالاحتفاظ بترسانتها النووية وتفوقها على دول المنطقة في جميع المجالات، الاقتصادية والعلمية وحتى السياسية، وأن تظل تدعي بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط.

في ظل هذه المعطيات مضافاً إليها أن إسرائيل مازالت تحتل أراضي فلسطينية وعربية منذ حرب عام 1967. ومن خلال التصريحات الصادرة عن الساسة الإسرائيليين وكذلك السياسة المعلنة لإسرائيل يتضح جلياً بأنه لا يوجد هناك نية للتخلي عن هذه الأراضي المحتلة، فما هي الأخطار التي تهدد القضية الفلسطينية من التطبيع؟ وهل صحيح أن الدول المطبعة بإمكانها الضغط على إسرائيل من أجل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم ؟  وهل مساهمات هذه الدول في عملية التسوية ستكون أكبر بعد التطبيع؟ وهل مصالح الدول العربية كلٌ على حدة، أو مجتمعة تتطلب التطبيع مع إسرائيل؟ وما هو الموقف الفلسطيني الرسمي من التطبيع؟

للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها نعقد ورشة العمل هذه، آملين من خلال مشاركاتكم الوصول لآفاق جديدة في تحليل هذه الظاهرة للاستفادة في وضع تصور واضح يساعد على تبني مواقف واضحة من هذه القضية.

ولكن اسمحوا لي قبل أن نبدأ المناقشة تعريف مفهوم التطبيع حسب وجهات نظر متعددة أن نأخذ تعريفين من مصدرين مختلفين أولهما من كاتب هو الأستاذ عبد العزيز كامل, أورده في مقالة تحت عنوان: "صفا! لهزيمة التطبيع ... لا تطبيع الهزيمة", ونشرت المقالة على موقع
Palestine. info
 القريب من حماس بتاريخ 12/11/2005 حيث كتب : "وهنا أمر هام ينبغي التنبيه له عند النظر في الفتاوي والأحكام المتعلقة بمعاهدات الصلح واتفاقيات التطبيع، وهو أن هناك فرقاً جوهرياً، بين أحكام الهدنة والصلح التي تحدث عنها الفقهاء والتي يمكن أن يضطر إليها المسلمون بحقهم في الأخذ بأسباب القوة وحرية الاختيار، والاحتفاظ بالخصائص والثوابت والحقوق، وبين هذا المصطلح الغريب الجريء الشاذ البشع الذي لم يقره شرع ولم يعرفه عرف عبر تاريخ هذه الأمة، وهو مصطلح (التطبيع) مع العدو المغتصب مع بقاء عداوته واستمرار اغتصابه (...) فإذا كان التطبيع المطروح تعميق يرمي في جملته إلى نزع العداء (من جانب واحد) فإنه يستلزم بداهة نزع العداء، وخسئ من ادعى أن الله يرضى لنا أن نكون أمة منزوعة السلاح.

من بديهيات الإيمان والأحكام أن تطبيع العلاقة (بمعنى المولاة والمودة والمحبة وتبادل النصح والنصرة) لا تكون إلا بين المؤمنين فالتطبيع بهذا المعني مع المؤمنين إيمان، ومع المنافقين نفاق، ومع الظالمين ظلم، ومع الفجار فجور، ومع الكفار كفر... والتطبيع (...)، الذي يجري تفعيله هو في حقيقته ولاية، والولاية لا تجوز إلا لمسلم".

والتعريف الثاني للتطبيع ورد في مقالة للأستاذ محمود أمين العالم تحت عنوان: "هذا التطبيع مع ما ليس طبيعيا", والمقالة منشورة في كتيب التطبيع الثقافي من إصدار مركز الدراسات والتطبيقات التربوية1997، يقول الأستاذ محمود أمين العالم "في تقديري أن التطبيع الثقافي هو ابن التطبيع السياسي والتطبيع الاقتصادي، وهو في الوقت نفسه تأسيس ودعامة لهما. بل إن التطبيع في جانبيه السياسي والاقتصادي يتضمن موضوعياً تطبيعاً ثقافياً، فالثقافة لا تتمثل، فحسب، في أدب وفن وفكر وعلم بل تتمثل كذلك في الممارسات والتجليات والمنجزات العلمية كذلك، ولهذا فالتطبيع في جانبيه السياسي والاقتصادي الذي يعني إلغاء الخلافات والاختلافات السياسية وفتح أبواب التعاملات الاقتصادية بيننا وبين إسرائيل يعبر في الوقت نفسه عن رؤية ثقافية كذلك، وإن تكن رؤية متخاذلة مستسلمة للأمر الواقع المفروض، فهذه الرؤية تعني تجاهل استمرار احتلال إسرائيل لأراضي عربية، ومواصلتها استغلال وقهر بل محاولة إبادة الشعب الفلسطيني، ورفض تنفيذ حتى هذه الاتفاقية الهشة الهزيلة التي وقعتها إسرائيل مؤخراً مع منظمة التحرير الفلسطينية، كما تعني التغافل عن أن إسرائيل لاتزال ترفض التوقيع على الاتفاقية الدولية الخاصة بأسلحة الدمار الشامل، وتواصل دعم ترسانتها وسياستها العسكرية العدوانية التوسعية ضد الشعب اللبناني فضلاً عن الشعب الفلسطيني، وهي الرضوخ للتحالف الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي ومخططها المشترك لاستغلال الوضع المتفكك المختلف الراهن للبلاد العربية لتوسيع وتعميق سيطرتها على هذه البلاد باسم النظام الشرق أوسطي، الذي سيحقق لإسرائيل هيمنتها الاقتصادية إلى جانب تفوقها العسكري. هذه هي الرؤية الثقافية المتخاذلة التي تعبر في الحقيقة عن مصالح بعض الأنظمة والفئات العربية. إن هذا التطبيع الثقافي مع إسرائيل يعني إقامة علاقة طبيعية مع إسرائيل رغم أن علاقة إسرائيل بالأرض والمصالح القومية العربية لا تزال علاقة غير طبيعية وغير شرعية."

إيمانا بالتعددية الفكرية والسياسية أوردت هذين التعريفين لمصطلح "التطبيع" تاركا للمتحدثين حرية طرح رؤيتهم عن مفهوم التطبيع.

ولمناقشة هذه القضية نستضيف كلا من الدكتور معين رجب الأستاذ بجامعة الأزهر بغزة وقد اعد ورقة بعنوان: التطبيع الاقتصادي العربي الإسرائيلي في الميزان, والأستاذ مأمون سويدان من وزارة الشؤون الخارجية الذي سيقدم ورقة بعنوان: انعكاسات تنفيذ "خطة فك الارتباط" أحادي الجانب على عملية التطبيع.


التطبيع الإقتصادي الإسرائيلي في الميزان

أ.د.معين رجب(*)

المقدمة:

لا تتوقف أطماع وتطلعات إسرائيل نحو حد معين أو حدود معينة وإنما تمتد هذه الأطماع والتطلعات باستمرار إلى آفاق واسعة ورؤى بعيدة، حيث تضع أولوياتها ومصالحها فوق كل اعتبار دون أدنى أهمية لمصالح الآخرين، وتنتهج من الأساليب والسبل ما يمكنها من تحقيق غاياتها دون الاحتكام إلى شريعة أو قانون أو نظام،  فهي لم تتوقف عند احتلال أرض أو اغتصاب حقوق شعب وإنما تتطلع إلى أن يكون لها اليد الطولى في السيطرة على موارد  ومقدرات الشعوب الأخرى بأقل قدر من التكلفة والتضحيات.

    وتتخذ إسرائيل من الاقتصاد أداة مهمة من أدوات  المواجهة والتحدي، بحيث ساهمت هذه الأداة في التغلغل عبر اقتصاديات الغير، والاستحواذ على أكبر قدر من المنافع والمكاسب، بعد أن نجحت في إقناع كثير من الحكومات والشعوب بتفوقها الهائل وقدراتها اللا محدودة، فباتت العديد من الحكومات يتطلع إلى توثيق علاقته وروابطه الاقتصادية مع إسرائيل، وبدل أن كانت إسرائيل في شبه عزلة عن بقية العالم، فقد امتد نفوذها إلى كثير من البلدان والأقاليم، وأصبح تطبيع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل مسعى تسعى إليه كثير من الحكومات وتتنافس في الوصول إليه في ظل حملات إعلامية كثيفة ومضللة مع ضعف عام وتراجع لدى الشعوب والحكومات ومؤازرة لا محدودة لإسرائيل من القوى الكبرى وخاصة في الولايات المتحدة.

أولاً: مفهوم التطبيع الاقتصادي

يعني التطبيع الاقتصادي قيام علاقات اقتصادية معتادة بين الدول قائمة على التعاون المتبادل، وبرغبة حقيقية وإرادة كاملة بين أطرافها لما فيه من مصلحة مشتركة. مع وجود خيارات عديدة أمام هذه الدول للتعامل مع بقية بلدان العالم بحرية كاملة، وقد يعني التطبيع المصالحة التامة إذا كان هناك نزاع قائم.

ومعنى العلاقات المعتادة هنا حرية المبادلات، ويشمل ذلك التبادل السلعي والخدمي وحرية العمل وحرية انتقال رؤوس الأموال. ويتضح من ذلك أن التطبيع يتم في إطار المعاملة المتكافئة أو معاملة الند للند على قدم المساواة.

وفي حالة بلادنا فلسطين فإنه يتعذر الحديث عن التطبيع بالمعنى السابق الإشارة إليه، لأنه لم تقم لنا دولة ذات سيادة،  ولا نعامل بهذه الصفة من جانب إسرائيل، وليس لدينا حرية اتخاذ القرار الاقتصادي المستقل،  أو القدرة على تنفيذه في حالة اتخاذه، وذلك رغم أن الاتفاقيات المبرمة بيننا وبين إسرائيل تنص في ديباجتها في المعتاد على الاحترام المتبادل.

ففي ديباجة بروتوكول باريس الاقتصادي الفلسطيني الإسرائيلي ورد أن الجانبين سيتعاونان على بناء قاعدة اقتصادية صلبة في علاقتهما هذه والتي ستحكمها في المجالات الاقتصادية المختلفة مبادئ الاحترام المتبادل للمصالح الاقتصادية وعلى أساس المعاملة بالمثل والمساواة والعدالة لكلا الطرفين.

إلا أن النصوص أو الأقوال شيء، والأفعال شيء آخر.

ثانياً: التطبيع والمقاطعة

يعتبر التطبيع، في جوهره، قديم العهد. وقد سعت الدول في الماضي إلى إقامة علاقات اقتصادية معتادة فيما بينها نظرا للمزايا العديدة التي تنشأ عند تطبيع العلاقات بين الدول، ويتجدد استخدام التطبيع واللجوء إليه من حين لآخر تحقيقا لنفس الغاية.

وإدراكا من الدول أو المنظمات الدولية لحيوية التطبيع فإنها قد استخدمته في بعض الأحداث، في الاتجاه المعاكس كوسيلة عقابية رغبة في حرمان طرف ما من هذه المزايا. وهو ما سعت إليه البلاد العربية من خلال إنشاء مكتب للمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل عام 1955 اتخذ من مدينة دمشق مقرا له.

ولم تكن هذه المقاطعة قاصرة على إسرائيل وحدها بل كانت أيضا تشمل الشركات التي تتعامل مع إسرائيل. وهي بمثابة سلاح أرادت به الدول العربية حصار إسرائيل والضغط عليها.

  وإدراكا من إسرائيل لخطورة هذه المقاطعة فإنها لجأت إلى تجنبها بكافة السبل، مع انتهاز كافة الفرص للضغط على البلاد العربية من خلال القوى الكبرى لكي تتنصل البلاد العربية من هذه المقاطعة، رغم أنها لم تكن محكمة في أي وقت من الأوقات، ولم تصل إلى المستوى الذي يجعل من هذه المقاطعة ذات تأثير فعال، إلا أنها تظل وسيلة ضاغطة إذا كانت تتم وفقا لمخطط مدروس والتزام محكم.

ثالثاً: التطبيع الاقتصادي قديم العهد

كانت محاولات إسرائيل للتطبيع مع العرب قديمة، وارتبطت مع بداية هجرة اليهود إلى فلسطين والتحضير لإقامة الدولة اليهودية، ثم تعاظمت مساعيها للتطبيع بعد إقامة هذه الدولة في عام 1948 ولم تتوقف مساعيها حتى الآن.

ويمكن رصد العديد من المحطات المعلنة التي نجحت فيها إسرائيل في تحقيق تقدم نحو التطبيع:

-      زيارة الرئيس السادات للقدس عام 1977.

-      اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978.

-      اتفاقيات إعلان المبادئ في أوسلو عام 1993.

-      ويعتبر التوقيع على إعلان المبادئ في 13 سبتمبر 1993 من أهم الأحداث التي نجحت إسرائيل في استغلالها، فقد كانت حريصة على جعل هذا الاتفاق مدخلا لفك عزلتها في المجتمع الدولي ولتطبيع علاقاتها إقليميا وإسلاميا وفي عالم الجنوب قبل أن تتطابق سياساتها مع مستلزمات الشرعية الدولية.

إذن حرص إسرائيل على التطبيع لا يقصد به الفلسطينيين ولكن يقصد به العالم الخارجي المقاطع لإسرائيل.

-      اتفاقية الأردن مع إسرائيل في وادي عربة عام 1994.

-      إقامة العلاقات الكاملة مع موريتانيا.

-      إقامة العلاقات مع دول عربية أخرى بشكل مستتر كالمغرب وتونس وقطر وغيرها.

-      مبادرة السلام العربية التي تبنتها القمة العربية في مارس 2002 في بيروت: وعرضت فيها تطبيع علاقاتها مع الدول العربية في مقابل إنهاء إسرائيل احتلالها للأراضي المحتلة عام 1967. غير أن إسرائيل رفضت هذه المبادرة التي اقترحها ولي العهد السعودي آنذاك، لأن إسرائيل تريد أن تأخذ ولا تعطي فهي تتطلع إلى إقامة هذا التطبيع دون مقابل.

-      النظم والتشريعات المعمول بها لدى منظمة التجارة العالمية : تُلزم أعضاءها بالتعامل مع دول العالم كافة بدون تميز، ويعني ذلك تلقائيا التخلي عن المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، وهو ما يعني أن الدول العربية المنضمة إلى هذه المنظمة ستجد نفسها في حل جزئي، على الأقل، من الالتزام بمقررات المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، وهو الموقف الذي واجهته المملكة العربية السعودية والبحرين مؤخرا.

رابعاً: أهمية التطبيع لإسرائيل

لقد كانت إسرائيل حريصة على تطبيع علاقاتها الاقتصادية مع البلدان التي تتخذ مواقف معادية لها، وخاصة في البلاد العربية والإسلامية، باعتبار أن هذه البلدان في معظمها ذات كثافة سكانية عالية وتمثل سوقا مهمة يمكن خلالها تصريف كميات كبيرة من السلع.  خاصة وأن إسرائيل لديها قدرات إنتاجية عالية بحكم رؤوس الأموال الضخمة المستثمرة في النشاط الاقتصادي والتقنيات العالية، ولديها قدرة كبيرة على جذب رؤوس الأموال الأجنبية بسبب التعاطف الذي تحظى به من المجتمع الغربي.

ولتحقيق التطبيع الاقتصادي مع الدول العربية والإسلامية لجأت إسرائيل إلى طرح المشروع الشرق أوسطي الذي يفسح المجال أمام إسرائيل للانخراط في علاقات اقتصادية مع المنطقة دون أية تحفظات، ولقد طرح هذا المشروع وزير خارجية إسرائيل الأسبق "شمعون بيريس" في العام 1993 في كتابه "المصالحة نحو شرق أوسط جديد".

خامساً: بعض التجارب العربية غير المعهودة في التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل

×        المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن

نجحت إسرائيل في توقيع اتفاق وادي عربة في أكتوبر 1994 مع المملكة الأردنية الهاشمية وأقامت علاقات دبلوماسية كاملة إضافة إلى تطبيع العلاقات الاقتصادية معها ومن بينها إقامة عدد من المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن التي تتيح تصدير صادراتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية بدون رسوم جمركية، وهي ميزة تتطلع إليها الكثير من الدول. وفي ظاهر الأمر فإن مثل هذه المناطق لها العديد من المزايا للجانب الأردني، غير أن واقع الحال يشير إلى منافع ومزايا محدودة مقابل امتيازات كبيرة لإسرائيل وفي طليعتها التزام هذه المناطق الصناعية باستخدام مدخل أو مكون أجنبي إسرائيلي في حدود 8% من قيمة المنتجات وهو شرط غريب وتعسفي في آن واحد ويتعارض مع حق هذه المصانع في جلب احتياجاتها من المواد الخام بطريقة تنافسية، كما قد تفتقد هذه الموارد إلى مستوى الجودة المطلوبة.

كما أن هذه المناطق تفرض استخدام عمالة أجنبية بشكل يحرم القوى العاملة الأردنية من الالتحاق بأعداد كبيرة وبوظائف ملائمة مع الحصول على أجور متدنية، أما المزايا الإسرائيلية فهي من الضخامة بحيث يتعذر حصرها فقد نجحت في إقامة مشروعاتها بأقل تكلفة ممكنة وبالابتعاد عن أية مخاطر، وبتسهيلات ضمن قوانين تشجيع الاستثمار في وقت لا يستفيد فيه المستثمر الوطني من هذه القوانين.

×        المناطق الصناعية المؤهلة في مصر

إن المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع المصري وخاصة في الصناعة جعلها تتقبل وتتعجل في إبرام اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة مع إسرائيل وبنفس الشروط المجحفة التي جرى تطبيقها مع الأردن، وذلك ضمن مساعي الولايات المتحدة الأمريكية لتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، حيث تلتزم هذه المناطق الصناعية المؤهلة باستخدام خامات إسرائيلية في حدود نسب تتراوح بين (8 – 17%) وذلك كشرط أساسي للسماح لها بالدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتمتع بالإعفاء الجمركي.

ورغم أن إسرائيل وقعت اتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل في أواخر السبعينات فإن التطبيع الاقتصادي المصري مع إسرائيل ظل عند أدنى حد ممكن، أي أن إسرائيل نجحت بعد هذه الفترة الطويلة في التوقيع على إنشاء سبع مناطق صناعية في مصر فيما يعرف باسم الكويز وذلك في 14 ديسمبر 2004 وهذا اتفاق شمل الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وإسرائيل. وبنفس المسار الذي يؤدي إلى تعظيم المنافع الاقتصادية الإسرائيلية وتدني المكاسب المصرية.

 وهكذا يبدو التطبيع مع الأردن ومصر غريبا من نوعه ويفرض شروطا غير معهودة، فهو يلزم العرب بشراء خامات للمناطق الصناعية فقط من إسرائيل ما يحرمها من حرية المنافسة في الشراء، كما يجعل نشاط المناطق المؤهلة قاصرا على صناعة النسيج فقط التي لا تؤدي إلى تقوية وتنويع القاعدة الصناعية كما لا تتصف بأساليب متقدمة في التكنولوجيا مقارنة بغيرها من الصناعات.

سادساً: التطبيع الاقتصادي الفلسطيني - الإسرائيلي في الميزان

لقد شكلت العلاقات الاقتصادية الفلسطينية - الإسرائيلية أهمية كبيرة لكلا الطرفين فالاقتصاد الفلسطيني معزول عن العالم الخارجي وتابع للاقتصاد الإسرائيلي وغير قادر على إقامة علاقات اقتصادية طبيعية مع إسرائيل، ومن ثم فإن مزاياه محدود وأضراره كبيرة بخلاف الدفع بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي وعلاقته بالاقتصاد الفلسطيني. وبالمقابل انطلقت إسرائيل نحو العالم الخارجي وأصبحت الأسواق العالمية في كثير من بلدان العالم مفتوحة مع إسرائيل. لذلك فإن طبيعة التطبيع القائم بين الجانبين الفلسطيني والعربي من جهة والإسرائيلي من جهة أخرى لا يقوم على أسس متكافئة أو على أسس الاحترام المتبادل أو الالتزام بالعهود والمقاييس وإنما يقوم على أساس طرفين غير متكافئين، طرف قوي وطرف ضعيف، يستغل فيه الطرف القوي كافة إمكاناته لمزيد من الإضعاف للطرف الآخر، مما يقتضي فهم  هذه الحقيقة واستيعاب هذا الواقع وتلمس السبل الكفيلة بالتعامل مع حقائق الأمور.

المصادر:

-         البنك الدولي: تقرير عن التنمية في العام 2005.

-         الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، البنك الدولي: الفلسطينيون الأكثر فقرا في ظل الأزمة الاقتصادية – تشرين أول (أكتوبر) 2004.

-         شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: وقائع المؤتمر الخاص بتأثيرات وأبعاد خطة الفصل الإسرائيلية أحادية الجانب – غزة / يونيو 2005.

-         مجموعة البنك الدولي: أخبار تنموية / الضفة الغربية وقطاع غزة – نشرة مفصلة تصدر عن مكتب الضفة الغربية وقطاع غزة/ حزيران 2005.

-         وزارة الاقتصاد الوطني: بيانات حول خطة الإنعاش الاقتصادي لقطاع غزة و الضفة الغربية.

-         وزارة التخطيط: خطة التنمية الاقتصادية متوسطة المدى 2005  –  2007.

-         World Bank: Palestinian Economic crisis, An Assessment, October 2004.



 

انعكاسات تنفيذ "خطة فك الارتباط" الإسرائيلية أحادية الجانب على عملية التطبيع

أ. مأمون سويدان(*)

المقدمة

منذ الإعلان عن إنشاء "دولة إسرائيل" في العام 1948 على أرض فلسطين التاريخية، سعت حكومات إسرائيل المتعاقبة إلى الحصول على الشرعية الدولية من خلال الاعتراف بها وقبولها في المحيط الذي تعيش فيه، ضمن هذا الإطار رأت إسرائيل أن الضمان الأهم لاستمرار وجودها هو أن تكون مقبولة من قبل العرب والمسلمين كجزء لا يتجزأ من المنطقة، وأن يتم التعامل معها كدولة لها الحق في الوجود والعيش بسلام ومن خلال علاقات طبيعية مع الآخرين كأي دولة أخرى في المنطقة. ولهذا سعت إسرائيل إلى إقامة علاقات طبيعية مع العرب. وقد تركز جهدها على الشارع العربي، حيث أدركت إسرائيل أن قبولها كدولة في المنطقة من قبل الحكام العرب لا يكفي لضمان استمرارها بسبب عدم استقرار الحكم في الدول العربية.

بقي موضوع التطبيع حلماً إسرائيليا بعيد المنال فقد رفض العرب مجتمعين فكرة الاعتراف بهذه الدولة ورفعوا شعارات تدعو إلى تصفيتها وتحرير كامل فلسطين.

أصبح الحلم الإسرائيلي حقيقة بعد العام 1967 عندما احتلت إسرائيل ما تبقى من أرض فلسطين وأجزاء من الأراضي السورية والمصرية، وفي حينه تم التعبير عن هذا التغير في الموقف العربي الرسمي من خلال القبول بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير ويقصد بذلك الأراضي التي احتلت عام 1967.

عكس هذا الموقف بداية التراجع في الموقف الرسمي العربي بحيث أصبح مقبولاً لبعض الدول العربية فكرة التفاوض مع إسرائيل بغية تحرير جزء من الأراضي العربية المحتلة، وليس خافيا على أحد أن بعض الأنظمة العربية كانت تجري مفاوضات وتقيم علاقات سرية مع إسرائيل، وأن بعض القادة العرب جاهر بعلاقته مع إسرائيل ودعا إلى الاعتراف بها منذ العقد الأول للصراع.

 ذروة التراجع العربي الرسمي في الموقف من التطبيع وصل إلى القمة عندما أقر القادة العرب في قمة فاس عام 1982 مبادرة السلام التي اقترحها العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني في العام 1981 والتي طرحت بإجماع عربي فكرة التطبيع مع إسرائيل مقابل انسحابها من أراضي 1967، وكان قد سبق ذلك توقيع اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979. وفي العام 2002 كان من نتائج القمة العربية في بيروت تبني مبادرة السلام السعودية التي كان من بنودها قبول مبدأ التطبيع مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلت عام 1967.

إن الحديث عن التطبيع كان حتى وقت ليس ببعيد من المحرمات التي لا يجرؤ أحد الحديث عنها، إلا أن هذا الموقف أخذ بالتغير وأصبح من الممكن الحديث عنه علانية، ولعل تصريحات شيخ الأزهر "طنطاوي" في شهر سبتمبر من العام الحالي (2005) حين قال "لا يوجد في الإسلام ما يحرم التطبيع مع الدول الأخرى وبخاصة (إسرائيل) طالما كان التطبيع في غير الدين وفي المجالات التي تخدم شؤون الحياة واحتياجاتها"، وما سبق وأن صرح به في شهر يونيو عام 2000 قائلاً "إن معارضي التطبيع تحت حذائي"، أكبر مؤشر على مستوى التراجع في الموقف العربي الرسمي.

هناك من يقول إن التطبيع مع إسرائيل سيساعد على استجابتها للضغط ثم انسحابها، فتحسن العلاقات بين العواصم العربية وإسرائيل سيدفع إسرائيل إلى الثقة والاطمئنان، وهذا ما يساعدها على الانسحاب. لكن هناك رأي آخر أكثر قربا للواقع وهو أن التطبيع العربي المتسارع سيجعل إسرائيل في موقع التشدد، فهي كسبت الأرض التي احتلتها وكسبت الاعتراف العربي من دون مقابل.

التقرير التالي يقدم تقييماً لمستوى التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية ويضع تعريفا للمفهوم الإسرائيلي للتطبيع ومخاطره وآليات مواجهته.

التطبيع في السياسات الإسرائيلية

التطبيع بالنسبة لإسرائيل لا يعني مجرد إقامة علاقات تجارية أو دبلوماسية، وإنما يشمل مراجعة لمفاهيم الصراع ولفهم التاريخ والمنطلقات الدينية، أي يجب أن يكون عملية قلب جذرية للنظرة العربية والإسلامية تجاه إسرائيل واليهود، فالاتفاقيات توفر لإسرائيل اعترافا قانونيا بسيادتها كدولة، ولكن هذا الاعتراف لا يوفر لها شرعية وجودية عند الشعوب العربية. ومن المهم هنا التذكير بما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي "شارون" من أن الاتفاقيات التي نوقعها مع الدول العربية لا تساوي الورق الذي تكتب عليه".

ترمي إسرائيل بكل ثقلها من أجل التحول إلى جسم طبيعي في المحيط العربي، فرغم ما تملكه إسرائيل  من أسباب القوة ما زال ينظر لها كجسم مادي وثقافي غريب عن هوية المنطقة الحضارية. فالتطبيع لا يمنحها شرعية الوجود وحسب، وإنما يرسخ هذا الوجود وهذا هو هدف الحركة الصهيونية الأعلى.

منذ أن تولى سلفان شالوم مهامه كوزيرً للخارجية في حكومة شارون، وضع نصب عينيه مهمتين أساسيتين: الأولى إعادة العلاقات مع الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وكانت قد "توترت" خلال فترة الانتفاضة، والثانية أن ينهي العام الحالي وقد تمكن من إقامة علاقات دبلوماسية علنية بين إسرائيل وعشر دول عربية أخرى.

ومعلوم أن لمصر والأردن وموريتانيا سفارات في تل أبيب، وتوجد قنصليتان لمصر واحدة في تل أبيب، وأخري في إيلات، وتوجد لإسرائيل سفارات في عواصم هذه الدول القاهرة – عمان- نواكشوط  إضافة إلى قنصليتين في مصر واحدة في القاهرة وأخري في الإسكندرية.

الموقف الفلسطيني الرسمي من التطبيع

لا جدال في القول بأن الموقف الشعبي الفلسطيني بغالبيته المطلقة يرفض التطبيع مع دولة الاحتلال وينظر إلى هذا الأمر بوصفه خيانة للقضية الفلسطينية، ففي شهر مايو من العام الحالي (2005) تم الإعلان عن تشكيل لجنة وطنية فلسطينية لمقاومة التطبيع وعقدت هذه اللجنة مؤتمرها الأول بتاريخ 15/11/2005. إلا أنه لا يمكن إنكار وجود بعض الشخصيات والمؤسسات في فلسطين تروج للتطبيع من دون وجود معارضة رسمية لأعمالها ونشاطاتها.

وبخصوص الموقف الرسمي الفلسطيني فإنه يبدو مبهماً وغامضاً، فمن جهة فإن موقف القيادة الفلسطينية متمسك بمبادرة السلام العربية التي تشترط انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلتها في العام 1967، ومن جهة أخرى فإن  القيادة الفلسطينية تغض النظر عن الممارسات والنشاطات التطبيعية سواء تلك التي تجري من قبل فلسطينيين أو من قبل أنظمة عربية.

فعلى سبيل المثال لم تتخذ القيادة الفلسطينية موقفا تجاه  وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي أنيس القاق عندما صرح في مؤتمر عقد في نيقوسيا في شهر ابريل عام 2000 قائلاً "أعتقد أن على فلسطين والعالم العربي التعرف إلى المحرقة وهذا أمر يتعين إدراجه في البرامج المدرسية".

وكذلك الأمر بالنسبة لسري نسيبة مسئول ملف القدس ورئيس جامعة القدس حين قام بالتوقيع على بروتوكول تعاون أكاديمي مع رئيس الجامعة العبرية كرد على قرار رابطة الجامعيين البريطانيين القاضي بمقاطعة بعض الجامعات الإسرائيلية.

ولم يتم التعليق على تصريحات وزير الخارجية المغربي في العام 2003 حين قال بـ "أن المغرب ستعيد فتح مكتبها التجاري في تل أبيب بناء على طلب رئيس الوزراء الفلسطيني حينذاك محمود عباس.

العلاقات العربية الإسرائيلية وعملية التطبيع

عدد كبير من الدول العربية يقيم علاقات سرية مع إسرائيل بدرجات متفاوتة، والاتصالات واللقاءات التي تجمع مسؤولين إسرائيليين بمسئولين عرب لم تتوقف ويكشف عنها بين الحين والأخر وسط صمت عربي رسمي يوحي بمصداقية هذه الأنباء.

وفيما يلي عرض مختصر لطبيعة ومستوى العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية:

×        المملكة المغربية

بعد وفاة العاهل المغربي الحسن الثاني، وتحت ضغط الاحتجاج الكبير الذي شهده الشارع العربي والمغربي إثر اندلاع الانتفاضة الثانية، عمد الملك محمد السادس إلى إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالمغرب والمكتب المغربي في تل أبيب يوم 23 أكتوبر 2000، بعد العريضة الشهيرة التي وقعتها الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات على إثر مسيرة المليونين في 8 أكتوبر 2000 تحت شعار "كلنا فلسطينيون".

لكن في تلك الأثناء وفي 17 سبتمبر 2000، قدم إلى المغرب وفد يمثل 24 شركة إسرائيلية متخصصة في التقنيات الزراعية والإحيائية ووسائل التخصيب النباتي والسقي بدعوة من غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالمغرب.

خلال العام الجاري (2005) تكثفت الاتصالات السياسية بين  المغرب وإسرائيل فاجتمع محمد بن عيسي وزير خارجية المغرب مع وزير الخارجية الإسرائيلي في مارس الماضي في أوروبا ، والتقى الملك المغربي محمد السادس مع شيمعون بيريس في مدريد على هامش أحياء ذكرى تفجيرات قطارات مدريد.

وسبق أن صرح وزير الخارجية المغربي بأن المغرب تنوي إعادة فتح مكتبها التجاري في تل أبيب، وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قرب إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين المغرب وإسرائيل.

×        الجزائر

شكلت مصافحة بوتفليقة لباراك في الرباط يوم جنازة الملك الحسن الثاني في يوليو 1999، تعبيرًا جليًّا عن وجود إرادة جزائرية للانخراط في مسلسل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وعلى إثر انتقادات وجِهت له، اعتبر بوتفليقة أن قبوله المصافحة كان من باب "وإذا حييتم بتحية فحيوُّا بأحسن منها أو ردّوا بمثلها" وأنه لا توجد هرولة أو مزايدة من طرف الجزائر. وتطور الأمر في حوار صحفي ليُعلن أن المصافحة كانت مصيدة.

لكن لابد من الإشارة إلى أن الصحف الإسرائيلية أكدت أكثر من مرة وجود اتصالات سرية بين الجزائر وإسرائيل تهدف إلى إقامة علاقات دبلوماسية.

×        موريتانيا

بدأت العلاقات رسميًا في 27 نوفمبر 1995 بفتح مكاتب لرعاية المصالح، وفي نهاية أكتوبر 1998 قام وزير الخارجية الموريتاني، آنذاك "شيخ العافية ولد محمد خونا" بزيارة إلى إسرائيل عقد خلالها مباحثات سرية، وبعد ذلك بأسبوعين تم تعيين وزير الخارجية "ولد محمد خونا" رئيسًا للحكومة الموريتانية من طرف الرئيس "ولد الطايع"، مما اعتبر مكافأة له على حصيلة زيارته إلى إسرائيل.

ولم تجد موريتانيا حرجا في إعلان تطبيعها مع إسرائيل في حفل تعيين السفراء بين البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر 2000.

وبعد الإطاحة بحكم ولد طايع خلال العام الجاري وتسلم مجلس عسكري الحكم في البلاد أكد مجلس الحكم العسكري أن لا تغيير سيحصل على العلاقات الإسرائيلية الموريتانية.

×        تونس

تعتبر تونس في مقدمة البلاد العربية التي تطبع مع إسرائيل، فقد وقعت عام 1995 اتفاقا مع إسرائيل لإقامة علاقات دبلوماسية بينهما.

وبدأت بإقامة مكتب اتصال تونسي في تل أبيب وأقامت إسرائيل مكتبا مماثلا في تونس، ولكن تونس اضطرت لإغلاق مكتبها في إسرائيل بعد قمة القاهرة عام 2000م بعد اندلاع انتفاضة الأقصى، وغادر رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي تونس إلى اسرائيل.

ومع ذلك تواصلت الاتصالات بين البلدين على مستويات عليا، فاجتمع وزير الخارجية التونسي السابق " الحبيب بن يحيى" مع نظيره الإسرائيلي سيلفان شالوم في أكثر من مناسبة، ووجه الرئيس التونسي زين العابدين بن على في يناير الماضي دعوة لرئيس وزراء إسرائيل  شارون لزيارة تونس لحضور المؤتمر السنوي الدوري بعنوان " مجتمع المعلومات" (المؤتمر عقد بتاريخ 14-11-2005 ولم يحضره شارون لأسباب أمنية وفقاً للمصادر الإسرائيلية) ولكن حضره وزير الخارجية سلفان شالوم.

×        ليبيا

في أثناء مؤتمر دولي عقد في تونس هذا العام ، قال القذافي لمراسل صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية، أن ليبيا تريد السلام والأخوة في الشرق الأوسط، وان ليس لليبيا مشكلة مع اليهود. وفي وقت سابق كان القذافي قد أعلن رسميا بأنه مستعد لمنح تعويض مالي ليهود ليبيا ممن صودرت أو سلبت أملاكهم، كما أعلن بأنه سيسمح لليهود من مواطني ليبيا بالسفر إلى الخارج، بل وحتى الهجرة إلى إسرائيل. كذلك أعلن أنه لا مانع من ان يزور مواطنون ليبيون إسرائيل .

نجل القذافي سيف الإسلام قال "في المستقبل القريب أو البعيد الصراع مع إسرائيل انتهى، ولا يوجد صراع وإنما يوجد تفاوض وعلاقات وتجارة و بزنس وبالتالي هذه أول معركة تم تحييدها".

تقارير إسرائيلية عدة تشير إلى وجود لقاءات سرية بين مسئولين ليبيين، وخاصة نجل القذافي سيف الإسلام، وبين مسئولين إسرائيليين. وتتوقع المصادر الإسرائيلية أن يقوم القذافي قريبا بتفجير قنبلة الاعتراف بإسرائيل وتبادل كامل للعلاقات الدبلوماسية.

×        اليمن

بين الحين والأخر تكشف مصادر صحفية ودبلوماسية إسرائيلية عن وجود لقاءات سرية بين مسئولين يمنيين وآخرين إسرائيليين، ويذكر أن اليمن سبق وأن سمحت لليهود الإسرائيليين من أصل يمني بزيارة اليمن.

×        دولة قطر

قطعت  دولة قطر مرحلة متقدمة من التفاهم مع إسرائيل، فقد التقى وزير الخارجية القطري عام 1993 " محمد بن جاسم آل ثاني" بنظيره الإسرائيلي "شمعون بيريس" في الأمم المتحدة,  وفي عام 1994 قام يوسي بيلين، نائب وزير الخارجية بزيارة إلى قطر حيث قالت مصادر إسرائيلية أنها جاءت بهدف تطوير العلاقات الثنائية بين الدولتين.

وقد حرصت قطر على إبراز مشاركتها في جنازة اسحق رابين في أوائل نوفمبر 1995، وفي منتصف الشهر ذاته استقبلت الدوحة وفداً إسرائيليا من اجل التوقيع على اتفاق يقضي بتسيير خط جوي بين الدوحة وتل أبيب، وهو الاتفاق الذي حال دون توقيعه معارضة السعودية له.

وأُعلن في أول مارس 1996، أن قطر سوف تسمح لإسرائيل بافتتاح قسم لرعاية مصالحها في الدوحة كخطوة أولى نحو تطبيع العلاقات بين البلدين، خلال الاجتماع الذي عقده أمير قطر مع وفد مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية.

وقد مثلت الزيارة التي قام بها بيريس إلى قطر في الثاني من إبريل عام 1996 وهي أول زيارة يقوم بها مسئول إسرائيلي على هذا المستوى بزيارة قطر نقطة تحول في مسيرة تطبيع العلاقات بين البلدين، فإلى جانب الاستقبال الرسمي الذي لقيه بيريس، أجريت محادثات، ركزت على افتتاح قسم تجاري إسرائيلي في الدوحة على أساس متبادل.

وقد قال الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير خارجية قطر أن اتفاق فتح مكاتب تجارية بين قطر وإسرائيل هو حافز للإسرائيليين بان السلام مع العرب لن يكون سلاماً بارداً، وان تطبيع العلاقات مع إسرائيل هو جزء مما تم الاتفاق عليه في مؤتمر مدريد للسلام الذي شاركت فيه الدول العربية.

كما أكد وزير الخارجية القطري انه "لا يرى أي مشكلة " في قيام سياح إسرائيليين بزيارة قطر، مضيفاً إن بلاده " تؤمن بالسلام رغم الصعوبات ".

وأسفرت المحادثات عن توقيع اتفاقية للتعاون التجاري الشامل تفتح المجال أمام التبادل والتعاون في المجال الاقتصادي من خلال تبادل البعثات التجارية التي يمكن أن تقوم كذلك بمهام دبلوماسية.

عقب افتتاح إسرائيل لمكتبها التجاري في الدوحة في 27 مايو 1996، بدأ مباشرة نشاطه على الفور، فبعد يومين من افتتاح المكتب، أشار سامي رافيل، مدير المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة إلى أن شركتي ايزنبرج ودانكتو الإسرائيليتين العاملتين في مجال الطاقة قد عبرتا عن اهتمامها بالاستثمار في مشروعات مشتركة مع شركات الطاقة القطرية.

وفي 22/9/1996 قال وزير الخارجية القطري إن بلاده قللت مستوى الاتصالات مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة بعد تنصل حكومة رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو من الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة الإسرائيلية على المسارات العربية في إطار التسوية السياسية التي تشهدها الشرق الأوسط.

وتعد قطر الدولة العربية التي تحتل المرتبة الأولى بين الدول التي ستقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ، ورغم إغلاق قطر مكتب المصالح التجارية في تل أبيب إلا أن إسرائيل لم تغلق مكتبها في الدوحة والذي ما زال يعمل كالمعتاد، والطريق أمام الإسرائيليين مفتوح إلى قطر طوال الوقت ، واللقاءات بين المسئولين من الطرفين لم تنقطع .

 ×        سلطنة عُمان

أيدت عُمان المفاوضات المباشرة بين العرب وإسرائيل وفي أبريل 1994 استضافت اجتماعات لجنة المياه وهي إحدى اللجان الخاصة بعملية المفاوضات متعددة الأطراف حول السلام في الشرق الأوسط.

فخلال اجتماعات لجنة المياه التي انعقدت في مسقط في عام 1994 أجرى يوسي بيلين، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك محادثات مع المسئولين العمانيين، كذلك في أوائل نوفمبر 1994 قام بيلين بزيارة ثانية إلى السلطنة أشير إلى أنها تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية.

وفي 26 ديسمبر 1994، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين بزيارة، هي الأولى من نوعها للسلطنة، أجرى خلالها محادثات مع السلطان قابوس.

وفي 1995 تكررت اللقاءات بين وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية وبين المسئولين الإسرائيليين، فقد التقى مع وزير الخارجية بيريس في مدينة العقبة الأردنية في شهر فبراير 1995، وفي مايو من نفس العام في العاصمة الأمريكية واشنطن. وأكد عقب اللقاءين على ضرورة إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل في اقرب وقت ممكن. وقال الوزير العماني في مؤتمر صحفي عقده في القاهرة في أواخر ديسمبر 1995: "انه لا توجد شروط لإقامة علاقات مع إسرائيل"، وبالفعل أعلنت وزارة الخارجية العمانية في أواخر يناير 1996، عن اتفاق بين السلطنة وإسرائيل لإنشاء مكاتب لتبادل التمثيل التجاري، و أوضحت عُمان أنه تم الاتفاق على هذه الخطوة خلال المحادثات التي أجرتها مع إسرائيل في شهر أكتوبر 1995، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، كما تم الاتفاق على اتخاذ سلسلة من الخطوات الأخرى بهدف تعزيز التعاون بين الجانبين.

وفي أواخر مارس 1996م، أعلنت مسقط إن شمعون بيريس، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، سوف يقوم بزيارة رسمية لسلطنة عُمان اعتباراً من أول إبريل لمدة يومين، و أوضحت مصادر إسرائيلية أن عُمان أعلنت عن إزالة جميع القيود المفروضة على التعامل التجاري مع إسرائيل خلال المحادثات السابقة التي جرت على مستوى الخبراء ورجال الأعمال بين البلدين، وأوضحت هذه المصادر أن السلطان قابوس قال لبيريس انه سوف يفتح أبواب دولته، دون تلكؤ، أمام جميع الإسرائيليين، وأن عمان تسعى إلى توسيع مجالات التعاون مع إسرائيل في مجالات الاقتصاد والتجارة والزراعة.وقد أعلنت إسرائيل ذلك بشكل رسمي.

في الوقت الحالي تشير التقارير الصحفية الإسرائيلية إلى أن عُمان من الدول العربية المرشحة لإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل.

×        البحرين

ربطت البحرين إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بالتوصل إلى اتفاقيات سلام مع الفلسطينيين والدول العربية. من ناحية أخرى فقد استقبلت البحرين وفدا إسرائيليا برئاسة يوسى ساريد وزير البيئة الإسرائيلي في الفترة من 24 إلى 25 أكتوبر 1994، الذين قدموا إلى البحرين للمشاركة في أعمال لجنة البيئة المنبثقة عن المفاوضات متعددة الأطراف، و أجرى الوزير الإسرائيلي محادثات مع وزير الخارجية البحريني في أول اتصال يجري بين الجانبين على المستوى الوزاري.

كما انه في 21 أغسطس عام 1994 ذكر راديو إسرائيل إن مسؤولاً كبيراً في وزارة الخارجية الإسرائيلية قد زار البحرين وناقش مع المسئولين في البحرين موضوعات اشتملت على إمكانية إقامة علاقات سياحية والسماح لحاملي جوازات السفر الإسرائيلية بدخول البحرين، كما تحدثت المصادر الإسرائيلية عن وجود لقاءات بين مسئولين إسرائيليين، وآخرين من البحرين بهدف الاتفاق النهائي على فتح سفارة بحرينية في تل أبيب، وأخرى إسرائيلية في المنامة، وخلال الشهر الجاري (نوفمبر 2005) اتخذت البحرين قرارا بموجبه تم إلغاء قرار المقاطعة البحرينية لإسرائيل وسمحت بدخول البضائع الإسرائيلية للبحرين.

×        الكويت

في يونيو 1993 قامت الكويت بالتحلل من المقاطعة غير المباشرة مع إسرائيل، ورفع أسماء الشركات الأجنبية التي تتعامل مع إسرائيل من القائمة السوداء، لتسقط بذلك المقاطعة من الدرجتين الثانية والثالثة وبررت الكويت هذا القرار باعتبارات تتعلق بالمصلحة الوطنية.

خلال الشهر الماضي (أكتوبر 2005) وفي سابقة هي الأولى من نوعها أجرت صحيفة الرأي العام الكويتية مقابلة مع وزير الخارجية الإسرائيلي سلفان شالوم. وللمفارقة فقد أجرت في نفس الأسبوع صحيفة الشرق  الأوسط المملوكة لجهات رسمية في السعودية مقابلة مع نفس الشخص.

×        الإمارات العربية المتحدة

في العام 1993 شارك وفد إسرائيلي كبير المستوى في فعاليات المؤتمر السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي عقد في دبي. كما أن دخول رجال الأعمال الإسرائيليين إلى الإمارات بجوازات سفرهم الإسرائيلية بات ممكناً حسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية عدد 4/9/2005.

×        الأردن

يصف قادة إسرائيل علاقتهم بالأردن "بالاستراتيجية" ولا يخفى على أحد حجم وطبيعة العلاقات الأردنية – الإسرائيلية خاصة وإن الأردن وقعت على وثيقة إعلان مبادئ للسلام مع إسرائيل قبل منظمة التحرير الفلسطينية وذلك بتاريخ 8/9/1993، وقد تلا ذلك، التوقيع على معاهدة السلام في العام 1994.

وخلال القمة العربية التي عقدت في الجزائر العام الحالي (2005) قدم الأردن مبادرة جديدة وطالب القادة العرب بدراستها وتبنيها، تضمنت هذه المبادرة بنودا تسمح بالتطبيع مع إسرائيل حتى قبل التوصل على سلام نهائي مع دولة الاحتلال.

 ×        سوريا

عند الحديث عن الموقف السوري من عملية التطبيع مع دولة الاحتلال يكفي الإشارة إلى مفاوضات السلام السورية – الإسرائيلية التي عقدت في نهاية عام 1999 والتي جرت تحت شعار "التطبيع مقابل السلام"، وعند قراءة مسودة اتفاق السلام المقترح في حينه كان واضحا أن سوريا يمكن أن تقبل بالتطبيع مع إسرائيل حتى في حال عدم إنهاء الصراع على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي.

×        العراق

سأل مراسل القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي سؤالين للرئيس العراقي جلال الطالباني بعدما عرف عن نفسه بأنه مراسل هذه القناة. وكان السؤال الأول حول الموعد الذي سيقيم فيه العراق علاقات دبلوماسية مع إسرائيل والثاني حول موعد السماح للمستثمرين الإسرائيليين بالعمل في العراق.

ورد الطالباني على السؤالين، مشيراً إلى أن "العراق سيقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عندما توافق على المبادرة العربية التي تقدم بها الملك السعودي عبد الله والتي أقرت في قمة بيروت وأنه لا يوجد عداء بين العراق وإسرائيل". وأوضح أنه "ليس هناك أي رفض عراقي للاستثمار الإسرائيلي في العراق". وسخر الطالباني من الصحافيين العرب الذين يتحدثون عن آلاف الإسرائيليين في شمالي العراق. وشدد على أن العراق دولة معتدلة وأنه بعد اتفاق إسرائيل مع الفلسطينيين "لن نكون أكثر فلسطينية من الفلسطينيين".

تقارير عدة تتحدث عن اختراق إسرائيلي كبير للساحة العراقية وعن وجود نشاط مكثف للمخابرات الإسرائيلية في العراق، وكذلك وجود نية لفتح خط لتصدير البترول العراقي لإسرائيل، علاوة على بعض الزيارات التي قام بها مسؤولون عراقيون لإسرائيل في الفترة الأخيرة.

انعكاسات تنفيذ خطة شارون "فك الارتباط" على عملية التطبيع

كان واضحا منذ البداية أن أحد أهم الأسباب التي دفعت حكومة إسرائيل إلى الانسحاب من غزة هو إدراكها لتدهور صورتها  على المستوى الدولي كدولة تدعي بأنها "ديمقراطية وحضارية"، وحرصها على تغيير هذه الصورة من  خلال إعادة تسويق نفسها كدولة محبة للسلام وراغبة في تقديم "تنازلات مؤلمة" من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

لا يمكن القول بأن تنفيذ إسرائيل لهذه الخطة كان سببا رئيسيا في نجاح إسرائيل في اختراق العالمين العربي والإسلامي، والصحيح أن الكثير من الدول العربية والإسلامية تقيم اتصالات وعلاقات سرية مع إسرائيل تبحث عن مبررات للكشف عنها وإخراجها إلى العلن. وقد وجدوا في مقولة "لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين" ذريعة يستخدمونها في تبرير تراجعهم عن دعم القضية الفلسطينية.

ولكن لا يمكن إنكار حقيقة أن تنفيذ إسرائيل لهذه الخطة قد وفر لإسرائيل، وبعض الأنظمة في العالمين العربي والإسلامي، مادة يمكن استخدامها بشكل تضليلي لخداع الشعوب ومخاطبتها بمنطق أن التطبيع سيساعد الفلسطينيين في الضغط على إسرائيل للحصول على حقوقهم.

مخاطر التطبيع

إن عملية التطبيع مع دولة الاحتلال تنطوي على مخاطر جسيمة ليس فقط على الصعيد الفلسطيني وإنما على مجمل الواقع العربي، وهناك جملة من الأسباب التي تجعل من عملية التطبيع خطراً حقيقيا على جميع مناحي الحياة العربية. وخاصة أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية كبيرة تهدد المنطقة برمتها، ومعدل دخل الفرد فيها أضعاف المواطن العربي في الدول العربية.

1 - المخاطر السياسية

-      يمنح التطبيع اليهود اعترافاً بالحق في الوجود ضمن دولة مستقلة وحدود آمنة على أرض فلسطين ويتنكر للحقوق الأصيلة والثابتة للشعب الفلسطيني في أرضه.

-      يبقي المنطقة العربية تحت النفوذ الأجنبي واستمرار تقسيمها.

-      يسهل ويشجع الانفتاح الدولي وإقامة العلاقات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وإقرار القبول الدولي.

-      يسهل على إسرائيل الانفتاح نحو العالم وإقامة علاقات سياسية واقتصادية وثقافية وحيازة القبول الدولي.

-      يساهم في تيسير سبل الحياة والبقاء والازدهار للكيان الإسرائيلي على حساب معاناة الشعب الفلسطيني.

 2 - المخاطر الاقتصادية

-      إلغاء المقاطعة الاقتصادية يفتح الأسواق العربية أمام المنتجات الإسرائيلية التي تعاني من غياب الأسواق حيث بلغت خسائرها 100 مليار دولار حتى نهاية عام 2001م.

-      توفير سبل الاستقرار والحياة والنماء والازدهار للاقتصاد الإسرائيلي.

التطبيع الاقتصادي يتيح لإسرائيلي:

-      استثمار الطاقة النفطية العربية.

-      استثمار الثروة المائية العربية.

-      استغلال الأيدي العاملة العربية الرخيصة.

-      التغلغل في اقتصاد العالم العربي وتحطيمه.

3 - المخاطر الثقافية

-      يمثل التطبيع الثقافي خطر على المفاهيم التربوية والإسلامية من خلال تفريغ المناهج التعليمية من محتواها.

-      منع الكتب التي تفضح الإسرائيليين وتوجهاتهم ولا يعود هناك ذكر للقضية الفلسطينية، وتخويف الكتاب المناصرين للقضية الفلسطينية لحجبهم عن إبداء رأيهم بحرية.

-      اعتبار كل مفكري العرب والمسلمين المنادين بالمقاطعة "لاساميين" ويمكن محاسبتهم بموجب القانون الأمريكي "قانون معاداة السامية" الذي تم إقراراه نهاية العام الماضي.

-      إتاحة الفرصة للكتّاب والمؤلفين النفعيين ليظهروا على الساحة ويفسدوا عقول الناس.

 4- المخاطر الاجتماعية

-      فتح مجالات الهجرة بشكلها الواسع لليهود للقدوم إلى أرضنا المحتلة والاستقرار بها وتغيير أنماط الحياة الاجتماعية.

-      نشر قيم غريبة في العالم العربي يمكن أن تساهم في تحطيم القيم والأخلاق العربية الأصيلة.

خطة عمل لمواجهة مخاطر التطبيع

بعد الحديث عن مخاطر التطبيع من الضروري الانتقال إلى مرحلة العمل الفعلي الجاد وتسخير كافة الإمكانيات للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة من خلال الاتفاق على آلية عمل محددة وموحدة يشارك فيها جميع قطاعات الشعب الفلسطيني بشكل خاص والعربي بشكل عام.

وفيما يلي مقترح لخطة عمل يمكن أن تشكل أساسا ونقطة انطلاق لفعل جديد يخدم المصلحة الفلسطينية والمصلحة العربية العليا:

 -     تعريف ماهية التطبيع، وأخطار التغلغل الإسرائيلي.

-      تحديد الجهات العاملة في مقاومة التغلغل الإسرائيلي، وحصرها تمهيداً لإيجاد آليات تنسيق بينها.

-      العمل على المستوى الداخلي وتكثيف اللقاءات والنقاشات بهدف تبادل الاقتراحات وتوحيد المواقف والآراء.

-      تشكيل لجان رصد فاعلة للكشف عن المطبعين وحصرهم وفضحهم أمام الرأي العام.

-      متابعة مسألة التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية كأداة للتغلغل الإسرائيلي المباشر وغير المباشر، ودراسة سبل مواجهتها.

-      تشكيل لجنة من الإعلاميين لرصد الأساليب التي تتبعها إسرائيل في إطار عملية الغزو الفكري.

-      عقد لقاءات شعبية للتوعية الجماهيرية لمختلف شرائح وفئات المجتمع.

-      فضح وسائل الإعلام العربية التي تستخدم منبرا للتطبيع.  والوقوف بوضوح ضد مواقف أنصار التطبيع والاستسلام وفضحهم وخاصة بعض رجال الدين.

-      تزويد المواطنين بمعلومات حول المنتجات التي تعود إلى مستثمرين إسرائيليين وتحذيرهم منها.

-      عمل قائمة بالمصانع والشركات التي تعود ملكيتها للمستثمرين الإسرائيليين من اجل إعلام المواطنين بها وحثهم على مقاطعة منتجاتها.

-      توزيع منشورات في الجامعات والكليات ضد التطبيع.

-      تنسيق جهود كافة المؤسسات الفاعلة في مقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية والأمريكية كي تحقق الدور المطلوب منها وتصل إلى مستوى مؤثر وفاعل.

-      إنشاء مركز معلومات موحد يُعنى برصد ومتابعة كل ما يتعلق بإجراءات المقاطعة وفضح عمليات الاختراق الإسرائيلي المستترة للأسواق العربية، كما يُعنى بتحديد آليات مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية وأنواعها.

-      أهمية تفعيل المقاطعة العربية من الدرجة الثانية والثالثة وفق ما أقره مكتب المقاطعة التابع لجامعة الدول العربية، وذلك لإرغام الشركات المتعاملة مع إسرائيل على قطع صلاتها به.

-      حث النقابات المهنية والعمالية والطلابية والاتحادات والهيئات الاقتصادية والثقافية على القيام بدور فاعل.

-      مشاركة المثقفين وتفعيل دورهم في تحرير الوعي المعرفي وفي دفع الإنسان في طريق العلم والحضارة والتقدم بأنواعه في مناخ من الحرية واحترام الممارسة الديمقراطية.

-      أهمية أن يلعب الإعلام العربي دوراً مسانداً لحملات المقاطعة ومقاومة التطبيع، ودعوة كافة مؤسسات الإعلام العربية المقروءة والمسموعة والمرئية إلى دعم الحركة الشعبية للمقاطعة وتأكيد شرعيتها، والعمل على إبراز الوجه المضيء للمقاومة الشعبية، وملاحقة حملات الدعاية الإسرائيلية المضللة بشأن المقاطعة ونشر ثقافة مقاومة التطبيع والمقاطعة في أوساط الأجيال الشابة.

-      مقاومة تعديل المناهج الدراسية وفي مقدمتها كتب التاريخ والتربية.

 

التعقيبات

 

 د.عبد الحكيم حلاسه

لسنا بصدد مهاجمة أيّ نظام عربي أو أيّ شخصية عربية، هدفنا معالجة فقط القضية بشكل موضوعي للوصول إلى أفضل الطرق للتعاطي مع هذه الظاهرة.

أريد هنا أن  أذكر بعض النقاط لتكون محور نقاشنا، وهي

-      أن إسرائيل اعتمدت اعتمادا كبيراً على المساعدات الخارجية في بناء اقتصادها.

-      أيضاً في حالة وجود تكتلات اقتصادية في العالم خاصة كما هو في الإتحاد الأوروبي أو في الأمريكتين، فإسرائيل أيضا تحتاج لأن تكون منتمية لتكتل لتزيد من نموها الإقتصادي وتزيد بالتالي في الاستثمارات التي يمكن استغلالها في بناء اقتصادها.

شيء آخر نركز على أن إسرائيل لا تريد أن تكون دولة مثل الدول الأخرى المجاورة لها بل تريد أن تكون دولة عظمى في المنطقة، وان تحتفظ بما لديها من أسلحة نووية وان تحتفظ بسياستها التي تمثل سياسة استكبار على دول المنطقة، طبعاً من المنتظر بعد فك الارتباط، أن تزداد قضية التطبيع أهمية وان تزداد أعداد الدول التي تتجه إلى التطبيع مع إسرائيل.

وكما أشَرت في السابق، أن مفهوم التطبيع تطور من القبول بإسرائيل فقط كدولة قومية لليهود إلى قبول إسرائيل كدولة قومية عظمى لليهود، فهذه أيضاً نقطة لا يمكن إغفالها كما أن التحالف الإستراتيجي الموجود بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل يصب في هذا الإتجاه. وأعتقد انه لا يوجد أي تناقضات بين تطلعات إسرائيل وتطلعات أمريكا في رسم أو وضع خارطة للمنطقة، وهذا كله يمكن إيجازه في مصطلح التطبيع.

المناقشات والمداخلات

 نرمين ثابت(*)

بالنسبة للجانب الفلسطيني لم يكن لديه خيارات سهلة عقب الخروج من لبنان، وبعد توقيع اتفاقات أوسلو، حيث فرض عليه التطبيع فرضاً، وللوضع الفلسطيني خصوصياته في هذه القضية.

وفي الجانب العربي، معظم الدول العربية تعاني من احتلال غير مباشر، وهي مسلوبة الإرادة السياسية، وهي إذ تقدم للتطبيع مع إسرائيل فإن ذلك بهدف نيل رضا الولايات المتحدة، وتخفيف الضغوط عن كاهلها.

بالنسبة للأنشطة الفلسطينية لمقاومة التطبيع، فقد بدأنا منذ سنة 1999-2000 بمقاطعة البضائع الإسرائيلية من خلال مقولة "ابدأ بنفسك".

وبالرغم من ذلك نجد على الموائد الفلسطينية زجاجات العصائر الإسرائيلية على سبيل المثال، كما نشاهد في المستشفيات اسر المصابين بالرصاص الإسرائيلي يحضرون لأبنائهم البضائع الإسرائيلية كهدايا، فهم بذلك يدعمون الاقتصاد الإسرائيلي.

وأخيرا أقول يجب معالجة الموضوع بطريقة مغايرة لأن العالم تغير. هل معنى التطبيع أن تكون العلاقة طبيعية؟ ومتى كانت العلاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل؟ إن لم تكن طبيعية فلماذا؟ السبب إذن هو الإحتلال.

بدون شك أن جهود ومقاومة التطبيع قد أصابها الكثير من الضعف نتيجة عدة عوامل أهمها التغيرات المتسارعة التي حدثت في العالم خلال العقدين الماضيين، مثل انهيار المعسكر الاشتراكي، والغزو الثقافي الأمريكي للمنطقة، وانهيار النظام الإقليمي العربي، كل ذلك جعل من سياسة مقاومة التطبيع ضعيفة ومحاصرة. وأتساءل هل توجد اليوم مقاطعة لإسرائيل؟ الجواب بالتأكيد لا ويكفي ما نشاهده من مكاتب الاتصالات والسفارات التي فتحت بين إسرائيل والدول العربية، والفضائيات العربية التي باتت منابر للسياسة الإسرائيلية.

ففي ظل العولمة الإقتصادية اليوم لا يمكننا مقاطعة دولة اقتصادياً على أسس سياسية. إذن اليوم لا توجد مقاطعة لإسرائيل، فإسرائيل تريد أن تروج هذا الوهم المتمثل في وجود مقاطعة عربية لها كي تخلق تماسكاً إسرائيلياً داخلياً خصوصاً مع اليمين الإسرائيلي، بينما في الحقيقة إسرائيل مطمئنة حيال الوضع العربي.

القيمة الحقيقية للمفاوضات ليست في البعد الإقتصادي، وإنما البعد النفسي بمعنى أن المقاطعة العربية لإسرائيل منذ مؤتمر الخرطوم 1968 خلقت لدى الإسرائيليين حالة نفسية متشنجة، أشعرتهم بأنهم مهددين في المحيط العربي، اليوم لا يوجد هذا التهديد، لا توجد جيوش عربية تهدد إسرائيل ولا اقتصاد قومي يهدد إسرائيل. وكل الجبهات العربية أصبحت منهارة. لكن إسرائيل تريد الترويج لوجود مقاطعة عربية لها وبالتالي أتساءل اليوم ما هو الحل؟ هل نظل نتحدث خطابياً عن رفض التطبيع؟ بينما تتآكل الأسس والمواقف المقاطعة شيئا فشيئاً ونحن نراقب، أنا ربما اقترح فكرة غير معقولة أقول أيهما أفضل لنا الاستمرار على هذا النهج أي تآكل المقاطعة دون الاستفادة منها عملياً أم تتخذ الأنظمة العربية قرراً تعترف فيه بإسرائيل وتقبل بفتح سفارات إسرائيل مقابل اعتراف إسرائيل وفتح سفارات عربية فيها وتفتح الحدود أمام حرية الحركة والتنقل، اعتقد أن هذا سيكون تحدياً كبيراً لإسرائيل، في المقابل نتمسك برفض التطبيع الثقافي فهو الشيء الخطير.

مجد الوجيه(*)

أود البدء بتساؤل حول مفهوم التطبيع بشكل عام، وعن مفهوم التطبيع في الفكر السياسي الإسرائيلي بشكل خاص. في رأيي، هناك بوناً شاسعاً يفصل بين المفهومين، ففي حين يحيلنا المفهوم الأول إلى آلية إنشاء وإقامة علاقات طبيعية بين الدول على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما هو متعارف عليه في مجال العلاقات الدولية، نتوقف طويلاً أمام مفهوم التطبيع في الذهنية السياسية الإسرائيلية، فهو مفهوم مختلف، ويحمل خصوصية تتعلق بشقين، أولهما مفهوم الدولة اليهودية كدولة حصرية خاصة باليهود، والثاني هو الرؤية الإسرائيلية الإستراتيجية لمستقبل الدولة الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط.

إن خصوصية مفهوم التطبيع من وجهة النظر الإسرائيلية ترتكز على الحفاظ على يهودية الدولة بأي ثمن، وهذا بالطبع يعني الحفاظ على هويتها الدينية والثقافية، ويتناقض ذلك مع مفهوم دمجها وانفتاحها كعضو طبيعي ضمن المنظومة العربية أو الإسلامية في المنطقة، بل يقتضي ذلك من وجهة النظر الإسرائيلية محاربة أي إمكانية تسمح بالاختلاط الديني أو الثقافي مع الشعوب الأخرى، بمعنى آخر الاستمرار في مهمة الحفاظ على "دولة الجيتو اليهودية" بأعمدتها المؤسسة لها، وهي الدين اليهودي واللغة العبرية، والحق المختلق القائم على الأسطورة التاريخية.

وعلى سبيل المثال فقد أخفقت المحاولات الإسرائيلية مع الفلسطينيين لتطبيعهم فكرياً، إذا أثبتت الوقائع والتجارب أن الشعب الفلسطيني عصي عن التطبيع، ولم تفلح الضغوطات والمحاولات الإسرائيلية عليه في تخليه عن ثقافته ودينه وتاريخه، والتي تشكل بمجملها الأسس المشكلة لوعيه في صراعه مع إسرائيل. ولعل مفهوم الدولة ثنائية القومية، التي طرحها بعض الإسرائيليين قبل وقت طويل، أبلغ دليل على ذلك، إذ ترفض حالياً كافة الأطياف السياسية الإسرائيلية هذا الخيار في حال طرح، باعتباره يشكل تهديداً ليهودية الدولة، ويسمح بتداخل ثقافي وفكري ولغوي يهدد مقومات الدولة اليهودية. ومن هنا جاء مفهوم "الفصل الديمغرافي" الذي تنتهجه حالياً الإدارة الإسرائيلية، اعتماداً على إجماع شامل على جميع المستويات السياسية والاجتماعية الإسرائيلية، كما يأتي من هنا أيضاً تولد القناعة بضرورة القبول بفكرة دولتين، مهما تكن مواصفات الدولة الفلسطينية بالشروط الإسرائيلية. كل ما سبق يمثل أبلغ دليل على الرفض الإسرائيلي للانصهار الثقافي تحت بند التطبيع الثقافي.

أما الشق الثاني المتعلق بالرؤية الإستراتيجية الإسرائيلية لمستقبل الدولة الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط، فهنا يتركز الهدف والمفهوم الإسرائيلي الحقيقي للتطبيع المنشود. فالتطبيع السياسي والاقتصادي مع الدول العربية بل مع دول منطقة الشرق الأوسط يدخلنا بالضرورة إلى المخطط الشامل للهيمنة الاقتصادية والسياسية ضمن مفهوم الشرق الأوسط الجديد إسرائيلياً، أو مفهوم الشرق الأوسط الكبير أمريكياً. وهما مفهومان يتداخلان ويتطابقان في كثير من النواحي إذ تكاد الأهداف أن تكون متطابقة في كليهما. وهذا يعيدنا إلى المفهوم المتطور للتطبيع الثقافي من وجهة النظر الأميركية والإسرائيلية، هذا المفهوم الذي يخدم مشروع الطرفين في المنطقة وينضوي في إطار ما اصطلح على تسميته "محاربة الإرهاب". أما سبل العمل فتكون من خلال تغيير البنية الثقافية والدينية والتاريخية للفرد العربي أو المسلم لطمس الهوية القومية والثقافية والدينية لشعوب للمنطقة العربية والإسلامية فيما بعد، وتطويعها للهيمنة الثقافية الأميركية بعد تشويه الأسس المنظمة لمعرفتهم وسلوكهم، وهذا هو المفهوم الإسرائيلي- الأميركي للتطبيع الثقافي الذي يمارس حالياً في منطقتنا.

اعتماداً على ما سبق فإن مفهوم التطبيع الثقافي ضمن منظومة التطبيع الشامل المتبادل، يشكل تهديداً حقيقياً لطبيعة الانفلاش الثقافي لإسرائيل، بل مهدداً لبقائها في المنطقة في المستقبل كهوية منفردة، وفي الآونة نفسها فإن التطبيع الثقافي بالمفهوم الإسرائيلي يعني حرباً شعواء على أسس الهوية الثقافية العربية والإسلامية.

لذلك، في رأيي، أنه في حال استمرار مطالبة إسرائيل في المستقبل بتطبيع مع الدول العربية، فيجب أن يتم الإصرار العربي على مفهوم انفتاح إسرائيل الثقافي تحت بند "التبادل الثقافي" بشكل دقيق ومدروس وموجه، ولا يمكن أن نتخوف من ذلك الطلب لأن الرد الإسرائيلي سيكون رفضاً مطلقاً، وأنا واثقة من ذلك. وإذا وضع ذلك كشرط مسبق لأي عملية تطبيع سياسية أو اقتصادية، فسيشكل ذلك ورقة قوة وضغط في يد الطرف العربي، بل أتوقع أن ينتج عنه مماطلة إسرائيلية في مسألة التطبيع برمتها، إذا اتخذت الأطراف العربية مواقفاً جدية وواعية من هذه المسألة. ولن تستطيع الدولة الإسرائيلية الالتزام بمفهوم التبادل الثقافي الكامل الذي سيشكل ثغرة يمكن للثقافات العربية النفوذ منها إلى عمق الدعائم الثقافية اليهودية التي تكون بمجموعها التراث اليهودي-الصهيوني، أي الأسس الفكرية المكونة للكيان الإسرائيلي، والتي يمكن القول أنها مجرد خليط متنافر، ولا تملك أي جذور أو خصوصية تشكل لها مانعاً أمام الثقافة العربية الإسلامية، والتي سيكون واجب الحفاظ عليها وحمايتها من محاولات التشويه والتدمير الإسرائيلية والأمريكية، هو أسمى واجب أمام الدول العربية، مهما كانت الظروف والضغوط الممارسة.

 د.عصام عدوان (*)

أشكركم على ورشة العمل ولدي مجموعة من النقاط أود مناقشتها، النقطة الأولى والتي اطلب من د.معين أن يرد عليها ويفيدنا فيها. في أن مستقبل التطبيع الإقتصادي مع اسرائيل بعد إعلان الدولة يسير في اتجاه تشجيع التطبيع ويشركنا مع إسرائيل في مشاريع مشتركة، وأخرى مع العرب مثلاً: توصيل مياه النيل للسلطة الفلسطينية عبر أنابيب.

-      مشاريع الكهرباء المشتركة بين مصر والسلطة الفلسطينية.

-      الطرق ومد خط سكة حديد بين مصر والسلطة الفلسطينية والأردن.

-      السياحة المشتركة….الخ،

فهذه المشاريع يمكن تعطيلها، لكن التعطيل له ثمن، وأكيدة أنه لا توجد شراكة بلا ثمن، لكن يبقى المقياس هو إذا ارتبط هذا الأمر بمصلحة إسرائيل علينا رفضه، لكن لو كان لمصلحتنا فقط فنحن نقبله ونرحب فيه ونتمناه.

النقطة الثانية: الترحيب بالانفكاك من الاقتصاد الإسرائيلي

فهناك سؤال يطرح نفسه: هل فكرنا جدياً في وسائل الانفكاك من الارتباط الإقتصادي الإسرائيلي؟ هل وضعناه على طاولة التشريح وأخذناه بشكل جدي ووضعنا البدائل، أم نحن نتكلم من باب تبسيط الأمور فقط. اعتقد أننا لم نحاول فجميع المشاريع التي ندخل فيها مع إسرائيل ستورطنا وتدفعنا إلى المزيد من المشاريع الأخرى.

النقطة الثالثة: تتعلق بالعمل في إسرائيل، في بداية الإحتلال الإسرائيلية للضفة الغربية وقطاع غزة أي في سنوات 1968-1969 فقد كان العمل الفلسطيني داخل إسرائيل يعتبر خيانة،  اليوم صار مطلباً فلسطينياً.

أنا أعجب من تصريحات وزراء في السلطة الفلسطينية، تؤكد أنه في ظرف ثلاث سنوات سنصل إلى درجة من التطور والاكتفاء الاقتصادي وسيتوقف عمالنا عن العمل في إسرائيل. نحن نطالبهم بتمديدها إلى ثمان سنوات لأنه في الحقيقة لن نستطيع في ثلاث سنوات توفير عمل للعمال، وعلى السلطة إيجاد عمل عن طريق إنشاء المصانع ومراكز الإنتاج لاستيعاب اليد العاملة الفلسطينية بحجمها إذا أرادت إيقاف تدفق اليد العاملة الفلسطينية إلى إسرائيل في اقصر وقت ممكن.

رابعاً: عند التطرق للنواحي الفكرية لمناهضة إسرائيل فمن غير المعقول أن يتولى قيادة هذا التوجه أشخاص ليست لديهم أسس فكرية أو عقائدية.

إذ بدون هذه الأسس الفكرة والعقائدية لا يمكن الصمود، فمثلا لو رفعنا شعار علمانية الدولة ماذا سيكون الفرق بيننا وبين إسرائيل، ستذوب الفوارق سيتصاعد السؤال، ما الذي يمنع التعاون الفلسطيني مع الإسرائيلي في إطار نظام حكم علماني؟ وبالتالي هل ستذوب كل الفوارق القومية والعقائدية وتضيع الهوية؟

خامساً: أنا ضد من يقول أننا أحق الناس بالتطبيع مع إسرائيل، لخصوصية وضعنا واختلافه عن جميع الدول العربية، فبالرغم من ضعف إمكانياتنا فإننا رأس الحربة، ولو فتحنا باب التطبيع فسيدخل منه كل العرب. في حين لو ظللنا رافضين للتطبيع مع إسرائيل فلن تكون لديهم الجرأة على الاندماج في التطبيع.

سادساً: أميل للنظر برؤية أبعد، إسرائيل ما هي إلا إنسان عاش طفلاً دعمه أهله إلى أن كبر وأصبح شاباً عام 1967، وبعد ذلك بدأ بالضعف. لقد عجزت إسرائيل، منذ ما قبل نشوئها حتى الآن عن تحقيق أمانيها. مثلاً، عام 1919 قدمت لمؤتمر الصلح في باريس خريطة تضم كل فلسطين الحالية إضافة لشرق الأردن وأجزاء أخرى من جنوب سوريا وجنوب لبنان، إضافة للعريش، وطالبت بضم كل هذه المنطقة لها، وفي سنة 1948 حصلت إسرائيل على 78% تقريباً من مساحة فلسطين التاريخية. وحين ولدت دولتهم ولدت مشوهة، حيث أرادوها يهودية نقية، فإذ بهم يحصلون على 150 ألف عربي. وفي فترة كانوا يريدون استبدالهم بالمستوطنين، وعند انتصار إسرائيل عام 1967 لم تأخذ سوى أجزاء من شرق الأردن وحققت وقتها أقصى اتساع جغرافي. أرى أن الجغرافيا هي المقياس. بعد ذلك بدأت إسرائيل تتقلص جزئيا، وبدأ الأمر منذ معركة الكرامة، حين عجزت اسرائيل عن متابعة الفدائيين، ثم أقامت الأسلاك الإلكترونية فاصلة، وبالنظر لكامب ديفيد الأولى فإنها خطوة في تراجع إسرائيل.

لا داعي للخوف من إسرائيل فهي في آخر مراحلها والانسحاب من المستوطنات كان ضربة في صميم الفكر العقائدي الصهيوني، بغض النظر عن المكاسب التعويضية لها. قال رابين: (إسرائيل التي كانت تفكر بالتمدد من النيل للفرات بقوة السلاح استبدلت وسائلها بالتمدد بقوة الجرار الزراعي)، وقال وايزمان إن عهده سيشهد وصول عدد الإسرائيليين إلى 7 مليون، وذلك لم يحدث، بل على العكس ازدادت الهجرة العكسية. وكان الجدار العازل أيضاً خطوة في تقهقر إسرائيل، وهذا يؤكد رأيي بأنه لا داعي للتخوف من اسرائيل.

 د. خضر عباس(*)

حول الجانب النفسي للتطبيع، أتساءل ماذا يعني التطبيع بيننا وبين إسرائيل؟ هل توجد جذور نفسية لعملية التطبيع أم الفرصة فقط اقتصادية، سياسية، وقضية معابر؟ إن قضية التطبيع بين العرب وإسرائيل تمس الجانب النفسي للشعبين عبر التاريخ. وهنا أشير إلى أننا لم نقدم تعريفاً واضحاً لمفهوم التطبيع وما المقصود به؟

أعتقد أنه لا يمكن إطلاق تسمية التطبيع عند شراء أي فلسطيني لمنتج إسرائيلي ليس له بديل وطني، إذ على الدولة توفير جميع متطلبات المواطن ليتمكن من الاستغناء عن المنتجات الإسرائيلية. لكن حتى هذه اللحظة نعيش في حالة من الإحتلال ولم تزل مرحلة التحرر مجرد أكذوبة، وجاء الانسحاب أحادياً  نتيجة أربع سنوات من مؤتمرات إسرائيلية، حتى اقتنع شارون أن الانسحاب من غزة في مصلحة إسرائيل. التطبيع على المستوى الشعبي العربي الفلسطيني من جهة والإسرائيلي من الجهة المقابلة، غير قائم حتى الآن رغم وجود  اتصالات رسمية كثيرة علنية وسرية، حيث لا يزال الحاجز النفسي قائماً. فالتطبيع هو إعادة الحالة الطبيعية من العلاقات إلى ما كانت عليه سابقاً، إزالة المعوقات بين الشعوب والدول للرجوع إلى حالة طبيعية كاملة بين شريكين ندين وهذا يحدث بعد انتهاء الحروب بين الدول، هنا ما زال الإحتلال موجوداً ولا يمكن أن يكون هناك تطبيعاً بين احتلال ومُحتل، وحتى الحكومات العربية مهما أنجزت من تطبيع اقتصادي يظل محصوراً في طبقة معينة، ولم ينتقل للشعب للقبول بإسرائيل، لأن إسرائيل هي المشكلة كونها طرف محتل، وبافتراض عدم وجود احتلال فإن سيكولوجية الشعب الإسرائيلي مبنية على أساس أنه لم يقم في تاريخه كله بحالة تطبيع واحدة، وما حدث مع الرسول عليه الصلاة والسلام  في المدينة، الذي أسس أفضل ميثاق تطبيع مع اليهود، هو أفضل مثال، لكن اليهود خانوه عدة مرات.

 يتحدث الباحثون السيكولوجيون مثل مصطفى زبور والدكتور قدري حفني، عن منطقين لليهود، أن اليهود عاشوا ويعيشون في حالة دائمة من التوحد مع الآخر، التوحد مع  النازي واعتدائه، عندما يتاح لهذا المتوحد الحكم أو أن يكون مصدره قوة فانه يبطش، النظرة الأخرى التي طرحها قدري حفني تقول: حتى لو لم يتكون هناك عداء لليهود عبر التاريخ فإنهم مصابون بالبارانويا (جنون العظمة) استمدوه من خلال التراث التوراتي الخاطئ والتلمود والأحبار والنمط الفكري والجيتوي الذي تربوا عليه. هذا النمط قائم على اعتقاد أنهم شعب الله المختار وأبناؤه وأحباؤه، وأن الآخر مخلوق لخدمتهم فقط.

 عمر المصري(*)

كان بودي التركيز على التطبيع الثقافي كونه المدخل للجانب الإقتصادي والسياسي، والتطبيع الثقافي ومدى تداخله مع المنطقة العربية. النظام الرسمي العربي الذي يقوم بالتطبيع يستند إلى الموقف الفلسطيني بعد اتفاقية أوسلو، واتفاقية باريس، لقد فرض علينا التطبيع كفلسطينيين بحكم موقعنا بعد قيام السلطة الوطنية، حيث بدأت إسرائيل في عملية حصار الفلسطينيين ومراقبة كل ما يدخل إليهم.

اتفاقية الجات، التي يسعى لها النظام الرسمي العربي ستفرض على كافة العرب التطبيع، وتكمن القضية المهمة في التطبيع الشعبي حيث لازالت هناك مقاومة شديدة جداً له ، هل يمكن للنظام العربي تشكيل حلقة محكمة ضد التطبيع مع إسرائيل؟ برأيي لا يمكن ذلك في ظل الهيمنة، لذا على القوى العربية والفلسطينية التقدم بورقة عمل عربية مشتركة تتحدث فيها عن مخاطر التطبيع مع الشعب الإسرائيلي، وتصبح هذه الورقة ملزمة لكافة القوى السياسية العربية والإسلامية منها، لتشكيل حاجز قوي على الصعيد الشعبي لوقف عملية التطبيع.

د.إبراهيم أبراش (**)

هل هناك مقاطعة حقيقية لإسرائيل. نحن نرى ان إسرائيل تتغلغل في العالم العربي فيما تنهار المقاطعة العربية لها، حيث تقدم إسرائيل نفسها للعالم كراغبة بالسلام وان العرب يرفضون ذلك، بينما حقيقة الأمور عكس ذلك هذه ليست دعوة للتطبيع لكن لنزع الذرائع من الأنظمة العربية الانتهازية التي توظف رفض التطبيع في صالحها بينما هي تطبع في اتفاقيات سرية أو علنية، لو أقامت الدول العربية علاقات طبيعية مع إسرائيل، فإن إسرائيل هي التي ستتخوف من هذه العلاقات وتعود لوضع القيود على هذه العلاقات.

د.طلال الشريف (*)

أود الحديث في ثلاث نقاط:

أولا:  لم يكن الجانب الفلسطيني هو البادئ بالتطبيع ولكن اتفاقيات كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر شكلت أول حالة تطبيع بين العرب وإسرائيل.

ثانياَ: كيف نقرر إذا ما كانت إسرائيل ستذوب فينا أم سنذوب فيها مازالت الأمور غير واضحة؟

ثالثاً:  يبرز الحديث عن التطبيع مع كل تراجع في الموقف السياسي الفلسطيني ويتراجع هذا الحديث كلما تطورت المقاومة.

تعقيب : د. عبد الحكيم حلاسة

بخصوص وجهة نظر د.إبراهيم، اختلف معه كثيراً، يجب التمييز بين التطبيع على المستوى الرسمي والشعبي، وبخصوص التطبيع على المستوى الرسمي وفق ما تحدثت به، حيث لا فائدة من المقاطعة والمراهنة عليها. تكمن الخطورة في ما يترتب على التطبيع من توقيع اتفاقيات وبنود بشروط إسرائيلية نطالب بتطوير العقل العربي وتغيير المناهج….الخ. لنصل إلى صورة أن المواطن العربي سيعجب بنموذج ويريد تقليده، وذلك أن تتخيل مستقبل القضية الفلسطينية في ظل هذه الصورة.

اقتراح أن تكون هذه بداية لسلسلة ورشات عمل حول التطبيع.

مجد مهنا

ورد مفهوم التطبيع لأول مرة على لسان بن غوريون بعد إقامة دولة إسرائيل حيث تحدث قائلا: عندما تصل إسرائيل إلى القوة والحدود التي تريدها، سترغم العرب على تقبل وجودها بالقوة، ومن ثم إبرام اتفاقيات سلام والبدء بعمليات تطبيع. هذا هو المفهوم الإسرائيلي الحقيقي لعملية التطبيع الدائرة حالياً، فطبيعة إسرائيل وتكوينها لا يتيح لها الانخراط بعملية تطبيع ثقافية مع العرب، لأن خصوصية إسرائيل تكمن في كونها دولة يهودية، وأي انخراط ثقافي يعني فقدانها لهذه الخصوصية وهذا الأمر يقضي عليها في النهاية. مما يعني أن المفهوم الإسرائيلي للتطبيع لا يعني المفهوم الثقافي لكنه يهدف إلى إذابة هوية الآخر (العربي) وثقافته مع الحفاظ على طبيعة وهوية الدولة اليهودية، وبالتالي تكريس معنى الهيمنة على الآخر على كل الأصعدة.


(*) باحث في مركز التخطيط الفلسطيني

(*)  دكتوراه في الاقتصاد، استاذ بجامعة الأزهر بغزة

(*)  وزارة الخارجية

 (*)محاضرة في جامعة الأزهر وعضو في قيادة إقليم غرب غزة

 (*)  ق.أ مدير عام مركز التخطيط الفلسطيني.

(*)  محاضر – جامعة القدس المفتوحة - غزة

(*) محاضر غير متفرع في جامعة الأقصى، مدير مركز الوعي للدراسات.

(*)  مركز التخطيط الفلسطيني

(**) أستاذ العلوم السياسية – جامعة الأزهر - غزة

(*)  ناشط سياسي فلسطيني


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
21/02/2006 09:31 ص